صفحة الكاتب : سيد صباح بهباني

ثورة الإمام الحسين واستشهاده متعلق بصدق النبوة ورسالة ....
سيد صباح بهباني

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
 وأن عقيدتنا تعلمنا أن لا نطلب النصر إلاّ من الله
بسم الله الرحمن الرحيم
(إِنَّهُ مَنَّ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ)يوسف /90
قَاْلَ رَسُوْلُ اللَّهِ (صلى الله عليه واله وسلم ):ـ إِنَّ لِقَتْلِ الْحُسَيْنِ (عَلَيِهِ السِلام) حَرَارَةً فِيْ قُلُوبِ المُؤْمِنِينَ لاتَبْرَدُ أَبَدَاً
و الإمام الصادق (عليه السلام) يقول “أحيوا أمرنا رحم الله من أحيا أمرنا
ويقول حجة الله ووليه الإمام المهدي (عليه السلام) :ـ لأندبنك صباحاً ومساءً ـ و قال: ــ ولأبكين عليك بدل الدموع دماً ـ
ويروى عن الصديقة الزهراء (عليها السلام ) :
"إن فاطمة بنت محمد صلي الله عليهما والهما تحضر الزوار قبر ابنها الحسين عليه السلام فتستغفر لهم ذنوبهم"
 
"وَمَا النَّصْرُ إِلاّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ"، عقيدتنا التي تعلمنها من مدرسة أهل البيت (عليهم السلام) هي أن لا نطلب النصر إلاّ من الله، لأنها تزرع فينا روح التحرر من ربقة الانهزام التي تعلق قلوبنا بالخلق، ومن تم تدفعنا إلى الاستعلاء عن الارتهان لهذه القوة أو تلك، لأن حالة الارتهان ترسخ واقع الضعف وتجعلنا ألعوبة في يد الآخرين، في حين أننا أمة أخرجت بعناية ربانية لتقود لا لتكون تابعا ذليلا يدور في فلك الغير، مهما كان هذا الغير، فما بالك إذا كان عدوا. إذن فإن يكن من أحد يجب أن نتوجه إليه لاستجلاب النصر فهو الله، قال تعالى : (إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ فَلا غَالِبَ لَكُمْ وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ)آل عمران ..
اللهم العن أول ظالم ظلم حق محمد وآل محمد وآخر تابع له على ذلك .
أن هؤلاء الأعداء الذين تكون أفراحهم ومسراتهم في هذا الشهر دون الشهور يعبرون بهذا الفرح عن تنكيلهم برسول الله (صلى الله عليه واله وسلم ) وتكذيبهم إياه عن طريق الأفراح ونشر الفتوى المزيفة التي تقول أن البكاء على الإمام الحسين (عليه السلام)بدعة . وهذه الاستفتاءات في حقيقته ليس ضد الشيعة وإنما ضد رسول الله أصلاً .وضد صاحب العصر والزمان الإمام المهدي (سلام الله عليه ) .والدليل انهم قد كذبوا في إنكارهم بان بقية الله تعالى لم يولد بعد .وهذا أيضا افتراء على رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم ) ,فمن اخبر بولادته هو النبي الأكرم ’ وأكرر وأقول اللهم العن أول ظالم ظلم حق محمد وآل محمد وآخر تابع له على ذلك .
لقد اتفقت كتب الحديث والرواية سواء كانت من مؤلفات الشيعة أو من مصنفات إخواننا السنة على أن جبرائيل قد أوحى للنبي (صلى الله عليه وآله) بنبأ مقتل الإمام الشهيد الحسين (عليه السلام) ومكان استشهاده. و فيما يلي بعضَ هذه الروايات في ذلك .
(ومن إنذاره (صلى الله عليه وآله) ما رواه عروة عن عائشة قال: دخل الحسين بن علي (عليه السلام) على رسول الله (صلى الله عليه وآله) وهو يوحي إليه، فبرك على ظهره وهو منكب ولعب على ظهره، فقال جبرائيل: يا محمد، إن أمتك ستفتن بعدك ويقتل ابنك هذا من بعدك، ومد يده فأتاه بتربة بيضاء وقال: في هذه الأرض يقتل ابنك اسمها الطف .
فلما ذهب جبرائيل خرج رسول الله (صلى الله عليه وآله) إلى أصحابه والتربة في يده، وفيهم أبو بكر وعمر وعلي وحذيفة وعمار وأبو ذر رضوان الله عليهم جميعاً وهو يبكي، فقالوا ما يبكيك يا رسول الله (صلى الله عليه وآله)؟ فقال: أخبرني جبرائيل أن ابني الحسين يقتل بعدي بأرض الطف وجاءني بهذه التربة فأخبرني أن فيها مضجعه) انتهى .
ويقول السيد محسن العاملي على ذلك بقوله :
(أقول: ولابد أن يكون الصحابة لما رأوا رسول الله (صلى الله عليه وآله) يبكي لقتل ولده وتربته بيده، وأخبرهم بما أخبره جبرائيل من قتله، وأراهم تربته التي جاء بها جبرائيل، أخذتهم الرقة الشديدة فبكوا لبكائه وواسوه في الحزن على ولده، فان ذلك مما يبعث على أشد الحزن والبكاء لو كانت هذه الواقعة مع غير النبي (صلى الله عليه وآله) والصحابة فكيف بهم معه. فهذا أول مأتم أقيم على الحسين (عليه السلام) يشبه مآتمنا التي تقام عليه، وكان الذاكر فيه للمصيبة رسول الله (صلى الله عليه وآله) والمستمعون أصحابه) . أنتهى .
(وفى منتخب كنز العمال صفحه 112 الجزء الخامس للشيخ علاء الدين علي بن حسام الدين الشهير بالمتقي الهندي من علماء أهل السنة. قال أخرج الطبراني في الكبير عن المطلب بن عبد الله بن حنطب عن أم سلمة قالت: كان النبي (صلى الله عليه وآله) جالسا ذات يوم في بيتي فقال: لا يدخلن علي أحد فانتظرت فدخل الحسين فسمعت نشيج النبي (صلى الله عليه وآله) يبكي، فاطلعت فإذا الحسين في حجره أو إلى جنبه يمسح رأسه وهو يبكي. فقلت: والله ما علمت به حتى دخل. قال النبي (صلى الله عليه وآله) أن جبرائيل كان معنا في البيت فقال: أتحبه؟ فقلت: أما من حب الدنيا نعم، فقال: إن أمتك ستقتل هذا بأرض يقال لها كربلا. فتناول من ترابها فأراه النبي (صلى الله عليه وآله)، فلما أحيط بالحسين حين قتل قال: ما اسم هذه الأرض؟ قالوا: أرض كربلا، قال: صدق رسول الله (صلى الله عليه وآله) أرض كرب وبلاء )..
أقول: وقد نقلت هذه الرواية كثير من كتب أهل السنة بنفس العبارة أو بتعديل فيها، كصاحب العقد الفريد في الجزء الثاني، وأحمد بن حنبل، وأبو يعلى، وابن سعد، والطبراني، وأنس بن مالك، وابن عساكر، وغيرهم كثيرون. ورواها أيضا من الشيعة كثيرون من علماءها، منهم الشيخ أبو جعفر محمد بن علي المعروف بابن بابويه القمي عن الإمام الخامس محمد الباقر (عليه السلام) بهذه العبارة :
(كان النبي (صلى الله عليه وآله) في بيت أم سلمة فقال لها: لا يدخل علي أحد، فجاء الحسين وهو طفل فما ملكت معه شيئاً حتى دخل على النبي (صلى الله عليه وآله)، فدخلت أم سلمة على أثره، فإذا الحسين على صدره، وإذا النبي (صلى الله عليه وآله) يبكي وإذا في يده شيء يقبله. فقال، النبي (صلى الله عليه وآله): يا أم سلمة، إن هذا جبرائيل يخبرني إن ابني هذا مقتول، وهذه التربة التي يقتل عليها، فضعيها عندك فإذا صارت دماً فقد قتل حبيبي...) انتهى قول العلامة العاملي .
ويذكرالشيخ المفيد في إرشاده ما لفظه :
(روى الأوزاعي عن عبد الله بن شداد عن أم الفضل بنت الحرث أنها دخلت على رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقالت يا رسول الله، رأيت الليلة حلماً منكراً. قال: وما هو؟ قالت إنه شديد قال: ما هو؟ قلت رأيت كأن قطعة من جسدك قطعت ووضعت في حجري. فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): خيراً رأيت، تلد فاطمة غلاماً فيكون في حجرك، فولدت فاطمة الحسين قالت: وكان في حجري كما قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) فدخلت يوماً على النبي وأنا أحمل الحسين فوضعته في حجره، ثمّ حانت مني التفاتة فإذا عينا رسول الله تهرقان بالدموع، فقلت: بأبي أنت وأمي يا رسول الله ما بالك؟ قال: أتاني جبرائيل فأخبرني أن طائفة من أمتي ستقتل ابني هذا. وقلت: هذا؟ قال: نعم، وأتاني بتربة من تربته حمراء...) الخ .
وروى شماك عن ابن مخارق عن أم سلمة قالت: بينا رسول الله ذات يوم جالس والحسين جالس في حجره إذ هملت عيناه بالدموع، فقلت له: يا رسول الله، مالي أراك تبكي؟ جعلت فداك. فقال: جاءني جبرائيل فعزاني بابني الحسين وأخبرني إن طائفة من أمتي تقتله، لا أنالهم الله شفاعتي). وروى بإسناد آخر عن أم سلمة أنها قالت: خرج رسول الله وهو أشعث أغبر ويده مضمونة، فقلت له: يا رسول الله، مالي أراك شعثاً مغبراً؟ فقال: أسري بي في هذا الوقت إلى موضع من العراق يقال له كربلاء، فرأيت فيه مصرع الحسين أبني وجماعة من ولدي وأهل بيتي، فلم أزل ألقط دمائهم فهاهي في يدي وبسطها إلي فقال: خذيها واحتفظي بها، فأخذتها فإذا هي شبه تراب أحمر، فوضعته في قارورة وشددت رأسها واحتفظت بها فلما خرج الحسين من مكة متوجهاً نحو العراق كنت أخرج تلك القارورة في كل يوم وليلة فأشمها وأنظر إليها ثم أبكي لمصابه، فلما كان اليوم العاشر من محرم وهو اليوم الذي قتل فيه الحسين أخرجتها في أول النهار وهي بحالها. ثم عدت إليها آخر النهار. فإذا هي دم عبيط، فضججت في بيتي وبكيت، وكظمت غيظي مخافة أن يسمع أعدائهم بالمدينة فيسرعوا بالشماتة، فلم أزل حافظاً للوقت واليوم حتى جاء الناعي بنعيه ما رأيت فتحقق )..
* جاء في مستند أحمد بن حنبل صفحة (85) من الجزء الأول بسنده عن عبد الله بن نجي عن أبيه (إنه سار مع علي (عليه السلام) وكان صاحب مطهرته ( أي الإناء الذي يتطهر به ويتوضأ منه) فلما حاذى نينوى وهو منطلق إلى صفين فنادى علي (عليه السلام) أصبر أبا عبد الله، أصبر أبا عبد الله بشط الفرات قلت: وما ذاك؟ قال، دخلت على النبي (صلى الله عليه وآله) ذات يوم وعيناه تفيضان، قلت، يا نبي الله أغضبك أحد، ما شأن عينيك تفيضان؟ قال: بل قام من عندي جبرائيل قبل أمد فحدثني أن الحسين يقتل بشط الفرات. قال فقال: هل لك إلى أن أشمك من تربته؟ قال: قلت نعم، فمد يده فقبض قبضة من تراب فأعطانيها فلم أملك عيني أن فاضتا ).
ونقل هذا الحديث بنفس العبارة أو مع إضافة عليها كتاب (الصواعق المحرقة) لابن حجر، وكتاب (منتخب كنز العمال) والسبط ابن الجوزي الحنفي في (تذكرة الخواص) والبغوي في معجمه، وغيرهم كثيرون من رواة السنة والشيعة .
* وأخرج ابن سعد هذه الحكاية عن عائشة بإضافة: (إن جبرائيل أراني التربة التي يقتل عليها الحسين، فاشتد غضب الله على من يسفك دمه. فيا عائشة والذي نفسي بيده إنه ليحزنني، فمن هذا من أمتي يقتل حسيناً بعدي؟ ).
* أخرج أحمد بن حنبل فيما أخرجه من مستند ابن عباس، قال: رأيت النبي (صلى الله عليه وآله) فيما يرى النائم بنصف النهار، وهو قائم أشعث أغبر، بيده قارورة فيها دم. فقلت: بأبي أنت وأمي يا رسول الله، ما هذا؟ قال: هذا دم الحسين وأصحابه، لم أزل التقطه منذ اليوم فأحصينا ذلك فوجدوه قتل في ذلك ـ اليوم .
* جاء في الصفحة (39) من كتاب (إقناع اللائم) المار ذكره ما نصه: (روى ابن شهر آشوب في المناقب عن جامع ـ الترمذي وكتاب السدي وفضائل السمعاني، أن أم سلمة قالت: رأيت رسول الله (صلى الله عليه وآله) في المنام وعلى رأسه التراب. فقلت: مالك يا رسول الله (صلى الله عليه وآله) ؟ فقال:شهدت قتل الحسين آنفاً..) أقول: ومن روايات أصحابنا في ذلك ما رواه الصدوق في الأمالي بسنده عن سلمة قالت: دخلت على أم سلمة وهي تبكي فقلت لها: ما يبكيك؟ قالت: رأيت رسول الله (صلى الله عليه وآله) في المنام وعلى رأسه ولحيته أثر التراب فقلت مالك يا رسول الله مغبراً؟ قال شهدت قتل الحسين آنفاً )..
وروى المفيد في المجالس والشيخ الطوسي في الأمالي بسندهما عن الصادق جعفر بن محمد (عليه السلام) قال: أصبحت يوماً أم سلمة تبكي، فقيل لها: لم بكاؤك؟ فقالت: لقد قتل ابني الحسين الليلة، وذلك أنني ما رأيت رسول الله (صلى الله عليه وآله) منذ مضى إلا ليلة، فرأيته شاحباً كئيباً. فقلت: مالي أراك يا رسول الله شاحباً كئيباً؟ فقال: لم أزل منذ الليلة أحفر القبور للحسين وأصحابه .
هذا وقد رويت أمثال هذه الأحاديث بإسنادها من ـ مصادر شيعية وسنية موثوق بها بكثرة لا تحصى وأكثر مما مر منها أعلاه .
يقول الإمام العسكري : (علامات المؤمن خمس: صلاة إحدى وخمسين، وزيارة الأربعين، والتختّم باليمين، وتعفير الجبين، والجهر ببسم الله الرَّحمن الرَّحيم).. نرجو تسليط الضوء على هذا الحديث؟ ..
إن هذه الرواية على اختصارها فيها معان كثيرة، وتلفت النظر لحركة تاريخية، ولخلاف سابق في حياة الأمة.. إن الإيمان حالة في القلب، له توجهه الروحي والفكري، ولهذا التوجه كواشفه وما يبرزه، فلابد للمؤمن من سمات يُعرف بها.. حيث أن التقية والتخفي خلاف الأصل، الذي يقتضي أن يكون متجاهراً بهويته.. والإمام العسكري (عليه السلام) يشير إلى هذه العلامات :
* صلاة إحدى وخمسين: وهي عبارة عن مجموع الفرائض(1 والنوافل (34).. فالإمام (عليه السلام) يذكر أول علامة، الصلاة بفرائضها ونوافلها، دلالة على أهميتها، وتأكيداً على المحافظة عليها.. ومن المعلوم أن النوافل تجبر ما في الصلاة من خلل ونقص، سواءً في الظاهر: الأجزاء والشرائط، أو الباطن: في الإقبال القلبي .
* زيارة الأربعين: في كتب التاريخ هنالك رأي: بأن أهل البيت (عليهم السلام) رجعوا بعد عاشوراء من الكوفة إلى كربلاء، قبل أن يذهبوا إلى الشام.. وهنالك رأي آخر: بأنهم رجعوا من الشام، والتقوا بجابر بن عبد الله الأنصاري (رض) ومعه عطية في كربلاء.. ورأي ثالث مستند لزيارة أهل البيت (عليهم السلام ) لكربلاء، في يوم الأربعين للسنوات اللاحقة لقتل الحسين (عليه السلام ).. ويبدو بأن ذلك أصبح شعاراً لمحبي أهل البيت (عليهم السلام).. ومن المعلوم أن أول من زار الحسين (عليه السلام) هو جابر، من أصحاب النبي (صلى الله عليه وآله) والذي تخرج من مدرسته.. ولا يخفى بأنه يعلم ما للحسين (عليه السلام ) من منزلة عند النبي (صلى الله عليه وآله).. حيث أُلمس القبر وأخذ يخاطب الحسين (عليه السلام ) بكلمات مفجعة، نقرأها اليوم ونبكي لوقعها في النفوس ..
* التختم باليمين: التختم باليمين من سنة النبي (صلى الله عليه وآله ) التي عمل بها ودعا إليها، واقتفى أثره الأئمة (عليه السلام).. ولكن البعض من المخالفين، الذين يحملون العداء لأهل البيت (عليه السلام )، خالفوا عناداً بالتختم باليسار، والذي مهد لهذا العناد والتوجه المعاكس لأهل البيت (عليه السلام)، هم: الجهاز الحاكم، والبلاط، والأمراء، والسلاطين، والمحدثين الذين كذبوا على النبي (صلى الله عليه وآله ).
* تعفير الجبين: في روايات الفريقين، ليس هنالك نص إسلامي يدل على أن النبي (صلى الله عليه وآله) سجد على الأرض، أو ما تنبته الأرض كالخمرة والحصيرة.. فلقد كان (صلى الله عليه وآله) يسجد على الطين أو التراب، أو كان يستخف من الحصير شيئاً.. إن المؤمن في سجوده يعفر جبينه، ونحن عندما نسجد على تربة كربلاء؛ لأنها من مصاديق التراب، وإلا ليس الأمر متوقفاً على ذلك.. ومن الملاحظ أن المؤمن يضع الجبهة، وهي أعلى منطقة في الإنسان -المحاذية للمخ، وأساس التفكير الإنساني، وأشرف جزء في وجوده- على أخس وأرخص شيء في هذا الوجود وهو التراب.. فهذا سلمان المحمدي (رض) يصرح بأن هذه الدنيا ليس فيها ما يغري، لولا هذين العنصرين: الجلوس مع الإخوان، والسجود بين يدي الله عز وجل .
* الجهر ببسم الله الرحمن الرحيم: إن آية البسملة من أعظم آيات القرآن الكريم، والنبي (صلى الله عليه وآله) كان يبسمل ويجهر في بسملته، والشاهد على ذلك الروايات الكثيرة المتعددة في هذا المجال.. ومن المناسب أن نذكر كلمة للفخر الرازي -الذي هو أحد علماء العامة- في تفسيره للقرآن الكريم، هو عندما يصل لآية بسم الله الرحمن الرحيم يذكر بـ (أن علياً (عليه السلام ) جهر بالبسملة.. ومن اتخذه إماماً لدنياه وآخرته؛ فقد فاز ).
 
ويعز على صاحب الأمر (عج) أن يسمع بكلمة السبي، وقد نقل أنه عندما يسأل في بعض القصص المنقولة في تاريخ زمان الغيبة، عن أعظم المصائب التي تهزه من الأعماق، فإنه يذكر هذه المصيبة.. كم هو ثقيل أن تُرى زينب (عليها السلام) - وهي بنت أمير المؤمنين، والخليفة الرابع كما هو متعارف- أسيرة بين يدي الأعداء، يتصفح وجوههن القريب والبعيد، والناس يتصدقون عليهم بالتمر وغيره.
إن الدرس الأساسي في هذه الحركة هو التطبيق العملي لهذه المقولة: (أن للحق دولة وللباطل جولة)، فإذا رأينا انتصار الباطل وعتوه وتجبره، لا يأخذنا اليأس، ولنعلم بأن العاقبة للحركة الحسينية، حيث انتصار الدم على السيف.. وهذا هو ما جرى بعد عاشوراء على الظالمين من تقتيل على يد الثورات التي أبادتهم عن بَكرة أبيهم.. إن رب العالمين أراد أن يعلم الأمة، بأنه لا يمكن أن يُمحي الذكر الإلهي، وهو النور الذي لا يمكن أن يطفأ .
 
إن زيارة الأربعين أصبحت شعاراً لمحبي أهل البيت (عليهم السلام)؛ اقتفاءً بطريقة الأئمة(عليهم السلام).. إن زيارة المشاهد المشرفة ينبغي ألا تكون زيارة أبدان فحسب!.. بل يُفضل التفاعل الروحي، واستلهام الدروس المعنوية في ذلك المقام الشريف.. وقد قيل بأن الزيارة أن يجد الزائر نفسه بين يدي المزور، فإذا وصل إلى تلك الحقيقة، فقد حقق الزيارة النموذجية .
أن زينب (عليها السلام) بطلة كربلاء وشريكة الحسين (عليه السلام) في نهضته، اتجهت في مشهد روحي غارق في العرفان إلى جسد أخيها الحسين (عليه السلام) سبط الرسول (صلى الله عليه وآله) المضرج بدمائه؛ لتضع يديها تحته وترفع طرفها إلى السماء قائلة: (اللهم تقبل منّا هذا القربان)!.. وأن روحية زينب (عليها السلام) وقوتها وجلدها وصبرها؟ ..
وللعلم إن زينب (عليها السلام ) قدمت للمرأة المؤمنة، الصيغة الجامعة بين لزوم العفاف والعفة في مجال التعامل في شؤون الحياة، وبين القيام بالوظيفة الشرعية.. هي كأمها الزهراء (عليهما السلام )، مع كل خدرها وعفافها وحجابها، قامت بذلك الدور البطولي في مسألة الترويج لثورة الحسين (عليه السلام ).
وأن التفاعل مع مصائب الإمام الحسين (عليه السلام) خارج مجالس العزاء هي عدة عملية للتفاعل مع ذكر الإمام (عليه السلام ) خارج مجالس العزاء الحسيني منها: استغلال الساعات الضائعة في السيارة، في الاستماع إلى شيء من عبرهم (عليهم السلام ).. وأيضاً التدبر في كلماتهم الجميلة، فمثلاً هذه الكلمة للإمام (عليه السلام): (إني لا أرى الموت إلا سعادة)، إن الموت في نظر الناس عبارة عن فناء وحرمان من متع الحياة الدنيا، ولكن هنا الإمام (عليه السلام) لماذا جعل السعادة مرتبطة بالموت في سبيل الله؟!.. فهذا مفهوم جديد للسعادة.. وكذلك التدبر في المضامين التوحيدية لدعاء الحسين (عليه السلام) يوم عرفة.. وقراءة كل ما كتب عن الحسين (عليه السلام ) في هذا المجال .
وينبغي أن لا ننظر إلى قضية الحسين (عليه السلام) على أنها مأساة إنسانية، وعبارة عن مقتل صحابي يقاتل غيره من الصحابة.. فالإمام الحسين (عليه السلام ) يشكل منعطفا تاريخيا ، حيث أنه عاش في مواجهة رجل فاسق كيزيد، كان دون مستوى الإنسانية بمراحل، وإذا بيده مقاليد المسلمين: الجيش الإسلامي، والخزائن، والعلماء، وأراد أن يمسخ الإسلام ويقلبه إلى الجاهلية الأولى.. إن ما بأيدينا اليوم من الإسلام على اختلاف الجهات، هو من بركات دماء سيد الشهداء (عليهم السلام )، وهو جد الإمام الصادق (عليه السلام ) الذي يفتخر به بعض أئمة المذاهب عندما قال: (لولا السنتان لهلك النعمان).. الحسين(عليه السلام) على رأس سلسلة في التأريخ، شأنه شأن إبراهيم الخليل (عليه السلام )، الذي اكتسب الخلود على مر العصور، الكثيرون حطموا الأصنام، لماذا الله تعالى يخلد حركة إبراهيم (عليه السلام ) دون يحيى(عليه السلام ) الذي قتل تلك القتلة الفجيعة؟!.. لماذا رب العالمين يخلد هرولة هاجر ورميها للجمرات؟! .. ثم أن النبي (صلى الله عليه وآله) هو أول الباكين على الحسين (عليه السلام ).. فإذن، نحن نبكي الحسين (عليه السلام)؛ لأنه منعطف تاريخي في حياة الأمة، وكذلك تأسياً بالنبي (صلى الله عليه وآله ).. وخير شاهد على ذلك، البركات التاريخية لإقامة عزاء الحسين (عليه السلام ).
كيف نتصدى للعدوان البغيض على الأمة، الذي يستهدف نهب ثرواتها وسحق شعوبها.. مستلهمين ذلك من ثورة الحسين(عليه السلام)؟ ..
ويكمن في أن ننظر إلى عناصر القوة والانتصار في ثورة الحسين (عليه السلام)، "وَمَا النَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِندِ اللّهِ".. أي علينا أن نعمل بما يوجب استنزال النصر الإلهي، الذي هو حليف كل من يسير على درب الشهادة والانتصار في دين الله عز وجل، "إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ".. وهنا دعوة لكل فرد منّا أن يعمل بتكليفه، سواءً مع أسرته أو مجتمعه، وأن ينظر إلى رضا الله عز وجل في كل صغيرة وكبيرة.. ولهذا نلاحظ بأن المدد الإلهي - ملائكة النصر- أنزلها الله تعالى في معركة بدر، بينما في أحد هنالك انتكاسة؛ بسبب إقبال الناس الدنيا.. فإذن، يجب علينا أن نعمل بتكليفنا أولاً، ونستلهم النصر من الله، ونمشي على درب الحسين (عليه السلام)، حيث أنه كان مستعداً لبذل كل شيء في سبيل نصرة هذا الدين، وشعاره كما نعلم: (إن كان دين محمد لم يستقم إلا بقتلي؛ فيا سيوف خذيني).. نسأل الله عز وجل أن ينصر الإسلام والمسلمين في مشارق الأرض ومغاربها. واليوم نرى بأم أعيننا مدى ثورة الحسين (عليه السلام ) على أحياء العدل وأبادت الظالمين ونصرة المظلومين وأن شعاعها مشرقة كإشراق نور الشمس والقمر على الكرة الأرضية فعم عقبى الدار يا سيدي يا أبا عبد الله فيا ليتني كنت معكم سيدي !! وهنا يجب علينا أن نكون سباقين لأداء هذه الزيارة التي تخص المؤمنين وأن الإمام هو سيد المؤمنين ومن هذا المنطلق نحي زيارة الأربعين ونسأل الله أن يحمي هذه الزيارة الملي ونية وينصر الدين والقائمين على هذه الشعائر ويقوي الجيش والشرطة لحماية زوار العتبات المقدسة وأن تأكيد لهذه الزيارة الأربعينية هي مدداً لقول رسول الله صلى الله عليه وآله : إن لقتل الحسين (عليه السلام) حرارة في قلوب المؤمنين لا تبرد أبداً. ونعم ما قال الشاعر محمد التهامي المصري :
يـابنَ الـنبي لـنا ببابِكَ وقفةٌ لـلروحِ فـيها مـنهلُ يترقرقُ
ونَـرى ضـياءَك مُشرِقاً وكأنهُ مـن نـور جـدكَ جذوة تتألقُ
ولـنا بـبابِكَ وقـفةٌ نلقىiبها عبراً تطيل لنا الحديث وتصدقُ
وتـقولُ إنـكَ قد خُلقت بطولةً لـلـهِ فـيها حـكمةٌ تَـتَحققُ
ولأنـت رمزُ الحقِّ حينَ يؤدُهُ ظُـلمٌ يـبددُ شـملهُ ويـمزقُ
ولأنـت رمزُ الحقِّ حينَ رَفعتَهُ والـكفرُ حولَكَ في عِنادِ يطبقُ
واشـتد جند الظالمينَ وضيَّقوا وتـزاحَموا وتـواكبوا وتحلقوا
وخَرَجتَ وحدَكَ تلتقي بجِموعهم يـا واحـداً ما نالَ منهُ الفيلقُ
وَجَـبَهتَهُم إن كـان ما تبغونهُ؟ مـوتي فـإني لـلرَّدى أتشوقُ
لن تزهقوا روحي بكل جيوشِكم لـكنَّ بـاطلكم بـحقِّي يَزْهَقُ
وقـضيت لكن ما قضيتَ وإنما تحيا وتَسْعَدُ في الوجودِ وتُرزقُ .
وللعلم فالاطمئنان إلى كون النصر بيد الله يغرس عند المسلم نفسية الإقدام، أو على حد التعبير النبوي في أفضل الأعمال: (رَجُلٌ خَرَجَ يُخَاطِرُ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ فَلَمْ يَرْجِعْ بِشَيْءٍ) البخاري..، لأن هذه النفسية ترفع عن المسلم أغلال التهيب الذي يكبل الإرادة ويضيق مجال التحرك ويقلل مساحات الفعل .
لكن مع هذا فإن الإيمان بأهمية الأسباب يلح عليه باستفراغ الوسع في اكتساب وتفعيل كل الأدوات والإمكانيات المتاحة، لأنها العناصر المشكلة لمقومات القدرة على الفعل.. ومن تم ينشأ التوازن بين العقيدة والحركة .
على هذا التوازن تربى الجيل الأول من المسلمين، عرفوا أن الله - وحده - هو الفاعل في تحقق النصر، لكنهم عرفوا – في الوقت نفسه – أنهم مأمورون من قِبل الله باتخاذ الوسائل وبذل الجهد والوفاء بالتكاليف.. فاستيقنوا الحقيقة، وأطاعوا الأمر، في توازن شعوري وحركي عجيب! يصعب جدا أن يدركه الناس إلاّ إذا ساروا على الطريق.. طريق التوازن.. التوازن في الرؤية، والتوازن في الشعور، والتوازن في الحركة . ومن هذا المنطلق أنطلق الإمام الحسين (عليه السلام) لينصر الحق التي تتركز على رسالة النبي محمد صلى الله عليه وآله ودحر الباطل الذي كان في يزيد وغطرسته وغروره ..إذاً يجب علينا أن نقتدي بالله ورسوله والحركة الإصلاحية التي قام بها الإمام الحسين وبع علينا أن نبدي روح التعاون والأخوة والسير قدماً للعمل الصالح والبناء ويداً بيد للتعاون والتآخي لبناء الوطن ونصرة المظلومين والأيتام والأرامل والشيوخ .. وللعلم أن من كان يوم عاشوراء والأربعين يوم مصيبته وحزنه وبكائه يجعل الله عز وجل يوم القيامة يوم فرحه وسروره وقرت بنا في الجنان عينه ,ويجب أن نتحد ونتعاون ونكون عباد الله أخوان ونقتدي بالإمام الحسين فكراً وعقيدة لا بالخزعبليات ! ولا تنسوا الأرامل والأيتام والفقراء  وخصوص هذه المؤسسات التي تنهال عليها الخمس والزكاة والتبرعات لأيصالها للفقراء والأيتام والأرامل لا لأغراض الشخصية ويجعلوا بينهم دولة لأغنياء ألم يكن فيكم رشيد يحاسب هذه المؤسسات الدينة ؟! وخصوص أنى رأيت لكل حزب إسلامي فروع وموظفين في الخارج وهذه أول مرة أرى هذه الظاهرة ! وأن الدولة تصرف عليهم وهذا مرفوض لأن الدولة يجب أن تصرف على مواطنيها في الداخل في الوطن وتكفيهم لا تبذر أمول الدولة وتبددها لرواتب ومصاريف منظمات الأحزاب وخصوص المجلس الأعلى لديه فروع وبدر لها فروع والصدرين لهم فروع وحركة الجهاد لها فروع وكلها تتقاضى من خزينة الدولة وهذا مرفوض لأن الإسلام الصحيح العقائدي هو ينشر نفسه والله يحمي القرآن كما وعدنا ربنا لقوله : (إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون   )..ويجب أن نحاسب الدولة ليحاسبوا النفقات والشعب أولى لهذه المبالغ والبنية التحتية أولى للبناء والله من وراء القصد ؛ وخصوص عندما رأيت أن وكيل السيد السيستاني الشاب سيد جواد الشهرستاني وكيل السيد أزعجت لأنه لا يليق مقام هذا الشخص وهو من أرحامنا ولا  يليق لهذا المنصب الديني والله خير حافظ وهو أرحم الراحمين .
 

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


سيد صباح بهباني
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2013/11/06



كتابة تعليق لموضوع : ثورة الإمام الحسين واستشهاده متعلق بصدق النبوة ورسالة ....
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net