15 – خواطر حسينية .
أ )
حمل احدهم لافتة ( من قماش ) كتب عليه شعارات حسينية بارزة , بينما حمل الاخر المطرقة والمسامير , واصطحب معه الكرسي , بهمة بالغة , وعزيمة فائقة , ونشاط متدفق , وقف على الكرسي ليثبت اللافتة , والاخر يناوله المسامير , حالما فرغ , القوا نظرة عليها , اعجبا بها , ورضيا بحسن صورتها , فأنصرفا , لكنهما لا يجيدان القراءة , فيلاحظا ان اللافتة قد ثبتت بالمقلوب ! .
ب)
تناول الزنجيل وانخرط بين صفوف الموكب الكبير , يتحرك بنشاط دافق , يضرب بقوة على ظهره , لم يشعر بالتعب , ولا بالألم , لكن ... عندما وصل الموكب الى نقطة النهاية , تفرق الناس , بينما كان يتحرك بين الجموع الغفيرة , سمع الناس يمتدحون فلانا وفلانا كانا قد اديا حركات منسقة وجميلة وزنجلا بشكل جيد , ولم يمتدحه احد , فشعر بالتعب يسري في اطرافه , وسرى الالم في ظهره , فقرر العودة الى البيت لينال قسطا من الراحة ! .
ج)
يمعن النظر في هذه الجموع الغفيرة , المتكاملة من حيث العدة والعدد , حلقات منتظمة , كل عضو فيها يقوم بدوره بشكل متقن , حركات موحدة , وخطى ثابتة , تسير في اتجاه واحد , الى الامام , لا احد يلتفت الى الوراء , كأنها استعراض سرايا الجيش , التفت نحو صديقه , فاذا به مشغول بتحية المواكب , يقلد حركاتهم , ويردد ما يقولون بحماس , تركه وعاد ليرمق الحشود الغفيرة على جانبي الشارع , قاطع صديقه عليه تأملاته ليسأله باستغراب :
- ما بك ... بم تفكر ؟ ! .
- كنت أتساءل عن امكانية االاستفادة هذه الحشود والجهود ... العدة والعدد والتنظيم في تغيير وتحسين كثير من سلبيات واقعنا المرير ! .
اثناء ذلك اقترب حشد كبير , غير منتظم , يهرولون بشكل سريع , ويهتفون باصوات مرتفعة , جرفتهما وجرفت الناس على جانبي الطريق .
- لم اسمعك جيدا ... اعد عليّ ما قلته ! .
د)
ان الشعائر الحسينية اتخذت اشكالا كثيرة ونواح متعددة , بعد ان اضيف وادخل فيها الكثير من الممارسات المتنوعة , قد تشابه في جملتها عادات وطقوس شعوب اخرى , لكن التشابه لا يدل على الاقتباس , ولا يدل على الاستيراد التقاء العناصر , فتنبري جموع كثيرة من الكتاب ودعاة الثقافة للتهجم عليها ورميها بشتى التهم ( الجهل – الهبوط الفكري - السادية – الوثنية ... الخ ) , الاغرب في هؤلاء انهم يعيبوها على ممارسيها , بينما لا يعيبونها على الشعوب التي تنسب اليها تلك الممارسات , فافضل ردا عليهم , واحسن جواب ما جاد به المفكر والفيلسوف الاسلامي أية الله العظمى السيد الشهيد محمد باقر الصدر ((قدس)) :
" أن هذه المواكب الحسينية شوكة في عيون حكام الجور ..وهذه الشعائر هي التي زرعت في قلوب الاجيال حب الحسين ((ع)) وحب الاسلام فلابد من بذل كل الجهود للابقاء عليها رغم حاجة بعضها الى التعديل والتهذيب " .
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat