تعد محافظة نينوى ومركزها مدينة الموصل، من اشد المناطق الساخنة أمنياً، حيث تشهد عمليات مسلحة ضد القوات الأمنية والمدنيين بصورة قل نظيرها في أي مدينة عراقية آخرى ، وقد أنعكس هذا الوضع المضطرب على العلاقة بين الادارة المحلية المطالبة من قبل الجماهير التي أنتخبتها بضرورة توفير الأمن وبين الجهات القائمة والمنفذة للملف الامني من قيادة العمليات والفرقة الثانية التي تعمل بأمرتها وبعض فرق الشرطة الاتحادية التي تتلقى أوامرها المباشرة من الحكومة المركزية في بغداد مما ولد حالة من الشد والجذب بين الادارة المدنية والقيادات الأمنية من خلال تبادل التصريحات المتشنجة عبر وسائل الإعلام وتوجيه الاتهامات بعدم التعاون.والنتيجة تنحي الجانبان عن المسؤولية المباشرة والقاء الكرة في ملعب (الخصم) .. نعم لقد بات واضحاً خلال الفترة الماضية أن أطراف ادارة الملف الامني في محافظة نينوى يتعاملون فيما بينهم على انهم (خصوم) ، وقيام كل طرف بعرض مثالب الطرف الآخر ، واستمر الحال لسنوات عديدة تجرع فيها المواطنون اشد انواع الاهانة والمذلة والأجراءات الامنية المشددة التي لم تمنع يوماً ما هجوماً مسلحاً او تفجيراً او أغتيالاً او خطفاً او أبتزازاً او مساومة او دفع (أتاوة ) .. وازدادت الاجراءات الامنية بصورة (جنونية) هدفها خنق المواطنين كنوع من العقوبة الجماعية جراء ( عدم تعاونهم) مع القوات الامنية ، والقاصي والداني يعلم أن المواطن مغلوب على أمره وواقع بين مطرقة الارهاب وسندان القوات الامنية . ووصلت الامور في أدارة الملف الامني كون (المحافظ) دستورياً يرأس اللجنة الامنية العليا في المحافظة وبين قيادة العمليات وقيادة الشرطة الاتحادية حد (القطيعة ) ، ولكن شهدت الايام القليلة المنصرفة وربما بعد اقرار قانون الانتخابات وتثبيت مطلع نيسان موعداً لاجراء انتخابات مجلس النواب (تقارباً ) ملحوظاً في وجهات النظر اسفر عن لقاء المحافظ مع قائد العمليات وقائد الفرقة الثالثة (شرطة اتحادية ) وعن فتح "صفحة جديدة" تركز على التعاون والتكامل وتتجاوز سلبيات الماضي وتجاذباته بين إدارة محافظة نينوى والقوات الأمنية في المحافظة، وقد أيدت قيادة عمليات نينوى هذا المقترح لتثبت أن استقرار المحافظة يتطلب التعاون والتواصل بين جميع الاطراف . وقد أفضى هذا الاتفاق على فتح مكتب شكاوى المواطنين للتواصل مع مشاكل المواطنين وسبل حلها وتشخيص التصرفات المخالفة للقانون التي تصدر من بعض افراد القوات الامنية ، وسرعان ماظهرت نتيجة هذه ( الاتفاقية الاستراتيجية ) على الارض ، اذ بادرت القيادات الامنية بفتح عدد من الطرق والشوارع المغلقة في مدينة الموصل وفق خطة مدروسة وزفت بشرى رفع (قطعتي الكونكريت ) الملقاة في الشارع العام القادم من حي سومر باتجاه مركز المدينة ، هاتان القطعتان اللتان وضعتا في عرض الشارع وبدون أي تواجد لسيطرة ما بقربهم سببتا العديد من الحوادث واحداث حالة زحام لامثيل في ساعات الصباح المترافقة مع ذهاب الطلاب والموظفين الى اماكنهم . لقد نص الاتفاق مع القوات الامنية على إعطاء الأولوية للتخفيف عن كاهل المواطن سواء في تقليل الأحتكاك بين الاجهزة الامنية والمواطنين والتقليل من الاجراءات الزائدة التي لاتقدم ولا تؤخر شيئاً ، وتجدر الاشارة هنا الى ضرورة أعطاء الشرطة المحلية (شرطة نينوى) الفرصة لاثبات فاعليتها وتوسيع دورها لعدم وجود تلك (الحساسية) المفرطة بين المواطنين والقوات الامنية القادمة من الجنوب . والتي كانت تعامل الناس بشيء الطائفية وعدم اعترافها باية تعليمات او توجيهات من الادارة المحلية بل تتلقى تعليماتها من القيادة العامة للقوات المسلحة . الآن وبعد فتح هذه الصفحة الجديدة من التعاون يطمح المواطنون الى تقليل مظاهر (عسكرة ) المدينة وتبادل الاراء حول الخطط الامنية وتقديم آمن المحافظة ومواطنيها على سائر الاجندات الاخرى أسواء كانت عسكرية او سياسية . والاجدر أن تتعامل القوات الامنية مع الاهالي على أنهم (ابرياء ) حتى يثبت العكس وليس معاملتهم على أنهم (فلول النظام السابق) او مذنبون حتى يثبت التحقيق والتعذيب عكس ذلك ثم يطلق سراحهم وبدون كلمة أعتذار .. الصفحة القادمة من هذا التعاون تحتم على القوات الامنية أحترام حقوق المواطنين والعمل وفق الدستور وتوجيه جهدهم الامني والاستخباري تجاه من يحاول زعزعة الوضع وزرع الرعب والخوف واشاعة القتل وليس حسب الطريقة التقليدية السابقة (العقيمة) وهي القيام بعد حدوث هجوم مسلح او تفجير بعملية مداهمات واعتقالات لمن تواجد في تلك المنطقة وأيداع العشرات من الابرياء في السجون وتصويرهم ورفع تقارير الى الجهات العسكرية العليا بنجاح التشكيلات الامنية من القاء القبض على المتهمين والمطلوبين . المواطن في نينوى له صفة (العراقية ) كتلك التي يتمتع بها المواطن في البصرة او النجف ، وضرورة تفعيل دور القوات الامنية مطلب وطني ولكن ليس على حساب الابرياء او أستهداف فئة دون آخرى .. وقادم الايام ستكشف مدى فاعلية اتفاق الادارة المحلية والقوات الامنية من عدمه ومدى ألتزامهما بما تعهدوا به .