صفحة الكاتب : علي جابر الفتلاوي

تصريح كيري عن التغيير في مصر : كلمة حق يراد بها باطل
علي جابر الفتلاوي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 

صرح كيري أخيرا في أجتماع المجلس الامني الاستشاري في الخارج ، أن (الاخوان المسلمون) هم من سرق الثورة في مصر كونهم المجموعة الأكثر تنظيما ، وأقرّ أن الثورة الشعبية في مصر فجرها في ساحة التحرير حركة شباب التواصل الاجتماعي ، كلمة كيري هذه كلمة حق يراد بها باطل .
 أين كان كيري منذ قيام الجيش المصري بالتغيير لغاية تأريخ تصريحه الجديد هذا ؟  لماذا وقفت امريكا عندما أستجاب الجيش للمطالب الشعبية في التغيير ، موقفا عدائيا منه ، واليوم تتكلم بلهجة جديدة ؟
 لماذا تبنت امريكا موقف الاخوان وهم يتحدثون عن الشرعية ؟
 ما الذي حصل حتى غيرت امريكا موقفها لصالح حركة الجيش المصري ؟ مع العلم أنها فرضت عقوبات على مصر ، والجيش المصري لأنه تحرك ضد الشرعية حسب أدعائها في بداية التغيير ! كل هذه الاسئلة وغيرها بحاجة الى وقفة .
الشعب المصري وجميع الشعوب التي تحركت ضد حكامها الطغاة في أجواء ما سُمي ( الربيع العربي ) ، قد سُرقت نتائج ثوراتها ، وصودرت دماء الضحايا التي قُدمت من أجل هذه الثورات ، سُرقت نتائج الثورات لصالح الحركات السلفية المدعومة من أمريكا وأسرائيل ، ودول محور الشر في المنطقة ، هذه حقيقة عرفتها وكشفتها الشعوب ، لكن بعد فوات الاوان ، أن ما سُمي ( الربيع العربي ) هو ربيع الحركات السلفية والتكفيرية ، وليس ربيع الشعوب ، لقد تحول ( الربيع ) الى خريف أو شتاء قارص بالنسبة للشعوب التي فجرت الثورات ، أذ تحول هذا الربيع الى جسر لعبور أدوات أمريكا وأسرائيل الى السلطة ، مثل ما حصل في مصر ، وغيرها من البلدان التي عاشت أحداث الحراك الشعبي .
نعم صحيح لقد سُرقت ثورة مصر التي قدم الشعب المصري فيها الضحايا ، وسُلّمت على طبق جاهز للاخوان المسلمين ، على كيري أن يعترف أن امريكا هي من المشاركين في سرقة الثورة وتسليمها للاخوان ، ومعها اسرائيل ودول محور الشر في المنطقة كل هذه الدول هي من رتبت الامور كي يستلم الاخوان الحكم في مصر ، لأن جميع الحركات السلفية التكفيرية تخدم الاهداف الامريكية الاسرائيلية ، أذ تعتقد بوجوب الجهاد ضد المسلم الاخر لأنه كافر او مرتد ، وتدعو لعدم مقاتلة اليهود في اسرائيل لأنهم أصحاب كتاب ، هكذا يوحى الفكر التكفيري لأتباعه من خلال شيوخ الفتوى من وعاظ السلاطين في السعودية او قطر او غيرها من البلدان التي ترعى الفكر الاسلامي المتطرف ، الذي يكّفر المسلم الاخر المختلف سواء كان شيعيا أو سنيا ، الفرق أن الشيعي المختلف معهم هو كافر ، اما السني المختلف فهو مرتد ، وكلاهما يجب قتلهما تقربا لله تعالى ، هذا الاسلام التكفيري هو الذي تريده أسرائيل وامريكا ، فهو الذي يحقق أهدافهما ، ويلبي مطالبهما .
كلام كيري الاخير جاء لتصحيح الموقف الامريكي من حركة الجيش المصري التي جاءت بناء على مطالب الشعب في التغيير ، بعد أن رأى الشعب أن الاخوان يسيرون بمصر الى الهاوية والدمار ومصادرة الحريات ، والعودة بالبلاد الى دكتاتورية الحزب الواحد ذي اللون الفكري الواحد ، والاكثر أهمية رأوا مصر بقيادة الاخوان قد استسلموا للأرادة الامريكية الصهيونية باندفاع أقوى من السعودية ، مما أغاض السعودية ، واخذت تشعر أن الاخوان ينافسونها على مركزها في قيادة الاسلام السياسي المستسلم لامريكا واسرائيل ، مما دفع السعودية بأن تنظر بقلق لمواقف الاخوان ، واعتبرت وجودهم تهديدا لنفوذها في المنطقة .
امريكا كعادتها في المكر أمسكت بالعصا من وسطها ، فلا هي مارست الضغوط القوية على حكومة التغيير في مصر بحيث تؤدي الى القطيعة ، ولا هي وافقت على التغيير بشكل تام ، بل وقفت في كثير من المرات مواقف سلبية من حركة الجيش المصري التي أنهت نفوذ وسلطة الاخوان ، وقامت ببعض الاجراءات الضاغطة على الحكومة المؤقتة وعلى الجيش المصري لتعطي أنطباعا على عدم رضائها على التغيير، كذلك بقيت تغازل الاخوان وتعزف معهم على نفس النغمة في الحديث عن الشرعية والرئيس المنتخب ، ونقل تظاهرات الاخوان واحتجاجاتهم بطريقة أيجابية الى غير ذلك من التصرفات المنافقة ، فهي تريد أن تكسب الرابح من الطرفين ، لكن بعد أن شاهدت ألتفاف الشعب المصري حول جيشه ، وتأييده للتغيير ، والأهم لاحظت أقتراب روسيا الطرف المنافس الجديد والقوي لامريكا من مصر التغيير ، وزيارة الوفد الروسي لمصر ، وأعلان روسيا دعمها القوي للحكومة الانتقالية وللجيش المصري ، شعرت أمريكا بالقلق من أن تفقد نفوذها بالكامل في مصر ، حينئذ تحركت اليد الامريكية لتمسك العصا من طرفها ، فجاء تصريح كيري الاخير في هذا الاتجاه ، الذي أعلن فيه أن الاخوان قد سرقوا الثورة لأنهم الاكثر تنظيما ، كلام صحيح ، لكنها كلمة حق يراد بها باطل ، وهذه أمريكا وسياسيتها الفاقدة للمصداقية .
وأخيرا أقول أن أمريكا لا مصداقية عندها ، وهذا يتطلب من كل الشعوب في المنطقة أن تكون على حذر منها ومن ألاعيبها ، ومنها الشعب المصري ، لأن الكل يعرف بالدعم الامريكي للحركات السلفية التكفيرية في مصر أو غيرها من البلدان ، وهي تحتضن الارهاب في هذا البلد لأنه يخدم مصلحتها ومصلحة أسرائيل وتحاربه في بلد آخر لأن فيه تهديد لمصلحتها او مصلحة أسرائيل ، أو أنه لا تهديد لمصلحتها بالمباشر بل فيه تهديد لمصلحة حليف من حلفائها ، هذه طريقتها في التعامل مع الاحداث ، لكن على الأعم الاغلب هي تدعم الحركات الجهادية التكفيرية لأنها تحقق لها من النتائج الايجابية الكثير ، لا تستطيع هي أو أسرائيل تحقيقها بشكل مباشر ، وأحداث الربيع العربي خير شاهد على ذلك ، أذ دعمت هي وحلفاؤها الحركات السلفية ، وسهلت لها أستلام السلطة وبذلك ساهمت بشكل كبير في سرقة ثمار الثورات العربية لصالح السلفيين الذين يخدمونها ويخدمون اسرائيل  .
بناء على هذه المعطيات والمؤشرات أدعو الشعب العربي في مصر للحذر من هذه الدعوة الامريكية المبطنة بالخبث والمكر الامريكي الصهيوني ، وعلى الشعب المصري وجيشه البطل الاستمرار في مسيرته التغييرية لمصلحة الشعب ، ولمصلحة مصر التي أرادت قوى الشر تمزيقها ، وخلق الفتن فيها لمصلحة أمريكا وأسرائيل ، ونحن واثقون من أن الشعب المصري المتلاحم مع جيشه واع  لهذه الحيل والمكر الامريكي الصهيوني ، ونتمنى للشعب المصري النصر على أعدائه من أمريكان وصهاينة وأدوات تكفيرية تريد خلق الفتنة الطائفية في مصر ، والنصر انشاء الله تعالى للشعوب .

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


علي جابر الفتلاوي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2013/11/23



كتابة تعليق لموضوع : تصريح كيري عن التغيير في مصر : كلمة حق يراد بها باطل
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net