صفحة الكاتب : د . صادق السامرائي

الأفكار المعلبة!!
د . صادق السامرائي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.



بعض المجتمعات لها قدرات تعليب الأفكار ,  ولكن ليس وفقا لمعايير ومعالجات  التعليب , التي تعني  الحفاظ على المادة  المعلبة  صالحة للإستعمال عند الحاجة وقبل نفاذ الصلاحية.

فقدراتها التعليبية تقضي بالتعفن وبتغيير اللون والطعم , وتحويل الفكرة الصالحة للإستعمال إلى فكرة سامة وبائية التأثير وخطيرة المضاعفات.

فما يتحقق في عالمها الموجوع , أن أفكارها التي تحولت إلى مواد سامة  , راحت تعصف بأرجاء وجودها المعاصر , حتى أصابتها بالغثيان وإضطراب الرؤية , والمغص المعوي والمِعدي الشديد , فأخذت "تزحر" وتفرغ ما فيها من قيم ومعايير وطاقات  نافعة , فتحولت إلى موجودات فارغة , وهياكل تتحرك وفقا لإرادة المتحكم بها , لأن سُمّية الأفكار عالية جدا , وتأثيراتها  قاتلة ومعوقة  لقدرات التفاعل المعافى السليم.

فالتسمم بالأفكار كالتسمم بالسِيَنايد  الذي يمنع الخلايا من التنفس فيقتل الإنسان  في الحال , ذلك أن الأفكار السامة تمنع الأدمغة البشرية من إستنشاق هواء عصرها , وتعتقلها في زنزانة الإمتلاك والإستلاب حتى تصاب بالإختناق والغثيان والإنقراض الحضاري القاسي.

ولو تأملنا الأفكار  الفاعلة في تلك المجتمعات , لتبين لنا درجة سميتها وتأثيراتها القاتلة , التي حولت البشر إلى حالات معادية لوجودها  الذاتي والموضوعي , وأوجدت تفاعلات  مناهضة  للقوة والنماء  والرقاء , فاندحر الوجود القائم في زوايا حادة مسلوبة الأوكسجين  , وممنوعة من التفاعل الحر تحت أنوار الأيام الساطعة.

ولا يمكن لواقع مسموم بالأفكار أن يتقدم ويحل مشكلة واحدة , لأن المسموم لا يعرف إلا أن يحتار بنفسه , والمعاناة من التسمم الذي أصابه , فلا يمكن للمسمومين أن يتقدموا ويتواصلوا بعطاءات ذات أبعاد إيجابية في الحياة , وإنما يصيبهم الخسران بالإنحدار إلى مواقع الضياع والبهتان الأليم.

وهذه المجتمعات لكي تتعافى وتتواصل وتصنع وجودا معاصرا ,عليها إن تراجع الأفكار المتحكمة بسلوكها , والمقيدة لحرية تفاعلها مع الآخرين من حولها وفيها!!

فهل ستمتلك الجرأة والشجاعة لمواجهة نفسها وواقعها؟!

 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


د . صادق السامرائي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2014/01/20



كتابة تعليق لموضوع : الأفكار المعلبة!!
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net