صفحة الكاتب : سيد صباح بهباني

الصفح من أخلاق الإسلام لا القتل والإرهاب!
سيد صباح بهباني

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
المقدمة|
 
من الأخلاق الاجتماعية  إن الأخلاق الحسنة كثيرة وعديدة وينبغي للسالك أن يهتم بها كلها ، لأن  
لكلّ منها أثره وثماره، وعدم الاهتمام بها سيؤدّي إلى الحرمان من فوائدها، وسنبيّن بعض تلك الأمور الأخلاقيّة التي تعدّ ضروريّة في حياتنا الاجتماعيّة، لأنَّ العبادة لا تقتصر في الإسلام على الصلاة، والصيام، والحجّ، والزيارة، والذكر، والدعاء، ولا تنحصر بالمساجد والمعابد والمزارات، بل يعتبر القيام بالمسؤوليّات الاجتماعيّة والإحسان وخدمة عباد الله إذا كان مع قصد القربة من أفضل العبادات، حيث يمكن أن يكون وسيلة لبناء وإكمال النفس والتقرّب من الله.
 
بسم الله الرحمن الرحيم
 
(وما خلقنا السماوات والأرض وما بينهما إلا بالحق وإن الساعة لآتية فاصفح الصفح الجميل *إن ربك هو الخلاق العليم ) سورة الحجر 85 ـ  86  .
( فَاعْفُواْ وَاصْفَحُواْ حَتَّى يَأْتِيَ اللّهُ بِأَمْرِهِ إِنَّ اللّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ) البقرة / 109 .  
وقال أيضاً : ﴿ وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ ﴾  المؤمنون / الآية 52.
( فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَنَسُوا حَظّاً مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ وَلا تَزَالُ تَطَّلِعُ عَلَى خَائِنَةٍ مِنْهُمْ إِلا قَلِيلاً مِنْهُمْ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ) المائدة /13
(فَاصْفَحْ عَنْهُمْ وَقُلْ سَلامٌ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ) الزخرف / 89 .
وقال سبحانه أيضاً  : ( وَلا يَأْتَلِ أُوْلُوا الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُوْلِي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ) سورة النورا/ 22 .
وقال سبحانه وتعالى  أيضاً : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلادِكُمْ عَدُوّاً لَكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ وَإِنْ تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) سورة التغابن / 14 .
 
﴿ إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَّسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُم بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ ﴾  الأنعام / 159 . وقال تعالى ﴿ كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ ﴾   الروم / 32 .
وقد نص الوحي القرآني على ذلك في قوله تعالى: (وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ) التوبة/ 6 .
(مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا وَلَقَدْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُنَا بِالْبَيِّنَاتِ ثُمَّ إِنَّ كَثِيرًا مِّنْهُم بَعْدَ ذَلِكَ فِي الْأَرْضِ لَمُسْرِفُونَ ) المائدة/ 32.
قبل أدخل في صلب الموضوع أريد أن أدين بعض علماء السوء والفتنة من الوهابيين وقرضاويهم وبعض مشايخهم الذين يفتون بقتل الناس وخصوص بأصحاب الشهادتين وخصوص المسلمين الشيعة وحتى من المسلمين السنة الذين لا يؤيدونهم تدير عليهم الدوائر وأقول لهم أن الإسلام هو دين السلام والمحبة الذين أوصى بالجار مهما كان دينه وإيمانه  والكل يعرف ماذا قال رسول الله صلى عليه وآله وسلم حول الجار إلى أن ظن بأنه سوف يرثه!
للجار في التصوّر الإسلامي مفهوم يرتبط بالخطّ الأخلاقي الذي يجمع الإنسان بأخيه الإنسان. لهذا حفلت النصوص الشرعية بضرورة تعميق أواصر الجيرة من خلال كفّ الأذى ، وتحمل الأذى المقابل ، في ظل سيادة منطق التسامح. وصل الجار وأوصى بالرفق بالحيوان وسوف أدرجها تحت أدناه للأسف أن أكثر هؤلاء العلماء أخذوا يفتون بقتل الناس وأتعجب كيف بفتوى بقتل مسلمين موحدين ومن أصحاب الشهادتين؟ ! ولو أن أساس القتل محرم في الإسلام والآيات القرآنية كثيرة وذكرتها أعلاه والآن أدخل في صلب الموضوع الذي ينور قلوب! 
لقد أمر الله سبحانه وتعالى المؤمنين أن يكونوا أمة واحدة ، متفقين غير مختلفين ، تربطهم أخوة الإيمان والمحبة فيه سبحانه وتعالى ، مجتمعين على كتاب الله ، وعلى سنة رسوله – صلى الله عليه وآله وسلم – وعلى فَهم الصالحين الذين سبقونا وأصحاب رسول الله والخلفاء الراشدين وخلفاء الرسول الأثنى عشر بعد الراشدين هم ابتداء بعلي أبن أبى طالب وينتهي بالخلف الصالح بضعة الله الحجة أبن الحسن عجل الله فرجه الشريف  على رسولنا أفضل الصلوات وعلى آله ، ونهاهم عن التفرق والتحزب والتعصب ، فقال تعالى : ﴿ وَلاَ تَكُونُوا مِنَ المُشْرِكِينَ * مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُم وَكَانُوا شِيَعًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ ﴾ الروم / 31 – 32 .
ولكن داء التحزب والتعصب والتفرق دبَّ إلى هذه الأمة كما دبَّ إلى الأمم سابقًا من قبلنا ، بل أكثر ، لقوله صلى الله عليه وآله  وسلم : (( وَإِنَّ هَذِهِ الْمِلَّةَ سَتَفْتَرِقُ عَلَى ثَلَاثٍ وَسَبْعِينَ : اثِنْتَانِ وَسَبْعُونَ فِي النَّارِ ، وَوَاحِدَةٌ فِي الْجَنَّةِ ، وَهِيَ الْجَمَاعَةُ ))   .
وقد حذر رسول الله صلى الله عليه وآله والخلفاء الراشدين و أئمة أهل البيت والإسلام من هذه الفرق والأحزاب أقصد الأحزاب الإسلامية التي كثرة بسم الإسلام اليوم والتي لا ربط لها بالإسلام وبنصوصه  . وإليك – أخي   :  نصوص في كتاب الله وسُنة نبيه – صلى الله عليه وآله وسلم –  حرم تعداد الجماعات والأحزاب  فيها وأن لا يوجد في كتاب الله وسنة نبيه الشريفة الأحزاب والجماعات والفرق و ليس في الكتاب ، ولا في السنة ، ما يبيح تعدد الجماعات والأحزاب ، بل إن في الكتاب والسنة ما يذم ذلك ؛ قال تعالى : ﴿ إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَّسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُم بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ ﴾ [سورة الأنعام : الآية 159] . وقال تعالى ﴿ كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ ﴾ [سورة الروم : الآية 32 ].
ولا شك أن هذه الأحزاب تنافي ما أمر الله به ، بل ما حثَّ عليه في قوله : ﴿ وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ ﴾ المؤمنون / 52 . ولا سيما حين ننظر إلى آثار هذا التفرق والتحزب ؛ حيث كان كل حزب وكل فريق يرمي الآخر بالتشنيع والسب والتفسيق ، وربما بما هو أعظم من ذلك .
لذلك فإنني أرى أن هذا التحزب خطأ و إنه لا يمكن للدعوة أن تقوى وتنتشر إلا إذا كانت تحت حزب كما يقول رؤوس الأحزاب  . فأقول  إن هذا الكلام غير صحيح ، بل إن الدعوة تقوى وتنتشر ، كلما كان الإنسان أشد تمسكًا بكتاب الله ، وسنة رسوله  صلى الله عليه وآله وسلم والأئمة المعصومين والعلماء الأعلام المرتبطين بالله وكتابه وسنة نبيه وآله  أكثر اتباعًا لآثار النبي  عليه الصلاة والسلام  وخلفائه الراشدين وأئمة الهدى عليهم السلام جميعاً .   
أن دين الإسلام دين كامل  أنزله الله تعالى ليسعد الخلق  وليعيشوا حياتهم بهناء وراحة بال وطمأنينة  فشرع الشرائع التي تضبط العلاقة بين العبد وربه  وكذا العلائق التي تكون بين البشر بعضهم ببعض  فكانت الأخلاق السامية؛ والفضائل العالية التي جاء بها الإسلام هي من أسمى الأخلاق التي عرفتها البشرية نبلاً وكرماً وسماحةً .  إن من بين الأخلاق الكريمة التي جاء بها الإسلام : خلق الصفح .
والصفح ترك المؤاخذة وتصفية القلب ظاهراً وباطناً  ولقد دعا الله جل وعلا إلى الصفح ودعاه بالجميل   فقال سبحانه وتعالى : { فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ } [ الحجر85 ] . وَالصَّفْحُ الْجَمِيلُ هُوَ الَّذِي لا عِتَابَ مَعَهُ  كما قيل  
الصفح أبلغ من العفو ، ولذلك قال الله تعالى : ( فَاعْفُواْ وَاصْفَحُواْ حَتَّى يَأْتِيَ اللّهُ بِأَمْرِهِ إِنَّ اللّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ) البقرة / 109 . 
قال أحد علماء البلاغة ولم يحضرني ولعله الكفوي : الصّفح أبلغ من العفو لأنّ الصّفح تجاوز عن الذّنب بالكلّيّة واعتباره كأن لم يكن أمّا العفو فإنّه يقتضي إسقاط اللّوم والذّمّ فقط  ولا يقتضي حصول الثّواب .
وقد جاء الأمر بالصفح في عدة مواضع من القرآن الكريم مقروناً بالعفو في بعضها ، وقد أمر الله سبحانه وتعالى نبيه محمداً صلى الله عليه وسلم بالصفح عن مناوئيه .
قال تعالى : ( فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَنَسُوا حَظّاً مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ وَلا تَزَالُ تَطَّلِعُ عَلَى خَائِنَةٍ مِنْهُمْ إِلا قَلِيلاً مِنْهُمْ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ) المائدة /13 .
وقال تعالى: (وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ والأرض وَمَا بَيْنَهُمَا إِلا بِالْحَقِّ وَإِنَّ السَّاعَةَ لآتِيَةٌ فَاصْفَحْ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ)  سورة الحجر / 85 .
وقال تعالى : (فَاصْفَحْ عَنْهُمْ وَقُلْ سَلامٌ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ) سورة الزخرف / 89 .
والمعروف هو أن اصفح عنهم ما يأتيك من أذيتهم القولية والفعلية، واعف عنهم  ولا يبدر منك لهم إلا السلام الذي يقابل به أولو الألباب والبصائر الجاهلين، كما قال تعالى عن عباده الصالحين : ( وإذا خاطبهم الجاهلون ) أي : خطابا بمقتضى جهلهم { قالوا سلاما } فامتثل صلى اللّه عليه وآله وسلم، لأمر ربه، وتلقى ما يصدر إليه من قومه وغيرهم من الأذى، بالعفو والصفح، ولم يقابلهم عليه إلا بالإحسان إليهم والخطاب الجميل .
فصلوات اللّه وسلامه على من خصه اللّه بالخلق العظيم، الذي فضل به أهل الأرض والسماء، وارتفع به أعلى من كواكب الجوزاء .
وقد تمثل النبي صلى الله عليه وآله وسلم بهذا الخلق الكريم أيما تمثل  بل كان صلى الله عليه وآله وسلم موصوفاً بالصفح والتجاوز؛ كما روى الإمام أحمد وغيره وأصله في الصحيح أن عائشة رضي الله عنها أنها سُئِلَت عن خلُق رسولِ الله صلى الله عليه وآله وسلم فقالت : (( لم يكن فاحِشًا ولا متفحِّشًا ولا صخَّابًا في الأسواق ، ولا يجزِي بالسيِّئة السيئة ، ولكن يعفو ويصفح )) 
وكان من صفحه الكريم ما فعله يوم فتح مكة كما روى البيهقي في سننه: فِيمَا حَكَى الشَّافِعِىُّ عَنْ أَبِى يُوسُفَ فِى هَذِهِ الْقِصَّةِ أَنَّهُ قَالَ لَهُمْ حِينَ اجْتَمَعُوا فِى الْمَسْجِدِ : ـ مَا تَرَوْنَ أَنِّى صَانِعٌ بِكُمْ؟  ـ . قَالُوا : خَيْرًا أَخٌ كَرِيمٌ وَابْنُ أَخٍ كَرِيمٍ. قَالَ : ـ اذْهَبُوا فَأَنْتُمُ الطُّلَقَاءُ ـ
كما أمر الله المؤمنين من عباده بالعفو والصفح ووعدهم بالرحمة والمغفرة إن هم فعلوا ذلك .
قال تعالى : (وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّاراً حَسَداً مِنْ عِنْدِ أَنفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ الْحَقُّ فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)  سورة البقرة / 109 .
وقال سبحانه : ( وَلا يَأْتَلِ أُوْلُوا الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُوْلِي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ) سورة النور ا/ 22 .
وقال سبحانه وتعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلادِكُمْ عَدُوّاً لَكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ وَإِنْ تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) سورة التغابن / 14 .
إنّ العفو والتجاوز لا يقتضِي الذّلَّةَ والضعف ، بل إنه قمَّة الشجاعة والامتنانِ وغلَبَة الهوى ، لاسيَّما إذا كان العفوُ عند المقدِرَة .
وكان الصفح من أخلاق من المؤمنين من الصحابة والتابعين  كما روى البخاري في صحيحه  والكافي والكليني : معلقاً حيث قال : وذُكِرَ عن إبراهيم النخعيّ قوله: “كانوا يكرَهون أن يُستَذَلّوا ، فإذا قدروا عفَوا  .
وقال الحسن بنُ علي  عليه السلام   : (( لو أنَّ رجلاً شتَمني في أذني هذه ، واعتذر في أُذني الأخرَى ، لقبِلتُ عذرَه) [ الآداب الشرعية لابن مفلح 1/319 )
وقال الفضيل بنُ عياض رحمه الله : (( إذا أتاك رجلٌ يشكو إليك رجلاً فقل : يا أخي ، اعفُ عنه ؛ فإنَّ العفو أقرب للتقوى ، فإن قال : لا يحتمِل قلبي العفوَ ، ولكن أنتصر كما أمرَني الله عزّ وجلّ فقل له : إن كنتَ تحسِن أن تنتَصِر ، وإلاّ فارجع إلى بابِ العفو ؛ فإنّه باب واسع ، فإنه من عفَا وأصلحَ فأجره على الله ، وصاحِبُ العفو ينام علَى فراشه باللّيل ، وصاحب الانتصار يقلِّب الأمور ؛ لأنّ الفُتُوَّة هي العفوُ عن الإخوان )) . أدب المجالسة لابن عبد البر 116.
وقال الْخَلِيلُ بن أحمد :
سَأُلْزِمُ نَفْسِي الصَّفْحَ عَنْ كُلِّ مُذْنِبٍ  ***** وَإِنْ كَثُرَتْ مِنْهُ إلَيَّ الْجَرَائِمُ
فَمَا النَّاسُ إلَّا وَاحِدٌ مِنْ ثَلَاثَةٍ  ***** شَرِيفٌ وَمَشْرُوفٌ وَمِثْلٌ مُقَاوِمُ
فَأَمَّا الَّذِي فَوْقِي فَأَعْرِفُ قَدْرَهُ    ***** وَأَتْبَعُ فِيهِ الْحَقَّ وَالْحَقُّ لَازِمُ
وَأَمَّا الَّذِي دُونِي فَأَحْلُمُ دَائِبًا   ***** أَصُونُ بِهِ عِرْضِي وَإِنْ لَامَ لَائِمُ
وَأَمَّا الَّذِي مِثْلِي فَإِنْ زَلَّ أَوْ هَفَا *****  تَفَضَّلْت إنَّ الْفَضْلَ بِالْفَخْرِ حَاكِمُ .
فهذا خلق الصفح الذي أمرت به الشريعة؛ وتلك نماذج من صفح سيد الخلق صلى الله عليه وآله وسلم؛ وذاك ما امتثل به الرعيل الأول؛ فهلا عاد هذا الخلق الكريم الذي كاد أن يندثر في حياة الناس؛ ويمتثله الذين ينتسبون لهذا الدين القويم؛ ليكون نبراساً لمن لا يعرف حقيقة الإسلام ويكون سبباً في هدايته ومحبته لهذا الدين وأن من أهم الطرق لتربية النفس والسير والسلوك ونيل مقام القرب، تربية الفضائل ومكارم الأخلاق في نفوسنا،
 وللفضائل الأخلاقيّة آثار جليلة في الدنيا والآخرة، ولذا أكَّدت عليها الآيات والروايات، وعن  الحر العاملي - وسائل الشيعة - مؤسسة آل البيت(عليهم السلام) لإحياء التراث- الطبعة الثانية - ج 8 - ص 506  :  عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : (( ما يوضع في ميزان امرئ يوم القيامة أفضل من حسن الخلق )) .
وقد ورد المجلسي - بحار الأنوار - مؤسسة الوفاد - بيروت لبنان - الطبعة الثانية المصححة - ج 68 - ص    385
قال : صلى الله عليه وآله وسلم  : (( إنَّ أحبَّكم إليّ وأقربكم منّي يوم القيامة مجلساً، أحسنُكم خُلُقاً وأشدُّكم تواضعاً))  .
وقد فصَّل المعصومون عليهم السلام الحديث عن حسن الخلق  ــ م. ن . ج 68 - ص 389 ــ فقد سُئل الصادق عليه السلام : ما هو حدّ حسن الخلق؟ قال عليه السلام : (( تلين جانبك، وتطيّب كلامك، وتلقى أخاك ببِشْرٍ حَسَنٍ)). من الأخلاق الاجتماعية   
إنَّ الأخلاق الحسنة كثيرة وعديدة، وينبغي للسالك أن يهتمّ بها كلها، لأنَّ لكلّ منها أثره وثماره، وعدم الاهتمام بها  سيؤدّي إلى الحرمان من فوائدها، وسنبيّن بعض تلك الأمور الأخلاقيّة التي تعدّ ضروريّة في حياتنا
الاجتماعيّة، لأنَّ العبادة لا تقتصر في الإسلام على الصلاة، والصيام، والحجّ، والزيارة، والذكر، والدعاء، ولا تنحصر بالمساجد والمعابد والمزارات، بل يعتبر القيام بالمسؤوليّات الاجتماعيّة والإحسان وخدمة عباد الله إذا كان مع قصد القربة من أفضل العبادات، حيث يمكن أن يكون وسيلة لبناء وإكمال النفس والتقرّب من الله. فالسير والسلوك في الإسلام لا يستلزم الانزواء، بل يمكن أن يكون من خلال قبول المسؤوليّات الاجتماعيّة وفي وسط المجتمع، والتعاون في الخير والإحسان، والسعيّ في حوائج المؤمنين، وإدخال السرّور إلى قلوبهم، والدفاع عن المحرومين والمستضعفين، والاهتمام بأمور المسلمين,وغيرهم من الرعية المتعايشين ضمن حق المواطنة وحق الحاكم  ويقول الإمام زين العابدين عليه السلام في  رسالة الحقوق : 
حق أهل الكتاب في بلدك :
   وحق الذمة أن تقبل منهم ما قبل الله عز وجل منهم، ولا تظلمهم ما وفوا لله عز وجل بعهده.(وتفي بما جعل الله لهم من ذمته وعهده ، وتكلمهم إليه فيما طلبوا من أنفسهم وأجبروا عليه ، وتحكم فيهم بما حكم الله به على نفسك فيما جرى بينك وبينهم من معاملة، وليكن بينك وبين ظلمهم من رعاية ذمة الله والوفاء بعهده وعهد رسوله ). 
حق أهل ملتك ودينك عليك : 
   وحق أهل ملتك إضمار السلامة لهم والرحمة لهم ، والرفق بمسيئهم ، وتألفهم واستصلاحهم ، وشكر محسنهم ، وكف الأذى عنهم ، وتحب لهم ما تحب لنفسك ، وتكره لهم ما تكره لنفسك ، وأن يكون شيوخهم بمنزلة أبيك ، وشبابهم بمنزلة إخوتك ، وعجائزهم بمنزلة أمك ، والصغار بالمنزلة أولادك .
 حق من تحكمهم عليك : 
   وأما حق رعيتك بالسلطان فأن تعلم أنهم صاروا رعيتك لضعفهم وقوتك ، فيجب أن تعدل فيهم ، وتكون لهم كالوالد الرحيم ، وتغفر لهم جهلهم ، ولا تعاجلهم بالعقوبة ، وتشكر الله عز وجل على ما آتاك من القوة عليهم .  وقضاء حاجاتهم، وحل مشاكلهم، ومساعدّة عباد الله؛ وكلّ هذه الأمور تعتبر في الإسلام من العبادات الكبيرة، وثوابها أكبر من عشرات الحجج المقبولة المبرورة وأن أحاديث كثيرة عن رسول الله في السماح والتعاون ومساعدة الناس وحث ليواصل المحبة ويروي الأخ الأستاذ الريشهري في كتابه ـ محمد ـ ميزان الحكمة ـ من الطبعة الأولي ج 3 ص 148. يقول
قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : ((الخلق عيال الله، فأحبّ الخلق إلى الله مَن نفع عيال الله، وأدخل على أهل بيت سروراً )).
انظروا لما ورد حول الحيوان والرفق به وحتى حرم والتمثيل من المثلة وهي تشويه الخلقة بقطع بعض الأعضاء .  فكيل إذن بالإنسان هذا الذي نفخ ربنا من روحه بآدم عليه السلام  لقوله تعالى  : { فإذا سويته و نفخت فيه من روحي } ..ولهذا حرم قتل النفس لقوله تعالى : (مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا) المائدة
وأقول لأصحاب الفتاوى فالإرهاب الوهابي السعودي جريمة ضد الإنسانية حتى لو كان الضحايا مدنيين إسرائيليين. (ولا تزر وازرة وزر أخرى )
و نفس الشيء عن الشيعة و كل الطوائف و الديانات الإسلامية، لا أحد يمكنه فرض رأيه و دينه بالقوة و الإرهاب فكيف أن بندر بن سلطان جند الإرهابيين لقتل الناس في كل من العراق وسوريا ولبنان واليمن ومصر وتونس ويجب على مجلس الأمن وهيئة الأمم المتحدة ومنظمات حقوق الإنسان أن يدين آل سعود وحكام قطر والتسرع لتسليم القرضاوي والعرعور والعريفي وغيرهم من علماء الفتن في دول الخليج وللعلم أن مادام الوقت يسع لمحاكمة المفتين لقتل الناس ومحاكمتهم خير من أن تعم البلوى في كل العالم وخصوص في أمريكا وأوربا وحتى في إسرائيل وتركيا الذين يساعدوا بعض الإرهابيين . واترككم مع شحنة من الأحاديث التي روية عن الرسول محمد صلى الله عليه وآله بحق الرفق بالحيوان :
عن ابن مسعود رضي عنه قال : كنا مع رسول الله - صلى الله عليه  وآله وسلم- في سفر فانطلق لحاجته، فرأينا حُمَّرَةً معها فرخان فأخذنا فرخيها، فجاءت الحمرة فجعلت تفرش. وفي رواية ترفرف على رأس رسول الله ورأس أصحابه .
فقال -صلى الله عليه وسلم- فقال: "من فجع هذه بولدها؟ ردُّوا ولدها إليها" رواه أبو داود وأحمد وغيرهما وهو حديث صحيح في السلسلة الصحيحة رقم 25 .
وروي عن رسول الله : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ((بينما رجل يمشي بطريق، اشتد عليه العطش، فوجد بئراً فنزل فيها، فشرب و خرج، فإذا كلب يلهث، يأكل الثرى من العطش، فقال الرجل: لقد بلغ هذا الكلب من العطش مثل الذي كان بلغ مني، فنزل البئر فملأ خفه ثم أمسكه بفيه،حتى رقي ، فسقى الكلب فشكر الله له فغفر له). فقالوا: يا رسول الله، وإن لنا في البهائم أجراً؟ فقال: صلى الله عليه وسلم (في كل ذات كبد رطبة أجر). رواه البخاري ومسلم .
عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما : أن رسول الله صلى الله عليه  وآله وسلم قال: (عذبت امرأة في هرة سجنتها حتى ماتت ، فدخلت فيها النار ، لا هي أطعمتها وسقتها إذ حبستها ولا هي تركتها تأكل من خشاش الأرض ).رواه البخاري ومسلم
عن ابن عمر رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله يقول : لعن الله من مثل بالحيوان ) رواه النسائي وأحمد .
عن سعيد بن جبير قال : مرّ ابن عمر بفتيان من قريش قد نصبوا طيراً وهم يرمونه وقد جعلوا لصاحب الطير كل خاطئه من نبلهم ، فلما راوا ابن عمر تفرقوا ، قال ابن عمر من فعل هذا ؟
لعن الله من فعل هذا ، إن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، لعن من اتخذ شيئاً فيه الروح غرضاً ) رواه مسلم .
لكن الرسول الكريم صلى الله عليه وآله وسلم قد حث على حسن معاملة الحيوان منذ أكثر من 1435 سنة وجعل النار جزاء من يعذب الحيوان أو يقتله دون سبب
وربما يعرف الكثيرون قصة المرأة التي دخلت النار لأنها حبست هرة حتى ماتت
في الحديث الذي أخرجه الشيخان عن ابن عمر رضي الله عنهم
(عذبت امرأة في هرة حبستها حتى ماتت فدخلت فيها النار , لا هي أطعمتها وسقتها اذا هي حبستها, ولا هي تركتها تأكل من خشاش الأرض )
وفي رواية أخرى
(دخلت امرأة النار في هرة حبستها فلا هي أطعمتها ولا جعلتها تأكل من خشاش الأرض )
أي أن الأعمال الصالحة لهذه المرأة قد ضاعت بإصرارها على تعذيب مخلوق صغير بدون سبب
وكما كان الحيوان سببا" في دخول امرأة للنار كان سبب في دخول رجل للجنة " وهو كما ذكرته الرجل والبئر والكلب الملهوف . للأسف اليوم بعد 1435سنة يفتون الوهابية وعلمائهم والأخوان بقتل المسلمين ويذكرهم الشيعة وللعلم أن ما يحدث في العراق واليمين ومصر وسوريا ولبنان وتونس والجزائر وليبيا هم ليس فقط من المسلمين الشيعة بل يستهدفون كل المواطنين وأياً كان المهم أن الحديث يقول : ( إن الله إذا أحب أهل بيت أدخل عليهم الرفق ) صحيح الجامع 1704 , وتوجد مجلدات لا تعد ولا تحصى من الأحاديث الرسول والخلفاء الراشدين وأئمة أهل البيت على جميعهم سلام الله واليوم نحي الجيش لتطهير الوطن من أيدي الإرهابيين القتلة وأدعو لأمهات أثكلا بأبنائهن من جراء الإرهابيين والفتاوى الباطلة الذين يتزعمونه آل سعود وحاكم قطر وببغاءهم القرضاي وأدعو لهن بالصبر والسلوان وأنهم حقيقة شهداء قتلوا بغير ذنب وكل كان في مسيره لجهاد عمله أو للجامعة أو المدرسة أو للدائرة أو لمحله ومصدر رزقه أناشد كل الدول الكبرى والمنظمات الإنسانية والساسة الأمريكان وعلى رئسهم حمامة السلام بارك أوباما ورئيسة وزراءنا السيدة مركل التي تعد من أنظف القلوب لدعم الإنسانية والسيد بوتن وأكرر قولي بأن الله لا يرحمكم يا آل سعود وحكام قطر وبعض الأمراء والمشايخ الخليجين أهل الفتاوى التي تلطخت أيديهم بدماء العراقيين والسورين والمصرين واللبنانيين واليمنيين ولا تنسوا الآية من سورة الشعراء 277 ( وسيعلم الذين ظلموا) ..يدا بيد للتعاون والتآخي لشد اللحمة ونصرة الجيش والأيتام والأرامل والمعوقين والمسنين فليتنافس المتنافسون والله خير حافظ وهو أرحم الراحمين .

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


سيد صباح بهباني
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2014/02/06



كتابة تعليق لموضوع : الصفح من أخلاق الإسلام لا القتل والإرهاب!
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net