صفحة الكاتب : علاء كرم الله

أنتصار الأمية والجهل!
علاء كرم الله

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
منذ تأسيس الدولة العراقية عام 1921 وحتى الان يعيش المجتمع العراقي صراعا قويا وواضحا بين مفهوم البداوة والحضارة! رغم ما بذلته  الحكومات التي توالت على حكم العراق من ملكية وجمهورية من جهود في سبيل الأرتقاء بهذه الأمة كلا على طريقته وسياسته .ورغم حالة الشد والجذب بين هذين المفهومين)البداوة – الحضارة)  على مر ذلك التاريخ، الا أنه ومع الأسف الشديد أن حالة البداوة والتخلف والأمية والجهل  هي التي أنتصرت وسادت أخيرا!! وما أدل على ذلك  المظاهر التي نشاهدها في كل مفردة من مفردات  تعاملنا اليومي والتي تفتقد الى أبسط مقومات التعامل الحضاري والأنساني وحتى الأخلاقي!!، حتى أنني بت أشك! ،هل أننا فعلا ابناء وورثة تلك الحضارة العريقة التي أمتد عمرها لأكثر من 6000 عام !! والتي قدمت للعالم كل فنون العلم والمعرفة والأدب؟!. فالشارع العراقي جله من الأجيال الأخيرة (الثمانينات والتسعينات)، ونسبة كبيرة منهم لم يكملوا حتى التعليم الأبتدائي والمتوسط!، والمؤلم أن هذه الأجيال تربت على ثقافة العنف واللاقانون وأفكار العشيرة والمذهب والطائفة وعلى مشاهدة صورالحروب والموت وحتى آذانهم تربت  على سماع صوت القنابل والصواريخ وأغاني الحرب وتمجيد القائد الضرورة!! بدل ان تتربى على سماع الموسيقى الراقية والأغاني الجميلة والعذبة واغاني تحكي عن حب الوطن، في ظل غياب واضح للدولة منذ فترة النظام السابق وحتى الان، في كيفية وضع سياسة لأعادة بناء الأنسان بناء صحيحا يقوم  على المثل الأنسانية والقيم الأخلاقية العالية في محاولة للحد أو تشذيب طبائع هذه الأجيال من حالة الأضطراب والتشويش الفكري والنزعات المريضة والتي سببتها وخلفتها لهم  تلك الحروب. ولكن الشيء المؤلم أن هذه الأفكار والنزعات المريضة تعمقت وترسخت أكثر من بعد  سقوط النظام السابق؟!، بسبب من توجهات بعض الأحزاب السياسية, فأنفتحت كل سبل الحياة ورغيد العيش أمام الجهلة والأميين  وأنصاف المثقفين والمتعلمين! حتى غصت بهم كل مرافق الدولة ووزاراتها ومؤوسساتها فصار الكثير منهم رؤوساء للعديد من دوائر الدولة ومؤوسساتها !!. (أحد مدراء الدوائرالذي ضحكت لهم الأقدار والظروف من هذه النماذج والذي أصبح مديرا عاما لأحدى دوائر الدولة، طلبت منه سكرتيرته أن يؤشر(يهمش) على البريد فكتب عبارة (همشت!!) وهذه ليست قصة مختلقة أبدا بل قصة حقيقية! يعرفها غالبية العراقيين وخاصة موظفي الدوائر. أما الشريحة المثقفة والمتعلمة والتي تنبذ مثل هذه الأفكار والمفاهيم فقد وجدت نفسها بأنها هي الوحيدة التي تسمع صدى صوتها فقط!! فلا أحد  يسمعها غيرها!، بحكم صورة هذا الواقع الأجتماعي المرير ومشهده المتسم بالتخلف فأضطرت للأنزواء جانبا مكتفية بحرق أعصابها على ما يجري وبقلوب دامية!!، بعد أن صارت على يقين تام بأنها لا قبل لها بهذا الصراع أمام الغوغاء والجهلة وأنصاف المثقفين والمتعلمين الجدد الذين شغلوا الكثير من ميادين الحياة العراقية وغالبية دوائر الدولة  ومؤوسساتها ، ليس لضعف في تلك النخب المثقفة!! ، بل لأنهم لا يمتلكون أصلا أية أدوات لهذا الصراع المتخلف العشائري والقومي والطائفي والمذهبي، وأيضا لأنهم أي المثقفين لا يعرفون وحتى لا يفقهون التعامل بشعار( أن لم تكن ذئبا أكلتك الذئاب!!) ذلك الشعار الذي يعبر عن صورة المشهد العراقي الحالي بكل تفاصيله !!. صحيح أن الأنسان أبن بيئته التي يعيش فيها ألا أن الكثير من العراقيين، ومع الأسف ميالون الى الفوضى والهوسة! وعدم أحترام النظام والقانون ويسخرون من شيء أسمه الثقافة والمثقف!!. وليس من باب التشاؤم أذا قلنا ان كل مفردات ومظاهرحياتنا اليومية التي نعيشها والتي ننام على همومها ونصحوا على هموم اكبروأكثر منها لا تعطينا أية بارقة أمل بأننا  حتى  في المستقبل القريب سوف نخرج من النفق المظلم والمستنقع الآسن والمليء بالتخلف والجهل والأمية الذي كتب علينا أن نعيش ونحيا فيه منذ عقود طويلة وما زلنا!. ان الشعوب والحكومات هي التي تخلق وتصنع الحياة ولا أعتقد أننا وحتى في المستقبل البعيد نستطيع أن نخلق ونصنع ذلك!!. وفي هذا السياق وجدت من المناسب أن انقل موضوعا قرأته: كتب في مجلة التقدم العدد 4 في 21/ 7/1945 عنوانه (طريق النجاح) يقول الموضوع :: أن رجلا قال لصديق له عرف عنه الثقافة والمعرفة والميل الى الدرس والبحث والكتابة  وهو يحاوره ( أراك قد أنصرفت عن البحث والدرس والكتابة فما أراك تحمل كتابا أعتدت أن تحمله من قبل ولم أقرأ لك شيئا تكتبه منذ زمان.فأجابه صديقه المثقف قائلا: لقد بعت كل ما أملك من كتب من غير ما حاجة الى ثمنها! لأني رأيت الأميين والجهلة وأشباههم تنفتح أمامهم الأبواب، فأردت ان أتشبه بهم لعلي ألقي  بعض ما يلقون من نجاح!!) الى هنا أنتهى الموضوع. وأنا أقول: ما أشبه البارحة باليوم!!.

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


علاء كرم الله
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2014/02/08



كتابة تعليق لموضوع : أنتصار الأمية والجهل!
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 

أحدث التعليقات إضافة (عدد : 1)


• (1) - كتب : نبيل مجمود ، في 2014/02/09 .

السلام عليكم قد كتبت في مقالك ان صديقا وهو يحاورة ويقلوللصاحبه اراك قد تركت كل شىء من الدراسه والقراءه فاءجاب له لقد ببعت كل شىء وكل ما املك من كتب قيمه فلا حاجتي لها ولا لثمنها................ ......................... ......................................... ,والله لقد ناءثرتبهذةالكلمات فالمثقفون والادباء والعلماءالعراقيين لقد نهمشواةلا احد يساءل عليهم بالرغم لحاجتهم للمال لاعانتهم وترفيه عوائلهم وانفسهم وصدة الامام علي عليه السلام وكرم الله الله وجه حين قال لو ان الفقر رجلا لقتلته وعلى هذا الاساس اتجهو هولاء الشريحه من العلماء المثقفين الى اشخاص جهلة ومن شابههم لعلهم يجدون ما تفتح لهم ابواب الخير ...................يالله الهذا الحد وصل بنا بتهميش الادباء والمفكريين والمثقفيين وتهميشهم لان الوعود التي وعدوها بها من مكانتهالتي تروق يهم هو ااذي دفعم اللجوء اليهم فياخسارة هولاء الشريحه الغاليه من العراقيين العقلاء ,,,,,,,,,,,,,,,,,صدقت يا استاذي االكريم ما اشبه البارحه باليومممممممم




حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net