صفحة الكاتب : محمد السمناوي

الحياء في حديث العترة الأصفياء عليهم آلاف التحية والثناء القسم الأول
محمد السمناوي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
مقدمة البحث
الكلمات النورانية الصادرة من أهل بيت العصمة والطهارة هي من الكنوز والمعارف الإلهية التي لا تعد ولا تحصى , ومن أثار وأسرار ذلك أنها تنير عالم الدنيا حيث أن كلماتهم نور وأمرهم رشد .
الأحاديث هي : عبارة عن حقائق مطلقة نجد فيها الخير الكثير , والسعادة في الدارين لمن تمعن فيها , وحفظها وطبقها في حياته حيث تعطيه الشحنات الإيمانية , والحركة والسير تجاه تطبيق أخلاق السماء , والأخلاق النبوية والعترة الهادية عليهم أفضل الصلاة والسلام .
ذكرنا في هذا الكتاب الآيات القرآنية التي يستدل بها على الحياء,وفي تعريفه , وأقسامه وأثاره وأجزائه , وكذلك الروايات المتعلقة بحياء الإنسان , فهناك حياء متعلق بالمرأة , وحياء متعلق بالرجل , وكذلك ذكرنا أهمية الحياء وزراعته عند الأطفال في مرحلة الطفولة , بل للمحافظة على الحياء الموجود عندهم باعتباره انه أمر فطري ملازم للإيمان , وكذلك ذكرنا الحياء المتعلق بالأقوال والأفعال , وبالمنظر الخارجي ( الملبس ) , كما اشرنا إلى نماذج من هذا الحياء في حياة الرسل والأنبياء والصلحاء , وان الأنبياء جميعا من أدم إلى الخاتم صلى الله واله وسلم كانوا من أهل الحياء والعفة , ويترتب على ثمرة هذا البحث أن نسعى لكي نتخلق بهذا الخلق الإلهي النبوي , وقد ذكرنا أسباب فقدان الحياء , ووضعنا بعض الحلول وطرق ثمان في علاج قلة الحياء , كما إنا ندعوا في هذه المرحلة الحرجة إلى الوعي , وتثقيف الشباب , والتصدي العلمي , والثقافي إلى المنظمات التي تخطط في تمزيق الحياء في مجتمعاتنا الإسلامية , وخلق أجيال لا تستحي من كشف عوراتها أمام الناس , ونحن نعيش حالة الانفتاح مع الغرب , وتبادل الثقافات بسبب شبكات الانترنيت , وبرامج الاتصال الاجتماعي والفضائيات والصحف والمجلات وغيرها , وان حياة وسعادة الأمم في حياءها , وموتها وزوالها في نزعها لجلباب الحياء . 
استخدمنا العبارات الواضحة والسلسة , وابتعدنا كل البعد عن الغموض في بيان محتويات هذا البحث , وكانت الخاتمة في علاج قلة الحياء والتهتك , وقد اعتمدنا على أهم المصادر القديمة والحديثة في علم الأخلاق , وارجوا أن لا يكون كلامي هذا من نافلة القول , والحمد لله أولا وأخرا , وظاهرا وباطنا .
الحياء في القران والسنة المطهرة 
أشار القران المجيد بشكل واضح وصريح عن الحياء بمختلف التعابير, وفي شتى الأصعدة والمجالات لأهمية هذا الخلق الفطري , فهو من الصفات الأخلاقية الحميدة , والذي له قيمة كبيرة في النفوس , والعلاقات الاجتماعية حيث يجعل محيط الإنسان بعيد كل البعد عن التلوث , والتهتك والابتعاد من المفاسد والرذائل الأخلاقية .
منها : الحياء في الجوارح ( اللسان ) كما في قوله تعالى : (وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ كَذَلِكَ زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةٍ عَمَلَهُمْ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ مَرْجِعُهُمْ فَيُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ)( ).
وقال تعالى : (يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفًا )( ) , وهذا النوع من الحياء هو في طريقة التكلم , حيث أشار القران الكريم إلى ترقيق الصوت للأجنبي المصاب بالمرض القلبي يمزق الحياء والعفة عن الأنوثة. 
الحياء في (النظر) قال تعالى : (قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آَبَائِهِنَّ أَوْ آَبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ)( ).
قد ذكرنا في كتابنا السابق العديد من تلك الآثار السيئة مع طرق علاجها فراجع( ),وسوف نذكر في مستقبل هذا البحث أن قلة الحياء في النظر تؤثر صحيا على خلايا الدماغ , ويمكن أن تؤدي إلى شيخوخة مبكرة بسبب تلف خلايا دماغه هذا ما أثبتته الدراسات والبحوث العلمية الايطالية حينما اكتشفوا بواسطة جهاز المسح المغناطيسي الكثير من أسرار الدماع .
الحياء أثناء المشي قال تعالى : (فَجَاءَتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاءٍ قَالَتْ إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا فَلَمَّا جَاءَهُ وَقَصَّ عَلَيْهِ الْقَصَصَ قَالَ لَا تَخَفْ نَجَوْتَ مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ )( ) .
منها : الحياء في حالة دخول البيوت والاستئذان قال تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنْكُمْ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ مِنْ قَبْلِ صَلَاةِ الْفَجْرِ وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَابَكُمْ مِنَ الظَّهِيرَةِ وَمِنْ بَعْدِ صَلَاةِ الْعِشَاءِ ثَلَاثُ عَوْرَاتٍ لَكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلَا عَلَيْهِمْ جُنَاحٌ بَعْدَهُنَّ طَوَّافُونَ عَلَيْكُمْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآَيَاتِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ وَإِذَا بَلَغَ الْأَطْفَالُ مِنْكُمُ الْحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُوا كَمَا اسْتَأْذَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلهِمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آَيَاتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ )( ).
منها : الحياء في الضيافة قال تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَى طَعَامٍ غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ وَلَكِنْ إِذَا دُعِيتُمْ فَادْخُلُوا فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانْتَشِرُوا وَلَا مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِي مِنْكُمْ وَاللَّهُ لَا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ وَمَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ وَلَا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَدًا إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمًا)( ). 
والمراد من ذلك أن لا تكونوا في حالة انتظار لوقت الطعام , بأن تدخلوا قبل النبي صلى الله عليه واله وسلم , وتطيلون المكوث والجلوس , وغير ماكثين بعد الطعام مشتغلين بالحديث , والتفكه فان النبي الخاتم ص واله يستحي أن يطلب منكم الخروج , فهذا من أوضح مصاديق الحياء النبوي الذي ذكر في القران الكريم .
منها : الحياء الاقتصادي قال تعالى : (لِلْفُقَرَاءِ الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا يَسْتَطِيعُونَ ضَرْبًا فِي الْأَرْضِ يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاءَ مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُمْ بِسِيمَاهُمْ لَا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ )( ) .
منها : الحياء بالأعمال , ويمكن أن نستدل على ذلك بقوله تعالى : (أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى )( ) , وهي دالة على تقدم العلم للخلق الحسن , والحياء ينبثق من الايمان والعلم بان الحق تعالى يرى عباده حيث ما كانوا , كما سوف يتبين في خطب ومواعظ الامام علي عليه السلام 
 
الحياء لغة : هو عبارة عن انقباض النفس عن الشيء القبيح , وتركه من اجل مخافة الذم , وبخلافه الوقاحة والبذاءة .
والحياء باصطلاح الشرع هو : ما يقع على وفق الشريعة , وهو من الصفات الفطرية الحميدة في الدارين , وهو نوعان: نفساني، وأيماني والأول : هو الذي خلقه الله تعالى في النفوس، وهذا ما نصطلح عليه بالحياء الفطري ومثاله :كالحياء من كشف العورة، والمضاجعة بين الناس, والثاني : هو أن يمنع المؤمن من فعل الذنوب والموبقات خوفاً من الحق تعالى. 
 
أهمية الحياء:
إن التخلق بهذا الخُلق الإيماني الرفيع تكمن أهميته في ملازمة التقوى , والامتناع عن النواهي والامتثال للأوامر الإلهية , وان ترك ذلك يعد من العيب والنقص والمبغوضية الشديدة عند العقلاء والمتشرعة , وانه من كمال الإيمان , وانه منبع الخير كله , وقد أشار النبي الخاتم صلى الله عليه واله وسلم إلى هذه الحقيقة بقوله : ( الحياء من الإيمان ) .
 
المصدار والهوامش :
1- سورة الأنعام : الآية 108 .
2- سورة الأحزاب : الآية 32.
3- سورة النور : الآية 30/31. 
4- الآثار السلبية في النظر إلى المرأة الأجنبية ص 25 للمؤلف .
5- القصص : الآية 25.
6- سورة النور الآية : 58 / 59
7- سورة الأحزاب الآية : 53 .
8- سورة البقرة الآية: 273 .
9 - سورة العلق الآية : 14
10- مصباح الشريعة المنسوب للأمام الصادق عليه السلام ص 82 , بحار الأنوار : 51 , ص 385

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


محمد السمناوي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2014/03/05



كتابة تعليق لموضوع : الحياء في حديث العترة الأصفياء عليهم آلاف التحية والثناء القسم الأول
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 

أحدث التعليقات إضافة (عدد : 1)


• (1) - كتب : ابو كميل ، في 2014/03/05 .

احسنت شيخنا من اروع ماقرئت وفقكم الله وننتظر الكثير من ابدعاتكم




حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net