الانسان لا يكون سياسياً بالولادة، لا يختلف على ذلك اثنان، فإن لعالم السياسة أبواباً لا محيص من سلوك طرقها، والدخول من خلالها. فإما ان تعمل في معارضة نظام راهن لتكون في زمرة سياسيي الحكم القائم على أنقاضه، او تتدرج في سلّم حزب ناشط من أبسط مراتب الانتماء لتبلغ صفوفه المتقدمة فتصبح صوتا مسموعا في اتخاذ قراراته، او تشترك في تأسيس حزب او حركة تلج السياسة حتى تصير فيها رقماً مؤثراً.
هذا ما جرى ويجري في أغلب بقاع الارض، أما في العراق فلم تكن الامور على هذا المنوال مع جميع الوجوه البارزة في الوسط السياسي منذ ما بعد سقوط صنم بغداد والى اليوم، فقد أفرزت لنا ظروف وعوامل عدة طائفة من السياسيين يجدر بنا ان نطلق عليهم تسمية (ساسيي الصدفة).
فإنهم لم يدخلوا مسرح القرار السياسي ويصيروا جزءاً من مشهده، إلا من خلال صدفة محضة تكون أقرب في بعض الاحيان الى الطرفة منها الى الجدية.
ولاني عاصرت هذه المرحلة من تاريخ العراق بكل تفاصيلها منذ 9/ 4 /2003، بل ربما كنت في أحيان كثيرة جزءاً منها ومشاركاً فيها بدرجة وأخرى، فقد شهدت عن كثب كيف أن الصدفة – ولا شيء غيرها- قذفت بأشخاص في عالم السياسة ولم يكن يخامر أحدهم ذلك يوماً في يقظة أو منام.
وطبيعي ان تصيب شخصاً كهذا نوعاً من الهستيريا، فينهمك في الاستئثرا بكل ما قد يجود به موقعُه الجديد، خوفاً من زوال الفرصة، ويعمل على ترسيخ وجوده وتأكيد حضوره بكل وسيلة ممكنة.
نعم لقد كنت شاهداً كيف أن المحتل الأمريكي فرض مترجماً له حلياً ليمثل بابل في مجلس الحكم فيصير واحداً من 25 شخصية عراقية، وكنت حاضراً بلحمي ودمي عندما اصطحب ممثلو بابل إمرأة لتكميل حصة النساء في الجمعية الوطنية الاولى، فتقرر بالقرعة أن حصة بابل من المائة عضو ينبغي ان تكون امرأة، فيتنازل الوافدون من بابل عن منتخبهم لصالحها دون سابق تحضير وإعداد، وتصير لاحقا في عداد الشخصيات الاكثر متابعة في البلد، ولم أكن بعيداً حين جرى التنافس على منصب في بابل بين شخصيتين مرفوضتين حينها، ليرشح أحدهم جاراً له بعيداً عن الاحداث كل البعد، وهل أنسى آخر لم يحالفه الحظ في بلوغ مُناه كلما حاول ذلك ، لكن الصدفة لعبت دورها فدفعت بزوجته للصدارة فأفادته واستفادت.
ولو شئت ان اقول كل ما أعرف وأذكر كل ما شاهدت، لكتبتُ ضعف هذه الأسطر، لكنها شِقشِقة هَدرتْ ثم قرّتْ، ولا حول ولا قوة إلا بالله
قناتنا على التلغرام :
https://t.me/kitabat
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat