صفحة الكاتب : محمد السمناوي

لمحة من حياة وتراث الامام موسى بن جعفر عليه السلام
محمد السمناوي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
الحديث عن التأريخ المشرق الوهاج للائمةالأطهار عليهم السلام من اجمل ألوان الحديث ، وان السيرة العطرة المضمخة بالأريج هي من أعذب السير .
وان كلماتهم اجمل وأحلى الكلمات ، حيث كلامهم نور وأمرهم رشد ، ووصيتهم التقوى ، وفعلهم الخير وعادتهم الإحسان ، وسجيتهم الكرم كما ورد في الزيارة الجامعة الكبيرة المنسوبة للإمام الهادي عليه السلام . 
 
فهم القادة العظام ، وأبواب علم النبوة ، وخزان كنوز الوحي ، وحاملي اسرار التنزيل فهم الاسلام الاصيل ، والعالم اليوم يجب ان ينظر الى القيم والفكر والعقيدة الاسلامية من نافذة هذا البيت المقدس المطهر . 
ومن هذا البيت وفيه ولد الامام موسى بن جعفر عليه السلام ، وهو سابع الحجج الإلهية ، والأنوار الربانية التي تجلت في العترة الهادية ( ع ) .
الحديث عن الامام الكاظم عليه السلام يقع في عدة محطات مهمة .
الاولى : الحياة الشخصية وشؤونه الذاتية .
الثانية : في الكنية واللقب والزوج والولد .
الثالث : إشارات عابرة الى بعض ما عانى هذا الامام في تلك الحقبة الاولى من عمره من الآلام وهموم وشدائد في حياة ابيه الامام الصادق عليه السلام .
رابعا : ذكر بعض شهادة العامة والخاصة بكثرة الكرامات من مرقده الطاهر .
خامسا : ذكرالتراث العلمي الذي تركه الامام عليه السلام من بعده .
سادسا : تلامذته ، وحمال علمه وأحاديثه .
ثامنا : كيفية شهادته عليه السلام 
علما ان كل فقرة من هذه الفقرات تحتاج الى بحث مستقل .
ولد الامام عليه السلام في السابع من شهر صفر سنة 129 وقيل سنة 128 على الأرجح في يوم الأحد وقيل يوم الثلاثاء ، في الابواء وهو منزل يقع مابين مكة والمدينة في رحلة العودة الى مدينة النبي الخاتم صلى الله عليه واله .
امه : السيدة الطاهرة القديسة حميدة المصفاة قيل انها من بلاد الأندلس مغربية ، وقيل من إشراف الأعاجم ؛ فعن الامام ابو عبد الله عليه السلام قال : حميدة مصفاة من الأدناس كسبيكة الذهب مازالت الأملاك تحرسها ..، وقد أقسمت - حميدة - انها رأت في منامها انها نظرت الى القمر في كبد السماء وقد وقع في حجرها ، فقال الامام الصادق عليه السلام : انها سوف تلد مولودا ليس بينه وبين الله حجاب . 
نشأ الامام ع في بيت العصمة والطهارة ، وتتلمذ في مدرسة زعيم الشيعة ورائد العلم بمختلف الميادين ابوه الامام ابو عبد الله الصادق عليه السلام صاحب الجامعة العملاقة في شتى العلوم والمعارف في الطب والتشريح والهندسة والكيمياء والفيزياء والبيئة .
كنيته الشهيرة : ابو الحسن ، وقد يكنيه البعض بابي الحسن الاول من اجل التمييز بينه وبين الرضا والهادي عليهما السلام ، وقد ورد في بعض المصادر كما في تهذيب الطوسي ومقاتل الطالبيين والمناقب والبحار ومطالب السؤول والإرشاد وغير كثير من ان هناك كنى اخرى له عليه السلام منها ( ابو ابراهيم ) ، ( ابو اسماعيل ) ، ( ابو علي ) ، ومن يراجع التاريخ جيدا يجد ان اغلب هذه الكنى قد أطلقت عليه متأخرة ، بخلاف الألقاب فان من الصعوبة ان تحدد أيهما الأقدم من الاخر ، الا ان يمكن تحديد الأقدم منها من باب الشهرة من بقية الألقاب الاخرى الا وهو ( الكاظم ) وسبب تسمية ذلك لتجاوزه عن المسيئين اليه ، وهذا من شدة الحلم وكظمه للغيظ .
وتارة يلقب ( بالعبد الصالح ) وأخرى بزين المجتهدين ، هذا عندما كان مقيما في المدينة المنورة ، ومن يدقق بالألقاب كثيرا يجد ان بعضها كانت في حياته والأخرى كانت بعد شهادته صلوات الله عليه .
ومن الألقاب التي كانت في حياته ( المأمون ، الطيب ، الأمين ، الصابر ، الزاهر ، الوفي ، السيد ) وغيرهن اما نحن في العراق نطلق عليه هذا اللقب ( باب الحوائج الى الله تعالى ) بسبب اننا نلاحظ ونشاهد الكثير من الكرامات التي خرجت عن حد الإحصاء ، فما اكثر المرضى الذين قد حصلوا على الشفاء التام ، وقد عجز الأطباء عن تشخيص امراضهم ، وقد اشتهر ذلك بين الخاص والعام ، حتى انه ما أصاب احدهم مكروه الا فرج الله عنه بمجرد ذكر اسمه الشريف ، وما استجار بضريحه احد الا قضيت حوائجه ورجع مثلوج القلب مستريح الضمير .
ذكر الخطيب البغدادي عن واسطتين من أكابر علماء الحنابلة عن ابي علي الخلاّل : شيخ الحنابلة والزعيم الروحي لهم يقول ما اهمني امر فقصدت قبر موسى بن جعفر الا سهل الله لي ما احب ، انظر تاريخ بغداد ج1 ص 132 طبعة الكتب العلمية بيروت لبنان( تاريخ 1417) . 
ويقول الامام الشافعي : قبر موسى بن جعفر الترياق المجرب .
وقد أجاد من قال :
لذ واستجر متوسلا ان ضاق أمرك او تعسر بابي الرضا جد الجواد محمد موسى بن جعفر 
سماته وصفاته الجسدية : فقد ذكر المؤرخون انه كان كثّ اللحية أزهر ، واسمر اللون حسن الصوت ، وكان عندما يقرأ القران يحزن ويبكي الاخرين ، ومن أراد مراجعة تلك الصفات فلينظر الى المناقب والبحار وعمدة الطالب والإرشاد والفصول المهمة والاحتجاج ، وغيرهن . 
مدة الإمامة : كانت 35 سنة كلها عطاء وعلم وفقه ، عمره الشريف 55 سنة وقد رزقه الله الذرية المباركة وقد وقع الخلاف في عددهم .
بين يدي الان كتاب الإرشاد وكفاية الأثر والصواعق المحرقة والمناقب وتذكرة الخواص والبداية والنهاية وتاريخ اليعقوبي ومطالب السؤول وسير أعلام النبلاء وعمدة الطالب وينابيع المودة وبحار الانوار ، وبمراجعة سريعة فيها وجدت خلافا بين أعداد ذرية الامام موسى بن جعفر عليه السلام فبعضها ذكرت انهم بلغوا سبعة وثلاثين ، وقيل ثلاثون ، وقيل أربعون وقيل غير ذلك ، فمن الناحية العلمية لابد من مراجعة اقدم المصادر في ذلك فمثلا انظر الى كتاب المعقبون تأليف السيد الشريف يحيى بن الحسن بن جعفر الحجة الحسيني المدني العبيدلي المتوفى 277 ه من علماء القرن الثالث الهجري ، تحقيق فارس الحسون صفحة 50 مؤسسة ال البيت عليهم السلام لإحياء التراث ، وقد ذكر أربعة عشر من الذكور اذكرهم هنا من اجل البركة .
1- علي الرضا 2- محمد 3- ابراهيم 4- العباس 5- اسماعيل 6- عبيد الله 7- جعفر 8- هارون 9- زيد 10- حمزة 11- الحسن 12- الحسين 13- 14- إسحاق ، وهم لأمهات اولاد شتى . ويمكن ان توجد مصادر اقدم منه الا اني لم اجد ولم أوفق ان احصل عليها لقلة المصادر لدي ، وقد قيل ان له من الإناث الكثير أيضاً خمسة عشر منهن خديجة وأم فروة و زينب ولبابة وأسماء وحكيمة وميمونة وغيرهن ، أبرزهن السيدة فاطمة المعصومة كريمة اهل البيت عليهم السلام ، وبلسم جراحات الامام علي بن موسى الرضاعليه السلام المدفونة في قم المقدسة . 
تلامذته : اصحاب الامام موسى بن جعفر عليه السلام هم من الفقهاء العلماء الأوتاد أمثال يونس بن عبد الرحمن ، وصفوان بن يحيى ، محمد بن ابي عمير ، الحسن بن محبوب ، واحمد بن محمد بن ابي نصر ، والحسن بن علي بن بن فضال الكوفي وعلي بن جعفر ، علي بن يقطين ، ابو الصلت عبد السلام الهروي ، اسماعيل بن مهران علي بن مهزيار الأهوازي الريان بن الصلت وغيرهم الكثير . 
تراثه العلمي : الذي يطلع على حياة الامام العلمية والفكرية يتضح له انه كان حاويا لجميع العلوم والمعارف ، وخير دليل انظر الى تلامذته ومريديه كم لديهم من التراث والموروث العلمي الذي حصلوا عليه من منبعه صلوات الله عليه ، وقد يسأل البعض من اين للإمام موسى بن جعفر عليه السلام هذه العلوم والمعارف ؟
الجواب يكون : انه عليه السلام كل مالديه من دائرة المعارف الشاملة هو : من القران الكريم وسنة جده المصطفى صلوات الله عليه واله ، فهو ينبوع العلم والمعرفة كأبيه الامام الصادق عليه السلام 
اما رواياته : فقد قال عليه السلام : ان لله تعالى على الناس حجين : حجة ظاهرة وحجة باطنة فأما الظاهرة فالرسل والأنبياء والأئمة ، وأما الباطنة فالعقول .
وروى المجلسي في بحاره عنه عليه السلام انه قال : قل الحق وان كان في هلاكك فان فيه نجاتك ودع الباطل وان كان فيه نجاتك فان فيه هلاكك.
معاناته : عانى الامام موسى بن جعفر عليه السلام منذ صغره الى جور الحكام الظلمة وسلاطين القسوة ، من حين تولي ابو جعفر المنصور الحاكم الثاني من حكام بني العباس من سنة 136 الى سنة 158 هجرية .
ومن يراجع مجلة أكتوبر المصرية في عددها 334 بتاريخ 20 مارس عام 1983ميلادية حلقة الرابعة يجد بحثا هناك بعنوان (ظلمات بعضها فوق بعض)، للدكتور الباحث حسين مؤنس يقول فيها : ( ان ماوقع على الناس من المظالم ايام بني العباس كان أهول وأبشع ، ولقد قتل ابو العباس السفاح وأعمامه الوفاً كثيرة ظلما وعدوانا وجاء اخوه ابو جعفر المنصور فقتل من الناس اكثر ، وكان في جملة المقتولين أعمامه ، وهانت الدماء على رجال بني العباس ؛ حتى ان الانسان ليترحم على ايام الجاهلية ). انظر الأئمة الاثنا عشر سيرة وتاريخ ج2، ص 19- 20 للشيخ محمد حسن ال ياسين . 
اما السجون التي كان يتنقل منها بعد ان امر هارون العباسي بجلبه من المدينة الى بغداد عن طريق البصرة ، أمر ان يسلمه الى عيسى بن جعفر المنصور فكانت مدة الحبس فيها سنة كاملة ، فطلب منه ان يقتله ولكنه ابى ذلك وأمر الرشيد بإحضاره الى بغداد وأمره ان يسلمه الى الفضل بن الربيع وبقي عنده فترة طويلة وكان الامام ع مشغولا بالعبادة والتهجد طيلة هذه السنوات ونقل بعدها الى سجن الفضل يحيي الليل كله بالعبادة وقراءة القران ويصوم النهار ، وقد وسع عليه الفضل بن يحيى وأكرمه فبلغ ذلك الرشيد فكتب اليه يأمر بقتله فتوقف عن ذلك فاغتاظ الرشيد لذلك وتغير عليه وضرب على ذلك مائة سوط ، وأمر ان يسلم الامام موسى بن جعفر الى السندي بن شاهك ، هنا المؤرخون يقولون الامام موسى بن جعفر ع لاقى المر الأذية من هذا الطاغية ، لو دققنا في أدعية الامام ع موسى بن جعفر وفي مناجاته لو جدنا انه كان يحمد الله ويثني عليه لهذه الخلوة في التهجد والتفرغ للعبادة ، ولم يتمنى الامام ع الموت والخلاص من السجن في جميع سجونه الا في سجن السندي بن شاهك حيث كان يضرب الامام عليه السلام ، نعم كان يضرب ويصعب علي ذكر ذلك والعزاء ارفعه الى الحجة ابن الحسن المهدي عج .
نعم عندما سن له السم وفاضت روحه الطاهرة ووضعوا على الجسر ببغداد نادى المنادي هذا امام الرافضة .
قال سليمان لغلمانه اذهبوا وتحسسوا من هذا الجنازة فذهبوا ما أسرع من ان رجعوا وهم يقولون هذا أمامك موسى بن جعفر ع نزع سليمان بردته وكفن بها الامام عليه السلام ونادى الا من أراد ان يشيع جنازة الطيب ابن الطيبين فليحضر .
السلام على صاحب السجدة الطويلة والدموع الغزيرة ، السلام على الساق المرضوض بحلق القيود ، السلام ع الجنازة المنادى عليها بذل الاستخفاف . ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم . 

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


محمد السمناوي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2014/05/23



كتابة تعليق لموضوع : لمحة من حياة وتراث الامام موسى بن جعفر عليه السلام
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 

أحدث التعليقات إضافة (عدد : 1)


• (1) - كتب : الدكتور سامي الماضي ، في 2024/02/03 .

اعظم الله لك الاجر في ذكرى استشهاد الامام الكاظم عليه السلام جعلنا الله واياكم ممن ينال شفاعته في الدنيا والاخرى ..
المقال مميز بامرين...
الاول صدق النية في العمل الذي هو خالص لوجه الله ولسيدي ومولاي موسى بن جعفر صلوات الله عليهم...
والثاني الاسلوب الراقي والعلمي الذي يتميز به شخصكم الكريم..
كل التوفيق والسداد.




حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net