صفحة الكاتب : معمر حبار

وحي الصدور39
معمر حبار

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
193  أبي .. مامعنى أن أصوم؟ : قلت لأصغر الأبناء مداعبا، وهو في الرابعة من عمره.. عليك أن تصوم غدا. ضحك البرىء، ثم همس في أذن الأب .. كيف أصوم؟ !.
 
لم يجد الأب إجابة للطفل البريء، فقال .. لاتأكل ولا تشرب.
 
وفي الغد، استقبل الطفل أباه ، وكله فرح وسرور .. أبي لم أصم، لأني أكلت وشربت. فعانقه الأب، وتمنى له، مايتمناه الأب لفلذة كبده.
 
وبعد أن هدأت عاصفة العاطفة، رجع صاحب الأسطر لنفسه يسألها ..مامعنى الصوم؟. وكيف الصوم؟. فوجد نفسه أحوج من الطفل للسؤال والجواب، فكانت هذه الأسطر..
 
معجزة الصوم: إذا كان الصوم هو المنع، فإن من أسرار الصوم، أن المرء لايستطيع، أن يمنع نفسه بإرادته. فهناك وازع ديني وأخلاقي يمنعه، ولا يستطيع أن يرده، أو يستبدله. ويمكن فهم ذلك من خلال الأمثلة المبيّنة أدناه ..
 
اقرأ قوله تعالى لسيّدنا زكريا عليه السلام: "قَالَ رَبِّ اجْعَل لِّي آيَةً  قَالَ آيَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلَاثَ لَيَالٍ سَوِيًّا"، مريم - الآية 10.
 
ففي هذه الحالة، فإن سيّدنا زكريا لم يستطع منع نفسه من عدم التحدث، وهو السليم في العقل والدين والجسد.
 
أما فيما يخص سيّدتنا مريم عليها السلام، فإن الله تعالى طلب منها أن تصوم عن الكلام، في قوله: "فَكُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي عَيْنًا فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَدًا فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَٰنِ صَوْمًا فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنسِيًّا"، مريم - الآية 26. وامتثلت، وما كان لها أن تستطيع منع نفسها من أن لاتتكلم، وهي الطاهرة النقية العفيفة والسليمة في الدين والعقل والجسم.
 
فالصوم عن الكلام في الحالتين، لم يكن نابع عن ضعف أو خلل أصاب العقل والعضو، بل أصحابه يتصفون بكمال العقل والجسد. فهو يمثّل عجز الإنسان عن أن يتحكم في مايظن أنه يملكه، وهو الكلام. فعجز سيّدنا زكريا، وسيّدتنا مريم عليهما السلام عن الكلام، وهما في كامل الصحة والعافية، لدليل على عجز الإنسان من جهة، وعلى معجزة الصوم عن الكلام، التي لايملك الإنسان لها ردا، حين يريد ربك ذلك.
 
معجزة الصيام من معجزة عيسى عليه السلام: ولادة سيّدنا عيسى عليه السلام، كانت معجزة، لأنه ولد من غير أب. وبما أن الأمر لايمكن شرحه، ويتجاوز الوصف والعقل، فإن الله تعالى، طلب من سيّدنا زكريا أن يصوم عن الكلام، إذا سئل عن الولد، وهو الذي شاب شعره وانحنى ظهره، وبلغ من الكبر عتيا.
 
وحين جاء المخاض سيّدتنا مريم عليها السلام، احتارت في الإجابة المناسبة التي ستقدمها لقومها، حين يسألونها عن الولد، وهي التي لم تتزوج. ولم يعنيها المخاض ، رغم ألمه وقسوته، فكانت إجابة رب العزّة لها، أن صومي عن الكلام، بل لاتستطيعين الكلام، ولو حاولت.
 
إذن معجزة عدم الكلام، جاءت مرادفة لمعجزة مولد سيّدنا عيسى عليه السلام. فكما أنطق الرضيع في المهد، أخرس الكبار ولم يستطيعوا التحدث، وهم سادة القوم وأطهرهم وأتقاهم.
 
إذن عظمة الصيام في هذه الحالة، المتمثلة في عدم كلام الكبار، كانت دليلا على عظمة معجزة عيسى عليه السلام، المتمثلة في كلامه في المهد، وولادته من غير أب.

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


معمر حبار
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2014/07/09



كتابة تعليق لموضوع : وحي الصدور39
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net