صفحة الكاتب : د . مصطفى يوسف اللداوي

غزة تحت النار
د . مصطفى يوسف اللداوي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 (1)
من جديد غزة تحت مرمى النيران، فقد عادت الطائرات الحربية الإسرائيلية تغير على أهدافٍ مدنية وعسكرية في قطاع غزة، فتقتل الأطفال والشيوخ والنساء، وتنال من المدنيين الآمنين العزل، في محاولةٍ أخرى للنيل من صمود وثبات الفلسطينيين، ظانةً أنها ستكسر إرادتهم، وستحطم كبرياءهم، وستجبرهم على الخضوع والخنوع، والاستسلام والقبول، وستتمكن هذه المرة من تغيير موازين القوى، وشطب معادلة الرعب التي فرضتها المقاومة الفلسطينية، والتي جعلت العمق الصهيوني كأطرافه، وشماله كجنوبه، تطال صواريخها كل مكانٍ فيه، وتصل إلى كل هدفٍ تحدده، فما عادت القدس بعيدة، ولا تل أبيب عصية، ولا شمالها محصنٌ أو آمن.
قطاع غزة لن يكون من جديد تحت مرمى النيران الإسرائيلية، فهو لن يصعر للعدو وجهه، ولن يسمح له بأن يستبيح أرضه وسماءه من جديد، ولن يدفع مواطنوه الثمن وحدهم، بل إن المقاومة الفلسطينية سترد على العدو بالمثل، ناراً بنار، وصواريخاً بصواريخ، واجتياحا باجتياح، وسترهبه بذات السلاح، وستواجهه بنفس القوة، وستصد كل محاولاته لاجتياحه والنيل منه، ولن تكون أرضه للعدو سهلة، ولا رماله رخوة، ولا الاعتداء عليه نزهة، بل ستكون أرضه سبخة، تغوص فيها أقدام جنوده، وتغرق في وحول المقاومة، ورمال غزة الثائرة.
إنها الحرب الثالثة التي يعلنها الكيان الصهيوني على قطاع غزة في أقل من عشرة سنوات، وفي كل مرة تدك طائراته أرض القطاع، وتدمر مساكنه ومبانيه، وتخرب شوارعه وطرقاته، وتعيث فيه فساداً، وبعد أيامٍ تكتوي فيها بنار ردود المقاومة، فتستصرخ مصر والولايات المتحدة الأمريكية والعالم، ليدخلوا على خط المعركة، ويتوسطوا لدى المقاومة، لتوقف إطلاق الصواريخ، وتقبل بهدنةٍ جديدة، وبشروطٍ أخرى، لتزف إلى شعبها ومواطنيها تباشير الهدنة، ليتمكنوا من الخروج من ملاجئهم، واستئناف حياتهم، والعودة إلى مزاولة أعمالهم.
فهل يتكرر السيناريو نفسه، ويعيد التاريخ أحداثه، ويرفع الكيان الصهيوني بعد أيامٍ صوته، يجأر ويصرخ، وقد فشلت مخططاته، وسقطت أهدافه، واكتوت أطرافه، واحترقت بناره ثيابه، فيعود إلى الهدنة القديمة أو يجددها، أو يقبل بأخرى جديدة، يلتزم فيها بشروط المقاومة الخمسة، التي لا أرى أنها ستتراجع عنها، أو ستقبل بأقل منها، فهي ليست ضعيفة ولا خائفة، ولا مترددة ولا مستعجلة، ولكنها مقاومة بحق، ومدافعة عن حق.
الثلاثاء 23:45 الموافق 8/7/2014
 
 (2)
معارك رمضان
إنه قدر الفلسطينيين أن تكون الكثير من معاركهم مع العدو الصهيوني في شهر رمضان المعظم، وأن يتزامن الاعتداء الإسرائيلي الجديد على قطاع غزة مع الذكرى الحادية والأربعين لحرب العاشر رمضان المجيدة، التي كانت نصراً عربياً جماعياً، وهزيمةً إسرائيلية موجعة، ليكون ذلك بشارة خيرٍ لهم، ودلالة نصرٍ ينتظرهم، إذ ما دخل العرب والمسلمون حرباً في شهر رمضان، قديماً أو حديثاً، إلا كتب الله لهم النصر فيه، ومكنهم على أعدائهم، وأثلج صدورهم بنصرٍ من عنده، يتنزل عليهم عزةً وكرامة.
رغم الظروف الصعبة التي يعيشها الفلسطينيون في شهر رمضان الأطول منذ ثلاثة عقود، والشديد القيظ والمرتفع الحرارة، في ظل الحصار الشديد والقاسي المفروض على قطاع غزة، والذي يحرمهم من نعم الحياة، ومن مستلزمات العيش البسيطة، ليس أقلها انقطاع التيار الكهربائي، ونقص الوقود والمواد الغذائية والأدوية وغيرها مما يلزم كل الناس، فضلاً عن حجز الرواتب، ومنع توزيعها على مستحقيها، الأمر الذي ضاعف من معاناة الغزيين في شهرهم الفضيل، وهو الذي تلزمه نفقاتٌ إضافية، واستعداداتٌ خاصة.
إلا أن العدو الصهيوني أبى إلا أن ينغص عليهم شهرهم الفضيل، وأن يحرمهم من متعة الاستمتاع بطقوسه، فكان عدوانه الغاشم، واعتداءه الظالم على قطاع غزة حرباً وقصفاً، وعلى الفلسطينيين عموماً في الضفة الغربية والقدس والأرض المحتلة عام 48، تضييقاً وملاحقة، واعتقالاً وقتلاً، إلا أنه في حقيقة أمره خائفٌ وجلٌ من هذا الشهر، وهو قلقٌ من عزم المسلمين فيه، وعظم صبرهم وشدة بلائهم، وتنافسهم على الجهاد والشهادة.
نسأل الله العلي القدير ونحن في عشر الرحمة، الفرج والعافية، وأن يكلأنا برعايته، وأن يحمينا بقدرته من بطش الكيان وغول اعتداءاته، وأن يجعل معركة الفلسطينيين مع عدوهم في شهر رمضان، كمعارك بدرٍ وحطين وعين جالوت وأكتوبر، فينصرهم على عدوهم رغم ضعفهم، ويأخذ بأيديهم رغم قلة سلاحهم، ويمكنهم منه على الرغم من قوته وسلاحه، ومن بغيه وغطرسته وكبريائه.
الأربعاء 3:25 الموافق 9/7/2014
 

  (3)
هلعٌ وفزعٌ


لا شئ في الشارع الإسرائيلي يدل على الطمأنينة والسلامة، والثبات والثقة، والاحساس بالأمن، فقد دب الفزع والخوف في قلوب الإسرائيليين جميعاً دون استثناء، فثلاثة ملايين إسرائيلي أصبحوا في دائرة الخطر، وتحت مرمى النيران، وباتوا يتأهبون للنزول إلى الملاجئ والأقبية، بحثاً عن الأمان، وهروباً من قصف الصواريخ، واحتمالات تسلل عناصر المقاومة خلف خطوط النار، ومباغتة الإسرائيليين في معسكراتهم وبلداتهم، وقد سكن الخوف نفوسهم حتى أصبحوا يظنون أن كل صيحةً عليهم.
أما صافرات الإنذار الإسرائيلية فقد نشطت من جديد، واستعادت عافيتها، وبدأت أصواتها تعلو وترتفع، ويصغي إليها الإسرائيليون بخوف، بينما هم يتراكظون نحو الملاجئ، أو إلى شققٍ سكنية في الطوابق السفلى من البنايات، علماً أن أصوات الصافرات تسمع في القدس وتل أبيب والخضيرة، كما كانت تسمع في أسيدروت وأوفاكيم وعزاتا ونتيفوت وبئر السبع وغيرها.
الخوف والرعب وصل هذه المرة إلى صالات مطار اللد، وحل الخطر على مدرجات الطائرات الرابضة، وتلك التي تحلق صعوداً أو هبوطاً، الأمر الذي أجبر المسؤولين الإسرائيليين إلى إلغاء رحلاتٍ، وتأجيل أخرى، في الوقت الذي طلبوا فيه من المسافرين والعاملين ترك الباحات والصالات المفتوحة، والنزول إلى القاعات السفلية، البعيدة عن القصف، والتي تعتبر آمنةً نسبياً بالمقارنة مع الصالات الأرضية المكشوفة.
كثيرٌ من الإسرائيليين الذين كانوا يفرون من الأطراف إلى الوسط، ومن القشرة إلى القلب، وجدوا أنفسهم ومن كان يؤويهم في خطرٍ شديد، إذ لم تعد الأماكن آمنة، ولم يعد للمسافات قيمة، ولم تعد تجدي الحصون والقبب الفولاذية، ولا الصواريخ الاعتراضية، ولا محاولات نقل المعركة إلى أرض الخصم بعيداً عنهم، الأمر الذي دفع الكثير منهم، وهم يعيشون عطلة الصيف، للتفكير في السفر والمغادرة، فراراً بحياتهم، ونجاةً بأنفسهم.
أما السفير الأمريكي في الكيان الصهيوني فقد أصابته لوثة الفزع، وحلت عليه لعنة صواريخ المقاومة، فأصدر أوامره وتعليماته بإغلاق سفارة بلاده، وطلب من موظفيه وكافة العاملين في السفارة التزام بيوتهم، وعدم الخروج منها إلا في أضيق الحدود، وعند الحاجة الضرورية والملحة، كما أصدر توجيهاته إلى المواطنين الأمريكيين المتواجدين داخل الكيان إقامةً أو زيارة، بضرورة توخي الحيطة والحذر، والابتعاد عن الأماكن والبلدات التي من المتوقع أن تقصفها المقاومة الفلسطينية.
أما العمالة الأجنبية الوافدة من شرق آسيا وغيرها، فقد هرولوا بسرعةٍ إلى شركات الطيران، لشراء تذاكر وحجز مقاعد للسفر في أقرب الرحلات إلى بلادهم أو غيرها، مخافة أن يقتلوا في هذه الحرب، وكثيرٌ منهم لا ينسى أن بعض العمال التايلانديين وغيرهم، قد قتلوا وأصيبوا جراء تعرضهم لرشقات صواريخ المقاومة في الحربين السابقتين اللتين شنهما العدو الصهيوني على قطاع غزة.
إنه رعبٌ يسري، وهلعٌ ينتشر، وخوفٌ يسكن القلوب، ومصيرٌ مجهولٌ ينتظر الكيان الصهيوني، الذي بدأ الحرب، وسبق بالاعتداء، في الوقت الذي يدرك أن جبهته الداخلية مصدعة، وأن مناعته ضعيفة، وأن الروح المعنوية لمواطنيه وجنوده على السواء سيئة ومحبطة، وأن للمقاومة مفاجئات وصولات وجولات، ستكشف عنها الساعات والأيام القادمة.
الأربعاء 4:50 الموافق 9/7/2014

 (4)
نصف الكيان تحت النار
قالت المقاومة الفلسطينية أن غزة لن تكون وحدها تحت النار، ولن يعاني أهلها وحدهم من الغارات الإسرائيلية، وإنما سيكون الكيان الصهيوني تحت النار أيضاً، وسيعاني سكانه من هول القصف، وكثافة النيران، وسيقاسون ويلات اللجوء والرحيل والنظر إلى السماء، وقد صدقت المقاومة، وأوفت بوعدها، ولم ينته اليوم الثاني على العدوان، حتى بات نصف الكيان الصهيوني تحت مرمى النيران الفلسطينية، تدكه بلا رحمه، وتقصفه بلا خوف، وتصل إليه بلا تيه ولا ضلال.
عندما اتخذت الحكومة الإسرائيلية قرارها بتوسيع العملية العسكرية ضد قطاع غزة، كانت تعلم أنه سيكون للمقاومة ردٌ، وأنها لن تسكت على الاعتداءات، ولن تكتفي بتعداد الصواريخ التي تسقط، أو حفظ أسماء الشهداء والضحايا الذين يقضون، بل ستقوم بالرد، وستتعامل مع أهداف العدو بالنار.
ولكن قادة أركان جيش العدو كانوا يتوقعون أن صواريخ المقاومة الفلسطينية ستصل إلى تل أبيب، وستضرب المستوطنات المحيطة بقطاع غزة فقط، وأن الظروف الصعبة التي يفرضها الجيش الإسرائيلي على القطاع، ستحول دون قدرة المقاومين على التركيز والتوجيه، وأنها ستجبرهم على اعتماد الصواريخ الصغيرة، ذات المدى والأثر المحدود، وأنها لن تكون قادرة على إخراج وتحريك وإطلاق الصواريخ الكبيرة الحجم، الثقيلة الوزن، البعيدة المدى والشديدة الأثر، إذ أن طائرات الرصد الإسرائيلية، والمنطادات المنصوبة تلاحق كل هدف، وتتابع كل مكانٍ قد يكون قاعدة لإنطلاق الصواريخ، وتقصف كل عربة متحركة قد تكون منصة لإطلاق الصواريخ، ومع ذلك فإنهم يعجزون عن اكتشاف إبداعات المقاومة في خلق المنصات الأرضية.
هذا التفوق الوهمي يشعر الإسرائيليين بالهيمنة والسيطرة، وأنهم على الأرض أقوى، وأنهم يملكون بعض الوقت لإجهاض كل محاولة للقصف، ويعرفون كل مكانٍ قد يستخدم للقصف، إذ أن أرض القطاع أمامهم مكشوفة، ولهم معروفة.
فضلاً عن امتلاكهم لمنظومة القبة الفولاذية، التي تتكفل بالتعامل مع كل صاروخٍ يفلت من قصفهم، وينطلق للوصول إلى بعض مناطقهم، علماً أنهم يحتاجون لإسقاط كل صاروخ لثلاثة صواريخ اعتراضية على الأقل، ومع ذلك فإن نسبة الفشل في الاعتراض أكثر من نسبة نجاحهم، وأن قدرتهم على تغطية كل مكانٍ في الكيان محدودة جداً، لقلة عدد البطاريات التي يملكونها، والتي تحتاج إلى طواقم فنية عالية التدريب لتشغيلها.
لكن المقاومة الفلسطينية نجحت خلال الأيام الثلاثة الأولى للعدوان في قصف مدن الغلاف ومستوطناته كلها بعشرات الصواريخ، وهو أمرٌ طبيعي وعادي، كان يتوقعه الإسرائيليون، وقد تهيأوا له، واستعدوا لمواجهته، ولكن الصواريخ هزت مدينة القدس، ومزقت سماءها الصافية، ووصلت إلى مدينة تل أبيب، وضربت شمالها فأصابت مدن غوش دان وبنيامينا شمالاً، وبيت جن ورحوبوت جنوباً، وأسدود وعسقلان وياد مردخاي وسطاً.
وأخيراً وصلت الصواريخ الفلسطينية إلى قلب الشمال فأصابت مدينة الخضيرة، وباتت مدينة حيفا تترقب لحظة وصول الصواريخ إليها، فقد هددتها المقاومة، وأعلنت أنها ستكون هدفها القادم، وأن صواريخها ستصل إليها وإلى شمالها، كما ستصل إلى بلدة ديمونا حاضنة المشروع النووي الإسرائيلي، التي يسكنها الخوف من أن يطال القصف الفلسطيني منشآتها النووية، فيتعاظم الخطر، وتتضاعف الضحايا.
إن سماء فلسطين كلها قد أصبحت مكشوفة للمقاومة الفلسطينية، وبات أكثر من نصف الكيان الصهيوني تحت مرمى النيران، وهي تمثل المرحلة الأولى من خطتها، التي أكدت أنها تمتلك المزيد والجديد، وأن عندها مفاجئات تفوق التوقعات، وأنها ستدخل المزيد من المدن الشمالية في المراحل الثانية زنار النار المتصاعدة، لتزيد المساحة المستهدفة، والمدن التي تتهددها نيران المقاومة.
الأربعاء 10:50 الموافق 9/7/2014

 (5)
الصمت العربي
قطاع غزة يشتعل ويلتهب لليوم الثالث على التوالي في عدوانٍ إسرائيلي غاشمٍ جديد، يستهدف كل شئ، ولا يستثني من عدوانه أحداً، بينما الأنظمة العربية صامةٌ تتفرج، أو عاجزةٌ تترقب، فلا تحرك ساكناً، ولا تصدر صوتاً، ولا تبدي حراكاً، ولا تقوى على الاعتراض أو التنديد، أو مطالبة المجتمع الدولي بسرعة التحرك، لوقف اعتداء الكيان، وكف آلته الحربية عن قصف القطاع وقتل مواطنيه، وتخريب المخرب فيه، وتدمير المدمر منه، وكأن الذي أصابها خرسٌ أو شلل، أو أنه عجزٌ وفشل.
لا شئ قد تغير في البرامج التلفزيونية العربية التي بقيت على حالها، وكأن شيئاً لم يحدث، أو أن عدواناً لم يقع، أو كأنهم لا يعرفون أن العدوان الإسرائيلي ضد غزة، وأنه لا يقع في الجوار قريباً منهم، بل إنه يستهدف بقعةً نائية، وشعباً بعيداً، لا تربطهم بهم جيرة ولا علاقة، ولا شأن لهم به، رغم أنهم يسمعون أصوات القصف، ويرون ألسنة اللهب المتصاعدة، وسحائب الدخان الكثيفة، علماً أن الوصول إليه أقل بكثير من مسافة السكة، ولكنهم يتعامون ويتجاهلون، ويسكتون ويصمتون، أو ربما أنهم يتعاونون ويتآمرون.
لم نسمع مسؤولاً عربياً يستنكر، ولا حاكماً يدعو إلى سرعة التحرك ووجوب التضامن، رغم أنهم يقفون على المنابر كل يوم، ويتحدثون في كل المناسبات، ويتناولون مختلف القضايا، وتنقل وسائل الإعلام تصريحاتهم وأقوالهم، وتغطي أنشطتهم وفعالياتهم، وزياراتهم وافطاراتهم، ولكن محنة الفلسطينيين لم تصلهم، وانتفاضة القدس والضفة لم تحركهم، وثورة الأهل في الجليل والمثلث لم تشجعهم، وأنهم لم يروا من الأحداث سوى اختطاف المستوطنين الثلاثة، وهم جنودٌ غزاة، وقتلة عتاة، بينما تجاهلت عيونهم صورة الفتى محمد أبو خضير، الخارج من صلاة الفجر، وهو يصطلي ناراً، ويحترق حياً.
لا أريد أن أصدق أحداً من الإسرائيليين فكلهم كاذبين ولو صدقوا، وإن هم تحدثوا فلن يقولوا إلا ما ينفعهم ويضرنا، وما يسرهم ويسيئ إلينا، فموقع ديبكا الاستخباراتي الإسرائيلي يقول، أن الحكومة الإسرائيلية أعلمت أنظمةً عربية بنيتها الهجوم على قطاع غزة، وأن قادةً عرباً يتفهمون مبررات الحملة الإسرائيلية، وأنهم أعطوا الموافقة المبدئية على العدوان، إذ أنهم يعتقدون بصدق الرواية الإسرائيلية، ويسمعون لشكواهم، بأن المقاومة الفلسطينية هي التي جرت الكيان الصهيوني إلى هذا الإجراء، وأنها بعملياتها قد حشرته في الزاوية، فما كان أمامه إلا أن يخرج للدفاع عن نفسه، وحماية شعبه.
مسؤولٌ إسرائيليٌ آخرٌ، مشهودٌ له بالكذب، ومعروفٌ بينهم بالتطرف، يقول بأن بعض الأنظمة العربية فرحة لما يجري في قطاع غزة، بل إنها تحبس أنفاسها، وتنتظر بفارغ الصبر إنهيار حركة حماس، وتفكك قوتها، وانتهاء عصرها، وأفول نجمها، وقد أعياهم تفكيكها، فلا سبيل لإسقاطها بغير القوة، فقد أرهقهم وجودها، وأتعبهم صمودها، وأحرجهم ثباتها، وأزعجهم انتماؤها، فكان رحيلها هو الخيار الأفضل، والحل الأمثل.
الإسرائيليون أعداؤنا، يكذبون ولا يصدقون، ويكرهوننا ولا يحبون، ولكنهم يقولون أحياناً ما لا يقوى غيرهم على قوله، أو يسقط من بين كلماتهم ما يفضح، ويبين من ثنايا حديثهم ما يكشف، فلا يوجد من الأنظمة العربية اليوم من يقف إلى جوارنا، وينتصر لنا، ويستعد للدفاع عنا، أو يعمل لوقف العدوان الإسرائيلي علينا، فهم إما صامتون أو يتآمرون، وساكتون أو يتعاونون، وعاجزون أو يدعمون، وفرحون أو يشمتون.
الأربعاء 12:00 الموافق 9/7/2014

  (6)
قاعدة زيكيم البحرية
أياً كانت نتائج عملية اقتحام قاعدة زيكيم البحرية الإسرائيلية، من قبل عناصر كتائب عز الدين القسام، الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية "حماس"، فإنها تعتبر بكل المقاييس العسكرية عمليةً نوعية، واختراقاً خطيراً لأمن الكيان، وعمليةً جديدة مبتكرة، أربكت العدو وأحدثت في مستوياته القيادية السياسية والعسكرية اضطراباً، وجعلته يتحسس الضربات من كل مكان، ويتوقعها من حيث لا يحتسب، وقد اعترف قادة جيش العدو بهذا الخرق، وسلموا بقدرة المقاومة على تجاوز الخطوط الحمراء، وتحدي كل الإجراءات الأمنية.
إذ تمكنت المقاومة الفلسطينية من التسلل خلف خطوط النار، واقتحام واحدة من أكبر القواعد البحرية الحربية الإسرائيلية، في عمليةٍ جديدةٍ غير مسبوقة، ومغامرة ناجحة مدروسة، قامت بها ثلةٌ من مقاومة البحرية، التي كانت تعمل بصمت، وتعد وتجهز بليل، ولا تسلط الضوء على أعمالها، ولا تفضح خططها، ولا تكشف عن نواياها، حتى كانت عمليتها الأولى التي بينت للعدو الصهيوني أن بنك أهداف المقاومة كبير، وأنه يزخر بالأهداف الحيوية والخطيرة، وتلك التي يظنها محصنةً ومنيعة، وعنده الكثير مما رصدته وحددت مكانه استخبارات المقاومة العسكرية، وعينت احداثياته بدقة، ووضعت له الخطط المناسبة، قصفاً أو اقتحاماً، في الوقت المناسب، والظرف المواتي.
قاعدة زيكيم الحربية تقع قريباً من قطاع غزة، وتبعد عن حدوده الشمالية خمسة عشر كيلو متراً، وهي قاعدة تخضع لإجراءاتٍ أمنية مستحكمة جداً، وتحميها طائرات استطلاع، ومناطيد مراقبة، ودورياتٌ راجلة وأخرى محمولة، وهي القاعدة التي تشرف دورياتها الأمنية، وزوارقها الحربية على أعمال التمشيط البحري، وملاحقة الصيادين الفلسطينيين، وإغراق مراكبهم، واعتقالهم والتضييق عليهم، وحرمانهم من حقهم الصيد، وما زالت تضيق عليهم، وتقلص المسافة المسموح للصيادين بدخولها إلى ثلاثة أميالٍ بحرية.
نجاح فرقة الكوماندوز البحرية الفلسطينية في اقتحام قاعدة زيكيم العسكرية، لا تدل على القدرة والكفاءة التي باتت تتحلى بها المقاومة، ولا تشير إلى نوعية العملية وخطورتها، والتحدي الكبير في تجاوز تحصيناتها، والنجاح في الدخول إليها والاشتباك مع عناصرها، وتسجيل إصاباتٍ حقيقية في صفوفها، قتلاً أو إصابة، رعباً أو فزعاً، وغير ذلك مما يمكن أن يقال في وصف عمليةٍ نوعيةٍ ناجحة، تمت خلف خطوط النار ولكن تحت النار، في وقت ذروة الاستنفار، وقمة الجهوزية والاستعداد.
لكن هذه العملية تحمل معها رسالةً واضحة إلى الكيان الصهيوني والعالم كله، أن الفلسطينيين لن يتوقفوا عن المقاومة، ولن يكفوا عن التفكير في وسائل مختلفة، وسبل إبداعية جديدة، من أجل كسر العدو وإلحاق الهزيمة به، وتحرير الأرض واستعادة الحقوق، فهذا وعدٌ قطعه الفلسطينيون على أنفسهم، ولن يضعفهم بطش الاحتلال، ولا غزارة نيرانه، ولا آلياته ودباباته وطائراته، ولن يتمكن باعتداءاته وحروبه من كسر إرادة هذا الشعب الجبار، ومنعه من استمرار المقاومة، ومواصلة الجهاد، حتى يتحقق وعد الله لهم، بالعودة والتحرير، وإنه لجهادُ نصرٍ أو استشهاد.
الأربعاء 14:20 الموافق 9/7/2014

  (7)
العملية البرية
تتطلع المقاومة الفلسطينية إلى إلحاق خسائر حقيقية في صفوف العدو الصهيوني، فهي تدرك تماماً أن صواريخها مهما بلغ عمقها، ودقة إصابتها، فإن حجم الدمار المادي الذي تخلفه ليس كبيراً، فضلاً عن أنها قد لا تتسبب في قتل عددٍ كبير من الجنود والمستوطنين الصهاينة، رغم أنها تسبب حالة ذعرٍ كبيرة، وتخلق مناخاً من الخوف والرعب، الذي يعطل الحياة العامة، ويصيبها بالجمود، ويمنع المواطنين من ممارسة حياتهم الطبيعية، كونهم يلجأون إلى الملاجئ والأقبية، خوفاً من الصواريخ أو شظاياها.
كما أن سلاح الصواريخ يحد من حجم المشاركة العامة في المقاومة، ويقصرها على عددٍ من الخبراء والمختصين العسكريين، الذين يتحركون بحذر، وينفذون بسريةٍ تامة، ويختفون بسرعةٍ كبيرة إثر كل عملية، خاصةً في ظل المراقبة الإسرائيلية الحثيثة والدقيقة لحركة الصواريخ، وآليات نقلها، ومنصات إطلاقها، الأمر الذي يحد من المشاركة العامة في أعمال المقاومة.
في الوقت نفسه يتطلع الفلسطينيون إلى تكبيد العدو خسائر بشرية حقيقية، لعلمه أن الكيان الصهيوني لا يستطيع تحمل نتائج وتبعات مقتل العشرات من جنوده ومستوطنيه، خاصةً أنه يوطن نفسه على عملياتٍ سريعة وقصيرة، تشبه الكي في حدتها وسرعتها، بما لا يلحق به خسائر، ولا يجبره على البقاء طويلاً في الميدان، تحت مرمى نيران المقاومة، مخافة أن يقع صيداً سهلاً في أيديهم.
لهذا فإنهم يتطلعون إلى الخطوة الإسرائيلية القادمة، التي أعلن عنها قادة الكيان الصهيوني في كل الحروب السابقة، ومهدوا إعلامياً لها، وهيأوا مواطنيهم للتكيف معها، لكن أحداً منهم لم ينفذها، رغم الحشود البرية الضخمة، واستدعاء عشرات آلاف الجنود الاحتياط، لعلمهم أن الحرب البرية في قطاع غزة لن تكون سهلة، والمواجهة في الميدان وجهاً لوجه مع سكان غزة ستكون مختلفة، فرجال المقاومة في غزة يعرفون شوارعها، ولديهم خبرة في أزقتها، وهم يعيشون وسط شعبٍ يحميهم، وأهلٍ يقدمون لهم كل مساعدةٍ ممكنة.
وفي الوقت نفسه فإن الإسرائيليين يجهلون غزة، ويخافون من أزقتها، ويدركون أن الموت ينبعث من أحيائها، وينتشر في شوارعها، وينثره أطفالها قبل رجالها، وقد خبروه كثيراً، وذاقوا مر الكأس فيه، وتجرعوا الموات مراراً على أيدي مقاوميه، فكيف بهم يجرؤون على الدخول في جحر الدبابير الذي إذا انطلق فإنه سيصيب الكثير، وسينال من العديد، لا قتلاً أو إصابةً فحسب، بل أسراً واعتقالاً، فعيون المقاومة لا تتطلع إلى قتل الجنود المعتدين، بل تتوق إلى أسرهم واعتقالهم، ليكونوا هم ثمن الحرية للأسرى والمعتقلين الفلسطينيين.
ومع ذلك فقد استدعى رئيس حكومة العدو أربعين ألف جندي إسرائيلي من قوات الاحتياط، وهم جنودٌ غير متفرغين، بل لكلٍ منهم وظيفته الخاصة، وعمله المستقل، واهتماماته الشخصية، وحاجاته الفردية، ممن كونوا أسراً، وأصبح عندهم أطفال يخافون عليهم، ويخشون الموت دونهم.
يدرك وزير دفاع العدو وضباط جيشه وأركان قيادته، أن غزة تحتها غزة أخرى، وشبكة كبيرة من الأنفاق الحديثة والواسعة والمجهزة، إذ فيها شبكات اتصال وخدمات كهرباء، وحلقات ربط ومفاصل تحويل، وهي أنفاق كثيرة وعديدة، تنتشر كالشرايين تحت أرض القطاع، وتمتد عميقاً وطويلاً لتصل إلى عمق الأرض المحتلة، الأمر الذي يجعل من أي مغامرة برية يقوم بها جيش العدو، فرصةً لقنص جنوده، وتفجير دباباتهم، وإشعال الأرض تحت أقدامهم، كما ستكون فرصة لاحتمالات الأسر في الميدان، ونقلهم إلى أماكن بعيدة وآمنة.
تهديدات قادة العدو الصهيوني بعمليةٍ برية واسعة النطاق ضد قطاع غزة، ليست أكثر من ديماغوجيا دعائية، ومحاولة للحرب النفسية، لن يكون قادراً على تنفيذها، ولن يكون هناك مسؤول إسرائيلي، سياسي أو عسكري قادرٌ على اتخاذ قرار فعلي بتنفيذها.
وفي الوقت نفسه، فإن قوى المقاومة الفلسطينية تتمنى دخول جيش العدو إلى غزة، ليصبح أمام رجالها آلاف الأهداف، وبين أيديهم مئات الجنود، ولتنشأ بين المقاتلين حالات تنافس، وعمليات تحدي وسباق، أيهم يقتل أكثر، وأيهم يلحق بالعدو خسائر أكبر، وهذا أمرٌ يدركه العدو جيداً، وهو ما يجعله يقبل بسلاح الصواريخ، ويفضله ألف مرةٍ على حربٍ برية تختنق فيها أنفاسه، ويقتل فيها جنوده أو يُؤسَرون. 
الأربعاء 17:15 الموافق 9/7/2014
 

 (8)
إسرائيليون يعترفون ... لقد تضررنا كثيراً
يعترف كثيرٌ من الإسرائيليين أن حروب جيش كيانهم القديمة قد ولت وانتهت إلى الأبد، وأنه لم يعد جيشهم يقاتل على أرض العدو، بعيداً عن مواطنيه ومصالحه، فيلحق خسائر في صفوف خصومه، بينما تكون جبهته الداخلية هادئة مطمئنة، لا تعيش الخطر، ولا تصلها الصواريخ، ولا تلحق بها شظايا المعارك، بل لا تشعر بالحرب، ولا تسمع بها إلا عبر وسائل الإعلام، وتستمر جبهته الداخلية متماسكه، تمده بالقوة، وتشجعه على المزيد من العدوان.
لكن الحسابات الإسرائيلية قد انقلبت في هذه الحرب التي شنها العدو الإسرائيلي على قطاع غزة، وفي الحروب التي سبقتها، حيث بدأ المواطن الإسرائيلي يئن ويصرخ، ويرفع صوته شاكياً متذمراً، مطالباً حكومته وقيادة الجيش بالكف عن العبث، والتوقف عن المغامرات، والاعتراف بحقيقة الواقع الجديد.
فالمقاومة اليوم تختلف عن حالها قديماً، فقد اشتد عودها، وقسي قوسها، وعظم سلاحها، وأصبحت قادرة على الأذى والإصابة، ولم تعد تقبل بأن تكون الحرب على أرضها فقط، بل أصبحت قادرة على نقل المعركة إلى أرض الخصم، وإطلاق الأفاعي في حجر العدو، ليعاني ويقاسي، ويخاف ويرتعد، ويطالب قيادته بسرعة التوصل إلى هدنةٍ واتفاق، تعيد الهدوء إلى الجبهات، وتمكنهم من استعادة الأمن الذي أفقدهم إياه جيشهم وحكومتهم.
المحلل العسكري الإسرائيلي عاموس هرئيل، يدرك هذه العيوب، وينتقد جيش كيانه ويقول بأنه بات أعمى لا يميز، وكالثور يضرب في الهواء، فليس لديه أهداف يقصفها، ولا يملك أي معلوماتٍ تساعده على تحديد أماكن منصات إطلاق الصواريخ، أو التعرف على مطلقيها واستهدافهم، ولهذا بدأ يستهدف البيوت السكنية، والأهداف المدنية، الأمر الذي تسبب في مضاعفة أعداد الضحايا المدنيين في القطاع.
بينما تتهم مذيعة في القناة الإسرائيلية الثانية حكومة وجيش كيانها بأنهم ضللوا الجمهور الإسرائيلي، عندما أوحوا لمواطنيهم بأن غزة ستكون وحدها، وأن العالم سيكون مشغولاً عنها بالمونديال، ولن يصل صراخ غزة إلى أسماعهم، ولكن الحقيقة أن إسرائيل هي التي تقصف، بينما العالم لا يسمعها لانشغاله بالمونديال.
أما صحيفة هآرتس فهي تقول بأن هناك أضراراً اقتصادية هائلة قد لحقت بالكيان الإسرائيلي، بسبب تواصل إطلاق الصواريخ على كل مدنها انطلاقاً من غزة، وتتساءل عن حجم الأضرار الاقتصادية التي من الممكن أن تلحق بكيانهم في حال استمر إطلاق الصواريخ عليهم، علماً أن تأثير الصواريخ المتساقطة بدأ يظهر بوضوح على البورصة الإسرائيلية.
وتضيف الصحيفة بأن مناطق كثيرة في البلاد بدأت تدخل سوق القصف، بعد أن أصبحت صواريخ المقاومة تصل إلى كل مكانٍ، دون تنبيهٍ مسبق، أو توقعاتٍ معقولة، فكل "إسرائيل" أصبحت في مرمى نيران صواريخ القسام، بينما فشلت القبة الحديدية في اعتراض الصواريخ التي أطلقت على مناطق جنوب ووسط وشمال البلاد، بينما كان المواطنون يظنون أنها ستمسك كل الصواريخ، وأنها أحداً منها لن يفلت من المنظومة.
وتواصل الصحيفة انتقادها للحكومة الإسرائيلية التي أنفقت مليارات الدولارات على أبحاث القبة الحديدية، وأعمال المراقبة والمتابعة والرصد، وفي النهاية جاء الحصاد ريحاً، وتساقطت الصواريخ كالمطر على كل البلدات، بل إنها خلقت واقعاً مغايراً عما سبق، وأخطر مما كان. 
تضيف الصحيفة أن نصف البلاد مهدد، وثلاثة ملايين إسرائيلي لا ينامون في بيوتهم، ولا يمارسون حياتهم الطبيعية، بعد أن فقدوا الثقة في تطمينات حكومتهم، وجهود قادة جيشهم، وهم الذين يغطون نفقاته وأبحاثه من جيوبهم، ومن الضرائب التي تجبى منهم لجلب الأمن لهم.
هذا ما يقوله الإسرائيليون أنفسهم عن الواقع الجديد الذي خلقته المقاومة، والذي صنعته صواريخها، وما أوردناه ليس إلا نزراً يسيراً مما يقولونه في السر والعلن، وفي الخفاء وأمام العامة، إنهم يألمون ويتوجعون، ويشكون ويتذمرون، "إِن تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ وَتَرْجونَ مِنَ اللَّهِ مَا لا يَرْجونَ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً".
الخميس 03:00 الموافق 10/7/2014
 

 (9)
البنيان المرصوص
البنيان المرصوص هو الاسم الذي أطلقته سرايا القدس، الجناح المسلح لحركة الجهاد الإسلامي، على عمليات المقاومة الفلسطينية في مواجهة عملية الجرف الصامد، وهو الاسم الذي أطلقه العدو الإسرائيلي على عملياته العدوانية في قطاع غزة.
لعل سرايا القدس قد أطلقت هذا الاسم القرآني تيمناً بقول الله عز وجل "إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ"، فالله يمنح نصره للمتعاضدين المتكاتفين، والمتعاونين المتراصين، وللموحدين المتفقين، ولمن اتحدت كلمتهم، واتفقت إرادتهم، وصفت نفوسهم، وسمت أرواحهم، وتعالوا على كل خلافٍ واختلاف، لكن نصر الله بعيدٌ عن المختلفين، وممنوعٌ على المتخاصمين، وصعبٌ على المتنازعين، ولا يكون للفرقاء المتشاكسين، ولا للأخوة المتعارضين المتناكفين.
الجرف الصهيوني العدواني على قطاع غزة يؤكد صدقية معركة البنيان المرصوص، ويوجب عليها أن تكون كذلك، إذ لا سبيل لصد العدوان بغيرها، ولا قدرة على مواجهته بدونها، لذا فإن فصائل المقاومة الفلسطينية قد اتفقت جميعها على الهدف، والتقت على وجوب مواجهة العدوان الإسرائيلي، وعدم الالتفات إلى أي خلافاتٍ قد تؤخر المواجهة، أو تمنع الصد، أو تؤثر في الرد، فالشعب الفلسطيني في حاجةٍ إلى جهود الجميع، وقدرات كل القوى والفصائل.
تأكيداً على هذه التوجيه والنصح الرباني، فإن الميدان في قطاع غزة مفتوحٌ لكل القوى، وجاهزٌ لاستقبال كل الفصائل، ويستوعب كل الطاقات والقدرات، فهذا يومها الذي يجب أن تتنافس فيه وتتبارى، وأن تعطي وتقدم، وأن تخرج ما عندها، وأن تستخدم أقصى ما لديها، وألا تدخر جهداً في مواجهة العدو وصد عدوانه، ففي مثل هذا اليوم نري الله أعمالنا، ويشهد على صدقنا وإخلاصنا بعد الله شعبُنا وأهلُنا.
معاً كتائب الشهيد عز الدين القسام، الجناح المسلح لحركة المقاومة الإسلامية "حماس"، وسرايا القدس الجناح المسلح لحركة الجهاد الإسلامي، وكتائب شهداء الأقصى الجناح المسلح لحركة فتح، وكتائب الشهيد أبو علي مصطفى، الجناح المسلح للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، وكتائب الشهيد أبو الريش التابعة للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، وألوية الناصر صلاح الدين الجناح المسلح للجان المقاومة الشعبية، وغيرهم من الألوية والقوى والكتائب والمجموعات العسكرية.
هذه معركة البنيان المرصوص، والله عز وجل يحب الذين يقاتلون في سبيله صفاً واحداً كالبنيان المرصوص، وإننا نقاتل في سبيل الله، ونبغي وجه الله، ونتطلع إلى صد الاعتداء، وكف البغي والعدوان، والدفاع عن شعبنا المظلوم، ورد الأذى عنه، والعمل على استعادة حقوقه، وتحصين حدوده، وإعلاء أسواره، لئلا يعتدي عليه العدو من جديد، وحتى يعلم أن كلفة غارته عالية، وفاتورة اعتداءاته كبيرة.
ولنعلم أن العدو الصهيوني ماضٍ في توحشه، ومصرٌ على همجيته، وهو مدعومٌ من حلفائه، ومسكوتٌ عن سياساته، وأنه سيواصل عدوانه، وسيستمر في غاراته، ولن يتوقف عن هجماته، إلا إذا شعر أنه يواجه صخرةً صماء، ويستهدف جبلاً أشماً، وأن كل قوته لا تكفيه لتحقيق النصر، أو كسر الخصم، فلنكن نحن بوحدتنا الصخرة التي تتكسر عليها معاوله، والجبل الذي يصده ويمنعه من شعبنا.
أيتها الفصائل والقوى، وأيتها الكتائب والألوية، هذا يومٌ من أيام الله المجيدة، يومٌ سيحفظه التاريخ، وستكتب فيه أعمالكم بمدادٍ من دم، وستبقى صفحات المقاومين سطوراً من ذهب، ناصعةً يخلدها الشعب، وتحفظها الأمة، فلا تخذلوا شعبكم، ولا تخيبوا رجاءه، وكونوا على قدر الآمال المنوطة بكم، والأماني المتعلقة بأعمالكم، وأروا الله خير جهادكم، وعظم مقاومتكم، وكونوا صفاً واحداً في مواجهة العدوان والغطرسة، ونسقوا جهودكم، ووحدوا عملكم، وتبادلوا الخبرات، وقدموا لأنفسكم المساعدات، إذ بوحدتكم نفل حديد العدو، ونعطل دباباته، ونفشل غاراته، ونمزق جمعه، ونشق صفه، ونؤذيه ونؤلمه، ونوجعه ونكسره.
الخميس 14:40 الموافق 10/7/2014
 

 (10)
بنك الأهداف الإسرائيلية
يكاد يكون بنك الأهداف الإسرائيلية خلال عدوانه المسمى "الجرف الصامد" خالياً من أي أهدافٍ عسكرية، إذ على الرغم من التفوق التقني والتكنولوجي الإسرائيلي، الذي يسخره في مراقبة ومتابعة كل شئ داخل قطاع غزة، ويمكنه من رصد المتحرك والساكن، والغريب واللافت، والجديد والمتغير، والمموه والعادي، وذلك من خلال عمليات تصويرٍ دقيقةٍ على مدى الساعة، أو عبر مجساتٍ وتقنيات استشعار عالية الدقة، تجعل من جغرافيا قطاع غزة صفحةً مكشوفةً له.
إلا أنه على الرغم من عمليات التصوير والمراقبة التي تنفذها طائرات بدون طيار، ومناطيد كثيرة موجهة ومسلطة على قطاع غزة، إلا أن بنك الأهداف الإسرائيلية يكاد يكون قد أفلس، إذ بعد مضي اليوم الثالث على العدوان الغاشم، ما زالت حصيلة الاعتداءات الإسرائيلية تقتصر على المنازل السكينية، والبيوت الآهلة بالسكان، والمقاهي ومناطق التجمعات المدنية.
بلغة الأرقام فقد دمرت الطائرات الإسرائيلية عشرات البيوت، وشردت أهلها وأخرجت سكانها، وخربت آثاتها، وبعثرت محتوياتها، وقتلت عشرات المدنيين من الأطفال والنساء والشيوخ، ومن غيرهم ممن لا علاقة لهم بالمقاومة، إذ بلغ عدد الشهداء حتى الآن خمسة وثمانون شهيداً، وناهز عدد الجرحى الخمسمائة وخمسون جريحاً، وجلهم من المدنيين الذين هدمت بيوتهم، ودمرت منازلهم، وأكثرهم ينتمون إلى عائلاتٍ واحدة، نتيجة قصف بيوتهم التي يتحصنون فيها، الأمر الذي رفع عدد شهداء العائلات، مثل كوارع وحمد وشعبان، والحاج والأسطل وغيرهم كثير.
يدعي الإسرائيليون أن جيشهم هو واحدٌ من أكثر الجيوش أخلاقيةً في العالم، وأنه يتمتع بمناقبية عالية، وأنه لا يخرق قوانين الحرب، ولا ينتهك قواعد القتال، ولا يعتدي على البيوت الآمنة، ولا يستهدف المدنيين في دورهم، ولا يغدر بهم، وأنه يحترم حرمتهم في حال كونهم غير محاربين، وأنه لا يستخدمهم دروعاً بشرية، ولا متاريس للقتال، ولا يقاتل في أماكن تجمعهم، وأنه لا يستخدم في قتاله ضدهم أسلحةً محرمة، ولا يعتمد وسائل قتالية غير مشروعة، وأنه لا يستخدم القوة المفرطة، وأنه يفرق بين المدنيين والمقاتلين، وأنه يتعمد تنبيه المدنيين وتحذيرهم، ليتجنبوا الخطر في مناطق الأعمال الحربية.
الحقيقة هي عكس ذلك تماماً، فجيش الكيان الصهيوني يستهدف المدنيين الآمنين، ويستخدم ضدهم القوة المفرطة ويبالغ فيها، ويستخدم الأسلحة المحرمة والممنوعة دولياً، بل إنه يجرب الأسلحة الجديدة، ويختبر قدراته الحربية في الميدان، ويتعمد اجتياح المناطق المدنية، التي تكتظ بالسكان، وفيهم أطفالٌ وشيوخٌ ونساء، وهو يحاصرهم ويعاقبهم، ويعتدي عليهم ويقتلهم، وإلا كيف يفسر لنا تدمير عشرات البيوت، واستشهاد عشراتٍ من سكانها تحت الأنقاض وبين الركام.
الإسرائيليون غضبوا جداً عندما تم اختطاف ثلاثة من مستوطنيهم، وادعوا بأن الفلسطينيين يخطفون ويقتلون أطفالاً، بحجة أن اثنين من المخطوفين كانوا دون الثامنة عشرة، الأمر الذي يعني أنهما ما زالا أطفالاً قاصرين، ونسي الكيان الصهيوني وحكومته أننا نفاوضه منذ سنواتٍ ليقبل بالتعريف العالمي للطفل، بأنه كل من لم يتجاوز الثامنة عشر من عمره، إلا أن الحكومة الإسرائيلية، وعلى وجه الخصوص منها مصلحة السجون، ترفض هذا التعريف، وتصر على أن الطفل هو كل من لم يتجاوز السادسة عشر من عمره، ولهذا فهي لا تعتبر نفسها تعتقل أطفالاً، أو تحتجز قاصرين فلسطينيين، طالما أنهم تجاوزوا السادسة عشر.
يتبجح المسؤولون العسكريون الإسرائيليون بعملياتهم المخزية ضد الشعب الفلسطيني، ويدعون أنهم نالوا من المقاومة، أو قتلوا مقاومين، وأنهم استهدفوا مخازن السلاح، ومنصات الصواريخ، وقواعد الإعداد والتجهيز، وغير ذلك مما يتعلق بالبنى التحتية للمقاومة، ويضللون جمهورهم بأنهم أضعفوا المقاومة، ووجهوا لها ضرباتٍ موجعة، وأنهم أسكتوا صواريخهم، ودمروا منصاتهم، وأن الساعات أو الأيام القادمة ستشهد استسلامهم وهزيمتهم، وستجبرهم على القبول بالشروط الإسرائيلية، والتخلي عن الهوية والبندقية والمقاومة.
لكن الحقيقة هي غير ذلك تماماً، فالواقع يكذبهم، والاحصائيات تفضحهم، وسوابق الأحداث تنفي زعمهم، وتفند أقوالهم، وتعري حقيقتهم، وتثبت دوماً أنهم يكذبون ولا يصدقون. 
الخميس 17:35 الموافق 10/7/2014
 

 (11)
صور من نبض الشارع الفلسطيني
لا أكاد أصدق ما أسمعه من المواطنين الفلسطينيين في غزة والضفة والقدس، ومن الثابتين في أرض فلسطين التاريخية والشتات، تعليقاً على العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، فقد جاءت تعبيراتهم صادقة، وتعليقاتهم رائعة، وشجاعتهم نادرة، وجرأتهم لافتة، إذ لا خوف في كلماتهم، ولا تردد في مواقفهم، ولا ندم على مقاومتهم، ولا استغراب لما يفعله الإسرائيليون، ولا أمل في غير الله يرجون.
كلماتهم فيها رجولة، ونبرتهم تملؤها الحماسة، وتحميها الأنفة، وتعليقاتهم تقطر نبلاً وشهامة، وتعبر عن نخوةٍ وغيرة، وتتطلع إلى عزةٍ وكرامة، عزَّ أن يتمتع بها الملوك والروؤساء، والقادة والأمراء.
إنهم على الرغم من الجرح النازف، والشهيد الصاعد، والبيوت المهدمة، والقصف المتواصل، ودوي الانفجارات التي لا تتوقف، والغبار الذي يسد الأفق ويملأ المكان، والطائرات الحربية التي تحوم في السماء، وتقصف نارها حمماً كالموت، إلا أنهم يستشعرون النصر، ويشتمون هزيمة العدو، ويدركون أن بعد هذا الليل نورُ فجرٍ يتسامى، وضياء صبحٍ ينبلج، وأن القيد الذي يريد العدو أن يضعه حول معاصمهم قد انكسر، ولن يعود من جديد، فقد استجاب القدر لهم، ولبى إرادتهم، وانتصر لعزيمتهم، وسيكون معهم وإلى جانبهم.
جميلةٌ هي كلماتهم المعبرة، التي تضج بالحياة، ويسكنها الأمل، كلماتٌ لا وجود فيها لليأس، ولا مكان فيها للضعف والخوف، إنها كلماتٌ بسيطة ترد على ألسن العامة قبل الخاصة، لا زخرف فيها ولا تنميق، ولا سجع ولا وزن، إنما هي تعبيراتٌ تلقائية بسيطة صادقة وواضحة.
•    يا أهلنا  في الضفة وفي الـ48، مفعول المولوتوف متل مفعول الصاروخ، اشتغلوا في اخوات الشليتة.
•    يا ناس الحرب البرية فرصة لتحرير أسرانا من السجون، فلا تخافوا منها، هي خير لنا، اليهود خائفين منها، لا تصدقوهم، هم جبناء والله، نحن نعرفهم، خوافين، حرب برية يا ويلهم منها يا ويلهم.
•    بينما يهرع الجبناء إلى الملاجئ مع كل صاروخ، فإن فنجان القهوة لا يهتز على شفاه رجالنا إذا ما هزت صواريخهم الأرض.
•    كالعادة ،،، بعد كل حرب تشنها إسرائيل على غزة، الشعب الفلسطيني يزداد إصراراً على التحرير، شعبية حماس والمقاومة تزداد، والمواطن الفلسطيني ترتفع أسهمه أمام العالم، والحزب الإسرائيلي الحاكم يسقط في الانتخابات، والمؤمنون بالمفاوضات، يعيشون أزمة سياسية وفضيحة إعلامية مذلة، ورغم ذلك فإنهم لا يتوبون عن التحرش بالسادة المقاومين.
•    كل حرب خاضها العدو ضد قطاع غزة، تسببت في إسقاط أو موت رئيس الحكومة الصهيونية المعتدي.
•    إسرائيل هي التي تطلب الوساطة لوقف إطلاق النار، نتنياهو يعرف أنه انهزم، ما لم يستطع وقف إطلاق الصواريخ فقد انهزم، وهو لا يستطيع وقفها بالغارات الجوية، لذلك يقصف المدنيين بعصبية وعشوائية، ثم هو لا يستطيع اجتياح غزة براً، هو يعلم ما سيلاقي في مدينة مسلحة مليئة بالشباب الغاضبين، لذلك يدور يطلب الوساطة، أيها الناس مهما طالت هذه الحرب، فقد انتصرنا فيها.
•    لو تمتلك ‫المقاومة‬ فقط 10% من عتاد الأنظمة ‫‏العربية‬ الحالية، لن أبالغ لو قلت لكم أننا سنصلي يوم الجمعة في المسجد الاقصى فاتحين بإذن الله.
•    الله أكبر، حماس طلعت اليهود عن دينهم رسمي، ما في مجال، آفي ديختر أنطقه الله صدقاً، "مخطئ من ينتظر تركيع حماس، فهي لا تركع إلا في الصلاة".
•     نحن جاهزون لأشهرٍ من القتال مع إسرائيل، والحرب هذه المرة نوعية، قد فرضها العدو، ولكننا لن نوقفها إلا بشروطنا.
•    مستوطنوا أسدود بيحزنوا، بيدخلوا الملاجئ مع كل صاروخ طالع، سواء عليهم أو على تل الربيع أو حيفا.
•    غزة فجرها شهادة، ويومها غضب، وصبرها مغالبة، ورجالها أطهار، ونساؤها ثوار، وأطفالها رجال، وماؤها غضب، ودمعها إصرار، وكلماتها رصاص، وعزفها كرامة، وأحذيتها تيجان، وقمامتها تشرف أرتال المتساقطين ... حفظ الله غزة
إنها بعض كلماتٍ أطلقها فلسطينيون وعرب، في ظل الحرب والمعركة، يعبرون فيها بجرأةٍ وشجاعة، وأملٍ ويقين، ويرون فيها أن هذا هو زمانهم، وأنه قد آن أوان نصرهم، وأن ما كان بالأمس مستحيلاً، فإنه في ظل المقاومة بات ممكناً ويسيراً.
الجمعة 3:30 الموافق 11/7/2014
 

 (12)
صمتٌ متخاذلٌ وتبريرٌ متآمرٌ
مخطئٌ من يظن أن صواريخ المقاومة الفلسطينية عبثية، وأنها ألعابٌ صبيانية نارية، لا تقتل ولا تجرح، ولا تصيب ولا تصل، ولا تلحق ضرراً ولا تسبب أذىً، وأنها تخطئ أهدافها وتضل طريقها، وأنها تثير السخرية والتهكم، وتبعث على الحزن والأسى.
وأن الكيان الصهيوني لا يعيرها اهتماماً حقيقياً، ولا يوليها أهمية كبيرة لجهة خطورتها، بقدر ما يستغلها لتبرير حربه، وتشريع عدوانه، وإقناع المجتمع الدولي بعدالة قضيته في مواجهة مطلقي الصواريخ، ومهددي حياة المستوطنين، ولهذا فهو يسرع إلى تصوير مكان سقوطها، وتوثيق آثارها، بعد أن يطلق صافرات الإنذار لتكتمل مسرحيته، وتتحقق أهدافه الدعائية، ويبدو أمام المجتمع الدولي أنه الضحية، ليجيز لنفسه بعد ذلك القصف انتقاماً، والهجوم تأديباً.
يبدو أن هذا الفريق من المستخفين بالمقاومة، المهزوزين داخلياً، والمترددين نفسياً، والمهزومين سلفاً، والموظفين لاحقاً، لا يتابعون الشارع الإسرائيلي جيداً، ولا يحسنون قراءة ما يجري فيه، ولا يقدرون على تحليل الأحداث، ولا يرون صورة المجتمع الإسرائيلي المرعوب، فقد أصابهم العمى أو الحقد، أو أعماهم الكره والحسد، أو طمس على قلوبهم الغيظ والكيد، فغابت عنهم الحقائق، وتبدلت لديهم الوقائع.
هؤلاء يحزنهم ما لحق بالإسرائيليين، وأساءهم ما أصابهم، فنسجوا رواية أخرى، تختلف عن رواية العدو، وتتناقض معها، وكأنها تكذبهم وتدحض شكواهم، وتقلل من حجم الأذى الذي يصيبهم، إذ أن العدو يجأر بالصراخ، ويبالغ في الشكوى، ويتعمد إظهار الصور وبيان الآثار، وإحصاء الخسائر والأضرار.
ولكن هذا الفريق لا يكمل دوره، ولا يتم روايته، ولا يكون منطقياً في تقديره، فهو يرى أن الصواريخ عبثية وأنها لا تضر، ولا تصيب أحداً من الإسرائيليين ولا تقتلهم، ولكنه في الوقت نفسه يجيز للعدو الصهيوني أن يقصف ويبطش، وأن يعتدي ويظلم، وأن يقتل ويخرب، فكيف تستوي الأمور وتتسق، في الوقت الذي ينكرون فيه جدوى المقاومة وصواريخها، فإنهم يدعون ويشجعون عقاب الصبية العابثين، وضربهم بشدة وبلا رحمة، تأديباً أحياناً، أو قرصة أذنٍ شديدة في أحيانٍ أخرى.
بل إن هذا الفريق المستخف العابث، الضعيف المهزوز المريض، يحمل المقاومة الفلسطينية مسؤولية العدوان، ويعتبر أنها تسببت في جر رد الفعل الإسرائيلي العنيف على السكان، وأن أرواح المدنيين الفلسطينيين الذين يقتلون في هذه الحرب تقع على مسؤولية المقاومة، وأن العدو الصهيوني برئٌ منها، وغير مسؤولٍ عنها، ولا ينبغي محاكمته أو مساءلته عنها، فقد كان رده دفاعاً عن النفس، ورداً للعدوان، وتأديباً للعابثين المستهترين، ومحاولة لتأمين حياة مواطنيه وضمان سلامتهم.
أم أن هذا السلوك المعيب والشائن، يصدر عن أرضية حقدٍ وكره، وينطلق من بواعث حسدٍ وظغينة، وأن له مبرراته من الغيرة والتنافس، فيجيز أصحابه لأنفسهم الوقوف مع العدو نكايةً بالصديق، والتحالف مع القاتل كرهاً في الضحية، واستغلالاً للفرصة المتاحة للانتقام منه، أو ربما لشطبه وتصفيته، وإزاحته وإبعاده، وإخراجه من دائرة الفعل ومربعات التأثير، بعد أن أعياها وجوده، وأعجزها الانتصار أو التغلب عليه.
عجيبٌ أمر هذه الفئة من العرب والفلسطينيين، وغريبٌ تفسيرها لما يجري، إذ يبدو وكأنها قد أصيبت بعمى ألوان، فلم تعد تدرك أو تميز، أو أنها قد نذرت نفسها للدفاع عن العدو الصهيوني والحفاظ على مصالحه، وتبرير تصرفاته والقبول بسياساته، فهل أنها مقتنعةٌ فعلاً بما تقول، وتعتقد أن تفسيرها للأمور صحيحٌ ومنطقي، وأنها والعدو على حق، وأن المقاومة خاطئة وعلى باطل، وأن الواجب والضمير يملي عليها أن تقف إلى جانب الحق الإسرائيلي، وأن تردع الباطل ولو كان من أهلها، أو جاء على أيدي أبناء شعبها.
يعتريني حزنٌ شديدٌ وأنا أحاول بيان موقف هذا الفريق العربي أو الفلسطيني، الشامت والمتفرج، أو الصامت العاجز، أو المتخاذل الضعيف، أو المحاصر والمطوق، أو المتآمر المعادي، فهذا عدوان يتناقض مع كل المواقف السابقة ويتعارض معها، وهي مواقف تتناقض مع قيمنا ومفاهيمنا، ولا تتفق مع أخلاقنا وموروثاتنا، إذ يلزم من العرب جميعاً قبل الفلسطينيين نصرةً وتأييداً، ومساعدة وتعاوناً، وأن يكون الجميع في خندقٍ واحدٍ، يقاتلون ويواجهون، ويصدون ويردون.
الجمعة 14:30 الموافق 11/7/2014
 

  (13)
الوسطاء
يبدو أن الوسطاء الدوليين بين المقاومة الفلسطينية والعدو الإسرائيلي في هذه الحرب محدودون أو قلة، إذ يصعب القول إنهم معدومون أو غير موجودين، ولكن الحقيقة أنهم قلة جداً، ينتظرون أن يطلب منهم التدخل، أو يتقدمون على استحياء، ويعرضون خدماتهم بترددٍ وبدبلوماسيةٍ عالية.
بعضهم غير فاعلٍ، أو ليس في عجلةٍ من أمره، فهو يضمن مهمته، ولا يخاف على مكانته، فهو قديمٌ وخبير، وعنده تجربة ولديه دراية، وله حصة، وعنده دور، وله على الطاولة أوراق، وأجندته حاضرة لا تغيب، يعرفها الأطراف ويقر بها المتحاربون، وعيونه تراقب وتتابع، وأجهزته ترصد وتسجل، لكنه يترقب وينتظر اللحظة المناسبة، والتوقيت الأفضل بالنسبة له، إذ يرغب في أن يكسب، أو أن يشارك في اقتسام الغنيمة، ويريد أن تُراعى مصالحه، وتحفظ حقوقه عندما تضع الحرب أوزارها، وتعود الجيوش أدراجها، تلك هي مصر.
وبعضهم الآخر غير مقبول، من أحد الطرفين أو من كليهما على السواء، فلا يقوى على التدخل، ولا يستطيع عرض جهوده، أو تقديم خدماته، رغم أن عنده مغريات وعطاءات، وفيه مطمع ولديه مكسب، وقد لا تكون له حسابات خاصة، وليس لديه أوراق على الطاولة، ولا يطمع أن يسجل سبقاً، أو أن يحقق كسباً، بل كل همه أن تتوقف الحرب، وتنتهي المعاناة، وتعود الحياة إلى الجانبين، فلا يتهدد حياة المدنيين خطر حرب، ولا جوع حصار، ولا معاناة عقاب، إن منهم قطر وتركيا.
أما الوسيط الثالث فهم منحازٌ كلياً إلى جانب العدو الصهيوني، ويعمل له وبإمرته، وينفذ تعليماته ويعمل على تحقيق مصالحه، لا يهمه الإنصاف، ولا يعيبه تحالفه مع القاتل، ولا يؤنبه ضميره أن يقتل المدنيون بسلاحه، وأن يحتمي القاتل بقوته ونفوذه، وأن يكون ظهيراً للباطل، وعوناً للظالم، وسكيناً في يد المجرم، فهو لا يرى نفسه إلا خادماً للدولة العبرية، ومنفذاً لرغباتها، ومستجيباً لتوجيهاتها، تلك هي الولايات المتحدة.
وآخرون يراهم الكيان الصهيوني عدواً، وإن لم تكن بينهم عداوة، ولم تنشب بينهم حروب، وهم لا يملكون القدرة على الضغط على العدو، وربما لا يحبون خصمه، ولا يعنيهم نصره، بل يخيفهم وجوده، ويريدون زواله، لكن بغير هذه الطريقة العنيفة القاسية، الهمجية الدموية المدمرة، فهي تحرجهم أمام شعوبهم، وتضعفهم أمام غيرهم، وتفضحهم أمام الرأي العام، وتعري حقيقتهم، وتكشف عن سوء نواياهم، لذا فإنهم يلجأون إلى المؤسسات الدولية، والدول الكبرى، لتصدر قراراً أو تمارس ضغطاً، كي توقف الحرب وتمنع القتال، وإلا فإنهم لن يستطيعوا أن يدافعوا عن صمتهم، أو أن يبرروا لشعوبهم عجزهم وسكوتهم، أولئك هم بقية العرب.
تعثر الوساطات، وتأخر الوسطاء، وعدم اتفاقهم على وسيطٍ فاعلٍ وقوي، محترمٍ ومقدر، وضامنٍ وكافل، يدل على أن الحرب ما زالت مستمرة، وأن الظروف لم تنضج بعد لقيام الوسطاء بالدور المطلوب منهم، والوظيفة المكلفين بها، وأنه ما زال في الوقت متسع للمزيد من الصواريخ والقذائف المتبادلة، ولعددٍ آخر من الضحايا والقتلى، والإصابات والبيوت المدمرة والمؤسسات والهيئات المخربة.
إذ عودتنا الحروبُ السابقة التي يعلنها الكيان الصهيوني على غزة أو على لبنان، أنه يستمر في عدوانه، ويصم آذانه، ولا يصغي لأحد، ولا يسمح لأي وسيطٍ بأن يلعب دوراً، في حال اعتقاده بأنه متفوق، وأن الغلبة له، وأن خصمه سيضعف أو سيهزم، ولن تكون لديه القدرة على الصمود أو الثبات، وأن قدراته ستتراجع،  ومخزونه من السلاح سينضب، وأن كثافة نيرانه ستقل، وقدرته على إطلاق الصواريخ ستتقلص كثيراً، بعد استهداف منصاته، وقتل مشغلينها والعاملين فيها، تخزيناً وتلقيماً وقصفاً، وأن الحاضنة التي ترعاه، والبيئة التي تحفظه، ستنتفض عليه وستغضب، وستضيق عليه وستطالبه بموقفٍ ينهي المعاناة، ويضع حداً للقصف القتل.
في نهاية المطاف ستطلب حكومة الكيان الصهيوني من الوسيط الأول، القديم صاحب الخبرة والتجربة، الذي يملك القدرة على الضغط والإكراه، وممارسة السلطة والنفوذ، والذي يستطيع أن يضمن ويكفل، في اللحظة المناسبة، وفي التوقيت المحدد، الذي تفرضه الجبهة الإسرائيلية المتآكلة، والإنهيار الشعبي المتزايد، الذي سيضغط على حكومة كيانهم، لتوافق على هدنةٍ تحميهم، وتنهي حالة الاستنفار لديهم، وتصل إلى وقفٍ لإطلاق النار جديدٍ أو يحيي القديم، ليعيد إليهم الحياة ويعيدهم إليها.
الحمعة 17:25 الموافق 11/7/2014
 

 (14)
أفيخاي أدرعي
لا أدري لماذا نفتح وسائلنا الإعلامية أمام هذا الصهيوني الدعي، الإسرائيلي الفاجر، العدو المحتل، القاتل الغادر، الكاذب الزنديق، المراوغ المنافق، الذي يقول كفراً وينطق سماً، ويروم شراً، ويزور الحقائق، ويختلق الوقائع، ويبرر القتل، ويجيز العدوان، ويهاجم المقاومة، ويعتدي على المدنيين، ويسفه أحلام المواطنين، ويستهزئ بالعرب والمسلمين، ويتلاعب بعواطفهم، ويستفز مشاعرهم، ولا يحترم عقولهم، ولا يقدر ظروفهم، ولا يراعي أوضاعهم.
أستغرب كيف تستضيف بعض وسائل الإعلام العربية على شاشاتها التي تدخل كل بيتٍ عربي، وتخاطب كل طفلٍ وشيخ، وكل رجلٍ وامرأة، وتساهم في تشكيل عقلية المواطن العربي، وتوجيه ثقافته، وتحديد مصادرها، ورسم اتجاهاتها، رجلاً يستفزنا حضوره، وتغضبنا كلماته، وتؤذينا مفرداته، وتزعجنا مداخلاته، وتؤلمنا اتهاماته، وتشمئز نفوسنا من ابتساماته الصفراء، ونظراته الخرقاء، إنه رجلٌ يؤذينا النظر إليه، ويزعجنا الاستماع إلى كلماته، ويغضبنا جداً إفساح المجال له لأن يدخل بيوتنا، ويعبث في عقول ناشئتنا.
قد أتقن لغتنا العربية، وصار يتشدق بها، متشبهاً بأهلها، ويلوي لسانه ببعض مفرداتها، ويفغر فاه أحياناً لينطق بها، بصوتٍ عالٍ، وبمخارج حروفٍ يحرص أن تكون صحيحة، وإن كانت تبين للكثير أنها بلسانٍ أعجميٍ لا يبين، لا روح فيها ولا صدق، وقد درس الكثير من عاداتنا وتقاليدنا، وبات يفهم طرق تفكيرنا، ويعرف الكثير من طباعنا، ويحفظ مناسباتنا وأعيادنا، ويحرص أن يقدم التهاني للعرب والمسلمين فيها، ببراءةٍ لا يؤمن بها أحد، وبساطةٍ لا تمر على الطيبين من العرب.
باتت الفضائيات العربية تتسابق في الاتصال به، وتفرح بالإتفاق معه، وتدفع لمن ينجح في الحصول على موعدٍ منه، وهو لا يرد سائلاً، ولا يمنع طارقاً، ولا يصد أحداً، بل يجيب على كل متصل، ويلبي كل دعوةٍ توجه إليه، ويبادر بالاتصال، ويوزع على الجميع عناوينه، هواتفه وصفحته الخاصة على الفيسبوك والتويتر، ولديه عناوين إليكترونية متعددة، يجيب فيها على التساؤلات، ويبث من خلالها أوهامه، ويبث عبرها سمومه وخزعبلاته.
وقد أصبح عنده متابعون على التويتر، ومعجبون بصفحته على الفيسبوك، يتجاوز عددهم الملايين، أكثرهم من الشباب العربي، الذين رأوا صورته، وتابعوا حديثه عبر وسائل الإعلام العربية، وهو لا يدخر جهداً في التواصل معهم، ولا يبخل بوقته لمحادثة الشبان العرب ومجادلتهم، وقضاء الوقت متحدثاً معهم، بنفس العقلية والسياسية، بجرأةٍ وقحةٍ، وتحدي سافر، إذ يصر على متابعة الإعلاميين والفنانين، والكتاب ورجال الدين، والعامة والخاصة، ويحرص على مخاطبة أغلبهم بصورةٍ مباشرة، وفي الوقت الذي يتحمل فيه قسوة الردود، فإنه لا يتخلى عن رعونة كلماته وفجاجتها.
كلماته فيها تحدي قذر، وعباراته فيها كبرياء وعناد وقح، وغطرسة وغرور، وكبرياء وفجور، يعتد بقوة جيش كيانه، ويفاخر بتفوقه وقدراته، فيهدد به ويتوعد، ويتطاول على المقاومين وأصحاب الحق، ويتوعدهم بعاقبةٍ وخيمة، وسوء خاتمةٍ مؤلمة، ولا يراعي أنه يتحدث إلى العرب عبر فضائياتهم، ويخاطبهم من خلال وسائلهم، ويتحدث إليهم في بيوتهم، بل إنه يتعمد أن يكون كذلك، مستغلاً ما أتاحته له الوسائل الإعلامية العربية، وكأنه يقول لهم أنه هنا بموافقة العرب، وأنه يدخل بيوتهم مستئنساً بعد أن استأذنهم فأذنوا له، وشرعوا الأبواب له، ومن أوسعها أدخلوه، وفي صدر بيوتهم أجلسوه.
ألا يعرف مستضيفوه، والذين أدخلوه إلى بيوتنا أنه ضابطٌ في جيش الكيان الصهيوني برتبة نقيب، وأنه ناطقٌ رسميٌ باسم جيش الكيان، وأنه يؤدي دوراً، ويقوم بهمة، وأنه لا يظهر على وسائل إعلامنا إلا ليوجه تهديداً، أو لينقل رسالة معينة، مدروسة ومخططاً لها بدقة، فهو يعمل ضمن فريقٍ متكامل، يجمع مسؤولين أمنيين وخبراء في علم النفس، يدرسون كل كلمة، ويعرفون المقصود منها والغاية المرجوة منها.
استضافته إهانة، والاستماع إليه رسالة، والحديث معه شبهة، وإتاحة المجال له خيانة، وتمكينه من بث سمومه جريمة، والسكوت عن دخوله بيوتنا انتهاكٌ لحرماتنا، وهتكٌ لستر بيوتنا، وتلويثٌ لعقول أبنائنا، وتشويهٌ لثقافتهم، وقتلٌ لمفاهيمهم، واستباحةٌ لمحرماتهم، وهو قلة احترامٍ لنا، وتسفيهٌ لقيمنا، وفيه تفريطٌ في حق شهدائنا، وإساءةٌ لأسرانا، وكسرٌ لقلوب أمهاتنا، وتعريضٌ مهينٌ بأولادهن، وفلذات أكبادهن، وفي استضافته حرقٌ لغزة، وتآمرٌ عليها، وقبولٌ بكل ما يجري لها، ويقع عليها.
السبت 03:35 الموافق 12/7/2014
 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


د . مصطفى يوسف اللداوي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2014/07/12



كتابة تعليق لموضوع : غزة تحت النار
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 

أحدث التعليقات إضافة (عدد : 1)


• (1) - كتب : زائر ، في 2014/07/12 .

السلام عليكم
اولا نبارك لكم صمودكم الرائع اتجاه امريكيا وربيبتها الصهيونية
ثانيا لم نرى موقفا غير الشجب والاستنكار لبنو العرب او من ينادون بارسال الجهاديين والجهاديات لساحات الوغى حتى علمائهم لم نسمع منهم حثا او حثيثا للمرابطة مع المرابطين في غزة
بينما نرى صواريخ الرافضة المجوس كما تسمونهم تدك اسرائيل ولا تقل لي بانها صنعت في ارض فلسطين فانا وانت نعرف ان التمويل ايراني مع الخبرة والتدريب


شكرا لك ايران على ما تقدمينه من دعم للمقاومة الفلسطينية التي تساند اعدائك




حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net