صفحة الكاتب : د . صادق السامرائي

"إيبولا" وفيروس الأفكار!!
د . صادق السامرائي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.



أيهما أخطر "إيبولا" أو فيروس الأفكار؟!

"إيبولا" فيروس ينتقل للإنسان من الحيوانات الأخرى كخفافيش الفاكهة والقرود بملامسة سوائلها الحاملة للفيروس , ويتسبب بأعراض تشبه الملاريا وتتطور فتصاحبها آلام في البطن وإسهال دموي ومن ثم يتطور وتتضاعف خطورته على الحياة.

ومرض فيروس "إيبولا" (حمى إيبولا النزفية) مرض وخيم يصيب الإنسان وغالبا ما يكون قاتلا , ونسبة الوفيات تصل إلى 90% , وعندما يصاب به الإنسان فإنه ينتقل إلى غيره , بواسطة ملامسة دم المريض وإفرازاته أو أعضائه وسوائل جسمه الأخرى.

وقد تعرضت البشرية لموجات وبائية بسببه وإنتصرت عليها , واليوم تتعرض لموجة جديدة ستنتصر عليها حتما.
فهذا الفيروس يقتل البشر لأنه يوظف خلاياهم لقتلهم مثلما تفعل الفيروسات الأخرى , التي تهاجم أعماق الخلايا وتسخرها لأهداف مرضية قاضية على وجودها.

والأفكار أيضا ذات طبيعة فيروسية بحتة وأشد خطورة من الفيروسات , لأنها قتلت من البشر ما لم يتمكن من قتله حتى الطاعون , لأن فيروسات الأفكار تنتشر بسرعة هائلة وبقوة إصابة مروعة , ولديها القدرة على التوالد والتمترس في خنادق إنفعالية عميقة , والتدرع بعواطف سميكة , وهي مزمنة متوارثة يستحيل الخلاص منها بسهولة , لأن مقاومتها تؤدي إلى إنبعاجات وتفاعلات تساهم في تعزيز وجودها , وتنشيط  تكاثرها وتواصلها مع الأجيال , ولهذا تجدنا مصابين بفيروسات الأفكار منذ قرون وقرون , ولا نمتلك مهارات الشفاء منها.

فيروس "إيبولا" يمكن محاصرته والوقاية منه , بينما فيروسات الأفكار يتعذر الوقاية منها ومعالجتها , لأن جلدها سميك جدا , ومحيطها الإنفعالي شديد السخونة والغليان.

وما يتحقق في الواقع البشري هو وبائية الأفكار المستوطنة في بقاع متعددة منه , مما يدفع إلى تسريع دوران ناعور سفك الدماء , لأن فيروس الأفكار يستعبد المصاب به , ويستخدمه لتدمير ذاته وموضوعه , فيتحول البشر إلى دمية يتحكم بتفاعلاتها فيروس الفكرة المصاب بها.

ودرجات الإصابة بفيروس الأفكار تتراوح ما بين البسيطة والعالية الشدة , ما بين الإعتدال والتطرف الأعمى الذي يتحرك ككتلة النار الملتهبة الحارقة , وهذه الإصابات لا يمكن السيطرة عليها وعلاجها, وإنما ربما تستدعي محق المصاب بها , مما يؤدي إلى تحقيق متواليات الويلات والتداعيات البشرية المريرة.

ويبدو أن الإصابة بأي فيروس هو أقل خطورة من الإصابة بفيروس الأفكار , لأن الأخيرة تحقق  الموت والعداوة المتوارثة الشرسة , بينما الأولى تتسبب بالموت فقط , ولا تبني متاريس إنفعالية سالبة مثلما تفعله فيروسات الأفكار.

ومشكلة الفيروسات الفكرية أن جذورها إنفعالية راسخة تمتهن الأدمغة وتصادر خياراتها وتستعبدها تماما.

فهل مِنْ لقاحات واقية ضد فيروسات الأفكار الفتاكة؟!!

 


 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


د . صادق السامرائي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2014/08/09



كتابة تعليق لموضوع : "إيبولا" وفيروس الأفكار!!
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net