لا أقصد المسلسل المصري التراجيدي الذي أنتج عام 2006 , والذي يتناول المشردين في الشوارع والفقر والتفكك الأسري الذي يعانونه وما يدفع بهم للجريمة والعنف , وإنما أقصد لفظة "أولاد الشوارع" التي نتداولها في المجتمع وعِبر الأجيال , ومعناها أن الشارع في مجتمعاتنا مدرسة شرور وفساد أخلاق وقيم , وموئل ثقافة سلبية وسلوكيات مشينة , وألفاظ منحطة.
وكما هو معروف , فلا يخلو مكان في أي بلاد من الشارع , وهذا يعني أن مواطن إفسادنا وقتل الخير فينا كثيرة ومنتشرة في حاراتنا ومدننا كافة.
ويعني أيضا , أن حال خروجنا من البيت أو المدرسة والدائرة , فأننا سنكون في نهر الفساد والشرور وضياع القيم والأخلاق والمعايير.
فنقول عن كل سفيه وناقص وفاسد وشرير أنه "إبن شارع"!!
فكيف بربك نتحدث عن الأخلاق والقيم والمجتمع الصالح المنضبط المتحضر , وشوارعنا ميادين شرور وفساد وسوء تصرف وانحرافات؟
فلا أحد يعيش في مدينة أو قرية أو ناحية ولا يسير في شارع أو يقضي وقتا في الشارع , حتى ولو كان يقود سيارة أو دراجة هوائية أو نارية , فلا بد أن يمر بالشارع ويتأثر بما يحصل فيه .
ترى لماذا لا نُصلح شوارعنا؟
لماذا لا نجعلها جميلة زاهية تنتشر فيها الأشجار والزهور , والصور الجميلة والأرصفة النظيفة الحديثة , ولماذا لا نعمل على تحويلها إلى سوح للثقافة والمعرفة وبناء الأخلاق والقيم والمبادئ؟!
لماذا نهمل شوارعنا , وفي واقع الحال كلنا "أولاد شوارع" , وما يؤكد ذلك ما وصلنا إليه من سوء المصير ورزاءة الأحوال على جميع المستويات.
وهكذا فلكي نتغير نحو الأحسن ونتقدم ونعيش عصرنا , ونكون مثل الآخرين في مجتمعات الدنيا المتحضرة , علينا الإهتمام الجاد بشوارعنا لأنها مدارسنا ومختبرات صيرورتنا , ومنها نتخرج وفيها نتعلم العديد من السلوكيات الصالحة والطالحة.
ومن المعروف أن الشوارع في المجتمعات المتقدمة , تبدو بهيجة مصانة نظيفة ذات إبداعات جمالية ولمسات فنية , وفيها يتعلم الناس الكثير من المعارف والسلوكيات القويمة اللازمة لمستقبل أفضل.
فشوارعنا مدارسنا الفكرية والثقافية والفنية والموسيقية , وعلينا أن نهتم بها ونصلحها , ونجتهد في صيانتها ونظافتها وزهوها.
فكلنا أولاد شوارع , وكيفما تكون شوارعنا نكون , لأنها مرآة وجودنا!!
فهل سنتخلص من النظرة السلبية الإحتقارية للشارع , ونبدلها برؤية حضارية جديدة متفقة مع عصرنا المتباهي بالإبداع والجمال؟!!
قناتنا على التلغرام :
https://t.me/kitabat
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat