داعش صورة أخرى لهزيمتنا ...!
فلاح المشعل
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
فلاح المشعل
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
انهزمنا إعلاميا في المعركة ضد داعش ، كما انهزمنا عسكريا في واحدة من الإنتكاسات التي تنبأنا بها قبل حدوثها ، وهاتان الهزيمتان تؤكدان حقيقة ان الإعلام يشكل الوجه الاخر من خندق الصراع ، ومن ينتصر إعلاميا يمكن ان ينتصر عسكريا ، والعكس صحيح .
فشل الإعلام العراقي الرسمي والحزبي يأتي عبر خلو ساعات او صفحات البث والنشر من التعريف بماهية داعش ، والظروف التي شاركت بصناعتها وبلورة وجودها وتمددها في الداخل العراقي ، وكيف وجدت لها حواضن في المحيط السني ؟ ولماذا ؟
لم يكن ثمة تعريفا أو تثقيفا بخلفيات هذا التشكيل المكرس للذبح والإبادة وماهي الأسباب التي جعلتهم يتخذون من اسم الدولة الإسلامية ، متى نشأ وكيف انتشر بهذه السرعة ؟ ماهي عوامل الدعم اللوجستي والديماغوجي له ، او التركيب العقائدي ، وهل له ارتباطات وتساوق مع التنظيمات الإسلامية المجاورة ؟ من اين يأتي الدعم المالي لداعش ؟ وكيف يجهز بالمتطوعين والأسلحة والتدريب ؟ عبر اي منافذ يتسلل للعراق وهل يتعشق مع خلايا القاعدة النائمة ؟
كيف تسنى لبعض التنظيمات العراقية السرية ان تتواصل معه ،وتشترك بهجماته على الموصل وصلاح الدين وغيرهما من المدن ؟؟
اي العشائر تلك التي بايعت داعش واعطت ولائها للمدعو البغدادي ، ومن هي الحواضن التي استقبلته بتفاعل ؟ واي العشائر واجهته بالرصاص والموقف الوطني ؟
هذه الاسئلة كان من الواجب ان ينشغل بها الإعلام العراقي ، ويحرض بدوره المؤسسة الأمنية والمخابراتية ،النائمة هي الأخرى ، في العثور علي اجابات ووضع استعداد وتهيا لمعركة الوجود والمصير مع اخطر تهديد وحشي يتعرض له العراق وشعبه بكل مكوناته .
الإعلام العراقي بدا بحالة من البلاهة وعدم المبالاة والعدمية المطلقة والسطحية التي اعطت لإعلام داعش تفوقا في تحقيق غاياتها رغم انه اعلام سيء وسلبي ، عدواني غريزي في احسن توصيف له ، بمعنى انه يهدد غريزة الحياة لدى المتلقي الذي يقشعر جسده لمرأى افعال داعش في الذبح والجريمة ،ولايساوره سوى الإستسلام لهذا الوحش الداهم .
لم يجد الإعلام الرسمي من ادوات واسلحة واعية يواجه او يناور بها ، واقتصر منهج شبكة الإعلام العراقي على استعارت اسلوب بائس موروث من زمن صدام في معاركه السابقة ، واقصد حشد مجموعة من المنشدين والفنانين في اغاني بائسة ليس لها قيمة معنوية او ثقافية او تعبوية ..!؟
واذا انتهينا من الأغاني المتهالكة البائسة ، انتقلنا للشعر الشعبي والاهازيج التي تعيد الإيحاء بايام ام المعارك وقادسية صدام من ناحية تجميد محفزات الوعي ، وتعميق البعد الطائفي والعاطفي الساذج ...!
هذه المشتركات اجتمعت في عموم القنوات الطائفية والحزبية والتجارية اضافة الى الفضائية العراقية التي بالغت كثيرا بعزلتها .
لقد كشف واقع الإعلام العراقي خلال وبعد ضياع الموصل وبقية المدن عن هزال الساحة الإعلامية ، وخلوها من العقليات الإعلامية القادرة على رسم منهج حر يمتلك قوة الحضور والكشف والتعرية والأشتباك مع الحدث من رؤية واعية وجاذبة لمشروعيتها وقوة نفوذها في الوعي المجتمعي .
ارتباط المؤسسة الإعلامية بسلطة الحكومة الفاسدة وتوجيهاتها ، اصابها بالعمى والتخلف والهزيمة كحال المؤسسة العسكرية التي انهارت على نحو مخزي ، ليس له مثيل في التاريخ .
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat