صفحة الكاتب : د . مصطفى يوسف اللداوي

ألمُ الحرِ ووجعُ الشريف
د . مصطفى يوسف اللداوي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.



إن من أشد ما يؤذي الحر الشريف ويؤلمه، ويحز في نفسه ويحزنه، ويوهن نفسه ويضعف جسده، ويبلي صحته ويحل بسلامته السقم، ويصيب روحه بالبِلى، وحياته بالبَلى، ويحل به عِظَم البلاء، وبؤس الشقاء،

أن يرى ظالمه على الأرض يمشي، وبين الناس يسير، على قدميه واقفاً، سليماً معافى، مالكاً لأمره قوياً، متمكناً عصياً، يدك الأرض، ويجر الذيل، ويتطلع إلى الجبال طولا، 

سعيداً فرحاً، فخوراً مغتراً، متكبراً متعجرفاً، متعالياً مباهياً، غيرَ خائفٍ ولا وجل، ولا يضطرب ولا يرتبك،

ينعم بخيراته ويستمتع بما سرق، يوزع ويفرق، ويقسم ويعطي، ويظهر البذخ، ويتعمد الترف،

يضحك لؤماً، ويبتسم حقاً، وتنفرج أسنانه عن خبثٍ،

لا يخاف انتقاماً، ولا يخشى ثأراً، ولا يتوقع الهزيمة، ولا يتصور أن تبور تجارته، وتغور في الأرض أمواله،

ولا يتحسب من انقلاب الأحوال وتغير الظروف،

يعتمد على قوته، ويتستظل بالظلم، ويحصن نفسه بالاعتداء،

يستكثر من الظالمين، ويحيط نفسه بجوقاتٍ من الفاسدين، ويورث أولاده ظلماً أشد، ويحملهم أمانةً أسوأ،

اطمأن من قلق، وارتاح من تعب، وخلد من سهر، ونام ضميره وقد سكر،

ولكن الحر الشريف لا ينسى حقه، ولا يفرط فيما كان له، ولا ينسى ظالمه، ولايعفو عن قاتله، ولا ينام عن ضيمٍ حل به، أو خديعةٍ وقع فيها، أو مصيبةٍ دبرها له شانئوه، أو صنعها له الكائدون.

فلا يركنن ظالمٌ أن الزمان سيبقى له أبداً، ولا تطمئن نفس غادرٍ أن سيف العدل لن يطوله،

ولا يستشعرن القوة شاب، وإن بدا فتياً جلداً، ولا يغترن بعقله أنه ماكرٌ أريبٌ، وأنه يقظٌ ودوماً حذرٌ، 

ولا يستهينن بالعدل والقصاص من ظن نفسه على الأرض متجبراً، وبين الناس بمن حوله محصناً، 

فقد علمنا الزمان، وكذا كانت سنن الحياة ونواميس البشر،

أن الحيوان لا ينسى من يخيفه، ولا يأمن له ولا يخفض له جناحه، كما أنه لا يغدر بمن يحنو عليه ويعطف،

ولا الإنسان يقبل بأن يصعر الخد دوماً، ولا أن يطأطئ الرأس أبداً، ولا أن يعيش بين الحفر عمراً،

قد علمنا الزمان، وحفظ لنا التاريخ، وبقيت بيننا العبر والحكم،

يدركها العالمون، ويتعلم منها العاقلون، ويتجنب عاقبة أمرها ذوو الأحلام والنهى،

أن الحق لا يموت، وأن الصفعة لا تنسى، وأن الحر لا يستطيب عيش العبيد، ولا يرضى برغدٍ ذليل، وعيشٍ مريرٍ، ومهانةٍ في كنف ظالمٍ لعين، وأنه إن انتقم فليس بغادرٍ، وإن ثأرَ فليس بخائنٍ، وإن استعاد حقه ورد الصفعة بأقسى منها وأشد فليس بظالمٍ ولا معتدي، فرد الاعتداء عدل، وصد العدوان شرف، وطعن الباطل شجاعةٌ ونبلٌ وشهامة.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


د . مصطفى يوسف اللداوي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2014/09/27



كتابة تعليق لموضوع : ألمُ الحرِ ووجعُ الشريف
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net