صفحة الكاتب : سليم عثمان احمد

قطر تسقط أمريك وتكسب تحدي رهان المونديال
سليم عثمان احمد

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

أسقطت دولة قطر الصغيرة، التي لا تتجاوز مساحتها الجغرافية ال11ألف كيلومترا مربع، أمريكا العظمي،وكسبت رهان  و شرف استضافة مونديال كأس العالم لكرة القدم عام 2022،خلال تصويت جرئ لأعضاء اللجنة التنفيذية، للاتحاد الدولي لكرة القدم( الفيفا) الذين يحق لهم التصويت، والبالغ عددهم 22 عضوا جري في مدينة زيورخ السويسرية ،وكان من حسن الطالع أن الشخص الذي ترأس لجنة ملف قطر للمونديال ، وقدم عرضا مبهرا، بلغة فرنسية أنيقة،أمام أعضاء( الفيفا) ووفود الدول المختلفة ورجالات الصحافة، قبل ليلة واحدة من التصويت علي الملفات المترشحة، لاستضافة المونديال ، كان شابا قطريا ممتلئا حيوية مفعمة بالأمل،وهو في ذات الوقت، نجل أمير دولة قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، وهو أيضا رئيس لجنة الملف القطري، الشيخ محمد بن حمد ال ثاني ويبلغ  من العمر 22 عاما فقط، وفي الوقت الذي كانت جموع هادرة، من المواطنين القطريين والجاليات العربية والأجنبية، المقيمة علي أرض قطر الطيبة الخيرة ،تستقبل وفد قطر العائد من زيورخ منتصرا في معركة شرسة،مع كل من أمريكا التي استضافت المونديال، عام 1994واليابان وكوريا الجنوبية، التي استضافتا نسخة عام 2002واستراليا التي لم تحظ من قبل بشرف الاستضافة،بالورود وأكاليل الزهور والدموع والإعلام العنابية والأهازيج ومواكب الفرح المجنح، في مطار الدوحة الدولي، وفي كل الشوارع والكورنيش وأكاديمية اسباير الرياضية ،وفي الوقت الذي استقل فيه وفد قطر العائد من زيورخ، برئاسة الشيخ محمد بن حمد والشيخة موزه بنت ناصر المسند(أم جاسم) حرم سمو الأمير، وأعضاء الوفد حافلة ضخمة مكشوفة، وجابوا شوارع الدوحة وسط ارتال من سيارات المواطنين، والمقيمين الذين شاركوا أهل قطر فرحتهم الكبيرة، باستضافة المونديال،وفي الوقت الذي أطلقت فيه آلاف السيارات العنان لأبواقها،كان الرئيس الأمريكي باراك اوباما يحط خلسة في احدي القواعد الأمريكية في أفغانستان،ليخاطب جنوده ، بعد أن فقد صوابه وأطلق تصريحا، لا ينم عن انه قائد للتغيير المرتجي في أمريكا  والعالم، عندما قال ان أعضاء الفيفا اخطأوا، حينما قرروا إسناد استضافة  مونديال 2022 لدولة قطر، مستبعدين بلاده العظمي (أمريكا) وما كان لرئيس دولة عظمي تدعو الآخرين دوما إلي احترام قواعد اللعبة الديمقراطية، في كل شئ أن يتفوه بتصريح مشين كهذا، اللهم إلا تحت تأثير الصدمة التي ألجمت السن الأمريكيين جميعا ولم يتفوهوا بكلمة ،بينما  حاول رئيسهم المفجوع ان يقلل من فوز قطر علي بلاده  وينتقص من قدرها وأقدار من ساندوا ملفها الرصين والبديع والمبهر في كل شئ، وفي الوقت الذي تحدث فيه الرئيس  الأمريكي الأسبق بيل كلنتون مطولا، ومتجاوزا الزمن المحدد له في عرض ملف بلاده دون احترام لبرتوكول الفيفا ،كان أمير قطر الشيخ حمد بن خليفة وحرمه المصون الشيخة أم جاسم، وبعض أنجاله وأعضاء لجنة الملف،  يجلسون في القاعة بكل تواضع،يستمعون إلي كلنتون وهو يتحدث عن نفسه وعن ابنته وليس عن محتويات ملف بلاده كان حوالي 14 عضوا من أعضاء اللجنة التنفيذية للفيفا قد انبهروا بالملف القطري،واقتنعوا تماما، انه يستحق أن يمنحوه أصواتهم الغالية، فيما لم يحصل الملف الأمريكي سوي علي 8 أصوات  رغم خطبة كلينتون المطولة وتداخل اوباما نفسه بالأقمار الاصطناعية للترويج للملف الأمريكي.
 لكن تعالوا نحاول في عجالة قراءة الأسباب والمبررات التي جعلت قطر هذه الدولة العربية الصغيرة، والتي هي شبه جزيرة ولا يتجاوز عدد سكانها مليوني نسمة أن تحظي بشرف استضافة نهائيات كأس العالم عام 2022، باسم العرب جميعا والشعوب المسلمة ودول العالم الثالث قاطبة بينما فشلت دول كبري مثل أمريكا واليابان وكوريا الجنوبية واستراليا؟
لعل في مقدمة هذه الأسباب، يأتي اهتمام القيادة القطرية الحكيمة، والملهمة والعاشقة  للرياضة عموما وكرة القدم علي وجه الخصوص، فهذه القيادة تعشق الرياضة بشكل كبير،ولا تدخر وسعا في دعم مسيرة العمل الرياضي، حتى غدت الدوحة بحق عاصمة للرياضة ليس في الشرق الأوسط فحسب، بل في العالم قاطبة،فالذي يزور الدوحة يبهره كل شئ فيها، فشعبها شعب ودود، ومحب لكل الأجناس ،وشوارعها نظيفة،وربما كانت من أكثر مناطق العالم أمنا،وقد عايشت ذلك بنفسي، منذ أكثر من عشرة أعوام، من إقامتي فيها ،وفيها بني تحتية رائعة وفخمة، وعدد كبير من الفنادق من فئة 5و7 نجوم والكثير من المطاعم والأماكن الترفيهية، ولا تقل الدوحة بحال من الأحوال في تعاملها الثقافي والحضاري ،عن اكبر المدن العالمية لا تقل عن لندن وباريس وبون وغيرها من مدن العالم،كما تتمتع قطر بعدد كبير من والاستادات الجميلة ،غير أن القائمون علي أمر ملفها يعدون العالم كله بإنشاء أكثر من 12 إستادا منها ستة استادات  جديدة بمواصفات عالمية سيكون كل واحد منها بمثابة تحفة معمارية تحكي عظمة التراث المعماري العربي والإسلامي ،فقد خصصت دولة قطر أكثر من خمسين مليار  دولار لاستضافة المونديال    في حين وعدت روسيا التي سوف تستضيف نسخة المونديال عام 2018 فقط عشرة مليارات دولار وهذا يؤكد أن ملف  قطر كان بالفعل قويا ومدهشا ومبهرا للكل خاصة أعضاء الفيفا فالملف لم يوفر فقط الشروط الفنية للفيفا بل وعد بما هو أكثر من ذلك فكل المنشات التي سوف يتم تشييدها خلال الأحد عشرة عاما المقبلة، ستراعي فيها المحافظة علي البيئة من خلال استخدام مواد وتقنيات حديثة للغاية  لا تضر بالبيئة ،فمعظم والاستادات سوف تضاء بالطاقة الشمسية، بل ستعمل أجهزة التبريد بذات التقنية، وقد تغلبت قطر علي عامل الطقس، الذي كان البعض يتخوف منه، مما يجعل حظوظ قطر ضعيفة في الظفر بشرف استضافة المونديال، حينما تضمن ملفها وعدا جريئا بان تكون كافة الملاعب التي سوف تقام عليها المباريات مكيفة، وان لا تتجاوز درجة الحرارة فيها 27 درجة وهي أجواء مثالية للغاية في فصل الصيف الذي ترتفع فيه درجات الحرارة الي أكثر من 50 درجة في الخليج، وهو ربما ما جعل قطر، ترصد كل هذه الأموال الضخمة لتشييد هذه البني الرياضية العملاقة.
حق لقطر أن تفوز بهذا الشرف العالمي، وحق لقيادتها وشعبها أن يفرحا كثيرا، بما تحقق من انجاز غير مسبوق ،فالانجاز كما قال سمو الأمير وولي عهده وكل القائمين علي أمر ملفها هو انجاز لكل العرب،بحسبان أنها المرة الأولي التي تحظي فيها دولة عربية وإسلامية بشرف استضافة المونديال في الشرق الأوسط ،منذ أن استضافت الارغواي النسخة الأولي من هذا العرس العالمي الكبير عام 1930،ولم يأت فوز قطر من فراغ، فقد خططت قطر منذ وقت طويل، وعمل أعضاء ملفها قرابة عامين دون كلل أو ملل، حتى تحقق الفوز، ودولة قطر لها رؤية عميقة وطويلة تمتد حتي عام 2030 تشمل تنمية وتطوير كافة مناحى الحياة في البلاد .
 ومن حسن الصدف، أن الفيفا اسند استضافة مونديالي 2018 و2022 لأكبر دولتين لإنتاج الغاز المسال في العالم  هما روسيا وقطر، والغاز من الطاقات النظيفة،ولعل من الأسباب الاخري التي ساهمت علي فوزالملف القطري ان قطر اليوم تتمتع بخبرة استثنائية في كامل المنطقة في استضافة المؤتمرات العالمية في شتي المجالات ،وقد استضافت بنجاح في شتاء 2006 دورة الألعاب الأسيوية وفي تلك الدورة لمع نجم الشيخ محمد بن حمد آل ثاني حينما بهر العالم كله بصعوده علي صهوة جواده لقمة إستاد خليفة الدولي فأوقد شعلة انطلاق تلك الفعاليات ،واستضافت قطر العديد من بطولات التنس العالمية ،ولا تزال تستضيف العديد من البطولات الرياضية وهي العاصمة العربية الوحيدة التي تزورها المنتخبات العالمية الكبرى كالبرازيل والأرجنتين وانجلترا،ويكفيها فخرا أن النجم العالمي الجزائري الأصل، الفرنسي الجنسية، زين الدين زيدان، كان ضمن سفراء ملف ترشحها للمونديال،كما يكفيها فخرا أن أكثر من مائة جنسية تتعايش علي أرضها، في سلام ووئام ،اما الحديث عن امتلاكها لسلسلة قنوات الجزيرة الإخبارية والوثائقية والعالمية والرياضية ،وقنوات الدوري والكأس الرياضية فليس بخاف علي أحد، ومواقفها الإنسانية في العالم مشهودة فهي من جمع الفرقاء اللبنانيين وأصلحت ذات بينهم، وكذلك مواقفها في اليمن مشهودة وفي السودان قامت دولة  قطر وتقوم بادوار غاية في العظمة، فهي تحتضن الآن مفاوضات سلام دارفور التي نام لان تطوي ملف الحرب بنهاية هذا الشهر كما أعلن الرئيس البشير والوسطاء،  وتعمل علي توفير القوت للسودانيين ،من خلال استثمارها في الزراعة، وفي المجال العقاري وغيره، تفعل كل ذلك دون من آو أو أذى ويقوم سفيرها في الخرطوم سعادة السيد علي بن حسن الحمادي، بدور كبير في مزيد من تعزيز علاقات البلدين الشقيقين .
التهنئة نسوقها حارة لإخواننا القطريين حكومة وشعبا، ولكل العرب والمسلمين من المحيط إلي الخليج،بهذا الفوز ، ولعلها فرصة طيبة لنا في السودان كما لكل إخواننا العرب في أن يزيدونا تشريفا بوصول اكبر عدد من منتخباتهم إلي مونديال 2022 فلو فعلت دولة قطر كل هذا الانجاز التاريخي ،غير المسبوق للعرب والمسلمين، وأثبتت بعزيمة وإرادة قيادتها وشعبها، أنها قادرة علي قهر المستحيل،وكما قال المتنبى:
فعلي قدر أهل العزم تأتي العزائم
وتأتي على قدر الكرام المكارم
وتعظم في عين الصغير صغارها
وتصغر في عين العظيم العظائم
 فلا اقل من أن نقتدي بها في كل شئ فهي حقا قدوة للعرب ومثال طيب يحتذي في التغيير الحقيقي الذي تقوده قطر بخطى ثابتة ومدروسة وبفكر خلاق وجرأة ومثابرة والهام وأخيرا فغن دولة قطر بإذن الله كما وعد قادتها سوف تنظم أعظم مونديال في التاريخ وليس ذلك علي الله ببعيد  .
                   يا رب:

يا رب إن عظمت ذنوبي كثرة

فلقد علمت بأن عفوك أعظم

إن كان لا يرجوك إلا محسن

فبمن يلوذ ويستجير المجرم

مالي إليك وسيلة إلا الرضا

وجميل عفوك ثم أني مسلم


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


سليم عثمان احمد
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2011/04/27



كتابة تعليق لموضوع : قطر تسقط أمريك وتكسب تحدي رهان المونديال
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net