صفحة الكاتب : حيدر المالكي

ياســـر عرفـــات.. وضيــــاع القضيــــــه
حيدر المالكي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 لم يكن رحيل الزعيم الفلسطيني ياسر عرفات في الحادي عشر من نوفمبر 2004 سوى رحيلا جسديا بايلوجيا كأي انسان اخر بلغ من الكبر عتيا وان اختلفت الروايات في طريقة موته واسبابها واتهام البعض لاسرائيل بتسميمه بمادة البولونيوم المشع واتهام زوجته لبعض رفاقه بالتأمر عليه وقتله سريريا !

في الحقيقة فان موت ياسر عرفات كقائد ثوري وزعيم سياسي كان في ايلول من عام 1993 عندما وقع اتفاقية اوسلو مع رئيس الوزراء الاسرائيلي انذاك اسحاق رابين والذي اطلق فيها رصاصة الرحمه على عقود طويله من كفاح الشعب الفلسطيني في سبيل استعادة ارضه وشرفه..
في ذلك الاتفاق اعترف عرفات بحق الاسرائيليين بالوجود على ارض فلسطين وقيام الدولة العبريه على "ارض الميعاد" منهيا والى الابد فكرة فلسطين التاريخيه من النهر الى البحر بعد ان افل _على ما يبدو_ نجم جيفارا وهوتشي منه في مخيلته وتحول من صقر كاسر الى "حمامة سلام" و اوهم نفسه بانه سيصبح مانديلا العرب وبطل الحرب والسلام .. فطلق قضيته والقى ببندقيته جانبا بعد ان وصل به العمر الى خريفه و تزوج من سهى الطويل الفتاة الشقراء الجميله ذات السبعة والعشرين ربيعا ومال الى حياة الدعة والاستقرار ممنيا النفس بدويلة على حدود عام 1967 تظم فقط الضفة الغربية وقطاع غزه يرفع فوقها العلم ذي الالوان العربيه الفاقعه ويصبح بطل التحرير القومي الذي لايشق له غبار..

لعقود طويله اعتبر العرب والمسلمون القضية الفلسطينيه قضيتهم المركزيه كما اعتبرها جميع الاحرار في العالم.. ولعقود طويله بقي عرفات وحركة التحرير الفلسطينيه يحتكران لقب الممثل الوحيد والشرعي للشعب الفلسطيني وترسل لهم الاموال والاسلحه من كل حدب وصوب قبل ان تجتمع بقية الفصائل السياسيه والنضاليه باجنحتها المختلفه تحت مظلة منظمة التحرير الفلسطينه

بدأ عرفات حياته السياسيه كمناضل ثوري على طريقة جيفارا و هوتشي منه متخذا من حرب العصابات طريقة ومنهجا قتاليا عنيفا جعل الاسرائليين يحسبون له الف حساب ويعتبرونه (الارهابي الاخطر) على امن واستقرار "دولتهم الوليده "..
بلباسه العسكريه وكوفيته الفلسطينيه التي حرص على ان يرتديها بطريقة تشبه الى حد كبير خارطة فلسطين استطاع ياسر عرفات ان يصبح علامة فارقه في تاريخ النضال الفلسطيني ويمتلك كارزما مؤثره بين اتباعه ومريديه.. وقد حظي حينها بدعم وتعاطف عربي ودولي واسع خصوصا من الدول ذات النهج الثوري التقدمي كزعيم تحرري لقضية عادله عندما اسس حركة التحرير الفلسطينيه والتي كانت تعرف اختصارا بالاحرف الاولى (حتف) وهو الموت الذي كانوا يتمنونه لاعدائهم قبل ان يعكسوا اسمها لتصبح (فتح) تيمنا بفتح القدس وقيام الدولة الفلسطينيه التي كانوا يحلمون بها ويرخصون ارواحهم و دمائهم في سبيلها وقد بقيت تعرف بهذا الاسم حتى يومنا هذ..
استطاع المهندس الثﻻثيني الشاب في بداية مشواره النضالي ان يحول اللاجئين الفلسطينين في الاردن ولبنان ودول الشتات الاخرى الى مقاتلين اشداء وفدائيين قضوا مضجع العدو واصبحوا الرقم الاصعب في معادلة الصراع العربي-الاسرائيلي ليبدأ معهم اهم فصل في قصة كفاح الشعب الفلسطيني حيث بلغ الصراع ذروته حين اصبحت حركة فتح الصاعقه مالئة الدنيا وشاغلة الناس بعملياتها النوعيه و بطولاتها الفدائيه انموذجا لكل حركات التحرر في العالم الثالث..

تمر اليوم الذكرى العاشره لرحيل عرفات والشعب الفلسطيني يعيش اعمق وامر حالات انقسامه ..فمن يستمع لخطاب الرئيس محمود عباس وانتقاداته اللاذعه لحركة حماس ورئيسها اسماعيل هنيه بالتصريح تارة والتلميح تارة اخرى يضن انه يتكلم عن دولة اخرى ويدق طبول الحرب معها بعدما عمدت حماس الى ازالة المنصه التي كان من المقرر اقامة حفل تابين عرفات عليها في غزه !
قضية _بحجم القضية الفلسطينيه _ ينبغي ان لا يساوم عليها احد وان لا تخضع لمنطق استنزاف الوقت والمعنويات وصولا الى الاستسلام والتطبيع فهي ليست ملك الجيل الحالي ولا الجيل الذي يليه انها قضية شعب عمره الاف السنين وسيبقى على ارضه الى الابد حتى يتمكن من استعادتها في يوم ما فدوام الحال من المحال..هكذا قضيه يجب ان تبقى الحماسة لها متقدة دائما في قلوب من يؤمن بها لتبقى _على الاقل_ محتفظة ببريقها ووهجها الثوري عسى ان يأتي جيلا قويا غاضبا يستطيع استرجاعها عندما لم يجد وثيقة عار واستسلام موقعه باسم زعيمهم التاريخي !..
المشكله تكمن في عدم وجود قياده ثوريه قويه وصلبه يلتف حولها الشعب فالفصائل اليساريه تعاني العزله بسبب ايدلوجياتها وسقوط الاتحاد السوفيتي حليفهم الرئيس اما الحركات اليمينيه الاسلاميه تتبنى نهجا متشددا غير واقعيا وتفتقد للخبرة و لادنى مقومات القياده فحماس على سبيل المثال التي تقيم مأتما لابي مصعب الزرقاوي السفاح الذي ذبح الاف العراقيين وتتملق سوريا وايران من اجل الدعم المادي ثم تنقلب على عقبيها وتعلن عدائها لهما بمجرد تغيير الموازين في ما يسمى بالربيع العربي لا تصلح ابدا لقيادة قضيه بحجم القضية الفلسطينيه ذات الابعاد الاقليميه والعالميه وهكذا تبقى القضيه خاويه وبلا قياده بعد ان باعها العرب واداروا ظهرهم لها ورحل زعيمها الذي كان في مرحلة ما زعيم كل الفلسطينين وقائد مسيرتهم النضاليه قبل ان يسقط سقطته القاتله في اتفاق اوسلو وما تبعه من اتفاقات مذله غير متكافئه ووعود جوفاء لم يحصد منها الفلسطينيون الا الوهم والخواء..


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


حيدر المالكي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2014/11/12



كتابة تعليق لموضوع : ياســـر عرفـــات.. وضيــــاع القضيــــــه
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net