صفحة الكاتب : د . رزاق مخور الغراوي

أثبات الرؤية الشرعية للهلال وعلاقتها بقول الفلكي -جدليات في الاطروحات الفقهية الامامية -
د . رزاق مخور الغراوي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

جمهورية العراق

وزارة التعليم العالي والبحث العلمي

جامعة الكوفة

كلية الفقه 

 

تأليف

د.رزاق مخور داود الغراوي

 

المحتويات

تمهيد

1

المبحث الاول منهجية البحث والدراسات السابقة

5

المطلب الاول منهجية البحث

5

المطلب الثاني الدراسات السابقة

8

المبحث الثاني الاطار المفاهيمي النظري لعلم الفلك

10

المطلب الاول مدخل مفاهيمي

10

أولا:تنوع جدليات الآراء العلمية في المدارس الاسلامية

10

ثانيا:أنواع الشهور القمرية

11

ثالثا:أسس الحسابات الفلكية لرؤية الهلال

12

المطلب الثاني وقفة مع المفاهيم

18

أولا:المفاهيم القرآنية المتصلة بالهلال

18

ثانيا:معنى الجدلية

20

ثالثا:الهلال

21

رابعا:أدوار الهلال

21

خامسا:الرؤية

21

سادسا:رؤية الهلال

22

سابعا:طرق أثبات الهلال

23

ثامنا:حساب عمر الهلال

25

تاسعا:التقويم القمري وأهميته

26

عاشرا:تعيين الوظيفة الشرعية (الاصل العملي)

27

المبحث الثالث آراء الفقهاء الامامية  حول قول الفلكي في أثبات رؤية الهلال

29

المطلب الاول:عدم اعتبار قول الفلكي بشكل مطلق

29

المطلب الثاني: قبول قول الفلكي عند الاطمئنان بصحته

32

المطلب الثالث: قبول قول الفلكي واعتباره قرينة

33

المبحث الرابع: جدليات الدراسات الفقهية الإمامية في إثبات الشه

40

المطلب الأول: جدليات الفقهاء في إثبات الرؤية

40

المطلب الثاني: شرطية وحدة الأفق وعدمها

43

الاستنتاجات والتوصيات

52

الاستنتاجات

52

التوصيات

53

المصادر والمراجع

54

 

 

 

 

تمهيد:

ليس هناك أقوى في التأثير الفكري وخلق مشاريع التغيير الإنساني من حراك الأسئلة اللاهبة التي يثيرها الفقهاء والفلاسفة والمفكرون بحثا عن إجابات مقنعة للعقل وصامدة أمام مواجهات النقد والتقويم والمراجعة لصواب الجواب وصحة معطياته ، فالسؤال عندما يثور يشحذ قوى الذهن لأفضل المشاريع والمنجزات الفكرية و المادية على مر التاريخ البشري ، فسقراط الذي كان يثير الأسئلة الصادمة للمارة في طرقات اثينا كان يحرك الكثير من العقول نحو التفكير في المسكوت والمجهول ، حتى أُتهم بإثارة الشغب وانتهاك التقاليد الدينية .

ان جدلية الدراسات والبحوث الفقهية الدائرة بين فقهاء الامامية حول واحدة من المصاديق أو المعاني المتعارفة المهمة في تأدية المناسك العبادية-اثبات الرؤية الشرعية للهلال وولادة الشهر الاسلامي-في ضوء مسارات قبلية من التفكير والاستدلال والمناهج والاطروحات في المقاربة والاقناع ، لفرض نظرية حديثة أو اعادة صياغة جديدة لفهم النص تلائم متطلبات التطور الحاصل في العلوم التكنولوجية، قد تكون هذه الجدليات الموما اليها تسعى الى التقاط المشتركات بين الآراء في الفكر الفقهي الامامي المعاصر، مما يحقق المساعدة في طريق التأسيس لنظرية ونموذج يوافق وينطبق مع الاطروحة السماوية المقدسة،ومن جهة أخرى يقر ويحترم ما جاء به العلم الحديث بعد العصرنة الالكترونية الداخلة ضمن الدائرة البحثية العلمية الأفقية التي اشار اليها النص القرآني المجيد قال تعالى" سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق أولم يكف بربك أنه على كل شيء شهيد".[1]

لا يخفى على القارئ الكريم ما مدى أهمية البحث والدراسات الفقهية الذي يطرقه علماء الامة حول مسألة إثبات الهلال ضمن الحدود الفقهية، وذلك لما تحتله هذه المسألة من مساحة لا بأس بها في البحث الفقهي من جهة، ولما لها من تأثير حيوي للمجتمع المسلم ـ من جهة أخرى.

حيث تعمَّق في السني الأخيرة الاتجاه الذي يتبنى معطيات علم الفلك في إثبات الأهلة وبداية الشهور تبعاً لذلك وهو اتجاه لمعت فيه عدة أسماء لأعلام فقهية معروفة في الوسط الإسلامي الشيعي، من بينهم المرجع السيد الخامنئي والنكراني وفضل الله وغيرهم الذين لم يكونوا الأوائل ممن دعوا إلى الإفادة من هذه المعطيات، وإن كان لهم الدور الريادي في تعميق هذا الاتجاه والإفصاح عنه، بل وتطبيقه عملياً في حياة المسلمين، وبالأخص فيما يتصل بهلال شهري رمضان وشوال، وهلال شهر ذي الحجة، مما هو موضع ابتلاء المسلمين، وربما كان أول من أشار إلى دور الفلكي هذا، وعده في طرق إثبات الهلال الشهيد السيد محمد باقر الصدر، حيث ذكر في جملة الطرق[2]:(كل جهد علمي يؤدى إلى اليقين أو الاطمئنان بأن القمر قد خرج من المحاق، وأن الجزء النيّر منه الذي يواجه الأرض –الهلال- موجود في الأفق بصورة يمكن رؤيته، فلا يكفي لإثبات الشهر القمري الشرعي أن يؤكد العلم بوسائله الحديثة خروج القمر من المحاق ما لم يؤكد إلى جانب ذلك إمكان رؤية الهلال..)، وتبعه على ذلك من تلاميذه الشهيد محمد الصدر حيث ذكر في جملة ما يمكن إفادته من المراصد الحديثة - على حد قوله - من الناحية الفقهية:(أن يثبت أن الهلال كبير بحيث يكون قابلاً للرؤية، الأمر الذي يمكن به إثبات أول الشهر وإن لم يره بالعين المجردة أحد)[3]، ولمعت أسماء لأعلام فقهية في الوسط الإسلامي السُنّي، من بينهم الشيخ يوسف القرضاوي والشيخ مصطفى الزرقا، والشيخ أحمد محمد شاكر. .

ومهما يكن من أمرٍ، فإنّ اتجاهاً فقهياً آخر ينفي إمكان التعويل على المعطى العلمي (الفلكي)، وهو الاتجاه السائد عند الفقهاء والمتفقهين، وإن كان هناك من يميّز بين مجالي الإثبات فلا أثر لقول الفلكي فيه – عنده - لإثبات الهلال وبداية الشهر، وبين مجال النفي حيث يكون لقول الفلكي أثر كبير في قيمة دعاوى الرؤية، إذ مع نفي الفلكي لإمكانية الرؤية فإنه يُجرد دعاوى الرؤية من الاعتبار وينفي صدقيتها[4] ويحسن أن نشير إلى أنّ للبحث في شؤون الهلال جانبين، أحدهما بحث فقهي صرف لا شأن لغير الفقيه أو المتفقه في إبداء رأيه فيه، لكونه غير مؤهل علمياً، وذلك لجهة حصر هذا الاختصاص على المشتغلين به، فإن كان أحد من المشتغلين به فله ذلك وإلاّ فهو غريب وأجنبي عنه، ومن هذا الباب ما يجري من البحث في كون الشهر المأخوذ في الأدلة مما ورد في القرآن الكريم أو الروايات هو الشهر الفلكي الذي يتحقق ببداية الدورة المعروفة للقمر بالولادة أو هو الشهر العرفي الذي يتحقق برؤية الهلال وظهوره أو إمكان ظهوره للناس، ومن هذا الباب أيضاً ما يجري من البحث في كون الرؤية المأخوذة في الأدلة وسيلة وطريقاً للعلم ببداية الشهر على حدّ الطرق الأخرى، أو هي مأخوذة على نحو الموضوعية لتكون جزءً في موضوع الحكم الشرعي، فيكون تحديدها بيد الشريعة ذاتها،وكذلك جرى الكلام بين الفقهاء على مصداق الرؤية هل هي الرؤية المتعارفة عند صدور النص أو أطلاق الرؤية لتشمل العين المجردة والمسلحة،بل وصل الجدل عند بعضهم في هذه المسألة بان قالوا بالانصراف إلى المعنى المتعارف لا إلى المصداق المتعارف وهو معروف بالاصطلاح الاصولي، وما جري عند الفقهاء من أن المعتبر وحدة الأفق في إثبات الهلال، حيث اتّفقت كلمتهم على عدم اعتبار الرؤية في نفس البلد، بل تكفي الرؤية في خارجه، وقد استفاضت الروايات في ذلك،كما اتّفقت كلمتهم على كفاية الرؤية في بلد آخر إذا كان متحداً معه في الأُفق، كما إذا كانا متحدين في المطالع.

ومثل الثاني ما إذا كانا مختلفين في المطالع لكن الثبوت في بلد يكون مستلزماً للثبوت في البلد الآخر بالأولوية، مثلاً إذا رُئي الهلال في البلد الشرقي فيكون حجّة بالنسبة إلى البلد الغربي، لأنّ حركة القمر من الشرق إلى الغرب، فإذا رُئي في الشرق يكون دليلاً على تولّد الهلال تولّداً شرعياً قابلاً للرؤية عند الغروب في المشرق قبل وصوله إلى المغرب.

فهذه الموارد الثلاثة لا يطرأ عليها الاختلاف، إنّما الكلام والبحث فيما إذا اختلف الأُفق وشوهد الهلال في البلاد الغربية فهل يكفي ذلك للبلاد الشرقية أو لا؟

والفقهاء في هذه المسألة على طوائف ثلاث[5]:

الأُولى: مَنْ لم يتعرض للمسألة ولم يصرِّح بالفرق أو بعدم الفرق بين البلاد المتقاربة والمتباعدة.

الثانية: مَنْ صرّح بالمسألة وفرّق بين المتباعد والمتقارب، وهم الأكثر.

الثالثة: مَنْ لم يفرّق بينهما، و عطف المتباعد على المتقارب، وكذلك البحث في أن قول الفلكي هل هو معتبر أو غير معتبر لوجود دليل على عدم اعتباره، أو عدم الدليل على ذلك.

ويمكن اختزال آراء الفقهاء في موضوع الرؤية الى خمسة اتجاهات[6]:

1- فمن الفقهاء من يشترط مرور زمنٍ معتد به للقمر بعد ولادته ليصبح هلالا ويراه الناس رؤية فعليّة وبالعين المجرّدة وفي منطقة واحدة كمنطقة العراق مثلا أو إيران أو الخليج أو سورية ولبنان .فاشتراط وحدة الأفق – أي وحدة المنطقة –ورؤية الناس فعلا ولو بشاهدين عادلين على أقل تقدير، وأن تكون بالعين المجرده وهي بعض شروط تحقق الهلال التعبدي لبداية الشهر عند المرجع الديني السيد السيستاني وهذا الرأي يوافق فتوى السيد الخميني.

2- ومن الفقهاء من يوافق الرأي الأول في الرؤية الفعلية وفي وحدة المنطقة التي يُرى فيها الهلال ولكنه لا يتقيد ولا يشترط العين المجرّدة بل يجوز أن تعتمد العين على منظار مكبر لرؤية الهلال أو الإعتماد على مرصد، وهذا ما يسمى بالعين المسلّحة بآلة تكبير، وهو ما يذهب إليه المرجع الديني السيد الخامنئي كما هو المشهور عنه .

3- ومن الفقهاء من يشترط - كالرأيين الأول والثاني- الرؤية الفعليّة، ويوافق الأول دون الثاني بالعين المجرّدة ولكنه يخالفهما في شرطيّة وحدة الأفق، أي وحدة المنطقة، حيث يكتفي برؤية الهلال في أي بلد من بلدان العالم القديم – آسيا وأوروبا وأفريقيا دون الأمريكيتين –ليثبت في بقية بلدانها وهو رأي يتبناه المرجع الديني السيد محمد سعيد الحكيم.

4- ومن الفقهاء من يرى بعض شروط الأقوال الثلاثة المتقدمة ولكنه يوسع دائرة الثبوت في بقية المناطق ليشمل الأمريكيتين مع القارات الثلاثة، فإذا رؤي الهلال فعلاً في أمريكا أو أفريقيا أو أوروبا فإنه يثبت في بقية بلدان الكرة الأرضية بشرط وحدتها في الليل مع البلد الذي رؤي فيه الهلال فعلاً .وهذا هو رأي استاذ الفقهاء السيد الخوئي.

5- ومن الفقهاء من يرى رأي السيد الخوئي ولكنه لا يشترط الرؤية الفعلية بل تكفي إمكانية الرؤية ولو لم يره أحد فعلاً، بمعنى أن مرور زمان – 14 أو 15 ساعة أو أكثر أو أقل بحيث يمكن تسميته هلالا قابلا للرؤية ولو لم يره أحد – فإن ذلك يكفي لإثبات الهلال –هلال الصوم أو هلال العيد- .وهذا الرأي تبناه المرجع الديني السيد محمد حسين فضل الله.

ولتحقيق هذه الغاية قسمت مسار هذه الدراسة البحثية الى أربعة مباحث ، خصص المبحث الأول منها للتعريف بمنهجية البحث والدراسات السابقة وثانيها-المبحث الثاني- لتقديم خلفية نظرية وعلمية عن علم الفلك وعلاقته بالهلال، فيما خصص المبحث الثالث،آراء وأقوال علماء الفلك في أثبات الهلال عند فقهاء الامامية.أما المبحث الرابع فقد أختص بجدليات الدراسات الفقهية الامامية في اثبات الشهر، وسنحاول في هذا المبحث الأخير وهو مدار البحث الوقوف على جملة من الدراسات والبحوث الفقهية والآراء التي أفرزها جدل الواقع والمنهج المعرفي في تبويب قائم على أساس الحقول العلمية السائدة في زمننا الحاضر فيما يخص الجانب العلمي الفقهي وعلاقته بالجانب العلمي والحسابي الفلكي لأثبات الرؤية الشرعية للهلال وولادة الشهر الاسلامي الجديد،مع نظرته القائمه على جدلية شرطية وحدة الافق أو عدمه.

واختص الدواء الأخير بالاستنتاجات والتوصيات.

 

 

المبحث الأول: منهجية البحث والدراسات السابقة

يتناول هذا المبحث منهجية البحث من حيث مشكلة البحث واهداف واهمية البحث فضلا عن فرضيات البحث ومحدداته وأهم الدراسات السابقة ذات الصلة بموضوع البحث، وقد قسم المبحث على مطلبين هما :

المطلب الأول- منهجية البحث:

أولاً: مشكلة البحث

لا يخفى على المسلمين أهمية ثبوت الرؤيا الشرعية للهلال أو ولادة الشهر الهجري الجديد لما له من ارتباط وثيق ببعض العبادات والمناسبات الدينية الواجبة كالصوم والحج ،وهناك عدة طرق –وسائل-لأثبات الرؤيا الشرعية للهلال،وتكمن مشكلة البحث الحالي في التساؤلات الاتية:

1.    ما هو المفهوم العلمي-الفلكي-لولادة الهلال ؟

2.    ما هي آراء الفرق والمجاميع الاسلامية في تحديد الشهر الاسلامي الجديد؟

3.    ما هي القراءات والجدليات الفقهية للمدرسة الامامية لأثبات الرؤيا الشرعية للهلال وما مدى قبوليتها أو رفضها لقول الفلكي؟

4.    ما هي الآراء والقراءات في جدلية شرطية وحدة الافق وعدمه؟

ثانياً: أهمية وأهداف البحث

تتضح أهمية وأهداف البحث الحالي من خلال النواحي الاتية:

1.    تكمن أهمية دراسة رؤية الهلال في اعتباره مقدمة لازمة لأداء بعض المناسك والمناسبات الدينية المفروضة.

2.    توضيح دور العلم ووسائل التكنلوجيا الحديثة في تحديد الزمان والمكان للاستهلال، فضلاً عن ذلك أثبات الرؤيا الحسية-العلمية-للهلال،وكيفية احتسابه.

3.    التعرف على الاراء والقراءات العلمية للمدارس الاسلامية-عدا الامامية-في تحديد الشهر الاسلامي الجديد.

4.    استعراض الدراسات والبحوث الفقهية عند المدرسة الامامية في أثبات الرؤيا الشرعية للهلال،

   فضلاً عن ذلك معرفة شرطية وحدة الافق وعدمه.

ثالثاً: فرضية البحث

للبحث في مسألة الرؤية عدة فروض: .

الأول:.

أنّ الموضوع هو الرؤية، فهل هي منصرفة إلى العين العادية أو يعمّها والعين ذات البصر الحاد، وعلى كلّ تقدير فهل الموضوع هو الرؤية بالعين المجردة أو يعمّ الرؤية بالعين المسلحة المستندة إلى النظارات القوية؟

وبعبارة أخرى أن نفترض أخذ الرؤية في لسان الأدلة الشرعية جزءً في موضوع الحكم الشرعي(وجوب الصوم)، وأخرى لا نفترض ذلك، بل تكون الرؤية طريقاً محضاً لإحراز الشهر والعلم به، وعلى الأول لا يبقى ثمة مجال لبحث المسألة، وذلك لأن موضوع الحكم الشرعي مما يحدده الشارع، ومما يرجع تشخيصه إليه، وما لم يدل دليل من الشارع فلا مجال لتنزيل العلم بقول الفلكي منزلة الرؤية بعد افتراض موضوعيتها. وعلى الثاني-أي الطريقية- ينفتح مجال للبحث، وذلك لأن الرؤية طريق لإحراز الشهر، فمن أي طريق أُ حرز الشهر وعلم بتحققه كان علم المكلف حجة عليه، ولزمه ترتيب الأثر الشرعي من الصيام أو الفطر. .

الثاني: .

أن نفترض كفاية قول الفلكي على نحو مطلق، وبكلمة أخرى: يمكن التعويل على قول الفلكي بصدد تحديده لوقت ولادة الهلال وخروجه من المحاق وهو ما يعرف بالولادة الفلكية، وأخرى نفترض عدم كفاية ذلك، بل يعتبر قوله فيما إذا أثبت إمكانية رؤية الهلال وموقعه. .

الثالث: .

أن نفترض لقول الفلكي دوراً إيجابيا في المسألة، وأخرى دوراً سلبياً فيها. أما الإيجابي فالمراد به أن يثبت بقول الفلكي دخول الشهر وتحققه، على نحو يكون إحراز الشهر والعلم به حاصلاً من قول الفلكي نفسه، وأما السلبي فالمراد به أن يكون لقول الفلكي دور ما للتحقق من صدقية بعض الإمارات وصحتها مما دلّ الدليل على شرعيته، كما لو شهد عدلان أو شاعت الرؤية بين قوم وأثبت الفلكي استحالة الرؤية أما لعدم ولادة الهلال أصلاً، أو لعدم اكتساب القمر الضوء الكافي، لجهة قصر المدة الزمنية التي أعقبت الولادة. .

 

الرابع: .

أن نفترض إفادة قول الفلكي العلم بتحقق الشهر تارة، وأخرى عدم إفادة العلم به. وعلى الافتراض الثاني لا يبقى مجال للبحث بعد افتراض عدم إفادته العلم فلا يكون حجة و لا يسوغ التعويل عليه عندئذٍ، وأما على الأول فلا إشكال انه مما ينفتح به البحث وتظهر به الثمرة، إلا إذا ثبت دليل ينهى عن حجية مثل هذا الطريق العلمي.

الخامس: .

ويقع البحث في التعويل على علم الفلك على نحو مستقل‎، كما لو أثبت الفلكي إمكانية الرؤية وموقع الهلال أو عدم إمكانيتها واستحالتها، ويقع البحث تارة أخرى في التعويل عليه كمساعد لإثبات الرؤية، كما لو تم اللجوء إلى بعض المناظير لتحديد موقع الهلال ثم التصدي لرؤيته بالعين المجردة. .

وعلى الثاني لا ثمرة كبيرة للبحث بعد افتراض تحقق الرؤية بالعين المجردة، وعلى الأول يدخل الفرض في البحث وينفتح به مجال واسع. .

رابعاً: محددات البحث

عدم توفر الكم الكافي من المصادر والمراجع العلمية الحديثة في حقلي الفلك والفقه لإغناء الجانب الدراسي والبحثي فيه،ويلاحظ هذا الشأن افتقار المكتبة الاسلامية عموما والعراقية خصوصا لمثل هذه المصادر والمراجع.

 

 

 

 

 

 

 

 

المطلب الثاني- الدراسات السابقة

أولا: دراسة المحقق الشيخ فاضل النكراني 1425هـ

"اعتبار الاجهزة الحديثة في رؤية الهلال"

وقد استنتج في هذه الدراسة أنّ الملاك لمّا كان هو ثبوت الهلال‌‌، والرؤية ليست إلاّ طريقاً مؤدّياً إليه لتحصيل اليقين بثبوته‌‌، وأيضاً ليس الملاك في بداية الشهر ووجوب الصيام إلاّ اليقين بثبوت الهلال ـ وأنّ الهلال أمر واقعي تكويني يتعلق بالليلة الاُولى من الشهر ـ فإنّ الرؤية بالوسائل والأجهزة الحديثة هي معتبرة شرعاً ومجزية في ثبوت الهلال وليس فقط الرؤية بالعين المجردة.

ثانيا: دراسة الاستاذ فردوس بن يحيى 2005

"أحاديث رؤية الهلال-محاولة اكتشاف التطور في مفهومها-"[7]

حاول الباحث في هذه الرسالة ايجاد مفهوم جديد للاحاديث النبوية الشريفة  بخصوص الهلال وقرائتها وفهمها بأسلوب جديد يلائم التطور الحاصل في عالم التقنيات، نحو القاء ضوء جديد في مفهوم حديث الرؤية بواسطة علم الفلك.

ثالثاً:  دراسة المحقق الشيخ جعفر سبحاني 1428هـ

-رسالة في شرطية وحدة الافق وعدمها-

مفاد هذه الدراسة مناقشة مسألة إذا ثبتت رؤية الهلال في بلد ولم تثبت في بلد آخر فهل تكفي رؤيته في ذلك البلد بالنسبة إلى البلد الآخر الّذي لم ير فيه الهلال أو لا،حيث قال أنّ المعلوم ليس تمام الموضوع ولذا لو علمنا برؤية الهلال قبل الغروب، لا يحكم على ذلك الوقت بداية الشهر الجديد، بل هو جزء الموضوع ويجب أن ينضم إليه قيد آخر، وهو خروج القمر عن تحت الشعاع وقت الغروب حتى يكون بداية الشهر الجديد، وهو طبعاً يتضيق ببلد الرؤية وما يليه من الآفاق الغربية لا الشرقية،والقول بأنّ الخروج عن تحت الشعاع في غرب ما، يعدّ هلالاً، للبلاد التي لم يخرج فيه عنه وقت الغروب، أمر لا يلائم ظاهر النصوص ولا يصار إليه إلاّ بدليل صريح كما افاده الشيخ السبحاني.

 

 

 

رابعا: دراسة الدكتور الشيخ فاضل الصفار 1429هـ

"رؤية الهلال بالاجهزة الفلكية-دراسة فقهية-

تهدف هذه الدراسة الى الاستعانة بأجهزة الرصد الفلكي لتحديد وضع الهلال أو تشخيص رؤيته ضمن الشروط والضوابط الشرعية التي ذكروها الفقهاء في بحوثهم الفقهية، ويرى ان الفقيه لا يمكن ان يستغني عن قول الفلكي بعتباره من أهل الخبرة، فضلا عن ذلك انه يمكن التعويل على قول الفلكي في اثبات الرؤية الشرعية للهلال لأن قوله يفيد العلم.

خامساً: دراسة الفقيه الشيخ مكارم شيرازي 1431هـ

"بحث حول رؤية الهلال"

توصل في هذه الدراسة الى  أنّ الملاك الحقيقي لمعرفة الشهر ليس هو وجود الهلال واقعاً بل إنّ المعيار قابليته للرؤية بالعين المجرّدة.

ويرى أنّ «الامارة» أو «الطريق الشرعي» في علم الاصول لا يقع فيه الخطأ كثيراً، وأنّ الناس سيحرمون من درك واقع الأمر لو وقع فيها خطاء كثير، ففي موارد تكون الامارة كثيرة الخطأ عن الواقع ينبغي القول أنّ الامارة لها موضوعية لا طريقية.

وما يمز الدراسة الحالية - أثبات الرؤية الشرعية للهلال وعلاقتها بقول الفلكي،جدليات في الاطروحات الفقهية الامامية -عن الدراسات السابقة ببعض الفوائد والنكت العلمية يمكن اختزالها بالنقاط الآتية:

1.انها دراسة جامعة وشاملة نسبياً للمطالب والمقاصد الدراسات السابقة.

2.تعتبر الدراسة الحالية التجربة الأولى في البيت الشيعي الامامي في النجف الاشرف.

3.مزجت الاطروحات العلمية الفلكية والاطروحات البحثية الفقهية تحت طائلة النص القرآني والروائي بنوع من القراءة والفهم الحدثوي الاستنباطي.

 

 

 

 

 

المبحث الثاني: الاطار المفاهيمي والنظري لعلم الفلك

ويقوم المبحث الحالي بمعرفة الآراء والاقوال بشكل نافع ومختصر لأهم المجاميع والفرق الاسلامية لتحديد واثبات الشهر الاسلامي وفق مبناها العلمي والشرعي ، كما تطرق الى ما توصل اليه العلم الحديث من بيانات وحسابات فلكية علمية دقيقة مختلفة عما عليه في السابق والذي اطلق عليه بعلم التنجيم والهيئة ويوضح الادوار والمراحل التي يمر بها القمر من حين ولادته وحتى فترة المحاق واختزلنا هذا المبحث بمطلبين:

المطلب الأول: مدخل مفاهيمي

وهذا المطلب يمكن توضيحه من خلال النقاط الآتية:

الأول :تنوع جدليات الآراء العلمية في المدارس الاسلامية

إذا رجعنا لعلماء الشريعة الإسلامية في البلاد العربية والإسلامية المختلفة نجد أنهم منقسمون في هذه المسألة إلى أربع مجموعات وهي[8]:

1.    مجموعة تأخذ بالحساب الفلكي بديلاً عن الرؤية الشرعية مثل(ليبيا ـ تونس ـ الجزائر ـ تركيا ـ ماليزيا ـ بروناي ـ أندونيسيا).

2.    مجموعة تأخذ بالحساب الفلكي كمدخل للرؤية الشرعية الصحيحة ولكنه ليس بديلاً عنها مثل(مصر)وبعض البلدان الموالية لها عقائديا وسياسياً.

3.    مجموعة تتمسك بالرؤية بالعين المجردة أو المنظار (ايهما كان)وترفض الحساب الفلكي (السعودية ـ الهند ـ الباكستان ـ بنجلاديش ـ المغرب . ايران) وبعض البلدان والاطراف الموالية للسعودية عقائدياً وسياسياً أيضا.

4.    مجموعة حصروا ثبوت الرؤية الشرعية للهلال بالرؤية بالعين المجردة وهم بالغالب مؤسسات دينية يرجع اليها الناس بالتقليد وهو عند المدرسة الامامية،أو بمفهوم الطاعة كما هو عند مدارس علماء الجمهور[9].

وحتى المجموعة الأولى التي تأخذ بالحساب الفلكي فهي منقسمة على عدة مجموعات فرعية:

أ‌-           مجموعة تتمسك بأنه إذا كان مكث الهلال بعد غروب شمس يوم 29 في الشهر الهجري ولو بدقيقة واحدة يصبح اليوم التالي هو بداية الشهر الهجري الجديد (تونس).

ب‌-      مجموعة تأخذ بمقررات المؤتمر الإسلامي في أسطنبول عام 1978 وهو أنه لابد أن يكون ارتفاع القمر فوق الأفق بمقدار (5) درجات ويكون بعد القمر عن الشمس (الأستطالة) بمقدار (7) درجات أي أن مكث القمر بعد غروب شمس يوم 29 في الشهر الهجري يجب أن لا يقل عن 20دقيقة (تركيا ـ والجزائر).

ج‌- مجموعة تأخذ بميلاد القمر الجديد New moon وتعتبر بداية الشهر الهجري بعد لحظة الاقتران (ليبيا)

د- مجموعة تشترط أن يكون عمر الهلال أكثر من 8 ساعات وارتفاع القمر فوق الأفق أكبر من درجتين قوسيه والبعد الزاوي أكبر من 3 درجات قوسية  وهي ماليزيا وبروناي وأندونسيا .

الثاني: أنواع الشهور القمرية:

هناك ستة أنواع من الشهور القمرية اختزلها العلماء وهي[10]:

1.    الشهر الهلالي (من إهلال إلي إهلال) ومقداره 29 أو 30 يوم وهو الشهر الهجري.

2.    الشهر الأقتراني Synodicmonth وهو من اقتران إلى اقتران ومقداره 29.5305891 يوماً أي 2.9 ثانية و44 دقيقة و12ساعة و29يوم. والأقتران معناه أن الشمس والقمر يكونا في اتجاه واحد من الأرض.

3.    الشهر المداري Tropical month من اعتدال إلى اعتدال (والاعتدال هو نقطة تقاطع دائرة البروج مع دائرة الاستواء السماوي) ومقداره 27.3215821 يوماً أي 4.7ثانية و43دقيقة و7ساعة و27يوم.

4.    الشهر النجمي Sidereal month وهو دورة مرور القمر أمام نجم ثابت مرتين متتاليتين ومقداره 27.321662 يوماً أي 11.6ثانية و43دقيقة و7ساعة و27يوم.

5.    الشهر الحضيضي Anomalistic Month وهو دورة مرور القمر من حضيض إلى حضيض في مداره حول الأرض ومقداره 27 يوم و13ساعة و18 دقيقة و37.4 ثانية.

6.    الشهر التنيني (العقدي) Nodical Month وهو دورة مرور القمر من عقدة إلى عقدة (والعقدة هي نقطة تقاطع مدار الأرض حول الشمس والمسماة بدائرة البروج مع الدائرة السماوية العظمى المارة بمدار القمر حول الأرض) ومقداره 27 يوم و5ساعة و5دقائق و34.1 ثانية.

الثالث- أسس الحسابات الفلكية لرؤية الهلال:

يدور القمر حول الأرض في مدار إهليجي (بيضاوي) الشكل بحيث تتراوح المسافة بين القمر والأرض ما بين 362 ألف كيلو متر إلى 406 ألف كيلو متر، ومن خلال دراسة خصائص المدار الذي يتحرك فيه القمر حول الأرض يمكن معرفة شتى الضوابط المتعلقة بكيفية حساب بداية الشهر العربي، وتلك الدراسة لمدار القمر حول الأرض هي ما تعني به الحسابات الفلكية فهي تهتم بعمل دراسة حقيقية لحركة القمر المعقدة والتي تتأثر بجاذبية الأرض بشكل أساسي ثم بجاذبية الشمس، ويتم القمر دورته في مداره حول الأرض في فترة زمنية مقدارها 27 يوم و7ساعات و43 دقيقة و12 ثانية وهو ما نعرفه فلكياً بالشهر النجمي للقمر، ويدور القمر حول نفسه في نفس زمن دورانه حول الأرض، لذا فإننا لا نرى منه سوى وجهاً ثابتاً أما الوجه الآخر فلم نعرف شيئاً عنه حتى وصلت سفن الفضاء إلى القمر وصورت ذلك الوجه البعيد، والعلة في تساوي زمن دورتي القمر حول نفسه وحول الأرض هو جاذبية الأرض القوية عليه، فكأن الأرض تمسك بالقمر من ذلك الوجه بفعل جاذبيتها عليه وترغمه أن يدور حول نفسه وحولها بحيث يظل بذلك الوجه أمام الأرض طول الوقت.

ويختلف الشهر النجمي السالف ذكره عن الشهر الأقتراني والذي يبدأ بولادة الهلال في شهر وينتهي بولادة الهلال في الشهر التالي، ويقوم هذا الشهر الأقتراني بفترة زمنية متوسطة مقدارها 29 يوم و12 ساعة و44 دقيقة و3 ثواني، وحساب هذا الشهر الأقتراني يعتمد على حركة القمر وظهوره في أطوار مختلفة (هلال ـ تربيع أول ـ بدر ـ تربيع ثاني ـ محاق)، ويتأثر المنظر الذي نراه للقمر في المنازل المختلفة بكل من حركتي القمر حول الأرض والأرض حول الشمس، والشهر العربي مرتبط بالشهر القمري الأقتراني المعبر عن ظهور القمر في أطواره المختلفة، وعلى هذا يتضح من طول الشهر القمري الأقتراني السالف ذكره أن طول الشهر العربي إما 29 يوماً أو 30 يوماً بحيث إذا كان شهراً ما 29 يوماً فإن الشهر التالي سيكون في الغالب ثلاثين يوماً حيث تنضم الإثنى عشر ساعة للشهر السابق في الشهر التالي ليصبح 30 يوماً، وكل حوالي ثلاث سنوات يأتي شهر زائد مكون من ثلاثين يوماً كناتج عن فترة 44 دقيقة و3 ثوان المتبقية في طول الشهر الأقتراني، وقد كان من عادة المسلمين أن يجعلوا الشهرين المتتاليين بطول ثلاثين يوماً هما آخر شهرين في العام الهجري وهما ذو الحجة وذو القعدة.ويمكن توضيح أساس حساب رؤية الهلال في النقاط التالية:

1.    نتيجة لحركة الأرض حول نفسها مرة كل 24 ساعة في الغرب إلى الشرق فإن الشمس والقمر يشرقان من جهة الشرق ويغربان جهة الغرب.

2.    يميل مستوى مدار القمر حول الأرض على مستوى مدار الأرض حول الشمس خمس درجات وثماني دقيقة في المتوسط ويترتب على ذلك:

أ‌-     عدم حتمية حدوث الكسوف أول كل شهر عربي وعدم حتمية حدوث الخسوف في منتصف كل شهر عربي.

ب‌-           يتقارب مساري الشمس والقمر على صفحة السماء من نقطة الشروق إلى نقطة الغروب، فيقتربان ويبتعدن فيما لا يزيد عن خمس أو ست درجات على أكثر تقدير.

3.    لو أهملنا حركة الأرض حول الشمس التي تعتبر أقل من درجة يومياً (59.14دقيقة قوسية) نجد أن القمر يسير تجاه الشرق 13 درجة قوسية كل يوم، أي درجة كل ساعتين تقريباً، لذا يكون القمر في سباق دائم مع الشمس فيلحق بها ويتخطاها مرة كل شهر، وأثنتى عشر مرة كل سنة، أي بعدد شهور السنة.

4.    تتيح سرعة دوران القمر في مداره حول الأرض (ا كم /ث تقريباً) أن يقطع دورته النجمية حول الأرض في 27 يوماً و7 ساعات و43 دقيقة و 11.6ثانية إذا كانت الأرض ثابتة في مكانها حول الشمس.... وحيث أنها متحركة هي والقمر حول الشمس، فلا يعود القمر إلى المكان الذي بدأ منه دورته إلا بعد 29 يوماً و12 ساعة و44 دقيقة و2.9 ثانية في المتوسط. وهو ما يعرف بالشهر الاقتراني Synodic Month.

5.    حيث أننا نقيس الشهر العربي بالأيام بدءاً من غروب الشمس حتى غروبها في اليوم التالي فإن الشهر إما يكون 29 يوماً أو 30 يوماً، مع احتمالية أكثر أن يكون ثلاثين يوماً نتيجة لتراكم الدقائق الزائدة عن 29 يوماً و12 ساعة كل شهر وهي 44 دقيقة و 2.9 ثانية.

6.    نتيجة لكل ما سبق يتأخر غروب الشمس من 40 إلى 50 دقيقة عن اليوم السابق تبعاً لخطوط الطول والعرض المختلفة.

7.    وفي اليوم التاسع والعشرين من الشهر العربي قد يأتي غروب القمر قبل غروب الشمس فلا يرى الهلال، وقد يأتي بعد غروبها فيحتمل رؤيته، ويقال أن مكث الهلال سالباً أو يقال أن مكث الهلال موجباً والمكث يكون سالب إذا غرب القمر قبل غروب الشمس ويكون مكث الهلال موجباً إذا غرب القمر بعد غروب الشمس
(قيمة المكث تكون أكبر عدداً في البلاد الكائنة تجاه الغرب مثل ليبيا وتونس والجزائر والمغرب وموريتانيا).

8.    باستخدام معادلات غروب الجسم السماوي يتم حساب زمن غروب الشمس وزمن غروب القمر في التاسع والعشرين من كل شهر عربي. وهي نفس معادلات مواقيت صلاة المغرب، التي نؤذن لها اعتماداً على المواقيت المدونة في التقاويم سلفا، دون التأكد من ذلك بالنظر إلى اختفاء الحافة العليا لقرص الشمس تحت أفق المكان الذي يؤذن فيه، أو صلاة الظهر حينما يعبر مركز قرص الشمس خط زوال المكان أو الدائرة الوهمية التي تصل بين نقطتي الشمال والجنوب، مروراً بسمت الرأس.

9.    يلزم في هذا المقام التنويه عن الفرق بين ميلاد ورؤية الهلال:

أ‌.       ميلاد الهلال أو الاقتران: يعني عبور مركز القمر للخط الواصل بين مركز الأرض والشمس وهي لحظة واحدة بالنسبة لمركز الأرض Geocentric ونظراً لأن الراصد ليس بمركز الأرض بل على سطحها في مكان ما فإن هذه اللحظة تختلف بالنسبة للنقاط المختلفة على سطح الأرض Topocentric وفي لحظة الاقتران ترتد أشعة الشمس من سطح القمر عمودياً إلى الشمس، بحيث لا نراها إلا أثناء حالات الكسوف فقط.

ب‌.   رؤية الهلال: هو الوضع الذي يكون فيه الهلال بعد الاقتران أو ميلاد الهلال منحرفاً عن خط الاقتران بزاوية تسمح بانعكاس أشعة الشمس من سطح القمر، وتكون كمية الضوء المنعكسة إلى سطح الأرض كافية لأن يراها سكانها على هيئة هلال وأقل زاوية تسمح بهذه الرؤية ـ في حالة توافر الظروف الجوية الأخرى، هي سبع درجات قوسية.

من خلال ما تقدم يمكن تقسيم حالات وطريقة الرؤية حسابياً إلى قسمين:

القسم الأول: حالات قاطعة في رؤية الهلال، وهي أربعة:

1-  أن يغرب القمر قبل غروب الشمس (أي أن المكث سالب) في البلاد وبهذا تستحيل الرؤية، ويحكم فيها بإكمال عدة الشهر ثلاثين يوماً. وترد شهادة أي شاهد توهم الرؤية.

2-  أن يغرب القمر بعد غروب الشمس (أي أن المكث موجب) في البلاد  وتكون احتمالات رؤيته قائمة تبعاً لمدة المكث في كل بلد، وفي هذه الحالة يحكم بأن يكون اليوم التالي هو غرة الشهر الجديد، ويؤخذ في هذه الحالة بشهادة أي شاهد عدل، في أي بلد إسلامي.

3-  أن يأتي ميلاد القمر أو اقترانه بعد غروب الشمس. وهو ما يعني أن الدورة الفلكية للشهر العربي الجديد لم تبدأ بعد وبذلك لا يرى الهلال. وإذا رئي الهلال قبل الاقتران في حالة تأخر الاقتران إلى قرب منتصف الليل ـ وهو حالة  نادرة وشاذة ـ فتكون الرؤية لهلال آخر الشهر، ويكون قرناه إلى أسفل، ولا يعتد به في الرؤية، وبذلك يكون اليوم التالي متمماً.

4- أن تغرب الشمس كاسفة، وهو ما يعني أن حالة الاقتران تتم أثناء الغروب وبهذا لا يمكن رؤية الهلال، لأن زاوية انحراف أشعة الشمس يجعلها ترتد إلى سطح الشمس، في صورة ظل على سطح الأرض، ولا تنعكس تجاه الأرض، ولا يرى أثر للهلال،وبذلك يكون اليوم التالي متمماً أيضاً.

القسم الثانيً: حالات غير قاطعة في رؤية الهلال:

وفيها يكون اختلاف المطالع بين الشرق والغرب ذا تأثير كبير وتنقسم إلى ثلاث حالات رئيسية:

1-  أن يغرب القمر بعد غروب الشمس في معظم البلاد العربية والإسلامية ويغرب في بعضها قبل غروب الشمس وفي هذه الحالة يكون لكل بلد مطلعة الذي يحكم منه بدخول الشهر عن عدمه.

2-  أن يغرب القمر قبل غروب الشمس في معظم البلاد العربية والإسلامية ويغرب في بعضها بعد غروب الشمس.

3- أن يغرب القمر قبل غروب الشمس في نصف البلاد تقريباً ويغرب بعد غروب الشمس في النصف الآخر تقريباً. وفي الحالتين السابقتين الثانية، والثالثة، قد يؤخذ بمبدأ اختلاف المطالع كما في الحالة الأولى، وقد لا يؤخذ تبعاً لما يقرره أصحاب الشأن في هذا الصدد،كم ان هنالك ثلاثة أنواع يجب معرفتها لتسهيل رؤية الهلال[11]:

النوع الأول-مدة المكث الكافية للرؤية:

تتراوح مدة المكث الموجبة ما بين ثوان قليلة وبين 35 دقيقة أو حتى 45 دقيقة والمشكلة تصاحب دائماً حالات المكث الصغيرة فحتى كم دقيقة يكون المكث محققاً للرؤية؟ هنا دائماً تكمن الخلافات وتثور.

فمن قائل ثماني دقائق إذا كان المكان مرتفع عن مستوى سطح البحر بكثير مع استخدام تقنيات حديثة كالمناظير الفلكية مع كاميرات حديثة رقمية أو الكاميرا CCD ذات الحساسية العالية.

والبعض الآخر يقرر أنها لابد أن لا يقل مكث القمر عن 20 دقيقة كما قرر بذلك المؤتمر الإسلامي في اسطنبول عام 1978 منذ أكثر من خمسة وثلاثين عام ولم يكن هناك الكاميرات الرقمية أو CCD كاميرا.

النوع الثاني-ظروف التماس الهلال:

1-    المكان الذي يلتمس فيه الهلال على صفحة السماء، نظراً لأن مستوى مدار القمر حول الأرض يميل على مستوى مدار الأرض حول الشمس خمس درجات وثمان دقائق، لذا تجئ نقطة غروب القمر على يسار نقطة غروب الشمس أو على يمينها بحوالي خمس درجات قوسية (قطر قرص كلاً من الشمس والقمر يغطي نصف درجة قوسية على صفحة السماء) وهو ما يعبر  عنه بالفرق بين الزاوية السمتية للقمر والزاوية السمتية للشمس وقت الغروب. أما ارتفاع الهلال عن الأفق فيعتمد على مقدار المكث فكلما زاد المكث زادت زاوية ارتفاع الهلال على الأفق.

2-    وقت التماس الهلال: يلتمس الهلال منذ لحظة الغروب وحتى تنقضي مدة المكث.

3-    أنسب الأماكن لالتماس الهلال: تختار الأماكن المرتفعة ذات الأفق الغربي المكشوف بعيداً عن المباني والأشجار والمآذن والأبراج، والبعيدة عن أضواء المدينة، والمنعزلة عن الطرق الرئيسية، بحيث لا تنعكس على أفقه أضواء السيارات.

4-    هيئة الهلال وقت التماسه يراعي إتجاه قرص الهلال: فإذا كان إلى أعلى فهو هلال أول الشهر، وإذا كان قرناه إلى أسفل فهو هلال آخر الشهر، ولا يعتد برؤيته. وهي من الحالات النادرة التي يحدث الاقتران فيها بعد غروب الشمس بفترة كبيرة.

النوع الثالث- الاقتران المركزي والاقتران السطحي:

ساد الاعتقاد بأن لحظة الاقتران هي لحظة عالمية واحدة، إلا أن هذا الاعتقاد غير دقيق بعض الشيء، فهناك مصطلحان للاقتران، يطلق على الأول اسم الاقتران المركزي (Geocentric new moon) والثاني الاقتران السطحي (Topocentric new moon) المصطلح الأول يعتبر أن الأرض والشمس والقمر عبارة عن نقاط (وهي المراكز) تسير في الفضاء، فإذا ما التقت هذه المراكز على استقامة واحدة وكان القمر في المنتصف، حدث الاقتران، بالطبع فإن لحظة الاقتران في هذه الحالة عبارة عن لحظة عالمية واحدة، إلا أن عملية رصد الهلال تتم من على سطح الأرض وليست من مركزها! فما يهمنا معرفته هو وقت حدوث الاقتران من موقع رصدنا على سطح الأرض، وهذا ما يعالجه المصطلح الثاني "الاقتران السطحي" إذ يعتبر هذا المصطلح أن الأرض والشمس والقمر عبارة عن كرات تسير في الفضاء، ويحدث الاقتران عندما يقع مركزا القمر والشمس على استقامة واحدة كما يرى من موقع الراصد على سطح الكرة الأرضية، وبالطبع فإن لكل منطقة على سطح الأرض موعدها المختلف لحدوث الاقتران، وخير دليل على ذلك هو كسوف الشمس، فهو اقتران مرئي، ومن المعروف أن مواعيد الكسوف تختلف من منطقة لأخرى، ويبلغ أقصى فرق بين الاقتران المركزي والاقتران السطحي حوالي ساعتين في حين يبلغ أقصى فرق في الاقتران لنفس الشهور حوالي أربع ساعات تقريباً.

إن عدم اعتماد موعد الاقتران السطحي قد يجعل بعض الحالات الطبيعية تبدو وكأنها شاذة والعكس صحيح، فعلى سبيل المثال تشير الحسابات الفلكية لسابقة اأن موعد الاقتران المركزي لشهر شوال 1434هـ هو يوم الاربعاء 7آب 2013 في الساعة 17:27 بالتوقيت السعودي وأن غروب الشمس سيحدث في مدينة مكة المكرمة في الساعة 18:40 أي أن الاقتران قد حدث قبل غروب الشمس، وبالتالي يتوقع الراصد أن القمر سيغرب بعد غروب الشمس، إلا أن القمر سيغرب في ذلك اليوم بالنسبة لمدينة مكة المكرمة في الساعة 18:30 أي قبل 10 دقائق من غروب الشمس! وعند حساب موعد الاقتران كما يرى من مدينة مكة المكرمة نجد أنه يحدث في الساعة 18.52 أي بعد غروب الشمس ب13 دقيقة.

هذا المثال يشير إلى أنه عند اعتماد موعد الاقتران السطحي سنجد أن بعض الأشهر التي يصفها البعض بالأشهر الشاذة هي ليست في حقيقة الأمر شاذة! إلا أن اعتماد البعض على حساب موعد الاقتران المركزي بدلاً من السطحي هو الذي جعل هذه الأشهر تبدو وكأنها أشهر شاذة كما يسميها البعض. وكذلك إذا كان الغرض من حساب مواعيد أطوار القمر هو تحديد بدايات الأشهر الهجرية فإنه يجب اعتماد أطوار القمر السطحية، وذلك لاختلاف موعد الاقتران من منطقة لأخرى على سطح الكرة الأرضية بمقدار ساعات.

 

 

 

 

 

المطلب الثاني: وقفة مع المفاهيم

يهدف هذا المطلب لتوضيح بعض المفاهييم والاصطلاحات التي لها علاقة بالبحث وتم توزيعها على نحو معرفي متناسق وهي:

أولاً-المفاهيم القرآنية المتصلة بالهلال

هنالك آيتان من سورة البقرة مما يتصل بالهلال فقهياً هي:

 أولاهما: قوله تعالى: شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان فمن شهد منكم الشهر فليصمه ومن كان على سفر فعِدَّة من أيام أخر يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر ولتكملوا العِدَّة ولتكبّروا الله على ما هداكم ولعلكم تشكرون[12].

وثانيهما: قوله تعالى : يسألونك عن الأهلَّة قل هي مواقيتُ للناس والحج ّوليس البرُّ بأن تأتوا البيوت من ظهورها ولكنّ البرّ من اتقى وأتوا البيوت من أبوابها واتقوا الله لعلكم تفلحون[13].

تفسير الآية الاولى :

وقد يستدل- كما عن الشيخ البحراني- بقوله تعالى (فمن شهد منكم الشهر..) على ثبوت الهلال بالرؤية[14].

وربما بتقريب أنّ الشهود- في الآية الكريمة- بمعنى الرؤية، فتكون الآية بصدد بيان طريق إحراز الشهر - شهر رمضان- بالرؤية، إلا أن يدل دليل من الشارع على طريق آخر يقوم مقامها. .

وقد قيل في معنى "شهد"-كما في فقه القرآن للراوندي-: ""إن شهد بمعنى شاهد، فيكون قوله تعالى "فمن شهد منكم الشهر" أي من شاهد منكم الشهر مقيماً فليصمه، وقيل: إن "شهد" بمعنى حضر، فيكون المعنى من شهد الشهر من حضره ولم يغب، لأنه يقال شاهد بمعنى حاضر[15]""..

وقد رجح بعض المفسرين أن يكون معنى "شهد" حضر، فتكون الآية أجنبية عن المقام، إذ هي ليست بصدد بيان طريق إحراز الشهر، بل هي بصدد تقييد وجوب الصوم بالإقامة وعدم السفر[16]. .

وللسيد الطباطبائي رأي آخر في تفسير قوله تعالى.(شهد) ومعنى (شهد) عنده أي: من علم بتحقق الشهر، فيكون شهد بمعنى الشهادة وهي الحضور،والذي يحصل للشاهد بسببه حضور العلم به[17]. .

وعلى هذا لا يكون المعنى من شهود الشهر رؤية هلاله، ولا يكون الحضور بمعنى الإقامة في مقابل السفر، وذلك لعدم القرينة على ذلك من الآية الكريمة،وان كان مما يتوصل إليه بالقرائن، فيكون من اللوازم.

وعليه فتكون الآية بصدد بيان أنَّ إحراز الشهر - موضوع وجوب الصوم - يحصل بالعلم الأعم من الرؤية، وان كانت الرؤية مما يحرز به الشهر بلا ريب. .

تفسير الآية الثانية :.

وقد يستدل بقوله تعالى "يسألونك عن الأهلّة قل هي مواقيت للناس والحج"(على اشتراط الرؤية بالطريق العادي المتعارف عليه عند الناس مما يناله المستهلون[18]. .

ولكنَّ الاستدلال المذكور يتوقف على تحديد ما إذا كان السؤال في الآية الكريمة عن الهلال وأحواله أو أنه عن الشهور. .

وقد رجّح بعض المفسرين أن يكون الهلال في الآية بمعنى الشهر، فالأهلة هي الشهور الاثنا عشر، ولذا جاء الجواب مطابقاً للسؤال[19]. .

وذكر السيد الطباطبائي أن الآية بصدد أنّ فائدة الأهلة وهو ظهور القمر هلالاً بعد هلال هو تحقق الشهور القمرية، وبذلك تكون الشهور ما تعلّق به الغرض، والأهلة أشكال وصور وليست أزمنة، وعليه فان الآية بصدد بيان أن متعلقات الأحكام الشرعية هي الحج في الأشهر التي شرّع الحج فيها، والصيام في الشهر الذي شرّع فيه، فيكون المعنى: أن هذه الشهور أوقات مضروبة لأعمال شرّعت فيها ولا يجوز التعدي عنها إلى غيرها[20].

وعليه فالآية غير متعرضة إلى طرق إحراز الشهر، و إنما هي بصدد بيان فائدة تعدد الشهور على التفسير الثاني، بل هي كذلك- غير متعرضة لطرق إحراز الشهر - على تفسير الأهلة بأحوال القمر، وذلك لأن الجواب لم يأت على السؤال مطابقة، بل عدل إلى بيان الفائدة أيضاً.

وان قيل-عند أغلب المفسرين-: إن لازم ذلك هو أن يكون الإحراز بطريق عرفي عادي ، فيقال-عند بعضهم-: انه موضع تسالم ولا يضر بالمطلوب .

  ان فسرنا "شهد" في الآية الأولى بمعنى "المشاهدة" أي مشاهدة الهلال، فانه ليس لمشاهدة الهلال دخل في الوجوب، ولذا يجب الصوم على كل من علم بدخول شهر رمضان أو قامت عنده حجّة، فالآية ليست مانعة من تعميم الوجوب بغير المشاهدة أي الرؤية[21]،اما فقه الروايات فتأتي في محلها في مبحثي الثاني والثالث من البحث.

ثانيا- معنى الجَدَليَّة[22] :

1 - اسم مؤنَّث منسوب إلى جدَلَ .

2 - مصدر صناعيّ من جدَل : ( الفلسفة والتصوُّف ) دايلكتيّة ، دايلكتيكيّة ، ديالكتيّة مصطلح فلسفيّ يقترن استعماله بتيَّارين بارزين يمثّلان فلسفة هيجل المثاليّة وفلسفة ماركس المادّيّة ، وهي في الأفلاطونيّة عمليّة فكريّة منطقيّة تنتقل من المحسوس إلى المعقول .

• المادِّيَّة الجدليَّة : الفلسفة الماركسيّة وتتلخّص في اعتبار العالم كُلاًّ مكوَّنًا من مادّة متحرِّكة وحركة المادّة فيه تصاعديّة متطوِّرة تموت فيها ظاهرة لتحيا أخرى .

والجدلية :أصل الكلمة فن الحجة وهو منهج في البحث المنطقي يعتمد على طرح السؤال والإجابة عنه ،ولقد طور هذا المفهوم الفيلسوف المثالي الألماني هيچل في القرن التاسع عشر إلى طريقة تفهم بواسطتها العمليات الطبيعية والتاريخية، فكل شيء بالنسبة له يخضع لعملية جدلية تبدأ بالقضية أو الطريحة ثم نقيضها وأخيرا الحصيلة كما أن كل شي ء يحمل نقيضه في ذاته وتتمخض عن الصراع بينهما الحصيلة . ولقد أقلم كارل ماركس الفكرة هذه ليبلور فكرة الجدلية الماركسية وهي من أسس النظرية الماركسية .

ثالثا-الهلال

بالكسر لغًة هو القمر في الليالي الثلاث من أول الشهر[23] ، وبعده يسمى قمرا وًقيل في الليلة الأولى والثانية [24] وقيل هو من غرة الشهر إلى سبع ليال [25] وجمعه أهله قال تعالى (يَسْأَلونَكَ عَنِ الأهِلَّةِ قل هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَاْلحَجِّ )[26] سمي الهلال بذلك لأن الناس يرفعون أصواتهم بالذكر حين رؤيته، مأخوذ من الإهلال وهو رفع الصوت يقال: استهل الصبي إذا صرخ عند الولادة وأهل الناس بالحج رفعوا أصواتهم  بالتلبية [27].

وفي الاصطلاح: هو الجزء المضيء من القمر في أول ليلة من الشهر على ما ذكره البعض [28] والاستهلال، طلب رؤية الهلال.

رابعا- أدوار القمر

للقمر أدوار من حين خروجه عن تحت شعاع الشمس وظهور نوره إلى حين دخوله تحت الشعاع وزواله ثانية وهو المحاق، وكل دور يستغرق ثلاث ليال، فتسمى الثلاث الأول فيها هلالا ،ً ثم قمرا ،ً ثم ، بدرا ،ً والعرب تسمي كل ثلاث ليال من الشهر باسم، فالثلاث الأول غرَر [29]، وثلاث نُفَل [30] . وثلاث زُهَرُ [31]، وثلاث بُهرٌ[32]، وثلاث بِيض، وثلاث دَآديء [33]، وثلاث حنادِسُ [34]، وثلاث مِحاق.

خامسا- الرؤية

وهي أدراك المرئي، وهي مراتب وتقع بوسائط هي: العين، والقلب، والعقل والوهم، وتختص  الأولى غالبا بًالأجسام وحالاتها، والثانية بالحقائق المعنوية والثالثة بالمجردات كالمفاهيم والمعاني، والرابعة بالصور ويمكن تقسيمها على قسمين هما: الرؤية البصرية وبها تدرك الماديات والرؤية البصيرية وبها تدرك المعنويات وربما يطلق أحدهما على الآخر لمناسبة لوجود معنى جامع بينها على تفصيل ذكروه في محله[35] وتفترق في أن الرؤية الأولى تتعدى بمفعول وغيرها بمفعولين [36] لأن أفعال الحواس إنما تتعدى بواحد [37] والمقصود بالبحث هنا هو الرؤية البصرية وهي المعنية بالبحث الفقهي في أثبات الهلال لأن ثبوت الشهر هُوَ الَّذِي جَعَل شرعا تًعلق برؤية الهلال كأول علامة جعلها الباري عز وجل للحساب قال تعالى ) هو الذي جعل الشَّمْسَ ضِيَاء وَالْقمَرَ نُورًا وَقدَّرَهُ مَنَازِل لِتَعْلمُوْا عَدَدَ السِّنِينَ وَاْلحِسَابَ مَا خَلقَ اللّهُ ذلِكَ إِلاَّ بِالْحَقِّ)[38] وقال تعالى (يَسْأَلونَكَ عَنِ الأهِلَّةِ قلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَاْلحَجِّ)[39] ومن الواضح إن السنين والحساب  يدوران مدار حركة الشمس والقمر فإن حركة الشمس حول الأرض تعطينا الفصول الأربعة وحساب السنة. وحركة القمر حولها يعطينا حساب الشهر وهي مقدار حركة القمر حول الأرض وحيث أن هذه

الحركة القمرية منظورة بالعين المجردة صارت حدا لًلأحكام الشرعية والرؤية البصرية تتحقق بنحوين:

أحدهما: الرؤية البصرية المجردة، وهي رؤية الهلال بالعين الباصرة من دون الاستعانة بأي وسيلة أخرى.

وثانيهما: الرؤية البصرية المسلحة، وهي الرؤية التي يستعين فيها الرائي بالأجهزة الخاصة. والقدر المتيقن من ثبوت الرؤية شرعا هًو الأول وأما الرؤية بالنحو الثاني فهي التي وقع الكلام فيها على ما سيتضح.

سادسا- رؤية الهلال

لما كانت الأرض كروية، وهي تدور حول نفسها حركة وضعية من المغرب إلى المشرق وكل دورة تستغرق أربعا وًعشرين ساعة تقريبا .ً فإنها تقطع حوالي ثلاثمائة وستين درجة، ويسمى هذا اليوم بالنجومي.وتدور من المغرب إلى المشرق أيضا على خلاف حركة عقرب الساعة- بحركة انتقالية في كل يوم ما يقارب درجة واحدة وتستغرق حوالي أربع دقائق من عمر الحركة الوضعية تقريبا وًيصير المجموع ثلاثمائة وواحدة وستين درجة في أربع وعشرين ساعة تقريبا وًيسمى باليوم الشمسي وبهذه الحركة القمرية تتبدل حالات القمر من موقع الشمس، فلذا قد يراه الذين كان القمر فوق آفاقهم المحلية ولا يراه من كان القمر تحت آفاقهم. وعلى هذا الأساس فإن كروية الأرض وابتعاد البلاد عن بعضها البعض من المغرب إلى المشرق طولا وًمن دائرة الاستواء إلى القطبين عرضا .ً صارا سببا لًاختلاف الآفاق بالنسبة إلى مطالع القمر ومغاربه، وعليه فليس المانع من رؤية القمر وطلوعه هو الجبال أو الغيوم ونحو ذلك وإنما اختلاف الأفق. نعم قد تكون الغيوم ونحوها مانعا فًي البلاد المتحدة في الأفق مع البلد الذي صار القمر فوق أفقه فإنه إذا رآه الناس في هذا البلد ولم يره من يقطن البلد الآخر المتحد معه في الأفق كشف هذا عن وجود حاجب من الرؤية لا عدم طلوع القمر ولا عدم إمكانية رؤيته وهذه مسألة هامة تبتني عليها مسألة شرعية هامة.فالحاصل: إن الرؤية ليست موضوعا لًدخول الشهر في كل ناحية وبلد، بل موضوعا دًالا عًلى ثبوت الهلال القابل للرؤية فوق الأفق وحينئذ قد تشترك فيه البلدان المتحدة بالأفق.

ومن ذلك يظهر أمران:

أحدهما: أن خروج القمر عن تحت الشعاع لا مدخل له في تحقق الشهر الهلالي.

وثانيهما: أن الرؤية لها دخل في هذا التحقق.

وحينئذ يصبح للبحث في أن الرؤية البصرية شرط أم الرؤية المسلحة أيضا كًافية في تحققها.

سابعا- طرق اثبات الهلال

يمكن تحديد وتصنيف الطرق التي وضعها الشارع لإثبات الشهر القمري إلى ثلاثة هي:

الطريق الأول: وجداني، وهو الرؤية الشرعية وإتمام الشهر الفائت ثلاثين يوم[40].

الطريق الثاني: تعبدي، وهو قيام البيّنة العادلة على الرؤية، والشياع عند بعض الفقهاء.

الطريق الثالث: حكومي، وهو حكم الحاكم الشرعي ضمن شروط.

ولا كلام بين الفقهاء في الطريق الثاني والثالث من حيث الأدلة والنتائج في الجملة وان اختلفوا في بعض  التفاصيل [41] كما لا نزاع بينهم في إثبات الشهر بواسطة إتمام الثلاثين من الشهر الفائت وإنما النزاع الواقع بينهم في إثباته بواسطة رؤية الهلال. فقد اختلفوا فيه إلى ثلاثة فرق:

الفريق الأول:

قال بأن لفظ الرؤية الوارد في الروايات ينصرف وينحصر معناه بالرؤية بالعين المجردة ولا يصح أن يطلق على الرؤيـة بغير العيــــن حيث أن الفقهاء يصرفون الإطلاقات والألفاظ العامة في الفقه إلى الأفراد المتعارفة والمعاني الواضـحة في حين رد عليــهم الــفريــــــق الثـــاني بان الروايات تخلو من أي قرينة ولفظ لصرف أطلاق اللفظ ومنع شموله للرؤية بغير العين كالأجهزة الحديثة في حين إن دعوى الانصراف بحاجة إلى قرينة ودليل دائما وأن العلماء المتقدمين استخدموا في ذلك الوقت الــرؤية في العين الطبيعية فقــــط نتيجة فقــدان المصاديق والمعاني الأخـــرى التي يمكن استعمال لفظ الرؤية فيها لا إن هناك مصاديق أخرى للرؤية اعرضوا عنها ولم يشملها مفهوم الرؤية.

الفريق الثاني:

من قال إن لفظ الرؤية يتسع ويمكن أطلاقه على الرؤية بالأجهزة الحديثة وأنه لا قرينة ولا دليــل على تخصيص لفظ الرؤية بالـــعين المجردة دون غيرها وعلى هذا الأساس أفتى هذا الفريق بجواز اعتماد الأجهزة الحديثة كالنواظير والتلسكوبات في أثبــات رؤية الهلال، هذا الاختلاف في فهم المراد من لفظ الرؤية الواردة في الروايات أخذ البحث باتجاه أخر وهو فيما أذا كان المشرع المقدس قد تعبدنا وأراد أن تكون الرؤيــة بالبــصر دون غيــرها أو إن الله لم يجعل الرؤية بالعين الطبيعية إلا وسيلة لتحصيل العلم بتـــولد الهلال ويمكن فيما إذا وجدت طريقة أخرى الاعتماد عليها. وبين من يقول يجب الاعتماد على العين فقط وبين من يجوز اعتماد غيرها نجد اتجاهات ثلاثة:[42]

 الاتجاه الأول:

أعتبر الرؤية الطبيعية بالعين المجردة ذات موضوعية في الحكم (إي يجب ان لا نحـكم ببداية الشهر إلا بعـد رؤية الهلال بالعيــن دون غيرها) وبالتــالي يجب أن لا نحــكم بثبوت الرؤية إلا بعـد رؤيته بها لأن خصوص الرؤيــة بالعين هو الذي أراد الله أن نعتمده في هذه المسألة حتى وأن أتسع لفظ الرؤية الوارد في الروايات لغيره من المعاني .

 الاتجاه الثاني :

وهم الذين اعتبروا الرؤية طريقا ووسيــلة لتحصيل العلم بخروج الهلال من المحاق وليست داخلة في موضوع الحكم فلو كان هنــاك وسيلة أخرى (كالأجهزة الحديثة) للعلم بثبوت الرؤية لثبت الهلال بواسطتها لأن المدار والمطلوب هو العلم بتولد الهلال وعدم الاستناد إلى الرأي والتضني وما الرؤية بالعين ألا طريق من طرق تحصيل ذلك , وان هناك طرقا غيرها كالتلسكوبات مثلا يمكن أيضا الاعتماد عليها .

 الاتجاه الثالث:

وهم الذين قالوا بأن النزاع ليس في أن الرؤية مأخوذة بنحو (الطريقية أو الموضوعية )لأنه يمكن بقاء النزاع على كلا الاتجاهين بل النزاع ومحل الخلاف هو هل إن الرؤية بأي وسيلة كانت طريق للحكم بثبوت الرؤية أو أن الرؤية الاعتيادية فقط هي الطريق إلى ذلك، وهل أن الرؤية بأي وسيلة كانت مأخوذة على نحو الموضوعية أو خصوص الرؤية الاعتيادية .

ثم طرح الفقهاء على طاولت البحث تساؤلا آخر وهو( هل يثبت الهلال بقول الفلكين وحساباتهم خصوصا وان تلك الحسابات بلغت الغاية بالدقة ؟ ) وللفقهاء في الجواب عن هذا السؤال عدة أراء أيضا تعتمد بالأساس على رأيهم بأن الرؤية هل أخذت في الروايات الشريفة على نحو الطريقة أو أخذت على نحو الموضوعية كما تقدم .

وهذا اجمال مسار دراستنا سوف نذكرها بشيء من التفصيل في المباحث الآتية.

ثامنا-حساب عمر الهلال

لا توجد ضابطة لرؤية الهلال في جميع الشهور على ما يستفاد من كلمات المنجمين وطريقة أهل الفلك وذلك لتعذر تعيين الضابطة في المسائل الكونية التي تتحكم فيها قوانين كثيرة ولذا قال بعضهم باستحالة إيجاد ضابطة لذلك ونسب إلى الحاجة الطوسي  أنه حاول إيجاد هذه الضابطة إلا أّنه تمكن من إيجاد ضابطة تقريبية ولكنها ليست بكلية كما في((زيج إيلخاني)). ولكن بشكل أجمالي يمكن القول:إن كل درجة من مكوث القمر فوق الأفق تطول حوالي أربع دقائق، لأن غروبه إنما هو بسبب الحركة الوضعية للأرض من المغرب إلى المشرق. والأرض تسير نحو المشرق كل درجة منها في أربع دقائق. وعلى هذا فإن الأرض إذا تسير نحو المشرق عشر درجات طولا فًمعنى هذا إنها تستغرق أربعين دقيقة حتى يخفى القمر تحتها. فإذا أردنا أن نحسب عمر الهلال علينا أن نلاحظ موقع بلد الرؤية بالقياس إلى خط الطول والعرض لنتوصل إلى وحدة الأفق والقابلية للرؤية فالبلاد التي تكون بالنسبة إلى محل الرؤية ترى القمر في مدة أطول من الأخرى البعيدة وإن كان الجميع مشتركا فًي إمكان الرؤية وهو المعبّر عنه بالبلاد ذات الآفاق المشتركة.وبناء على هذا، فإن اقل درجة البعد المعدّل للقمر حتى يصير قابلا لًلرؤية يكون ثماني درجات فأقل مدة لبقاء القمر في السماء فوق الأفق المحلي في أول الشهر يكون حوالي نصف ساعة بعد الغروب،ويغيب بعد مضي هذه المدة.

وكل بلد شرقي يقرب من خط العرض بالنسبة إلى بلد الرؤية إذا كان الاختلاف بينه وبين محل الرؤية إلى حد نصف ساعة طولا تًجوز له رؤية الهلال في الأفق بعد الغروب بمدة عشرين دقيقة أو خمس عشرة دقيقة وهكذا حتى يصل إلى قابلية الرؤية في لحظة واحدة وعلى هذا تصبح جميع هذه البلاد متفقة الأفق مع محل الرؤية وإن لم ير أهلها الهلال.

 

 

تاسعا- التقويم القمري وأهميته:

لقد اتخذ الشرع التقويم القمري معيارا لًلأحكام الشرعية لا التقويم الشمسي مع أن الشمس لها منازل وأبراج أيضا تًبلغ اثني عشر برجا يًشكلن الأشهر الشمسية.

إلا أّن هذا التقويم لا يصلح أن يكون ضابطة عامة لحساب الشهور وذلك لسببين:

الأول: لأنه يختص بعلماء الفلك، إذ لا يتمكن احد من الناس من غير ذوي الاختصاص معرفة منازل الشمس وإنها في أي برج من الأبراج حتى يعرف مواقيت الأيام والشهور.

الثاني: أن ذوي الاختصاص أنفسهم لا يعتمدون فيه على الرؤية البصرية العادية في معرفة ذلك وإنما يعتمدون فيه على أجهزة الرصد والآلات الخاصة . ولذا لا يمكن اتخاذه ميقاتا لًلتكليف لأنها تستلزم التكليف بغير المقدور في بعض الأحيان والعسر والحرج في أحيان أخرى.بخلاف القمر، فإن حركته المنتظمة حول الأرض تعطي تقويما وًاضحا يًصلح أن يكون ضابطة عامة للأحكام وذلك لأنه[43]:

أولا :ً أنه من آيات الليل، وفي ظلام الليل يمكن لجميع الناس أن يرون نور القمر فلا يخفى على أحد.

ثانيا :ً إن رؤيته بالعين المجردة ممكنة للجميع فلا يعتمد على آلات ولا تختص بذوي الاختصاص.

ثالثا :ً أن اختلاف حالاته من حيث الحجم والمكان تمكن الجميع من تشخيص الأوقات بأدنى التفات لاسيّما عند أهل النظر والمتابعة.فإن القمر يبدأ هلالا ثًم يتكامل حتى يتم بدرا ثًم يتناقص حتى يزول من أمام الرؤية.فإذا طلع يعرف الجميع انه أول الشهر وإذا اكتمل عرف الجميع أنه النصف وإذا غاب عرف الجميع انه آخر الشهر، ومن الواضح أنه إذا عرفت أطراف الحساب من حيث المبتدأ والمنتهى وما بينهما عرف حساب ما يتخلل ذلك من ليال وأيام.ومن المعلوم أن شهود القمر وسهولة معرفته تتناسب مع حكمة الشارع وغرضه في التيسير على الناس وتكليفهم بما يطيقون جعل الهلال حدا لًأحكامه وقيد التكليف بالشهور القمرية دون غيرها. وقال سبحانه ( إِنَّ عِدَّة الشُّهُورِ عِندَ الّلهِ اْثنَا عَشَرَ شَهْرًا ) [44]قال تعالى( يُرِيدُ اللّهُ بِكُمُ اْليُسْرَ وَ لا يُرِيدُ)[45].

 

عاشرا- تعيين الوظيفة الشرعية( الأصل العملي)

 أن الآراء في اعتبار الرؤية المسلحة وجواز الاستناد إليها في إثبات الشهر الشرعي متعددة، قد استعرض كل رأي ما لديه من الأدلة الموجبة لوثوقه واطمئنانه بالنتيجة التي تكون منجزة عليه عند العمل ومعذرة له عند الخطأ.

وسنمر تفصيلا عًلى الآراء وأدلتها ونتوقف عندها واحدا بًعد الأخر، لنتوصل إلى ما يفرضه علينا الموقف العلمي وينتهي إليه الدليل. ولكن لو فرضنا أننا لم نتوصل إلى نتيجة حاسمة في المسألة للوقوع في الشك في صحة كل قول من الأقوال أو صحة أدلته فما هو الحل الفقهي الذي ينبغي أن نتمسك به في مقام العمل؟

والجواب: هو اللجوء إلى العمل بالأصول العملية، لأنها القاعدة العامة التي يتمسك بها المكلف عند فقدان الأدلة الأمارية على الأحكام على ما قرروه الفقهاء في علم الأصول[46].

وممكن طرح السؤال هنا: ما هو الأصل العملي الذي ينبغي أن نتمسك به للقول بجواز الاعتماد على الرؤية المسلحة أم لا؟

والجواب: إن الأصل هو البراءة ويمكن تقريره من وجوه[47]:

أحدها: القدر المتيقن لأن القدر المتيقن الذي علمنا بوجوب الأخذ به من الهلال هو الرؤية البصرية، وأما وجوب الأخذ به إذ ثبت العين المسلحة أمر مشكوك، والشك في التكليف مجرى للبراءة الشرعية لحديث الرفع المتضمن لرفع المؤاخذة على جملة من الأشياء وفيها التكليف المجهول في قوله:(ما لا يعلمون) [48].

وثانيها: من جهة أصالة عدم الحجية لأن المكلف لا يجوز له أن يستند إلى شيء في أثبات الأحكام ما لم يعلم بحجيته شرعا لًأن الاعتماد على ما ليس بحجة تشريع محرم بالأدلة الأربعة.ومن الواضح أن حجية الرؤية البصرية معلومة لثبوتها بالأدلة المتضافرة وأما حجية الرؤية بالعين المسلحة فأمر مجهول، ولا حجية لمجهول الحجية.

وثالثها: أصالة عدم التكليف الزائد لأننا نعلم بوجوب الاستهلال لأثبات الهلال من خلال الرؤية البصرية، فإذا استهللنا ولم نتوصل إلى نتيجة نشك بوجوب وضع الأجهزة والآلات لتحصيل الرؤية،ومن الواضح أن هذا تكليف زائد يمكننا أن ننفيه بالأصل.

ونلاحظ أن هذه الوجوه وإن تعددت من جهة البيان إلا أّنها تشترك في النتيجة وهي عدم حجية الرؤية بالعين المسلحة، وعلى هذا فإن النتيجة العملية التي نتوصل إليها في مقام العمل إذا لم نتوصل إلى رأي مقنع في الاعتماد على الرؤية المسلحة هي أن نحكم بعدم جواز الاعتماد عليها لعدم الدليل على حجيتها، ولكننا لا يمكننا أن نصل إلى هذه النتيجة ما لم نبحث في الآراء وأدلتها فربما توصلنا إلى دليل مقنع يثبت الجواز وحينئذ لا يبقى موضوع للبراءة لأن الأصل أصيل حيث لا دليل كما اشار الاصوليون في بحوثهم. وهذا ما سنتعرف عليه في المبحث الثالث[49].

المبحث الثالث: آراء الفقهاء الامامية  حول قول الفلكي في أثبات رؤية الهلال

تعددت آراء فقهاء الامامية في إمكان إثبات الهلال بواسطة قول الخبراء الفلكيين إلى ثلاثة مذاهب[50]:

المذهب الأول: يرى عدم اعتباره بشكل مطلق حتى وإن أورث اطمئنانا بًصحته على ما قد يستفاد من ظواهر كلمات أهله.

المذهب الثاني: يرى قبوله واشترط فيه أن يكون مورثا للاطمئنان بصحته.

المذهب الثالث: يرى اعتباره ولكن على أن يكون قرينة يمكن أن تنضم إلى قرائن أخرى فتفيد الوثوق والاطمئنان.

والآن علينا أن نستعرض هذه المذاهب وأدلتها ثم مناقشتها للخروج بالنتيجة العلمية التي يسوقنا إليها الدليل، ويمكن تقسيم هذا المبحث الى ثلاثة مطالب :

المطلب الأول : عدم اعتبار قول الفلكي بشكل مطلق

 وهذا الرأي هو الغالب في علماء الفريقين الذي ينص على أنكار اعتبار قول الفلكيين شرعا بنحو كلي ، كما صرحوا به في كتبهم بل في الخلاف نسبه الشيخ  إلى الفقهاء أجمع [51] واستدلوا له بأدلة

الدليل الأول: ظواهر النصوص التي نهت عن الاعتماد على أقوال المنجمين والحسّاب وحرمت الرجوع إليهم، وبدعوى أن هذا النهي يشمل أقوال الفلكيين أيضا لًوحدة الملاك. منها: صحيحة محمد بن عيسى قال: كتب إليه[52] أبو عمر أخبرني يا مولاي، أنه ربّما أشكل علينا هلال رمضان فلا نراه ونرى السماء ليست فيه علة ويفطر الناس ونفطر معهم، ويقول قوم من الحسّاب قِبَلنا:إنه يرى في تلك الليلة بعينها بمصر وأفريقيا والأندلس، هل يجوز- يا مولاي- ما قال الحسّاب في هذا الباب حتى يختلف الفرض على أهل الأمصار فيكون صومهم خلاف صومنا، وفطرهم خلاف فطرنا؟. فوّقع:(لا تصومنّ الشك، أفطر لرؤيته وصم لرؤيته) [53]، والحسّاب هم الذين يحسبون مسير القمر ومنازله بالجداول ونحوها[54] . ومنها: متضافر النصوص الدالة على أن من صّدق منجّما فًهو كافر بما أنزل على محمد[55] والسر في ذلك هو أن الوحي الإلهي وضع علامات موثوقة يمكن الركون إليها في إثبات الشهر كالرؤية أو مضي ثلاثين يوما مًن الشهر السابق.وأما قول المنجمين فهي لا تخلو من الحدس الذي خطأه أكثر من صوابه فالاعتماد عليها ملازمة للإعراض عن العلامات الشرعية وهو تشريع.

الدليل الثاني: أن علم الفلك من العلوم الحدسية المبتنية على الحدس والظنون وقد نهى الشارع عن العمل بالظن قال تعالى ( وَإِنَّ الظَّنَّ لا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئا )[56] بل وردت النصوص الخاصة بعدم جواز الاعتماد على ظن الفلكي في إثبات الشهر. منها: صحيحة محمد بن مسلم عن أبي جعفر قال:(إذا رأيتم الهلال فصوموا وإذا رأيتموه فأفطروا،. وليس بالرأي ولا بالتظني ولكن بالرؤية)[57]  ومنها: موثقة إسحاق بن عمار، عن أبي عبد الله أنه قال:(في كتاب علي: صم لرؤيته وافطر لرؤيته، وإيّاك والشك والظن، فإن خفي عليكم فأتموا الشهر الأول ثلاثين)[58]والتحذير من العمل بالشك والظن ظاهر في الحرمة.ومنها: موثقة سماعة قال:(صيام شهر رمضان بالرؤية وليس بالظن)[59] وهي جملة خبرية في مقام الإنشاء والنفي بليس ظاهر في عدم اعتبار الظن في ثبوت الشهر.

الدليل الثالث: الروايات الخاصة التي حصرت ثبوت الشهر بالرؤية وإتمام أيام الشهر الماضي، ومقتضى إطلاقها يفيد عدم جواز الاعتماد على غيرها ففي موثقة الفضل بن عثمان عن أبي عبد الله أنه قال:(ليس على أهل القبلة إلا اّلرؤية، وليس على المسلمين إلا اّلرؤية) [60]وهي صريحة في الحصر فتنفي إمكان الثبوت بغير ذلك.وهذا ما تعضده الروايات المتضافرة الدالة على أن الشهر يثبت بالرؤية.

منها: الحديث المشهور:(صم للرؤية وافطر للرؤية)[61] وصحيح الحلبي عن أبي عبد الله أنه سئل عن الأهلة؟ فقال:(هي أهلة الشهور، فإذا رأيت. الهلال فصم، وإذا رأيته فافطر)[62] وغيرها مما هو متضافر ويفيد هذه الفائدة ويؤيد كل ذلك انك لا تجد للسؤال عن الرجوع إلى أقوال الفلكيين في الروايات عينا وًلا أثرا يًذكر إلا بّعض الإشارات مع توافر الدواعي عن السؤال عنه ونقله لوقوعه في محل ابتلاء عموم الناس في جميع الأمصار و الاعصار،وعليه فلو كان الاعتماد على أقوال أهل الفلك جائزا لًورد في سؤال أو رواية لأنه من المصاديق الغير متعارفة سابقا،وهذا يكشف عن أن عدم صحة الرجوع إليه في إثبات الشهر الشرعي كان متسالما عًليه بين المسلمين مفروغا عًنه في بطلانه.وهذه هي النتيجة التي صرح بها أكثر فقهائنا من المتقدمين [63] وعليها الفتوى من بعض مراجع . العصر[64]. وهو قول أكثر فقهاء الجمهور [65] والحق أن للمناقشة في هذه الأدلة مجالا وًذلك لوجوه[66]:

أحدها: أن الروايات المذكورة لا تنفي جواز الاعتماد على قول الفلكيين بصورة مطلقة بل تنفيها في صورتين:

 

 

الأولى: تحقق الرؤية الفعلية للهلال.

والثانية: إذا أوجب قولهم الشك أو الظن وأما إذا أوجب الاطمئنان فساكتة عنه ومن الواضح أن الرؤية إذا تحققت تنتفي الحاجة إلى قول الفلكي، لان الرؤية علم وقول الفلكي ظن.كما أن قول الفلكي إذا أورث الاطمئنان كان حجة بلا إشكال لان الاطمئنان من مراتب العلم عرفا وًحجية العلم ذاتية من أي طريق حصل. فانظر في مفاد روايات الرؤية لتجد ذلك ظاهرا .ً

ثانيها: أن صحيحة محمد بن عيسى صريحة في عدم تحقق الرؤية مع عدم وجود المانع منها لأنه قال:(نرى السماء وليس فيها علة) أي علة مانعة من الرؤية ونلاحظ أن السؤال كان عن الاعتماد على قول الحسّاب – بناء على شمولها لقول الفلكيين أيضا - بينما جواب الإمام تضمن النهي عن الصوم بالشك، وهذا يفيد أن قول الحسّاب إذا أفاد الشك لا يكون حجة وهو مطابق للقاعدة العامة في الشك ولكن هذا الجواب لا ينفي جواز الاعتماد عليه فيما إذا أورث الاطمئنان كما لا يخفى. وعليه فان الصحيحة المباركة لا تنفي جواز الاعتماد على قول الفلكيين مطلقا بًل في صورة الشك وهذا ما تعضده الروايات التي استدلوا بها في الدليل الثاني، فإنها تنفي جواز الصيام بالشك والظن وتثبته بالرؤية التي هي علم .

ثالثها: أن الروايات المانعة من الاعتماد على أقوال المنجمين خارجة موضوعا عًن إثبات الشهر بواسطة أقوال الفلكيين لأنها ناظرة إلى من يتخذ التنجيم وسيلة للتأثير في حوادث الكون ويعتقد أن لها أثارا فًي الوقايع والأحداث مستقلة عن أرادة الباري عز وجل كما حققه الفقهاء في محله [67] وأما اتخاذه علماً يكشف عن خصوصيات الكوكب وحركاتها وعلاقاتها بالأرض والحياة الإنسانية، فهو كسائر العلوم له قواعد معتبرة وخبراء ثقات، ولذا أجاز الفقهاء تعلمه وتعليمه، وتخصص فيه جمع من أعاظم العلماء والفقهاء [68] بل يظهر من بعض الأخبار أنه علم مرغوب شرعا فًيه من دلالات على عظمة الخالق وعجائب صنعه ففي خبر يونس قال: قلت لأبي عبد الله: جعلت فداك أخبرني عن علم النجوم ما هو؟ قال:(هو علم من علم الأنبياء) قال: قلت: كان علي بن أبي طالب  يعلمه،فقال:(كان أعلم الناس به)[69]، نعم الاعتقاد بان النجوم لها تأثيرات عليه في العالم وحوادثه أمر محرم ومذموم وإليه أشارت الروايات المانعة من التنجيم ولكن أين هذا من إثبات الشهر بواسطة إثبات الهلال بقول الفلكي بما أنه ظاهرة كونية طبيعية تحدث بأسبابها والفلكي يكشف عن حصولها أو خصوصياتها. وعليه فان قول الفلكي أن أفاد الشك أو الظن فهو ليس بحجة، لإطلاقات أدلة حرمة العمل بالظن-وهذا معروف عند الفقهاء-، وعلى هذا لا يمكن الاعتماد عليه وجعله دليلا مًستقلا لًإثبات الهلال. ولكن يمكن جعله كذلك إذا أورث العلم والاطمئنان بثبوت الشهر وهذا ما ذهب إليه أصحاب الاتجاه الثاني.

المطلب الثاني: قبول قول الفلكي عند الاطمئنان بصحته

ويتفرع من هذا المطلب النقاط الآتية:

أحدها: أن يفيد العلم والاطمئنان بثبوت الشهر.

وثانيها: أن يكونوا ثقات فيما يخبرون.

ثالثها: أن لا تتعارض أقوالهم لأن التعارض يوجب التكاذب وبالتالي سقوط القولين.

وقد ذهب إلى هذا الرأي جمع من فقهائنا المتقدمين[70] والمتأخرين  وبعض فقهاء الجمهور [71]، وبه أفتى بعض مراجع العصر أيضا [72]ويمكن الاستدلال لهم بدليلين:

الدليل الأول: أن الفلكي خبير وقول الخبير يفيد الاطمئنان عند العقلاء كما يشهد به الوجدان في مثل إخبارات الأطباء والمهندسين وأهل الصناعات والحرف المقوّمين ونحو ذلك، بل قامت السيرتان العقلائية والمتشرعية على تصديق أقوال الخبراء في كل علم وفن ما لم يثبت الخلاف، فيكون حجة بواسطتين:

الأولى: أنه يكون صغرى لكبرى حجية القطع، وحجية القطع ذاتية.

الثانية:أنه مقتضى السيرتين العقلائية والمتشرعية، وقد علمنا باتصالهما بزمان المعصومين:لأن هذا هو مقتضى الطبع البشري في التعامل مع العلماء وأهل الخبرة ولم يصل إلينا ردع عنهما فتكونان حجة.

الدليل الثاني: النصوص الدالة على اعتبار الرؤية وقد عرفت بعضها مما تقدم فإنها تفيد اعتبار كل ما يفيد الاطمئنان بما فيه قول الفلكي وذلك لأنها وأن جعلت الرؤية معيارا لًثبوت الشهر إلا أّنها بقرينة العقل تحمل على الإرشاد والتنبيه لا على التحديد والتضييق وذلك لسببين:

أحدهما: أن الرؤية أمر وجداني فإذا تحققت أوجبت العلم بتحقق الشهر وهذا أمر لا يحتاج إلى تنصيص فلا مناص من حملها على الإرشاد إلى تحقق الموضوع وهو حصول الشهر بها وعليه فهي لا تنفي ما عداها مما يشترك معها في العلة وهو العلم والاطمئنان.

ثانيهما: النصوص الخاصة الدالة على أن الصيام يدور مدار العلم، فلا يصح الصوم لمن رأى الهلال ثم شك، فلو كانت الرؤية قيدا اًنحصاريا لًما صح إفطار الشاك.

منها: ما رواه على بن جعفر عن أخيه قال: سألته عمن يرى هلال شهر رمضان وحده ولا يبصره غيره  أله أن يصوم؟ فقال:( إذا لم يشك فيه فليصم وحده وإلا يّصوم مع الناس إذا صاموا)[73] والوجه في شكه هو التردد بسبب رؤيته ما لم يره أحد من عموم الناس، وهذا قد يوجب تزلزل العلم عند بعض الناس.وقريب منها رواية أخرى رواها الصدوق  بإسناده عن علي بن جعفر عن أخيه موسى بن جعفر[74] وبهذا يظهر أن قول الفلكي إذا أفاد الاطمئنان يخرج موضوعا عًن اطلاقات أدلة حرمة العمل بالظن، فيكون مستثنى بالتخصّص لا بالتخصيص لأنه علم كما يعبرون،نعم يبقى جواز الاعتماد عليه مقيدا بًصورة إفادته العلم والاطمئنان لا مطلقا ،ً ومن هنا يبطل أن يفيدنا قاعدة كلية يمكن تأسيسها في إثبات الشهر.لاختلاف الناس من حيث حصول الوثوق والاطمئنان من أقوال الفلكيين خصوصا إًذا لا حظنا كثرة أخطائهم بل وتصريحهم بأنهم يستندون إلى الحدس والظنون في آرائهم هذا الإشكال دعى أصحاب الاتجاه الثالث إلى القول بأن قول الفلكي وإن لم يكن دليلا مًستقلا لًإثبات الشهر إلا أّنه يصح أن يكون قرينة تفيدنا بعض الوثوق فإذا انضمت إليها قرائن أخرى يمكن أن تفيد العلم وحينئذ يجوز إثبات الشهر بواسطة مجموع القرائن لا بقول الفلكي وحده.

المطلب الثالث: قبول قول الفلكي واعتباره قرينة

 يرى من هذه المسألة أن قول الفلكي لا يمكن عده دليلا مًستقلا لًإثبات الشهر ولا إلغاءه بنحو مطلق لشهادة الوجدان والسيرتان العقلائية والمتشرعية على أن قول الخبير يفيد الظن أو شيئا مًن الاطمئنان- في أدنى الفروض- وعلى هذا فإن قول الفلكي ليس كسائر الأقوال لا اثر له وليس كسائر الطرق التي قامت الأدلة على أنها من مثبتات الشهر شرعا كًالرؤية المباشرة أو البينة بل له فوائد وأهم الفوائد التي تترتب على قول الفلكي أربعة[75]:

الأولى: أنه يصلح أن يكون أحد القرائن الوثوقية التي تثبت الشهر إذا انضمت إلى غيرها من القرائن  كالشهادة الناقصة [76] أو نحو ذلك من القرائن [77]

ومن الواضح أن اجتماع القرائن قد يورث العلم بثبوت الشهر، فيكون حجة وربما يشهد لهذا صحيحة عيص بن القاسم: أنه سأل أبا عبد الله عن الهلال إذا رآه القوم فاتفقوا أنه لليلتين أيجوز ذلك؟ قال:(نعم)[78] بتقريب: أن اتفاق القوم على أن الهلال لليلتين لم يستند إلى الرؤية بل إلى حجمه أو شكله ومع إن هذه الرؤية ظنية إلا أّن الإمام  أجازها ولا يتصور لهذا معنى صحيحا سًوى الاطمئنان.

الثانية: توثيق شهادة الشهود فعلى هذا الأساس يمكن القول بأن قول الفلكيين يصلح أن يكون قرينة لقبول قول الشهود في صورة مطابقة الشهادة له. نعم[79] لا يصلح أن يكون مبطلا لًقول الشهود شرعا فًي صورة المخالفة لأن الشهادة الشرعية إذا كانت مستوفية للشرائط وجب الاعتماد عليها بالتعبد الشرعي للأدلة الخاصة التي نصت على وجوب الاعتماد على الشهادة. منها: صحيحة الحلبي عن أبي عبد الله أن عليا 7ًكان يقول:(لا أجيز في الهلال إلا شّهادة رجلين عدلين) [80]

ومنها: صحيحة منصور بن حازم، عن أبي عبد الله أنه قال:(صم لرؤية الهلال وافطر لرؤيته، فإن . شهد عندكم شاهدان مرضيّان بأنهما رأياه فاقضه) [81].

ومنها: صحيحة أبي بصير، عن أبي عبد الله 7أنه سئل عن اليوم الذي يقضى من شهر رمضان؟ فقال:(لا يقضه إلا أّن يثبت شاهدان عدلان من جميع أهل الصلاة متى كان رأس الشهر) [82]، والأخبار  في هذا المضمون متضافرة [83].

الثالثة: تضعيف الشهادة، كما لو تزلزل يقين أحد الشهود جراء قول الفلكي فحينئذ تفقد الشهادة ، شرائطها الشرعية فيكون نظير ما لو شك أحد الشهود بعد اليقين، فقد صرح الفقهاء بسقوط    شهادته [84]لأن الشك يسري إلى موضع اليقين فيزلزله يكون من مصاديق قاعدة اليقين التي يتغلب الشك فيها على اليقين ويزيله، فيتنافى مع أدلة الشهادة لأنها ظاهرة في بقاء الشاهد على شهادته ويقينه بصحة ما شهد عليه وإلا بّطلت أن تكون شهادة.

الرابعة: حجيتها على الفلكي نفسه، إذا حصل له العلم بصحة رأيه، وحجيته ليست من جهة أنه قول فلكي، بل من جهة أنه علم بالنسبة إليه، والعلم حجة على العالم من أي طريق حصل، نعم تتقيد حجية هذا العلم بالعالم دون غيره وإلى هذا القول ذهب بعض فقهائنا المتأخرين [85] قال به بعض المعاصرين [86] ونلاحظ في هذا القول أمرين:

الأول: إن الالتزام بأن قول الفلكي قرينة قد تزيد من قوة الظن أو الاطمئنان هو القدر المتفق عليه بين الأقوال، لأن القول الأول نفى أن يكون قول الفلكي حجة على إثبات الشهر ولم ينف أن يكون قرينة،والقول الثاني وإن نفى اعتباره إن أفاد الظن إلا أّنه لم ينف أن يكون قرينة ظنية قد تعضد بقرائن أخرى فتبدل الظن إلى يقين لاسيما إذا تعدد الفلكيون وكانوا مهرة ثقاة واتفقوا على رأي واحد ومن هنا قال السيد الخونساري  في جامع المدارك: أن خبراء الفن إذا اتفقوا على قول فيشكل عدم الأخذ بقولهم[87]  وعلى هذا يمكن القول بأن هذا الاتجاه ليس برأي ثالث يغاير مقصود الاتجاهين الأولين في الحقيقة بل هو منسجم معهما ومعاضد لمقصودهما.

الثاني: أنه يتطابق مع الوجدان البشري والطريقة العقلائية في التعامل مع المسائل التي تستند إلى أقوال  الخبراء وأهل المعرفة [88] وهذا يتفق مع منهج الإسلام بشكل عام في احترام العلوم وأقوال العلماء وأخذها بنظر الاعتبار،وإن لم يرتب على بعضها تمام الأثر أو يقيدها ببعض الشروط والقيود أحيانا .ً

 

 

 

 

 

-       نكته علمية حول دور الفلكي في إثبات الشهر

يمكن طرح السؤال الآتي:هل قول الفلكي يثبت رؤية الهلال أم يثبت الشهر؟

والفرق بينهما إننا إذا قلنا أنه يثبت الهلال فمعناه أن الرؤية الفعلية شرط في تحقق الشهر القمري وإن قلنا أنه يثبت الشهر فيكفي في ذلك إثبات إمكان رؤية الهلال وإن لم يره أحد بالفعل.

وللإجابة عن هذا التساؤل لا بد أن نعرف معنى الشهر ومعياره الشرعي، فنقول:الشهر في الشرع: عبارة الزمان الواقع بين هلالين، سمي هلالا لًاشتهاره بالهلال [89]، ويتحقق في الواقع الخارجي بأحد ثلاث احتمالات:

الأول: خروج القمر من المحاق.

والثاني: خروجه إلى أن يبلغ رتبة من الظهور بحيث يمكن أن يرى.

والثالث: أن يبلغ ظهوره درجة بحيث يرى بالفعل.

والاحتمال الأول باطل باتفاق الفلكيين والفقهاء معا .ً لان القمر في المحاق لا يطلق عليه هلال لغة وعرفا .ًوالاحتمال الثالث يسمى هلالا وًلكنه ليس هو الشرط الوحيد لثبوت الهلال عند الفقهاء، لأن الرؤية الفعلية غير ممكنة دائما .ً

فيبقى الاحتمال الثاني وهو أقوى الاحتمالات عند الفقهاء ولعل هذا ما يستفاد من النصوص أيضا بًعد التأمل والجمع بينها، بل قال السيد الخوئي  كما في تقريراته:(دلت الروايات الكثيرة أيضا أًن الشهر الجديد إنما يتحقق بخروج الهلال عن تحت الشعاع بمثابة يكون قابلا لًلرؤية)[90] وغيره أيضا [91]وهذا ما يؤكده حكم العقل؛ لأن الشهر حقيقة واقعية تتحقق بالوجود الواقعي للهلال، ويبتدأ حينما يخرج من المحاق وهي دائرة الظل التي تحجب القمر عن الرؤية تماما ،ً وهذا الخروج له حالتان:

الأولى: أن يخرج من دائرة الظل ويولد طبيعيا قًبل غروب الشمس وهذه ولادة حقيقية للهلال إلا أّنه غير قابل للرؤية بسبب المانع وهو غلبة نور الشمس في النهار فتمنع من رؤيته.

والثانية: أن يخرج من دائرة الظل ويولد طبيعيا بًعد غروب الشمس وهذا يقبل الرؤية عادة إذا توفرت الشرائط اللازمة لها وارتفعت الموانع وأنت ترى أن مفهوم الشهر يتحقق منذ خروج القمر من المحاق وتسلط نور الشمس عليه مع إمكان رؤيته، ففي هذه الحالة يسمى القمر هلالا وًالشهر بالهلالي كما أن خروج القمر من دائرة الظل قبل غروب الشمس لا ينفي ظهور الهلال من المحاق وتنوره بنور الشمس إلا أّن غلبة نور الشمس أخفى هذا النور وهذا لا يسلب عنه صفة الهلالية.فهو نظير تعذر رؤية النجوم في الليالي البيض من الشهر، فإن ضوء القمر يمنع من رؤيتها ولا ينفي طلوعها [92] ومن ذلك نعرف أن المراد من قول الفلكي هو إثبات الشهر من خلال رؤية الهلال، فرؤية الهلال طريق يوصل إلى ثبوت الشهر، وهذا هو المرتكز بين الفقهاء وهو الذي تظهر من مجموع الأدلة الآمرة بالرؤية التي تقدم الكلام فيها ولعل هذا ما يستظهر من كلمات الفقهاء أيضا قًال الشيخ المفيد: (فالهلال علامة الشهر، وبه وجبت العبادة والصيام والإفطار والحج وسائر ما يتعلق بالشهورعلى أهل الشرع، وربما خفية لعارض أو استتر عن أهل مصر لعلة وظهر بغير أهل ذلك المصر، ولكن الفرض إنما يتعلق على العباد به إذ هو العلم دون غيره) [93]وقريب من هذا قاله المقدس الأردبيلي  بشأن الرؤية قال: (ولا شك في اعتبارها عندنا لأنه يحصل الضروري بدخول وقت ما يكلف به، ولا شيء فوق ذلك)[94] وظاهر قوله (عندنا) إن هذا هو فهم فقهاء الطائفة وليس بعضهم. ويفهم هذا من كلام العلامة الحلي  أيضا قًال: (ولأنه يتيقن أنه من رمضان، فلزمه صومه، كما لو حكم به الحاكم، ولأن الرؤية أبلغ في باب العلم من الشاهدين، فالشاهدان يفيدان الظن والرؤية  تفيد القطع فإذا تعلق حكم الوجوب بأضعف الطريقين فالأقوى أولى)[95] ونلاحظ هنا أنه أرجع شرط الرؤية إلى الطريقية لأنها تفيد العلم، وهذا يدلك على إمكان الاعتماد على كل ما يوجب هذه النتيجة،وهناك شواهد عليها:

الشاهد الأول: قوله تعالى(َفمَن شَهِدَ مِنكمُ الشَّهْرَ فلْيَصُمْهُ)[96] فإنه ظاهر في أن الشهر حقيقة واقعية  تكوينية تحضر عند الناس فيشهدونها والمروي عن جماعة منهم علي أمير المؤمنين وبن عباس وعليه جماعة من المفسرين إن شهود الشهر يتحقق بدخول الشهر عليه وهو حاضر وفي تفسير آخر من شاهد منكم الشهر[97] وفي تفسير العياشي عن الصباح بن سيابة عن أبي عبد الله  في جواب بعض المسائل قال:(فمن دخل عليه شهر رمضان وهو في أهله فليس له أن يسافر إلا لّحج أو عمرة أو في طلب مال يخاف تلفه)[98] وغيرها[99] ومن الواضح أن وصف الشهر بالدخول والحضور يؤكد أنه كسائر الحقائق الكونية له حركة وحضور وغياب فليس حضور الشهر أمرا اًعتباريا ،ً وعلى هذا المعنى يكون الهلال علامة على دخول الشهر وليس موضوع لإثبات الشهر، ومن هنا عبر جماعة من الفقهاء عنه بأنه علامة لشهر رمضان [100]ومن هنا قد يمكن القول أنه لا يتوقف حضور الشهر على الرؤية الفعلية بل على خروج القمر من المحاق بحيث يمكن رؤيته.

الشاهد الثاني: اتفاق كلمة الأصوليين والفقهاء على أن الأحكام تجعل للمعاني الحقيقية الواقعية لا المتخيلة أو المتوهمة والمعنى الحقيقي للشهر والهلال تؤخذ من عالم التكوين بحسب وجودهما الواقعي، وهذا يفرض علينا مراعاة الحقيقة الخارجية للهلال [101] من حيث قابلية الرؤية.

الشاهد الثالث: فتوى الفقهاء بأن الشهر يثبت بأكثر من طريق غير رؤية الهلال، بل المشهور بينهم هوالقول بتعدد الآفاق لا وحدتها [102]، وعليه قالوا إذا رؤي الهلال في أحد البلدان يثبت على غيره من البلدان المقاربة في الأفق مع إن الرؤية الفعلية في بعض هذه البلدان قد تكون متعذرة، وهذا يكشف عن أنهم لاحظوا إمكانية الرؤية لا تحققها بالفعل.

خلاصة النتائج:

الأولى: أن الرؤية لم تؤخذ على نحو الموضوعية لثبوت الشهر، وإن فرضنا أنها أخذت موضوعية لرؤية الهلال عند المشهور من فقهاء الفريقين.

والثانية: أن ما يهم الفقيه والمتفقهين هو إثبات الشهر لا الهلال لأن بعض الأحكام           الشرعية [103]متعلقة بالزمان والهلال علامة على هذا الزمان ومن هنا قال جمع من مراجع العصر: (إن شهر رمضان بوجوده الواقعي موضوع لوجوب الصيام فلا بد من إحرازه بعلم أو علمي في ترتب الأثر كما هو شأن في سائر الموضوعات الخارجية المعلق عليها الأحكام الشرعية) .

والثالثة: إن إثبات الشهر يتحقق بخروج الهلال من دائرة الظل بحيث يكون قابلا لًلرؤية وإن لم ير بالفعل لأن عدم رؤيته لم تنشأ من عدم وجوده بل من غلبة نور الشمس على نوره. نعم ينبغي أن نحرز أن تولده كان قبل غروب الشمس لا قبل الزوال لأنه لو طلع قبل الزوال كشف عن دخول الشهر في الليلة الثانية على ما نصت به الأخبار الصحيحة منها: صحيحة حماد بن عثمان عن أبي عبد الله قال:(إذا رأوا الهلال قبل الزوال فهو للّيلة الماضية  وإذا رأوه بعد الزوال فهو للّيلة المستقبلة)[104] ومنها: موثقة عبيد بن زرارة وعبد الله بن بكير قالا: قال أبو عبد الله:(إذا رؤي الهلال قبل الزوال  فذلك اليوم من شوال، وإذا رؤي بعد الزوال فهو من شهر رمضان)[105] ومعلوم إن هذا لا يصح إلا إّذا أمكنت رؤية الهلال في النهار أحيانا لًاختلاف حالات المناخ والطقس وحالات الهلال والرائيين . والروايتان ظاهرتان في أن الرؤية كاشفة عن دخول ليالي الشهر وليست هي في نفسها شرطا لًلدخول.

الرابعة: أن الشهر القمري يبدأ بخروج القمر من المحاق إلا أّن مجرد الخروج لا أثر له شرعا وًلا يترتب عليه حكم من الأحكام، وأما الشهر الشرعي فيبدأ بابتعاد القمر عن دائرة الظل إلى درجة بحيث يكون قابلا لًلرؤية بالعين المجردة، ولذا يكون منشأ للآثار شرعا وًتترتب عليه الأحكام الشرعية.

الخامسة: إن الرؤية المجردة طريق علمي بدخول الشهر وليست بشرط يقيد فيه ثبوته كما عرف سابقا،ًوعلى هذا يمكن أن نستنتج من أقوال الفقهاء بأنها إذا تحققت بالطرق العلمية الصحيحة والأجهزة الفلكية وأفادتنا العلم واليقين تكون حجة ووجب الأخذ بها.

وعلى هذا الأساس وقع الكلام بينهم في جواز الاعتماد على الأجهزة الفلكية لرؤية الهلال وعدمه، وهو ما عبروا عنه بالرؤية المسلحة، وهو ما سنتعرف عليه في المبحث الرابع.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

المبحث الرابع :جدليات الدراسات الفقهية الامامية في إثبات الشهر

قد عرفنا في المبحث السابق أن الرؤية أول معيار نصت عليه الأدلة لأجل إثبات الشهر والآن علينا أن نعرف هل المراد بالرؤية، ما كانت بالعين المجردة فلا يثبت الشهر بغيرها أم المراد مطلق الرؤية ولو تحققت بواسطة الأجهزة الفلكية وهي المعبّر عنها بينهم بالرؤية بواسطة العين المسلحة هذه من جهة ومن جهة أخرى هل يثبت الشهر الاسلامي في حالة أختلاف الافاق والمطالع بحيث لو رؤي الهلال في بلد لا يشترك مع البلد الاخر في الافق يثبت عندهم الشهر الجديد أم لا؟ ويمكن تقسيم هذا المبحث الى مطلبين:

المطلب الاول: جدلية الفقهاء في أثبات الرؤية

اختلف الفقهاء في هذه المسألة إلى قولين[106]:

القول الأول: قيدوا ثبوت الشهر برؤية الهلال بالعين الباصرة، وهذا القول مال إليه  مشهور المتقدمين والمتأخرين والمعاصرين من فقهاء الفريقين [107]

والقول الثاني: ذهب إلى خلاف هذا، فقال بجواز الاعتماد على الرؤية بالعين المسلحة.

أدلة القول الأول: ذكروا عدة آراء للفقهاء أهمها: أن الشيخ المفيد  أوجب الرؤية بالحاسة [108] أي الحاسة الباصرة وهي العين، وقال العلامة أجمع المسلمون منذ زمن الرسول إلى زماننا هذا على اعتبار الهلال والترائي له والتصدي لإبصاره، وقد كان الرسول يتصدى لرؤيته ويتولاها، ويلتمس الهلال [109] وبه قال جمع من الفقهاء المعاصرين نصا وًظهورا [110]وهذا القول يتطابق مع الاتجاه الأول الذي جعل الرؤية موضوعا لًتحقق الصوم والإفطار.

واستدل العلماء لهذا القول بأدلة أهمها اثنان:

الدليل الأول: ظهور الأدلة، فإن ظاهر النصوص المتقدمة التي قيدت الصوم والإفطار بالرؤية هو الرؤية بالعين المجردة لا بالوسائط والآلات، والظهور حجة. ومنشأ هذا الظهور هو الانصراف العرفي ويشهد لهذا الانصراف صحة السلب التي هي من علامات الحقيقة، فإن من رأى الهلال بواسطة التلسكوب والأجهزة المكبرة ونحوها يصح أن نسلب عنه عنوان الرؤية ونقول أنه لم يره بل الآلة رأته، وإطلاق الرؤية عليه من باب المجاز لا الحقيقة، فهو نظير سائق السيارة، فإنه يقال سار مسرعا مًع أن السيارة هي السائرة واما السائق فهو جالس وليس بسائر، ولكن يطلق عليه ذلك من باب المسامحة.والأحكام لشرعية تحمل على المعاني الحقيقية وهي هنا الرؤية البصرية لا المجازية وهي المسلحة.

والدليل الثاني: قصور اطلاقات أدلة الرؤية عن شمولها للرؤية المسلحة، لأن القدر المتيقن التي نصت عليه الأدلة هو الرؤية بالعين المجردة، وأما شمول النصوص للرؤية بالعين المسلحة فهو أمر مشكوك، وهذا الشك يمنع من التمسك بإطلاق تلك النصوص للحكم بجوازها لأنه يستلزم التمسك بالعام في الشبهة المصداقية وهو باطل باتفاق الجميع[111]وعلى هذا تتقيد الرؤية بالباصرة.

والقول الثاني: ذهب إلى خلاف هذا، فقال بجواز الاعتماد على الرؤية بالعين المسلحة، والسر في ذلك يعود إلى أمرين[112]:

أحدهما: اطلاقات أدلة الرؤية، فإنها علّقت جواز الصوم والإفطار على الرؤية فيشمل كل ما صدق عليه عرفا أًنه رؤية، وهذا ينطبق على الرؤية بالأجهزة والآلات[113].

ثانيهما: وحدة الملاك، إذ أن العرف لا يرى خصوصية للرؤية بالعين المجردة حتى يضيّق في دائرة الدليل،لأن المدار عنده هو حصول العلم بثبوت الهلال بلا فرق بين طريق حصوله بالعين الباصرة أو المسلحة.مال إلى هذا القول بعض الفقهاء المعاصرين من الفريقين [114] ويمكن أن نعضده بما ذكرناه سابقا مًن أن الهلال من الموضوعات الخارجية التي تحصل بأسبابها، فإذا أمكن رؤيته واقعا فًإنه لا يختلف الحال بعده بين رؤيته بالأجهزة أو بدونها.

وربما يمكن مناقشة أدلة القول الأول من جهتين[115]:

الجهة الأولى: أن دعوى انصراف الأدلة إلى الرؤية بالعين المجردة، لا تنهض كدليل مقنع –عند بعض الفقهاء-لأنه انصراف غير مستقر، ناشئ من غلبة الأفراد في الخارج لاسيما في عصر صدور النص، وقد اتفق الأصوليون والفقهاء على أن الانصراف البدوي الناشئ من كثرة الأفراد ليس بحجة [116]، وإنما ينبغي أن يكون ناشئاً  كما لو قال الشارع: (قلّد الفقهاء) مثلا وشككنا في شخص أنه فقيه أم ليس بفقيه فإنه لا يصح أن نتمسك بإطلاق قوله (قلد الفقهاء) ونحكم بوجوب تقليده، لأن وجوب التقليد متقيد بالفقيه، فلا بد وأن نعلم بأن من نريد تقليده فقيها حًتى يصح الرجوع إليه وإلا لّا يجوز، والسر في ذلك هو إن الحكم لا بد له من موضوع وما لم نعلم بثبوت الموضوع لا يمكن أن نحمل عليه الحكم لأنه يستلزم تقدم المعلول على العلة من الأنس الذهني بين اللفظ والمعنى بحيث يستقر المعنى في الذهن بمجرد سماع اللفظ ولا يزول فمتى ما سمع اللفظ خطر في الذهن ذلك المعنى ولا يخطر غيره خطورا مًعتدا بًه عند العقلاء، هذا النحو من  الانصراف يصنع ظهورا لًلكلام ويكون حجة[117] والحاصل: أن دعوى الانصراف غير تامة ويؤكد ذلك أن الوجدان البشري يرى عدم الفرق بين الرؤية بالعين بشكل مباشر أو واسطة العدسة أو الأجهزة ولذا يقولون لمن لبس النظارة ونظر إلى الهلال أنه رأى وكذا من نظر إلى الناظر بواسطة الناضور أو من نظر إلى النقل المباشر في أجهزة التلفاز يقال له أنه ناظر ورائي. مع انه لم ينظره بشكل مباشر يؤكد صحته صحة الحمل وعدم صحة السلب.

الجهة الثانية: أن دعوى التمسك بالقدر المتيقن من معنى الرؤية غير صحيح أيضا ،ً لأن الرؤية بالعين المسلحة ليس فردا مًشكوكا لًلرؤية بل معلوم لصدق الرؤية عليه عرفا ،ً بل قد علمت أن العرف يرى وحدة الملاك بين الرؤيتين.

ومعه يكون من قبيل التمسك بالعام في الفرد المعلوم لا الفرد المشكوك[118] وعلى هذا يصبح القول بجواز الاعتماد على الرؤية بواسطة العين المسلحة بلا مانع عقلي أو شرعي خصوصا عًند القائلين[119] بأن إمكان رؤية الهلال كافية في تحقق الشهر القمري نعم يشترط في حجية هذه الرؤية شروط:

الشرط الأول: أن يكون الهلال قابلا لًلرؤية في نفسه. فإذا رأته الأجهزة قبل خروجه من دائرة الظل فلا يعتد بها، لأنها رؤية سابقا عًلى تولد الهلال.

الشرط الثاني: أن يكون المرئي هلالا عًرفا ،ً فلا يجدي رؤية شبح الهلال أو بعض البقع الضوئية التي لا تشكل هلالا وًالتي قد تراها بعض الأجهزة الدقيقة .

الشرط الثالث: أن تكون الرؤية بواسطة أجهزة الرصد البصرية التي تعتمد على رؤية العين لا غير، وقوفا عًلى مفاد النصوص التي أخذت الرؤية قيدا لًلثبوت، وعلى هذا فلا تنفع الأجهزة غير البصرية التي ترصد الأشعة غير المرئية ونحوها [120]

المطلب الثاني: شرطية وحدة الافق وعدمها

أنّ البلدان‌ الواقعة‌ علي‌ سطح‌ الارض‌ تنقسم‌ إلي‌ قسمين‌[121] :

أحدهما : ما تتّفق‌ مشارقه‌ ومغاربه‌ أوتتقارب‌ ؛ ثانيهما : ما تختلف‌ مشارقه‌ ومغاربه‌ اختلافاً كبيراً .

أمّا القسم‌الاوّل، فقداتّفق‌علماءالإماميّة علي أنّ رؤية‌ الهلال‌في‌ بعض‌ هذه‌ البلاد كافية‌ لثبوته‌ في‌ غيرها ، فإنّ عدم‌ رؤيته‌ فيه‌ إنّما يستند لامحالة‌ إلي‌ مانع‌ يمنع‌ من‌ ذلك‌ ، كالجبال‌ أو الغابات‌ أو الغيوم‌ أو ماشاكل‌ ذلك‌ .

وأمّا القسم‌ الثاني‌ (ذات‌ الآفاق‌ المختلفة‌) فلم‌ يقع‌ التعرّض‌ لحكمه‌ في‌ كتب‌ علمائنا المتقدّمين‌ ؛ نعم‌ حكي‌ القول‌ باعتبار اتّحاد الاُفق‌ عن‌ الشيخ‌ الطوسيّ في‌ «المبسوط‌» ؛ فإذاً المسألة‌ مسكوت‌ عنها في‌ كلمات‌ أكثر المتقدّمين‌ ، وإنّما صارت‌ معركةً للآراء بين‌ علمائنا المتأخّرين‌ .

المعروف‌ بينهم‌ القول‌ باعتبار اتّحاد الاُفق‌ ولكن‌ قد خالفهم‌ فيه‌ جماعة‌ من‌ العلماء والمحقّقين‌ ؛ فاختاروا القول‌ بعدم‌ اعتبار الاتّحاد وقالوا بكفاية‌ الرؤية‌ في‌ بلد واحد لثبوته‌ في‌ غيره‌ من‌ البلدان‌ ولو مع‌ اختلاف‌ الاُفق‌ بينها .

فقد نقل‌ العلاّمة‌ في‌ «التذكرة‌» هذا القول‌ عن‌ بعض‌ علمائنا ، واختاره‌ صريحاً في‌ «المنتهي‌» ، واحتمله‌ الشهيد الاوّل‌ في‌ «الدروس‌» ، واختاره‌ صريحاً المحدِّث‌ الكاشاني‌ّ في‌ «الوافي‌» وصاحب‌ «الحدائق‌» في‌ «حدائقه‌» ، ومال‌ إليه‌ صاحب‌ «الجواهر» في‌ «جواهره‌» والنراقيّ في‌ «المستنَد» والسيّد أبوتُراب‌ الخونساريّ في‌ «شرح‌ نجاة‌ العباد» والسيّد الحكيم‌ في‌ «مُستمسَكه‌» .

وعليه فالفقهاء في هذه المسألة على اتجاهات ثلاث[122]:

الأُولى: مَنْ لم يتعرض للمسألة ولم يصرِّح بالفرق أو بعدم الفرق بين البلاد المتقاربة والمتباعدة.

الثانية: مَنْ صرّح بالمسألة وفرّق بين المتباعد والمتقارب، وهم الأكثر.

الثالثة: مَنْ لم يفرّق بينهما، و عطف المتباعد على المتقارب.

ويدور البحث في الاتجاهيين الاخيرين وهو اشتراط وحدة الافق أو عدمه:

الاتجاه الأول: اشتراط وحدة الأُفق

فقد استدل الفقهاء على اشتراط وحدة الافق بالوجهين التاليين[123]:

الأوّل: خروج القمر عن المحاق كشروق الشمس

إنّ خروج القمر عن تحت الشعاع أشبه بشروق الشمس وغروبها ، فكما انّ لكلّ أُفق مشرقاً ومغرباً حسب اختلاف البلدان حيث إنّ الأرض بمقتضى كرويتها وحركتها الوضعية يكون النصف منها مواجهاً للشمس دائماً والنصف الآخر غير مواجه، ويعبَّر عن الأوّل بقوس النهار و عن الثاني بقوس الليل، وهذان القوسان في حركة وانتقال دائماً حسب حركة الأرض حول نفسها، ولذلك يكون هناك مشارق و مغارب حسب اختلاف درجاتها.

وهكذا الهلال وخروج القمر عن تحت الشعاع، فانّه يختلف حسب اختلاف الآفاق، فربما يخرج القمر من بقعة عنه ويُرى الجزء القليل من وجهه المضاء، دون بقعة أُخرى، ويظهر ذلك بوضوح إذا علمنا انّ القمر يسير من الشرق إلى الغرب، فلو رئي في بلد دل على خروجه عنه في ذلك الوقت، لا يكشف ذلك عن خروجه عنه في البلد الواقع في شرقه، إذ لعلّ القمر ـ وقت غروب الشمس عنه ـ كان في المحاق.

هذا هو الاستدلال الأول المعروف وقد ذكر الشيخ السبحاني مؤاخذات عليه بالتالي[124]:

وجود الفرق بين شروق الشمس وغروبها وطلوع الهلال، لأنّه يتحقّق في كلّ آن شروق في نقطة من الأرض وغروب في نقطة أُخرى مقابلة لها، وذلك لأنّ هذه الحالات إنّما تنتزع من كيفية اتجاه الكرة الأرضية مع الشمس، فهي نسبة قائمة بين الأرض والشمس، وبما انّ الأرض لا تزال في تبدّل و انتقال، فتختلف تلك النسب حسب اختلاف جهة الأرض مع الشمس، وهذا بخلاف الهلال فانّه إنّما يتولد ويتكون من كيفية نسبة القمر إلى الشمس من دون مدخل لوجود الكرة الأرضية في ذلك بوجه، بحيث لو فرضنا خلوّ الفضاء عنها رأساً لكان القمر متشكلاً بشتى أشكاله من هلاله إلى بدره وبالعكس كما نشاهدها الآن.

وبعبارة أُخرى: انّ الهلال عبارة عن خروجه من تحت الشعاع بمقدار يكون قابلاً للرؤية ولو في الجملة، وهذا كما ترى أمر واقعي وجداني 
لا يختلف فيه بلد عن بلد ولا صقع عن صقع، لأنّه كما عرفت نسبة بين 
القمر والشمس لا بينه وبين الأرض، فلا تأثير لاختلاف بقاعها في 
حدوث هذه الظاهرة الكونية في جو الفضاء، وعلى هذا يكون حدوثها، بداية شهر قمري لجميع بقاع الأرض على اختلاف مشارقها ومغاربها وإن لم ير الهلال في بعض مناطقها لمانع خارجي من شعاع الشمس أو كُرويّة الأرض.[125]

يلاحظ عليه[126] : أنّ ما ذكره من أنّ الشروق نسبة قائمة بين الشمس والأرض بخلاف خروج القمر من المحاق فانّها نسبة بين الشمس والقمر، غير تام.

وذلك لعدم التفاوت بينهما حيث إنّ وجه القمر المقابل للشمس، مستنير أبداً والوجه المخالف مظلم كذلك، ولا يتصور في الجانب المستنير الهلال ولا التربيع ولا التثليث ولا البدر إلاّ بالإضافة إلى الأرض وفرض الناظر فيه، ففي حالة المقارنة يكون وجه القمر المظلم إلى الأرض، والوجه المستنير كلّه إلى الشمس وإذا بدأ بالخروج عن المحاق يبدو نور عريض حول القمر بالنسبة إلى الأرض والناظر المفروض فيه ثمّ لم يلبث يتحرك حتى يصل إلى التربيع بحيث يكون نصف الوجه المقابل مستنيراً ونصفه في ظلمة إلى أن يصل إلى التثليث والبدر.

فلو لم يكن هناك أرض ولا ناظر مفروض بحيث جرد النظر إلى الشمس و القمر، فلا يتحقق فيه تلك الحالات الأربع: الهلال، التربيع ، التثليث، والبدر، بل ليس هناك إلاّ حالة واحدة وهي كون نصف منه مظلم ونصف منه مستنير ، ويدلّ على ذلك انّه لو فرض ناظر يرى القمر في كوكب آخر غير الأرض لما يراه هلالاً .

فاتضّحت بذلك صحّة قياس بزوغ القمر ببزوغ الشمس، فكما أنّ هناك مشارق ومغارب فهناك أيضاً بزوغات للقمر حسب اختلاف المناطق.

الثاني: الميقات هو وجود الهلال عند الغروب

إنّ المستفاد من الأدلّة هو الاحتمال الثالث في تحقّق الشهر الشرعي، قال سبحانه: ( يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَواقِيتُ لِلنّاسِ وَالحَجّ وَلَيْسَ البِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِها وَلكِنَّ البِرَّ مَنِ اتَّقى وَأْتُوا البُيُوتَ مِنْ أَبْوابِها وَاتَّقُوا اللّه لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُون ) [127].

سأل الناس عن أحوال الأهلّة في زيادتها ونقصانها ووجه الحكمة فأمر اللهُ رسولَهُ (صلى الله عليه وآله وسلم) بأن يقول لهم بأنّ وجه الحكمة في زيادة القمر ونقصانه ما يتعلّق بمصالح دينهم ودنياهم، لأنّ الهلال لو كان مدوّراً أبداً مثل الشمس لم يمكن التوقيت به فهي مواقيت للناس في دنياهم وعبادتهم.

فجعل المقياس هو الهلال وليس الهلال إلاّ رؤية خيط عريض وقت الغروب، ولذلك سمّي الهلال هلالاً، لأنّه حين يُرى يهلُّ الناس بذكره.

فالميقات ليس تكوّن الهلال في وقت من الأوقات وخروجه عن المحاق مطلقاً، بل تكوّنه ورؤيته عند الغروب، وهذا القيد هو المهمّ في هذا الاستدلال، والمتبادر من الآية بحكم كونها خطاباً لعامّة الناس في أقطار الأرض وأيّ جزء منها، هو انّ ميقات كلّ إنسان هو هلاله وقت غروب الشمس عن أراضيه، وعلى ذلك فلا تكون الرؤية في بقعة من البقاع دليلاً على دخول الشهر في جميع الآفاق أو الآفاق التي تشارك معها في جزء من الليل، إذ لو التزمنا بذلك يلزم أن يكون بدء الشهر فيه هلاله المتحقّق في ثلث الليل أو نصفه مع أنّ الميقات هو هلاله وقت الغروب في أراضيه.

وإن شئت قلت: الهلال المتكوّن لدى الغروب حدوثاً أو بقاء كما في الآفاق الغربية. ولو قلنا بأنّ الرؤية في الآفاق الشرقية حجة على الآفاق الغربية ليس معناه انّ اللحظة التي رُئي فيها الهلال في الأُفق الشرقي هو ابتداء الشهر القمري للمناطق الغربية في تلك اللحظة، بل يبتدأ الشهر الشرعي بغروب الشمس فيها في تلك المناطق.

كلام لبعض المحقّقين حول الآية:

ثمّ إنّ بعض المحقّقين ذكر في تفسير الآية ما يلي: «الهلال عنوان للقمر في حالة خاصة له وهي الخروج من تحت شعاع الشمس، فالقمر في حالته هذه علامة للناس، وهذه الحالة وحدها لم يعتبر فيها أن تكون مرئية للناس وإنّما الخروج من تحت شعاع الشمس تمام ماهيتها فلم تتقيد بالرؤية ولا بحالة من حالات الأرض مثل أن تتقيد برؤية هذا البلد أو غيره أو تتقيد بأن يرى الهلال مثلاً خلال عشر دقائق بعد الغروب أو نحوه وهذا تمام ملاك الهلال[128].

يلاحظ عليه عند بعض المحققين[129]: أنّه سبحانه جعل الهلال ميقاتاً للناس وليس الهلال مجرّد خروج القمر عن مقارنة الشمس أو عن تحت الشعاع أو ما شئت فعبر، بل خروجه عنها عند الغروب، فلو خرج القمر عنها عند الظهر أو قبل ساعات من الغروب عنها، لم يتحقّق الشهر الشرعي بل يكون منوطاً بخروجه عنها حدوثاً أو بقاءً عند الغروب على نحو يكون «الخروج عند الغروب» بكلا النحوين محقِّقاً لمعنى الهلال، وهذا النوع من الزمان جعل مبدأً للشهر الشرعي، لا قبله، ولا بعده.

وعلى هذا فلو رُئي الهلال في العراق ولم يُر في الصين الّتي تبعد عنه بست ساعات، ويكون غروب العراق منتصف ليل الصين، فهل يا ترى أنّ الآية تشمل تلك المناطق الشرقية ويخاطبهم بدخول الشهر الشرعي وهم في آناء الليل مع أنّ الآية تدقّ مسامعهم بأنّ الميقات هو ا لهلال المتبادر منها هلال أُفقهم؟

وبعبارة أُخرى: المتبادر انّ الميقات هو هلال كلّ منطقة لأهلها عند غروب الشمس عن أراضيهم.

فما ذكره ذلك المحقّق تبعاً للسيد المحقّق الخوئي حول الهلال وانّه عبارة عن خروجه عن تحت الشعاع بمقدار يكون قابلاً للرؤية ولو في الجملة صحيح، لكنّه ليس تمام الموضوع لابتداء الشهر الشرعي، بل يجب أن ينضم إليه، كلمة «عند الغروب»وهذا القيد كالمقوّم لما يفهم من لفظ الهلال الذي وقع موضوعاً للحكم وميقاتاً للناس. ومن المعلوم انّه متحقّق في بلد الرؤية حدوثاً، ولما يليه من الآفاق الغربية بقاء، دون الآفاق الشرقية له، فلم يتكون فيه لا حدوثاً ولا بقاء وقد سار القمر فيها وهو تحت الشعاع والمحاق عند غروب الشمس عن آفاقهم. وبذلك يظهر النظر في بقية كلامه، حيث قال:المدار هو العلم، والرؤية طريق العلم خصوصاً وقد قورنت في الروايات بهذه الكلمة لا بالرأي والتظنّي. فنستفيد انّ الأئمّة (عليهم السلام) أكدوا على أن لا يستند الناس إلى الآراء الحدسية والظنون الفاشلة، بل إلى الرؤية المؤدّية إلى العلم، فإذا لم يكن الهلال مقيّداً بقيد سوى كونه هلالاً ولم تكن الرؤية إلاّ طريقاً للعلم به، فإن علمت به وأنا في الساعة الرابعة من الليل ، أفلا يصدق انّ القمر خرج الآن من تحت الشعاع وانّ هذا الليل الذي قد غشينا ليل رُئي فيه الهلال و علم فيه بخروج القمر من تحت الشعاع وقد أخذ القمر في بداية شهر جديد؟

أو لست أنا الآن في شهر جديد وقد علمت علماً يقيناً غير ذي شك بأنّ الهلال قد أخذ في طريق ما سخّر له، وهذا لعمري من الوضوح بمكان.[130]

وقد ذكر الشيخ السبحاني لحاظ عليه[131]: أنّ ما ذكره من الرؤية طريق للعلم أمر صحيح وقد أشار إلى برهانه، إنّما الكلام في قوله « انا إذا كنت في الساعة الرابعة من الليل في الآفاق الشرقية وعلمت أنّ القمر خرج الآن عن تحت الشعاع من الآفاق الغربية، أفلا يصدق انّه خرج عن تحت الشعاع في هذا الآن» وذلك لأنّ المعلوم ليس تمام الموضوع ولذا لو علمنا به قبل الغروب، لا يحكم على ذلك الوقت بداية الشهر الجديد، بل هو جزء الموضوع ويجب أن ينضم إليه قيد آخر، وهو خروج القمر عن تحت الشعاع وقت الغروب حتى يكون بداية الشهر الجديد، وهو طبعاً يتضيق ببلد الرؤية وما يليه من الآفاق الغربية لا الشرقية.

والقول بأنّ الخروج عن تحت الشعاع في غرب ما، يعدّ هلالاً، للبلاد التي لم يخرج فيه عنه وقت الغروب، أمر لا يلائم ظاهر الآية ولا يصار إليه إلاّ بدليل صريح.

الاتجاه الثاني: عدم شرطية وحدة الأُفق

استدلّ القائلون بعدم شرطية وحدة الافق بأدلة هي[132]:

 

 

الأوّل: إطلاق أدلّة البيّنة

إنّ  مقتضى إطلاقات نصوص البيّنة الواردة في رؤية الهلال ليوم الشكّ في رمضان أو شوال وأنّه في الأوّل يقضي يوماً لو أفطر، هو عدم الفرق بين ما إذا كانت الرؤية في بلد الصائم أو غيره المتحد معه في الأُفق أو المختلف. ودعوى الانصراف إلى أهل البلد كما ترى سيما مع التصريح في بعضها بأنّ الشاهدين يدخلان المصر و يخرجان كما تقدّم فهي طبعاً تشمل الشهادة الحاملة من غير البلد على إطلاقها[133].

يلاحظ عليه[134]: أنّ ما ادّعاه من الإطلاق صحيح حيث يعم بلد الرؤية وغيرها، وأمّا إطلاقه بالنسبة إلى المتحد في الأُفق أو المختلف بعيد جداً خصوصاً بالنسبة إلى الوسائط النقلية.

مثلاً قوله (عليه السلام) في صحيحة منصور بن حازم: «صم لرؤية الهلال وأفطر لرؤيته وإن شهد عندك شاهدان مرضيان بأنّهما رأياه فأقضه»[135] ناظر 
إلى شاهدين مرضيين رأيا الهلال إمّا في نفس البلد أو في بلد يقاربه على وجه يكون بينهما مسافة يوم، ومن المعلوم أنّ الإنسان في الأدوار السابقة حسب وسائط النقل المتاحة آنذاك لا يقطع في يوم واحد أكثر من (60 كم)، ومن المعلوم انّ هذا المقدار في الفاصل المكاني لا يؤثر في وحدة الأُفق، بل نفترض انّ الفاصل المكاني بين البلدين حوالي(500 كم) وهي منطقة واحدة في ثبوت الهلال على وجه الأرض وليست منطقتين.

فانّ هذا ونظائره منصرف إلى البلاد التي كان يقطعها الإنسان في يوم أو يومين أو مثل ذلك لا يخرج البلدين من وحدة الأُفق.

وهناك دليل أخر –كفاية الرؤية الاجمالية-قد ذكره المحقق الطهراني يشابه بالأعم الاغلب ما نقلناه في هذا الدليل.[136]

 

 

 

الثاني: النصوص الخاصة

وقد استدلّ الفقهاء بنصوص خاصة، منها:

1. صحيحة هشام بن الحكم، عن أبي عبد اللّه (عليه السلام) أنّه قال فيمن صام تسعة وعشرين، قال: «إن كانت له بيّنة عادلة على أهل مصر أنّهم صاموا ثلاثين على رؤيته قضى يوماً».[137]

2. صحيحة عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه، قال: سألت أبا عبد اللّه (عليه السلام) عن هلال شهر رمضان يغمّ علينا في تسع وعشرين من شعبان؟ قال: «لا تصم إلاّ أن تراه، فإن شهد أهل بلد آخر فاقضه»[138].

3. صحيحة إسحاق بن عمّار، قال: سألت أبا عبد اللّه (عليه السلام) عن هلال رمضان يغمّ علينا في تسع وعشرين من شعبان؟ فقال: «لا تصمه إلاّ أن تراه، فإن شهد أهل بلد آخر أنّهم رأوه فاقضه»[139].

4. صحيحة أبي بصير، عن أبي عبد اللّه (عليه السلام) انّه سئل عن اليوم الذي يقضى من شهر رمضان؟ فقال: «لا تقضه إلاّ أن يثبت شاهدان عدلان من جميع أهل الصلاة متى كان رأس الشهر، وقال: لا تصم ذلك اليوم الذي يقضى إلاّ أن يقضي أهل الأمصار، فإن فعلوا فصمه»[140].

هذه الروايات دلّت بمقتضى إطلاقها على أنّ الرؤية والثبوت في مصر كافية لسائر البلاد ولم يقيد بوحدة الأُفق.

ذكر بعض المحققين[141]: إنّ الاستدلال بهذه الإطلاقات مع العلم بأنّ الوسائل النقلية المتاحة آنذاك كانت محدودة جداً، فالمسافر الذي ينقل الخبر يأتي من بلد إلى بلد تكون المسافة بينهما خمسين كيلومتراً أو قريباً منه، وهذا المقدار من المسافة بل أكثر منها بكثير كما عرفت لا تؤثر في وحدة الأُفق، وقلّما يتفق أن يخرج إنسان من مصر ويدخل بغداد حاملاً خبر الهلال، ويكون قوله حجّة لأهل بغداد التي تقع في الجانب الشرقي بالنسبة إلى مصر، وإن كنت في شك فلاحظ حديث الخزّاز حيث يقول:«وإذا كانت في السماء علّة قبلت شهادة رجلين يدخلان ويخرجان من مصر»[142].

وعليه فانّ الخبر ظاهر في أنّ البيّنة رأت الهلال قبل يوم ودخلت مصر بعد يوم و من المعلوم انّ مثل هذا لا يصدق على المسافات الشاسعة.

ومنه يعلم انّ الاستدلال بصحيحة أبي بصير التي جاء فيها: «إلاّ أن يثبت شاهدان عدلان من جميع أهل الصلاة متى كان رأس الشهر» في غير محله. فإنّ قوله «من جميع أهل الصلاة» ناظر إلى عمومية الحكم لجميع المسلمين على اختلاف مشاربهم ومذاهبهم لا على اختلاف بلادهم في الآفاق.

كما أنّ المراد من قوله:«أهل الأمصار» في نفس الصحيحة هي الأمصار المتقاربة التي كان الرجل يقطع بينها حسب الوسائط النقلية المتوفرة في يوم أو يومين ويحمل خبر الرؤية.

الثالث: صحيحة عيسى بن عبيد

روى محمد بن عيسى بن عبيد قال: كتب إليه أبو عمر[143]: أخبرني يا مولاي انّه ربما أشكل علينا هلال شهر رمضان فلا نراه ونرى السماء ليست فيها علّة فيفطر الناس ونفطر معهم، ويقول قوم من الحسّاب قبلنا: إنّه يرى في تلك الليلة بعينها بمصر وإفريقية والأندلس، فهل يجوز يا مولاي ما قال الحسّاب في هذا الباب حتى يختلف القرص على أهل الأمصار، فيكون صومهم خلاف صومنا، و فطرهم خلاف فطرنا؟

فوقع (عليه السلام) : «لا تصومنّ الشك، أفطر لرؤيته وصم لرؤيته»[144].

وجه الاستدلال: انّ السائل سأل عن قول أهل الحساب برؤية الهلال في الأندلس وافريقية، فأجاب (عليه السلام) بأنّه لا صوم مع الشك ولم يُجب بأنّ الرؤية في البلاد البعيدة لا تكفي.

يلاحظ عليه:[145] أنّ البلد الراوي عنه واقع في غرب العراق الذي كان الإمام والراوي يقطنان فيه، وقد عرفت أنّ ثبوت الهلال فيه، لا يكون على وجود الهلال في سماء البلد الشرقي عند الغروب ، إذ من المحتمل جداً عدم تكونه عند غروب الشمس عنه. وعندئذ كان لإرشاد الراوي إلى الحكم الواقعي (عدم الملازمة بين الرؤيتين) طريقان:

الأوّل: أن يشير الإمام إلى عدم الملازمة بين الرؤيتين، لاختلاف البلدين في الأُفق، وانّ الرؤية في الآفاق الغربية لا تكون دليلاً على كون الهلال وولادته في الآفاق الشرقية، وبشرح حقيقة ذلك الأمر.

الثاني: أن يثير احتمال تطرّق الخطأ في حساب المنجّمين، خصوصاً انّ السماء كانت في العراق صافية ولم يره أحد، وهذا ما يؤيد وجود الخطأ في حسابهم. وقد اختار الإمام هذا الجواب لسهولته وقال: إنّ الصوم والإفطار مبنيّان على اليقين دون الشك، وسكوت الإمام عن الجواب الأوّل لا يكون دليلاً على عدم اعتبار وحدة الأُفق، إذ من المحتمل أن لا تكون الظروف مساعدة لإلقاء هذا النوع من الجواب.

وربما يعضد هذا القول بالدعاء المأثور في صلاة العيد :«أسألك بحقّ هذا اليوم الذي جعلته للمسلمين عيداً»[146].

فإنّه يعلم منه بوضوح انّ يوماً واحداً شخصياً يشار إليه بكلمة (هذا) هو عيد لجميع المسلمين المتشتتين في أرجاء المعمورة على اختلاف آفاقها لا لخصوص بلد دون آخر.

وهكذا الآية الشريفة الواردة في ليلة القدر وانّها خير من ألف شهر وفيها يفرق كلّ أمر حكيم، فانّها ظاهرة في أنّها ليلة واحدة معينة ذات أحكام خاصة لكافة الناس وجميع أهل العالم، لا انّ لكلّ صقع وبقعة ليلة خاصة مغايرة لبقعة أُخرى من بقاع الأرض[147].

يلاحظ عليه[148]: أنّه لا محيص من تعدّد يوم العيد وليلة القدر على القول بكرويّة الأرض، و القائل بعدم اشتراط وحدة الأُفق قد خصَّ الحجّية بالأقطار التي تشترك في الليل ولو في جزء يسير منه، ولا يشمل النصف الآخر للكرة الذي لا يشارك تلك البقعة في ليلها، فيتعدّد يوم العيد سواء أقلنا باشتراط وحدة الأُفق أو لا، كما أنّ ليلة القدر تتعدّد حسب كرويّة الأرض.

وبذلك يظهر[149] عدم صحّة ما أفاده صاحب الحدائق حيث قال: إنّ كلّ يوم من أيام الأُسبوع وكلّ شهر من شهور السنة أزمنة معينة معلومة نفس أمرية، كالأخبار الدالة على فضل يوم الجمعة، وما ورد في أيّام الأعياد من الأعمال، وما ورد في يوم الغدير ونحوه من الأيام الشريفة و ما ورد في شهر رمضان من الفضل والأعمال، فإنّ ذلك كلّه ظاهر في أنّها عبارة عن أزمان معينة نفس أمرية[150].

فإنّ ما ذكره مبني على كون الأرض مسطحة كما اعترف بذلك، و أمّا على القول بكرويّة الأرض فتتعدد ليالي القدر وأيّام الجمعة وأيّام رمضان على كلا القولين، نعم لا يخرج عن مقدار 24 ساعة.

الاستنتاجات والتوصيات

- الاستنتاجات النظرية والتجريبية-

توصل الباحث من خلال هذا الدراسة النظرية والتجريبية الى الاستنتاجات الآتية:

الأولى: إن العين المسلحة كالعين المجردة كلاهما يثبتان الرؤية الشرعية إذا استوفت شرائطها.

الثانية: يجوز الاعتماد على العين المسلحة إذا أورثت العلم بثبوت الشهر حتى عند المنكرين للرؤية المسلحة، لما عرفت من أن العلم في نفسه حجة من أي طريق حصل.

الثالثة: إن إنكار الرؤية المسلحة لا يمنع من اتخاذ الأجهزة والآلات عوامل مساعدة لإثبات الرؤية بالعين كما هو الحال في قول الفلكي.

الرابعة: أن الأجهزة الفلكية والمراصد على فرض عدم الاعتداد برؤيتها شرعا فًإنه يمكن الاعتداد بها في الإعداد للرؤية الشرعية كقرائن مؤيدة، فإن الفوائد العلمية للمراصد عديدة، يمكن ذكر بعضها فيما يلي:

1- تعيين وجود الهلال، فلو ادعى شخص الرؤية المجردة، ونفى المرصد وجود الهلال أصلا لًم يصدق مدعي الرؤية.

2- تحديد وضع الهلال من حيث القابلية للرؤية وعدمها، فلو ثبت بالمرصد أنه دون مستوى الرؤية البصرية فادعى شخص أنه رآه لا يصدق.

3- تعيين جهة الهلال، فيسهل على المستهلين تحديد موضع نظرهم، وينفي صدق من أدعى أنه رأه في الجهة المخالفة لما حدده المرصد.

4- توثيق الشهود أو تضعيف شهادتهم بأن يتبدل علمهم إلى ظن مثلا .ً

5- معرفة إمكانية رؤية الهلال، التي هي مبدأ دخول الشهر شرعا ،ً فإن الرؤية قد تمتنع بسبب الموانع، فإذ حدد المرصد إن الهلال بالحجم القابل للرؤية وإن لم ير فعلا بًالعين المجردة فإنه قد يساهم في توثيق مدعي الرؤية، فلو كان هناك ادعاء للرؤية غير معتبر شرعا وًاخبر الراصد بأن الهلال كبير أو قابل للرؤية أمكن تصديق الادعاء.

 

 

-التوصيات-

في ضوء هذا البحث والبحوث السابقة الذكر يمكن ان تكون التوصيات كالآتي:

الأول: رعاية الدراسة الفلكية في ضمن الدراسة الحوزوية ولو في حدود الضوابط التي تتعلق بإثبات الهلال ونحوه مما له تأثير في تشخيص موضوعات الأحكام الشرعية. ورعاية الدراسة الفقهية في ضمن الدراسة الجامعية الأكاديمية وتقوية كلا الدراستين لإيجاد علقة تكاملية بين الفقه وغيره من العلوم للوصول إلى نتائج أفضل في الحياة العامة للمسلمين في البعدين الديني والدنيوي.

الثاني: تأسيس مراصد للهلال بأشراف خبراء متخصصين ثقات بقرب الحوزة العلمية المباركة للإسهام في إثراء الرأي الفقهي والفلكي معا وًهذا أمر يمكن اعتماده من قبل الجهات الرسمية والدينية المعتمدة لكونه ميسورا وًمقدورا عًليه من حيث وسائله المالية والعلمية.

الثالث: تأسيس هيئة علمية تضم ثقات العلماء الأفاضل والخبراء الفلكيين تقوم بدور الرصد والتشخيص الصحيح للهلال ووضعه في خدمة المرجعية الدينية المباركة ويمكن أن تضم هذه الهيئة مختلف الاتجاهات والمذاهب ليصدر الرأي موحدا وًتحقق هدفين مهمين في وقت واحد:

أ. تشكل شهادة شرعية موثوقة ومستوفية للشرائط المطلوبة أو قرينة يمكن أن تنضم إلى غيرها فتفيد الاطمئنان بثبوت الشهر فتنحل مشكلة الغموض الذي تعيشه الأمة أحيانا بًسبب عدم وضوح أمر الهلال.

ب. يوحد الأمة التي تختلف آراؤها في إثبات أول الشهر عادة بسبب تعدد طرقها أو اختلافها، وبهذا تنحل مشكلة الانقسام ليس في المذهب الواحد فقط بل في المذاهب المتعددة وهذا أمر ميسور يمكن لذوي الشأن تكليف ذوي الاختصاص به.

 

 

 

 

 

 

المصادر والمراجع

-       القرآن الكريم "مصدر التشريع".

1)    ابن منظور ،1405،"لسان العرب"،الجزء11،قم.

2)    الإحسائي، ابن أبي جمهور، 1428،" عوالي اللآليء العزيزية في الأحاديث الدينية "، الجزء 1، مطبعة سيد الشهداء قم الطبعة الأولى.

3)    الأصفهاني ،الراغب،1426"مفردات ألفاظ القرآن الكريم ، تحقيق صفوان عدنان داوودي دار القلم دمشق الدار الشامية بيروت.

4)    الألفي،محمد جبر،2009"منهجية إثبات الأهلة في ظل المتغيرات المعاصرة"، المؤتمر القضائي الشرعي الدولي الأول،عمان ،الاردن،

5)    الأنصاري ، الشيخ مرتضى1419 ،"فوائد الأصول"،الجزء2، مجمع الفكر الإسلامي قم  ،الطبعة الأولى.

6)    البحراني، يوسف،1427 "الحدائق الناضرة"،ج13، قم.

7)    البروجردي،مرتضى،1426"مستند العروة الوثقى- تقريرات الخوئي غي كتاب الصوم "،الطبعة الثانية،مؤسسة اجياء اثار الامام الخوئي،ايران،.

8)    التهانوي ، محمد علي 1996،" موسوعة كشاف اصطلاحات العلوم والفنون"، الجزء2، مكتبة لبنان ناشرون بيروت  م الطبعة الأولى.

9)    الجزيري، عبد الرحمن ،2002"الفقه على المذاهب الأربعة"، الجزء1،  دار الفكر بيروت ، الطبعة الثانية.

10)   الحر العاملي، محمد بن الحسن،1431 "وسائل الشيعة"، كتاب الصوم، الجزء15،بيروت.

11)   الحلي ،العلامة الحسن بن يوسف بن علي1424 ، "منتهى المطلب في تحقيق المذهب "،الجزء 9 ،مجمع البحوث الإسلامية مشهد  ، الطبعة الأولى.

12)   الحلي ، جعفر بن الحسن بن يحيى 1419،" شرائع الإسلام في مسائل الحلال والحرام "، مؤسسة الرسول الأعظم ، بيروت  ، الطبعة العاشرة.

13)   الحلي، العلامة الحسن بن يوسف ،"مختلف الشيعة"  ،ج3 ،مركز الأبحاث والدراسات الإسلامية،إيران.

14)   الخزعلي، أبو القاسم،1999 بحث حول رؤية الهلال، (مجلة فقه أهل البيت)العدد13

15)   الخونساري ، السيد أحمد 1405، ، جامع المدارك في شرح المختصر النافع " الجزء2،مؤسسة اسماعيليان قم،الطبعة الثانية.

16)   الخوئي ، السيد أبو القاسم 2000،" شرح العروة الوثقى"،موسوعة الإمام الخوئي،الجزء22، مؤسسة إحياء أثار الإمام الخوئي ،الطبعة الثالثة.

17)   الخوئي ،السيد ابو القاسم،1995"صراط النجاة"، الجزء1، بيروت-دار المحجة.

18)   الخوئي،السيد ابو القاسم ، " منهاج الصالحين"،الجزء1،النجف الاشرف.

19)   الخوئي،السيد أبو القاسم،"مصباح الفقاهة"، مؤسسة الإمام الخوئي،الجزء 35،قم،ايران.

20)   ديوي، جون،2010"المنطق نظرية البحث"، ترجمة زكي نجيب،القاهرة.

21)   الراوندي،1990" من فقه القرآن "، الدار الإسلامية، ط الأولى.

22)   سبحاني،جعفر،"الصوم في الشريعة الاسلامية الغراء"،الجزء2،قم.

23)   السبزواري ، السيد عبد الأعلى 1410 ،"مواهب الرحمن في تفسير القرآن"، بغداد ، الطبعة الثانية.

24)   السبزواري، السيد عبد الأعلى ، 1413، "مهذب الأحكام في بيان الحلال والحرام " الجزء 10مؤسسة المنار قم  ، الطبعة الرابعة.

25)   السبزواري، السيد محمد ،" الجديد في تفسير القرآن"، ج1،قم.

26)   السيستاني ،السيد علي الحسيني ،"الفقه الميسر"، اعداد عبدالهادي الحكيم ،لبنان.

27)   الشاهرودي،علي،"دراسات في الأصول العملية"،تقرير لبحث السيد الخوئي،النجف 1952.

28)   الشيرازي ، السيد محمد الحسيني1409 " الفقه (كتاب الصوم)"،الجزء 36،- دار العلوم بيروت  ، الطبعة الثانية.

29)   الشيرازي ، السيد محمد حسيني 1414 ،"المسائل الاسلامية"، (الرسالة العملية) دار العلوم بيروت ، الطبعة الخامسة والعشرون.

30)   الشيرازي ،السيد صادق الحسيني 1425،"المسائل الإسلامية المنتخبة" دار صادق ،كربلاء المقدسة ، الطبعة السابعة والعشرين.

31)   الشيرازي،مكارم،1431"بحث حول رؤية الهلال"،دار الفكر،قم.

32)   الصدر، السيد محمد 1419،"فقه الموضوعات الحديثة"، دار الأضواء بيروت  ، الطبعة الأولى.

33)   الصدر، السيد محمد باقر،1992"الفتاوي الواضحة" -دار التعارف-بيروت.

34)   الصدر،السيد محمد،1994"ما وراء الفقه"، ،ج2 ،دار الأضواء-بيروت.

35)   الصفار،فاضل،1429،"رؤية الهلال بالاجهزة الفلكية-دراسة فقهية-اسماعليان،قم

36)   الطباطبائي، السيد محمد حسين،"تفسير الميزان"، ج2، مؤسسة إسماعيليان، قم – إيران.

37)   الطبرسي، الفضل بن الحسن 1995، " مجمع البيان في تفسير القرآن "، مؤسسة الأعلمي بيروت ، الطبعة الأولى.

38)   الطريحي ، فخر الدين ،1983 ،"مجمع البحرين"، تحقيق أحمد الحسيني مؤسسة الوفاء بيروت ، الطبعة الثانية.

39)   الطهراني، محمد حسين "رسالة في ثبوت الهلال"،قم.

40)   الطوسي ، محمد بن الحسن ،1390"الاستبصار"،الجزء2، دار الكتب الإسلامية طهران

41)   الطوسي ، محمد بن الحسن ،1409"التبيان"،الجزأ الاول، ا مكتبة الإعلام الإسلامي  ، الطبعة الأولى.

42)   الطوسي ، محمد بن الحسن1421 ،"الخلاف"،الجزء2، مؤسسة النشر الإسلامي قم  ، الطبعة الخامسة.

43)   الفياض، محمد اسحق،"تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى"، ،ج5، قم-انتشارات محلاتي.

44)   الفيروز آبادي، مجد الدين محمد بن يعقوب ،1412"بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز "،الجزء 5، تحقيق الاستاذ عبد العليم الطحاوي لجنة إحياء التراث الإسلامي القاهرة  .

45)   قاض، عدنان عبدالمنعم،"دراسة فلكية: مقارنة بين يومي الدخول الرسمي والفلكي لشهر رمضان في المملكة العربية السعودية-تطبيقات الحسابات الفلكية في المسائل الاسلامية"،مركز الوثائق والبحوث، الإمارات،2007.

46)   القمي ، السيد محمد تقي 1424،" الدلائل في شرح منتخب المسائل "،الجزء 3، قم  ، الطبعة الأولى.

47)   القمي،عباس،" مفاتيح الجنان"،الطبعة 4،دار الثقلين للطباعة والنشر،بيروت،1424.

48)   كاشف الغطاء الشيخ جعفر،1422،" كشف الغطاء عن مبهمات الشريعة الغراء "،الجزء4، مكتب الإعلام الإسلامي مشهد  ،الطبعة الأولى.

49)   المجلسي، محمد باقر، "البحار"، الجزء58،بيروت،لبنان.

50)   مرواريد،علي أصغر،"كتاب الصوم-سلسلة الينابيع الفقهية"، قم، ايران.

51)   مغنية، محمد جواد،" الكاشف"، ج1، بيروت لبنان.

52)   المفيد، محمد بن محمد بن النعمان ،1417"المقنعة"، مؤسسة النشر الإسلامي قم  ، الطبعة الرابعة.

53)   النجاشي ، أحمد بن علي أحمد 1424،"رجال النجاشي"، مؤسسة النشر الإسلامي قم  ، الطبعة السابعة.

54)   النجفي ، محمد حسن ،"جواهر الكلام-، في شرح شرائع الإسلام "،الجزء 16،دار الكتب الإسلامية ،طهران الطبعة الثانية.

55)   النجفي، محمد حسن، جواهر الكلام في شرح شرائع الإسلام،ج7، ط3/إيران-طهران.

56)   النكراني،فاضل،1425"اعتبار الاجهزة الحديثة في رؤية الهلال"،دار المصطفى،قم

57)   النووي، أبو زكريا محيي الدين يحيى بن شرف،2010،المجموع،دار الفكر،القاهرة

58)   الهاشمي، السيد محمد ،"تقرير عن السيد فضل الله"،بحث مسحوب من شبكة المعلومات الدولية،

59)   وهبي، د.محمد،"ثبوت الرؤية الشرعية للهلال-دراسة موضوعية"،دمشق

60)   اليزدي ، السيد كاظم 1420،"العروة الوثقى"،الجزء3، مؤسسة النشر الإسلامي قم الطبعة الأولى.

61)   يحيى،فردوس،2005"احاديث في رؤية الهلال-رسالة ماجستير-ماليزيا.

 

 

 

 

 

 

 



[1] فصلت 53.

[2] السيد محمد باقر الصدر(الفتاوى الواضحة،ص:633 ن5)

[3] السيد محمد الصدر(ما وراء الفقه ج2/117).

[4] انظر الشيخ إسحاق فيّاض(تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى، ج5/187). .

[5] الشيخ جعفر سبحاني"الصوم في الشريعة الاسلامية الغراء،ج2،ص144".

[6] ثبوت الرؤية الشرعية للهلال-دراسة موضوعية-ص13،د.محمد وهبي.

[7] بحث تكميلي مقدم لنيل درجة الماجستير في معارف الوحي والتراث في كلية المعارف والعلوم الانسانية،الجامعة الاسلامية العالمية في ماليزيا.

[8] تقسيم اجرائي دقيق مقتبس بتصرف–من بطون الكتب-قام به الباحث لغرض التوضيح

[9] وسيدور البحث بشيء من التفصيل في نقطتي"3-4"في المبحث الثاني للبحث الحالي.

[10]             محمد جبر الألفي، منهجية إثبات الأهلة في ظل المتغيرات المعاصرة، المؤتمر القضائي الشرعي الدولي الأول، عمان الأردن، 21-23 شعبان 1824هـ، 3-5 سبتمبر 2007م.

[11] عدنان عبد المنعم قاض، دراسة فلكية: مقارنة بين يومي الدخول الرسمي والفلكي لشهر رمضان في المملكة العربية السعودية، تطبيقات الحسابات الفلكية في المسائل الإسلاميةـ مركز الوثائق والبحوث، الإمارات، 2007.

[12] سورة البقرة 185.

[13] سورة البقرة 189.

[14] يوسف البحراني، الحدائق الناضرة،ج13/240،ط قم. .

 

[15] مرواريد، علي أصغر، سلسلة الينابيع الفقهية، كتاب الصوم من فقهالقرآن للراوندي،ص197

[16] الطبرسي، مجمعالبيان، ج1/274، مغنية، محمد جواد، الكاشف،،ج1/284 ومسالك الإفهام للجواد الكاظميج1/332 .

[17] محمد حسين الطباطبئي،تفسير الميزان، ج2/24،

[18] العلامة الحلي، مختلف الشيعة ،ج3/362

[19] محمد السبزواري، الجديد في تفسيرالقرآن،ج1/226.

[20] الطباطبائي، المرجع السابق،ج2/57.

 

[21] الشاهرودي، علي،دراسات في الأصول العملية،ص30، تقريراً لبحث السيد الخوئي ط النجف/1952

[22] المعجم: اللغة العربية المعاصر مادة جدل.،أيضا أنظر جون ديوي"المنطق نظرية البحث،ص27".

[23] - مجمع البحرين: ج 5، ص 499(هلل)

[24] - مفردات ألفاظ القرآن الكريم: ص 843 ،(هلل)

[25] - التبيان: ج 1، ص 140 تفسير الآية المزبورة؛ بصائر ذوي التمييز: ج 5، ص 331 ، بصيرة( 14

[26] - سورة البقرة: الآية: 189

[27] - مفردات ألفاظ القرآن الكريم: ص 843 ،(هلل)؛ التبيان: ج 1، ص 140 تفسير الآية المزبورة؛ مجمع البحرين: ج 5، ص 499 ،(هلل)؛ مواهب الرحمن:ج 3، ص 99 ، تفسير الآية المزبورة

[28] -انظر كشاف اصطلاحات العلوم والفنون: ج 2، ص 1743 ؛ مجمع البحرين: ج 3، ص 424 ،)غرر(.

[29] - مأخوذ من الغُر وهو الأثر الظاهر من الشيء ومنه غرة الفرس، ويطلق على الليالي الأول من الشهر لأنها أول ظهور الشهر؛ انظر مفردات ألفاظ القرآن 604 ،(غرر)؛ مجمع البحرين: ج 3، ص 423 ،(غرر). - الكريم: ص 603

[30] - مأخوذ من النفل أي الزيادة ويقال لثلاث ليال بعد الغُرر نُفل، لأن الغُرر كانت الأصل في النور والظهور وصارت الليالي النفل زيادة على الأصل؛انظر لسان العرب:ج 11 ، ص 673 (نفل.

[31] - سمّيت بذلك لنورها وبياضها؛ انظر لسان العرب: ج 4، ص 332 (زهر

15- مأخوذة من الغلبة والظهور على الشيء يقال غلب القمر النجوم ظهورا أًي غمرها بضوئه، وسميت الليلة السابعة والثامنة والتاسعة الليالي البهر لأن ضوء القمر يغلب ضوء النجوم؛ انظر لسان العرب: ج 4، ص 81 (بهر

 

[33] - الدآديء جمع دأداء: أي شديد الظلمة، وسميت بذلك لاختفاء القمر فيها؛ انظر بصائر ذوي التميز: ج 5، ص 331 ، هامش رقم 3

[34] - جمع حندس وهو الظلمة ويقال لها ذلك لشدة ظلمتها بسبب ذهاب ضوء القمر. انظر لسان العرب:ج 6، ص 58 (حندس

[35] -المحق أن يذهب الشيء كله حتى لا يرى منه شيء، ويقال للقمر إذا ارتمى في المغيب فلا يراه أحد لا في غدوة ولا في العشي والليالي المحاق منهم من جعلها آخر ثلاث من الشهر ومنهم من جعلها ليلة خمس وست وسبع وعشرين من الشهر؛ انظر لسان العرب:ج 10 ، ص 339 (محق

[36] - انظر مفردات ألفاظ القرآن الكريم: ص 374 (رأى

[37] - لسان العرب: ج 14 ، ص 219 (رآي)173 ،(رأى مجمع البحرين: ج 1، ص 172

[38] - سورة يونس: الآية 56- انظر كشاف اصطلاحات العلوم والفنون: ج 2، ص 1743 ؛ مجمع البحرين: ج 3، ص 424 ،(غرر

[39] -سورة البقرة: الآية: 189

[40] أن إكمال ثلاثين يومًا دلالة على ثبوت وتحقق بداية الشهر الجديد، لأن إكمال ثلاثين يومًا لا صلة له بثبوت الهلال.

[41] - انظر بعض التفاصيل في العروة الوثقى :ج3,ص628-624

[42] تم تقسيم الفرق والاتجاهات من خلال متابعة دقيقة لآراء الفقهاء في بحوثهم الفقهية من قبل الباحث.

[43] فاضل الصفار،رؤية الهلال بالاجهزة الفلكية،ص65.

[44] - سورة التوبة: الآية 36

[45] - سورة البقرة: الآية 185

[46] هذا ما علمته –كاتب السطور-من محاضرات أ.د.هادي الكرعاوي في مادة علم الأصول-الاصول العملية-المرحلة الرابعة،كلية الفقه.

[47] يمكن مراجعة التقريرات الاصولية للسيد الخوئي،والشيخ فاضل النكراني،واشيخ الطهراني،والشيخ بهجت.

[48] - وهو قوله الوارد في صحيحة حريز، عن أبي عبد الله قال رسول الله: رفع عن أمتي تسعة أشياء: الخطأ، والنسيان، وما أكرهوا عليه، وما لا يعلمون، وما لا . يطيقون، وما اضطروا إليه) إلى أخر الحديث. انظر الوسائل: ج 15 ، الباب 56 من أبواب جهاد النفس، ص 369 ، ح 1؛ ولمعرفة تفاصيل الدلالة راجع فرائد الأصول: ج 2، ص 28

 

[49] - ذكرنا الأصل العلمي هنا  لكي نعرف الوظيفة الشرعية النائية قبل الدخول في البحث ليكون لنا الضوء المنصوب في آخر الطريق ليكون دالا عًلى النهاية على فرض عدم الوصول إلى الدليل الأماري المقنع كما يقول الاصوليون.

[50] الشيخ فاضل الصفار"رؤية الهلال بالاجهزة الفلكية-دراسة فلكية-ص14".

[51] - الخلاف: ج 2، ص 169 ، مسألة( 8

[52] - الظاهر أنه الجواد 7لما ذكره النجاشي أنه روى عن أبي جعفر الثاني 7مكاتبة ومشافهة؛ أنظر رجال النجاشي: ص 333 ، ترجمة  896)

[53] - الوسائل: ج 10 ، الباب 15 من أبواب أحكام شهر رمضان، ص 297 ،ح 1

[54] - انظر جواهر الكلام: ج 16 ، ص 363 ؛ لسان العرب:ج 1، ص 314 .

 

[55] - الوسائل: ج 10 ، الباب 15 من أبواب أحكام شهر رمضان، ص 297 ،ح2

[56] -  سورة النجم: الآية 28

[57] - الوسائل: ج 10 ، الباب 3 من أبواب أحكام شهر رمضان، ص 252 ،ح 2

[58] - الوسائل: ج 10 ، الباب 3 من أبواب أحكام شهر رمضان، ص 255 ،ح 11

 

[59] الوسائل: ج 10 ، الباب 3 من أبواب أحكام شهر رمضان، ص 253 ،ح 6

               

 

[60] - انظر الوسائل: ج 10 ، الباب 3 من أبواب أحكام شهر رمضان، ص 255 ،ح 12

 

[61] - عوالي الللآلئ:ج 1، ص 212 ، ح 59

[62] - الوسائل: ج 10 ، الباب 3 من أبواب أحكام شهر رمضان، ص 254 ،ح 7254 ،ح 1،ح 3،5 ،ح 8،ح 9 - 4- الوسائل: ج 10 ، الباب 3 من أبواب أحكام شهر رمضان، ص 252

[63] - انظر المقنعة: ص 297 ؛ الخلاف: ج 2، ص 169 ، مسألة( 8)؛ شرائع الإسلام: القسم الأول: ص 154 ؛ منتهى    المطلب:ج 9، ص 239 ؛ جواهر. الكلام:ج 16 ، ص 363 ؛ العروة الوثقى: ج 3، ص 629 ؛ مهذب الأحكام: ج 10 ، ص 263

 

[64]- انظر صراط النجاة:ج 1، ص 298 ، سؤال( 1033 )؛ والفقه الميسر: ص 151

 

[65] - المجموع: ج 6، ص 279 ؛ الفقه على المذاهب الأربعة: ج 1، ص 467 ؛ منتهى المطلب: ج 9، ص 240

[66] الشيخ فاضل الصفار"رؤية الهلال بالاجهزة الفلكية-دراسة فلكية-ص19".

 

[67] - انظر (الفقه(كتاب الصوم):ج 36 ، ص 165 ؛ مصباح الفقاهة( مؤسسة الإمام الخوئي): ج 35 ، ص 394

[68] - انظر جواهر الكلام: ج 22 ، ص168

[69] - البحار: ج 58 ، الباب 10 من أبواب السماء والعالم، ص 235 ، ح 11

[70] - انظر الخلاف:ج 2، ص 169 ، مسألة( 8)؛ كشف الغطاء: ج 4، ص 58 ؛ جواهر الكلام:ج 16 ،ص 363 ؛ الفقه(كتاب الصوم):ج 36 ، ص 164

 

[71] كالشافعية، انظر الفقه على المذاهب الأربعة:ج 1، ص 467 ؛ منتهى المطلب: ج 9، ص 240

[72] - انظر المسائل الإسلامية: ص 404 ، مسألة( 1737 )؛ المسائل u1575 الإسلامية المنتخبة: ص 291 ، المسألة 963 ؛ الدلائل:ج 3، ص 444.

[73] -  الوسائل:ج 10 ، الباب 4 من أبواب أحكام شهر رمضان، ص 261 ،ح 2

[74] -  الوسائل:ج 10 ، الباب 4 من أبواب أحكام شهر رمضان، ص 260 ،ح 1

[75] الشيخ فاضل الصفار"رؤية الهلال بالاجهزة الفلكية-دراسة فلكية-ص24".

 

[76] - كما لو شهد رجل واحد بالرؤية.

[77] - نظير الرؤية بواسطة الأجهزة الفلكية.

[78]-انظر جامع المدارك: ج 2، ص 198 -

[79] المصدر السابق.

[80] الوسائل:ج 10 ، الباب 11 من أبواب أحكام شهر رمضان، ص 286 ،ح 1

-

[81] - الوسائل:ج 10 ، الباب 11 من أبواب أحكام شهر رمضان، ص 287 ،ح 4

[82] - الوسائل:ج 10 ، الباب 11 من أبواب أحكام شهر رمضان، ص 287 ،ح 5 288 ، ح 3، ح 6،ح 7،ح 8

 

[83] - انظر الوسائل:ج 10 ، الباب 11 من أبواب أحكام شهر رمضان، ص 287

[84] - انظر الفقه كتاب الصوم:ج 36 ، ص 184.59

[85] - كشف الغطاء:ج 4، ص 58

[86] - فقه الموضوعات الحديثة: ص 59

[87] - فإن وجدان الإنسان يشهد بأن الخبير إذا أخبره بشيء يتعلق بعلمه وخبرته فإنه يثق بقوله ويطمئن إليه، وعلى هذا الأساس يثق العقلاء بأقوال الأطباء ويجرون عمليات جراحية فيها احتمال الموت قويا ،ً وليس ذلك- عادة – إلا مّن جهة الوثوق والاطمئنان بقول الطبيب لكونه خبيرا بًما يقول.

[88] - انظر جامع المدارك:ج 2، ص 200 ؛ وانظر الفقه(كتاب الصوم):ج 36 ، ص 129)

[89] - مجمع البيان: ج 2، ص 12 ؛ مجمع البحرين:ج 3، ص 357 ،(شهر)؛ مفردات ألفاظ القرآن الكريم: ص 468 شهر)..61)

 

[90] - شرح العروة الوثقى موسوعة الإمام الخوئي): ج 22 ، ص 60)

 

[91] - انظر مهذب الأحكام: ج 10 ، ص 275

[92] - أو تعذر رؤية النجوم في النهار بسبب غلبة نور الشمس

[93] - المقنعة: ص 296

[94] - مجمع الفائدة والبرهان: ج 5، ص 287

[95] - انظر منتهى المطلب: ج 9، ص 224

[96] - سورة البقرة: الآية 185

[97] - التبيان: ج 1، ص 123 ؛ مجمع البيان:ج 2، ص 16 ؛ تفسير الآية المزبورة

[98]- تفسير العياشي:ج 1، ص 80 ،ح 186 من سورة البقرة -

[99] - تفسير نور الثقلين: ج 1، ص 207 ،ح 580

[100] - المقنعة: ص 297 ؛ الخلاف:ج 2، ص 169 ،مسألة( 8)؛ شرائع الإسلام: القسم الأول، ص 154 ؛ منتهى المطلب: ج 9، ص 225

[101] - الإمام  انظر شرح العروة الوثقى(موسوعة الخؤئي): ج 22 ، ص 60

[102] - انظر مهذب الأحكام:ج 10 ، ص 275

[103] - انظر شرح العروة الوثقى مؤسسة الإمام الخوئي):ج 22 ، ص 60 ؛ مهذب الأحكام: ج 10 ، ص 254 ؛ الفقه(كتاب الصوم):ج 36 ،  ص 129.

[104] - الاستبصار: ج 2، باب 34 من أبواب حكم الهلال إذا رؤي قبل الزوال وبعده، ص 74 ، ح 5

[105] - الاستبصار: ج 2، باب 34 من أبواب حكم الهلال إذا رؤي قبل الزوال وبعده، ص 74 ، ح 6

[106] هذا التقسيم  جاء من مطالعة الباحث لأغلب البحوث الفقهية للعلماء في ذات الموضوع.

[107] المقنعة: ص 279 ؛ الخلاف: ج 2، ص 169 ، مسألة( 8)؛ كشف الغطاء:ج 4، ص 56 ؛ جواهر الكلام:ج 16، ص6 352 ؛ العروة الوثقى: ج 3، ص 628. انظر الفقه على المذاهب الأربعة:ج 1، ص 462

 

[108] - المقنعة: ص 279

[109] - منتهى المطلب: ج 9، ص 221

[110] - شرح العروة الوثقى (موسوعة الإمام الخوئي): ج 22 ، ص 123 ؛ الفقه(كتاب الصوم):ج 36 ، ص 125 ؛ المسائل الإسلامية المنتخبة: ص 291. المسألة( 960 )؛ فقه الموضوعات الحديثة: ص 59 ؛ الدلائل:ج 3، ص 437

 

[111] - كما لو قال الشارع: (قلّد الفقهاء – مثلا - وشككنا في شخص أنه فقيه أم ليس بفقيه فإنه لا يصح أن نتمسك بإطلاق قوله (قلد الفقهاء) ونحكم بوجوب تقليده، لأن وجوب التقليد متقيد بالفقيه، فلا بد وأن نعلم بأن من نريد تقليده فقيها حًتى يصح الرجوع إليه وإلا لّا يجوز، والسر في ذلك هو إن الحكم لا بد له من موضوع وما لم نعلم بثبوت الموضوع لا يمكن أن نحمل عليه الحكم لأنه يستلزم تقدم المعلول على العلة.

 

[112] مباحثة استدلالية أجراها الباحث-كاتب السطور-مع آية الله الشيخ حبيب الكاظمي،مكتب قناة المعارف-النجف،أواخر ربيع2،1435هـ.

[113] توجد نكته علمية مهمة قد اشار اليها السيد كمال الحيدري في بحث رؤية الهلال رداً على الشيخ السبحاني في كتابه الصوم والشيخ مكارم شيرازي في كتابه اثارات هامه حول الهلال،ص85،،حول مسألة المعنى والمصداق وهل ان الاصوليين يفسرون الرؤية على نحو المصداق المتعارف أو على نحو المعنى المتعارف كما هو في الصلاة كمثال،وقد ذهب الحيدري الى ان الاصوليين لا يعتمدون على المصداق المتعارف بل يعتمدون على المعنى المتعارف حيث قال" واقعاً أن هذين العلمين على فرض صحة ما نقوله عن المشهور خلطوا بين الانصراف إلى المعنى المتعارف والانصراف إلى المصاديق المتعارفة, الفقهاء الذين قالوا بالانصراف قالوا بالانصراف إلى المعنى المتعارف لا إلى المصداق المتعارف.وقد وضح الدليل بمثال الصلاة "حيث قال"إذا جئتم إلى لفظ الصلاة, الصلاة في اللغة ما هو معناها؟ لها معنىً متعارف قد يكون لها معنىً شاذ ولكن معناها المتعارف المشهور الدعاء أليس كذلك, هذا معنى الصلاة, قد الآن يذكرون للصلاة معانٍ أخرى ولكن متعارفة أو غير متعارفة مشهورة أو غير مشهورة؟ غير مشهورة, التفتوا, تعالوا معنا إلى الشريعة يعني الآن خرجنا من دائرة اللغة ودخلنا دائرة الشريعة, الصلاة في الشريعة عندما تطلق هل يراد منها الصلاة؟ إذن ماذا يراد؟ يراد هذه الأعمال المخصوصة وإن كانت هذه مصداق من مصاديق الدعاء ولكنه ما ينظر إليها بعنوان مصداق وإنما ينظر إليها أن معنى الصلاة في الشريعة ماذا؟ هذا المعنى المخصوص."موقع السيد الحيدري على نت".

[114] -  انظر جامع المدارك:ج 2، ص 200 ؛ الفقه (كتاب الصوم):ج 36 ، ص 128 ؛ مهذب الأحكام:ج 10 ، ص 268 ؛ وانظر موقع إسلام أون لاين قسم .http://www.islam-online.net ، الإفتاء لترى فتوى الجمهور في ذلك

 

 

[115] الدكتور فاضل الصفار"رؤية الهلال بالاجهزة الفلكية:ص68.

[116] - كما لو قال لا تأكل الخيار فإنه يتصرف منه الخيار الأخضر، ولكن هذا لا يمنع من شمول القول للخيار الأصفر أيضا لًأن الانصراف إلى الأخضر من كثرة الوجود لا من تضييق المعنى.

 

[117] -كما في مثال قلد العالم فإن المنصرف من العالم هو الفقيه الجامع للشرائط لا كل عالم، وهذا الانصراف ناشئ من الأنس الذهني بين لفظ العالم والفقيه فيما يتعلق بشؤون الشريعة، ومع أن علماء الشريعة يشمل المفسرين والمحدثين ونحوهم

[118] -- فيكون نظير إكرام الرجل الذي نعلم أنه عالم تمسكا بًعموم أكرم العلماء.

 

[119] ولهذه الجهة عدل السيد فضل الله من القول بكفاية التوليد لتحقق الشهر إلى القول باشتراط إمكانية الرؤية، وان كان ذلك من طريق قول الفلكي،راجع . بحوث فقهية للسيد محمد الحسيني الهاشمي تقريراً لبحث السيد فضل اللّه، مخطوط،مسحوب من نت.

 

[120] - إذ تقسم أدوات الرصد الفلكية إلى ثلاثة أقسام بعضها بصرية، وبعضها غير بصرية تعتمد الأشعة الليزرية ونحوها ، وبعضها قياسية تعتمد قياس الزوايا.والأولى هي التي تعتمد العين في عملها وهي المعنية بالبحث في إثبات الشهر لا غير.

 

[121] نقل من كتاب منهاج الصالحين،ج1،العبادات،م75،السيد الخوئي.

[122] الشيخ السبحاني:الصوم في الشريعة الاسلامية الغراء ج2،ص151".

 

[123] المصدر السابق،ص153.

[124] الشيخ جعفر السبحاني"الصوم في الشريعة الاسلامية الغراء،رسالة في وحدة الافق وعدمه،ص144.

[125] . مستند العروة:2/ 117.  

[126] الشيخ السبحاني الصوم في الشريعة الاسلامية الغراء ص156.

[127] البقرة: 189. 

[128] مجلة فقه أهل البيت، العدد11ـ12 ، مقالة المحقّق الشيخ الخزعلي: حول رؤية الهلال : 198. 

[129] الشيخ السبحاني،الصوم في الشريعة الاسلامية الغراء،ج2،ص155.

[130] مجلة فقه أهل البيت، العدد 11 ـ 12 مقالة: حول رؤية الهلال للشيخ الخزعلي: 199. 

[131] الشيخ السبحاني الصوم في الشريعة الاسلامية الغراء،ص148.

[132] الطهراني،رسالة في ثبوت الهلال،ص57.

[133] الوسائل: 7، الباب 11 من أحكام شهر رمضان، الحديث 10. لاحظ نصوص البيّنة الباب5، الحديث4، 9 والباب 6، الحديث 1، 2. 

[134] الشيخ السبحاني الصوم في الشريعة الاسلامية الغراء،ج2،ص146.

[135] الوسائل: 7، الباب 3 من أبواب أحكام شهر رمضان، الحديث 8. 

[136] راجع رسالة في ثبوت الهلال للشيخ الطهراني.

[137] نفس المصدر

[138] الوسائل: 7، الباب 3 من أبواب أحكام شهر رمضان، الحديث 9. 

[139] الوسائل: 7، الباب 8 من أبواب أحكام شهر رمضان، الحديث 3. 

[140] نفس المصدر

[141] البحاني الصوم في الشريعة الاسلامية الغراء،ص152.

[142] الوسائل: 7، الباب 11. من أبواب أحكام شهر رمضان، الحديث 10.

[143] أبو عمر الحذاء من أصحاب الإمام الهادي (عليه السلام) . 

[144] الوسائل: 7 ، الباب 15 من أبواب أحكام شهر رمضان، الحديث 1

[145] الشيخ السبحاني الصوم في الشريعة الاسلامية الغراء،ج2،ص160.

[146] الشيخ عباس القمي"مفاتيح الجنان،أعمال شهر شوال،ص308.

[147] مستند العروة:2/ 122. 

[148] الشيخ السبحاني الصوم في الشريعة الاسلامية الغراء،ج2،ص159.

[149] المصدر السابق،160.

[150] الحدائق:13/ 267.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


د . رزاق مخور الغراوي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2014/11/17



كتابة تعليق لموضوع : أثبات الرؤية الشرعية للهلال وعلاقتها بقول الفلكي -جدليات في الاطروحات الفقهية الامامية -
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net