صفحة الكاتب : د . رزاق مخور الغراوي

من عظمـــاء العصـــر الحديـــث "الحكيم والخوئي قده "
د . رزاق مخور الغراوي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
تمهيد:ـ    يقوم الهجوم الثقافي على دعامتين الأولى تحقير الثقافة الأصلية والثانية التهويل للثقافة البديلة والغريبة في نفس الوقت ومن خلال هذا الاستلاب الثقافي واحتقار الثقافة العريقة يشعر الشعب بحالة من الصغار تجاه الآخرين ,غافلاً عن ثقافته وما تحويه من الكنوز الثرّة ،مستجدياً الغرباء عارضاً حضارته وتمدنه بثمن بخس .

    ولقد عمل النظام البعثي البائد على تكريس هذه السياسة في التعامل مع الغرب كآلة للحضارة والمدنية والفن بل وحتى الأخلاق والدين وطرح الدين الإسلامي باعتباره مثالاً للوحشية والتخلف ،ولقد نجحت تلك السياسات الشيطانية إلى حدّ ما وأصبح الغرب في نظر الكثيرين ـ خاصة الشباب ـ يمثل العالم الحرّ المنافح عن حقوق الإنسان والمدافع عن الحرية والديمقراطية. 

    ولكن وكما يقال فان الشمس لا تبقى خلف الغيوم إلى الأبد وبدت الحقائق واضحة وبدأ عهد الصحوة الإسلامية العهد الذي يتسم بعودة الجيل الحاضر إلى فطرته وقرانه وعقيدته ورموزه العظماء . 

إن أشدّ ما يرهب الغرب ويرعبه هو عودة الأمة إلى هويتها..إلى رموزها..إلى أولئك الذين مّهدوا من خلال جهودهم المتضافرة طريق الإسلام طريق التكامل البشري وذلك للوصول إلى السعادة الأبدية.  

   فالعالم الرباني هو ذاك الإنسان العالم بالمعارف الإلهية التي تمنح الإنسان الكمال والسعادة السرمدية وترتقي به من مستوى الحيوانية إلى ذروة الإنسانية والروحانية . 

     قال السيد السبزواري في مواهب الرحمن في تفسير قوله تعالى (والربانيون والأحبار): أي المنسوبون إلى الربّ وهم العلماء المنقطعون إلى الله تعالى العرفاء به علماً وعملاً الذين لهم شأن في تربية الناس بالتربية الربّانية ، وفي الحديث عن الإمام            علي (ع)"أنا ربّانيّ هذه الأمة " أي مربيهم تربية إلهية.    

   لقد قام علماء المسلمين الشيعة ، بدور كبير في حفظ أصالة الإسلام والدفاع عنه ، ضد الأخطار التي تحيق به ، من الشبهات والانحرافات والأفكار المنحرفة ، والغزو الخارجي و الداخلي، وان تصدي علمائنا الأعلام وفقهائنا العظام للاستكبار العالمي والحكام الطغاة ، الذين خرجوا عن جادة الحق واتبعوا أهواءهم ، هو ذو صور مختلفة كان أساسها القيام بالواجب الشرعي في مواجهة الكافر وعدم الركون إليه، والتصدي له ومنعه من الإضرار بالإسلام  وحسب الظروف المتاحة لهم ، وقد اتسمت هذه المواقف بالتصدي الفكري تارة من خلال إيضاح الحقائق الدينية ورد الشبهات الكافرة سواء ما كان نابعاً من بلاد الإسلام ، أو ما كان وارداً من الأجنبي الكافر ، أو بالتصدي العسكري تارة أخرى من خلال نزول العلماء إلى ساحة المعركة والقتال ، هم وأبناؤهم وذويهم ، حيث كانوا السباقين في التضحية والجهاد وحمل السلاح وبذل الغالي والنفيس  لأجل حفظ بيضة الإسلام وإعلاء كلمة المسلمين ، وفي هذا السياق أيضا فأن للعلماء مواقفهم الخالدة في الحفاظ على الحوزات والمدارس العلمية والاهتمام بها التي لولاها لاندرست معالم الدين . 

     وفيما يلي استعراض لبعض من هذه المواقف العملية والتجارب السياسية التي قام بها العلماء ومراجع الدين ، ومن أبرزا لعلماء الأعلام الذين سيتم استعراض مواقفهم الاجتماعية والثقافية والسياسية "آية الله العظمى الإمام السيد محسن الطباطبائي الحكيم(قد) ، و آية الله العظمى الإمام السيد أبو القاسم الموسوي الخوئي (قد)) ،"،و التي نعتقد بأنها لم تنل قدراً كافياً من الاهتمام والعرض والبحث في الكتابات السابقة :ـ 

أولاً:آية الله العظمى الإمام السيد محسن الحكيم(قد)

    أسرة آل الحكيم من الأسر العلوية التي يعود نسبها إلى الإمام الحسن بن علي بن أبي طالب (ع) عن طريق ولده الحسن المثنى .

    وبرز منها علماء مشهورون بالطب والأخلاق والفقه والأصول وعُرف منهم في أوائل القرن الرابع عشر الهجري العالم الأخلاقي المعروف آية الله العظمى السيد مهدي الحكيم والد الإمام السيد محسن الحكيم والذي هاجر في أواخر حياته إلى بنت جبيل من قرى جبل عامل في لبنان بطلب من أهلها وتوفي هناك في يوم الجمعة 8/صفر/1312 هـ ، وعرف منهم كذلك عدد كبير من فقهاء وأساتذة الحوزة العلمية وفي طليعتهم الإمام السيد محسن الحكيم(قد).

    هو السيد محسن بن السيد مهدي بن السيد صالح بن السيد أحمد بن السيد محمود بن السيد إبراهيم بن الأمير السيد علي الحكيم الطباطبائي النجفي ، ينتهي نسبه إلى الإمام الحسن بن أمير المؤمنين الإمام علي بن أبى طالب (ع) . 

     ولد في يوم عيد الفطر عام 1306هـ ، 1889م في مدينة النجف الأشرف ،وهو  المرجع الديني الكبير والعالم الرباني العظيم  وهو من أكابر المحققين ،  تولى الزعامة الدينية في عهده وقام بمشاريع دينية وثقافية كبيرة ،يقول الدكتور محمد حسين الصغير في كتابه أساطين المرجعية العليا ص-ص:19-20: (… وكانت الحقبة التي تصدى بها السيد الحكيم للمرجعية، هي العصر الذهبي للمرجعية دون ريب، فقد أذعنت له الملوك والرؤساء والحكام، وقد سار الشعب المسلم في ظل قيادته الحكيمة ،وتفرغ للصالح العام في مشاريعه ووكلاؤه ودعاته، فعمرت المساجد ، وازدهرت العتبات المقدسة ، وكثرة الدعاة إلى الحق ، وتقاسم الشباب المسؤولية فبين عالم ومتعلم ، وأديب وخطيب ، وبلاغي ومتكلم ، وانتشر وكلاؤه في الآفاق ، وزهت الثقافة بما أشاد من مكتبات عامة ، وبلغت الحركة العلمية ذروتها في العطاء والثراء ، حتى ضاقت المدارس بالطلاب ، فاستأجر لهم  العمارات والفنادق ، وشيد دار الحكمة ، وقامت الدراسة الحقة على قدم وساق ، وهي تضم مئات الطلاب في الدراسات الفقهية والأصولية والحديثية ، وقد تكفل بمورد إعالتهم وإعاشتهم على قلة ما في اليد ، ورفد ذلك بالتنظيم لجزء من مجالات الدراسة للشباب النابهين ، ففتح نظام "الكورسات" في التدريس بمعاهد دورية الدراسة قد يطلق على كل دورة منها "دورة الإمام الحكيم" وأسند شؤونها إلى المتحفزين من رجال الدين في القيام بالتدريس والمتابعة والإشراف ، وإجراء الامتحانات الفصلية السنوية ، وهو في كل هذا – مع شدة الرقابة – لم يستسلم لليأس لحظة ، ولم يترك للعمل فرصة ، والتباريح تحوطه من كل جانب ، والآلام تصاحبه ليل نهار ، وهو صلب الإرادة في التخطيط والبناء) .

  من أهم مؤلفاتــه النفيسة: 

–   مستمسك العروة الوثقى : وهو من أوسع الكتب الفقهية الاستدلالية ، وهو عبارة عن شرح مكثف وموسع لمطالب (العروة الوثقى) للفقيه الكبير السيد محمد كاظم الطباطبائي اليزدي وهذا الكتاب يقع في أربعة عشر مجلدا 

- حقائق الأصول: هو في مجلدين كبيرين ، يتضمن شرحا لكتاب الكفاية للفقيه العظيم الاخوند الخراساني . 

-         نهج الفقاهة .

-          دليل الناسك .

-         منهاج الصالحين : رسالة عملية .

-          منهاج الناسكين ، وغيرها من الكتب والمؤلفات القيمة .  

   أما مواقفه العملية في الشؤون السياسية ، فقد جاهد السيد محسن الحكيم في أيام شبابه مع العلماء الكبار،أمثال السيد محمد سعيد الحبوبي ،  وشيخ الشريعة الأصفهاني ، حيث قاتل تحت قيادتهم ضد الإنكليز بعد وفاة الشيخ محمد تقي الشيرازي ، في الجبهتين المعروفتين ، جبهة الشعيبة وجبهة الكوت ، في شهر محرم الحرام عام 1333هـ ، الموافق لشهر تشرين الأول 1914م  وحققوا في جهادهم ونضالهم أروع البطولات وأعظمها في تاريخ الثورة العراقية ، ولكن النصر لم يدم إلا قليلاً وتلاشت الثورة بعدما أدوا ما عليهم وتحملوا تبعاته حيث حوصروا واحتجزوا وأوذوا في سبيل الله تعالى كثيراً ، كل ذلك وقوفاً عند المبادئ وأداء الواجب الذي يرونه ، وكان سبب إفشال الثورة وعدم نجاحها ، هو خيانة الجيش العثماني وبعض الزعماء العشائريين العراقيين وأميري الكويت والمحمرة ، إضافة إلى عدم وجود الخبرات المتكافئة بين الإنكليز وعشائر العراق ، وقد أدى ذلك إلى انسحاب بعض العلماء من هذه الثورة وفي مقدمتهم السيد الحكيم(قده) . 

     كما تصدى السيد محسن الحكيم للحكم الملكي والقاسمي والعارفي ، وكان صراع مستمر بينهم من أجل إلغاء القوانين[1] المخالفة للإسلام وهي تارة تضطر للاستجابة له ، وأخرى تمتنع عليه حسب اختلاف الظروف والأحوال ، وقد عمل السيد الحكيم (قد) ما بوسعه من أجل إلغاء تلك القوانين ، مما أحدث توتراً واضحاً بينه وبين تلك الحكومات ، وكانت هذه محنته معها وشكواه منها ، إلى آخر أيامه الشريفة .وهناك جملة من المواقف المشرفة الأخرى للإمام الحكيم (قد) ضد الأنظمة الفاسدة وأعداء الإسلام وهي كالآتي: 

أولاً: موقف الإمام الحكيم (قد) من القضية الفلسطينية :

     إن القضية الفلسطينية من القضايا الرئيسة والأساسية عند الإمام الحكيم (قد)،فبعد الحرب العالمية الثانية  قام العدو الصهيوني بالعدوان على أرض وشعب فلسطين ، وهنا نجد أن الإمام الحكيم قد تصدى لهذا الموضوع بكل أبعاده وفي مختلف المراحل حيث طالب الشعوب والحكومات العربية والإسلامية بنصرة الشعب الفلسطيني والوقوف إلى جانبه ، كما أصدر فتاوى  لإسناد العمل الجهادي والفدائي الفلسطيني ودعمه بكل الوسائل والإمكانات ، وكان أول مرجع عام يصدر فتوى صريحة وواضحة في إسناد هذا العمل الجهادي ، وجواز المشاركة في الجهاد ضد الصهيونية ، ثم أردف فتواه بفتوى أخرى يجيز فيها صرف الزكاة والحقوق الشرعية في العمل الفدائي وكانت هذه الفتوى هي الأولى من نوعها حيث لم تصدر فتاوى من المراجع في ذلك الوقت لدعم العمل الفدائي،  وبعد أن تجاوز الصهاينة على القدس الشريف نرى أن الإمام الحكيم (قد) قد أرسل مندوباً عنه وهو نجله السيد مهدي الحكيم ( قد) ،للمشاركة في المؤتمرات التي عقدت في مختلف أقطار الوطن العربي وخاصة مؤتمر الأردن بعد دخول الصهاينة إلى الحرم الشريف، وكانت هذه المشاركة هي لإصدار البيانات الخاصة بذلك الشأن لاستنكار كل الأعمال الصهيونية الشنيعة ، كما تبنى الإمام الحكيم المنظمات الفلسطينية المجاهدة العاملة في الساحة الإسلامية وعلى وجه الخصوص العاملة في العراق بحيث أن مندوبي وممثلي منظمة تحرير فلسطين كانوا يراجعون الإمام الحكيم في شؤونهم ، ويقول السيد محمد باقر الحكيم (قد) [2]{ وقمنا آنذاك بحملة واسعة لجمع التبرعات لإسناد العمل الجهادي الفلسطيني في العراق إلى أن جاء العفالقة وحكموا العراق ، فلم يسمحوا لأي جهة بالتبرع أو المساعدة لإخوانهم الفلسطينيين} ، ويتابع السيد (قد) كلامه ولا زلت أتذكر أن مندوب منظمة التحرير الفلسطينية وفد على الإمام الحكيم (قد) وهو يبكي حاملاً كتاباً سرياً كان قد صدر من مجلس قيادة الثورة معمماً إلى جميع دوائر العراق الحكومية يبين فيه حدود العمل الفلسطيني . 

     أما فيما يتعلق باستضافة أبناء الشعب الفلسطيني المشردين من بلادهم ، فقد دعا الإمام الحكيم (قد) أبناء الشعب اللبناني وخاصة في الجنوب كمنطقة جبل عامل الذين كانوا من مقلدي سماحته (قد) ،حيث كان وكيل الإمام الحكيم في جبل عامل الحجة السيد موسى الصدر، فان السيد الحكيم قد دعاهم ليستضيفوا أبناء الشعب الفلسطيني ، فقاموا باستضافتهم لدرجة أصبح الفلسطيني هو صاحب المنزل ، بل وله القدرة والمنزلة هناك ، في الوقت الذي لم تقبلهم الأردن ولا سوريا ولا مصر ، ولا أية جهة أخرى ، ما خلا أبناء الشيعة في جبل عامل ، حتى أصبح مركز منظمة التحرير الفلسطينية في لبنان ، فكان للإمام الحكيم الدور الكبير في هذا الأمر. 

ثانياً: موقف الإمام الحكيم (قد) من التيارات الإلحادية والنظام الاشتراكي:

     لقد عمت العالم الإسلامي تيارات فكرية وعقائدية مختلفة ، وكان من بينها التيارات الإلحادية ، وذلك بسبب ظروف الصراع بين أمريكا والاتحاد السوفيتي (سابقاً) ، وكان الكثير من مستضعفي العرب والمسلمين يجدون أن الملجأ لمواجهة الاستكبار الغربي هو الاتحاد السوفيتي والأحزاب الشيوعية التي انتشرت في مختلف أنحاء العالم الإسلامي ، وهذا اللجوء لم يكن سياسياً فقط ، بل كان في كثير من الأحيان ينجر الوقوع تحت التأثير الفكري للشيوعيين والماركسيين إلى حالة الإلحاد ومحاربة الدين ، حيث قام التيار الشيوعي بمساعدة وإسناد المجتمع الإسلامي في التحرر من الاستعمار الغربي ، مقابل مكاسب مادية ومعنوية وهي القضاء على العدو الغربي الذي كان ينافسه وكذلك إسقاط المجتمع المسلم تحت تأثير الأفكار الإلحادية التي كان يتبناها الشيوعيون ، فكان للإمام الحكيم دور كبير ودقيق في هذه المسألة لأنه من ناحية يحاول أن يحافظ على المواجهة مع الغربيين والدول الاستعمارية ومن ناحية أخرى يحافظ على دين الناس وثقافتهم حيث تمكن من عزل الحزب الشيوعي من ناحية ومن ناحية أخرى أخذ يتصدى للأمور السياسية العامة لمواجهة الحكومات العميلة للغرب وللاستكبار ، وذلك جراء الفتوى الكبيرة التي أصدرها فيما يتعلق بتحريم الانتماء للحزب الشيوعي والتي جاء فيها{ الشيوعية كفر وإلحاد } وقد صدرت هذه الفتوى عام 1959م[3] ، كما وقف الإمام الحكيم (قد) موقفاً بطولياً ضد النظام الاشتراكي حيث أصدر الإمام الحكيم(قد) فتواه بتحريم الاشتراكية عام 1965م وكان لهذه الفتوى الأثر الكبير جداً في العالم الإسلامي ، فبدأ التحرك ضد الشيوعية والاشتراكية ، ففي أفغانستان مثلاً كان هذا التحرك بزعامة السيد الواعظ"محمد سرور" وهو من كبار علماء أفغانستان والذي استشهد على يد السلطات الأفغانية آنذاك ، وكان السيد محمد سرور في النجف الأشرف ومن طلاب الإمام الحكيم(قد)، وتبنى خطه الجهادي ثم ذهب إلى أفغانستان في وقت كانت الشيوعية نشطة هناك ، ولما جاء داود خان للحكم قاومه السيد محمد سرور حتى يوم اعتقاله ، وكذلك الأمر مع الشيخ محسن آصف ودوره في هذا الموضوع ، وفي لبنان انطلق السيد موسى الصدر والسيد محمد حسين فضل الله ، والشيخ شمس الدين، وغيرهم من العلماء لمحاربة التيار الشيوعي مع المحافظة على المواجهة مع الحالة الغربية ، ونفس الأمر كان في باكستان إذ جاءها السيد مهدي الحكيم(قد) وكان الرائج في الأوساط الشيعية في باكستان ، هو تبني الأفكار اليسارية والاشتراكية ، ودخل الإمام الحكيم إلى باكستان من خلال نجله السيد مهدي الحكيم (قد) الذي قام بحملة واسعة من الخطابات والبيانات وجمع  العلماء ليشكل جبهة دينية إسلامية مقابل التيار الشيوعي في باكستان ، كما قام الإمام الحكيم بإرسال العلماء إلى المناطق الشيعية في المدن والقرى والأرياف البعيدة والمجهولة لنفس هذا الأمر.

ثالثاً:موقف الإمام الحكيم من الممارسات الظالمة لشاه إيران

     عندما قامت أجهزة السافاك بارتكاب أبشع المجازر الدموية الرهيبة وخاصةً في 25/شوال/1382هـ ، لأجل قمع حركات التحرر بقيادة الإمام الخميني(قد) حيث أسفرت هذه المجازر عن استشهاد الآلاف من أبناء الشعب الإيراني وزج بالمئات من العلماء والفقهاء بالسجون ، استنكر علماء النجف الأشر هذه الحوادث وشجبوا تصرفات الشاه وكان في طليعتهم الإمام الحكيم(قد) ، حيث اصدر فتوى خاصة بهذا الشأن[4] .  

رابعاً : موقف الإمام الحكيم من جماعة العلماء :

     تأسست جماعة العلماء سنة 1958م ، وذلك بمبادرة من بعض العلماء القياديين في الحوزة العلمية بالنجف الأشرف، وكان الغرض الأساسي من تأسيسها هو سد الفراغ الديني الذي انتشر بين صفوف الأمة آنذاك بسبب تصاعد المد الإلحادي والعلماني بحكم سيطرة قوى(عميلة) تتبنى تلك المناهج الكافرة،ونتيجة لهذه الأوضاع القلقة واجه علمائنا الأعلام هذه المحنة بالثبات والصمود ،وبدءوا يعالجون الداء الخبيث بصورة سريعة قبل إن يسري إلى جسد الأمة الإسلامية،فعقدوا لذلك اجتماعات سرية وعلنية ليضعوا منهاجا للعمل وليحددوا إبعاد خطة المجابهة،وقد تمخض عن هذه الاجتماعات ولادة جهاز ديني قيادي يدعى بـ(جماعة العلماء)،الذي ضم نخبة ممتازة من الشخصيات الدينية والعلمية البارزة في الحوزة العلمية في النجف الأشرف من أمثال الشيخ محمد رضا المظفر،والشيخ محمد الدين زين الدين والشيخ محمد حسن الجواهري،والشيخ محمد طاهر ال راضي… وغيرهم من العلماء رضوان الله تعالى عليهم أجمعين.

     وأخذ جماعة العلماء على عاتقهم الدعوة إلى الله تعالى والى الإسلام عقيدة ونظام هذه الدعوة النزيهة المتحررة عن كل ما يشينها تجمع المسلمين تحت لواء دينهم الخالد ووطنهم العزيز، غيرإنها تعرضت إلى حرب شديدة وهجوم مباغت من عدة جهات من داخل الحوزة ومن خارجها وكذلك حوربت عن طريق بث الإشاعات الكاذبة ضدها ، فتصدت المرجعية الدينية بقيادة الإمام الحكيم(قد)والإمام الخوئي(قد)وبعض علماء الدين من النجف الأشر ف لهذه الهجمات ووقفت إلى جانب(جماعة العلماء)بكل شجاعة،لأنهم يؤمنون بقضيتهم العادلة ، واستمروا في تأييدهم التام لهذه الجماعة عن طريق إصدار الفتاوى الشرعية بحق العلماء العاملين في جماعة العلماء ، وكان السيد الحكيم من ابرز العلماء الذين قدموا التأييد والدعم لهم ، وقد اصدر(قد) فتوى خاصة بهذا الأمر[5]

رابعاً : موقف الإمام الحكيم (قد) من حزب البعث الكافر:

     بعد مجيء حزب البعث المجرم إلى الحكم في العراق في عام 1968م ، دخل الإمام الحكيم في صراع ومواجهة مع البعثيين منذ اليوم الأول لمجيئهم إلى الحكم إذ لم تكن هناك جهة سبقت الإمام الحكيم في مواجهة البعثيين فبدأ الصراع وجرت أحداث المواجهة المعروفة فيما بين الإمام الحكيم وبين البعثيين وخاصة عندما اتهم البعثيين الإمام الحكيم(قد) بإسقاط حكومتهم في سنة 1963م ،وبعد أن أعلن الإمام الحكيم رفضه لهم ،وعقد اجتماع كبير جداً في الصحن الحيدري الشريف للإمام علي(ع) في اليوم السابع والعشرين من شهر صفر سنة 1969م وذلك لاجتماع الناس في (27 –28 من هذا الشهر) كل عام بمناسبة وفاة النبي الأكرم(ص) وألقيت كلمة الإمام الحكيم في هذا الاجتماع والذي ألقاها في ذلك الحشد الغفير ولده الشهيد السيد مهدي الحكيم(قد) معلناً فيها عن رأي الإمام الحكيم في الحكم وحزبه العفلقي ، وتصاعدت وتيرة الاعتقالات في صفوف الشباب الشيعة ورؤساء العشائر في العراق الموالين للمرجعية بحجتي الشيوعية والشعوبية،وبعدها أعلن الإمام الحكيم المواجهة العلنية الصارمة مع نظام البعث الكافر حيث سافر إلى بغداد معلناً فيها معارضته للقوانين البعثية التي هي ضد الإسلام والمسلمين وقال(قد)  كلمته المشهورة( سأذهب إلى بغداد كما ذهب جدي الإمام الحسين(ع) إلى الكوفة)،وعندما سافر إلى هناك استقبل السيد بمئات الآلاف من الناس تعبيرا عن مساندتهم ودعمهم للمرجعية الموقرة ، حيث أعلن (قد) وبمحضر الحشود البشرية الهائلة الممتدة على طول الطرق المؤدية بين النجف وكربلاء وبغداد وسامراء ، بأن المرجعية ترفض جميع الأعمال الوحشية التي يرتكبها هذا النظام المجرم ،وقد أتته الوفود من كل مكان فاضطر النظام البعثي الحاكم أن يرسل حمادي شهاب التكريتي وهو من الأشخاص الخمسة الذين كانوا يسيطرون على الحكم آنذاك في العراق وبعد اجتماع الإمام الحكيم مع هذا المجرم أوضح رأيه بصراحة وقال له بالحرف الواحد ( إذا كان الناس قد أخرجوكم من الحكم في المرة السابقة وتركوكم أحياءاً اما في هذه المرة وفي حال إخراجكم مجدداً من الحكم فانهم سيقطعونكم قطعة قطعة )[6] ، فأشار حمادي شهاب وبلهجة التهديد للإمام الحكيم أنه في حالة استمراره في هذا الموقف فسوف يُقْدم البعثيون على اعتقال أصحابه وإبداعهم السجن ، وبالفعل فقد صدر أمر بعد ثلاثة أيام من هذه المقابلة باعتقال حجة الإسلام والمسلمين السيد مهدي الحكيم بتهمة تعاونه وتعامله مع الأكراد المعارضين للحكم البعثي، وحوصر المنزل الذي نزل فيه الإمام الحكيم ضيفا في الكاظمية عند الحاج سلمان عباس الكردي ودخل البعثيون المنزل  يفتشون عن السيد مهدي الحكيم ،وعلى اثر ذلك تراجع معظم الناس عن نصرة ومساندة المرجعية في محنتها تلك التي هي بالواقع محنة الناس ،وبسبب قلة الناصر وخذلان الناس للإمام ، رجع الإمام الحكيم  إلى النجف الأشرف إلا انه استمر في احتجاجه ورفضه لممارسات النظام البعثي ، ومما يؤيد صحة نظرة الإمام الحكيم تجاه الواقع العراقي السياسي ورجوعه إلى النجف الأشرف وعدم استمراره في الاحتجاج في بغداد والخروج في ثورة ضد ذلك النظام، هو ما قاله الإمام الخميني للسيد محمد باقر الحكيم في إحدى لقاءاتهما في طهران:( إني كنت أنتظر من خلال ما شاهدته من حركة شعبية أن يقوم الحكم الإسلامي في العراق قبل قيامه في إيران ، ولكن وبعد ما شاهدته من أحداث بغداد "السابق ذكرها" وعزلة السيد الحكيم(قد)عن الناس وتخــليهم عـن نصرته وتأييده ، بحيث حتى أن"الكبابجي" الذي كان في جوار البيت الذي نزل فيه السيد الحكيم ضيفاً ، قد توقف عن عمله وانتقل إلى مكان آخر ، فأدركت أن الإمام الحكيم(قد) كان على صواب في موقفه تجاه نظام الحكم البعثي البائد لذلك فهو -لم يقِد الثورة ضده )[7].

   إن السيد الحكيم (قد)بذهابه إلى بغداد قد شخص القاعدة الشعبية ووجدها لا ترقى بمستوى التحدي فلا يستطيع أن يعتمد عليها عند تصديه لهذا النظام الظالم ، في حين أن من أهم مقومات نجاح الثورة الإسلامية في إيران هو وجود قاعدة جماهيرية صلبة مؤيدة ومساندة بقوة للإمام الخميني(قد) وللمراجع الأعلام ، فمنذ زمن بعيد وهي ترفع شعار"يا مرگ يا خميني" أي أما الموت أو الخميني ،     واستمرت المواجهة مع البعثيين وعندما صدر البيان السابع لمؤتمر حزب البعث والذي كان يؤكد على ضرورة ضرب ما كان يسمى بالتيار الفاطمي ويقصد بذلك التحرك الإسلامي الحاصل في العراق والذي تقوده المرجعية الدينية ، تصدى الإمام الحكيم لذلك بكل قوة وصلابة[8] ، وكذلك وقف الإمام الحكيم موقفاً بطولياً عندما قامت السلطات البعثية بتسفير طلبة العلوم الدينية في النجف الأشرف بحجة انتماءاتهم السياسية المعارضة للحكم كما قامت حكومة البعث بمنع الزوار القادمين من الحج لزيارة العتبات المقدسة في العراق، فقام الإمام الحكيم باستغلال زيارة الأربعين للإمام الحسين (ع) لغرض إعلان معارضته لهذا الحكم اللاإنساني واستغل هذه الفرصة لوجود حشود جماهيرية شيعية عظيمة وبسبب عدم وجود وسائل إعلام في ذلك الوقت ، قام الإمام الحكيم (قد) بمحاولة سياسية ناجحة عبر فيها عن رفضه لقرارات النظام ومعارضته له حيث عاد  الإمام الحكيم إلى النجف ولم يقم بزيارة الإمام الحسين (ع) تعبيراً عن احتجاجه ضد قرارات النظام الحاكم الأمر الذي أثار حالة من الاستفسار عند جماهير الشعب العراقي وحصلت ضجة كبيرة من قبل الوفود المحتشدة في كربلاء بسبب تساؤلها عن قيام الإمام الحكيم بالرجوع إلى النجف الأشرف وعدم زيارته لجده الإمام الحسين(ع) فاضطرت حكومة البعث إلى إرسال وفد إلى النجف لمعالجة الموقف وكان الوفد يتكون من حردان التكريتي وخير الله طلفاح وآخرين معهم فعقد الاجتماع يوم 19 صفر في دار الإمام الحكيم بحضور جمع كبير من العلماء ، يقول السيد محمد باقر الحكيم(قد)[9] " كنت حاضراً أنا ومجموعة من العلماء في ذلك الاجتماع وعندما طرحت القضية في ذلك الاجتماع تصدى خير الله طلفاح بطريقته التي يعرفها العراقيون بالدفاع عن حكم العفالقة على أنه حكم إسلامي يمثل الإسلام والعروبة وهو آنذاك كان محافظاً لبغداد وحردان كان وزيراً للدفاع ، وأتذكر أني خاطبت خير الله طلفاح أن هناك مجموعة من المنشورات التي تصدر عن جهات رسمية حكومية تؤكد أن حكومة البعث تقف موقفاً معادياً للإسلام ، ومن أجل إحراجي في ذلك طلب مني هذه المنشورات ، فأخرجت له المجلة التي تؤكد على ضرورة تحطيم المرجعية الدينية التي كانوا يصفون بها التحرك الإسلامي الموجود في النجف والذي تقوده المرجعية المجاهدة فانكشفت حقيقة البعثيين في هذا الاجتماع مما دفعهم ليتراجعوا عن موقفهم".

     وعندما مرض الإمام الحكيم(قد) في آخر حياته في المستشفى مرض الوفاة، تحدث إليه بعض ولده وسأله عن موقفه من الحكم الظالم الكافر، حكم العفالقة البعثيين المجرمين ، وتقييمه لهذا الموقف، بعد الآلام والمعاناة التي لاقاها من هؤلاء المجرمين، فقال لهم(قد) "أني أشعر بالرضا تجاه هذا الموقف لأني لو لم أصنع شيئاً في موقفي هذا إلا أن أضع حاجزاً بين البعثيين المجرمين والشعب العراقي ، ولو لمدة عشر سنوات لكان هذا الموقف يستحق كـل هذه التضحية"[10]. 

     إن اتخاذ الموقف من أجل توضيح هذه الحقيقة عندما يكون موقفاً شاملاً وعاماً ، يكون مستحقاً لكل هذه التضحيات .

     خلَّف السيد الحكيم(قد) بعد وفاته عشرة من الأبناء كلهم علماء ، وهم حسب تسلسل الأعمار:

     آية الله السيد يوسف الحكيم(قد) ، وآية الله الشهيد السيد محمد رضا الحكيم(قد) ، وحجة الإسلام والمسلمين الشهيد السيد مهدي الحكيم(قد) ، وحجة الإسلام والمسلمين السيد كاظم الحكيم(قد) ، وآية الله العظمى الشهيد السيد محمد باقر الحكيم(قد) ، وآية الله الشهيد السيد عبد الصاحب الحكيم(قد) ، وحجة الإسلام والمسلمين الدكتور الشهيد السيد عبد الهادي الحكيم(قد) ، وحجة  الإسلام والمسلمين الشهيد السيد علاء الدين الحكيم(قد) ، وحجة الإسلام والمسلمين الشهيد السيد محمد حسين الحكيم(قد) ، وأخرهم حجة الإسلام والمسلمين السيد عبد العزيز الحكيم( دامت بركاته ) ، وهنالك مواقف عديدة لهذه الأسرة الكريمة نقتصر منها على ما قاموا به من مواقف ضد النظام البعثي ، حيث طلب النظام البعثي من كبار عائلة     الحكيم (قد) وعلمائها الحضور والمشاركة في المؤتمر الشعبي الذي عقده النظام البعثي في بغداد أوائل الثمانينات في أيام الحرب الظالمة التي شنها صدام المجرم ضد الجمهورية الإسلامية الإيرانية ، لكنهم رفضوا ذلك وأصروا على الرفض على الرغم من تهديدهم بالاعتقال ، فنفذ النظام تهديده وارتكب جريمته ضد هذه الأسرة الشريفة حيث تعرضت هذه الأسرة إلى حملة اعتقال وإبادة واسعة على يد صدام المجرم وجلاوزته ، مما لم يشهد له تاريخ العراق مثيلاً في العصر الحاضر ، ففي ليلة واحدة اعتقل نظام صدام المجرم أكثر من سبعين شخصاً من هذه الأسرة العظيمة رهائن بينهم من قارب الثمانين من العمر ، كآية الله العظمى السيد يوسف الحكيم نجل الإمام الحكيم(قد) وآية الله العظمى السيد محمد حسن الحكيم نجل آية الله العظمى السيد سعيد الحكيم(قد) ، وبينهم من لم يبلغ الحلم بعد ، وزج بهم جميعاً في السجون دون أن توجه لهم أي تهمة ، إلا لأنهم من أقرباء الشهيد السيد محمد باقر الحكيم(قد) ، ولأنهم رفضوا الخضوع للنظام وتنفيذ سياسته الرعناء ، وفي فترات لاحقة قتل منهم النظام المجرم أكثر من عشرين شخصاً بينهم مجتهدون وعلماء كبار ، كآية الله العظمى السيد عبد الصاحب الحكيم ، وحجة الإسلام والمسلمين الدكتور عبدا لهادي الحكيم ، وحجة الإسلام والمسلمين السيد علاء الدين الحكيم ، وحجة الإسلام والمسلمين السيد محمد حسين الحكيم  والأربعة هم من أبناء الإمام الحكيم(قد) ، حجة الإسلام والمسلمين السيد كمال الدين الحكيم وحجة الإسلام والمسلمين السيد عبد الوهاب الحكيم ، وهم أنجال آية الله العظمى السيد يوسف الحكيم ، وحجة الإسلام والمسلمين السيد عبد الصاحب الحكيم ، وآية الله السيد محمد رضا الحكيم ، وهم أنجال آية الله العظمى السيد محمد حسين السيد سعيد الحكيم(قد) ، والسيد أحمد الحكيم نجل آية الله العظمى السيد محمد رضا نجل الإمام الحكيم(قد) ، آية الله السيد مجيد الحكيم نجل آية الله السيد محمود الحكيم(قد) شقيق الإمام الحكيم(قد) ، السيد حسن الحكيم والسيد حسين الحكيم ، وهما أبني الدكتور الشهيد السيد عبد الهادي الحكيم(قد) ـ الشهيد السيد ضياء الدين والشهيد السيد بهاء الدين نجلي الشهيد السيد كمال الدين الحكيم ، السيد محمد علي السيد جواد ابن السيد محمود الحكيم(قد) ، والسيد حسن نجل آية الله العظمى السيد محمد علي الحكيم، والمهندس السيد عبد الأمير نجل آية الله العظمى السيد حسن الحكيم ، والسيد مهدي الحكيم نجل آية الله العظمى الشهيد المجاهد السيد محمد باقر الحكيم(قد) وزوجته وولده ، والسيد حسين الحكيم نجل آية الله العظمى السيد حسن ، منهم آية الله العظمى السيد محمد رضا الحكيم نجل الإمام الحكيم(قد) ، الذي اعتقل مع مجموعة من كبار علماء النجف الأشرف بعد الانتفاضة الشعبانية في آذار 1991 ، التي قادها وفجرها الإمام الخوئي(قد) ، وقد تبين بعد سقوط صدام المجرم ونظامه الكافر ، أنهم جميعاً قد قتلوا إلى جانب أكثر من مائة عالم من مختلف البلدان الإسلامية والعربية ، والعوائل العلمية العراقية المعروفة ، وقد توفي الإمام الحكيم(قد) في مستشفى ابن سينا ببغداد في26/ربيع الثاني/1390هـ  - الموافق في1/6/1970م ، ونقل جثمانه الطاهر إلى النجف الأشرف في زخم هائل ضم مئات الآلاف من العراقيين تجاوز عددهم مليوني نسمة حيث عطلت المدينة بأسواقها ومحافلها ودوائرها،وخرجت مواكب العزاء يتقدمه  المراجع العظام والعلماء الأعلام وفي المقدمة الإمام الخوئي والإمام الخميني والشاهرودي(قده)، وعند وصول الجثمان الطاهر إلى الصحن الحيدري الشريف خطب ولده السيد محمد باقر الحكيم(قد)خطبة بليغة عزى بها المسلمين بالفاجعة العظمى،وأدى ولده السيد يوسف الحكيم الصلاة عليه وائتم به بقية العلماء،وقد تولى غسله وتجهيزه وتلقينه وإجراء الواجبات والمستحبات ولده السيد الشهيد محمد باقر الحكيم(قد)بثبات وصبر عظيمين،يقول العلامة الدكتور محمد حسين الصغير:- وقد سألته ـ السيد محمد باقر الحكيم ـ كيف طابت نفسك بتغسيل السيد وأجراء المراسيم عليه،وكيف جرأت على ذلك،فقال:والله لقد انصدع قلبي وتزلزل كياني وانا ألقنه وأهزه هزاً عنيفاً طبقاً للاستحباب -، ودفن بمقبرته التي أعــــدها لنفسه وابنائه بجوار مسجد الهندي في الطابق الأرضي من مكتبته العامة ، وقد أرخ العلامة الدكتور محمد حسين علي الصغير[11]

أبيات شعرية على ضريحه بالقاشاني هي :

قضى (الحكيم محسناً) فاستقبلت        منـه الجنان العلم المجددا

قد توج الأجيال في مستمـســـك      ( بالعروة الوثقى)غدا مقيدا

واستعبر الإسلام أرخ مغــــــولا        تهدمت والله أركان الهـدى

وهنالك مواقف كثيرة لا نستطيع تبيانها في هذا البحث المختصر ، للمزيد من التفاصيل راجع كتاب المرجعية الدينية – للمرجع الديني السيد محمد سعيد الحكيم ،  وكتاب مرجعية الإمام الحكيم –للسيد محمد باقر الحكيم وكتاب أساطين المرجعية العليا المعاصرين –  للأستاذ الدكتور محمد حسين علي الصغير. 

[1] أ- قانون الأحوال الشخصية :وقد اشتمل على فقرة مهمة خالفت الشريعة الإسلامية ، وهو أن للأنثى مثل حظ الذكر بالإرث ، وكان إصدار هذا القانون من قبل عبد الكريم قاسم .

ب-القوانين الاشتراكية: وكانت اشتراكية كاذبة في واقعها عارمة في مأخذها، حيث صادرت أموال الناس وأممت الشركات والمصارف والمصانع بحجة تطبيق النظام الاشتراكي وكان ذلك في زمن عبد السلام عارف .  

[2] راجع كتاب مرجعية الإمام الحكيم ، للسيد محمد باقر الحكيم.

[3]  راجع الملحق(1)، استفتاء(1) في نهاية البحث .

[4]  راجع ملحق (1) استفتاء (2) في نهاية البحث.

[5]  راجع الملحق (1) استفتاء (3) في نهاية البحث .    

[6]  راجع كتاب مرجعية الإمام الحكيم ، للسيد محمد باقر الحكيم.

[7]  راجع كتاب مرجعية الإمام الحكيم ، للسيد محمد باقر الحكيم ـ

[8]  ولمزيد من التفاصيل راجع كتاب ـ مرجعية الإمام الحكيم ـ للسيد الشهيد محمد باقر الحكيم "قد".

[9] نفس المصدر السابق

[10]  راجع كتاب( الحوزة العلمية ، محمد باقر الحكيم (قد) ص8 ).

[11]  راجع كتاب(فقه الحضارة ص40) . 

ثانياً: آية الله العظمى الإمام السيد  أبو القاسم الموسوي الخوئي(قد) 

     هو السيد أبو القاسم نجل العالم الرباني السيد علي أكبر بن السيد هاشم الموسوي الخوئي النجفي ، يتصل نسبه بالإمام موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن أبي طالب صلوات الله عليهم أجمعين .

     ولد في مدينة"خوي"الواقعة بين وارومية ومرند وهي في منطقة الحدود بين تركيا وما كان يدعى الاتحاد السوفيتي سابقاً على بعد 149 كم شمال غرب تبريزوتعد خوي من المدائن الاذربية المعروفة وهي من مواطن العرب ومعاقل العربية والتراث في تاريخ الإسلام والتي تنسب إليها الثياب الخوئية المشهورة ، من أسرة عربية محضة أماً وأباً وجداً ، في حي من أحيائها المعدودة وذلك في 15/رجب/1317هـ ، الموافق 19 /11/1899 م .

     قصد العراق وهو بن ثلاث عشرة سنة في حدود العام 1330 هـ وسكن النجف الأشرف ولبث فيها من عمره ثمانية عقود وبضع سنين وتوفي فيها وهو في السادسة و التسعين ، وكان أبوه نزلها في سنة 1307 هـ قبل قرن وعشرين سنة ، وتتلمذ في مدرستي النجف الأشرف وسامراء المقدسة وهو من علماء الأمة المؤلفين لازم مدرسة النجف الشرف وعلماءها وقد كانت عامرة بفحولة الفقهاء والحكماء من أوعية العلم الكبار ولاسيما الثلاثة من الطراز الأول وهم الشيخ محمد حسين النائيني(قده) وشيخ العلماء وأستاذ الفقهاء الفيلسوف الحكيم الشيخ محمد حسين الكمباني والشيخ ضياء الدين العراقي خلف الأول(قد) كتاب "تنبيه الأمة وتنزيه الملة في لزوم مشروطية الدولة ،وهي دعوة إلى الدستور في عهد الاستبدادين الإيراني والعثماني ،إضافة إلى أعماله في الفقهة والأصول ،وخلف الثاني(قد)22 كتاباً في الفلسفة والحكمة والأدب واللغة والبلاغة والشعر والتاريخ والفقه ، وترك الثالث(قد)ذخائر الكتب في الفقه والأصول والقضاء وفروع العلوم المختلفة.

     كان الإمام الخوئي (قد)تلميذ هؤلاء المشاهير من رجال العلم والحكمة الذين تعلم منهم في العراق بلد الحضارات والأمجاد ،وحضر دروسهم ومجالسهم ولازم حلقاتهم في مدينة العلم والعلماء النجف الأشرف ، أما تفاصيل سيرته الذاتية فقد كتبها السيد الخوئي نفسه بكل صدق وأمانة وتواضع بقلمه الشريف فجاءت برقم (14697)[18] .

      وهو أستاذ الفقهاء والمجتهدين ، وأستاذ الأصول الأول ومدرس النجف الأول ، حيث كان له الدور الريادي في علم   الأصول [19]بالإضافة إلى ذلك فهو فقيه متبحر ومفسر مجدد ، ورجالي ذو مدرسة وإن علميّته وأفكاره تتجلى في مؤلفاته وتقريراته النفيسة القيمة التي تعتبر ثروة فكرية ضخمة من تراثنا الإسلامي ، أصبح مرجع الشيعة الأعلى بعد وفاة الإمام الحكيم(قد) سنة 1970م فقام(قد) بتشييد أكبر صرح وأعظم حوزة علمية في العالم الإسلامي تخرج منها كثير من العلماء والفقهاء حتى لا ترى بلدة أو ناحية شيعية إلا ومرجعها الديني تلميذه أو تلميذ تلميذه غالباً

     من ابرز مؤلفاته التي تعتز به المكتبة العربية والإسلامية : - تنقيح العروة الوثقى :وهو من الكتب  الفقهية ويقع في ستة أجزاء،  دروس في فقه الشيعة وهو أيضا من الكتب الفقهية ويقع في أربعة أجزاء ، مستند العروة : كتاب فقهي يقع في ثلاثة أجزاء ، مصباح الأصول وهو من الكتب الأصولية يقع في جزئيين ، محاضرات في أصول الفقه : دورة أصولية طبع منها خمسة أجزاء ، مباني الاستنباط : كتاب أصولي يقع في جزئيين ، البيان في تفسير القران كتاب تفسير وهو من الكتب القيمة الجامعة الشاملة في علوم القران  يقع في جزء واحد ،معجم رجال الحديث وهو كتاب كبير في 23 مجلداً قوامها 11424 صفحة ويشتمل على 15678 ترجمة منمقة موثقة لرواة الحديث وحملة العلم ونقلة التراث وعين مواطن رواياتهم في الاصول الاربعة والجوامع الكبار وسائر الكتب الحديث، إضافة إلى العشرات من الكتب والمخطوطات القيمة .

     عاش حياته من أجل العلم والمعرفة وكرس جميع جهوده من أجل قضايا الإسلام والمسلمين ، ولدفع الحركة العلمية إلى مواقع متقدمة، ومن جانب أخر فأن للإمام الخوئي مواقف جهادية رائعة في مواجهة الأحداث التي تخص واقع الأمة الإسلامية والدفاع عن كيان الإسلام والأمة الإسلامية ضد الاستعمار والأنظمة العميلة له ، فقد وقف موقفاً بطولياً ضد الحركات الفكرية المنحرفة والعقائد الفاسدة ومن بين تلك الحركات "الشيوعية" التي جاء بها النظام الماركسي ، حيث اصدر الإمام الخوئي فتواه الشهيرة ضد هذه الحركة وقال:الشيوعية كعقيدة فلسفية تناقض أصول الإسلام، فهي كفر والحاد[20].

     وإليكم جملة من المواقف الجهادية المشرفة الأخرى:ـ

أولاً: موقفه بالنسبة للقضية الفلسطينية

     لقد وقف الإمام الخوئي(قد) إلى جانب الشعب الفلسطيني في قضيتهم العادلة ضد العدو الصهيوني الغاصب ، وقد صرح الإمام الخوئي بالجهاد ضد الاحتلال اليهودي وإخراجه من الأراضي الإسلامية المحتلة ، كما دعا المسلمين كافة للعمل على تحرير القدس الشريف والأراضي المغتصبة من براثن العدو الإسرائيلي الغاصب [21].

ثانياً: موقفه من جماعة العلماء:

     لقد سبق أن ذكرنا الأسباب التي أدت إلى تأسيس جماعة العلماء والأهداف التي تسعى إلى تحقيقها ، وذكرنا  كذلك موقف المرجعية الدينية من هذه الجماعة والذي كان موقفاً مؤيداً ومسانداً لها حيث اصدروا الفتاوى الشرعية  بحق العلماء الذين تضمهم جماعة العلماء ،وكان الأمام المجاهد أبو القاسم الخوئي(قده) في طليعة العلماء  الأعلام الذين أصدروا الفتاوى الشرعية تأييداً ودعماً وتضامناً مع العلماء العاملين في جماعة العلماء [22].

ثالثاً: موقفه الجهادي ضد حكومة الشاه في إيران:

     لقد وقف الإمام الخوئي(قد) موقفاً جهادياً و بطولياً إلى جانب الشعب الإيراني المسلم ضد نظام الشاه وحكومته ، وذلك منذ انطلاق الشرارة الأولى للثورة الإسلامية الإيرانية ، فقد وقف السيد الخوئي (قد) مع الشعب الإيراني في مواقف كثيرة حيث كان لها الأثر في تحريك الثورة الإسلامية وتفعيلها ضد حكومة الشاه المقبور ، حيث قام الإمام الخوئي(قد) بوضع هذه القضية ضمن القضايا الأساسية للمسلمين بعد قضية فلسطين المحتلة .

     وإن مواقف السيد الخوئي(قد) في هذا الصدد كثيرة والتي كان من أهمها موقفه ضد الاستفتاء الشعبي (رافراندم) وذلك عندما بدأ شاه إيران ( محمد رضا بهلوي ) بتطبيق ما عرف بالثورة البيضاء في سنة 1963م ، أراد من خلالها أن يموه الواقع على العالم وإن الشعب الإيراني هو الذي يريد ذلك ، فاقترح الشاه عدة مقترحات ودعا مجلس النواب للمصادقة على هذه المقررات الاستعمارية الخطيرة التي لا تتلاءم مع واقع التشريع الإسلامي ، فقام الشعب الإيراني بإرسال ألوف البرقيات ومئات المضابط من كافة المدن الإيرانية إلى العلماء في النجف الأشرف لغرض استشارتهم حول مشروعية الدخول لهـذه الانتخابات"رافراندم"وهل هي جائزة أم لا  فجاء رد العلماء بتحريم الاشتراك والدخول في الاستفتاء العام ، وأصدر الإمام المجاهد السيد الخوئي(قد) فتواه بتحريم الاشتراك في الاستفتاء وقد طبعت هذه الفتوى ووزعت في المدن الإيرانية على نطاق واسع [23]، وكان لهذه الفتوى دوي هائل في إيران لأنها صدرت من أحد أكابر الزعماء الدينيين فعالية في النضال ضد الشاه وحكومته ، وقد ساعد الدستور الإيراني العلماء الأبرار كثيراً في هذه الثورة ، حيث ان الدستور الإيراني الذي وضعته المشروطة[24] برئاسة آية الله العظمى محمد كاظم الخراساني سنة 1905م ، في حكومة الشاه محمد علي القاجاري ،الذي أخذت تأييداً واسعاً من العلماء الأبرار في مدينة النجف الأشرف ، حيث كان النفوذ لوجود الزعامة الدينية الشيعية فيها آنذاك، فكان لعائلة السيد الخوئي فضلاً في إقامة المشروطة حيث اتخذت عائلة السيد الخوئي(قد) وعلى رأسها السيد علي أكبر الخوئي(قد) والد الإمام الخوئي موقفاً مؤيداً لحركة الدستور"لمشروطة"التي قامت في إيران وكان عمر السيد أبو القاسم الخوئي آنذاك "11"سنة ، وقد قام العلماء الأعلام في مدينة النجف الأشرف بدور جهادي رائع في تأييد حركة المشروطة وأخذوا يبعثون بالبرقيات والرسائل إلى الشاه وحكومته يطالبون فيها بوجوب تنفيذ الدستور ونبذ الاستبداد ، وبذلك أخذت النجف يومها بزمام الحركة الدستورية وجعلت تدير الحركات التحررية لا في إيران فحسب بل في جميع البلدان الإسلامية ، وكانت الصلاحيات التي منحها الدستور الإيراني للعلماء الروحانيين هي صلاحيات  كان ينبع منها خوف الشاه وفي الوقت نفسه كانت تنبع منها قوة رجال الدين والعلماء ، وقد نصت المادة السادسة من الدستور الإيراني على احترام العلماء من قبل الشاه وعدم التعرض لهم بأي حال من الأحوال ، بالإضافة إلى إعطائهم صلاحيات إيقاف تنفيذ القوانين التي يبينها المجلس التشريعي إذا ما وجدوها أنها مخالفة

للشريعة الإسلامية ، لذلك وقف العلماء الأعلام في إيران موقفاً حازماً وشديداً من الشاه وحكومته ، حيث انطلقت المرجعية الدينية في مدينة قم المقدسة المتمثلة بزعمائها الكبار"الإمام الخميني ، والإمام شريعة الله مداري والإمام الكلبايكاني"والمرجعية الدينية في النجــف الأشرف المتمثلة بزعمائها الكبار"الإمام الحكيم ، ولإمام الخوئي ، ولإمام الشاهرودي" فخاضوا النضال والجهاد ضد الشاه وحكومته ، وفي سنة 1963م حدثت المذبحة الفظيعة في المدرسة الفيضية الواقعة في مدينة قم المقدسة ، حيث قتلت أجهزة الشاه الإجرامية العديد من طلبة العلوم الدينية بالإضافة إلى عدد كبير من المؤمنين ، وبعدها وصلت أنباء المجزرة إلى أسماع العلماء الأعلام في النجف الأشرف ، الذين أبدوا استيائهم المتفاقم للأحداث الأخيرة التي وقعت في المدرسة الفيضية وفي كافة مدن إيران ، وأبرقوا إلى الشاه وحكومته يهددونه فيها بإطلاق الكلمة الأخيرة إذا لم يرتدع عن إجرامه ولم يطبق المواد الست المقترحة من قبل علماء إيران ، وعلى رأس العلماء الذين أبرقوا إلى علماء إيران وحكومة الشاه السيد الإمام الخوئي(قد) [25]، وجاء موقف المرجعية الدينية العليا سنداً ودعماً بالغ الأهمية بالنسبة للصراع الدائر في إيران فأصبحت المساجد والمدارس الدينية مكاناً لاجتماع الثوار ، ولازم الإمام الخوئي الإمام الخميني في ميادين الجهاد والنضال بقوة وصلابة ، حيث قام الإمام الخوئي(قد) بخطوة كبيرة وجريئة في يوم المذبحة الكبرى في إيران حينما أصدر بياناً إلى الشعب الإيراني أعلن فيه أن الشاه المتحالف مع الصهيونية والاستكبار العالمي الذي يحوك الدسائس ضد الإسلام والمسلمين "لا يعتبر مسلماً حقيقياً "، وكان البيان يعني أن الشاه قد فقد شرعية البقاء في منصبه بنص المادة السادسة من الدستور الإيراني ، ولإذاعة هكذا بيان من مرجع كبير كالإمام الخوئي على الشعب الإيراني في تلك الظروف بالذات كان لا بد أن يكون له أثراً كبيراً على سير الأحداث في ذلك الوقت ، واستمر الإمام الخوئي في موقفه الجهادي والنضالي إلى جانب إخوانه العلماء المجاهدين في إيران ضد الشاه وحكومته ، وقد فضح الإمام الخوئي الشاه الدكتاتوري وأعلن استنكاره الشديد للجرائم التي يقترفها الشاه بحق شعبه ، وعدائه للإسلام والمسلمين وعلى أثر ذلك أصدرت الهيئة العلمية في النجف الأشرف بزعامة الإمام الخوئي(قد) فتوى بتحريم كل أنواع التعامل مع نظام الشاه وحكومته ، وكذلك أصدر الإمام الخوئي(قد) تصريحات خطيرة في تلك الأيام كان لها الأثر الفعال في تفجير بركان الثورة الإسلامية وكان لهذه التصريحات صداها الكبير والمؤثر في إيران والعالم الإسلامي ، وتعتبر مواقف الإمام الخوئي(قد) من الأسباب الرئيسية لنجاح الثورة الإسلامية في إيران .

رابعاً:موقفه من النظام البعثي الفاسد

     إن للإمام الخوئي(قد) مواقف كثيرة وعظيمة ضد الحكم البعثي الظالم كموقفه المؤيد للجمهورية الإسلامية الإيرانية وموقفه من الثورة الشعبانية المباركة وكذلك موقفه من حفظ الحوزة العلمية ، حيث وقف الإمام الخوئي(قد) مع الجمهورية الإسلامية موقفاً يستحق الفخر والاعتزاز، فقد قام النظام البعثي بضغوط شديدة على المرجعية العليا المتمثلة بالسيد الخوئي(قد) من أجل الطعن بالجمهورية الإسلامية وحكومتها المتمثلة بالإمام الخميني(قد) ، إلا إن السيد الخوئي(قد) رفض هذا الأمر بكل قوة وعزيمة وأصر النظام  على هذا الأمر ، وهو إبلاغ الناس ان الحكومة الإيرانية بزعامة الإمام الخميني ليست حكومة إسلامية وإنما هي حكومة دكتاتورية توسعية تهدف إلى السيطرة على الخليج العربي"على حد زعمهم " فقام السيد الخوئي(قد) بموقف فكري وسياسي جريء ، حيث كتب للإمام الخميني(قد) كتاب ما مضمونه"بسمه تعالى : من السيد أبو القاسم الموسوي الخوئي إلى سماحة آية الله العظمى السيد روح الله الموسوي الخميني ، -كن حسناً والسلام" [26]فقامت الإذاعات العالمية والمحلية بنشر هذا الخبر ، وتفسيره بأن الزعيم الديني الشيعي في النجف الأشرف وهو الإمام الخوئي يقول لقائد الثورة الإسلامية الإمام الخميني كن حسناً مع صدام وحكومته، وهذا الكلام يعطي مشروعية للنظام وأعوانه ، فرد السيد الخميني(قد) على هذه الرسالة التي بعثها إليه السيد الخوئي ما مضمونه(( بسمه تعالى : من السيد روح الله الموسوي الخميني ، إلى سماحة آية الله العظمى السيد أبو القاسم الموسوي الخوئي - بل أكن حسينياً-))[27].

     وبعد هذا الرد اتضح مضمون الرسالة التي كان قد بعث بها السيد الخوئي للسيد الخميني، وهي أن السيد الخوئي يطلب من الإمام الراحل أن يكون موقفه مع صدام وحكومة البعث كموقف الإمام الحسن(ع) مع معاوية، لكن الإمام الخميني كانت تتوفر لديه الشروط الحسينية وهي قتال يزيد زمانه "صدام المجرم"حتى يحكم الله والله خير الحاكمين، فخاب مسعاهم وبهتوا جميعاً .

     وقد أثيرت عدة إشاعات واتهامات من قبل بعض الجهال ضد السيد الخوئي(قد) خلال فترة الحرب العراقية الإيرانية حيث دارت تلك الإشاعات حول اتهام الإمام الخوئي(قد)بالضعف والتهاون والسكوت تجاه هذه الحرب الغادرة إلا إن الإمام الخميني(قد)اسكت هذه الإشاعات بقوله:"لواتاني أستاذي الكبير"الإمام الخوئي"إلى طهران لاستقبلته حاسي الرأس وحافي القدمين"[28]فاسكت بقوله هذا الأفواه الفارغة .

     أما موقفه من الثورة الشعبانية المباركة ضد النظام البعثي الكافر عام 1991م ، فقد انطلقت الشرارة الأولى للثورة الشعبانية المباركة من المرجعية الدينية في النجف الأشرف من قبل العلماء الأعلام ، بزعامة الإمام الخوئي(قد) وبتأييد وتسديد من المراجع العظام في النجف الأشرف وخاصةً المرجعين العظيمين الشهيدين

آية الله العظمى الشيخ علي الغروي(قد)[29] ، وآية الله العظمى الشيخ مرتضى البروجردي(قد) [30]، و كان لهذه الانطلاقة الأثر الفعال في نجاح الثورة وتحرير ما يقارب (14) محافظة من بين (18) محافظة ،وقد أصدر حينها الإمام الخوئي بيانين مهمين صدر الأول منهما في الخامس من آذار – مارس –، وصدر الثاني منهما في الثامن من آذار –مارس – 1991 [31]، وقد ألقاه السيد محمد تقي نجل المرجع الأعلى الخوئي (قد)[32] ، و كان السيد الخوئي يحث المجاهدين على القتال وبذل كل ما بوسعهم من أجل إنجاح هذه الثورة وهو القائل : (لو كان صدام خلفي والرصاصة لا تخرق جسمه حتى تخترق جسمي فاقتلوني)، كما قام هو بنفسه بإلقاء المحاضرات والمقالات السياسية في صحن جده أمير المؤمنين (ع) لتوعية الناس ، لأهداف الثورة وأسبابها.

     وكان من بين المقاتلين الذين جاهدوا تحت قيادته ولديه الشهيدين السعيدين "آية الله السيد محمد تقي الخوئي ، وحجة الإسلام السيد عبد المجيد الخوئي "قد ، حيث نزلوا إلى أرض المعركة وحملوا السلاح جنباً إلى جنب مع إخوانهم المجاهدين في الدفاع عن أصالة الإسلام ومقدسا ته ، إلا إن النصر لم يدم طويلاً فقد قام الاستكبار العالمي بدعم المجرم صدام على إفشال هذه الثورة بكل ما يملك من قوة السلاح لأنهم رأوا في انتصار هذه الثورة إنهاءً لمصالحهم التي جاءوا من أجلها والتي ساعدهم عليها صدام الدكتاتور، فقاموا بعمليات إجرامية قاسية ضد الشعب العراقي الأبي ولم يستثنوا في إجرامهم الصغير والكبير والمرأة والرجل ، واليابسة والماء، وكل الكائنات الحية الموجودة في أرض العراق الجريح. يقول السيد محمد باقر الحكيم(قد)[33] عن الموقف النضالي للسيد الخوئي(قد) ما نصه { ثم نجد في انتفاضة الخامس عشر من شعبان التي عبر فيها الشعب العراقي المسلم عن موقفه الواقعي والحقيقي تجاه حزب البعث الكافر، إن الوجه المجمل لهذه السيرة كان أيضاً مرجعاً من مراجع الإسلام ، ذلك هو آية الله العظمى الإمام الخوئي (قد) هذا الإنسان الذي كان بحراً في العلم ولا يمكن لأي أحد من الناس أن يشك في علمه وعمقه وسعته في تناوله لمختلف الموضوعات ، وكان مربي العلماء وأستاذ المجتهدين ، لكنه مع ذلك قام بوظيفته الشرعية عندما تصدى لقيادة الأمة في هذه الانتفاضة "الانتفاضة الشعبانية المباركة"وتحمل في سبيل هذه الوظيفة مختلف ألوان الأذى والاضطهاد ، حتى إنني لا زلت أتذكر تلك الرسالة الشريفة التي أرسلها الإمام الخوئي(قد) على يد بعض العلماء عندما جاءوا إلى قم وطلبوا لقاءاً خاصاً وكان اللقاء من أجل إبلاغ هذه الرسالة التي كان يقول فيها لهذا العالم : قل لفلان "أي السيد الحكيم " إنني قد بذلت كل ما في وسعي من أجل هذا الأمر وهذا ما أستطيعه. وأنا أتصاغر كثيراً (السيد الحكيم) أمام مثل هذا الكلام ، ولا أعني شيئاً أمام هذا الإنسان العظيم ، ولكن أشعر في الوقت نفسه أن الآلام والمعاناة التي كان يتحملها هذا الإنسان العظيم ، دعته أن يعبر عن هذه الآلام بهذه الطريقة لإنسان لا يمثل سوى تلميذاً من تلامذته (قد) }.

موقفه في حفظ الحوزة العلمية :

     لقد قضى الإمام الخوئي معظم حياته الشريفة في الدرس والبحث  فكان يستغرق جميع  حالاته وأوقاته في بذل العلم ونشره ، وكان أيضاً لا ينفك عن مباحثة العلماء ومشاطرتهم بما يبهرهم ويفوق عليهم بالرأي والدليل  والاطلاع في كل فن ، لذلك يعتبر الإمام الخوئي من أهم مفاخر وأساطين الحوزة العلمية في النجف الأشرف وقم المقدسة ، بحيث إذا تعطل بحثه يوماً ما تأثرت له الدراسة فيها تأثرّاً واضحاً وقد وصفه المحقق الكبير الشيخ محمد جواد مغنية (ره) بقوله :(إن الإمام الخوئي(قد) كالشمس ترسل أشعتها في كل زمان ومكان ، إنه أستاذي وأستاذ العلماء في النجف الأشرف والقطب الذي تدور حوله الحركة العلمية ، ولولا وجوده ووجود قلة من أهل التحقيق والتدقيق لأخذ العهد الذهبي للنجف الأشرف بالأفول (لا سمح الله) فقد لبث زماناً يتعلم ويعلم ويخرِّج العلماء ويناقش الجدد منهم ، أما أسلوبه في الجدل والنقاش فهو أسلوب سقراط الحكيم ، يتجاهل ويتظاهر بالتسليم لقول الطرف ثم يعرض عليه الشكوك والتساؤلات ويتصنع الاستفادة والاسترشاد حتى إذا أجابه المسكين ببراءة وسذاجة أنقض عليه وانتقل به إلى حقائق تلزم أقواله ويوقعه في التناقض من حيث لا يشعر ، ويحمله قهراً على الاعتراف بالخطأ والجهل أو ورود الإشكال) .

     وقد قال فيه المرجع الديني السيد محمد رضا الكابايكاني(قد) : كان مناراً للعلم والتقوى وسلطان للفقاهة والإفتاء حقاً، وقد قال فيه أيضا العلامة المحقق الدكتور حسين علي محفوظ:(وكان مجلس درسه في مسجد الخضراء يمتلىء بالمجتهدين والافاضل والفحول وهم مئات ،وكان يحرص في أبحاثه ومحاضراته واماليه وفتاويه ودروسه على الفصاحة والبلاغة والبيان والدقة في التعبير والتحرير،ومن عجائب الآفاق في ضبط التاريخ بالأحرف وهو حساب الجمل والتاريخ بابجد) .

    أما علاقته مع تلاميذه : فكان الأب النصوح والمعلم المربّي حيث شهد له تلاميذه بالعلمية الفائقة والمنزلة الرفيعة والأخلاق الحسنة ، وممن شهدوا له بذلك هو تلميذه الأستاذ السيد الشهيد محمد باقر الصدر(قد) ضمن استفتاء[34] وجه إليه ما نصه { السيد محمد باقر الصدر(دام ظله) من المعلوم لدينا علاقتكم الروحية منذ القديم مع سماحة آية الله العظمى المرجع الديني الأعلى السيد الخوئي(دام ظله) لكن هناك بعض المسموعات التي أوجبت الإجمال مما استدعي أن نتوجه إليكم بالسؤال مباشرة عن هذا الموضوع والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته ؟.

    بسم الله الرحمن الرحيم :" إن هذا السؤال الذي تتفضلون بتوجيهه لي يوجب شكري من ناحية إذ تتيحون لي بذلك فرصة للتعبير عن واقع يعيش في نفسي ويؤلمني من ناحية أخرى ألماً شديداً لأنه يوحي بأن العلاقة هي من أشرف وأطهر وأقدس العلاقات في حياتي وكأنها عرضة الشك والجمال وهي علاقتي بسيدنا وأستاذنا وسندنا وسنادنا آية الله العظمى الإمام الخوئي( دام ظله الوارف) هذا العلم ولأن كنت قد حصلت من هذه النعمة على شيء من هذه النعمة فإن فضل ذلك يعود إليه فلست إلا ثمرة من ثمرات وجوده وفيضه الشريف وولد من أولاده الروحيين وإذا كان هناك من يحاول غض النظر عن هذه الحقيقة أو ينسب هذا النقص لي أما لأجل حرف قلب الأب عن أبنه أو لأجل استغلال مكانة هذا الابن بتأثير على المقام الأعلى للأب فاني اغتنم فرصة سؤالكم الكريم لأقول لكم بكل وضوح إني أتعامل مع السيد الخوئي(دام ظله) وسأضل كذلك كما يتعامل الابن مع أبيه والتلميذ مع أستاذه والطالب مع مرجعه وقد نوهت بذلك مراراً للناس وللطلبة وللمسئولين ولا أرضى عن أي شخص إلا إن يعترف بذلك ويتعامل معي ومعه(دام ظله)على هذا الأساس وإذا أراد شخص إن ينوه باسم هذا الجانب فليعلم إن مما يزعجني اشد الإزعاج أن يخرج هذا التنويه عن مقتضيات علاقته بين الابن وأبيه والتلميذ وأستاذه وكل خروج عن هذه المقتضيات مناقض لسلوكي وتعاملي وقد جرى ديدن العلماء على التمييز بين الأمرين بين الإفتاء وإبداء ما يتضمن ذلك لمن يحتاج إليه عمله الديني الشخصي وبين الالتزام بمتطلبات المرجعية وصيانتها ونحن نرى لزوم التمييز بين هذين الأمرين فلا يجوز الخلط بينهما ولا يجوز مس مقام المرجعية العليا ولا يجوز أي عمل يقصد به تفتيت شمل المجتمع للمؤمنين على مرجعيتهم العليا وتمزيق كلمتهم واني ابتهل إلى المولى سبحانه وتعالى إن يمتعنا بدوام وجود السيد الأستاذ والاستظلال بظله الوارف والقيام بواجب البنّوة له والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته".

     إن السيد الخوئي(قد) كان مؤيداً للشهيد الصدر(قد)في اغلب مواقفه الخالدة فهو كان يعاضد ويساند السيد الصدر،حتى انه قال كلمته المشهورة أمام طلبته ومنهم الشيخ آية الله العظمى جواد التبريزي (قد):

(لو لم يعط السيد أبو جعفر دمه لأعطيت دمي لأيقاظ الأمة من غفلتها)،ألا انه(قد)من جهة أخرى كان يحافظ على البقية الباقية من الجماعة الصالحة التابعة لمذهب أهل البيت(ع)،حيث انه كان يرى إن مداد العلماء في مثل هذه المرحلة بالذات خير من دماء الشهداء.

     أما سبب وفاته ودفنه سراً فقد أثيرت عدة تساؤلات حول سبب وفاة الإمام الخوئي ،فقد كان السيد (قد) يتمتع بصحة جيدة قبيل وفاته ،وقد نقل لي ذلك أحد الأشخاص يومها وهو"إمام مسجد كبير في البصرة"  حيث قال انه كان برفقة السيد الخوئي قبل وفاته بساعات قليلة ،إلا انه (قد) قد تم نقله بصورة مفاجئة إلى المستشفى ،ويقول (إمام المسجد) عندما ذهبنا إلى المستشفى لرؤية السيد (قد) اخبرنا أحد أطباء المستشفى وبصورة سرية ان السيد (قد) قد تم حقنه بمادة سامة ، حيث كان ذلك السبب الأساسي لوفاته( قد)،وفي صبيحة اليوم التالي لوفاته ،تناقلت وكالات الإنباء العالمية ومنها الإذاعة البريطانية نبأ وفاة السيد الخوئي (قد) كما نقله لي السيد إمام المسجد تماماً ،والله على ما أقول شهيد !،ومن مظلومية الإمام السيد  الخوئي (قد)الذي كان المرجع الأعلى للشيعة الأمامية بعد وفاة الإمام الحكيم (قد) انه دفن سراً وبدون تشييع حيث انه لم يتم إعلام الناس بنبأ وفاته (قد ) ،أن هذا العمل الجبان ليس بالعمل الجديد على النظام البعثي المجرم البائد ،فقد قتل وعذب الكثير من المراجع والعلماء والناس المؤمنين أمثال (المرجع الديني الشهيد السيد محمد باقر الصدر ، والمرجع الديني السيد عبد الأعلى السبزواري ، واية الله الشهيد السيد محمد تقي الخوئي ، وأية الله الشهيد محمد صادق الصدر ، وآية الله المظلوم السيد محمد مرتضى الحكيم ، وأية الله السيد الحسين بحر العلوم ) والكــثير من العلماء (قد) الذين شاركوا في الانتفاضة الشعبانية عام 1991م تحت قيادة الإمام السيد أبو القاسم الموسوي الخوئي (قد) قد كانوا من تلامذته بحيث تجاوز عددهم أكثر من مائة عالم، لا لذنب إلا لأنهم وقفوا بوجه الظلم والاضطهاد ،الذي مارسه هذا النظام ، فسلام على أرواحهم الطاهرة ، وأسكنهم الله فسيح جناته مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقاً.

    توفي الإمام الخوئي  في مدينة النجف الأشر ف في اليوم الثامن من صفر سنة 1413هـ، الموافق 8/8/1992م ، ودفن في مقبرته الخاصة جوار مرقد أمير المؤمنين(ع) في الغرفة الملاصقة لمسجد الخضراء والمطلة على الصحن الحيدري الشريف ، ما بينه وبين أمير المؤمنين سوى عشرين متراً ، وقد أرخ العلامة الدكتور محمد حسين علي الصغير أبيات شعرية رقمت بالقاشاني على واجهة ضريحه الشريف وهي [35]:  

       لما اصطفينا للهدى مضجع     وأصبح (الخوئي) فيه دفين

       ومن علي قد دنا موقعــــــاً     وهكذا عاقبة المؤمنيـــــــن

       نودي:فاهتز لها مسمعـــــاً     إنا فتحنا لك فتحاً مبيـــــــن

       وانشد التاريخ لما دعــــــا     أزلفت الجنة للمتقيــــــــــن

ولقد تم الفراغ من تسويد هذا البحث الوجيز في النجف الاشرف في يوم الجمعة المباركة 21 /صفر /1429 هـ على يد الفقير إلى الله رزاق مخور داود (أبو باقر الغراوي) .

والحمد لله أولاً وأخرا . وصلّى الله على محمد واله الطاهرين 

الملاحق

الملحق رقم(1)

1. نص فتوى آية الله العظمى الإمام السيد محسن الحكيم (قد) في تحريم الانتماء الى الحزب الشيوعي :

بسم الله الرحمن الرحيم

لا يجوز الانتماء الى الحزب الشيوعي فأن ذلك كفر والحاد أو ترويج للكفر والإحاد أعذكم الله وجميع المسلمين عن ذلك، وزادكم أيماناً وتسليماً.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

                                     محسن الطباطبائي الحكيم

                                        22/  شعبان/  1379هـ  

                                                (الختم الشريف)

2. برقية الامام الحكيم (قد) الى علماء إيران بخصوص الممارسات الظالمة التي اقترفها شاه  إيران بحقهم :

بسم الله الرحمن الرحيم

( إن الحوادث المؤلمة المتوالية والفجائع المحزنة التي ألمت بسماحة العلماء الأعلام والجامعة الروحية في (قم) أدمت قلوب المؤمنين والمتدينين وأوجبت تأثرنا الشديـد ( وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون ) أملي أن حضرات العلماء بأجمعهم ينزحون الى العتبات المقدسة حتى أقولها كلمة صريحة في الدولة ).                                 

                                               محسن الطباطبائي الحكيم

1382هـ

(الختم الشريف)

3. نص فتوى آية الله العظمى الإمام السيد محسن الحكيم (قد) في تأييد جماعة العلماء:

بسم الله الرحمن الرحيم

 ( إن جميع ما أصدره فريق من أعلام أهل العلم بإسم جماعة العلماء في النجف الأشرف ، وما سيصدرونه من النشرات ، وغيرها مما يتضمن الدعوة الى دين الاسلام لهو من أهم الوظائف الشرعية التي يجب القيام بها في سبيل إعلاء كلمة الدين ، وترويج مبادئه الشريفة وتعاليمه المقدسة ، فعلى عامة المسلمين العمل على مؤازرتهم والوقوف الى صفهم ومشاركتهم في تحمل هذه الدعوة الدينية المباركة )

                                              محسن الطباطبائي الحكيم

                                                   27/ ج2/ 1378هـ                                                                                   (الختم الشريف)

 

ملحق رقم (2)

1- نص فتوى الامام السيد ابو القاسم الموسوي الخوئي حول تحريم الانتماء الى الحزب الشيوعي :

بسم الله الرحمن الرحيم

( سبق ان اجبنا عن نظير هذا السؤال إجمالا والتفصيل : إن الشيوعية كعقيدة فلسفية تناقض اصول الإسلام فهي كفر والحاد ، وإنها كنظام اقتصادي واجتماعي تناقض قوانين الإسلام التي يجب على المسلمين كافة الدعوة اليها ، كما يحرم عليهم الدعوة الى غيرها من النظم الاجتماعية لان الإسلام وحده خيرة رب العالمين ورسالة خاتم النبيين [ ومن يبتغٍ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين ] ) .

أبو القاسم الموسوي الخوئي

                                                      1379 هـ

                                                   ( الختم الشريف )  

2. مقتطفات من كلمة الإمام السيد الخوئي (قد) بالنسبة للقضية الفلسطينية :

(إن النكبة التي أصابتنا في صراع المسلمين مع اليهود والقوى الكافرة المتعاونة معهم قد أدمت قلوبنا ، وأن هذا الحق المغتصب يجب أن يسترد على أيدي المسلمين بمختلف قومياتهم وأن يكونوا يداً واحدة في رد كيد اليهود ودحـــرهم متمسكين بقوله تعالى       ( واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا ) كما نوصي حكام البلاد الإسلامية جميعاً بنبذ خلافاتهم واتخاذ موقف حازم موحد تجاه أعداء الإسلام وليطمئن المسلمون العرب الى إخوانهم المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها أن يقفوا جنباً الى جنب في معركتهم هذه ، وعليهم الدفاع عن أنفسهم وكرامتهم ، وينبغي أن نجاهد جميعاً بالغالي والنفيس للدفاع عن كيان الإسلام والقضاء على إسرائيل الكافرة ….).

3. نص فتوى آية الله العظمى الإمام السيد الخوئي (قد) في تأييد جماعة العلماء:

بسم الله الرحمن الرحيم 

( ان النشرات الدينية التي يتولى إصدارها ( جماعة العلماء) والتي أقبل عليها المسلمون في كل مكان ، وعرفوها بأنها دعوة إسلامية خالصة لوجه الله تعالى لهي بلا ريب تستمد دعوتها من القرآن ، وتأخذ أهدافها من تعاليم الدين ، فعلى المسلمين أن يسترشدوا بها أبداً ، وأن يتدبروا حقائقها ويعملوا بما جاء فيها من نواميس إسلامية تسعد حياة المسلمين ، وعليهم أن يدفعوا عنها كل غائلة ، ويجتهدوا في نصرتهم ( إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم ) وأسأل الله تعالى أن يوفق الجميع لذلك ليعيشوا في ظل عدالة الإسلام ونواميسه الخالدة ، وهو سبحانه ولي التوفيق.

                                          أبو القاسم الموسوي الخوئي 

6/رجب/1378هـ                                                             

( الختم الشريف )

4. نص  فتوى الإمام السيد الخوئي (قد) بتحــــــريم الاشــتراك في الاستفتاء العــــــــــام المسمى ( رافراندم ): 

بسم الله الرحمن الرحيم

( الاشتراك في الاستفتاء ( رافراندم) الذي يسبب نقض أحكام الإسلام ، وتحريمه لا يحتاج الى بيان وتحصيل مقدمات بالنسبة لقوانين مخالفة للشرع ولتغيير الواجب لا قيمة لها ، بل أن بقاء واستمرارية واستحالة تبديل وتغيير الأحكام الشرعية هي من أمور الإسلام المسلَّم بها ومن ضرورياته ). 

أبو القاسم الخوئي

   الختم الشريف

5. برقية الإمام الخوئي (قد) إلى علماء إيران بخصوص الممارسات الظالمة التي اقترفها شاه  إيران بحقهم :

بسم الله الرحمن الرحيم

( لقد أبرقنا في بدية هذا الشهر نطالبه بالكف عن حمايته للقوانين الجائرة المناهضة للإسلام ، وإلا فسوف لا يدخر العلماء الأعلام والعالم الإسلامي وسعاً في الدفاع عن المقدسات الإسلامية ، هذه مرة أخرى ـ نعلن بهذه المناسبة ـ إننا سنعمل بآخر ما يجب علينا إذا لم تنبذ هذه القوانين المشؤومة ، وسيكون الشاه وحكومته هم المسؤولون عن نتائج كل ما يحدث )                                          

                                          أبو القاسم الموسوي الخوئي

                                                      8/ذق/1382هـ                   

                                                           ( الختم الشريف )

 بيان رقم (1) 

بسم الله الرحمن الرحيم

أبناؤنا الأعزاء المؤمنون السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

الحمد لله على نعمه وآلائه والصلاة والسلام على أفضل أنبيائه محمد واله(ص).

وبعد لا شك أن الحفاظ على بيضة الإسلام ومراعاة مقدساته أمر واجب على كل مسلم وإنني بدوري أدعو الله تبارك وتعالى أن يوفقكم لما فيه صلاح الأمة الإسلامية أهيب بكم أن تكونوا مثلا صالحا للقيم الإسلامية الرفيعة برعاية الأحكام الشرعية رعاية دقيقة في كل أعمالكم وجعل الله تبارك وتعالى نصب أعينكم في كل ما يصدر عنكم فعليكم الحفاظ على ممتلكات الناس وأموالهم وأعراضهم وكذلك جميع المؤسسات العامة لأنها ملك الجميع والحرمان منها حرمان الجميع ، كما أهيب بكم بدفن جميع الجثث الملقاة في الشوارع ووفق الموازين الشرعية لا المثلة بها لأنها ليست من أخلاقنا الاسلامية وعدم التسرع باتخاذ القرارات غير المدروسة التي تتنافى والاحكام الشرعية والمصالح العامة حفظكم الله ورعاكم لما يحب ويرضى انه سميع الدعاء.

    أبو القاسم الموسوي الخوئي

18 /شعبان المعظم/1411 هـ

(الختم الشريف )    

 بيان رقم (2)

 بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين وبه نستعين وصلى الله على محمد واله الطاهرين وبعد:فان البلاد تمر في هذه الأيام بمرحلة عصيبة تحتاج فيها إلى حفظ النظام واستتاب الأمن والاستقرار والإشراف على الأمور العامة والشؤون الدينية والاجتماعية تحاشياً من خروج المصالح العامة عن الإدارة الصحيحة إلى التسيب والضياع.

من أجل ذلك نجد أن المصلحة العامة للمجتمع تقتضي منا تعيين لجنة عليا تقوم بالإشراف على إدارة شؤونه كلها بحيث يمثل رأيها رأينا وما يصدر عنها يصدر عنا، وقد اخترنا لذلك نخبة من أصحاب الفضيلة العلماء المذكورة أسماؤهم أدناه ممن نعتمد على كفاءتهم وحسن تدبيرهم،فعلى أبنائنا المؤمنين إتباعهم وإطاعتهم والانصياع إلى أوامرهم وإرشاداتهم ومساعدتهم في انجاز هذه المهمة.

نسأل الله عز وجل أن يوفقهم لأداء الخدمة العامة التي ترضيه سبحانه وتعالى ورسوله(ص) ،الله ولي التوفيق وهو حسبنا ونعم الوكيل.

 والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته 

1- السيد محيي الدين الغريفي ،2- السيد محمد رضا الخلخالي     3 - السيد جعفر بحر العلوم،4- السيد عز الدين بحر العلوم         5 - السيد محمد رضا الخرسان،6- السيد محمد السبزواري،      7- الشيخ محمد رضا شبيب الساعدي،8- السيد محمد تقي الخوئي. 

النجف الأشرف في العشرين من شهر شعبان المعظم سنة 1411 هجرية .

ملحوظة: لقد تقرر إضافة السيد محمد صالح السيد عبد ا لرسول الخرسان إلى اللجنة المذكورة أعلاه[36].

                                      أبو القاسم الموسوي الخوئي

21 /شعبان المعظم/1411 هـ 

(الختم الشريف )     

المصادر

1. القرآن الكريم 

2. الحوزة العلمية ـــ آية الله المجاهد السيد الشهيد محمد باقر الحكيم . قم ـــ دار الحكمة ط1 سنة 1424هـ.

3.  مرجعية الإمام الحكيم ـــ آية الله المجاهد السيد الشهيد محمد باقر الحكيم . قم دار الحكمة ط1 سنة 1424هـ.

4.  المرجعية الدينية للمرجع الديني آية الله العظمى السيد محمد سعيد الحكيم (دام ظله)  .

5. لمحات من حياة الإمام السيد الخوئي (قد) ـــ هاشم فياض الحسيني ، بيروت ــ دار الإسلامية ط1 1417هـ.

كيم . دار الهلال ، ط1 سنة 1424هـ.

6. فقه الحضارة ، أ . د محمد حسين الصغير

7. أساطين المرجعية العليا المعاصرين  أ . د محمد حسين الصغير

8. حديث الانطلاق ، حميد الانصاري،قم المقدسة ، 1992م.

9.مواهب الرحمن في تفسير القران ، السيد عبد الاعلى السبزواري ،لبنان،1996 م.

10.معجم رجال الحديث،السيد أبو القاسم الخوئي،بيروت،1988 م.

11.تقريرات المباحث الاصولية،الشيخ محمحد اسحاق الفياض،النجف الاشرف،1989 م.

12.مجلة النور،مؤسسة الإمام الخوئي ، 2004 لندن .

[18]  راجع كتاب (معجم رجال الحديث) 23/20-25،للسيد الخوئي (قد).   

[19]  للسيد الخوئي جملة من المبتكرات الأصولية التي لم يسبق إليها إبداعا والتي لم يسبق لغيره من العلماء الانفراد بها كما قدر له ذلك ومن هذه الشذرات :- مبنى تحقق الأعلم ، مضافاً إلى المباني الأخرى التي ترشح المرجع الأعلى للطائفة الإمامية في العالم …الخ، من الابتكارات الأصولية الدقيقة راجع(أساطين المرجعية العليا المعاصرين-ص153-ص159،الدكتور محمد حسين الصغير،وكذلك راجع المباحث الأصولية لتلميذه آية الله العظمى الشيخ محمد إسحاق الفياض(دام ظله) . 

[20]  لمزيد من التفاصيل راجع ملحق رقم(2) استفتاء 1،في نهاية البحث

[21] لمزيد من التفاصيل راجع ملحق رقم(2) استفتاء 2،في نهاية البحث ، حول نص الكلمة التي صرح بها الإمام الخوئي لوكالات الأنباء الإسلامية حول القضية الفلسطينية .

[22] راجع نص الفتوى الخاصة بتأييد جماعة العلماء في الملحق(2) استفتاء 3 في نهاية البحث.     

[23]  راجع ملحق رقم (2) استفتاء(4)،في نهاية البحث والتي أصدرها الإمام الخوئي (قد) ضد هذا الاستفتاء .

[24]  والمشروطة هي أن يكون الحكم مشروطاً ومقيداً بدستور إسلامي ومجلس وطني ، وترك العمل الفردي الاستبدادي.

 25]  راجع ملحق رقم (2) استفتاء 5 ،في نهاية البحث،والتي رفعها السيد الخوئي إلى حكومة الشاه الظالم.

[26] تناقلتها بعض الصحف العراقية كجريدة الثورة والقادسية سنة 1982م.

[27] تناقلتها بعض الصحف الإيرانية سنة 1982م،نقلاً عن حجة الله الشيخ الفردوسي (مقابلة شخصية مع الباحث).

[28] كتاب حديث الانطلاق ،حميد الأنصاري .

[29]  الشيخ الميرزا علي الغروي(قد) : وهو من أكابر العلماء ومرجع ديني معروف له مواقف جهادية ضد الأنظمة الفاسدة والقوى الاستعمارية ، تعرض لعدة محاولات اغتيال من قبل النظام البعثي البائد ، حيث اغتالته هذه العصابة المجرمة وذلك عند ذهابه لزيارة سيد الشهداء الإمام الحسين (ع) على الطريق بين النجف وكربلاء ، في 19/6/ 1998م ، له موقف جهادية كثيرة ضد الاستكبار والعملاء حيث كانا ( الشيخ البروجردي والشيخ الغروي ) يعملان تحت قيادة الإمامين العظيمين ( الإمام الحكيم والإمام الخوئي) للدفاع عن القضايا العليا للإسلام ضد المستعمرين والعملاء الخونة ، فأصبـحوا رمزا من رموز الشهداء ( رضوان الله تعالى عليهم ).

[30] الشيخ مرتضى البروجردي (قد) : وهو أحد المراجع العظام في النجف الأشرف له مواقف جهادية كثيرة مع الأنظمة الظالمة والاستكبار العالمي ، تعرض لعدة عمليات اغتيال من قبل النظام البعثي البائد منها ثلاث محاولات لاغتياله وهو في طريقه لأداء صلاة الصبح في مرقد الإمـام علي(ع)، وهو رغم كل هذه المحاولات لم يتخلَ عن واجبه الشرعي لنصرة دينه ومذهبه ، وقال كلمته المشهورة {إن القوم"حزب البعث" يريدون أن يمنعونني من الصلاة ولكن هيهات لما يريدون }، ولقد استشهد (قد) على يد جلاوزة النظام البعثي في مدينة النجف الأشرف قرب معشوقه وحبيبه وشفيعه وإمامه أمير المؤمنين (ع) في 22/4/ 1998م .  

[31] راجع ملحق رقم (2) بيان رقم (1،2)في نهاية البحث.

[32] راجع مجلة النور العدد 161 تشرين1/ 2004 صفحة (62 – 63) .

[33]  كتاب الحوزة العلمية ص 10.للسيد محمد باقر الحكيم

 [34]للاطلاع على هذا الاستفتاء  راجع مكتب أية الله العظمى الشيخ الفياض    (دام ظله الوارف)) قسم الاستفتاءات. 

[35]  لمزيد من التفاصيل راجع كتاب (فقه الحضارة ص42) ،للدكتور محمد الصغير.

[36] (في اليوم الثاني من تاريخ البيان).

 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


د . رزاق مخور الغراوي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2014/12/03



كتابة تعليق لموضوع : من عظمـــاء العصـــر الحديـــث "الحكيم والخوئي قده "
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net