صفحة الكاتب : نزار حيدر

قِراءات في كتاب (ثُلاثيّة الكَرامة الانسانيّة)
نزار حيدر

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

  في اُمسيةٍ ثقافيةٍ رائعة عقدها المركز الثقافي العراقي في واشنطن يوم أمس الجمعة، وقدّم لها شيخ الجالية العراقية و (الاب الروحي) لها كما يصفه العراقيون الدكتور عبد الصاحب هاشم، وحضرها نُخبة من السّيدات والسّادة المثقفين والأكاديميين العراقيين في مقدمتهم سعادة سفير جمهورية العراق في الولايات المتحدة الأميركية الاستاذ لقمان الفيلي، قدّمتُ فيها محاضرة عن كتابي الجديد الذي صدر مؤخراً عن العتبة الحسينية المقدسة بعنوان؛
   الحسين (ع) ... عاشوراء... كربلاء
   ثلاثيةّ الكرامة الانسانيّة
تحدثت فيها عن الكتاب وفصوله وجوهر الأفكار التي بحثتها فيه، والتي تنطلق كلها من قاعدة (الكرامة) التي خصّ الله تعالى بها الانسان عن سائر مخلوقاته؛ قائلا:
   ان الكرامة الانسانية التي وردت في القرآن الكريم بقوله تعالى؛
{وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَىٰ كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا} تقوم على ثلاثة أسس وهي؛
   الحرية والمساواة والعدالة.
   ولقد أسس الامام امير المؤمنين (ع) لها كواقع اجتماعي واقتصادي وسياسي بعد الفتنة التي تعّرضت لها الامة، فيما أسس معاوية بن ابي سفيان نظاماً هو بالضّد من مفهوم الكرامة لانه يعتمد العبودية والفرض والاكراه من جانب والتمييز والظلم من جانب اخر.
   واستطرَدتُ قائلاً:
   وانّ كل ما جاء بعد عصر التاسيس ذاك، انما اعتمد عليه، واليوم اذ ينتشر الفكر التكفيري الذي يعتمد الفرض والاكراه بالقوة وبالضد من إرادة الناس، فيذبح ويفجّر وينسف ويدمّر، انما هو يعتمد في جوهره على ما أسّس له الأمويّون، فيما يعتمد الفكر المعتدل الذي يتبنى حرية الاختيار كقيمة عليا في النظام السياسي، في جوهره على ما أسّس له الامام امير المؤمنين (ع).
   تأسيساً على هذا الفهم يمكن القول بشكل قاطع بانّ متبنّيات المرجعية الدينية العليا بشأن النظام السياسي الديمقراطي الذي يعتمد الحرية وعلى رأسها حرية الاختيار، والمساواة والعدل والشراكة الحقيقية لكل أبناء الوطن بغضّ النظر عن انتماءاتهم وخلفياتهم الدينية والمذهبية والإثنية وغير ذلك، انما هي متبنيات حقيقية تعتمد ما أسّس له الامام امير المؤمنين (ع ) وضحى من اجله سيد الشهداء الامام الحسين بن علي السبط عليهم السلام.
   ومن هنا تأتي فلسفة الثورة والنهضة الحسينية في عاشوراء في كربلاء والتي حدّد معالمها الامام الحسين (ع) بقوله {وأسير بسيرة جدي رسول الله (ص) وابي علي بن ابي طالب} في ماذا؟ في بعث الروح من جديد بقيمة الكرامة التي اختصّ بها الانسان عندما خلقه الله عزّ وجل، من خلال إحياء قيم الحرية والمساواة والعدالة في المجتمع، والتي سحقها ودمّرها معاوية عندما فرض ابنه يزيد كخليفة للمسلمين بالضد من إرادة الامة وتحدياً لكلّ القيم الانسانية النبيلة التي بُعث من اجل ان يحققها رسول الله (ص) .
   وأضفت:
   صحيح انّ للإسلام وللتاريخ قراءات مختلفة حتى داخل المذهب الواحد، الا ان من مصلحتنا في العراق اليوم تحديداً تبنّي القراءة الأقرب للاعتدال لتساعدنا في بناء مجتمع مدني حضاري متعايش، وليس مهما بعد ذلك مصدر هذه القراءة، المهم انها تساهم في تحقيق الأمن والاستقرار للمجتمع، من خلال القراءات المعتدلة والوسطية، اما القراءات الإرهابية، كذلك بغضّ النظر عن مصدرها، فينبغي ان لا تجد ارضيّة تنمو فيها بالمجتمع لانها تدمّر كلّ فرص التعايش في مجتمع متنوع في كل شيء كالمجتمع العراقي.
   ومن هنا تأتي اهمية وضرورة بل ووجوب تبني قراءات واراء وافكار ومواقف المرجعية الدينية العليا التي اثبتت، خاصة منذ سقوط الصنم في التاسع من نيسان عام ٢٠٠٣ ولحد الان، انها الخيمة الواسعة والكبيرة لكل العراقيين، فهي تدافع عن مصالحهم وخياراتهم وحقوقهم بغضّ النظر عن الانتماء الديني او المذهبي او الاثني او غير ذلك، ولذلك يجد الجميع نفسه تحت هذه الخيمة التي وسعتهم بلا استثناء.
   وفي نهاية المحاضرة قدّم الحضور الكريم عدداً كبيراً من المداخلات والإضافات الفكرية والثقافية الرائعة التي أغنت الموضوع.
   كما قدّم الدكتور محمد الطريحي، مدير المركز الثقافي العراقي في واشنطن، مشكوراً هديّة تذكاريّة ثمينة باسم المركز للدكتور هاشم ولمؤلف كتاب الثلاثية.
   وقد غطّت قناة (العراقية) الفضائية الأمسية، كما اجرت عدداً من الحوارات بينها حوارٌ مع مؤلف الثلاثية.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


نزار حيدر
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2014/12/14



كتابة تعليق لموضوع : قِراءات في كتاب (ثُلاثيّة الكَرامة الانسانيّة)
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net