صفحة الكاتب : فلاح المشعل

الخسارة الكبرى ....!
فلاح المشعل

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

تنزف بلادنا خسائر يومية وشهرية وسنوية ، خسائر بالأرواح والممتلكات والزمن وفقدان الشعور بالمستقبل، خسائر باهظة ، لكنها ليست الخسارة الكبرى..!

يهدر الوزراء الفاسدون المال العام بإنتقام قل نظيره ، تبتلع حيتان الحكومة ولصوصها الكبار نحو( 800) ثمانمئة مليار دولار امريكي ، تنهار الخدمات تحت عناوين تسعة آلاف مشروع وهمي في العراق الفضائي ، وتتبدى الفضائح عن وهم الإدارة وفنون فسادها وسرقاتها التي تلطخ بلادنا بعار لايمحى ، وليس هي الخسارة الكبرى .

نفقد ثلث أرض العراق وزهرة المدن " نينوى " مع آلاف الضحايا ، ومئات الأسرى والسبايا تحت ظل همجية الأرض " داعش " ، ويستباح سكن مليوني نازح مهدد بالجوع والعراء والموت ، ولم تكن أكبر الخسائر ..!

تهبط اسعار النفط ، تهدد ميزانية العباد وتصبح البلاد على حافة الإفلاس، في ظل فشل زراعي وتصفير صناعي واقتصاد متآكل، ومشاريع استثمار أصبحت مثل نفق إضافي للسرقة والإبتلاع الشره ، وتلك بعض الخسارة ..!

الخسارة الأكبر تأتي في هذا الضياع الوطني ، ومظاهره في التشرذم المذهبي والطائفي والعرقي ، فحين تشيد بدور الكرد يغضب منك الكثير من العرب ، وحين تحكي عن حق العربي بإنتقاد فساد بعض الساسة الكرد وافكارهم ، يزعل منك الجمهور الكردي ويشعرون ثمة ثلم لكبريائهم ..، ينفرون منك السنّة بإستياء معلن حين تشيد بموقف الشيعة،يجلدك الشيعة حين تنتصر للسنّة وتتضامن معهم ضد الظلم .

الإنقسامات أو ماتسمى بحكومة المكونات، هي السبب في كل الخسارات التي عصفت ببلادنا ووضعتها على حافات التآكل والتمزق وتنوع عناوين الخسائر .

هيمنة الثقافة الفرعية والإنغلاق الطائفي اوالعرقي اصبحت هي السمة الظاهرة والغالبة التي يكرسها بمهارة عالية سياسيو الطوائف،ويؤكد بقائهم دستورأعور،بعد نحر مشروع ثقافة المواطنة والتشارك الوجداني والنسيج الروحي الواحد .

الخسارة الكبرى تتمظهر في تثبيت قواعد مشروع المحاصصة الطائفية – العرقية، وهي تدور بحلقة شبيه بمراحل التحول الدكتاتوري ، من حزب حاكم وسلطة فاشية الى حكم الفئة ثم سلطة العائلة حتى تنتهي الى حكم الفرد المطلق .

مايحدث في عراقنا ليس بعيد عن ذلك ، بدأت المحاصصة تحت لافتة الحفاظ على المذهب والطائفة، ثم تحولت الى صراع الأحزاب على المال والسلطة ضمن الطائفة الواحدة ، ثم صراع الأفراد والعوائل ضمن الحزب الواحد ، وستنتهي الى نقطة الشروع الأولى في شرع الغاب حيث يسيطر القوي على الضعيف و كل شيء.

المحاصصة جعلت الشيعة يتفرقون، بعد أكثر من الف وثلاثمائة عام من الوحدة والشعور المشترك بالظلم ،كما جعلت السنّة العراقيين ، ولأول مرة في التاريخ ، تابعين لرعاية تركيا أو السعودية أوقطر، وتكون أرواحهم لعبة بيد الأحزاب وتجار السياسة والسكائر والتهريب ، بعد ان كانوا صناع دولة مدنية علمانية تدعى العراق ،كما جعلت الكورد يتوزعون في موالاتهم وإنحداراتهم نحو ايران وتركيا وامريكا ودولا اخرى ... بعد زمن طويل من موالات البندقية وعناق الحرية وشرف القضية ومؤاخاة جبال كردستان .
بناء دولة على اساس ثقافة المكونات العرقية والطائفية، تعني إقامة حرب مفتوحة مع الزمن بين هذه المكونات ، وإذ يبدأ التشاحن والصراع والقتال بدوافع الخلاف الطائفي والعرقي ، فأن عمقه يذهب بإتجاه الإستحواذ على النفوذ والمال والتبعيات الإقليمية والدولية، وقودهم في ذلك، بشر معصوب بالعمى الطائفي والعرقي.

ضياع الإحساس بالمواطنة هي الخسارة الكبرى ، حين تخسر وطنك فتشعر بالغربة واللاهدف، بل أنك معلق بخيط رفيع هو ثقافتك الفرعية والطائفية حيث لاإمتداد لجذرها إلاعند حدودك الشخصية فقط ... تلك هي الخسارة الكبرى .


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


فلاح المشعل
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2014/12/24



كتابة تعليق لموضوع : الخسارة الكبرى ....!
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net