صفحة الكاتب : مصطفى الهادي

مؤامرة التغريب . أعياد يحتفل بها المسلمون . الجزء الأول
مصطفى الهادي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

بحث بمناسبة أعياد رأس السنة الميلادية.
مسلمون ينتقدون ما يقوم به المسلمون من احتفالات تتعلق برموزهم الدينية ويُعلنون الحرب عليهم ، ولكن انظر لهم كيف يحتفلون بأعياد ليست لهم  ولا من صميم عقديتهم في طول العالم الإسلامي وعرضه تُنفق أكداس من الأموال من أجل تغريب هذه الأمة ، وسلخها من واقعها التي تعيشه .
قال تعالى : (( ما يود الذين كفروا من أهل الكتاب ولا المشركين أن يُنزل عليكم من خير من ربكم )) .
ليس العيد لمن لبس الثياب الفاخرة ، بل العيد من آمن بالآخرة .
وسُئل حكيم عن العيد فقال : العيد هو اليوم الذي لا يُعصى به ربنا .
كلمة لابد منها :
أن تعاصر الأحداث وتعاصرك وتكون شاهد عيان عليها وتشاهدك فتعطيك كل خباياها وتجود إليك بكل خفاياها ، تسايرها لحظة بلحظة تسير مع مفرداتها ، وتعاصر جزئياتها ، وتنفعل مع أشخاصها فترى بأم عينيك وتسمع بكلتا أذنيك فتكون شاهد حق ، وناطق صدق ، فلايهمك بعد ذلك تقوّل المغرضين ، وفهاهة المدافعين ، وممن لا يفرق بين الضياء والظلمة عامدا متعمدا همه أن يزيح كل شائبة تشوب معتقده حتى وإن استيقنتها نفسه ، فجحد بها ، ومن هنا فإن وجودي في الغرب ، ولسنوات طويلة اغنت بحوثي التي سارت في هذا الاتجاه ، لأنها لا تنزح إلا من بئرهم ولا تأخذ إلا مما عندهم ، وأن كثيرا من مناقشاتي مع أصحاب هذه المعتقدات دلتني على ان القوم من عتاة المكابرين المعاندين لا يرون إلا ما يعتقدون صم بكم عمي فهم لا يعقلون ، ختم الله على قلوبهم وعلى أبصارهم غشاوة ، كالأنعام بل هم أضل . قست قلوبهم .. فهي كالحجارة أو أشد قسوة ، إن من الحجارة لما يخر من خشية الله وان من الحجارة لما يتفجر منه الأنهار، وحسبنا الله ونعم الوكيل. فهنا أناس كالوهابية هنا.
جاء الإسلام والعادات والعقائد والخرافات والأعياد الوثنية وغيرها موجودة تملأ كل أركان الجزيرة وذلك لوجود الكثير من أصحاب الأديان والأهواء والملل من يهود ونصارى ووثنيين ومجسمة ومشبهة ومعطلة وفلاسفة .. الخ فبدأ الإسلام بعملية التغيير والتشذيب لكل ما يحيط به من تلك المعتقدات الدخيلة على الفطرة الإنسانية ، وكانت عملية شاقة صعبة لولا وقوف السماء وراء دعوة الرسول (ص) وما قدمه الرسول من معاجز تدل على صدق ما جاء به وعجز الناس عن أن يفندوا ما جاء به ، أو الإتيان بسورة من مثله وحتى يوم الناس هذا ، وكانت هناك الكثير من الأعياد المنتشرة في الجزيرة العربية وما حولها ولكننا نرى أن أهل مكة وغيرها من المدن المحيطة بها لم يتأثروا بأعياد اليهود والنصارى بل كانت لهم أعيادهم الخاصة بهم فلم يذكر لنا احد من المصادر التاريخية أن مشركي الجزيرة احتفلوا بعيد من أعياد أهل الكتاب ، فما بال أهل هذا العصر يتّبعون غيرهم شبر بشبر . ولكنها نبوءة سيد الأنبياء والمرسلين محمد الأمين الذي قال ((لتتبعن سنن من كان قبلكم حذو النعل بالنعل شبر بشبر وذراعا بذراع حتى لو دخلوا جحر ضب تبعتموهم. قلنا يا رسول الله ، اليهود والنصارى؟ قال : فمن؟)).(1) فهذا عيد ميلاد رسولنا الكريم (ص)عندما ولد  احتفل الكون بمولده واهتزت الدنيا طربا لطلعته ، وظهرت علامات وآيات كثيرة تدل على ابتهاج الدنيا بمولد سيد الأكوان .الشياطين غُلت، والنيران خمدت ، والإيوان أعمدته ُتهدمت ، والبحيرات غارت ، و أسوار الروم تصدعت ، واضطربت الكهّان وتنبأت، ومُنعت الجن من الصعود للسماء واتخاذ مقاعد للسمع ، ورصدت الشهب لهم .. الخ .
ونبينا العظيم عليه وعلى آله أفضل الصلاة والتكريم ، أمر بأن يُحتفل بيوم مولده كما ورد في بعض الروايات ، وأن الأئمة الأطهار من آله كانوا يظهرون الفرح والزينة في يوم مولده وانتقلت هذه العادة إلى شيعتهم ومحبيهم إلى يوم الناس هذا حيث تنوعت مظاهر الفرح والبهجة في أيام المولد الشريف ، ثم انتقلت هذه الأفراح إلى إخواننا أهل السنة في بداية القرن الرابع واشتد القيام بها في القرن الخامس وخصوصا بعد نهاية الدولة الأموية التي كانت تقتل كل من يعظم شعيرة من شعائر الإسلام الخالدة وخصوصا فيما يتعلق بالرسول (ص) وخليفته علي كما نص على ذلك أكثر من مصدر ، وعند ضعف الدولة العباسية ، وانشغالها بالحروب الداخلية ، بدأ الناس يتنفسون الصعداء ويحتفلون بمناسبات الإسلام الخالدة ومنها إظهار الاحتفال بيوم الغدير الذي بويع فيه الوصي أمير .
فكان الناس يقدمون الكثير من القربات في مثل هذه الأفراح ، من إطعام الطعام وتلاوة القرآن والأذكار وإنشاد الأشعار والمدائح النبوية ولو نظرت في دواوين الشعر لكبار شعراء تلك الفترة لوجدت أن الاحتفال بالمولد الشريف بدأ باكرا جدا ، حتى أن بعض الروايات تروي بأن الرسول (ص) ذبح كبشا وعندما سؤل عن ذلك قال (إنه يوم ولدت فيه).(2 وقد صح في بعض الروايات أن النبي (ص) كان يصوم يوم الاثنين وعندما سأله الصحابة عن علة ذلك قال : (ذلك يوم ولدت فيه). وقد ألف كثير من علماء أهل السنة الكتب في استحباب الاحتفال بعيد المولد النبوي (3)
ولم يذكروه ضمن الأمور المحدثة في الدين أو يعدوه من البدع ولكن حديثا انفرد عنهم الوهابيون حيث اعتبروا ذلك من البدع المحدثة في الدين ، وهم بذلك نسجوا على منوال الأمويين في المنع وحكموا بالشرك والكفر على كل من يحيي ما يتعلق برسول رب العالمين.

وأما الشيعة كما أسلفنا فقد تأسوا برسول رب العالمين ووصيه الأمين ، وآل بيت الرسول (ص) أمناء الشريعة والدين .وكذلك تقبل كبار مراجعنا العظام التهاني والتبريكات بهذه المناسبة العظيمة ، بل أن بعض مراجعنا دأبوا في الحضور لمثل هذه المواليد وحتى فيما يتعلق بمواليد الأئمة المعصومين ، لأن أئمتنا كانوا يظهرون الفرح عندما يولد لهم مولود ويعقون عنه كبشا ويطعمون الفقراء ويتصدقون بوزن شعره ذهبا ، إظهارا لسرورهم بهذا المولود . ويكاد الاحتفال بمولد صاحب العصر والزمان أرواحنا لتراب مقدمه الفدى يضاهي الاحتفال بمولد سيد الأكوان محمد (ص) وذلك لأن المهدي ممن بشر به تعالى في كافة الأديان وانه محيي دين جده العظيم ومن يتحقق العدل على يديه وينتشر السلام في العالم بقدومه .

 

انتهى الجزء الأول ويليه الجزء الثاني

 

المصادر .

1- صحيح البخاري  الباب الرابع عشر الاعتصام بالكتاب والسنة رقم الحديث : 7320
2- )  صحيح مسلم  كتاب الصيام  باب استحباب صيام ثلاثة أيام من كل شهر الحديث رقم 1162 .

3- ألف الحافظ ابن دحية كتاب : التنوير في مولد البشير النذير) وألف شيخ الحفاظ  العراقي كتابا في المولد سماه (المورد الهني في مولد النبي) ، فالعلماء والفقهاء والمحدثون كالحافظ العسقلاني والحافظ السخاوي والحافظ السيوطي وغيرهم كثير ذكروا الروايات فيه ومنها صيام يوم الاثنين كما تقدم.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


مصطفى الهادي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2015/01/03



كتابة تعليق لموضوع : مؤامرة التغريب . أعياد يحتفل بها المسلمون . الجزء الأول
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net