الاقصاء ليس من شيم النبلاء
فؤاد المازني
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
الذهب والماس والجواهر والأحجار الكريمة تعتبر من المواد النادرة والثمينة جداً، كذلك هي الأخلاق والصفات الحميدة تعتبر من أهم مرتكزات الحياة الطبيعية والعلاقات الاجتماعية التي تأخذ بيد الشعوب نحو الرقي والرفعة والتقدم والصلاح متجاوزة في مسيرتها الإعتقادات والديانات السائدة في تلك الدول بإعتبار أن تلك الصفات كامنة ومشتركة بين بني البشر. والمجتمعات الإسلامية يستوجب منها أن تكون سباقة في هذا المضمار لما لها من خصوصية مضافة في تفجير طاقة تلك الصفات الكامنة فيها بإعتبارات الرسالة السماوية التي يعتنقونها تشحذ قواعد الاخلاق والصفات الحميدة والمندوبة لتشع بواكيرها في الوسط النفسي والمجتمعي ، ولكن للأسف لم يأخذ المسلمون من الإسلام وتعاليمه وسيرة النبي الأكرم محمد ( صلى الله عليه وآله وسلم ) إلا النزر اليسير والإطار العام للإسلام والرسالة المحمدية وهذا ماجعلهم بعيدين كل البعد عن المفاهيم الأخلاقية الأصيلة التي دعت لها السماء وجسدتها السيرة النبوية الشريفة وبالتالي أضحت المجتمعات الإسلامية لا تمت الى الإسلام بمضامينه الداعية الى الاخلاق إن لم نقل تعاكسها في الأفعال وهو ما موجود على الساحة الواقعية ، في الوقت الذي نشاهد دول ومجتمعات لا تمت الى الإسلام بشيء ولكن حملها وتعاملها بالأخلاق والصفات الحميدة التي يتضمنها الدين الإسلامي الحنيف جعل منها أقرب الى تطبيق التعاليم الإسلامية من المسلمين أنفسهم . وهذا ما حدا بالقول المأثور على لسان الكثيرين (ذهبت للغرب فرأيت الإسلام ولم أرى مسلمين. وجئت الى العرب فرأيت مسلمين ولم أرى الإسلام).
في كل دول العالم الإنساني المسؤول مهما كان المركز الذي يتقلده يحترم المنصب ويحترم الموجودين من حوله ويقدر عملهم ويشد من إزرهم ليساعدوه في إتمام المهمة المناطة به في مركزه الجديد ولايبخس من عملهم شيء بل يكثف الجهود على تشجيعهم في أداء مهماتهم لترتقي الإنجازات في تلك المؤسسة نحو المستوى المطلوب والطموح نحو الابداعات في التطور الإداري والمهني، هذا ما جرى عليه العرف عند تلك الشعوب في تلك الدول وتعتبر من صفات النبلاء وأعيان الناس. إلا أنه في مجتمعنا الهابط نجد المسؤول عند ترشيحه للمنصب لديه 3 مهمات أساسية حال تسنمه المنصب أولاً: إستبدال طاقم العمل يصل أحياناً الى البواب وعامل الخدمة بطاقم آخر من الحزب والأقرباء والأصدقاء وذوو المنافع المشتركة أي سياسة الإقصاء. ثانياً: تحديث مقر العمل وإستبدال أثاث المكاتب بالتزامن مع تغيير الأشخاص. ثالثاً: إعتبار المؤسسة ملكاً عضوضاً له ولمعيته والعمل على الاستمكان والانتفاع منها بشتى الطرق والأساليب اللامشروعة بطبيعة الحال والهيمنة الكاملة على الدوائر التابعة للمؤسسة التي يترأسها ويمتد الإقصاء لمدرائها بسلسلة متوالية واحدة بعد أخرى لتصبح المؤسسة تابعة لهذا الرمز أو ذاك وبالطبع هذه المؤسسة لم ولن تتقدم خطوة الى الامام بل ستراوح في مكانها إذا ما غضينا الطرف على تدهورها أكثر وأكثر وهؤلاء هم شذاذ الأفاق وحقراء الناس.
الكثير يتشدق قولاً بالإسلام والنبي الاكرم محمد (ص) وأهل البيت (ع) والمذهب والوطن والوطنية وحقوق المستضعفين ولكنه في واقع الحال أبعد ما يكون عنهم وربما معادياً لهم في سلوكه، هؤلاء المتشدقون ماذا يقولون عن سياستهم الاقصائية عندما يتسلم أحدهم منصباً ما؟ يعمد أولاً وقبل البسملة على تحديث مقر عمله وإستبدال جميع أثاثه مع جميع طاقم العمل المتواجد قبله، وكإنما أصبح إستبدال العاملين مقروناً بإستبدال الأثاث. ما هذا الإقصاء ألا تستحون من أنفسكم؟ كونوا عرباً كما تزعمون. فقط أذكركم ومتيقن لن تنفع بكم الذكرى
بعد فتح مكة وقدوم الرسول الأكرم محمد ( ص ) اليها وقال لأهلها إذهبوا فأنتم الطلقاء جاء الى الكعبة المشرفة لزيارتها وبيده مفاتيحها وكان عمه العباس صاحب السقاية معه فقال للنبي الأكرم (ص) يارسول الله أعطني مفاتيح الكعبة لتكون لي السقاية ومفاتيح الكعبة . فقال له رسول الله (ص) من هو سادن الكعبة فقال له : إنه (عثمان بن طلحة بن أبي طلحة القرشي العبدري ) فطلبه وجاء اليه عثمان ولم يكن قد أسلم بعد وسأله رسول الله (ص) : أأنت سادن الكعبة . فقال : نعم . فقال له رسول الله (ص) خذها ولتبقى مفاتيح الكعبة عندك فأنت أحق بحملها ... هذه أخلاق الرسالة المحمدية وهذا هو النبل ياشذاذ الآفاق وعبدة الدينار والمنصب
قناتنا على التلغرام :
https://t.me/kitabat
فؤاد المازني

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat