صفحة الكاتب : حيدر الحد راوي

تأملات في القران الكريم ح257 سورة النور الشريفة
حيدر الحد راوي

 
بسم الله الرحمن الرحيم

وَأَنكِحُوا الْأَيَامَى مِنكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِن يَكُونُوا فُقَرَاء يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ{32}
الآية الكريمة تأمر بنكاح الايم (  وَأَنكِحُوا الْأَيَامَى مِنكُمْ ) , والايم العزب ذكرا كان او انثى , بكرا او ثيب , (  وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ ) , يختلف المفسرون في (  وَالصَّالِحِينَ ) , فمنهم من يرى انهم المؤمنون , والبعض الاخر يرى انهم الصالحون للزواج , من غير عيب او علة تحول دون ذلك , (  إِن يَكُونُوا فُقَرَاء يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ ) , النص المبارك في محل رفع المعنويات للزواج , فيحث الفقراء الذين يمتنعون عن الزواج لفقرهم ليدفعهم اليه , مع وعد منه جل وعلا لهم بالغنى والسعة , (  وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ) , وهو جل وعلا (  وَاسِعٌ ) , لا تنفد نعمه , (  عَلِيمٌ ) , بعباده , فيوسع عليهم ويبسط لهم الرزق وفقا لمقتضيات حكمته جل وعلا .

وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحاً حَتَّى يُغْنِيَهُمْ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتَابَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْراً وَآتُوهُم مِّن مَّالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ وَلَا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاء إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّناً لِّتَبْتَغُوا عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَن يُكْرِههُّنَّ فَإِنَّ اللَّهَ مِن بَعْدِ إِكْرَاهِهِنَّ غَفُورٌ رَّحِيمٌ{33}
تنعطف الآية الكريمة مسلطة الضوء على فئة لا تجد ما تتزوج به (  وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحاً حَتَّى يُغْنِيَهُمْ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ ) , وهم الذين ليس لديهم المهر او لا يملكون المال الكافي للزواج , فيأمرهم النص المبارك بالعفاف والابتعاد عن ما حرم الله تعالى كالزنا واللواط , حتى يأتيهم الفتح فضلا منه جل وعلا , فيتزوجوا , (  وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتَابَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ) , وهم العبيد والاماء القادرين على العمل او ممن لديهم حرفة او صنعة , (  فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْراً ) , يأمر النص المبارك بمكاتبتهم ان كانوا من ذوي الايمان والامانة , وصيغة المكاتبة كأن يقول المالك لعبده " كاتبتك على ألفين في شهرين كل شهر ألف فإذا أديتهما فأنت حر فيقول قبلت" ,  (  وَآتُوهُم مِّن مَّالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ ) , يأمر النص المبارك مالك العبيد "السيد" ان يمنح العبد الذي كاتبه جزءا من مال المكاتبة , فمثلا لو تكاتبا على خمسة الالف وقبضها السيد منه , فيعيد اليه جزءا منها كألف او الفين مثلا , (  وَلَا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاء إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّناً ) , ينهى النص المبارك اكراه الاماء على الزنا , شريطة (  إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّناً ) , والا انتفى الشرط , (  لِّتَبْتَغُوا عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ) , مما كان سائدا في عرب الجاهلية , انهم يجبرون امائهم على الزنا من اجل الحصول على المال , فنهاهم النص المبارك عن كل ذلك , (  وَمَن يُكْرِههُّنَّ فَإِنَّ اللَّهَ مِن بَعْدِ إِكْرَاهِهِنَّ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ) , النص المبارك يعد المكرهات على هذا العمل بالمغفرة والرحمة , بعد انتفاء الاكراه , وقيل ان الآية الكريمة منسوخة بالآية الكريمة { وَمَن لَّمْ يَسْتَطِعْ مِنكُمْ طَوْلاً أَن يَنكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ فَمِن مِّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُم مِّن فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ وَاللّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِكُمْ بَعْضُكُم مِّن بَعْضٍ فَانكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ وَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ مُحْصَنَاتٍ غَيْرَ مُسَافِحَاتٍ وَلاَ مُتَّخِذَاتِ أَخْدَانٍ فَإِذَا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ مِنْكُمْ وَأَن تَصْبِرُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ }النساء25 , اعتمادا على رواية الامام الباقر "ع" ( هذه الآية منسوخة نسختها فإن أتين بفاحشة فَعَلَيهُنّ نصف ما على المحصنات من العذاب ) . "تفسير الصافي ج3 للفيض الكاشاني" .  

وَلَقَدْ أَنزَلْنَا إِلَيْكُمْ آيَاتٍ مُّبَيِّنَاتٍ وَمَثَلاً مِّنَ الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلِكُمْ وَمَوْعِظَةً لِّلْمُتَّقِينَ{34}
تنعطف الآية الكريمة لتبين مؤكدة (  وَلَقَدْ أَنزَلْنَا إِلَيْكُمْ ) ثلاثة امور :
1-    (  آيَاتٍ مُّبَيِّنَاتٍ ) : واضحات الدلالة .
2-    (  وَمَثَلاً مِّنَ الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلِكُمْ ) : مثلا من اخبار الامم السابقة , المؤمنين منهم والكافرين .
3-    (  وَمَوْعِظَةً لِّلْمُتَّقِينَ ) : خصّ المتقين بالموعظة , لانهم الاكثر انتفاعا بها .         

اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِن شَجَرَةٍ مُّبَارَكَةٍ زَيْتُونِةٍ لَّا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُّورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَن يَشَاءُ وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ{35}
نستقرأ الآية الكريمة في عشرة مضامين :
1-    (  اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ) : لعل افضل ما قيل في النص المبارك ما اجاد به الفضل الكاشاني في تفسيره الصافي ج3 ( الظاهر بنفسه المظهر لهما بما فيهما .
وفي التوحيد عن الرضا عليه السلام هاد لأهل السماء وهاد لأهل الأرض قال وفي رواية البرقي هدى من في السماوات وهدى من في الأرض ) .
2-    (  مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ ) : صفة نوره جل وعلا العظيمة الشأن ككوة فيها سراج .
3-    (  الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ ) : وهذا السراج في قنديل الزجاج .
4-    (  الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ ) : الزجاجة كأنه كوكب مضيئ متلألأ .
5-    (  يُوقَدُ مِن شَجَرَةٍ مُّبَارَكَةٍ زَيْتُونِةٍ لَّا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ ) : يوقد المصباح من زيت اشجار الزيتون , ذات النفع الكثير , ( لَّا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ ) , للمفسرين فيها اراء منها :
أ‌)    تقع الشمس عليها حينا دون حين بل بحيث يقع عليها طول النهار فإن ثمرتها تكون أنضج وزيتها أصفى . "تفسير الصافي ج3 للفيض الكاشاني" .
ب‌)    بل بينهما فلا يتمكن منها حر ولا برد مضرين . "تفسير الجلالين للسيوطي" .
6-    (  يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ ) : لشدة لمعان وفرط وميض الزيت يضيء حتى ولو من غير ان تمسه النار .
7-    (  نُّورٌ عَلَى نُورٍ ) : نور متضاعف فإن نور المصباح زاد في إنارته صفاء الزيت وزهرة القنديل وضبط المشكاة لأشعته . "تفسير الصافي ج3 للفيض الكاشاني" .
8-    (  يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَن يَشَاءُ ) : يوفق الله تعالى لنوره من اتبع المسالك الصحيحة المؤدية اليه .
9-    (  وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ ) : الامثال تضرب لتقريب المعنى للأذهان . 
10-(  وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ) : وهو جلا وعلا عليما بكل شيء , المحسوس وغير المحسوس .  

فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَن تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ{36}
تستمر الآية الكريمة في موضوع سابقتها الكريمة (  فِي بُيُوتٍ ) , يختلف المفسرون في النص المبارك فمنهم من يرى : 
1-    متعلق بيسبح الآتي  . "تفسير الجلالين للسيوطي" .
2-    أي كمشكاة في بعض بيوت أو توقد في بيوت . "تفسير الصافي ج3 للفيض الكاشاني" . 
(  أَذِنَ اللَّهُ أَن تُرْفَعَ ) , بالتعظيم , ( وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ ) , بالتوحيد والصلاة والتهجد ... الخ , (  يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ ) , يسبح ويصلى ويهلل له جل وعلا فيها بالغدوات والعشايا بعد الزوال .   
(  في الكافي عن الصادق عليه السلام هي بيوت النبي صلى الله عليه وآله .
وفيه وفي الأكمال عن الباقر عليه السلام هي بيوتات الأنبياء والرسل والحكماء وأئمة الهدى .
والقمي عنه عليه السلام هي بيوت الأنبياء وبيت علي عليه السلام منها ) . "تفسير الصافي ج3 للفيض الكاشاني" . 
 
رِجَالٌ لَّا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاء الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْماً تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ{37}
الآية الكريمة السابقة لم تذكر شيئا عن سكان تلك البيوت , فأفردتهم الآية الكريمة الحالية في آية كاملة , بيانا لعلو قدرهم ورفعة شأنهم , وصفتهم بأنهم  (  رِجَالٌ ) , (  لَّا تُلْهِيهِمْ ) , لا ينشغلون بـ :  
1-    (  تِجَارَةٌ ) : شراء البضائع لغرض المتاجرة , ومنها يتبين لماذا وصفتهم الآية الكريمة بأنهم (  رِجَالٌ ) , لان التجارة مهنة رجالية .
2-    (  وَلَا بَيْعٌ ) : بيع بضائعهم في الاسواق .  
اعمالهم التجارية لا تشغلهم  (  عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاء الزَّكَاةِ ) , وايضا لا يجدون في الصلاة والزكاة عبئا او عائقا لممارسة اعمالهم التجارية , ليس ذاك بل ايضا (  يَخَافُونَ يَوْماً تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ ) , مع ما هم عليه من الطاعة والعبادة يخافون يوم القيامة , حيث تضطرب وتتغير القلوب والابصار من اهواله .     

لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَيَزِيدَهُم مِّن فَضْلِهِ وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَن يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ{38}
حملت الآية الكريمة بين طياتها الجزاء الاوفى لهؤلاء الرجال (  لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا ) ,  افضل ثواب واكثر اجرا مما توقعوا , (  وَيَزِيدَهُم مِّن فَضْلِهِ ) , يزيدهم ثوابا الى ثوابهم واجرا الى اجرهم , (  وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَن يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ ) , له جل وعلا ان يوسع عليهم الاجر والثواب , سعة في الاحسان . 

وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاء حَتَّى إِذَا جَاءهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئاً وَوَجَدَ اللَّهَ عِندَهُ فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ{39}
تنتقل الآية الكريمة لتسلط الضوء على الجهة المقابلة (  وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ ) , الكفار , حيث يرون اعمالهم سراب في ارض مستوية , (  يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاء ) , يتخيله العطشان ماءا , فيهرع اليه , (  حَتَّى إِذَا جَاءهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئاً ) , حتى اذا وصل اليه ووقف عنده , لم ير لذلك الماء من اثر , (  وَوَجَدَ اللَّهَ عِندَهُ  ) , اذا مات الكافر يكتشف ان اعماله تحولت الى سراب , ووجد الله عندها , (  فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ ) , فينال جزاءه العادل , (  وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ ) , لا يشغله جل وعلا حساب عن حساب , مهما كثرت اعداد الخلائق .   
مما يروى في سبب نزول الآية الكريمة أنها نزلت في عتبة بن ربيعة بن امية تعبد في الجاهلية والتمس الدين فلما جاء الاسلام كفر . "تفسير الصافي ج3 للفيض الكاشاني" . 

أَوْ كَظُلُمَاتٍ فِي بَحْرٍ لُّجِّيٍّ يَغْشَاهُ مَوْجٌ مِّن فَوْقِهِ مَوْجٌ مِّن فَوْقِهِ سَحَابٌ ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا وَمَن لَّمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُوراً فَمَا لَهُ مِن نُّورٍ{40}
الآية الكريمة تضرب مثلا اخر لأعمال الكافر (  أَوْ كَظُلُمَاتٍ فِي بَحْرٍ لُّجِّيٍّ ) , ان اعمال الكفار لا يترتب عليها الثواب والاجر يوم القيامة , لذا تصفها الآية الكريمة بالظلمات في بحر عميق , (  يَغْشَاهُ مَوْجٌ مِّن فَوْقِهِ مَوْجٌ ) , نذكر رأيين في النص المبارك :
1-    امواج مترادفة متراكمة . "تفسير الصافي ج3 للفيض الكاشاني" . 
2-    اشارة الى التيارات المائية في باطن البحر , ومن فوقها امواج سطح البحر , قد يعد هذا النص المبارك من نصوص الاعجازات العلمية في القرآن الكريم .   
(  مِّن فَوْقِهِ سَحَابٌ ) , فوق الموج الثاني غيم , قد غطى القمر والنجوم ومنع انوارها , (  ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ ) , ظلمة البحر وظلمة الموج الاول "التيارات المائية" وظلمة الموج الثاني وظلمة السحاب  , (  إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا ) , من كان في ظلمات كتلك , لم يقرب ان يرى يده , (  وَمَن لَّمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُوراً فَمَا لَهُ مِن نُّورٍ ) , يقرر النص المبارك ان من لم يوفقه الله تعالى الى سبل الهداية , فماله من هداية ابدا .

أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُسَبِّحُ لَهُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالطَّيْرُ صَافَّاتٍ كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلَاتَهُ وَتَسْبِيحَهُ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِمَا يَفْعَلُونَ{41}
تضمنت الآية الكريمة سؤالا توجيهيا المخاطب فيه النبي الكريم محمد "ص واله" والمعني عموم الناس , (  أَلَمْ تَرَ ) , الم تعلم , الم تدرك , (  أَنَّ اللَّهَ يُسَبِّحُ لَهُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ) , من التسبيح الصلاة , (  وَالطَّيْرُ صَافَّاتٍ ) , والطير صافات الاجنحة في الهواء , (  كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلَاتَهُ وَتَسْبِيحَهُ ) , كل مخلوق ألهم طريقته بالصلاة والتسبيح , (  وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِمَا يَفْعَلُونَ ) , فيجازي كل بما فعل . 
(  قال بعض أهل المعرفة خلق الله الخلق ليسبحوه فنطقهم بالتسبيح له والثناء عليه والسجود له فقال ألم تر أن الله يسبح له من في السماوات والارض والطير الآية وقال أيضا ألم تر أن الله يسجد له من في السماوات ومن في الارض والشمس والقمر والنجوم الآية وخاطب بهاتين الآيتين نبيه الذي أشهده ذلك وأراه فقال ألم تر ولم يقل الم تروا فإنا ما رأيناه فهو لنا إيمان ولمحمد صلى الله عليه وآله عيان فأشهده سجود كل شيء وتواضعه لله وكل من أشهده الله ذلك ورآه دخل تحت هذا الخطاب وهذا تسبيح فطري وسجود ذاتي ينشأ عن تجل تجلى لهم فأحبوه فانبعثوا إلى الثناء عليه من غير تكليف بل إقتضاء ذاتي وهذه هي العبادة الذاتية التي أقامهم الله فيها بحكم الأستحقاق الذي يستحقه قال وليس هذا التسبيح بلسان الحال كما يقوله أهل النظر ممن لا كشف له قال ونحن زدنا مع الأيمان بالأخبار الكشف فقد سمعنا الأحجار تذكر الله رؤية عين بلسان تسمعه آذاننا منها وتخاطبنا مخاطبة العارفين بجلال الله مما ليس يدركه كل إنسان ) . "تفسير الصافي ج3 للفيض الكاشاني" .

وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ{42}
تقرر الآية الكريمة مبينة :
1-    ان ملكية كل شيء لله تعالى (  وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ) .
2-    (  وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ ) : واليه جل وعلا يعود مصير الخلائق . 




حيدر الحدراوي
 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


حيدر الحد راوي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2015/01/15



كتابة تعليق لموضوع : تأملات في القران الكريم ح257 سورة النور الشريفة
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net