صفحة الكاتب : د . رزاق مخور الغراوي

أثر وخطرالعولمة على الاسرة المسلمة -معالجات منتقاة من شرعة الاسلام المحمدي
د . رزاق مخور الغراوي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

الملخـــــــص

تعد العولمة من أبرز التحديات التي تواجه الأسرة المسلمة، وتهدف إلى إزالة الحدود وإذابة الفروقات بين المجتمعات الإنسانية وشيوع القيم الإنسانية المشتركة التي تجمع بني البشر، وتكون البنية التحتية لسيادة آلية رأس المال دون قيود وآلية المعلومات دون رقابة، حاملة شعار "المصير الواحد للبشرية".

وبالنظر إلى الجانب الاجتماعي للعولمة، نجد أنها تهدف إلى القضاء على بنية الأسرة وهدمها واقتلاعها حتى تتعطل عن إنتاج الأسر المسلمة، ومحو خصوصيتها المميزة على المستوى الأسري، والقضاء على الإسلام من خلال تفكيك الأسرة المسلمة، والبدء بالمرأة باعتبارها الأساس في البناء الأسري.

اننا نعاني اليوم من ارتباك شديد على المستوى تماسك الأسرة المسلمة في تعاملها مع الوافدات الثقافية الجديدة التي باتت تتقاطر علينا من كل حدب و صوب، فالمشكلة في الحقيقة تجاوزت حد الارتباك الى شيء من المعاناة من التفكك و الانقسام الذي يؤثر على العلاقات الأسرية.

ففي مواجهة هذا الكم الهائل من التغيرات الدولية التي يمر بها العالم على جميع المستويات السياسية والاجتماعية والاقتصادية و الثقافية:

 ما الذي سيكون عليه وضع الأسرة المسلمة؟ و  ما هي الآثار السلبية لأفة العولمة على تماسكها؟ وهل سيكون بإمكانها الحفاظ على خصوصيتها التي صمدت على مدى قرون والوقوف أمام هذه الآفة؟

أم أن مصير الأسرة المسلمة مشابها لما تعرضت له الأسرة في الغرب خاصة في مرحلة تسودها العولمة ويقلد فيها الضعيف القوي، أم ان هناك صمامات أمان يمكن للأسرة المسلمة ان تلوذ بها لتجنب الكوارث التي حلت بالأسرة في الغرب؟

 

 

summary

The globalization is one of the major challenges faced by the Muslim family, which aims to remove the border and to dissolve the differences between human societies, and the prevalence of common human values that combine human beings, and the infrastructure for the rule of capital mechanism without restrictions and the mechanism of information without censorship, carrying the slogan "one fate of humanity ".

Given the social aspect of globalization, we find that it is aimed at the elimination of the family and demolished it and uprooted structure, until disrupted the production of Muslim families, and erase privacy distinctive at the household level, and the elimination of Islam by Muslim family dismantling, and start with women –as considered the basis for the family construction.

Today we are suffering from a severe confusion at the level of cohesion of the Muslim family, in dealing with the new cultural migrant, which is now parading us from every side and towards, the problem is in fact exceeded the limit confusion into something of suffering from disintegration and division that affect family relationships.

when faced with this huge number of international changes experienced by the world at all levels of political, social, economic and cultural:
  What it will be a Muslim family situation? What are the negative effects of globalization on the scourge of cohesion? Would it be able to maintain it privacy, which stood for centuries and stand in front of this scourge?
Or that the fate of the Muslim family that resembles suffered his family in the West especially in stage dominated by globalization and mimics the strong weak, or that there are safety valves can be a Muslim family that cut and out to avoid the disasters that befell the family in the West?

 

 

مقدمة

الأسرة هي الخلية الاجتماعية الأولى التي يتكون منها المجتمع؛ فنواة هذه البشرية التي تصل المليارات، هي: تلك الخلية الأولى التي تكونت من الأم والأب اللذين ارتبطا برباط شرعي يقرُّه المجتمع، سواء كان ذلك الرباط مستمَداً من تعاليم الوحي؛ كما في مجتمعات المسلمين وأتباع الأديان السماوية الأخرى أو من أعراف المجتمعات.

 وهي خلية اجتماعية تتكون في ظل شروط معينة وتستلزم منظومة من الواجبات والحقوق بين أطرافها، لكن أهمية الأسرة ليست منحصرة في التكاثر البشري، بل أهميتها تتجاوز ذلك إلى الضبط السلوكي وإقامة المعيار الأخلاقي في ظل تعاهد مستمر من ركنَي الأسرة للأبناء؛ حيث يشرب الأبناء الأخلاق والمبادئ ويغذوا بالثقافة التي توجههم في سلوكهم المستقبل حينما يتعاملون مع بقية أفراد المجتمع.

ولأهمية الاسرة ودورها في بناء مجتمع صالح فقد اعتنت الشريعة الإسلامية بالأسرة غاية العناية في تكوينها ورعايتها بعد ذلك التكوين من خلال منظومة تشريعية دقيقة؛ حتى إنك لترى آيات تنظيم الشأن الأسري في القرآن الكريم تفوق من حيث العدد آيات المعاملات المالية؛ مع كثرة تلك المعاملات وتنوعها، وفي ذلك أعمق دلالة على أن هذه الخلية البشرية تستحق كل هذه العناية والرعاية من الشريعة المطهرة، وإن شئت أن تلمح تلك العناية واضحة جلية، فاقرأها في قوله - تعالى -:﴿ وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ﴾ [الروم: 21] وكأن في وصف هذه الرابطة بأنها آية مزيد إغراء بتأمل جوانب النعمة في هذا الرباط وتلمُّس وجوه الأنس فيه وتدبر الثمرات الدينية والدنيوية، وكلما كان التأمل أعمق كان الاعتزاز بهذا الرباط أوثق والحرص على بقائه متيناً قوياً أشد، ثم يمتد هذا الاعتزاز والتقدير إلى محيط الأسرة الواسع؛ إذ الأسرة في الإسلام لا تقتصر على الزوجين والأولاد فقط، وإنما تمتد إلى شبكة واسعة من ذَوِي القُرْبى من الأجداد والجدات والأخوة والأخوات والأعمام والعمات والأخوال والخالات وغيرهم، ممن تجمعهم رابطة النسب أو المصاهرة أو الرضاع أينما كان مكانهم. ومن لطائف الشريعة المباركة إغراء الأبناء بتقدير هذه العلاقة وتوقير هذه الأسرة من خلال الوعد بحصول البركة والخير في أغلى ما يملك الإنسان من متع الحياة الدنيا، وهما: متعة العمر والمال. يقول صلى الله عليه وسلم: «من أحب أن يُبسَط له في رزقه وينسأ له في أثره فليصل رحمه»[1].
وتكمن مشكلة البحث الحالي  في أن هذه الأسرة أصبحت تتعرض في عصرنا الحاضر لهجمة شرسة من العولمة الغربية التي تعمد إلى تعميم النمط الحضاري الغربي والأمريكي بوجه أخص على كل مجالات الحياة في المجتمعات الإنسانية؛ لتُوجِد نسخة كربونية من المجتمع الغربي باتجاهاته الفكرية وممارساته السلوكية وعاداته في الحياة والعيش ممتدة إلى كل مناحي الحياة: (الاقتصادية والسياسية والثقافية والاجتماعية(.

وتأتي اهمية البحث من عدة امور اهمها:

1)    اعتناء الإسلام بالأسرة عناية بالغة، فقد أعطى كل فرد فيها حقه، وحرص على استقرارها واستمرارها وحفظها مما يقوِّض دعائمها.

2)     أهمية الأسرة في حياة الفرد والمجتمع، فهي اللبنة الأولى في بناء المجتمع الصالح، كما أن لها دور كبير في قوة الأمة وتماسكها.

3)     وجّه دعاة العولمة سهامهم نحو الأسرة المسلمة لفرض الثقافة والهيمنة الغربية عليها، بهدف التخلص من الأسرة؛ لأنها في زعمهم عائق من عوائق التقدم، وسبب في ظلم المرأة وانتهاك حقوقها.

ومن ثم فان البحث الحالي يهدف الى :

1)    توعية المجتمع واطلاعه على ما يدور حوله وما يحدث فيه، فإن ذلك له أثر كبير في صد الهجمات عنه، مما يؤدي إلى ترابطه وتماسكه.

2)    تنبيه المجتمع بأهم الآثار السلبية للعولمة على الأسرة المسلمة.

3)    بيان الوسائل الناجعة لمواجهة خطر العولمة سواء كانت هذه الوسائل من داخل الأسرة أو من خارجها.

ولتحقيق اهداف البحث ،سيتضمن المباحث الاتية:

المبحث الاول : المفهوم العام للعولمة وآثارها على المجتمع

المبحث الثاني: الاثار السلبية للعولمة على الاسرة المسلمة

المبحث الثالث: وسائل مواجهة خطر العولمة على الاسرة المسلمة.

المبحث الاول: المفهوم العام للعولمة وآثارها على المجتمع

 أ)مفهوم العولمة

العولمة كمفهوم مبني على عدة آليات تتحكم فيها مجموعة من الفاعلين ،والعولمة هي ترجمة المصطلح الانجليزي globalization منهم من يترجمها بالكونية و أخرون يدعوها بالشمولية وبمعنى اللغة تعني تعميم الشيء. وعلى حسب التعريف الذي أعطاها لها الصندوق الدولي بأنها تعاون على المستوى الاقتصادي المتنامي لمجموعة دول العالم . وتتخذ العولمة عدة أشكال منها العولمة السياسية وتتمثل في تقلص نفوذ الدول الوطنية تحت تأثير سلطة رأس المال و المؤسسات المالية وهناك أيضا العولمة الاقتصادية وتتجلي في هيمنة التكتلات الاقتصادية العالمية و الشركات متعددة النوعيات و المؤسسات الاقتصادية الدولية كالبنك الدولي ومنظمة التجارة العالمية على اقتصاد العالم .و العولمة الثقافية تظهر فيها سيادة ثقافة العالم المتقدم في جميع نواحي الحياة، وبالنسبة للعولمة التقنية و الاتصالية فدخول العالم في مرحلة الثورة التكنولوجية الثالثة وتأثير هذه الاخيرة في الاقتصاد العالمي .

ب)نشأة ظاهرة العولمة وتطورها في الزمن

العولمة على قول بعض الباحثين بأنها ليست وليدة اليوم بل هي قديمة قدم التاريخ و أنها بدأت مع النهضة الاوربية الحديثة حيث ظهرت المجتمعات القومية ومنذ ذلك الحين أي الوقت بدأت العولمة بالظهور و البعض الآخر من الباحثين يقولون بأنها نشأت في النصف الثاني من القرن التاسع عشر و النصف الاول من القرن العشرين ، وفي السنين الاخيرة عرفت قفزة نوعية بحيث شهدت تطورا كبيرا . وساهمت في ظهور العولمة عدة أحداث ووقائع اقتصادية في نشأنها.

ج)الاليات الاقتصادية للعولمة

تتمثل في آليات مالية في فتح الحدود في وجه الاستثمار وتدفق الرساميل وتدخل المؤسسات المالية الدولية في برامج الاصلاح الاقتصادي للدول النامية )صندوق النقد الدولي و البنك العالمي ( و الآليات الانتاجية ، وهده الاخيرة تقوم بتشجيع التنافسية بين المؤسسات الاقتصادية اعتمادا على معايير الجودة و احترام المواصفات العالمية وهناك الاليات التجارية هذه الاخيرة تقوم على اجراء سلسلة المفاوضات الدولية من أجل تحرير التجارة وتخفيض الرسوم الجمركية الاليات التقنية لظاهرة العولمة توجد كثير من الوسائل التي ساهمت في انتشار العولمة وتتجلى في مجال المواصلات (المواصلات البرية ، البحرية ، و الجوية ...) وفي مجال الاتصال اختراع القمر الصناعي من أجل الاتصالات العالمية . وبالنسبة للمجال الاعلامي فهو غني عن التعريف فنحن نجد كثير من الوسائل الاعلامية ( الصحافة المكتوبة ، الصحافة الالكترونية ، و القنوات الفضائية ........)

والعولمة مصطلح يعني باختصار : إكساب الشيء صفة العالمية
ويتضمن هذا المصطلح : تذويب الفوارق الدينية والثقافية والوطنية لتحقيق قوة واحدة تحكّم الأرض.
فهي تسعى لإلغاء جميع الفروق بين المجتمعات ، فلا يكون هناك انتماء لأي وطنٍ أو دين أو ثقافة، بل يتحد كله معاً ويتم تذويبه في بوتقة واحدة.. وطن بلا حدود،قرية واحدة،ثقافة ومعلومات واحدة،دين واحد!
وقد يبدو هذا المعنى فيه خير ونشر للسلام على كوكبنا الصغير ، ولكن عند التدقيق نجد أن جميع نظريات وتطبيقات العولمة تنبع من فلسفتها القائمة على تقسيم العالم إلى قسمين : عالم الدول المتخلفة ذات المعدلات العالية في الأمية والفقر والمرض.
وعالم القوى الكبرى ذو الشركات العملاقة ورؤوس الأموال الضخمة والمؤسسات العالمية.
ومن ثم فإن العولمة تعمل على تذويب العالم الضعيف الفقير لصالح العالم القوي الغني تذويباً لا مثيل له وغير مسبوق ، تذويباً شاملا لكل اختلافٍ أو تباينٍ بين الشعوب فتحارب الانتماءات الفطرية للوطن للدين للثقافة ، بل حتى الانتماءات الصغيرة كالانتماء للأسرة .
ومن هنا يتضح أن العولمة ليست نظاماً حياتياً أو اقتصادياً يسهل تحت مظلته عولمة الخبرات والتقنيات ونقل البضائع والخدمات والمعلومات ، وإن كانت هذه الأمور من الوسائل التي تشجعها وتنميها لإيصال سياق ( نظام ) فكري علمي مدروس ومخطط له يهدف للهيمنة والسيطرة من قبل المؤثرين المنتصرين على كوكب الأرض في العصر الحديث .
لذا يمكن القول أن العولمة بالمفهوم المعاصر تعني : ( الأمركة ) ، وهي كما هو مشاهد مكشوف ليست مجرد سيطرة وهيمنة وتحكم بالسياسة والاقتصاد فحسب ولكنها أبعد من ذلك بكثير فهي تمتد لتطال ثقافات الشعوب والهوية والقومية والوطنية وترمي إلى تعميم أنموذج من السلوك وأنماط أو منظومات من القيم وطرائق العيش والتدبير وهي بالتالي تحمل ثقافة ( غربية أمريكية ) تغزو بها ثقافات مجتمعات أخرى ولا يخلو ذلك من توجه استعماري جديد يتركز على احتلال العقل والتفكير وجعله يعمل وفق أهداف الغازي ومصالحه وأكد ذلك الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش حين قال عن الاحتفال بالنصر في حرب الخليج الثانية إن القـــرن القادم ( القرن الواحد والعشرين سيشهد انتشار القيم الأمريكية وأنماط العيش والسلوك الأمريكي) .
لذا حذّر كثير من المثقفين من ثقافة العولمة وعدوها نوعا من الهيمنة الأمريكية في الناحية الثقافية تهدف في محصلتها النهائية إلى تمجيد الجنس وانفلات المرأة تحت ستار التحرر والإباحية وتغيير النظرة العامة تجاه الشواذ .
ويمكننا القول من منظورنا الإسلامي أن العولمة التي تنـزع المرء من انتماءاته وجماعاته التي يستمد منها قيمه وأخلاقه وأعرافه وتزج به منفرداً أعزلا في خضم متلاطم يسيطر عليه أصحاب التأثير العالمي في العصر الحديث بفكرهم وشهواتهم ، فتهدف إلى الوصول إلى كل أحد فرداً ليسهل اقتناصه وهو ذات ما حذّر منه نبينا صلى الله عليه وسلم بقوله : " إنما يأكل الذئب من الغنم القاصية " إذ سيتحول الجيل إلى أفراد "قاصية" بعد نزع انتمائها لدينها ولوازم ذلك من الولاء والبراء ، وانتمائها لوطنها وحقوقه ، ولهويتها ومقتضاها ، وللأسرة ونظامها وقوانينها وعندها يسهل على الذئب اقتناصها وحيدة منفردة !
لذا يحتاج المسلم أن يكون على بصيرة ليهتدي بنور من ربه في هذا العصر الذي كثرت فيه شعارات تحمل ظواهر وبواطن وشاعت فيه مصطلحات حرص مروجوها على استعمال ألفاظ مجملة تحتمل حقاً وباطلا ، وتسارعت فيه المتغيرات ، واشتبهت فيه الأمور وقد حذّر منه الرسول صلى الله عليه وسلم بقوله : " بادروا بالأعمال فتنا كقطع الليل المظلم يصبح الرجل مؤمنا ويمسي كافرا يبيع أحدهم دينه بعرض من الدنيا قليل " .

المبحث الثاني: الاثار السلبية للعولمة على الاسرة المسلمة

يتناول هذا المبحث الاثار السيئة للعولمة ،فهناك عدة اثار سلبية تتركها العولمة على الاسرة عامة وعلى الاسرة المسلمة خاصة ،والتي نعتقد ان اخطرها هي تلك التي تؤثر في فكر ومعتقدات الاسرة المسلمة وعلاقاتها الاجتماعية واخلاقها.

أ‌)       التأثير السلبي للعولمة على فكر ومعتقدات الاسرة المسلمة

 و ذلك من خلال التأثير على مفهوم الزواج، والذي يختلف باختلاف الحضارات، لكنه غالباً ما يتم عبر وسائل الإعلام التي لا تنقل سوى المفهوم الغربي للزواج، أو النُسخ العربية منه، والتي لم يختلف فيها المحتوى سوى أنها أصبحت بلسان عربي، وهذه مشكلة في حد ذاتها، فالوسائل الحديثة كالفضائيات والإنترنت تركز دائمًا على أن المرأة مظلومة ومقهورة، وتطالبها بأخذ حقوقها، وهذه فلسفة تُعرض بشكل يومي وينظر إليها الجميع مما يؤدي إلى التنازع على القوامة في الأسرة، وبالتالي كثرة المشاكل ثم تفككها وتشرد الأبناء. كما أن الاتجاه العالمي يصبو نحو إلغاء كلمة (زوج)، وإحلال لفظ (شريك حياة) بديلاً عنه كما تم تناوله سابقا، وشريك الحياة ليس بالضرورة أن يكون بينك وبينه عقد في نظرته وفلسفته، ومصطلحات أخرى يحاولون ترويجها، وقد تم عقد العديد من المؤتمرات العالمية التي أجمعت على حرية الإنسان في الجنس.[1]

   كما  تأثر مفهوم القوامة والولاية الشرعية لرب الأسرة على أولاده وتأديبه لهم وتوجيههم، فهي في نظر العولمة ليست إلا تضييقًا على الحرية الفردية وحرمانًا لها، وإلى مثل هذا المعنى يشير تقرير "قاصرات للأبد"[1]، فالقصد واضح، فالولاية والقوامة الشرعية تعتبران في نظرهم تدخلاً في الخصوصيات، كما في الغرب إذ لا يمكن أن يعترض الرجل - مثلا - على ابنته التي تخرج مع من تشاء، وتصادق من تشاء، بل وأن تحمل حملاً خارج نطاق الزوجية.. فليس للأب أي سلطة ورقابة عليها، وإذا اعترض فالسجن ينتظره، وسيف القانون والعقوبات مسلط على رأسه، فلم يعد له أي سلطان على أولاده، فليس له أن يأمرهم وينهاهم، وربما قال قائل: هذه هي حياتهم ونمطهم الاجتماعي، فنقول: لا بأس، لكن المشكلة أن هذا النمط هو ما يراد عولمته وتعميمه، وهذا ما تبثه ليل نهار وسائل العولمة عبر برامجها وأفلامها، بل وقرارات مؤتمراتها التي تم تناول جزء منها سابقا.

ب)   التأثير السلبي للعولمة على تماسك الأسرة اجتماعيًّا :

فيلاحظ  كثرة المشاكل الزوجية والأسرية الظاهرة الناجمة من الانفتاح السلبي، والتي بدأت تطفو وتظهر على السطح بشكل مخيف ينذر بشر، كما أن المشاكل الزوجية الساكنة كخلايا نائمة تقلق ذوي الاختصاص الأسري.

ومن تأثيرات العولمة السلبية أصبح كثير من الأزواج والزوجات لا يحترمون رباط الزواج الشرعي، والميثاق الغليظ، ويلجئون إلى الطلاق لأتفه الأسباب، فقد زادت نسبة الطلاق في ظل المتغيرات العالمية، وصارت الأرقام مخيفة.

كما أصبحت الكثير من البيوت أشبه بفنادق للإيواء في أوقات الراحة فقط، فهي جميلة بمناظرها وأشكالها وحدائقها، وتوافر الخدمات فيها، لكن سكانها لا يرون بعضهم بعضا إلا قليلا، حتى على وجبات الطعام فلكل منهم فيها موعد، كما أصبح الفرد يعيش في عالمه الخاص به، ولا غرابة فهي نتيجة طبيعية في ظل هذا الركض المحموم لكل أفراد الأسرة ذكورا وإناثًا.

ومن تلك الاثار ايضا، الإغراق في الجانب الاقتصادي العائلي، وانشغال الأبوين في العمل الوظيفي وطلب الرزق وشدة المعاناة المالية، يصحبه استهلاك عائلي محموم، إضافة إلى ضيق مصطلح ومفهوم عمل المرأة الأممي وانتشاره، والذي لا يرى أن عمل المرأة في بيت زوجها، أو في مزرعة والدها مثلا عملا شريفا وإن تقاضت مقابل ذلك حقًّا ماديًّا، بل يراه هضمًا لحق المرأة وحبسا لها، مما أفضى لخروج كثير من النساء من بيوتهن للعمل الوظيفي ولو على حساب الوظيفة الرئيسة لها من رعايتها وعنايتها لبيتها وأولادها وزوجها. فهي قطعا ليست أسيرة، ولكن لما كانت قاعدة انطلاقها ومركز عملها البيت شُبهت بالأسير، وليس في هذا تنقيص لشأن المرأة ولا تقليل لدورها في الحياة، فإن مسؤولية المرأة في بيتها لا تقل عن مسؤولية الرجل في خارجه، بل تفوقه .

ولكن هذا الدور الريادي للمرأة لم يأخذ حقه من التوضيح والبيان، والتشجيع عليه لا من قِبَلِ وسائل الإعلام كتوعية وتثقيف، ولا من قبل الجهات المعنية خاصة في الدول الإسلامية، بل على العكس، كما أنها - الحكومات والدول الإسلامية- تخلت عن دعم الأسرة كمؤسسة تربوية لها أثر كبير في توطيد الأمن والاستقرار. إذًا فهذا المفهوم بحاجة ماسة إلى إبرازٍ إعلامي يُعلي من قيمته، حتى لا يظل في الأذهان دور الأسرة خاصة الأم مرتبطًا بالكنس والطبخ والغسل فقط.. كما يروجه المغرضون، بل هو إدارة لأخطر مؤسسة لبناء المجتمعات الحضارية.

 

 

ج) التأثير السلبي للعولمة على تماسك الأسرة أخلاقياً:

وتتمثل في عولمة مفاهيم وأنظمة تخالف قوانين الأسرة المسلمة المستمدة من الشريعة السمحة، بل هي مفاهيم تتصادم مع الفطر السليمة، والقيم الإنسانية المشتركة، فمثلاً :

– مفاهيم مثل: التراضي بين الطرفين لإقامة علاقة جنسية عابرة لا يعد جريمة أخلاقية، أو خيانة زوجية، إذا الخيانة الزوجية هي التي ترتكب في فراش الزوجية، وأما خارجه فلا تعتبر خيانة.

وأيضاً: المرأة في المجتمعات الغربية تخرج مع من تشاء، وتصادق من تشاء، وتفعل ما تشاء، وبحماية القانون، وليس لأب ولا للزوج حق الاعتراض على شيء.

- كما أن العولمة تهدد النظام الأخلاقي الإسلامي، فمن خلال العولمة يروج للشذوذ الجنسي ويحاول الغرب استصدار قوانين لحماية الشذوذ الجنسي في العالم، ومن أحدث محاولات العولمة محاولة فرض مصطلح جديد يطلق عليه Gender بدل كلمة (sex) يقول الدكتور محمد الركن في مجلة المستقبل الإسلامية: (ومن المسائل الجديدة المستحدثة التي تحاول بعض المنظمات والحكومات الغربية فرضها وإلزام شعوب العالم الأخرى بوجهة نظرهم فيها مسألة تعريف الجنس والأسرة، ومما حداني للحديث حول هذا الموضوع ما شاهدته في المستندات الرسمية، فقد تمت ترجمة الجنس الغربي إلى مصطلح Gender، باللغة الإنجليزية، وهي تنم عن عدم إلمام بما يسعى غليه الغربيون في فرض ثقافتهم على الآخرين، فلفظة الجندر لا تتطابق تمامًا مع لفظة (sex) بل إن لها أبعادًا خطيرًا قلمًا تشبه إليها.
والموسوعة البريطانية تعرف الجندر بأنه : (لقبل المرء لذاته، وتعريفه لنفسه كشيء متميز عن جنسه البيولوجي الحقيقي) .. فهناك من الأشخاص من يرون أن لا صلة بين الجنس والجندر، إذ أن ملامح الإنسان البيولوجي الخارجية الجنسية مختلفة عن الإحساس الشخصي الداخلي لذاته أو للجندر .. بعبارة أخرى أكثر تبسيطًا فأنا الجندر بعبارتهم تنصرف إلى غير الذر والأنثى كجنسين فقط. ونحن لا نعرف ولا نقر في ديننا وثقافتنا إلا بهما، فالجندر تشمل الشاذين جنسيًا من سحاقيات ولواطيين ومنحولي الجنس، إذ أنها ترتبط بتعريف المرء لذاته وهويته وليس بجنسه البيولوجي .. ومن هنا تأتي خطورة المسألة ولهذا نرى في المؤتمرات الدولية تسابقًا محمومًا من المنظومات الغربية وبعض الحكومات الغربية، وخصوصًا الأوروبية لفرض لفظة Gender بدل لفظ (sex) التي تنصرف إلى الذكر والأنثى فقط، وذلك عند الحديث عن حقوق الإنسان أو محاولة التمييز ضد الإنسان أو تجريم أفعال ترتكب ضد الإنسان. وأصبح قانون سَن زواج الشواذ في الغرب جزءا من نظام الأسرة لديهم، وكثير من العقلاء عندهم حتى من الرسميين وأساتذة الجامعات المعارضين للقانون لا يستطيعون حتى مجرد التصريح بالاعتراض فقد أصبح الشواذ قوة ضاربة في مجتمعهم، بل لقد بدأ تعديل مناهج الطب على أن هذا الأمر لم يعد شذوذاً، وأن كل ما أثبتته الدراسات من أضرار وأمراض إنما هو تحامل، بل لقد تم تعديل المصطلح العلمي من شواذ إلى تسميته بـ (زواج المثليين).

 - وأيضًا من القوانين التي أصبحت الأنظمة العالمية تبيحها، وتعترض على من يعارضها: السماح للانتقال من جنس إلى جنس بدون أي مبرر، رغم أنها عملية طبية صعبة ومعقدة.

وهكذا يتضح خطر العولمة في تذويب ثقافة الآخر وإلغاء معتقداته السماوية، وخصوصياته الحضارية، بل ومحاربة أنماط الحياة الأسرية خاصة السائدة في الدول الإسلامية، والمستمدة من الدين الإسلامي الحنيف وشريعته السمحة، وإن لم يتحرك العقلاء فهذه الخصوصيات ستتلاشى وتقل تدريجيًّا من خلال هذا الانفتاح المتسارع الذي تشهده بلاد العالم .

ومن تلك الاثار ايضا،  سوء استخدام وسائل الاتصال الحديثة من انترنت، وما سنجر، وشات، وبلوتوث، ويوتيوب، ونقال ونحوها، مما أشغل عالم الشباب والفتيات بشكل أكبر، وصرفهم عن كثير من الواجبات الأسرية والمدرسية، وباتت هذه الوسائل المؤثر والمرجع الأول لمعلوماتهم وأخلاقهم وسلوكياتهم، وجعل الكثير منهم أسارى غرفهم نومهم الخاصة في كل الأوقات فلا يكاد يرون آباءهم وإخوانهم، بل هم غارقون ولساعات طوال مع الأصدقاء بل ومع المجاهيل في عالم وسائل الاتصالات التي أصبحت تخرق الخصوصيات في البيوتات، وتدخل لغرف نوم الأولاد والبنات دون أي استئذان أو آداب..، فترى كل فرد من أفراد الأسرة يستخدم هذه التقنيات بما يحلو له دون رقيب أو حسيب، فأصبح الكثير من الجيل الجديد يعيش عالمه الخاص به، وكأن هذا رد فعل من الأولاد لانشغال الآباء عنهم.[1]

المبحث الثالث: وسائل مواجهة خطر العولمة على الاسرة المسلمة.

يتناول هذا المبحث بعض الأمور الواجب اتخاذها لحماية الأسرة من أخطار العولمة، سواء اكانت من داخل الاسرة ام من خارجها-أي من المجتمع ،لذا  قسمت على قسمين: أمور تخص قضايا عامة للنهوض بالمجتمع المسلم ككل، وأخرى خاصة بالأسرة المسلمة.

أ) بالنسبة للأمور العامة للنهوض بالمجتمع المسلم:

·        التمسك بالشريعة الإسلامية، التي ارتضاها الله تعالى لنا، فوفقها ننظم حياتنا، ونربي أجيالنا، ونتبصر بحقائق الحياة.

·        تبني المنهج الشمولي في فهم الإسلام، الذي يجمع بين العقيدة، والشريعة، والسلوك، والحركة، والبناء الحضاري، وفق منهج واع، أصولي سليم، يعتمد فقط على العلم والعقل، وهذا يتطلب تغيير حياتنا منطلقين من قوله تعالى: (لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلَا مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَالٍ)[الرعد: 11][1].

·        إعادة النظر في مشكلاتنا الاجتماعية، في ضوء أحكام الشريعة الإسلامية العامة، ومقاصدها، وغاياتها الحكيمة في الحياة أولًا؛ لتحديد مسئولية الأسرة، والمدرسة والجامعة، ومعاهد التعليم، ومؤسسات المجتمع المدني، في القيام بواجباتها في هذا الجانب.

·        إقامة المجتمعات الإسلامية على القاعدة الإيمانية، التي تجمع بين المسلمين جميعًا، دون الالتفات إلى اختلاف اللغة أو اللون أو العرق.

ب)  بالنسبة للأمور المتعلقة  بالأسرة المسلمة:

1)    الاهتمام بتربية الأسرة المسلمة:

و ذلك بتثقيف أفرادها، وتوعيتهم، وتوجيههم من خلال أجهزة الدولة المختلفة، ومن خلال الوسائل، والبرامج التي تشترك جميعًا في تكوين أجيال تشعر بانتمائها الإسلامي، وانتسابها الحضاري للأمة العربية والإسلامية، إنَّها التربية الإسلامية، التي تهدف إلى صياغة الفرد صياغة إسلامية حضارية، وإعداد شخصيته إعدادًا كاملًا من حيث العقيدة، والأخلاق والقيم، والمشاعر والذوق، والفكر، حتى تتكوَّن الأمَّة الواحدة المتحضرة، التي لا تبقى فيها ثغرة تتسلل منها إغراءات العولمة اللادينية، الجنسية، الإباحية.[1]

2)    المحافظة على الأسرة المسلمة من المخاطر الخارجية، وذلك عن طريق:

- كشف سوءات مؤتمرات تحرير المرأة والمساواة للجمهور الإسلامي، وبيان مراميها، ومخالفتها لمقاصد الشريعة، وهذا الدور يقع على عاتق وسائل الإعلام الجادة، والدعاة، وأهل العلم.

- قيام الوزارات، والهيئات، والمؤسسات الإسلامية ـ الرسمية وغير الرسمية ـ بإصدار بيانات تستنكر هذه المؤتمرات وأهدافها الخبيثة، ونشر هذه البيانات، وتغطيتها تغطية إعلامية حتى يتبين الأمر للمسلمين.

- كشف زيغ التيار النسوي العلماني التغريبي في العالم الإسلامي والعربي، وأنه جزء من تيار الزندقة المعاصر، والمدعوم من هيئات مشبوهة خارجية.

- قيام الجهات الخيرية الإسلامية ـ والأقسام النسائية فيها على وجه الخصوص ـ بتحمل مسئولياتها، والتنسيق فيما بينها، للقيام بالحملات الدعوية التثقيفية لمختلف شرائح المجتمع، وإصدار وثيقة للأسرة المسلمة، تؤصَّل فيها الرؤية الشرعية، حول المرأة وحقوقها الأساسية في الإسلام.

- عمل رصد إعلامي جاد لكل فعاليات المؤتمرات الدولية والإقليمية، ومتابعة الخطوات الفعلية لتنفيذ توصيات المؤتمرات السابقة، التي ناقشت قضايا المرأة، وإصدار ملاحق صحفية؛ لبيان الموقف الشرعي من هذه المؤتمرات وتوصياتها.

- ممارسة ضغوط قوية على وسائل الإعلام المختلفة، التي تقوم بالترويج والتغطية السيئة لهذه المؤتمرات، لتكف عن ذلك.

- ضرورة إعادة النظر في خطط تعليم المرأة، بحيث تتفق مع طبيعة المرأة من ناحية، وظروف المجتمع واحتياجات التنمية من ناحية أخرى.

- تكوين هيئات عليا للنظر في كل ما يتعلق بالأسرة من النواحي النفسية، والثقافية، والصحية، وتفعيل دور وزارات التي تعنى بالشئون الاجتماعية، للقيام بدور فاعل للاستجابة لمتطلبات الأسرة المسلمة.

- نشر موقف الإسلام من المرأة والأسرة عالميا، وذلك من خلال مبادرات إسلامية لعقد مؤتمرات عالمية عن قضايا المرأة، والأسرة، وحقوق الإنسان، من منظور شرعي.

- ضرورة العمل على إيجاد مؤسسات نسائية متخصصة، (شرعيًا ـ علميًا ـ تربويًا ـ اجتماعيًا ـ اقتصاديًا)، من شأنها أن تسهم إسهاما جليا في توفير الحصانة الشرعية والفكرية، وفي البناء الدعوي والتربوي للمرأة المسلمة، لتكون قادرة على مواجهة هذا التيار التغريبي الهادر.

- التحذير من مخاطر الغزو الثقافي والإعلامي للحضارة الغربية، التي تتميز أسرها بالتفكك، والتشتت، وغياب الروابط الدينية والأخلاقية والتربوية فيما بين أفرادها، في مختلف وسائل الإعلام.

- وجوب قيام وسائل الإعلام المختلفة المسموعة، والمرئية، والمقروءة، ثم المساجد، ودور القرآن، والمدارس، بالإضافة إلى الجمعيات، والنوادي الثقافية، والتربوية، والدعوية، و المراكز الشبانية بالتوعية بأهمية الأسرة في المجتمع ودورها العظيم.

- الرد العقلاني الموضوعي على الترهات التي يروجها الغرب، وتوجيه الأسرة العربية العملي لمواجهاتها، بدءًا من إنكار أكاذيبهم، والاستعداد لمقاومتها.

 

3)    المحافظة على الأسرة من الداخل وذلك عن طريق:

- إحياء العقيدة الصحيحة داخل الأسرة، وتصحيح العبادة الإيجابية الدافعة إلى فعل الخيرات وترك المنكرات.

- التدريب على الصبر، وإحياء القيم الاجتماعية، والإسلامية داخل الأسرة.

- إعطاء المعلومة الصحيحة والخبرة للشباب حول شروط ومقومات الزواج الناجح.

- عدم تعجيز الشباب في أمور الزواج، وذلك بالمغالاة في المهور، وتكاليف الزواج الباهظة.

- وجوب قيام العلاقة الزوجية على التفاهم، والحوار، والاحترام المتبادل، والتعاون من أجل بناء أسرة متينة، وقوية.

- توعية المجتمع بالبعد الجنسي في موضوع الزواج.

- وجوب طاعة الزوجة لزوجها، من أجل الحفاظ على تماسك الأسرة، والفوز برضوان الله.

- تفعيل دور المرأة الأم، وتثقيفها، وتوعيتها دينيا، وتربويا، واجتماعيا، بأهمية صحة علاقاتها الأسرية السليمة مع زوجها وأبنائها.

- إدراك حقيقة العلاقة التي ارتضاها الرب تبارك وتعالى بين الأفراد داخل الأسرة، وأنها علاقة رحمة وتواد وتكافل، وليس تنافس وأنانية وتآمر.

- مساندة من أرادت العمل من النساء لمنفعة نفسها، وأسرتها، وخدمة مجتمعها، والمشاركة في تنميته، وتشجيعها على الإيجابية، والمبادرات المحمودة.

 

خاتمـة:

 إن الاهتمام بالأسرة كان قديما قدم الإنسان على الأرض، وقد مر بمراحل تطور كبيرة سواء في نظام الأسرة أو في وظائفها ومهمتها التي تعددت من وظائف اجتماعية واقتصادية إلى وظائف سياسية وتربوية.

وجاء الإسلام الذي أحكم الأحكام، وأبقى الحسن من بقايا آثار النبوات وسلامة الفطرة، وألغى السيئ من انحرافات البشر ووضع للأسرة من التشريعات والضوابط ما يجعلها أحد أهم سمات المجتمع الإسلامي، غير أنه لا يمكن أن نفصل فصلا تاما بين الأسرة في القديم والأسرة الإسلامية والأسرة المعاصرة، فقد تأثر كل منها بالآخر، ويبقى أن الأسرة خاضعة لما يفرضه عليها المجتمع من قواعد وقوانين وهي تستجيب لكل ذلك مستسلمة تارة ومقاومة تارة أخرى بحسب ما لديها من مفاهيم وأفكار تتفق أو تختلف مع ما يأتي به المجتمع من تشريعات.

 كثيرة هي المعوقات التي تحول بين الأسرة وقيامها بوظائفها ويبقى أخطر هذه المعوقات انتشار الفساد وإباحية الزنا والاختلاط ونشر ثقافة غريبة غربية تحت ستار العولمة عبر مؤتمرات ومؤامرات دولية مشبوهة، يقوم على إدارتها أناس لهم أهدافهم المشبوهة، وعلى الرغم من كل هذه المعوقات فإن القناعة الثابتة لدينا هي بقاء الأسرة المسلمة واستمرارها، فهي ستبقى على الرغم من كل الهجمات التي وجهت وتوجه إليها حتى الآن يساعدها في ذلك أيضاً الديانات السماوية وأهم هذه الديانات هي الإسلام الذي أعطى النموذج المثالي حكما وعمليا في الحفاظ على الأسرة وبقاء كينونتها، وفي حين أن بقاء الأسرة أحد أسرار بقاء الأمة الإسلامية فإن إهمال الأسرة في الغرب هو القنبلة الموقوتة التي تهدد بزوال حضارة الغرب كلها، وإن من يعادي الأسرة يعادي الفطرة ويعادي الأديان ويعادي حضارة الإنسان التي شادها وشيدها على مر السنين.

وهكذا يتضح من ثنايا البحث، خطورة العولمة على الأسرة المسلمة والمجتمع الإسلامي، وكيف أن الإسلام كفل لنا من الطرق والوسائل ما نحارب به كل وسائل تغريبنا عن ديننا، وإبعادنا عن ثقافتنا، وطمس معالم حياتنا الاجتماعية، ومقاومة تذويبها في الأطر غير الإسلامية وغير الشرعية، و التي يجب التصدي لها، و الوقوف عند أخطارها، لتجنب ما حصل للأسرة في الغرب.

 

قائمة المراجع:

01-       أحمد صدقي الدجاني (1998)، مفهوم العولمة وقراءة تاريخية للظاهرة، جريدة القدس، 6/2/1998م.

02-       أحمد مصطفى عمر (1998)، إعلام العولـمة وتأثيره في المستهلك، ، المستقبل العربي ص72، نقلًا عن مجلة (الإسلام وطن)، عدد 138، حزيران، 1998.

03-       ألفين توفلر، صدمة المستقبل، تر عبد اللطيف الخياط.

04-       باسيل يوسف (1997)، حقوق الإنسان من العالمية الإنسانية والعولمة السياسية، مجلة الموقف الثقافي: العدد 10،1997م، دار الشئون الثقافية، بغداد.

05-       تقرير المؤتمر الدولي المعني بالسكان/مكسيكو،1984م.

06-       تقرير المؤتمر العالمي الرابع المعني بالمرأة / بكين 1995م.

07-       تقرير المؤتمر العالمي الرابع المعني بالمرأة، بكين، 1995م.

08-       تقرير المؤتمر العالمي للبيئة والتنمية، ريودي جانيرو، 1992م.

09-       تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان،ص397.

10-       د.زكريا بشير إمام(2000)، في مواجهة العولمة ، ط1، 2000م، مركز قاسم للمعلومات، الخرطوم، السودان.

11-       د. أحمد مجدي حجازي(1998)، العولمة وآليات التهميش في الثقافة العربية، ص3، وهو بحث ألقي في المؤتمر العلمي الرابع، (الثقافة العربية في القرن القادم بين العولمة والخصوصية) المنعقد بجامعة فيلادلفيا في الأردن في مايو 1998م.

12-       د. السيد أحمد فرج (1986/1407هـ)، الأسرة في ضوء الكتاب والسنة، الطبعة الأولى ، طبعة دار الوفاء، مصر.

13-       د. فؤاد بن عبد الكريم (2006/1427هـ)، الأسرة والعولمة، بحث في التقرير الارتيادي السنوي الثالث الصادر عن مجلة البيان 1427هـ.

14-       د. محمد عابد الجابري (1998)، العرب والعولمة، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت 1998م.

15-       د. محمود فهمي حجازي، مجلة الهلال، عدد مارس 2001، القاهرة .

16-       د.الحسيني سلمان جاد(1997)، وثيقة مؤتمر السكان والتنمية، رؤية شرعية، ، كتاب الأمة عدد 53، السنة السادسة، جمادى الأولى1417هـ.

17-       د/ ابراهيم الدويش، التماسك الأسري في ظل العولمة، مؤسسة نور الاسلام، www.islamlight.net.

18-       صلاح بن ردود الحارثي(2003/1424هـ)، دور التربية الإسلامية في مواجهة التحديات الثقافية للعولمة، جدة، مكتبة السوادي.

19-       القاموس المحيط، (ج 1/ ص 347).

20-       لسان العرب، مادة (أَسَرَ) 1/141.

21-       مجلة "foreign policy " الصادرة في واشنطن - عدد مارس/ أبريل، 2003 م.

22-       محمد إبراهيم المبروك وآخرون (1999)، الإسلام والعولمة، الدار القومية العربية، القاهرة 1999م.

23-       محمد سعيد أبو زعرور(1998)، العولمة، دار البيارق- عمان ، الأردن، الطبعة الأولى 1418هـ - 1998م..

24-       محمد عمارة(2000)، مستقبلنا بين العالمية الإسلامية والعولمة الغربية العروبة العدد15، المنامة البحرين أغسطس 2000.

25-       المعجم الوسيط، (ج 1/ ص 36).

26-       نعيمة شومان (1998)، العولـمة بين النظم التكنولوجية الحديثة، ط1، مؤسسة الرسالة، بيروت 1418هـ- 1998م.

27-       وثيقة مؤتمر الأمم المتحدة للمرأة عام 2000م  للمساواة والتنمية والسلام في القرن الحادي والعشرين  الذي انعقد في ( نيويورك ).

28-       ياسر عبد الجواد (2000)، مقاربتان عربيتان للعوامة، المستقبل العربي، عدد 252، شباط 2000م.

29-       سيار الجميل ، العولمة والمستقبل استراتيجية تفكير، الأهلية للنشر والتوزيع، ط1 عمان، الأردن.

المراجع باللغة الأجنبية :

01-      Bennet , William(2001) The Broken Hearth. Broadway Books. New York. Bork.

02-      Buchanan , P(2002) The Death of the West. ST.Martin's Griffin. New York.

03-      Fr.Ted Colleton, " family Is Key to Social Integration," , Interim, May 1998.

04-      Robert (2003) Slouching Toward Gomorrah. Reganbooks. New York.

05-      Stiles, Paul (2005) Is the American Dream Killing You. Collins New York.

06-     WEBSTERS NEW COLLEGIATE DICTIONARY، 1991.

المواقع الالكترونية:

01-        www.khayma.com

02-        www.freemuslim.org

 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


د . رزاق مخور الغراوي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2015/01/22



كتابة تعليق لموضوع : أثر وخطرالعولمة على الاسرة المسلمة -معالجات منتقاة من شرعة الاسلام المحمدي
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net