صفحة الكاتب : حيدر الحد راوي

تأملات في القران الكريم ح 260 سورة الفرقان الشريفة
حيدر الحد راوي

للسورة الشريفة كثير من الخصائص والفضائل منها ما جاء في كتاب ثواب الاعمال عن الكاظم عليه السلام : من قرء هذه السورة في كل ليلة لم يعذبه الله ابدا ولم يحاسبه وكان منزله في الفردوس الأعلى اللهم ارزقنا تلاوته .

بسم الله الرحمن الرحيم

تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيراً{1}
تستهل الآية الكريمة بـ (  تَبَارَكَ ) , كثر خيره جل وعلا , (  الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ ) , الفارق بين الحق والباطل , (  عَلَى عَبْدِهِ ) , الرسول محمد "ص واله" , وهنا وصفه الباري جل وعلا بالعبد لعدة اسباب منها :
1-    ان النبي الكريم محمد "ص واله" اختار ان يكون عبدا نبيا .
2-    محله "ص واله" في الآية الكريمة محل عبودية , لا محل رسالة .  
(  لِيَكُونَ ) , الفرقان او العبد "محمد – ص واله-" , (  لِلْعَالَمِينَ نَذِيراً ) , للجن والانس , منذرا مخوفا بعذاب الله .     
( سئل ابا عبدالله "ع" عن القرآن والفرقان هما شيئان او شيء واحد ؟ , فقال "ع" القرآن جملة الكتاب والفرقان المحكم الواجب العمل به ) . "تفسير البرهان ج4 للسيد هاشم الحسيني البحراني" .
 
الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً وَلَمْ يَكُن لَّهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيراً{2}
تستمر الآية الكريمة (  الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ) , خلقا وملكا وتدبيرا ...الخ , (  وَلَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً ) , كما ادعى اليهود والنصارى , (  وَلَمْ يَكُن لَّهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ ) , كما ادعى العرب والثنوية , (  وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيراً ) , سواه وصنعه وفقا لما يناسبه , كالشكل والحجم ... الخ , حسب ما تقتضيه حكمته جل وعلا  .
( عن الرضا عليه السلام قال تدري ما التقدير قيل لا قال هو وضع الحدود من الآجال والأرزاق والبقاء والفناء تدري ما القضاء قيل لا قال هو إقامة العين ) ."تفسير الصافي ج4 للفيض الكاشاني" .

وَاتَّخَذُوا مِن دُونِهِ آلِهَةً لَّا يَخْلُقُونَ شَيْئاً وَهُمْ يُخْلَقُونَ وَلَا يَمْلِكُونَ لِأَنفُسِهِمْ ضَرّاً وَلَا نَفْعاً وَلَا يَمْلِكُونَ مَوْتاً وَلَا حَيَاةً وَلَا نُشُوراً{3}
تستمر الآية الكريمة (  وَاتَّخَذُوا مِن دُونِهِ آلِهَةً ) , الكفار , (  لَّا يَخْلُقُونَ شَيْئاً وَهُمْ يُخْلَقُونَ ) , لانهم ينحتون الهتم بأيديهم ثم يعبدونها , (  وَلَا يَمْلِكُونَ لِأَنفُسِهِمْ ) لا قدرة لديهم ولا يملكون :
1-    (  ضَرّاً ) : دفع الضر .
2-    (  وَلَا نَفْعاً ) : جلب النفع .
3-    (  وَلَا يَمْلِكُونَ مَوْتاً ) : لا يملكون اماتة احد .
4-    (  وَلَا حَيَاةً ) : ولا حتى احياء احد .
5-    (  وَلَا نُشُوراً ) : ولا يملكون بعثه واعادة الحياة اليه " بعث الاموات " .            
آلهة بهذا المواصفات لا تستحق العبادة .

وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلَّا إِفْكٌ افْتَرَاهُ وَأَعَانَهُ عَلَيْهِ قَوْمٌ آخَرُونَ فَقَدْ جَاؤُوا ظُلْماً وَزُوراً{4}
تروي الآية الكريمة كلاما للكفار (  وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلَّا إِفْكٌ افْتَرَاهُ ) , قال الكفار ان هذا القران كذب اختلقه محمد , (  وَأَعَانَهُ عَلَيْهِ قَوْمٌ آخَرُونَ ) , اعانه على كتابته اهل الكتاب , (  فَقَدْ جَاؤُوا ظُلْماً وَزُوراً ) , تكذيبا وزورا شنيع .    
الآية الكريمة تضمنت تهمة من سائر التهم التي اتهم بها الرسول الكريم محمد "ص واله" .  

وَقَالُوا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ اكْتَتَبَهَا فَهِيَ تُمْلَى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلاً{5}
تروي الآية الكريمة جانبا مما زعمه الكفار بحقه "ص واله" (  وَقَالُوا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ ) , ما سطره المتقدمون من الحكايات والقصص الغريبة , التي في اغلبها غير حقيقية , (  اكْتَتَبَهَا ) , كتبها بنفسه او طلب من شخص ما كتابتها , (  فَهِيَ تُمْلَى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلاً ) , تقرأ عليه غدوا وعشية ليحفظها , وهذا هو قول النضر بن الحارث بن علقمة بن كلدة , كما جاء في تفسير القمي .   

قُلْ أَنزَلَهُ الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ غَفُوراً رَّحِيماً{6}
الآية الكريمة تخاطب النبي الكريم محمد "ص واله" (  قُلْ ) , لهم , (  أَنزَلَهُ الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ) , الفرقان جاءكم بما اشتهرتم به من الادب والفصاحة , فأعجزكم , كما وانه قد تضمن الكثير من اخبار الامم السابقة التي غابت عنكم , ومغيبات مستقبلية اخرى , فكيف يكون اساطير الاولين , (  إِنَّهُ كَانَ غَفُوراً رَّحِيماً ) , انه جل وعلا (  غَفُوراً ) لمن تاب وانتهى , (  رَّحِيماً ) , لا يعاجلكم بالعقوبة .    

وَقَالُوا مَالِ هَذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعَامَ وَيَمْشِي فِي الْأَسْوَاقِ لَوْلَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مَلَكٌ فَيَكُونَ مَعَهُ نَذِيراً{7}
تروي الآية الكريمة جانبا من استهزاء المشركين به "ص واله" (  وَقَالُوا مَالِ هَذَا الرَّسُولِ ) , الغرض منها السخرية والاستهزاء , (  يَأْكُلُ الطَّعَامَ وَيَمْشِي فِي الْأَسْوَاقِ ) , يأكل الطعام كما نأكل , ويقصد السوق للتكسب , فلو كان رسولا من الله تعالى فلا ينبغي ذلك له , قصورهم الذهني وعزتهم بالإثم غيبت عن مدركاتهم ان الرسول لا يكون رسولا بالأمور الجسمانية , بل بالأمور النفسانية "الروحانية " , (  لَوْلَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مَلَكٌ فَيَكُونَ مَعَهُ نَذِيراً ) , هلا كان معه ملكا من الملائكة يكون معه نذيرا , وايضا دالا على صدقه .

أَوْ يُلْقَى إِلَيْهِ كَنزٌ أَوْ تَكُونُ لَهُ جَنَّةٌ يَأْكُلُ مِنْهَا وَقَالَ الظَّالِمُونَ إِن تَتَّبِعُونَ إِلَّا رَجُلاً مَّسْحُوراً{8}
تستمر الآية الكريمة بالرواية عن المشركين مقترحين (  أَوْ يُلْقَى إِلَيْهِ كَنزٌ ) , ان ينال كنزا من السماء , فيستغني به , عندها لا تكون له حاجة بقصد الاسواق طلبا للتكسب ,  (  أَوْ تَكُونُ لَهُ جَنَّةٌ يَأْكُلُ مِنْهَا ) , او ان يكون لديه بستان يأكل من ثماره , (  وَقَالَ الظَّالِمُونَ إِن تَتَّبِعُونَ إِلَّا رَجُلاً مَّسْحُوراً ) , وقال المجرمون منهم ان تتبعون الا رجلا مغلوب على عقله , وهذه تهمة اخرى من سائر التهم التي كانت من نصيبه "ص واله" .     

انظُرْ كَيْفَ ضَرَبُوا لَكَ الْأَمْثَالَ فَضَلُّوا فَلَا يَسْتَطِيعُونَ سَبِيلاً{9}
الآية الكريمة تخاطبه "ص واله" بالخصوص , لكن خطابها يعمم لكافة الناس , المؤمن منهم ليزداد ايمانا , والكافر ليتعظ , (  انظُرْ كَيْفَ ضَرَبُوا لَكَ الْأَمْثَالَ ) , في القول الشاذ والاحوال المخترعة , (  فَضَلُّوا ) , تاهوا وابتعدوا عن الطريق الصحيح المؤدي الى معرفة النبي , او الطريق المؤدي الى الحقيقة , (  فَلَا يَسْتَطِيعُونَ سَبِيلاً ) , فلا يتمكنون الى الهدى والطريق القويم ابدا .     

تَبَارَكَ الَّذِي إِن شَاء جَعَلَ لَكَ خَيْراً مِّن ذَلِكَ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَيَجْعَل لَّكَ قُصُوراً{10}
الآية الكريمة في محل الرد على تهمهم واقتراحاتهم المتقدمة (  تَبَارَكَ الَّذِي إِن شَاء جَعَلَ لَكَ خَيْراً مِّن ذَلِكَ ) , افضل مما اقترحوه من الكنز والبستان , (  مِّن ذَلِكَ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ) , بدل البستان الواحد بساتين وانهار , لا تفنى ولا ينفد عطاءها , (  وَيَجْعَل لَّكَ قُصُوراً ) , ليس البساتين فقط , بل وقصورا ايضا .


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


حيدر الحد راوي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2015/02/06



كتابة تعليق لموضوع : تأملات في القران الكريم ح 260 سورة الفرقان الشريفة
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net