صفحة الكاتب : علي جابر الفتلاوي

الهجر في القرآن الكريم ( ق1)
علي جابر الفتلاوي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

(الهجر ) لغة ضد الوصل كما جاء في مختار الصحاح ،و( هجران )كذلك والاسم الهجرة والمهاجرة بمعنى ترك الأرض الأولى الى الأرض الثانية . ( والتهاجر ) بمعنى التقاطع  وجاء في قاموس المحيط ( ألهجر ) الهذيان ويحصل للمريض فهو ( هاجر ) ، والكلام ( مهجور ) وبه فسر مجاهد قوله تعالى (( أتخذوا هذا القران مهجورا )) الفرقان / 30 أي باطلا و ( الهجره ) بالفتح ومنه الهاجرة والهجير نصف النهار عند اشتداد الحر و ( التهجير ) و ( تهجر ) السير في الهاجرة و تهجر  فلان تشبه بالمهاجرين . وجاء في قاموس الألفاظ والاعلام القرانية ، هجره هجرا بمعنى قطعه وصرمه ، والاسم الهجران وهو ضد الوصل والهجرة والمهاجرة من ارض الى ارض ترك الأولى للثانية وهجر المريض في كلامه أي خلط وقوله تعالى ((  أتخذوا هذا القران مهجورا )) أي باطلا او متروكا ومهملا ، والهجر القبيح من الكلام . ومن خلال المعنى اللغوي لكلمة ( الهجر ) تبين أنها استعملت في عدة معاني باختلاف لفظها فتأتي بمعنى القطيعه ضد الوصل وتأتي بمعنى الهذيان والكلام الباطل الذي لايعتد به والهجر ومنه الهاجره والهجير نصف النهار عند اشتداد الحر وتأتي بمعنى مغادرة ارض او وطن الى أرض أو وطن آخر .
وجاءت كلمة ( الهجر ) في القران الكريم مستوعبة لجميع المعاني اللغوية تقريبا ، فقد وردت آيات في القران الكريم توحي وتشير الى احد المعاني اللغوية لها اذ جاءت بمعنى الهذيان والكلام الباطل او كل قبيح او مستهجن كما في الآيتين الكريمتين :
(( مستكبرين به سامرا تهجرون )) المؤمنون / 67 .
وقوله تعالى (( والرﱞجز فأهجر )) المدثر / 5 .
والسامر من السمر وهو التحدث في الليل ، وتهجرون من الهجر في الكلام وهو الهذيان او الفحش في المنطق . والرجز : العذاب وقيل اسم لكل قبيح مستقذر من الأفعال والأخلاق .
وجاءت كلمة الهجر في الاية الكريمة (( واهجروهن في المضاجع .... )) النساء / 34 (( واهجرهم هجرا جميلا )) المزمل / 10 بمعنى عدم الوصل ولكن من دون قطيعة كاملة بل هناك خط للرجوع واصلاح الأمور . ومن معاني ( الهجر ) ترك الأوطان والهجرة الى بلد أخر                                 قال تعالى (( والذين هاجروا في الله من بعد ماظلموا لنبوئنهم في الدنيا حسنة ولأجر الاخرة اكبر لو كانوا يعلمون )) النحل / 41 وقد تحدثت ايات اخرى عن الهجرة والمهاجرين في القران الكريم ، وموضوع الهجرة ارتبط بتأريخ المسلمين منذ عصر البعثة النبوية الشريفة الى عصرنا الحاضر ولو استعرضنا الهجرات التي كان لها الاثر الكبير في حياة المسلمين والتي غيرت مجرى التاريخ وحافظت على الاسلام وصانت دماء المسلمين فأنها كثيرة أولها الهجرة الى الحبشة بأيعاز من النبي (ص) والهجرة الى الطائف والهجرة الى يثرب وهي من أهم الهجرات في تأريخ المسلمين ، وكانت السبب الرئيسي في ترسيخ دعائم الاسلام وانتشاره في القبائل العربية ، كذلك هجرة الأمام الحسين (ع) الى كربلاء التي حفظت جوهر الاسلام وكيانه الذي كاد أن يمسخ على أيدي الأمويين الذين بدءوا بالتأسيس لمبادئ الجاهلية برداء الاسلام . وكان لابد من حضور الشاهد وهو الامام الحسين (ع) لأظهار وجه الاسلام الحقيقي فكانت شهادته في العاشر من محرم والتي أوقدت نار الثورة على أدعياء الاسلام في الأجيال اللاحقة ، ومن الهجرات المهمة في التاريخ هجرة الامام الرضا (ع) الى خراسان ، وهجرات لقادة ومصلحين اخرين اكتسبت أهميتها من أهمية الأهداف التي تدعو اليها ، هذا في التاريخ الأول للمسلمين ، اما في عصرنا الحاضر فهجرة الامام الخميني الى العراق ومن ثم الى فرنسا حيث ساهمت هذه الهجرة في تأجيج نار الثورة الاسلامية في ايران ، وهناك هجرة العراقيين من وطنهم بسبب الارهاب الصدامي حفاظا على دينهم ودمائهم ولا يزال الآلاف من العراقيين ينتظرون الظروف الملائمة للعودة الى الوطن ، وعاش الشعب العراقي الفترة من 2003 لغاية 2008 تقريبا حالة من حالات التهجير القسري الطائفي بسبب ارهاب الزمر الصدامية والتكفيرية والميلشيات المسلحة ، وقد ازداد العنف والتهجير الطائفي حدة بعد تفجير المرقدين الشريفين للأمام علي الهادي والحسن العسكري (ع) حتى تمكنت حكومة الوحدة الوطنية برئاسة السيد المالكي من وأد الفتنة الطائفية وأعادت المحبة والأخوة الى أبناء الشعب الواحد . وكثير من أفراد الحكومة الوطنية والسيد المالكي منهم من المهاجرين العائدين الى الوطن ، وقد كان لمهاجري الخارج العائدين الى الوطن الدور الكبير قبل سقوط صنم بغداد في فضح جرائم النظام في الخارج وتأليب الرأي العام ضده ، ودورهم في تحشيد القوى العالمية للمساهمة مع الشعب العراقي في اسقاط النظام البعثي واضح لكل ذي بصيرة ، ولايمكن ان نتجاهل امكاناتهم الكبيرة التي نمت وكبرت في دار الهجرة ، ودورهم في الصمود لاسقاط نظام البعث والحكم الدموي في العراق لايمكن انكاره ، ونحن كمسلمين نعرف ان الهجرة من الوطن تصبح واجبة أحيانا من اجل الحفاظ على الدين وعلى الحياة ، وهذا هو الدافع حسب ما أرى لكثير من أخواننا المؤمنين المهاجرين و العائدين الى الوطن قال تعالى :
(( ان الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم قالوا فيم كنتم قالوا كنا مستضعفين في الأرض قالوا الم تكن ارض الله واسعة فتهاجروا فيها فأولئك مأواهم جهنم وساءت مصيرا )) النساء / 97 علي جابر الفتلاوي A_fatlawy@yahoo.com

 

الهجر في القرآن الكريم – ق2-
علي جابر الفتلاوي
القرآن الكريم كتاب هداية ، وقد سلك اساليب عدة من اجل هدف مركزي هو هداية الناس نحو طريق العدالة والحرية ، والطريق التربوي والنفسي الذي يهدف الى الهداية والاصلاح والحفاظ  على الفرد والاسرة والمجتمع ضمن النسيج الانساني الاسلامي ، ففي المجال الاسري ترسم الآية الكريمة الاتية طريقا تربويا ومنهجا للتعامل بين افراد الاسرة الواحدة ومعالجة لحالة شاذة قد تنشأ بين الزوج وزوجته وهما عماد البيت الاسري في مرحلة من المراحل . قال تعالى : (( الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما انفقوا من اموالهم فالصالحات قانتات حافظات للغيب بما حفظ الله واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن فأن اطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا ان الله كان عليا كبيرا )) النساء : 34
فالاسلام بما انه دين هدايه نحو الايمان بالله تعالى والعمل الصالح في المجتمع فانه يسلك سبلا عديدة لتحقيق هذه الغاية وبناء المجتمع على مبادئ الايمان والحق والعدالة والحرية ، والاسرة بما أنها اللبنة الأولى في البناء الاجتماعي السليم ، والزوج والزوجة هما عماد البناء الاسري لذا فأن الاسلام يحرص على بناء علاقات سليمة وصحيحة ، علاقات محبة واحترام بين الزوجين ، فالاية الكريمة السابقة تظهر طرقا تربويا ومنهجا للتعامل التربوي بين الزوجين ،فالآية الكريمة تظهر مدى اهتمام الاسلام بالأسرة على اعتبار ان الاسرة هي المجتمع المصغر للمجتمع الاسلامي الكبير ، فسلامة بناء الاسرة تفضي الى سلامة بناء المجتمع ، كما يعتبر الاسلام الاسرة المدرسة الأولى للطفل لتربيته التربية السليمة والصحيحة الخالية من العقد والانحرافات والأمراض النفسية والجسدية على أساس النسيج الأسري ، حيث تحدث عن علاقة الزوج بالزوجة وعلاقة الزوج بالأولاد وعلاقة الزوجة بزوجها وأولادها وعلاقتهما مجتمعين بأطفالهما وكيف يجب ان يظهرا أمامهم . فقد  وجه القران الكريم والنبي محمد (ص) من خلال السنة النبوية الشريفة الى مبادئ عامة يجب الالتزام بها لسلامة البناء الأسري ، فمن هذه المبادئ المهمة وجه القران الزوج الى ضرورة ان يعامل الزوجة بالأسلوب التربوي الذي تقود نهايته الى الالفه والانسجام على اعتبار ان المرأة هي الركن الثاني من أركان البناء الأسري بعد الرجل ، وليس المقصود بالركن الثاني التسلسل الرتبي بل هي تساوي الرجل إنسانيا وتساويه في أهمية بناء الاسرة بل تفوقه أحيانا كثيره ، فهي الركن الثاني من حيث التسلسل التكويني للأسرة ، فبهما ينعقد هيكل نسيج الاسرة القائم على المحبة والاحترام المتبادل لمصلحة جيل الأبناء الذين يعيشون أجواء البيت الأسري فالزوجة والزوج هما اللذان يتحملان مسؤولية هذه الأجواء ونتائجها أن كانت ايجابية أو سلبية .
والآية 34 من سورة النساء عندما تقرر الهجر في المضاجع كأسلوب تربوي نفسي في معالجة نشوز المرأة من دون التضحية بها ، بل هو أسلوب يترك أثره عليها لأجل تصحيح مسارها الذي يكون أحيانا خارج أطار مصلحة البيت والبناء السليم للأسرة ، لان النشوز يولد نتائج سلبية تؤثر على حياة الأطفال وعلى مستقبل الحياة الزوجية ، مما يستدعي اللجوء الى هذا الأسلوب بمعنى الترك من غير قطيعة كاملة ، وهذا الترك يعتبر المرحلة الثانية من مراحل معالجة نشوز الزوجة اذ لايلجا الزوج اليه الأبعد استنفاذ الأسلوب الأول وهو الوعظ والإرشاد والنصيحة سواء كانت من الزوج أو من عائلته وحتى من عائلة الزوجة تدخل ضمن حالة المعالجة هذه ، لان الغاية هو تحقيق النتائج الايجابية لصالح بناء البيت الأسري ، فمن أي طرف أتت فهي مرحب بها ، اذ ربما تتدخل أحيانا بعض مؤسسات المجتمع المدني لتصحيح الحالة الشاذة بين الزوجين . فالحوار النافع والمجدي مع الزوجين بغية منع الانحراف وصيانة البيت الأسري لمصلحة الأبناء هو هدف أسلامي يسعى الجميع اليه . وفي حالة عدم تحقيق النتائج الايجابية في الأسلوب الأول يدعو القران الى تطبيق الأسلوب التربوي الثاني في المعالجة وهو الترك او الصدود مع الزوجة أثناء الفراش حيث يصف السيد محمد حسين فضل الله هذا الأسلوب       (( بأنه أسلوب التأديب النفسي ، وهو الهجران في المضاجع وذلك بمقاطعتها أو أدارة الظهر أليها عندما ينامان ، في مكان واحد ، او بالإيحاء لها ـ بطريقة أو أخرى ـ بعدم الرغبة فيها او بعدم المبالاة بها ، ولعل هذا الأسلوب السلبي من أقوى الأساليب المؤثرة في شخصية المرأة ، لان اهتمام الزوج بها يعتبر عامل مهم من عوامل إحساسها بأهميتها وقوة شخصيتها وذلك مايقرره المحللون النفسانيون في هذا المجال )) من وحي القران ج 7 ان هذا المنهج التربوي النفسي هو الصدود من غير ترك كلي أي ترك من غير قطيعة تامة هو منهج أسلامي على مستوى الاسرة وهو المعنى الذي أشارت اليه الآية الكريمة السابقة ، وهو احد معاني الهجر في القران الكريم .وهناك معاني اخرى سنتطرق اليها لاحقا بعونه تعالى .
علي جابر الفتلاوي
A_fatlawy@yahoo.com


ومن الآيات القرانية التي تلجا الى الأسلوب التربوي في معالجة الحالات السلبية لدى الفرد او حثه على الالتزام بالايجابيات والتي وردت كلمة (الهجر) فيها وتعطي معنى غير المعاني التي تطرقنا أليها هما الآيتان من قوله تعالى :

(( والرجز فاهجرْ )) المدثر / 5
((مستكبرين به سامرا تهُجرون )) المؤمنون /67
ان الآيات القرانية الكريمة التي تفيد معنى الترك ترسم منهجا تربويا وأخلاقيا ونفسيا معد للفرد والأسرة والمجتمع ، فعلى مستوى الاسرة اشرنا الى حالة من الحالات السلبية التي تعتري العلاقة الزوجية في مرحلة من المراحل ، وإرشادات القران الكريم لمعالجة هذه الحالة ، كذلك يتجه المنهج ألقراني التربوي الى الفرد بأن يطلب منه ترك أي سلوك سلبي يترك آثاره عليه كونه جزءا من الكيان الاجتماعي العام ، بحيث يرسم هذا المنهج طريقا مستقيما قويما لكل فردا أملا للوصول الى البناء المتكامل للمجتمع باعتبار أن الفرد هو اللبنة التأسيسية لبناء المجتمع السليم ، فقوله تعالى (( والرجز فاهجرْ )) الرجز بالضم والكسر (( العذاب )) وقيل (( اسم لكل قبيح مستقذر من الأفعال والأقوال والأخلاق ، والمراد بهجره أي هجر سببه ترك السبب ، والرجز أيضا ألاثم والمعصية والمراد هجرهما أي تركهما وقيل الرجز الصنم وهو كناية عن الشرك أي الشرك فأترك \" وفي جميع المعاني تتضمن الفقرة توجيه النبي (ص) الى ترك الأمور التي تتنافى مع المضمون الحي للرسالة )) ـ من وحي القران ـ ومن خلال النبي (ص) يتوجه الخطاب والتوجيه الى المسلمين عموما بترك كل ماهو مستقبح من القول والفعل فالآية الكريمة ترسم الى الداعية الى الله منهجا سلبيا وأخر ايجابيا ، اما السلبي فهو ترك كل ماهو قبيح عقلا وعرفا وأما الايجابي فهو الالتزام بكل عمل او خلق طاهر او حسن حيث ان الفرد الذي يلتزم بهذا المنهج يسير في الطريق الصحيح والسليم للبناء الاجتماعي الذي يطمح الاسلام تأسيسه ، فقوله تعالى (( مستكبرين به سامرا تهجرون )) السامر من السمر وهو التحدث في الليل ، وتهجرون في اللغة من الهجر في الكلام وهو الهذيان او الفحش في المنطق وهذه المعاني ما أشار أليها السيد محمد حسين فضل الله في تفسيره من وحي القران ـ ومستكبرين به ـ أي مكذبين بالقران تكذيبا ينطلق من الكبرياء المرضية التي تمنعكم من مواجهة الحقيقة التي تفرض نفسها عليكم بالأيمان ولم تكتفوا بالتكذيب السلبي والامتناع عن الإيمان بل اتخذتم موقفا عدائيا ، فقوله تعالى (( سامرا تهجرون )) أي جعلتم في أجواء الليل الطويلة من الايمان موضوعا للسمر الإلهي وللهذيان والفحش في القول والكلام اللامسؤول ومن خلال الربط بين معنى الآيتين يتحدد لنا منهج ذو خطين الأول يخص الانسان المسام المؤمن وماذا يجب عليه أن يفعل ويعمل لبناء ذاته وشخصيته إيجابا وسلبا والخط الثاني يرسم حالة الانسان الأخر البعيد عن الخط الرسالي الذي يسلك أي سبيل حتى لو كان غير شريف لتحقيق غايته ومأربه سواء كان بالكذب أو الافتراء او الاستهزاء او الاشاعات والتضليل او الأذى الجسدي وحتى القتل أحيانا باسم الدين او عناوين أخرى فقوله تعالى : (( مستكبرين به سامرا تهجرون )) هو كناية عن حياكة المؤامرات في الظلام فأصحاب الشر دائما هذا هو نهجهم وأصحاب الخير يعملون تحت ضوء الشمس ، كذلك أعداء الاسلام الرسالي دائما وراء الكواليس وفي الخفاء يرتبون أوضاعهم ويخططون لدسائسهم الشريرة ولنا في رسول الله أسوة حسنة اذ لاقى النبي محمد (ص) الأذى من قومه واصطدم بالعقبات والصعوبات وتحمل السباب والشتائم حتى خاطبه الله تعالى  (( واصبر على مايقولون واهجرهم هجرا جميلا )) المزمل / 10 يفسر السيد محمد حسين فضل الله قوله تعالى في كتابه ( من وحي القران ) (( الهجر الجميل أظهار الموحدة ( الزعل ) عليهم من غير ترك الدعوة الى الحق على وجه المناصحة )) . 
وهذا تأسيس للعمل ألقراني الحركي اذ هو احد المبادئ التي ثبتها القران الكريم كأسلوب من أساليب الدعوة الى الله تعالى ، فالداعية عندما يلقى الصدود من قومه او فريقه او حلقته يظهر صدوده او زعله عليهم من غير أن يتركهم نهائيا لان الترك النهائي لاينسجم ومبادئ الدعوة الى الله تعالى ، وهنا يكون الهجر او الترك حالة وسطية فهو ليس بالترك التام الذي يدعو الى القطيعة بل الصبر على مايقولون (( وأهجرهم هجرا جميلا )) والأذى الذي يتعرض له صاحب الدعوة الجديدة او المشروع الجديد حالة طبيعية في التعامل السيكولوجي للأفراد والمجتمع ، لان لكل دعوة جديدة يوجد متضرر منها ومتضايق من وجودها فبالإضافة الى السباب والإيذاء هناك الاتهامات الباطلة ، وهذا مايحصل اليوم على المسرح السياسي العراقي والإقليمي بغية إلغاء او تأخير العملية السياسية الجديدة في العراق وزرع الإحباط في نفوس الجماهير والقادة الذين يسعون لبناء العراق الجديد ، وهذا الأسلوب السلبي للتعامل مع الجماهير الواعية الصادقة في العمل ماكان يقوم به الطاغية صدام ونظام البعث تجاه الإسلاميين الرساليين حيث وصفهم بالرجعيين او وصفهم بالعمالة لدولة أجنبية ، وهو نفس الأسلوب الذي يستخدمه البعثيون اليوم في العراق الجديد بعد أن تحالفوا مع التكفيريين والطائفيين في الداخل بدعم من الطائفيين والتكفيريين في الخارج .
فالبعثيون الصداميون اليوم وبمعونة إقليمية يديرون هذه العملية القذرة من جحورهم المختبئين فيها وبعضهم من داخل فضاءات الحرية المتاحة للجميع او من خارج أسوار الحدود فيصفون بناة العراق الجديد والشعب العراقي المتحفز للتغيير نحو الأفضل بأنهم صفويون او عملاء لأمريكا او غير ذلك من الأوصاف وهم أنفسهم من يركع لأمريكا ويتوسل بها لغرض إرجاعهم على ماكانوا عليه أيام صدام وقد نسوا أن الشعب العراقي يعرف ألاعيبهم وجرائمهم وتجاهلوا أن سيدهم صدام منذ تسلمه للسلطة ولحين سقوطه استمر في هذه اللعبة القذرة ، وأتباعه اليوم يستعملون نفس الأسلوب فهم يلعنون المحتل من جهة ويقبلون أيديهم من جهة أخرى فيطلبون حمايتهم والدفاع عنهم وفي نفس الوقت يلعنون ويسبون الشعب العراقي ، وهذا هو أسلوب الطغاة والمنبوذين من عهد رسول الله (ص) وحتى يومنا هذا ، وإزاء هذا الموقف ماذا يجب أن نفعل مع هولاء ؟                                               نلجأ الى القران الكريم حيث يقول :
(( واصبر على مايقولون ، واهجرهم هجرا جميلا )) المزمل /10
وهذه الحقيقة يجب أن يعيها أبناء الشعب العراقي المخلصين الى وطنهم ودينهم وأمتهم ، عليهم محاسبة المجرمين كل حسب جرمه وفي الوقت نفسه الصبر على مايدعون من باطل لمن لم يقترف جريمة الى وقت أن يعي حاله المنحرف عسى الله أن يهديه ويهدي أمثاله من المتباكين على سيدهم صدام وحزبهم المندثر ، ولو أن الادعاء الباطل هو بعينه جريمة .
a_fatlawy@yahoo.com


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


علي جابر الفتلاوي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2011/05/23



كتابة تعليق لموضوع : الهجر في القرآن الكريم ( ق1)
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net