صفحة الكاتب : علي فضيله الشمري

الأستاذ الدكتور عبدالرزاق العيسى عودة الأسد إلى عرينه
علي فضيله الشمري

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

لكي يبقى الأسد ملك الغاب ولكي تبقى الطبيعة كما أرادها الله في محكم كتابه المجيد:" لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ عَلَى الْقَاعِدِينَ دَرَجَةً وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى وَفَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ أَجْرًا عَظِيمًا" (95) سورة النساء ، وقال تعالى "‏‏ يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ " (11) سورة المجادلة .

تلك الأسود لاتقتل عبثا، ولاتخرب زرعا،ولاتقلع شجرة بل العكس إنّ ما تتركه من حفر كانت تبردت فيها تنبت فيها الحياة الأصيلة من أشجار وأحراش ونباتات يستظل بها الغير وينتفع منها الكثير.

كان هذا الأسد الذي ترك في جامعة الكوفة بصمات وبصمات سمت إلى مصافِ ينابيع العلم في إسلامنا الأول يوم كان العلم فضيلة وتعلمه واجبا، وهو الأول في أن تشد اليه الرحال، فما كان رحيله نحو العلم إلا وصول لنبع صاف أراد الله سبحانه وتعالى أن يرتوي منه كل المخلصين والمؤمنين والمصلحين والمطورين. كان الأستاذ الدكتور عبد الرزاق العيسى الدلو الذي يسبر أغوار البئر حتى يأتينا بتلك المياه العذبة التي كان من قطراتها كليات فتحت على يده، ومن خلال فكره الوقاد وسباقه مع الزمن وتحديه لأمم تدعى السبق فكانت النتيجة جامعة الكوفة هي المتقدمة في التصنيف العالمي تقدّما بهر الجميع.وما أحرارنا اليوم وما بهجتنا اليوم إلى حصاد إيماننا للوطن والمخلصين الذين كان منهم هذا الأسد الذي سابق الريح من أجل النهوض ببلد تقوده الجامعة. ولولا إخلاصه وإخلاص المؤمنين لما سمت هذه الجامعة في مضمار الحضارة الإنسانية، كان يعمل بنكران ذات وإخلاص نية وأمانة عالية.بالعقل والمنطق عرفناه بفضله وعلمه ورسالته الكريمة وجدناه قمرا منيرا يدور في فلكه، يقتبس من نوره ويشع في الأفق لينير الليالي الظلماء. وجدنا الدكتور العيسى في كل مكان وفي كل زمان ومع كل حركة ينير بعلمه وعمله دروب الأمل، مخلصا نيّته لله سبحانه وتعالى، كان صوته صوت الحق الهادر وكان بين سطور كل فضيلة وكان نموذجا واضحا بين النماذج وكان قائدا تربويا متميزا بين القادة، قاد فرسه الجموح إلى العُلا، فسمت معه كل فنون المعرفة وميادينها الخصبة حتى جعل من أشجارها تأتي أكلها كل حين وجعل ثمرها في متناول المتعلمين والدارسين والباحثين. هو النموذج الاسمي والوتر الرنان في ذهن كل ذي ذوق سليم – أخذ يعمل على لبناء مجتمع متعلم يملك المعارف والقيم والمهارات من أجل تحقيق التقدم العلمي وتحقيق له الكفاية في مستواه ومحتواه من خلال التجريب والتخطيط التي استند الى الفلسفة التربوية من خلال تنمية الاتجاهات العلمية والأخذ بأسلوب التفكير العلمي وعمل على ترسيخ أبحاث الطلبة بالمثل الإنسانية العليا وتنمية روح الابتكار والإبداع والتجديد من خلال استغلال طاقات الطلبة وربط شخصية طلاب الجامعة بالتكامل العلمي والأخلاقي ورسخ مفاهيم الوطنية هدفا أساسيا.

     كما عرف العيسى بعنايته بالفكر الإنساني واهتم بدراسة تراث محافظة النجف الاشرف مدينة العلم والعلماء وبحضوره المؤتمرات العالمية لحوار الأديان وجعلها جزءا أساسيا لتنظيم حياته اليومية وتحمّل مسؤولية كبيرة بكل همة ونشاط واندفاع للسير قدما إلى تحقيق الأهداف النبيلة السامية لبناء مجتمع يؤمن بالحرية والديمقراطية والمساواة بين الآخرين على أساس الجهد والعطاء، وكان يعمل على تحرير كل  إنسان شريف من عبودية أي وضع يخضع للتناقض الطبقي والتخلف ويعمل على إعادة تنظيم الحياة على أسس جديدة بوسائل تعمل على تحقيق الكفاية والعدل كما قال الله تعالى " وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ " (105) سورة التوبة .

فكانت الخسارة في مضمار السباق يوم نأى عن موطنه وميدانه الذي يجيد فيه الزراعة وجني الثمر، تمنى العيسى أن يكون في هذه الأرض التي بدأت تجدب لنأيه عنها، إلا أن الأرض متأملة عودته لأن نتاجها يخصّ كل الأجيال والناس، حاش لله سبحانه وتعالى أن يبقى خيره وفضله بعيدا عن الأرض التي ولدته، فطوبى لنا لأنك عدت إلى الوطن لنراك ثانية تجري في سباق مع الزمن من أجل بلد حر أبي شريف كان ومازال أهله يروون العالم بهضابه وسهوله وجباله ومياهه بدماء لم ترتو منها بعد أفواه الأعداء.أردناك فارسا تحمل لواء العلم في ميدان هذا العلم الذي مازالت الرايات السود التي تمحو بدكنتها السوداء كلّ بياض ونور مشرق "يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ " (32) سورة التوبة 

      وطوبى لك بعد رحلة امتدت أكثر من ثلاث سنوات ثم عدت الى أرض الوطن الحبيب والى خدمة العراق والعراقيين.ولم تنقطع خدمتك قط لأبناء العراق من الطلبة والكفاءات خارج العراق وداخله في بريطانيا والأردن.

طوبى لك وبعودتك باحثا علميا تسبر أغوار العلم وتغوص في بحار الفهم وضمائر المفكرين ونور المبدعين وما يجود به عقلك وقلبك وضميرك المخلص لتقدم للأجيال ماكنت تسير عليه في تضميد جراحات الأجساد والأرواح وان شاء الله إن يحقق آمالك وأمانيك وان يسدد خطاك لما فيه خير وسعادة هذا البلد الجريح العصي على طاعة المخربين والانتهازيين والجهلاء وحملة رايات الظلام.

دمت أسدا في عرينك تزأر لتبقى ملكا للغابة وأي غابة أنها غابة الإنسانية وغابة العطاء وغابة الرأفة التي جبلت عليه الخلائق.

إن الحديث عن العيسى طويل ممتع وشيق مهما كتبت فلن استطع أن اظهر كل أبعاد هذه الحقيقة الجامعة لكن مالا يدرك كله ليترك جل٘ه وما ذكر فيه كفاية لذي عينين...


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


علي فضيله الشمري
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2015/04/01



كتابة تعليق لموضوع : الأستاذ الدكتور عبدالرزاق العيسى عودة الأسد إلى عرينه
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net