صفحة الكاتب : حيدر الحد راوي

تأملات في القران الكريم ح269 سورة الشعراء الشريفة
حيدر الحد راوي


بسم الله الرحمن الرحيم

قَالَ لَهُم مُّوسَى أَلْقُوا مَا أَنتُم مُّلْقُونَ{43}
تروي الآية الكريمة خطاب موسى "ع" للسحرة (  قَالَ لَهُم مُّوسَى أَلْقُوا مَا أَنتُم مُّلْقُونَ ) , القوا ما لديكم من حبال وعصي , وهو بعد قولهم { قَالُواْ يَا مُوسَى إِمَّا أَن تُلْقِيَ وَإِمَّا أَن نَّكُونَ نَحْنُ الْمُلْقِينَ }الأعراف115 .   

فَأَلْقَوْا حِبَالَهُمْ وَعِصِيَّهُمْ وَقَالُوا بِعِزَّةِ فِرْعَوْنَ إِنَّا لَنَحْنُ الْغَالِبُونَ{44}
تروي الآية الكريمة (  فَأَلْقَوْا حِبَالَهُمْ وَعِصِيَّهُمْ ) ,  ما كان بأيديهم من الحبال والعصي , (  وَقَالُوا بِعِزَّةِ فِرْعَوْنَ ) , اقسموا بعزة فرعون , ولم يشعروا ان لا عزة لفرعون وملأه , (  إِنَّا لَنَحْنُ الْغَالِبُونَ ) , تكرار (  إِنَّا لَنَحْنُ ) للتأكيد على غلبتهم المزعومة .   

فَأَلْقَى مُوسَى عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ تَلْقَفُ مَا يَأْفِكُونَ{45}
تروي الآية الكريمة (  فَأَلْقَى مُوسَى عَصَاهُ ) , بعد ن القى السحرة ما لديهم , جاء دور موسى "ع" ليلقي عصاه , (  فَإِذَا هِيَ تَلْقَفُ مَا يَأْفِكُونَ ) , فاذا هي تبتلع ما جاؤوا به من الخداع والتمويه وسحروا به اعين الناس .

فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سَاجِدِينَ{46}
تروي الآية الكريمة ان السحرة حالما شاهدوا ذلك علموا ان ذلك ليس من السحر الذي خبروه , بل هو معجزة الهية , فخروا ساجدين لله تعالى .

قَالُوا آمَنَّا بِرَبِّ الْعَالَمِينَ{47}
تروي الآية الكريمة كلام السحرة بعد سجودهم (  قَالُوا آمَنَّا بِرَبِّ الْعَالَمِينَ ) الذي ارسل موسى وهارون "ع" .  

رَبِّ مُوسَى وَهَارُونَ{48}
يستمر كلام السحرة في الآية الكريمة مردفين (  رَبِّ مُوسَى وَهَارُونَ ) , تضمن كلامهم اعترافا بالله تعالى واعترافا برسالتهما "ع" .   
هناك تساؤل يطرح نفسه , وهو لماذا لم يقل السحر ( آمنا بالله ) وقالوا (  رَبِّ مُوسَى وَهَارُونَ ) , والجواب : في اللغة العبرية حيث لا توجد كلمة تقابل لفظ الجلالة بالعربية , لذا يعبر عن الله تعالى اما  "رب العالمين" او "رب موسى وهارون" او "هو" او "يا هو "  , والاخيرة هي الارجح والتي تطورت مع الزمن لتكون " ياهوه  - يهوه" كما يلفظها العبرانيون اليوم .

قَالَ آمَنتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ فَلَسَوْفَ تَعْلَمُونَ لَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُم مِّنْ خِلَافٍ وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ أَجْمَعِينَ{49}
تروي الآية الكريمة كلام فرعون مخاطبا السحرة  (  قَالَ آمَنتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ ) , بصفته الرب كما يدعي والملك , يرى ان لا يقوم احد بفعل او عمل من دون أذنه , (  إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ ) , ثم اتهمهم بأن موسى "ع" هو كبيرهم ومعلمهم بالسحر, ويبنى على هذا الاتهام , انها كانت مؤامرة من قبل السحرة وكبيرهم موسى "ع" ضده , (  فَلَسَوْفَ تَعْلَمُونَ ) , وبال امركم , فيها تهديد ووعيد , (  لَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُم مِّنْ خِلَافٍ ) , اليد اليمنى مع الرجل اليسرى , او العكس , (  وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ أَجْمَعِينَ ) , ليس فقط , بل سوف اصلبنكم جميعا على جذوع النخل .     

قَالُوا لَا ضَيْرَ إِنَّا إِلَى رَبِّنَا مُنقَلِبُونَ{50}
تروي الآية الكريمة جواب السحرة على تهديدات فرعون ووعيده (  قَالُوا لَا ضَيْرَ ) , لا ضرر علينا , (  إِنَّا إِلَى رَبِّنَا مُنقَلِبُونَ ) , بأي وجهة كان موتنا , بالصلب او غيره , فأن مرجعنا ووفودنا الى الله تعالى مجده , ويترتب على تحملنا تعذيبك محو ذنوبنا واستحقاقنا الاجر والثواب والقرب منه جل وعلا .    

إِنَّا نَطْمَعُ أَن يَغْفِرَ لَنَا رَبُّنَا خَطَايَانَا أَن كُنَّا أَوَّلَ الْمُؤْمِنِينَ{51}
يستمر كلام السحرة في الآية الكريمة في جوابهم لفرعون (  إِنَّا نَطْمَعُ أَن يَغْفِرَ لَنَا رَبُّنَا خَطَايَانَا ) , يعربون عن طمعهم في المغفرة , لما ارتكبوه من عظائم الخطايا , (  أَن كُنَّا أَوَّلَ الْمُؤْمِنِينَ ) , اننا اول المؤمنين من الحضور في ذلك الموقف .   

وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَسْرِ بِعِبَادِي إِنَّكُم مُّتَّبَعُونَ{52}
تستكمل الآية الكريمة قصة موسى "ع" (  وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى ) , مما يروى ان ذلك كان بعد سنين مضت على دعوة موسى "ع" , (  أَنْ أَسْرِ بِعِبَادِي ) , المشي بالليل , مع من آمن بك او مع بني اسرائيل على بعض الآراء , (  إِنَّكُم مُّتَّبَعُونَ ) , يتبعكم فرعون وجنوده .    

فَأَرْسَلَ فِرْعَوْنُ فِي الْمَدَائِنِ حَاشِرِينَ{53}
تروي الآية الكريمة ان فرعون بعد ان علم بمسراهم في الليل , ارسل جنوده في جميع المدن .

إِنَّ هَؤُلَاء لَشِرْذِمَةٌ قَلِيلُونَ{54}
يستمر كلام فرعون في الآية الكريمة , مبينا فيه انهم "موسى-ع- واتباعه " طائفة قليلة .
( قيل كانوا ستمائة ألف وسبعين ألفا ومقدمة جيشه سبعمائة ألف فقللهم بالنظر إلى كثرة جيشه ) . "تفسير الجلالين للسيوطي" .

وَإِنَّهُمْ لَنَا لَغَائِظُونَ{55}
يستمر كلام فرعون في الآية الكريمة معربا عن غضبه منهم , فقد فعلوا ما يستوجب غيظه .

وَإِنَّا لَجَمِيعٌ حَاذِرُونَ{56}
يستمر كلام فرعون في الآية الكريمة مبينا انه وجيشه مستعدون دائما لكل محذور , ومنه هذا الذي كان من امر موسى "ع" وبني اسرائيل .

فَأَخْرَجْنَاهُم مِّن جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ{57}
تبين الآية الكريمة  (  فَأَخْرَجْنَاهُم ) , فرعون وقومه , من مصر ليلحقوا  بموسى "ع" وبني اسرائيل , (  مِّن جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ ) , فتركوا خلفهم بساتينهم ومزارعهم وما فيها من عيون الماء .

وَكُنُوزٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ{58}
تستمر الآية الكريمة في موضوع سابقتها الكريمة , لم يتركوا خلفهم الجنات والعيون فقط بل وايضا (  وَكُنُوزٍ ) , الاموال من الذهب والفضة وغيرهما , سميت بالكنوز لا نها لم تخرج الحقوق منها ,  (  وَمَقَامٍ كَرِيمٍ ) , القصور الفارهة والبيوت المترفة والمجالس البهية .    

كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا بَنِي إِسْرَائِيلَ{59}
تستكمل الآية الكريمة الموضوع مبينه (  كَذَلِكَ ) , اخراجنا , (  وَأَوْرَثْنَاهَا بَنِي إِسْرَائِيلَ ) , فيها عدة اراء , قد لا تصمد امام النقد :   
1-    جعلت هذه الديار والبساتين والكنوز لبني اسرائيل بعد غرق فرعون وجنوده , يذهب الى ما يماثل هذا الرأي جملة من المفسرين ومنهم السيوطي في تفسيره الجلالين , الا ان هذا الراي مطعون فيه , كون بني اسرائيل لم يعودوا الى مصر بعد غرق فرعون وجنوده , بل استمروا في مسيرتهم مع موسى "ع" .
2-    ان بني اسرائيل سلبوا ما كان لدى فرعون وجنوده , بعد ان القى البحر بجثثهم الى الساحل , وهذا ايضا مطعون فيه , كون ميراث بني اسرائيل ينبغي ان يكون فيه بساتين وقصور ومنازل فرعون , على ما اشارت اليه الآيات الكريمة المتقدمة , وان لا يقتصر على ما سلبوه مما لدى الجنود الغرقى فقط .
3-    جملة من المفسرين لا يبدون اراءهم بالموضوع قطعا .
4-    ان يكون ذلك الميراث هو ميراث بني اسرائيل في الشام , فهناك ما يماثله من البساتين والمنازل والمجالس الفارهة وغير ذلك , وليس في مصر ,
5-    قد يكون ذلك اشارة الى امر مبهم , لم يأتي تأويله بعد .    

فَأَتْبَعُوهُم مُّشْرِقِينَ{60}
تؤكد الآية الكريمة ان فرعون وجنوده اتبعوا مسير موسى "ع" ومن معه وقت الشروق , وقد يكون المعني بـ (  مُّشْرِقِينَ ) , نحو جهة الشرق وليس الوقت فقط , حيث يرى بعض المفسرين ان (  مُّشْرِقِينَ ) بمعنى مبكرين وقت شروق الشمس .

فَلَمَّا تَرَاءى الْجَمْعَانِ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ{61}
تروي الآية الكريمة (  فَلَمَّا تَرَاءى الْجَمْعَانِ ) , رأى كلا منهما الاخر , وذلك يشير الى اقتراب فرعون وجنوده منهم , (  قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ ) , قال حينها من كان مع موسى "ع" – ادركنا جمع فرعون ولا طاقة لنا بهم - .  

قَالَ كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ{62}
تروي الآية الكريمة كلام موسى "ع" لقومه مطمئنا (  قَالَ كَلَّا ) , لن يدركونا , (  إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ ) , ان ربي معي بالحفظ والنصرة والهداية الى طريق النجاة , فلا داعي للخوف منهم .  

فَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنِ اضْرِب بِّعَصَاكَ الْبَحْرَ فَانفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ{63}
تبين الآية الكريمة (  فَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنِ اضْرِب بِّعَصَاكَ الْبَحْرَ ) , فضربه , (  فَانفَلَقَ ) , فانشق البحر , (  فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ ) , فكان كل جانب كالجبل الثابت العظيم , فانسلوا في شعابه .   

وَأَزْلَفْنَا ثَمَّ الْآخَرِينَ{64}
تستكمل الآية الكريمة الموضوع  (  وَأَزْلَفْنَا ) , قربنا , (  ثَمَّ الْآخَرِينَ ) , فرعون وجنوده , فدخلوا في اثرهم .     

وَأَنجَيْنَا مُوسَى وَمَن مَّعَهُ أَجْمَعِينَ{65}
تستكمل الآية الكريمة الموضوع  (  وَأَنجَيْنَا مُوسَى وَمَن مَّعَهُ أَجْمَعِينَ ) , بحفظ البحر على تلك الصورة , حتى عبروا الى الجهة المقابلة بالكامل .  

ثُمَّ أَغْرَقْنَا الْآخَرِينَ{66}
تستكمل الآية الكريمة الموضوع وذلك بأطباق البحر على فرعون وجنوده , بعد ان اجتازه وخرج منه جميع بني اسرائيل .  

إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُم مُّؤْمِنِينَ{67}
تبين الآية الكريمة (  إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً ) , نجاة موسى "ع" وبني اسرائيل وغرق فرعون وجنوده , (  وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُم مُّؤْمِنِينَ ) , مع تلك الآيات الواضحة , ما كان اكثر بني اسرائيل مؤمنين بها , بل اتخذوا العجل بعد ذلك .    

وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ{68}
تستمر الآية الكريمة في بيانها (  وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ ) , المنتقم من اعدائه , (  الرَّحِيمُ ) , بالمؤمنين .    
 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


حيدر الحد راوي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2015/04/07



كتابة تعليق لموضوع : تأملات في القران الكريم ح269 سورة الشعراء الشريفة
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net