صفحة الكاتب : صالح الطائي

أمريكا والتقسيم والثيران الثلاثة
صالح الطائي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

حينما تحدث الكونغرس الأمريكي مؤخرا عن نية أمريكا تزويد الأكراد والسنة بالسلاح والعتاد بشكل مباشر، والتعامل معهما كدولتين رسميتين؛ بكل ما يمثله من استهانة بدولة عضو في الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية؛ لم يأت بجديد، فأمريكا تمهد لهاتين الشريحتين طريق الانفصال منذ أمد بعيد، وتريدهما أن يتذوقا حلاوة طعم التحرر من العلاقة مع المركز تمهيدا لإقامة (مسخ). 

بل حتى مشروع بايدن حول تقسيم العراق؛ على قدمه لم يكن جديدا، وكل ما يحدث اليوم هو مجرد عصف ذهني للتمهيد للإعلان الرسمي لمشروع التقسيم القديم؛ الذي أعد منذ ثمانينات القرن المنصرم ليس للعراق وحده وإنما لكل المنطقة العربية؛ حيث ستولد بلدان، وتختفي بلدان، وتتقسم بلدان، هكذا يتصور الحلم الأمريكي الشاذ، إعادة بناء المنطقة وفقا للمواصفات الأمريكية. 

إن أمريكا بصفتها القطب الأوحد والقوة العظمى، كانت ولا زالت تعمل لتطبيق هذا المشروع التخريبي على أرض الواقع وفق جدولتها لمراحله التاريخية، ولابد وان تنجح بتمريره في بعض؛ ولا أقول كل الوطن العربي، لكن السؤال الأكثر أهمية؛ الذي يطرح نفسه: نحن العراقيين؛ ماذا أعددنا لمواجهة هذا المشروع الخبيث؟

ولا أعتقد أن الإجابة عن هذا السؤال سهلة يسيرة بالرغم من المؤشرات الساخنة التي طفت على السطح، والتي تؤكد تناغم الكتلتين المعنيتين طرديا مع المقترح، من هذه المؤشرات مثلا امتناع الكتلة الكردستانية  وكتلة القوى السنية عن التصويت على مشروع قرار، يدين التدخل الأمريكي بالشأن العراقي بتعامله مع الأكراد والسنة كدولتين ويرفض قرار الكونغرس بتسليح البيشمركة والسنة مباشرة دون الرجوع للحكومة العراقية. ومنها أيضا تأييد السياسيين الأكراد والسنة المشاركين في العملية السياسية لمقترح الكونغرس الأمريكي. فحتى مع وجود هذه المؤشرات تصعب الإجابة عن السؤال ليس لصعوبته وإنما لأننا في العراق لا نملك مركز قرار يمكن الاعتماد عليه، ولا قوة يمكنها التصدي لهذا المشروع، ولا قلوبا مؤتلفة ممكن المراهنة على وطنيتها.

لكننا كعراقيين تجمعنا هوية وطنية نملك خيار تغليب مصلحة الوطن على المصالح الفئوية، وإلا فنحن ثلاثتنا نشبه الثيران الثلاثة الأبيض والأسود والأحمر والأسد المفترس الضاري، يقف قريبا منا والكرة في ملعبنا، إما أن يسلم كل منا صاحبيه إلى عدوه على أمل أن ينجو بنفسه؛ وهو ليس بناج، أو نتحد سوية للوقوف بوجه العدو المشترك؛ الذي لا يمكن ردعه إلا من خلال اتحادنا.

أما أولئك الذين يتحدثون عن المصالح الفئوية فهم واهمون لأن لا الأكراد ولا السنة ولا الشيعة لديهم القدرة على إدارة بلد حديث الولادة، يأتي إلى الدنيا بعملية قيصرية غير ناجحة ولا مضمونة؛ بعد تعلموا خلال السنوات العشر المنصرمة على يد الأمريكي المحتل أقبح أساليب التخريب نتيجة كره كل واحد منهم لصاحبيه، وبعد أن فشلوا في إدارة بلد يملك تراث سبعة آلاف عام من التحضر والتمدن.

إن أمريكا تراهن على روح الطائفية التي أحيت مواتها في نفوس المكونات العراقية بعد التغيير في 2003، مثلما أحيته في سوريا واليمن والبحرين ومصر، وهي تسعى اليوم لتحصد ما زرعته بالأمس، ونحن وحدنا نملك حق الرد عليها لأن نجاحها بالحصاد سوف يميتنا جوعا في أحسن الأحوال.!

أما الجامعة العربية وسكوتها المخزي عما يصيب بلاد العُرب وعن مشروع التقسيم فهو ليس أكثر من اشتراك في مؤامرة التقسيم، ينفذه موظفون صغار لدى أمريكا نصبهم حكامنا ممثلين عنهم في الجامعة، يتقاضون رواتبهم من جيوبنا غصبا عنا.!


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


صالح الطائي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2015/05/03



كتابة تعليق لموضوع : أمريكا والتقسيم والثيران الثلاثة
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net