صفحة الكاتب : واثق الجابري

بلد ذبيح وعاصمة مسمومة
واثق الجابري

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
ما يحدث في العراق، لايمكن أن يحدث في أي بقعة من العالم، ولا تستطيع أيّ إمكانية دولية؛ جمع عشرات الملايين، على مساحة لا تتحمل أعشار الزائرين، وهم يتسابقون على الخدمة والتنظيم الخفي الذي لايُعلم سره؛ إلا عطاء كبير يستحق أن نسمي به بلادنا( عراق الحسين).
تشابيه كمسرح سيار، وقصص تُروى وآخرى واقعية، تناقلها أجيال، حتى يتوارثون قيم لا شبيه لها في العالم.
بلاد مقطوعة الرأس منذ عقود، وفصل جسدها عن رأس إدارتها وتفكير حكامها، وعملوا بالضد من الأبدان، التي تتفانى من أجل أحياء موروث التضحية، فذبح البلد من القفا، وتناوله الطغاة بسياطهم وسكاكينهم، وسلبوا رداء خيراته، من أفواه أطفاله خلعوا كسوة نساءه.
الأمام الحسين عليه السلام، لم يكن فقط جسد مقطوع الرأس، وهو منهج الثورات ومثال الأحرار، وقدم عطاء يستحق الخلود، ورسم طريق تضحيات معبد بالدماء، يمتد الى ساحات الوغى، ومحاربة المنحرفين من إرهابيين ذباحين قطاع طرق، وأنصاره يزرعون طرقهم بخدمة الإنسان،والسير في ركب؛ قمة العطاء والتضحية والمجد والإباء والكرامة، وعند خدمته يتشرف كبار القوم قبل صغارهم.
دأب بيت النبوة؛ على مصارعة الباطل، وعند الحسين كان مفترق الطرق وذروة صراع الحق مع الباطل، ولا مجال إلاّ التضحية وتقديم الغالي والنفيس ومحاربة الإنحراف والإرهاب؛كما هو اليوم.
يبدو أن بغداد تشبه بالإمام الكاظم عليه السلام؛ مثلما يشبه العراق بالحسين، وقد عرفت بغداد كأمامها بالصبر وكظم الغيض وباب الحوائج، ويستنهض العراقيون عزائمهم وبطولاتهم من الحسين، وبغداد من كاظم غيضها، ويغيطها سواد الحزن؛ يوم رحيل سجينها الرافض للخضوع.
بغداد الكاظمين، مدينة الصبر وباب حوائج العراقيين، وتحتضنهم جميعاً لتضمد جراحهم، وسلامتها تعني سلامة بلدهم، وكما أمامها فقد مزقها الإرهاب والقتل والعصابات، وتجمع فيها سراق الشعب وعتاة الحكام الظالمين، لكنها ما تزال مأوى بأزقتها المتهرية؛ لأبناء الجنوب وهم يبحثون عن لقمة عيش في تقاطعات الشوارع، وحمالة بضائع الأغنياء والجشعين، المتطفلين على دماء مدن المحرومين، بغداد كالكاظم صابرة على جراحها، وتفتح أبوابها للنازحين والمتشردين من الإرهاب، وتعض على أصابعها الملطخة بدماء أبناءها المقطعين بمؤامرات الطائفية.
تحدت بغداد الإرهاب؛ بأكثر من عشرة ملايين زائر، حملوا مناياهم، وقالوها صراحة، أن العراق عراق الحسين وبغداد كاظمة الغيض.
أبكتني كلمة قالها فنان تشكيلي عراقي، في لوحة رسم فيها عربة حمال تحمل جسد بلا رأس، وعنونها بأسم العراق، ونقول أن قطع الرأس عن الجسد؛ لا أحد يستطيع قطع قمة العطاء ومنهج الإباء والتضحية، وأن سجن أمام بغداد في غرف مظلمة؛ فلن يستطيع أحد أن يغيّر الصبر ودرب التضحيات، وأن المسجى على الجسر قائد علم البغداديين، أن المنايا تنتظرهم كل عام على جسور مدينتهم المسمومة.

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


واثق الجابري
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2015/05/15



كتابة تعليق لموضوع : بلد ذبيح وعاصمة مسمومة
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net