صفحة الكاتب : عزيز الخزرجي

ألحضارة آلأسلامية أكبر حضارة عرفتها البشرية
عزيز الخزرجي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

لم أكن أملك الوقت الكافي للردّ على الكاتب علي حسن(1), ألذي نشر مقالاً ينقضه آلحكمة و آلأدلة و المنطق ألرصين, بكون آلحضارة الأسلامية كذبة عرفتها البشرية .. و رغم مشاغلي الكثيرة و التي تحول في أحيان كثيرة إن لم اقل يومياً للقيام حتى بواجبات شخصية و عائلية ضرورية, إلا أنّ محبتي للصديق العزيز ألأستاذ عمران الزبيدي ألذي يعاني من آلمرض - هو آلذي دفعني للرد على الكاتب آلمذكور, لتوضيح أمورٍ عديدة يبدو أنه لا يعرفها أو إنّها غابت عنه, بسبب آلأزمة آلنفسية و التربوية الخاطئة آلتي عاشها أثناء دراسته في آلمدارس السلفية المتحجرة في دول الخليج .. قبل أن ينتقل إلى أوربا, حيث بدى آلتشنج واضحاً من خلال طرحه ألمُنمّق و هجومه على الأسلام و آلمسلمين و القرآن, و لم يترك صغيرة و لا كبيرةً إلا عرضها بشكل تجزيئي من خلال وجهة نظر ضيّقة تنقصها الأمانة و الموضوعية و العلمية, إنّ مُجمل ما عرضه لا يتعدى أن يكون سوى ردّ فعلٍ قاسي بقساوة أساتذته السيئين من الوهابيين الضالين في بلده الأم أثناء دراسته الابتدائية و المتوسطة و الثانوية, و كل ما جاء به كان خلافاً لحقيقة آلأسلام و صحيحاً في الواقع آلتي كان سببها بعض الصحابة أو آلذين إنتموا للأسلام شكلياً لا عقائدياً.
فالحقائق الواضحة التي غابت عن آلكاتب آلمذكور كثيرة, من حيث أنّه تناول مواضيعاً لم يُبيّنها بشكلٍ واضح ممّا سبّب سوء فهم لدى الكثيرين من آلقرآء و غضباً في نفوس آلبعض من المؤمنين, و لهذا كان لا بُدّ من توضيح أهمّ ألأمور ألتي أوردها في المقال و هي:
أولاً : مسألة ألأرقام آلعربية – و التي يستخدمها الغرب أليوم و حتى بعض الدول ألعربية و الأسلامية – هي من نتاج ألعالم الأسلامي ألخوارزمي (2) و البتاني, وقد تطرقنا في هامش آلحلقة آلسابعة من \"أسفارُ في أسرار آلوجود ج3 – ح7\" لهذا آلموضوع, حيث إن الغرب لم يكن يعرف سوى آلخطوط في الحساب إلى ما قبل النهضة الأوربية .. لكن علماء المسلمين إبتكروا طريقة هندسية تحددت بموجبها آلأعداد ألمستخدمة آليوم في بلاد الغرب بعد أنْ تمّ إستخدامها بدل الأرقام اللاتينية آلقديمة .. حيث أعتمد علماء المسلمين – أكرر علماء المسلمين - لكلّ عددٍ من الأعداد؛ 1و2و3و4و5و6و7و8و9و10 زاوية هندسية تعطي قيمة الرقم, فمثلاً رقم واحد تحدّدَ بزاوية واحدة إنحصرت بين خط الرأس و بين آلعمود, و الرقم 2 عبارة عن زاويتين  متجاورتين متعاكستين و الرقم 3 عبارة عن ثلاثة زوايا زاويتان منها بإتجاه واحد في آلأعلى و آلاسفل و آلزاوية آلثالثة في الوسط بعكس إتجاه الزاويتين كما هو واضح من الشكل و رقم 4 يحتوي على اربعة زوايا كما هو واضح و هكذا. و للمزيد يمكن مراجعة المصادر  العلمية العديدة على ذلك, أما الارقام العربية ألحالية فهي أرقام هندية إستبدلها المغول بعد حملتهم على البلاد العربية بدل  الأرقام العربية – ألأنكليزية الحالية – كما إن بلاد المغرب و تونس و الجزائر و ليبيا لم تُغير تلك الأرقام لأن حملة التتار و المغول لم تصلهم حيث توقفت في مصر كما يعلم الجميع و لذلك ما زالت تستخدم آلأرقام العربية - ألأنكليزية, و نود آلأشارة إلى أنّ أساس كل العلوم الحديثة بما فيها الكومبيوتر تعتمد على تلك الزوايا و آلارقام بالخصوص رقم واحد و صفر – ألدائري – كأساس في ألـ \"باينر\" هذه واحدة من الأكتشافات آلكبيرة و العملاقة و التي تكفي لأن يكون للمسلمين  الذين تنوروا بآلقرآن و بفكر أئمة أهل البيت(ع) - تكفي لأن تكون مفخرة عظيمة لهم حتى زوال الدنيا, و نكتفي بهذا الاستدلال  العلمي على دور الحضارة الاسلامية في تقدّم البشرية, كما إن علماء المسلمين غير العرب لم يكونوا علماءَ إلا بعد إسلامهم! فمن قبل كانوا مجرد أناس عاديين لم يذكر التأريخ أنهم كانوا قد إخترعوا شيئاً سواءً من الأيرانيين أو غيرهمً, و حتى لو كانوا علماء قبل إعتناقهم للأسلام فهذا لا يُقلل من شأن الأسلام بل بالعكس يُدلل على إنّ الأسلام دين لا يتقبله و يعتنقه إلا آلعلماء قبل غيرهم!
ثانياً : إن ترجمة كتب أفلاطون و سقراط و غيرهما ليست منقصةٌ! بل إستفاد منها  المسلمون حيث لا تزال حوزة النجف في العراق تعتمد ألمنهج آلسقراطي في آلمنطق كأساس لدراستاتهم ألعلمية, بل أن علماء آلمسلمين إستحدثوا علم الكلام مقابل آلفلسفة .. أو بالأحرى كتعبير عن الفلسفة الأسلامية للدلالة على قدرة الفكر الأسلامي و إصالته, حيث تسمى في اليونانية بـ \"ألأوثولوجيا\", و هذا  الأقتباس علامة إيجابية على تفاعل علماء المسلمين مع الحضارات الأخرى و إستيعابهم لها, بل تعتبر منقبةٌ و ميزةٌ و حسنةٌ و شارةٌ على تفاعلهم و قدرتهم على إستيعاب و هضم كل العلوم ألقديمة و الحديثة و النتاج آلأنساني في كل عصر و مصر, و لا ضير في ذلك, بيد أن القرآن آلكريم قد ورد فيه مبادئ كبيرة و كثيرة حول الأستدلال و المنطق و الفلسفة و العلوم و آلفنون و هذا ما طرحه المفكرون المعاصرون أمثال ألفيلسوف شريعتي و الأمام الخميني(3) و الفيلسوف الصدر و آلمطهري و غيرهم حتى من علماء الغرب, حيث لم يكن بإستطاعة العلماء السابقين في آلصدر آلأول من الاسلام إستنباط ذلك, كما أنّ نهج البلاغة و آلحكمة و روايات أهل البيت(ع) فيها إشارات و حتى دراسات عديدة لقواعد الرياضيات و الجبر و الكهرباء و الفلك بجانب العلوم الأدبية و الأخلاقية و العرفانية و آلأصولية, و لا مجال لبحثها هنا.
ثالثاً : قول آلكاتب \"علي حسن\" بأن القرآن الكريم كتاب لا يُوجد فيه ألغنى العلمي سوى آيات حول العبادة و الخشوع و الوعد و الوعيد و آلأنتقام, فهو إفتراء و كذب يدلّ على قرائته السطحية و الناقصة بل و المغلوطة لأكبر كتاب علمي إعترف به كبار فلاسفة و مفكري العالم, و نحن على إستعداد لبيان آلمصادر و الكتب ألتي شرحت و بينت آلآيات القرانية آلتي أشارت إلى نظريات علمية عديدة تم كشفها خلال القرون و آلسنوات الأخيرة, لذا نتمنى منه أن يقرأ القرآن بتانٍ و وضوح و بروحٍ علمية بعيدة عن التشنج و آلأحكام المسبقة, لأن قرأءة المعجزات ليست كقراءة قوانين الكهرباء أو الذرة ألبسيطة, حيث لا تحتاج سوى إلى إستخدام رقم 1 و 0 ألتي يعود الفضل في كشفها إلى علماء المسلمين و ليس للغرب فيها فضل, و كذا بعض المعادلات الرياضية و الفيزيائية لتصل إلمطلوب بسهولة و يسر(4).
في آلختام أردت الأشارة إلى نقطة أخرى تبدو أنها كانت خافية أيضاً على الأخ آلكاتب علي حسن .. و هي مسألة الحضارة و المدنية, فهناك فرق كبير بينهما, يبدو أنه لا يعرف الفرق بينهما, فالحضارة تشمل مجمل الأتجاهات الثقافية و الأدبية و الفنية و النظريات العلمية, أما آلمدنية فإنها تشمل آلمواد و آلآلات و البنايات و آلتكنولوجيا, و لذلك قد يمكنك آلقول بأن الغرب تقدمت في المدنية لكن ليس بالضرورة أنها تقدمت في المجالات الحضارية الأخرى كالعفة و الشرف و الأستقامة و الأدب و الأخلاق, و لهذا نرجو من الكاتب أن لا يقيس شعوباً غربيّة لا يعرف أكثر مواطنيها آبائهم و ربما أمهاتهم .. مع شعوباً إسلامية تعتز و تحترم آبائها و أجدادها و عفتها, لأن الاسلام يؤكد على مكانة الوالدين و يقدسها!
أما تخلف العرب عموماً فهو حقيقة لا يمكن نكرانها و له جذور بدأتْ من \"السقيفة\"(5), و أقولها بإختصار لو كان  \"الغدير\" قد وقع لما إختلف سيفان في الأسلام, و لكان وضع آلمسلمين بغير ما هم عليه  الآن من تسلط الحكام المجرمين عليه.
و كلمة أخيرة نقولها للأخ الكاتب و هي: عليه أن يُراجع قرار الأمم المتحدة ألصادر عام 2002م حول إنتخاب حكومة الأمام علي ألأسلامية كأفضل حكومة عادلة و نموذجية منذ بداية التأريخ و حتى يومنا هذا, للتفاصيل : راجع كتابنا\" مستقبلنا بين الدين و الديمقراطية\" القسم الأول و القسم السابع و الثامن, و أظنها كافية لتعطيك بُعداً و افقاً جديداً في نظرتك للحضارة الأسلامية الحقيقية التي تتمثّل بخط أهل البيت(ع) .. لا بخط أهل الغدر و النفاق و القسوة و الشدة و الذبح و الأرهاب آلذي مثّله الوهابيين و الطالبانيين و الزرقاويين و أجدادهم من قبل(6).
و لهذا ستبقى الحضارة الأسلامية رغم كل المآسي آلتي سببها أبناء الطلقاء و السقيفة .. ستبقى بقيادة أهل البيت (ع)  و آلمرجعية الدينية المتمثلة بقيادة ولي أمر المسلمين أعظم و أكبر حضارة عرفتها البشرية بإعتراف أهل العلم و الأختصاص, و الدولة الأسلامية المباركة في إيران خير شاهد على هذا الأدّعاء و لا حول و لا قوة إلا بالله العلي العظيم.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) نشر موقع الحوار المتمدن موضوعه على الرابط آلتالي:
http://nawafco.blogspot.com/2008/03/blog-post.html
http://www.baghdadtimes.net/Arabic/?sid=74289
(2) للمزيد من التفاصيل راجع كتاب آلخوارزمي و البتاني.
(3) لم يتوقف بحوث الأمام الخميني  العلمية و الاصولية و آلعرفانية و كذا شريعتي و الصدر على المستوى النظري فحسب .. بل تُرجمت كل تلك العلوم من خلال نهضة علمية و تأريخية على أرض آلواقع حركت جميع قلوب البشرية المعذبة التي تئن من وطأة الرأسماليين الديمقراطية و حثالاتهم من الديكتاتوريين خصوصاً في بلادنا الأسلامية للتطلع إلى غدٍ أفضل!
(4) إحتاجت أوربا إلى ثلاثة قرون من السعي و العمل كي يحققوا الأنجازات آلعلمية المعروفة اليوم, بينما آلعلماء المسلمون في إيران بعد إنتصار  الثورة الأسلامية لم يحتاجوا سوى إلى ثلاثة عقود ليفجروا الذرة, أي أنّ علماء المسلمين فاقوا علماء الغرب بثلاثة قرون, و ستكشف آلأيام القادمة آلكثير.
(5) سقيقة بني ساعدة .. هو المكان الذي إأتمر فيه جمعٌ من صحابة النبي لتعين الخليفة بدلاً من آلوصي الذي عينه الرسول(ص), و لا مجال لذكر تفاصيل الموقف هنا.
(6) لا أعتقد أنّ آلأخ الكاتب و لا أي إنسان له إلمام بهيئة و وظائف الأمم المتحدة .. سوف يُخالفني في أن قرارات الأمم المتحدة خصوصاً في الجوانب العلمية و الثقافية و المدنية تُمثّل رأي الأكاديمين و الأخصائين من مختلف الأختصاصات و الجنسيات, و لا دخل للمذاهب و الأديان فيها كشهادة عالمية على تفوق آلحضارة الأسلامية على كل الحضارات التي ظهرت إلى يومنا هذا.

 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


عزيز الخزرجي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2011/05/30



كتابة تعليق لموضوع : ألحضارة آلأسلامية أكبر حضارة عرفتها البشرية
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net