صفحة الكاتب : الشيخ ليث الكربلائي

العولمة في ظل دولة الحجة بن الحسن صلوات الله عليه
الشيخ ليث الكربلائي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

-    تعريف العولمة :
لقد شرقوا وغربوا بين موسع ومضيق لدائرة العولمة وفي الواقع اغلب ماقدموه لا يعدو كونه شرح لفظي لا يصل الى مقام التعريف وافضل ما يمكن ان يقال عنها في هذا المقام هو انها عملية تحجيم للعالم وسيادة قانون واحد او قوانين متقاربة جدا وتتسع لجميع الاصعدة السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية وغيرها وبالتالي تعمل على محو الثقافات والتقاليد والقوانين المتعددة للشعوب وتتجه الى سيادة ثقافة وتقاليد وقوانين موحدة
-    موقف الاسلام منها :
مما يؤسف له ان اغلب الباحثين المسلمين عندما تعاملوا مع هذه الظاهرة لم يميزوا بين العولمة كمشروع مفروض من الخارج تقوده الولايات المتحدة لفرض الثقافة والقانون الغربيين على جميع المجتمعات ( غربنة العالم ) واساسه فكرة صراع الحضارات لهنتغتون وهو نوع من الاستعمار وبين التعولم او العولمة الذاتية التي هي مجرد تكامل ذاتي للثقافات اساسها نظرية حوار الحضارات ولها دوافعها ومكوناتها الذاتية التي تجعلها واقعا لا يمكن مواجهته لكن يمكن العمل على توجيهه
 ولا شك انه بناء على مبادىء وثوابت الاسلام فالعولمة بالمعنى الاول امر مرفوض واما التعولم او قل العولمة الذاتية فليس من شأنها ان تقع محلا للرفض او القبول من اصل ! لانها تحمل في طياتها دوافعا ذاتية كما اسلفت وانما ينبغي توجيهها ومما يساعد على ذلك ان مبادىء الثقافة الاسلامية رصينة بما فيه الكفاية لان ندعو الى عولمة الاسلام ونحرز نتائجا مذهلة بناء على نظرية حوار الحضارات ولكن بما ان الباحثين لم يفرقوا بين العولمة والتعولم ترى مواقفهم هشة لا يقدرون على الرفض لانهم يتصورون ان الدوافع ذاتية ولا يقدرون على التوجيه لانهم يرون الغرب يملك من العدة والعدد ما لا يملكون .
-    مشاكل عجزت عنها العولمة :
من ابرز المشاكل التي لم تتمكن العولمة من معالجتها بل ساعدت على تفاقمها في الحضارة الحديثة هي ازمة الامن العالمي لا سيما تهديدات اسلحة الدمار الشامل التي ارهقت المجتمع الدولي وازمة البيئة (حرارة الارض وغلاف فجوة الاوزون) وازمة فقدان القيم الاخلاقية والانغماس في الاباحية يوما بعد يوم والعولمة كمشروع خارجي سبب رئيس في ازمة الحاكمية الوطنية وضياع الهوية

-    العولمة في ظل دولة الحجة بن الحسن صلوات الله عليه :
لا شك ان عولمة الاسلام ستتحقق في يوم من الايام عندما تنطلق الثورة الفكرية العالمية لامامنا المهدي صلوات الله تعالى عليه كما وعد الله تعالى في كتابه وهو لا يخلف الميعاد :( وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ) (هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ ) وهذا لا يعني ان نعتزل العمل في ظرفنا الراهن لنعيش احلاما وردية عن تلك الدولة الالهية "= فكرة الانتظار السلبي" بل هذه احدى الافات التي تقف عائقا امام الظهور الشريف كما ورد في الروايات فيجب ان نقدم كل ما نستطيع تقديمه لتكوين اكبر قاعدة جماهيرية تملك من الثقافة ما يمكنها من الانسجام مع مجريات عصر الظهور.
ميزات عولمة دولة الحجة بن الحسن صلوات الله عليه :
لهذه العولمة ميزات وخصائص كثيرة تجعل الهوة بينها وبين العولمة التي يتحدث عنها الناس اليوم كبيرة جدا ولعل من ابرزها :
1-    يمكن القول ان الحجة بن الحسن صلوات الله تعالى عليه سيعمل بنظرية حوار الحضارات بخلاف العولمة اليوم فهي قائمة على اساس صراع الحضارات فان الروايات تشير الى تقدم علمي هائل في زمن الدولة الالهية حتى يكاد الذهن لا يصدق بعض فقراته مما يعني انه عليه السلام سيغزو العالم بالعلم والفكر لا بالنارالحرب كما يتصور البعض وهذا ما يفسر عدم وجود روايات عن خوض معارك مع بلدان كالهند او الصين او روما على الرغم من وجود هذه البلدان وذياع صيتها في زمن اهل بيت العصمة صلوات الله عليهم فالامام عليه السلام لا يقاتل الا من يعتدي على دولته ويشهر السلاح ضده ولا شك انه عليه السلام سيعمل بقوله تعالى ( لا اكراه في الدين ) وبالتالي سيعمد الى ان يكون دخول الشعوب في الاسلام عن طريق القناعة الفكرية لا عن طريق الحرب والاكراه كما يصوره بعض الباحثين لذا تنحصر مناطق القتال في الروايات ببلدان ذات نفوذ وهابي ناصبي كبلدان الجزيرة العربية.
2-    عولمة الاسلام تعني عولمة العلم والعقلانية والعدالة والامن والاطمئنان لاجل الاتصال بالمبدأ المطلق (الله تعالى) وتفعيل المبادىء الفطرية والحاكمية الالهية لعالم الوجود التي تقود الى كرامة الانسان " وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَىٰ كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا" اما العولمة الغربية فتهدف الى عولمة العلمانية او الليبرالية والنظام الرأسمالي اي انها تهدف الى سيادة النظم الغربية الوضعية في كل العالم (غربنة العالم) وتفشي الالحاد والتمييز الطبقي والاستغلال وهو بالتالي استعمار وغزو لسائر المجتمعات فهذه نتيجة حتمية لمن يبني رؤيته على اساس صراع الحضارات وعليه لا مكان للامن والاطمئنان ولا للعلم والعدالة في ظل العولمة الغربية وهذا ما نجده جليا في جميع البلدان الشرقية التي خضعت للغرب او دخلها الغرب لفترة من الزمن فهذا واقع لا يجرؤ احد على انكاره.
3-    اما المشاكل التي لم تتمكن العولمة الغربية من معالجتها بل ساعدت على تفاقمها في الحضارة الحديثة ففي ظل دولة الحجة بن الحسن صلوات الله عليه لا مكان للازمات اما ازمة الامن العالمي فتتلاشى بفضل الروح الفكرية والقيم والمبادىء السامية التي يبثها عليه السلام في كل بقاع العالم واما ازمة البيئة فالعلوم التي يأتي بها عليه السلام تفوق امكانات هذا العصر بملايين المرات كما يشير حديث حروف العلم التسعة وعشرون وفضلا عن هذا هو عليه السلام يملك الولاية التكوينية التي له من خلالها احداث اي تغيير كوني تكويني ولا تقتصر معالجاته على الامكانات الطبيعية كما هي حال مجلس الامم المتحدة الراعي الرسمي للعولمة الغربية واما ازمة التحلل الاخلاقي فيكفي في حلها انه عليه السلام يعمل على عولمة الاسلام دين الاخلاق والقيم السامية واما ازمة الحاكمية الوطنية وضياع الهوية فانما نتجت من اعتماد القهر والغزو في العولمة الغربية والامام عليه السلام سيسلك طريقا اخر وهو اعتماد الفكر والمقولات المطلقة التي اتسم بها الاسلام فهي لا تتعارض مع الاحتفاظ بالهويات المختلفة ولك مثال على ذلك : الا ترى ان الاسلام لم يعمل على طمس الهوية الفارسية مثلا وانما أضاف لها هوية اخرى تكون نقطة اجتماع بينها وبين الاخر الا وهي هوية الاسلام وقس عليه غيره والله المسدد للصواب.
-   
 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


الشيخ ليث الكربلائي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2015/06/03



كتابة تعليق لموضوع : العولمة في ظل دولة الحجة بن الحسن صلوات الله عليه
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net