صفحة الكاتب : نزار حيدر

أَسْحارٌ رَمَضانِيَّةٌ السّنةُ الثّانيَةِ (٢٣)
نزار حيدر

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

{قَالَ أَلْقُوا فَلَمَّا أَلْقَوْا سَحَرُوا أَعْيُنَ النَّاسِ وَاسْتَرْهَبُوهُمْ وَجَاءُوا بِسِحْرٍ عَظِيمٍ}.
 وهذا هو الشّغل الشّاغل لوعّاظ السلاطين وفقهاء البلاط والبطانة الفاسدة التي تلتفّ حول الطاغوت.
 والارهاب على نوعين؛ تارةً يكون جسدياً، بالتلويح بالعقوبات القاسية لأتفه الأسباب مثلاً او بالتعذيب او بالحرمان من ابسط الحقوق البدنيّة، واخيراً بالقتل والتصفية الجسديّة بايّة طريقة من الطرق، وأسوأها طبعاً القتل بالتفجيرات، وتارةً اخرى يكون معنوياً والمقصود به الارهاب الفكري، عندما يُتّهم المصلح بعقائده او خلفياته او حتى بولاءاته وارتباطاته، كما ورد في قول الله عز وجل عندما كان يُتهم الأنبياء؛ {قَالُوا إِنْ هَٰذَانِ لَسَاحِرَانِ يُرِيدَانِ أَن يُخْرِجَاكُم مِّنْ أَرْضِكُم بِسِحْرِهِمَا وَيَذْهَبَا بِطَرِيقَتِكُمُ الْمُثْلَىٰ} او قوله تعالى؛ {وَقَالَ فِرْعَوْنُ ذَرُونِي أَقْتُلْ مُوسَىٰ وَلْيَدْعُ رَبَّهُ إِنِّي أَخَافُ أَن يُبَدِّلَ دِينَكُمْ أَوْ أَن يُظْهِرَ فِي الْأَرْضِ الْفَسَادَ}.
 وانّ أدواتهم لتحقيق ذلك، ما يلي؛
 اولاً؛ الاعلام والدّعاية السوداء التي لا تعرف الحدود والخطوط الحمراء، والحرب النفسية التي تسحر أعين الناس فيصدّقوا ما يسمعون ويرَون وكأنها حقائق ومسلّمات!.
 ثانياً؛ التّهمة والتّشكيك والطعن واغتيال الشخصية، بالارهاب والإرعاب والتخويف، كما في قوله تعالى {قَالَ فِرْعَوْنُ آمَنتُم بِهِ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ إِنَّ هَٰذَا لَمَكْرٌ مَّكَرْتُمُوهُ فِي الْمَدِينَةِ لِتُخْرِجُوا مِنْهَا أَهْلَهَا فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ* لَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُم مِّنْ خِلَافٍ ثُمَّ لَأُصَلِّبَنَّكُمْ أَجْمَعِينَ}.
 ثالثاً؛ الدّفاع المستميت عن الباطل والظلم حتّى اذا احتاج الامر الى توظيف الدّين والآيات والروايات والفتوى وكل شيء!.
 انّ كلّ هذه الادوات تُنتج شعباً خائفاً ومجتمعاً جباناً ومرعوباً لا يجرؤ على ان يتكلمّ بشيء، ولا يجرؤ على ان يُطالب بحقٍّ او يعترض على خطأ، ولذلك تراهُ يقبل بظلم الطّاغوت لدرجة الاستسلام والخضوع والخنوع، فيتنازل له عن كلّ حقوقه!.
 وعلى نفس المنهج تسير جماعات العنف والارهاب، فهي الاخرى توظّف نفس الادوات وتسلك نفس الطريق لبسط نفوذها وسيطرتها على الراي العام، وقبل ذلك على عقول الناس وإراداتهم، وانّ ما تنشرهُ من مقاطع فيديو تُظهر عمليّات القتل والتفجير والتدمير والذبح وحزّ الرقاب والجلد والصّلخ والحرق، انّ كل هذه الهدف منها هو بثّ الرّعب والخوف في صفوف الناس ليستسلموا لهم وكأنّهم قدرٌ لا يمكن التخلص منه ولا ينبغي مواجهته!.
 انّهم امتدادٌ لمنهجيّة بقر بطون الحوامل وذبح الرّضع في احضان امّهاتهم وقطع رؤوس الأطفال على اكتاف امّهاتهم وقطع الرقاب والحرق في محاكم التّفتيش في عقائد الناس التي بدأها الخوارج في عهد الامام امير المؤمنين (ع) وشجّع عليها وكرّسها ونشرها الامويّون لارهاب الناس من اجل تثبيت سلطتهم الظّالمة، فكان معاوية بن ابي سفيان يبعث بازلامه للإغارة على أطراف دولة امير المؤمنين (ع) قائلا لهم؛ [سرْ حتّى تمرّ بالمدينة فاطرد الناس وأَخِفْ مَنْ مررتَ به، وأنهب اموال كلّ مٓنْ أصبت له مالاً ممن لم يكن دَخَلَ طاعتنا...وأَرْهِبِ النّاس عنك فيما بين المدينة ومكة واجعلها شَرَدات].
 ولقد وصف امير المؤمنين عليه السلام واحدة من صور الارهاب والإرعاب التي يمارسها ازلام معاوية بقوله؛ {وَلَقَدْ بَلَغَنِي أَنَّ الرَّجُلَ مِنْهُمْ كَانَ يَدْخُلُ عَلَى المَرْأَةِ المُسْلِمَةِ، وَالاُْخْرَى المُعَاهَدَةِ، فيَنْتَزِعُ حِجْلَهَا وَقُلْبَهَا وَقَلاَئِدَهَا، وَرِعَاثَهَا}.
 كما وصفَ الامام محمد بن علي بن الحسين الباقر عليه السلام ذلك بقوله؛
 {وقُتلت شيعتنا بكلّ بلدةٍ، وقُطِعَت الايدي والارجل على الظِّنّةِ، وكلّ من يذكر بحبّنا والانقطاع إلينا سُجن او نُهب مالُه او هُدمت دارهُ، ثمّ لم يزل البلاء يشتدّ ويزداد الى زمان عُبيد الله بن زياد قاتل الحسين عليه السلام}.
 واذا تتبّعنا طريقة حرب نظام القبيلة الفاسد الحاكم في الجزيرة العربية على العراق الجديد كنموذج، فسنلحظ ما يلي؛
 ١/ انّه وظّف الفتوى الطائفيّة لسحرِ أعين الناس وغسل ادمغة الشباب المغرّر بهم، فمنذ لحظة سقوط الصّنم في بغداد في التاسع من نيسان عام ٢٠٠٣ صدرت عن فقهاء الحزب الوهابي، وبأوامر من نظام القبيلة مباشرة، المئات من فتاوى التكفير والقتل والتّدمير، فرديّة وجماعيّة!.
 ٢/ كما انّهُ أنفق الأموال الطّائلة على الاعلام لتضليل الراي العام، وكذلك لغسل ادمغة الشباب المغرر بهم، لدرجة انّه نجح في إقناعهم بأنّ من يفجّر نَفْسَهُ بحزامٍ ناسفٍ او سيّارةٍ مفخّخةٍ ويقتل اكبر عددٍ ممكن من الأبرياء فسيحضر مأدبة غداء او عشاء مع رسول الله (ص) في جنان الخلد!.
 كما انّ هذا الاعلام الطّائفي سحر اعين الناس من خلال تصوير القاتل والذبّاح ومفجّر الأحزمة الناسفة والسيّارات المفخّخة بالمجاهد البطل، ليتحوّل شيئاً فشيئاً الى نموذج يتمنّى الشّباب المغرّر بهم ان لو كان بامكانهم ان يكونوا مثله، فهو نموذجهم الجديد في القرن الواحد والعشرين!.
 كما انّ إعلامهُ الطائفي نجح، وللاسف، في بثّ الرّعب والخوف في صفوف الناس من خلال نشر مقاطع الذبح والقتل والتفجير والتدمير، خاصّة تلك التي تحصل في الأماكن العامة!.
 وانّ ما يُثير السّخرية اليوم حقاً هو محاولة نظام القبيلة إقناع الرأي العام ببراءته، او على الأقل توبتهِ، من كلّ جرائم الارهاب والقتل بمسلسل رمضاني او مسلسلين، ليعود ويضحك على ذقون الناس مرّة اخرى، ظنّاً منه انّ الراي العام غبيّ لهذه الدرجة فيصدّق توبتهُ او انّ ذاكرته تنسى بسرعة ليقتنع ببراءة نظام القبيلة من مسؤولية كلّ قطرة دمٍ أُريقت ظلماً وعدواناً بسبب الارهاب وفي ايّ مكان في العالم، خاصةً في العراق وسوريا واليمن ومصر وتونس وليبيا وغيرها من بلداننا العربية! فكلّ عنصرٍ ارهابي هو نتاج سحرهم وإرهابهم الذي زرعوه في عقول الناس في المساجد والمدارس (الدينيّة) والمراكز والحواضن التي تعلّمهم التكفير والكراهية وتربّيهم على احتكار الحقيقة والغاء الاخر والموت!.
 لقد حرّض نظام القبيلة، يساعده بذلك فقهاء الحزب الوهابي، على الارهاب بشكل واسعٍ جداً وكبير، حتّى تحوّل اليوم الى أَخطر ظاهرة تهدّد البشرية بالدّمار، فهو يتحمّل المسؤولية كاملة، وينبغي ان يُلاحق دولياً بتهمة إشعال حروب الإبادة ونشر الرعب والارهاب في الأماكن العامة!.
 كيف يريد ان يقنعنا بتوبته ولازال فقهاء التكفير المنتشرون في مساجد (المملكة) يدعون للارهابيين في العراق وغيره، بالنصرة على الرافضة الملحدين، على حد قول احدهم قبل يومين؟!.
 واذا كان هذا النّظام الفاسد يظنّ انّ بامكانه التهرّب من المسؤولية بمسلسل تلفزيوني او اكثر، فهو واهمٌ جداً، وما يَخدعُ الا نَفْسَهُ، وصدق الله العليُّ العظيم القائل في محكم كتابه الكريم؛ {يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ* فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ}.
 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


نزار حيدر
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2015/07/10



كتابة تعليق لموضوع : أَسْحارٌ رَمَضانِيَّةٌ السّنةُ الثّانيَةِ (٢٣)
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net