صفحة الكاتب : علي جابر الفتلاوي

هل الهجوم المباشر على سوريا هو المشروع الامريكي الجديد ؟
علي جابر الفتلاوي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
لا يبدو أن أمريكا تمتلك آلية واضحة لتنفيذ ستراتيجيتها حيال دول المنطقة، نرى سلوكها وتصرفاتها يبدو عليهما الإرباك والتناقض في كثير من المواقف، لكن الهدف واضح عندها وهو تمزيق دول المنطقة خاصة المحيطة بإسرائيل، وحتى الدول البعيدة عن إسرائيل التي يسيطرعلى شعوبها شعور وحماس دعم المقاومة ضد إسرائيل مثل اليمن وليبيا .
 في بداية الأزمة السورية أعلنت أمريكا أنها ستشكل حلفا دوليا لشن هجوم عسكري على سوريا، وبذلت جهودا كبيرة لاستحصال قرار من مجلس الأمن يسمح لها بالعدوان العسكري المباشر على سوريا على غرار ما جرى في العراق، لكن مجلس الأمن فشل في إصدار مثل هذا القرار بسبب الموقف الروسي واستخدام الفيتو لإفشال المشروع، ومن أجل الإنتقام من روسيا اختلقت أمريكا أزمة أوكرانيا بسبب مواقف روسيا المساند للشعب السوري، لكن الرئيس الروسي بوتين  صاحب الخبرة في التعامل مع  أمريكا، ضربها ضربة فاجأتها عندما استعادت روسيا شبه جزيرة القرم  من أوكرانيا بحركة عسكرية خاطفة أذهلت أمريكا وحلفاءها، وشبه جزيرة القرم ضُمت إلى أوكرانيا أيام الرئيس الأسبق خروتشوف رئيس الاتحاد السوفيتي الاسبق، وبسبب الموقف الروسي الصلب فشلت أمريكا وحلفها الشيطاني في شن هجوم عسكري مباشر على سوريا، وقد جُنت السعودية بسبب فشل الهجوم العسكري المباشر، إذ طلبت لمرات عديدة من أمريكا في السرّ والعلن شن هذا الهجوم، لكن أمريكا رفضت شنّ هجوم مباشر خارج موافقة مجلس الأمن، رغم الرشوة الكبيرة التي عرضتها السعودية عليها، أمريكا الخبيرة في التعامل مع المتخلفين الحكام الأعراب، استطاعت الحصول على الأموال السعودية والخليجية بطريق آخر من خلال دعمها لمنظمات الإرهاب لمهاجة سوريا من عدة محاور، إذ استخدمت أمريكا وأدواتها منظمات الإرهاب التكفيرية التي أنتجها الفكر الوهابي، أداة لتنفيذ المشروع الأمريكي التقسيمي لدول المنطقة، بدعم وتمويل دول الخليج ودعم لوجستي من حكومة تركيا الوهابية الأردوغانية .
في بداية شهر تموز 2015 بدأت أمريكا  تسويق مشروع جديد ضد  سوريا، وهو الترويج من خلال الإعلام أن الطائرات الامريكية ستقصف الجيش السوري إذا اعترض تقدم المسلحين الذين دربتهم أمريكا، وأدخلتهم إلى  سوريا بعنوان المعارضة المسلحة المعتدلة، عبر الحدود الأردنية والتركية ومنافذ أخرى، وبلغ الاستهتار الأمريكي أنها هي من يصنف الإعتدال وفق مزاجها ومصلحتها ومصلحة إسرائيل، فهذا معتدل وذاك متطرف أو إرهابي، والمعيار من يتصالح مع إسرائيل فهو معتدل ومن يرفض وجودها ويدعم المقاومة فهو إرهابي أو متطرف، أرى أن إدخال هؤلاء المسلحين إلى سوريا هو بداية الهجوم الأمريكي المباشر على الجيش السوري، بحجة دعم  المعارضة المعتدلة السورية، وقد ادعت أمريكا قبل أيام أنها قصفت مواقع جبهة النصرة التي اعترضت تقدم المسلحين الذين دربتهم أمريكا، وقالت أمريكا أنها ستقصف الجيش السوري إذا تصدى  للمسلحين ( المعارضة المعتدلة ) المدعومين من أمريكا والدول العربية وتركيا بشكل مباشر.
أمريكا تتخبط اليوم في سياستها، وفي كل يوم يظهر لنا فصل من فصول اللعبة الأمريكية التي هدفها النهائي تقسيم دول المنطقة من أجل أن تقرّ عيون إسرائيل، النشاط الأمريكي الصهيوني العربي الرسمي، يقابله النشاط  الروسي الإيراني الذي يرفض دخول هؤلاء المسلحين بعناوين وهمية، فهم إرهابيون لا يختلفون عن الإرهابين الآخرين المتواجدين في الساحة السورية، سوى أن الارهاب المتواجد في سوريا منذ سنوات والمدعوم من نفس المحور الأمريكي الصهيوني ومعه التوابع من الحكومات العربية والحكومة التركية الأردوغانية، قد فشل في إسقاط سوريا وبالتالي فشل مشروع التقسيم .
في مقابل المشروع الأمريكي يوجد المشروع الإيراني الروسي المدعوم من شعوب المنطقة، وبدأ الحراك الإيراني الروسي على دول المنطقة بشكل واضح بعد الاتفاق النووي الإيراني مع دول ( 5+1 )، ورسالة المشروع إن الإرهاب الذي تدعمه بعض حكومات المنطقة سيرتد على هذه الدول في يوم من الإيام، لأن الإرهاب أشبه بحريق يصعب السيطرة عليه،  وقد يمتد إلى الجيران في أية فرصة متاحة، وهذا ما أثبته الواقع اليوم، وآخر تفجير إرهابي جرى في السعودية بتأريخ ( 6 / 8 / 2015 )، في مدينة أبها جنوب السعودية، إذ قام انتحاري بتفجير نفسه في قوات الطوارئ السعودية أثناء تأديتهم لصلاة الظهر في أحد جوامع المدينة، وكان عدد الضحايا ( 22 ) منتسبا بين قتيل وجريح، وإثر التفجير أعلنت روسيا عن استعدادها للتعاون مع السعودية في القضاء على الارهاب وتجفيف منابعه، كذلك اعلنت ايران عن ادانتها للعمل الارهابي ولكل أنواع الارهاب في جميع الدول، لكن المعايير المزدوجة عند السعودية وسيدتها أمريكا لا يروق لهم هذا الطرح، لأن دعم الإرهاب أو إدانته إنما يكون وفق مصلحة أمريكا وإسرائيل وحلفهما الشيطاني .
الارهاب لا يأتي من فراغ، لا بد من فكر يرعاه وهو الفكر الوهابي الذي ترعاه السعودية ودول الخليج النفطية عدا عمان، ولا بد من دعم لوجستي لأي تنظيم إرهابي وهذا الدعم يأتي من أمريكا وإسرائيل والحكام العرب إضافة إلى تركيا، إدعاء أمريكا أنها تحارب الإرهاب إدعاء كاذب، وقد سمعنا في الإعلام قبل أيام أن الطريق الرابط بين الموصل والرقة السورية المحتلة من داعش هو في خدمة داعش ولا أحد يقترب منه بأوامر أمريكية، وممنوع على الطائرات العراقية الوصول إلى هذا الطريق، وأن هذا الطريق الحيوي الذي يستخدم لنقل المسلحين والإمدادات بمختلف أنواعها تحميه الطائرات الأمريكية وقوات البيشمركة البرزانية، وقد أعترف بذلك أمام الإعلام قسم من قادة البيشمركة المتواجدين بالقرب من هذا الطريق .
الشعوب عرفت أن منظمات الإرهاب وخاصة في سوريا والعراق تتحرك وتعمل تحت المظلة الأمريكة وحلفاؤها من دول المنطقة، وعرفت الشعوب أن هذه المنظمات الإرهابية أداة لتحقيق الأهداف الأمريكية والصهيونية، حتى إذا انتهت مهمتها شُيعت بوفاة غير حقيقية أو تتحول إلى محور آخر، وهذه المعادلة واضحة منذ تشكيل منظمة القاعدة في افغانستان وحتى يومنا هذا، واليوم وجدت أمريكا أن أدواتها الإرهابية عاجزة عن تحقيق الأهداف بعد سنوات من القتال الشرس، فاخترعت لعبة جديدة هي تدريب ما سمي ( المعارضة المعتدلة ) وتسليحها ودفعها للقتال عبر الحدود الاردنية، بدعم الطيران الأمريكي المباشر، لهذا أعلنت أمريكا أنها ستقصف الجيش السوري إذا اصطدم مع المسلحين المدربين في الأردن والسعودية، اللعبة الأمريكية المدعومة من السعودية وتركيا ومحور حكام الخليج والاردن سيكون مصيرها الفشل، لصمود الشعب السوري من جهة ومعارضة المحور الروسي الإيراني لهذا المشروع الجديد الذي يسمح لأمريكا بالعدوان المباشر على الجيش السوري من جهة أخرى، ليس سهلا على أمريكا أن تدخل هي المعركة بشكل مباشر لأن هذا السلوك سيسمح لدول أخرى كإيران وروسيا بالتدخل المباشر أيضا، وهذه حالة ليست في صالح المصالح الأمريكية والصهيونية التي هي الهدف عند أمريكا، بناء على هذه المعطيات نقول لن تقدم أمريكا على حماقة قصف الجيش السوري بشكل مباشر، وإذا قامت بهذه العدوان فستكون ردود الفعل من شعوب المنطقة والمقاومة إضافة إلى روسيا وإيران في غير صالح أمريكا ومحورها الشيطاني في المنطقة، عليه نحكم على فشل المشروع الأمريكي الجديد .

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


علي جابر الفتلاوي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2015/08/15



كتابة تعليق لموضوع : هل الهجوم المباشر على سوريا هو المشروع الامريكي الجديد ؟
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net