صفحة الكاتب : هادي جلو مرعي

مهاجر الى أمريكا
هادي جلو مرعي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 من حقك ياصديقي، فأنت تفكر في مستقبل أفضل لأولادك الذين أخذوا يكبرون وأنت تراهم عاجزين عن تحقيق أمل واحد، أو حلم صغير عجزت عن تأمينه حكومات متعاقبة تربعت على عروش ونقوش ولكنها حطمت نفوس وعقول وضمائر من أجل بقاء العروش، وماحصل في العراق خلال العقود الماضية مريع للغاية ومرهق للتفكير والوجدان فلم تنجح أية حكومة جاءت لقيادة هذا البلد في تحقيق منجز ما يريح الشعب ويوفر له ضمانات المستقبل الآمن لأجياله التي تبحث عن المزيد من الفرص كبقية الشعوب في هذا العالم، وكان تلك الحكومات تمارس العفرتة والبلطجة وتحمل الهراوات في وجوه الناس وتعذبهم وتمنع عنهم فرص الحياة الكريمة وتسخرهم لدوامها وبقائها، تصوروا إن تلك الحكومات تعمل جاهدة على وضع الشعب بكامله في دائرة الهيمنة المطلقة وتمنع عنه الحركة الملائمة لصناعة التغيير، ولم تكن مستعدة للتعاون مع المواطنين العاديين بل تمارس سطوتها على العامة وتصنع نخبة مرتبطة بها تعمل على مساندتها على الدوام وتحجب عن بقية الناس حقوقهم، وكانت ترفض أن تتيح لهم فرصة السفر الى الخارج إلا بشروط قاهرة كما حصل في ثمانينيات القرن الماضي وتسعينياته.

حصل صديقي على فرصة للهجرة الى أمريكا صحبة أبنائه الشبان وزوجته، كان قلقا حزينا واجما وهو يفكر في المستقبل، فهو يغادر وطنا تعوده، وفيه إمتدت جذوره بعمق الأرض التي لم تمنحه سوى الحزن، وربما دفن أعزاءه فيها لمرات ومرات في حروب وحصارات، لكنه يظل يحن إليها، مشتاقا لدوام العيش فيها صحبة من بقي من الأحبة، بينما ينظر الى أبنائه وهم سعداء متفائلين يأملون بغد مختلف في بلد مثل أمريكا طالموا سمعوا به وحلموا بالرحيل إليه،هو يفكر طويلا، هاأنا في وطني وقد أموت غدا وأتركهم الى مصير مجهول، في بلدي الذي تتناوشه عصابات الفساد، ويعبث فيه القتلة وحملة السلاح، ووتتبادل فيه الأدوار مجموعات من الإرهابيين يحملون إسما مختلفا في كل مرحلة، فمن القاعدة الى داعش، ويالها من بلوى، بلد يعيش تحت رحمة مجموعات من الفاسدين المفسدين والقتلة، والجماعات الإرهابية التي لاترحم ولاتفهم من لعبة الحياة سوى القتل والتدمير وهي تحمل شعارات جاءت بها من عمق الصحراء القاحلة، فصارت عقول أتباع تلك الجماعات صحاري لاحياة فيها، وهي لاتسمح بالحياة، فلماذا البقاء في وطن هو صحراء قاحلة وقاتلة وموغلة في الجفاف.

حين بدأت روحه تجف هنا، فكر في وطن بديل، وهو يهاجر الى أمريكا مع أبنائه لعله يجد لهم مستقبلا أكثر تفاؤلا وينقذهم، مفارقا الوطن آملا في العودة إليه حتى لو كان لوحده ليواصل الحياة بين أمريكا والعراق، وهو أمل يخبو في داخله كلما إقترب من بوابة مطار بغداد. يتذكر أغنية قديمة، ويظل يغني لوحده دون أن يسمعه من أحد..آه ياأرض المطار.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


هادي جلو مرعي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2015/08/29



كتابة تعليق لموضوع : مهاجر الى أمريكا
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net