صفحة الكاتب : حيدر الحد راوي

تأملات في القران الكريم ح293 سورة العنكبوت الشريفة
حيدر الحد راوي
 بسم الله الرحمن الرحيم
 
وَقَالُوا لَوْلَا أُنزِلَ عَلَيْهِ آيَاتٌ مِّن رَّبِّهِ قُلْ إِنَّمَا الْآيَاتُ عِندَ اللَّهِ وَإِنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُّبِينٌ{50} 
تروي الآية الكريمة كلاما لكفار مكة (  وَقَالُوا لَوْلَا أُنزِلَ عَلَيْهِ آيَاتٌ مِّن رَّبِّهِ ) , مقترحين نزول آية عليه "ص واله" كناقة صالح او عصا موسى "ع" ... الخ , (  قُلْ ) , يأتي الرد على مقترحهم هذا :  
1- (  إِنَّمَا الْآيَاتُ عِندَ اللَّهِ ) : انما الآيات عنده عز وجل ينزلها كيف يشاء , ولا املك ان انزل عليكم آية من عندي . 
2- (  وَإِنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُّبِينٌ ) : وظيفتي اني نذير مخوفا لكم من نوعين من العذاب يحلان بكم , الاول عذاب عاجل في الدنيا , والثاني عذاب آجل يوم القيامة .  
 
أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَرَحْمَةً وَذِكْرَى لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ{51} 
تستمر الآية الكريمة في موضوع سابقتها الكريمة (  أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ ) , القرآن الكريم فيه الآيات الكافية , وهو ليس كالآيات السابقة فقد كان امدها محدود , اما القرآن فممدود , اضافة الى ما فيه من اعجازات لغوية وكلامية ... الخ , (  إِنَّ فِي ذَلِكَ لَرَحْمَةً ) , نعمة عظيمة , (  وَذِكْرَى لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ ) , وايضا القرآن تذكرة لمن كان همه الايمان , لا التعنت والبغي .   
مما يروى في سبب نزول الآية الكريمة ان اناسا من المسلمين اتوا رسول الله صلى الله عليه واله بكتف كتب فيها بعض ما يقوله اليهود قال كفى بها ضلالة قوم ان يرغبوا عما جاء به نبيهم الى ما جاء به غير نبيهم فنزلت . "تفسير الصافي ج4 للفيض الكاشاني" . 
 
قُلْ كَفَى بِاللَّهِ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ شَهِيداً يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالَّذِينَ آمَنُوا بِالْبَاطِلِ وَكَفَرُوا بِاللَّهِ أُوْلَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ{52} 
تستمر الآية الكريمة في نفس الموضوع (  قُلْ كَفَى بِاللَّهِ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ شَهِيداً ) , كفى به جل وعلا شهيدا بصدقي وصدق ما جئتكم به من عنده جل وعلا , وقد صدقني بالمعجزات , (  يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ) , وهو جل وعلا يعلم ما في السماوات والارض علما شهوديا , لا تخفى عليه خافية , (  وَالَّذِينَ آمَنُوا بِالْبَاطِلِ وَكَفَرُوا بِاللَّهِ أُوْلَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ ) , يقرر النص المبارك ان الذين آمنوا بكل ما يعبد من دون الله تعالى وكفروا به جل وعلا هم الخاسرون , فقد خسروا انفسهم وايمانهم ودنياهم واخرتهم .     
 
وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذَابِ وَلَوْلَا أَجَلٌ مُّسَمًّى لَجَاءهُمُ الْعَذَابُ وَلَيَأْتِيَنَّهُم بَغْتَةً وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ{53} 
تنعطف الآية الكريمة لتذكر ان الكفار (  وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذَابِ ) , وهو قولهم { وَإِذْ قَالُواْ اللَّهُمَّ إِن كَانَ هَـذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِندِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِّنَ السَّمَاءِ أَوِ ائْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ }الأنفال32 , (  وَلَوْلَا أَجَلٌ مُّسَمًّى لَجَاءهُمُ الْعَذَابُ ) , لكن مشيئته عز وجل اقتضت موعدا لكل عذاب , في كل امة , (  وَلَيَأْتِيَنَّهُم بَغْتَةً ) , بشكل مفاجئ , (  وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ ) , بوقت وقوعه ونزوله بهم .   
 
يَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذَابِ وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكَافِرِينَ{54} 
تستمر الآية الكريمة في موضوع سابقتها الكريمة (  يَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذَابِ ) , حلوله بهم , (  وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكَافِرِينَ ) , الاحاطة بهم , كل كافر هو جهنم بحد ذاته .   
 
يَوْمَ يَغْشَاهُمُ الْعَذَابُ مِن فَوْقِهِمْ وَمِن تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ وَيَقُولُ ذُوقُوا مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ{55} 
تستكمل الآية الكريمة في موضوع سابقتها الكريمة (  يَوْمَ يَغْشَاهُمُ الْعَذَابُ ) , ينزل بهم , (  مِن فَوْقِهِمْ وَمِن تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ ) , يبين النص المبارك موارد نزول العذاب من فوق ومن تحت , (  وَيَقُولُ ) , الملك الموكل بالعذاب , (  ذُوقُوا مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ ) , جزاء ما كنتم تعملون .    
 
يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ أَرْضِي وَاسِعَةٌ فَإِيَّايَ فَاعْبُدُونِ{56} 
الآية الكريمة تخاطب المؤمنين (  يَا عِبَادِيَ ) , وصفهم الباري عز وجل بالعباد , ونسبهم اليه جل وعلا , (  الَّذِينَ آمَنُوا ) , بما ارسلت لهم من الرسل , (  إِنَّ أَرْضِي وَاسِعَةٌ  فَإِيَّايَ فَاعْبُدُونِ ) , اذا لم يكن ميسرا لكم عبادتي في بلادكم , فانتشروا واقصدوا بلادا يتيسر لكم ذلك فيها .
مما يروى في سبب نزول الآية الكريمة انها نزلت في ضعفاء مسلمي مكة , كانوا في ضيق من اظهار اسلامهم بها . "تفسير الجلالين للسيوطي" . 
( عن الباقر عليه السلام قال يقول لا تطيعوا اهل الفسق من الملوك فان خفتموهم ان يفتنوكم عن دينكم فان ارضي واسعة وهو يقول فيم كنتم قالوا كنا مستضعفين في الارض فقال الم تكن ارض الله واسعة فتهاجروا فيها.
عن الصادق عليه السلام إذا عصي الله في ارض انت بها فاخرج منها الى غيرها.
عن النبي صلى الله عليه وآله من فر بدينه من ارض الى ارض وان كان شبرا من الارض استوجب بها الجنة وكان رفيق ابراهيم عليه السلام ومحمد صلى الله عليه وآله ) .  "تفسير الصافي ج4 للفيض الكاشاني" .
 
كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ثُمَّ إِلَيْنَا تُرْجَعُونَ{57}
تقرر الآية الكريمة : 
1- (  كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ) : كل نفس تنال الموت , لا استثناء في ذلك شيء . 
2- (  ثُمَّ إِلَيْنَا تُرْجَعُونَ ) : في البعث والنشور .    
 
وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَنُبَوِّئَنَّهُم مِّنَ الْجَنَّةِ غُرَفاً تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا نِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ{58} 
تنعطف الآية الكريمة لتذكر مثنية (  وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ) , الذين آمنوا وقرنوا ايمانهم بالعمل الصالح , (  لَنُبَوِّئَنَّهُم مِّنَ الْجَنَّةِ غُرَفاً ) , ينزلهم الباري عز وجل في غرف عالية المقام , (  تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ) , انهار كثيرة , من ماء ولبن وعسل , (  خَالِدِينَ فِيهَا ) , لا يخرجون منها ابدا , (  نِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ ) , حسن صنعهم , فحسنت عاقبتهم وطاب اجرهم .      
 
الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ{59}
تضيف الآية الكريمة لسابقتها الكريمة : 
1- (  الَّذِينَ صَبَرُوا ) : صبروا على : 
أ‌) أذى المشركين في عهده "ص واله" , وكافة انواع الاذى في ما بعده "ص واله" . 
ب‌) كافة المحن والمشاق التي تعرضوا لها بسبب ايمانهم ونشر الاسلام . 
ت‌) صبروا على الطاعة .
2- (  وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ ) : ثم انهم لا يتوكلون ولا يثقون ولا يعتمدون الا على الله تعالى القادر المقتدر .     

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


حيدر الحد راوي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2015/09/13



كتابة تعليق لموضوع : تأملات في القران الكريم ح293 سورة العنكبوت الشريفة
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net