محنة السلطة القضائية والإصلاحات المرتقبة ومطالب المتظاهرين
د . عبد القادر القيسي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
كثر الحديث في الايام الاخيرة عن ضرورة اصلاح السلطة القضائية، وكررت هذه المطالبات في التظاهرات، ومما دفعني للكتابة في هذا الموضوع هو امرين: الأول، عدة مطالبات من أصدقاء ومحامين وقضاة ومن أعضاء في نقابات واتحادات دولية وعربية، والثاني: ما يظهر بين الحين والآخر من يتصدر القنوات والمواقع الإلكترونية باجتهادات لا ترقى مع خبرته وخدمته المهنية والقانونية ومنهم من يطلق على نفسه مستشار قانوني باختلاس لمسميات وظيفية اوجدتها مراكز وهمية في لبنان ومصر وانتقلت الى كردستان، والتي تمنح منصب مستشار بثلاثة أيام وبخمسمائة دولار(وكتبت مقال عن ذلك) والمؤسف ان من يرعى ذلك نقابات واتحادات مهنية، ورجال قانون من خريجي هذه المراكز يمارسون الاحتيال والسطو(مع سبق الإصرار والترصد) على مناصب وظيفية لا تأتي الا بعد خبرة وخدمة واليات ليست بالسهلة وتستمر لسنوات(قانون نقابة محامي إقليم كردستان)وبصدور مراسيم جمهورية(قانون الخدمة المدنية العراقي النافذ)، لكنهم اصبحوا مستشارين في صفحات الفيس بوك وكارتاتهم التعريفية وعلى واجهات مكاتبهم بغفلة من الزمن، ورجال القانون المهنيين في مصر والأردن يسمونهم(مستشار بمائة دولار)، وشاهدت قنوات تستضيف قانونيين ومحللين ممن لا يفقه من بحر القانون الا سواحله الرملية، وممن لم يحسنوا في أدائهم المهني وممن لا يفهموا لغة طرح الآراء القانونية والاجتهادات ولا آفاقها، وهم يحاولون أن يسبحوا في بحيرات ضحلة، وقرات عدة مقالات واستمعت لعدة نقاشات في ورش عمل، كلها تلقى فيه اللوم على السلطة القضائية بعدم سعيها لتغيير التشريعات النافذة التي أصبحت لا تتفق وتحولات ما بعد عام 2003 ومنها التشريعات التي تعنى بالهيكلية القضائية.
والسلطة القضائية في العراق تطورت من ناحية النصوص القانونية الحاكمة لفعالياتها بعد 9/4/2003 ففي عهد النظام السابق كان هناك مايعرف ب (مجلس العدل) الذي اخضع السلطة القضائية وفق القانون رقم 101 لسنة 1977 وحيث ان مجلس العدل كان برئاسة وزير العدل فلنا ان نعرف حجم تبعية السلطة القضائية للسلطة التنفيذية.
بصدور الامر رقم (35) المؤرخ في 18/9/2003 تم اعادة العمل بمبدأ استقلالية السلطة القضائية، شُكل مجلس القضاء الأعلى الذي يتكون من رئيس محكمة التمييز وعضوية نوابه الخمسة ورئيس مجلس شورى الدولة ورئيس الادعاء العام ورئيس هيئة الاشراف القضائي ورؤساء محاكم الاستئناف.
هذه الخطوة جاءت منسجمة مع المعايير الدولية والنظم الديمقراطية التي تدعوا الى استقلالية القضاء وفصل السلطات ومنها قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة في 29/11/ 1985، والأمر 35 لعام 2003 الصادر من سلطة الائتلاف المؤقتة ( (CPA، فقد جعل مجلس القضاء الأعلى، مسؤولا عن الاشراف على النظام القضائي في العراق ويمارس مهامه بشكل مستقل عن السلطة التنفيذية ووزارة العدل فله تعيين القضاة والترشيح لتولي المناصب القضائية المنصوص عليها في قانوني التنظيم القضائي والادعاء العام، وقد تم فصل ميزانية مجلس القضاء عن السلطة التنفيذية بموجب مذكرة سلطة الائتلاف المؤقتة بالرقم 12لسنة2004، وتم اعطاء السلطة والولاية على موظفي المحاكم بدلا من وزارة العدل، وهذه كلها اجراءات صحيحة لا غبار عليها ويجب ان تستكمل بجعل المعهد القضائي ومديريات التنفيذ ومديرية رعاية القاصرين تحت سلطة مجلس القضاء وكذا الحال في ما يتعلق بمجلس شورى الدولة ومحكمتي القضاء الاداري وقضاء الموظفين مستقلتان اي لا تتبعان السلطة التنفيذية حتى يتأكد مبدأ فصل السلطات.
حددت المادة 89من الدستور مكونات السلطة القضائية، وجاءت المادة 90 لتشير الى تولي مجلس القضاء الاعلى ادارة شؤون الهيئات القضائية، اما المادة 91 من الدستور اشارت الى ان مجلس القضاء الاعلى يتولى ادارة شؤون القضاة والاشراف على القضاء الاتحادي.
والكل يتساءل عن الجهة التي من الممكن ان تقُيل السيد رئيس مجلس القضاء الأعلى او تجري اصلاحات داخل السلطة القضائية، والتي ضاعت ملامحها بين رئاسة الجمهورية والبرلمان، فبعد مطالبات الجماهير وكذلك المرجعية الدينية بضرورة اصلاح السلطة القضائية، أعلنت السلطة القضائية الاتحادية، عن رفض اعضاء مجلس القضاء الاعلى بالأجماع طلب رئيسه القاضي مدحت المحمود بإحالته على التقاعد، مما جعل الامر لا يروق للمتظاهرين، وهناك توجهات بتمرير مشروع قانون المحكمة الاتحادية حيث يعده الكثير انه وحده الكفيل بإجراء الاصلاحات المطلوبة داخل السلطة القضائية .
فأننا ومع عظيم احتراماتنا للسلطة القضائية، نقدم وبكل تواضع وصدق وبعيداً عن قصد التجريح وانتقاص من جهود هذه المؤسسة العريقة، رؤيتنا المتواضعة أملين أن يتفهم الجميع أن الغاية من هذه الدراسة لتوضيح بعض من وجهة نظرنا بالحقائق التي نرى من الأهمية التطرق إليها لغرض تصحيح وضع المؤسسة القضائية، التي أصبح بقائها بهذا الحال خطر على المسار الذي خطه دستور 2005 في تحقيق الحقوق والحريات وحكم القانون والقضاء العادل وحتى بقاء تماسك الدولة العراقية كدولة اتحادية موحده، إننا نرى أن الإصلاح يتم وعلى التوازي من خلال المعابر التالية:
المعبر الأول: مدى شرعية بعض مكونات السلطة القضائية:
المعبر الثاني: مناقشة ورقة الإصلاح المقدمة من السلطة القضائية:
المعبر الثالث: السلطة القضائية ومطالب المتظاهرين:
المعبر الرابع: إيقاف التدخل في اعمال الوظيفة القضائية:
المعبر الأول: مدى شرعية السلطة القضائية:
صنفت المؤسسات القضائية كواحدة من سلطات ثلاث بالسلطة القضائية إضافة إلى السلطة التشريعية التي يمثلها البرلمان والسلطة التنفيذية التي تتمثل في الحكومات ومؤسساتها، ومما يستوجب التذكير، إن التصنيف السلطوي للجهات الثلاث، يُحرم تدخل أيا منها في شؤون الأخرى، فكل منها سلطة مستقلة بذاتها استقلالا تاما، إن التنسيق بينها منوط بكل منها برضاها ومبادرتها إلى ذلك، وقد اقترن هذا التصنيف بخاصيتين اثنتين:
الخاصية الأولى: إن لكل سلطة واجبات واضحة ومحددة ومعرفة بالتشريعات النافذة.
والخاصية الثانية: إن كلا منها خاضع للمراقبة والمحاسبة، بجهات ومرجعيات محددة كذلك بالقوانين المعنية بهذا الشأن.
ولا يهم ان يكون الهرم القانوني اي الدستور تشوبه بعض العيوب الشكلية والموضوعية، فتطبيق القانون بشكل سليم، يمكنه بمرور الوقت ان يربي جيلا يؤسس لثقافة قانونية قد تعدل وتلغي القوانين التي لا تتوافق مع الديمقراطية.
وسأناقش في هذا المعبر بعض الطروحات والآراء في شرعية عدة مفاصل في السلطة القضائية، وكما يلي:
المحور الأول: شرعية مجلس القضاء الأعلى
المحور الثاني: شرعية المحكمة الاتحادية العليا
المحور الثالث: شرعية محكمة التمييز الاتحادية.
المحور الرابع: شرعية المناصب القضائية.
المحور الخامس: مسالة السن القانوني للتقاعد.
المحور الاول: شرعية مجلس القضاء الأعلى:
الف-السلطة القضائية في العراق قبل سقوط النظام كانت مرتبطة بوزارة العدل، ووزير العدل هو من يسير امور مرفق القضاء، عندما جاء الحاكم المدني بريمر بعد سقوط النظام أصدر الحاكم المدني بالعراق بصفته التشريعية الأمر المرقم 35 في 18/9/2003 الذي أسماه (أعادة تشكيل مجلس القضاء) بموجبه تم فصل السلطة القضائية من وزارة العدل وجعلها مستقلة، وتم تأسيس مجلس القضاء والذي جاء في القسم الثاني من الأمر.
باء-أصدر الحاكم المدني مذكرة سلطة الإتلاف المؤقتة رقم 12 لسنة 2004 الذي تم بموجبه فصل القضاء بالكامل عن وزارة العدل من حيث الموازنة والملاك والعقارات وكل ما يتعلق بإدارة القضاء
جيم-صدر قانون إدارة الدولة العراقية للمرحلة الانتقالية (الدستور المؤقت) عام 2004 والذي جاء في الباب الثالث المادة (ثالثا/ج) منه؛ والتي نصت على مايلي (ينتهي سريان نفاذ هذا القانون عند تشكيل حكومة منتخبه وفقا لدستور دائم) وجاء في الباب السادس منه (السلطة القضائية الاتحادية) المادة 45 والتي جاء فيها (يتمّ إنشاء مجلس أعلى للقضاء ويتولى دور مجلس القضاة، يشرف المجلس الأعلى للقضاء على القضاء الاتحادي، ويدير ميزانية المجلس، يتشكّل هذا المجلس من رئيس المحكمة الاتحادية العليا، رئيس ونواب محكمة التمييز الاتحادية، ورؤساء محاكم الاستئناف الاتحادية، ورئيس كل محكمة إقليمية للتمييز ونائبيه. يترأس رئيس المحكمة الاتحادية العليا المجلس الأعلى للقضاء، وفي حال غيابه يترأس المجلس رئيس محكمة التمييز الاتحادية.)
وفي الباب التاسع (المرحلة مابعد الانتقالية) المادة 62 والتي نصت (يظلّ هذا القانون نافذاً إلى حين صدور الدستور الدائم وتشكيل الحكومة العراقية الجديدة بموجبه).
دال- إن قانون إدارة الدولة للمرحلة الانتقالية أصبح قانون ملغي بموجب أحكام الدستور الذي صوت عليه الشعب بالإجماع ونشر بالجريدة الرسمية (الوقائع العراقية) بالعدد 4012 في 28/12/2005 بموجب المادة( 143) التي نصت على(يلغى قانون إدارة الدولة للمرحلة الانتقالية وملحقه عند قيام الحكومة الجديدة باستثناء ماورد في الفقرة ( أ) من المادة (53) والمادة (58) منه) كذلك بموجب المادة (ثالثا/ج) من قانون إدارة الدولة للمرحلة الانتقالية والتي نصت على مايلي (ينتهي سريان نفاذ هذا القانون عند تشكيل حكومة منتخبه وفقا لدستور دائم).
هاء- أن إلغاء قانون الدولة للمرحلة الانتقالية بموجب أحكام المادة 143 من الدستور واستنادا للمادة 130 من الدستور والتي نصت على تبقى التشريعات النافذة المعمول به ما لم تلغ أو تعدل وفق أحكام الدستور دليل واضح على سريان وتفعيل الأمر 35 لسنة 2003 الذي بموجبه تم تأسيس مجلس القضاء الأعلى ويكون رئيس محكمة التمييز(رئيسا للمجلس).
واو- استمرت السلطة القضائية تكسب شرعيتها وعملها بموجب الامر المذكور، حتى سنة 2012 عندما تم تشريع قانون 112 لسنة 2012 المنشور في الوقائع العراقية بالعدد 4266 في 4 / شباط / 2013 المتكون من 12 مادة والذي بموجبه تم اختيار رئيس جديد للسلطة القضائية بدلا من السيد(مدحت المحمود) ولكن هذا القانون لم يسر كثيرا، اذ سرعان ما تم الطعن به من قبل ائتلاف دولة القانون وأصدرت المحكمة قرارها بالعدد 87 / اتحادية / إعلام / 2013 في 16/9/ 2013 بالأكثرية، وتم نقضه، بحجة انه شرع خلافا للسياقات الدستورية، لتعود السلطة القضائية الى الامر35 لعام 2003، باعتباره القانون الأساسي.
ولا اعرف ما هو الدافع الذي جعل من كتلة سياسية نافذة الطعن بقانون مجلس القضاء الاعلى الذي منح للمجلس ولقراراته ومؤسساته شرعيتها الكاملة؟
وهناك اراء قانونية كان لها صدى في الميدان القانوني والقضائي والتي تدعي بان (الامر35 لعام 2003 يمكن الغاؤه من قبل مجلس الوزراء وباعتبار رئيس مجلس الوزراء قد حل بدل المدير الاداري بريمر الذي اصدره، وان قرار بريمر صادر منه بصفته المدير التنفيذي للبلد في وقتها ورئيس مجلس الوزراء الان المدير التنفيذي للبلد قانونيا والمركز القانوني لبريمر في وقتها(رئيس حكومة العراق) هو ذات المركز القانوني لرئيس مجلس الوزراء الان، كما ان هذا الامر ليس بقانون ولم يعرض على تصويت برلمان، لأنه ليس في وقتها كان هناك برلمان، وبما ان القانون لا يلغى او يعدل الا بقانون يوازيه، وبما ان الدستور هو أسمى من كل القوانين فتكون الاوامر الادارية التي صدرت في عهد بريمر كلها ملغية لأن الدستور ألغي مصدر شرعيتها والالغاء جعل القانون بحكم اللاشيء او المنعدم، فلا وجود اليوم لقانون اسمه قانون ادارة الدولة العراقية للمرحلة الانتقالية).
وهذا الراي غير صحيح، ذلك لان السفير بريمر كان مستندا على قرارا أممي حسب الإشارة الواردة في نص ألامر 35 لسنة 2003، وان الامر 35 مستند الى قانون ادارة الدولة العراقية للمرحلة الانتقالية خصوصا المادة 26 منه التي نصت: ان القوانين والانظمة والاوامر والتعليمات الصادرة من سلطة الائتلاف المؤقتة بناءً على سلطتها بموجب القانون الدولي تبقى نافذة المفعول الى حين الغائها او تعديلها بتشريع يصدر حسب الاصول ويكون لهذا التشريع قوة القانون.
ونضيف لما سبق من اراء حول عدم شرعية مجلس القضاء الأعلى، ونقول:
ان المادة 47 من الدستور نصت على ان: (تتكون السلطة القضائية الاتحادية من السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية، تمارس اختصاصاتها ومهماتها على اسا مبدأ الفصل بين السلطات) ونص الفصل الثالث من الدستور على السلطة القضائية واحكامها ونصت المادة(90) من الدستور على تكوين السلطة القضائية: (تتكون السلطة القضائية الاتحادية من مجلس القضاء الأعلى، والمحكمة الاتحادية العليا، ومحكمة التمييز الاتحادية وجهاز الادعاء العام وهيأة الاشراف القضائي والمحاكم الاتحادية الأخرى التي تنظم وفقاً للقانون) وقد اصدر المدير التنفيذي لسلطة الائتلاف المؤقتة في العراق الامر(35) لسنة 2003 في 18/9/2003 وفقا لصلاحياته كمدير اداري لسلطة الائتلاف المؤقتة، وانسجاما مع قرارات مجلس الامن ذات الصلة بما فيها القرار1483 لسنة 2003 وبناءا على قوانين واعراف الحرب، (بالرغم من ان اتفاقيات جنيف تمنع القوات المحتلة من تغيير البنى التحتية الادارية والقضائية) والذي بالرغم من صدوره من قوات الاحتلال، الا انه يعد القانون الأساسي وعزز استقلالية القضاة، واعاد تشكيل مجلس القضاء ليتولى المجلس إدارة شؤون القضاء بشكل مستقل عن السلطة التنفيذية ممثلة بوزارة العدل، وعهد الى القاضي مدحت المحمود منصب رئيس مجلس القضاء، وقد تأسس مجلس القضاء بتركيبة جديدة تضم كل من رئيس محكمة التمييز ونوابه ورئيس مجلس شورى الدولة ورئيس الادعاء العام ورئيس هيئة الاشراف العدلي ورؤساء محاكم الاستئناف ومدير عام الدائرة الإدارية.
وصدرت بعدها المذكرة رقم 12 لسنة 2004 التي اسست للاستقلال المالي والاداري للسلطة القضائية، وأثر ذلك انيطت رئاسة مجلس القضاء الأعلى في حينه برئيس محكمة التمييز الاتحادية التي كانت اعلى هيئة قضائية اتحادية قبل تشكيل المحكمة الاتحادية العليا عام 2005، ولم يكن الامر 35 لسنة 2003 موفقا في ذلك، لان الرئاستين يجب ان تكون لشخصيتين قضائيتين، لضمان الشفافية المطلوبة في فلسفة العدالة والمناصب القضائية، ولضمان حسن الأداء للمكونين القضائيين، بخاصة ان رئاسة محكمة التمييز الاتحادية لها عملها القضائي البحت الذي يتطلب رئاسة الهيئة العامة والتواجد المستمر في أروقة المحكمة لضخامة عدد الدعاوى، اما رئاسة مجلس القضاء الأعلى فهو عمل اداري أولا وتتخلله اعمال قضائية هامشية ضيقة، والرئاستين لهما أعباء ثقيلة كلُ في مضماره، لذا من غير الممكن ادارتهما من شخصية قضائية واحدة، خصوصا اذا ثار نزاع بين مثلا محكمة التمييز الاتحادية ورئاسة مجلس القضاء الأعلى، في هذه الحالة تكون الخصومة في مقتل لانعدام توفر الحيادية والنزاهة في التقاضي، والشفافية لا تتحقق، وكان من الأمور الجوهرية اجراء تعديل على الامر 35 لسنة 2003 في هذا الجانب وجوانب أخرى لاجل ان يكون متماشيا مع الدستور الذي اكد ان مكونات السلطة القضائية منفصلة الواحدة عن الأخرى ولا سلطان لمجلس القضاء على أي واحدة منها باي شكل من الاشكال، والامر مخالف لنص قانون التنظيم القضائي المرقم 160 لسنة 1979، ولكنا امام انفراجه قوية في تغيير منصب رئاسة السلطة القضائية.
ثم صدر قانون إدارة الدولة العراقية(الدستور المؤقت) سنة 2004 لاحقاً للأمر رقم 35 لسنة 2003 وعدلت المادة (45) منه بعض الاحكام الواردة في الامر رقم 35 لسنة 2003 حيث تم تبديل اسم (مجلس القضاء) الى (مجلس القضاء الأعلى) وأنيطت رئاسة (مجلس القضاء الأعلى) برئيس المحكمة الاتحادية العليا التي أصبحت منذ تشكيلها بالقانون رقم 30 سنة 2005، وتعد هذه المحكمة اعلى هيئة قضائية اتحادية في العراق نظرا للاختصاصات التي تنظرها بموجب قانون إدارة الدولة وبموجب دستور 2005 النافذ، وتعد هذه المحكمة ممثلة للسلطة القضائية باعتبارها تمثل قمه الهرم القضائي، وان التعديل الذي جرى على الامر35 لسنة 2003 بموجب المادة (45) من قانون إدارة الدولة الانتقالية يبقى نافذاً رغم الغاء قانون إدارة الدولة بصدور الدستور النافذ، الا ان ما جرى في ظله من تعديلات قبل الغائه تبقى نافذة؛ لأنها صدرت بموجب دستور نافذ في حينه (قانون إدارة الدولة، وهو بمثابة دستور مؤقت) ويبقى الامر 35 لسنة 2003 المعدل نافذاً، وذلك استناداً الى احكام المادة(130) من الدستور شأنه شأن بقية التعديلات التي جرت على بقية القوانين وبموجب قانون إدارة الدولة في المجالات الأخرى، وان قانون إدارة الدولة اذا كان قد الغي بصدور دستور جمهورية العراق عام 2005 كما تقدم ذكره؛ الا ان ما جرى في ظله جرى بموجب قانون نافذ في حينه، إضافة الى ان قانون مجلس القضاء الأعلى رقم 112 لسنة 2012 قد اقر في المادة (9) منه بمجلس القضاء الأعلى المشكل وفقاً للأمر 35 لسنة 2003 المعدل بموجب المادة (45) من قانون إدارة الدولة لسنة 2004 حيث أوردت المادة(9) منه ان مجلس القضاء الأعلى المشكل بموجبه وهو 112 لسنة 2012 يحل محل (مجلس القضاء) المشكل وفق الامر 35 لسنة 2003 ومجلس القضاء الأعلى المشكل وفق للمادة (45) وحيث ان القانون رقم 112 لسنة 2012 قد الغي لعدم دستوريته بموجب قرار المحكمة الاتحادية العليا المرقم(87/اتحادية/ اعلام/2013) الصادر في 16/9/2012 فتعود الحالة الى ما كانت عليه قبل تشريعه ويعود مجلس القضاء الأعلى المشكل وفق للأمر (35) لسنة 2003 الذي اعدلته المادة (45) من قانون إدارة الدولة عام 2004 بكل مفاصله (تركيباته ومهماته ورئاسته ) ولا وجود لمجلس اخر غيره ومنذ سنة 2004.
ز- ان امر سلطة الائتلاف رقم (35) حدد هيكلية مجلس القضاء الاعلى وممن يتكون، من الادعاء العام والاشراف العدلي ومحاكم الاستئناف والدائرة الادارية، لكن مجلس القضاء الاعلى اوجد تشكيلات لاوجود لها في الامر(35) ولا في قانون التنظيم القضائي المرقم 160 لعام 1979، ومنها:
دائرة شؤون القضاة واعضاء الادعاء العام
الدائرة المالية
دائرة العلاقات العامة
دائرة الحراسات القضائية
معهد التطوير القضائي.
ح- جاء في دستور جمهورية العراق عام 2005 في المادة 91 / ثانيا، ترشيح رئيس وأعضاء محكمة التمييز الاتحادية ورئيس الادعاء العام ورئيس هيئة الإشراف القضائي وعرضها على مجلس النواب للموافقة على تعيينهم، والترشيح والتعيين في مجلس القضاء الأعلى لتولي رئاسات أجهزتها يختلف اختلاف تام عن عدد وطريقة تعيين أعضاء المحكمة الاتحادية العليا كون أن هذه المحكمة، هيئة مستقله إداريا وماليا عن مجلس القضاء الأعلى وهذا ماجاء في نص المادة 92 من الدستور، وان السيد (رئيس مجلس القضاء الاعلى) قد خالف أحكام المادة(91/ثانيا) من الدستور، حيث لم تعرض أسماء المرشحين لهذه المناصب على مجلس النواب لغرض التصويت عليهم وتعيينهم لتولي منصب رئيس الادعاء العام أو رئيس الإشراف القضائي باستثناء عدد من أعضاء محكمة التمييز الاتحادية (عشرين عضو) قد صوت عليهم من قبل مجلس النواب.
ي- تم الغاء منصب الامين العام لمجلس القضاء مع ان هذا المنصب منصوص عليه في القانون، ولا يجوز الغائه الا بصدور تشريع يلغيه ولا يلغى بأمر صادر من رئيس مجلس القضاء الاعلى.
المحور الثاني: شرعية المحكمة الاتحادية العليا:
مازالت المحكمة الاتحادية العليا تمارس دورها الذي رسمه لها القانون بإصدار قرارات وأحكام قضائية بعدم دستورية بعض مواد القوانين ومنها قانون الانتخابات، لكن ظهر جدل واسع في الآونة الأخيرة حول صلاحية المحكمة الاتحادية بممارسة بعض الأعمال والمهام التي لم تكن من بين اختصاصها بموجب قانون إدارة الدولة أو أمر تشكيلها، وبعض الأشخاص وعلى تنوع مواقفهم منهم السياسي والحقوقي وكذلك بعض المؤسسات القضائية والقانونية والإعلامية، ولغرض الوقوف على مدى مشروعية وصلاحية المحكمة الاتحادية العليا الحالية في ممارسة الاختصاص مثلا في تفسير نصوص الدستور على أساس إنها غير المحكمة المذكورة في المادة (92) من دستور عام 2005، هناك جملة ملاحظات علينا المرور عليها سريعا عند التعرض لدستورية المحكمة الاتحادية العليا، وتنحصر بالاتي:
ألف -ان المحكمة الاتحادية العليا شكلت بموجب الامر الصادر من رئيس الوزراء المرقم 30 لسنة 2005 وطبقاً للصلاحية المخول بها المنصوص عليها في المادة 44 من قانون ادارة الدولة العراقية لعام 2004وهو دستور مؤقت والسلطة التشريعية فيه جمعية وطنية غير منتخبة، وشكلت المحكمة من قبل مجلس الوزراء استناداً للقسم الثاني من ملحق قانون ادارة الدولة للمرحلة الانتقالية، وبدلاً من الاستناد على القانون في تشكيل المحكمة الاتحادية العليا استعيض عن القانون بأمر صادر من رئيس الوزراء للحكومة المؤقتة المرقم 30 لسنة 2005 واعتبر الامر قانوناً.
باء - ان امر تشكيل المحكمة خول مجلس الوزراء السلطات الممنوحة له في هذا القانون في تعيين اعضاء المحكمة الاتحادية العليا وتم تعيينهم وأصدر مجلس الرئاسة بتأريخ 1/6/2005القرار الجمهوري رقم (2) بتعيين رئيس وأعضاء المحكمة الاتحادية العليا، وعليه فان هذا التخويل الممنوح لمجلس الوزراء في تعيين اعضاء المحكمة الاتحادية يتعارض مع القواعد الدستورية الدولية التي تعطي للسلطة القضائية لوحدها تعيين القضاة في المحاكم التي تختص بالرقابة القضائية، ومن النتائج المترتبة على ذلك ضعف القدرة على ممارسة اختصاصاتها وبالتالي لن تكون في منأ عن التدخلات السياسية والحزبية لان تشكيلها قد تم بقرار حكومي وليس من هيئة منتخبة، وان ضمان الاستقلال والنزاهة والعدالة في احد وجوهه لن يتأتى الا عبر التقيد بالآليات والطرق المحددة دستورياً في التأسيس، لا سيما وان هذه المحكمة قد انيط بها اختصاصات خطيرة تتعلق بالرقابة القضائية وتفسير نصوص الدستور وبناء الدولة.
جيم-إن المحكمة الاتحادية الحالية مشكلة بموجب الأمر (30) لسنة 2005، الذي عُد قوة القانون وما زال ساري المفعول على وفق أحكام المادة (130) من دستور العراق لعام 2005، بمعنى عدم وجود أي نص يلغي المحكمة أو يحدد من صلاحيتها واختصاصها، وفي علم القانون أي تشريع ما لم يتم إلغائه يبقى على ما كان عليه لحين تعديله أو إلغائه بموجب قانون أو تشريع له نفس قوة إنشائه.
دال-المحكمة الاتحادية العليا في دستور عام 2005:
هل ان السلطة القضائية على وجه التحديد اعادت النظر بالمحكمة الاتحادية العليا على ضوء احكام الدستور الجديد ووفق ما جاء في الفقرة ثانيا من المادة 92 التي نصت على ان (تتكون المحكمة الاتحادية العليا من عدد من القضاة وخبراء في الفقه الاسلامي وفقهاء القانون يحدد عددهم وتنظم طريقة اختيارهم وعمل المحكمة بقانون يسن بأغلبية ثلثي اعضاء مجلس النواب) ؟؟
وهناك عدة استدراكات في هذا المجال، نناقشها قدر المستطاع، وندونها فيما يلي:
1- اي مراجعة قانونية للمحكمة الاتحادية العليا التي نص عليها قانون الدولة للمرحلة الانتقالية للمادتين 43و44 والقسم الثاني من ملحقه من حيث التشكيل والاختصاصات والتكوين يتضح مدى الاختلاف الكلي عن المحكمة الاتحادية المقصودة في المادتين 92و93 من الدستور الدائم من حيث التشكيل والاختصاصات والتكوين، وان استمرارها في القيام بمهامها وهي غير مشكلة طبقا للأسس والمقومات الدستورية والأحكام الواردة في الدستور الجديد النافذ يجعل عملها مشوبا بالتناقض والغموض، ومرد ذلك عدم الامتثال للوجوب الدستوري المتمثل بنص المادة(92 /ثانياً) من الدستور الدائم رغم تمتعها بالأثر الفوري والعاجل غير القابل للتأخير، وهذه الحالة تتعارض ايضاَ مع مبدأ وجوب احترام الدستور والخضوع الى احكامه.
2- ان الزامية المادة (92) من الدستور تقضي سن قانون خاص بالمحكمة الاتحادية العليا تقره أغلبية كبرى اي بموافقة ثلثي اعضاء مجلس النواب حتى تستطيع المحكمة ممارسة اختصاصاتها المنصوص عليها في المادة(93) من الدستور ومنها الحق في تفسير نصوصه بما يحقق حالة القبول والطمأنينة لقرارتها، وبهذا نوفر الحدود الدنيا لاشتراطات قيام قضاء رقابي يمكن الركون اليه والقبول بقراراته وتفسيراته، وان احكامها وتفسيراتها لا تقبل الطعن او المراجعة لدى اي سلطة قضائية اخرى.
3- ان المحكمة الاتحادية العليا المشكلة بموجب الامر 30 لعام 2005 لم تكن هيئة قضائية دستورية مستقلة ماليا وإداريا كما أراد الدستور، وقد مارست المحكمة مسؤوليات هامة، مثل المصادقة على الانتخابات وتفسير الدستور، ولا زالت تواصل هذه المحكمة عملها إلى حين البت بالقانون الخاص به، والحالة هذه أن يصار إلى أقرارها كمحكمة تمشية أمور مؤقتة، وإذا حصل هذا فان المحكمة لن تتمتع بالشرعية اللازمة التي يمحضها قانون يقر بأغلبية الثلثين.
ان هذا الراي تم طرحه من قبل أحد أعضاء مجلس الرئاسة في سنة 2009 تقريبا وبكتاب رسمي وجه الى المحكمة الاتحادية العليا، وكنت قد عارضت مضمون الكتاب في وقتها، كونه سيؤدي الى اختلال بالعمل القضائي وفوضى قانونية خصوصا ان هناك قرارات عديدة تم اتخاذها من قبل المحكمة وتمت المصادقة على الانتخابات من قبلها وهذا سيؤدي قطعا الى تخريب العملية السياسية، لكني لم أؤيد الاجتهاد الذي يقول: إن المؤسسات القضائية تستمر بأعمالها حتى يصار إلى إحلال بدائل أخرى محلها، والذي ورد بكتاب رسمي موجه الى رئاسة الجمهورية.
وهناك تفسير اخر لممارسة المحكمة الاتحادية لاختصاصات وردت في الدستور ولم ترد في قانونها وهو راي مقبول سارت عليه السلطة القضائية حاليا إضافة لما ورد في اعلاها ملخصه:
اعتبرت المحكمة الاتحادية العليا بمثابة المحكمة الدستورية، لأنها تتعامل مع الأحكام التي تنظم أعمال الدولة العراقية ومؤسساتها، حيث إن العبرة بمضمون القانون وليس بعنوانه، وإن المنظومة التشريعية سبق وان تعاملت مع الأحكام الدستورية بمسمى قانون وليس دستور، حيث صدر القانون الأساسي عام 1925، ويسري ذلك على تسمية المحكمة الاتحادية العليا أيضا، عندما لم تسمى بالمحكمة الدستورية، إذ تتوفر في دول العالم محاكم تمارس دورها في الرقابة الدستورية بمسمى مجلس أو محاكم عليا أو ما شابه، لذلك فان المسمى لا يغير من المضمون ولا يؤثر على أداء المحكمة وصحة أحكامها، وان نص المادة(1) من قانون المحكمة الاتحادية العليا رقم(30) لسنة2005 النافذ بموجب المادة (130) من دستور جمهورية العراق، ذهب إلى ان المحكمة الاتحادية العليا تمارس (مهامها) بشكل مستقل لا سلطان عليها لغير القانون، ولم يرد في هذا النص او في غيره من النصوص مهام المحكمة بما ورد في قانونها وانما جاء مطلقا" ليستوعب ما يضاف لها قانونا" من مهام فاذا أورد الدستور أو أي قانون مهام أخرى لها إلى جانب المهام المنصوص عليها في قانونها ، كما هو الحال في نص الفقرتين (ثانيا) و(سابعا) من المادة (93) من الدستور حيث أوكلت هاتين الفقرتين إلى المحكمة الاتحادية العليا مهام(تفسير نصوص الدستور) و(المصادقة على النتائج النهائية للانتخابات العامة لعضوية مجلس النواب) والمحكمة في هذه الحالة ملزمة بممارسة هذه المهام، بموجب احكام المادة(13) من الدستور التي تنص الفقرة (أولا) منها على (يعد هذا الدستور القانون الأسمى والأعلى في العراق)، ويكون ملزما في أنحائه كافة، وبدون استثناء.
ونؤكد، ان هذا الراي اصبح مقبولا بحكم الواقع، ولكن، إن الدستور نظم عملية تشكيل المحكمة الدستورية العليا والتي تضطلع بمسئوليات كبرى ولا يجوز مغادرة هذه النصوص وايكال اختصاصات دستورية لمحكمة مشكلة بموجب امر رئيس مجلس الوزراء، فكان الأولى مراعاة تشكيل المحكمة قبل النظر بالاختصاصات التي لم ترد في قانونها، فمن الناحية الموضوعية إن اختصاص المحكمة هو النظر في القوانين التي تتقاطع مع قانون إدارة الدولة العراقية للمرحلة الانتقالية ولا يحق لها النظر في ما جاء به دستور عام 2005، ولكن بما ان انه لم ترد إشارة في نص الدستور إلى وجود جهة أخرى تمارس أعمال المحكمة الاتحادية العليا واختصاصاتها لحين تشكيلها، وإنما سكت النص الدستوري عن ذلك، وهو ما جعل باب التأويل مفتوحا لغير المختص في قراءة النص الدستوري على وفق مشيئته وتوجهاته، ويجب أن يعترف للمحاكم القديمة بحق الاستمرار بممارسة اختصاصها لعدم جواز توقيف سير العدالة، بمعنى ان تبقى المحكمة الاتحادية العليا القائمة حاليا تمارس أعمالها واجتهاد الفقه القانوني يذهب،
لان المحكمة الاتحادية الحالية مازالت قائمة وفاعلة، وان موضوعها بموجب أمر تشكيلها هو قانون إدارة الدولة العراقية للمرحلة الانتقالية الذي تم إلغائه وحل محله دستور عام 2005 على وفق نص المادة (143) من الدستور، ويعتبر ذلك الدستور الحالي النافذ وريث قانون إدارة الدولة العراقية للمرحلة الانتقالية الملغى، ويبقى خاضع لاختصاص المحكمة الاتحادية العليا القائمة حالياً باعتباره موضوعاً للمنازعات التي تحدث تجاهه أو من خلال مدى مطابقة النصوص التشريعية للأحكام والمبادئ التي تضمنها، كما إن انعدام النص القانوني الذي يشير إلى تعطيل عمل المحكمة الاتحادية العليا القائمة الحالية، أو تحديد اختصاصها بما فيها تفسير النصوص الدستورية، يمنحها المشروعية في ممارسة اختصاص تفسير النصوص الدستورية والاختصاصات الاخرى المشار اليها في المادة (93) من الدستور.
والأفضل الإسراع بتشريع قانونها الذي ما زال يأن من ضغط المساومات السياسية والقضائية التي ابقت مشروع قانونها طي الكتمان عن الجمهور منذ 2007، وهناك نقطة جوهرية ضرورة تفاديها، بإن طريقة تعيين اعضائها لم تكن وفق الدستور بالرغم من صدور مراسيم جمهورية في وقتها لأعضائها، وهذا الوضع يخلق ازدواجية دستورية وازدواجية قانونية تضعف النظام المدني للدولة وللدستور، وللقانون بعامه، وتقرب المحكمة من الطابع السياسي الذي وقعت به مؤسسات الدولة بعد التغيير.
ومن العرض أعلاه نجد إن الرأي القانوني الراجح يتجه صوب صلاحية المحكمة الاتحادية القائمة حالياً في ممارستها للاختصاصات المشار إليها في نص المادة (93) من دستور العراق لسنة 2005 بما فيها صلاحيتها في تفسير النصوص القانونية، وأي قول خلاف ذلك يؤثر ويعطل المصالح العليا للشعب العراقي والحفاظ على حقوقه الأساسية الدستورية.
4- هناك خطا دستوري ترتكبه المحكمة في إشارتها لمسميات سياسية ليس لها عناوين دستورية ولا قانونية ولاوجود لها حتى في النظام الداخلي لمجلس النواب رقم (1) الصادر بتاريخ 15/6/2006، حيث كان يجب على المحكمة الاتحادية العليا بهذا المقام أن تتجنب من قريب أو بعيد الخوض في تسميات سياسية، بما يعزز التكهنات على الضعف الدستوري والقانوني للمحكمة أو إنها فعلاً قد استجابت للمعايير السياسية أكثر من اهتمامها بالمعايير الدستورية القضائية المعروفة.
5- ليس هنالك نصا دستوريا ينص على ان يكون (رئيس المحكمة الاتحادية العليا) هو نفسه (رئيس مجلس القضاء الاعلى)، وحتى قانون المحكمة المرقم 30 لسنة 2005 خلا من ذلك، وهناك اقتراح في مشروع قانون المحكمة الاتحادية الدستورية بان يكون رئيس المحكمة رئيساً للسلطة القضائية من الناحية الإعتبارية امر غير موافق للأصول الدستورية، ورئاسة المحكمة الاتحادية الدستورية مهمة اتفق الجميع على إنها تسموا بالأهمية على إعمال إدارية ومالية لتشكيلات السلطة القضائية، بالوقت الذي يمكن ان يقوم بهذه المهمة العادية اي شخصية قضائية، وتقسيم المناصب على شخصيات قضائية يؤدي الى إيجاد الوقت الكافي لكل من رئيس (السلطة القضائية ورئيس مجلس القضاء الأعلى ورئيس المحكمة الاتحادية العليا) التركيز الكافي لإيجاد حلول مهنية لملفات دستورية وجزائية ومدنية وشرعية ثبت للجميع كيف تراجع القضاء العراقي في معالجتها، لا سيما ان تجربة التركيز على راس قيادي واحد بالسلطة القضائية اضعف من فرص ظهور قيادات قضائية تساهم مع الاخرين في مسؤولية النهوض بالعملية القضائية في البلاد التي تحتاج الى جهود جبارة لإعادة النظر بالتشريعات والإجراءات القضائية كدولة إتحادية تستطيع أن تلبي معايير العدالة الوطنية والإنسانية للمواطنين ، ونعتقد أن منح كل الصلاحيات بيد شخصية قضائية تتولى رئاسة عدد من تشكيلات السلطة القضائية لا ينسجم مع فلسفة القضاء وسياقات المحاكم العادلة التي تعمل بدرجات وبشخصيات قضائية مختلفة لضمان توفير إمكانية الطعن وتحقيق العدالة.
6- ان تقديم المرشحين من القضاة لمناصب قضائية لمصادقة مجلس النواب عليهم، مهم جدا وضروري لأنهم سيكلفون بالنظر بقضايا خلافية دستورية تمس عموم مؤسسات الدولة العراقية والمواطنين، ولهذا يقتضي ان تكون شرعية اعضائها مستمده من مصادقة ممثلي الشعب، التي إعترفت بها ضمناً، بخاصة ان قضاة المحكمة الاتحادية العليا يجب ان يكونوا اعلى مراتب من اعضاء محكمة التمييز المطلوب الموافقة على تعيينهم من قبل السلطة التشريعية، ولهذا من باب أولى أن تكون شرعية تعيين قضاة المحكمة الاتحادية العليا مستمدة من ممثلي الشعب حسب ما معمول به بكل الدول الدستورية.
7- ان تعطيل تشريع قانون المحكمة الاتحادية العليا بهذه الطريقة التي تتم في أروقة البرلمان والكتل السياسية بحجج منها الجمع بين رئاسة المحكمة الاتحادية الدستورية ورئاسة السلطة القضائية وموضوع خبراء الفقه الإسلامي التي تعترض تمرير مشروع قانون المحكمة الإتحادية العليا كل هذه الفترة فأنها مسرحية بدون مخرج غرضها تعطيل تمرير القانون بمسلسل التأجيل الذي سيكون سابقة مؤسفة بالعمل التشريعي، حيث اصبحت هذه اللعبة مكشوفة للمختصين وللرأي العام.
المحور الثالث: شرعية محكمة التمييز الاتحادية:
محكمة التمييز الاتحادية تأتي في اهميتها بعد المحكمة الاتحادية العليا داخل مؤسسات السلطة القضائية بميكانيكية تنصيب رئيس هذه المحكمة التي فرضتها الفقرة /3 من القسم /2 الوارد بأمر سلطة الائتلاف المؤقتة رقم 35 لسنة 2003 التي أوجبت ان يترأس رئيس محكمة التمييز الاتحادية مجلس القضاء الأعلى، وان يتم تعين رئيس محكمة التمييز وفقا لقانون التنظيم القضائي المرقم 160 لعام 1979، بمادته 47/خامسا، وحسبما جاء في القسم الأول من الامر 35، وعلى السلطة القضائية أن تسترعي عنايتها لتسمية من يتولى رئاسة محكمة التمييز الاتحادية وبوضوح طبقاً للقانون والتقاليد القضائية التي إعتادت على تسمية أعضاء تشكيلات المحاكم المختلفة وهيئاتها بعيدا عن أي جدل قانوني حول شرعية رئاسة محكمة التمييز وهيئاتها التمييزية وصحة قراراتها الصادرة بعد قانون تمديد خدمة القضاة رقم 39 لسنة 2012، والتي ربما يؤدي اثارتها بهذا الوقت بالذات الى نكسة دستورية وقانونية وقضائية قد لا تستطيع أن تتحملها السلطة القضائية في محاولاتها التماسك والاستقلال عن الصراع الحكومي والحزبي الدائر في العراق الآن، وهناك عدة اراء قانونية تناولت شرعية رئاسة السيد مدحت المحمود لمحكمة التمييز الاتحادية، سأتناولها في عدة ملاحظات وكما يلي:
أولاً : ان امر سلطة الائتلاف رقم (35)جعل رئيس محكمة التمييز هو رئيس مجلس القضاء الاعلى وهذا النص لم يطبق لان من يتولى رئاسة مجلس القضاء الاعلى هو رئيس المحكمة الاتحادية العليا وان المادة(61) من الدستور العراقي نصت ان تعيين رئيس محكمة التمييز الاتحادية يتم من خلال موافقة مجلس النواب وهذا مالم يحدث فمحكمة التمييز الاتحادية يتراسها القاضي مدحت المحمود منذ عام 2003 وبدون صدور أي مرسوم لتعيينه رئيسا لمحكمة التمييز الاتحادية، تطبيقا لنص المادة 47 من قانون التنظيم القضائي (يعين رئيس محكمة التمييز بمرسوم جمهوري) وإستناداً الى (المادة 61/خامساً/أ) من دستور 2005 فأن تولي رئاسة هذه المحكمة من أي شخصية قضائية، يجب ان يكون بموافقة مجلس النواب بالإضافة الى وجوب صدور مرسوم جمهوري طبقاُ (للمادة 73 /7) من الدستور.
ثانيا: ان من يقوم بأعمال رئيس محكمة التمييز الاتحادية هو النائب الاقدم لرئيس محكمة التمييز الاتحادية والسيد (مدحت المحمود) لم يشترك في اصدار اي قرار لمحكمة التمييز الاتحادية منذ عام 2003 ولحد الان، وان رئاسة السيد مدحت المحمود للمحكمة الاتحادية العليا لا تخوله رئاسة مجلس القضاء الاعلى ورئاسة محكمة التمييز الاتحادية لان قانون التنظيم القضائي وقانون تمديد خدمة القضاة واعضاء الادعاء العام هو الذي يحدد الخدمة القضائية، وامر سلطة الائتلاف المؤقتة المنحلة في العراق رقم 35 لسنة 2003 نص صراحة بان رئيس مجلس القضاء الاعلى هو رئيس محكمة التمييز الاتحادية وليس رئيس المحكمة الاتحادية العليا واحتفاظ السيد مدحت المحمود برئاسة(مجلس القضاء الاعلى ورئاسة محكمة التمييز الاتحادية ورئاسة المحكمة الاتحادية العليا) وهي مفاصل رئيسية للسلطة القضائية، ويعتبر خروج على نصوص قانون التنظيم القضائي رقم 160 لسنة 1979، وامر سلطة الائتلاف المؤقتة المنحلة في العراق رقم 35 لسنة 2003 وقانون تمديد خدمة القضاة واعضاء الادعاء العام رقم 39 لسنة 2012 وهي قوانين نافذة واجبة الاتباع والتطبيق وهي تخوله البقاء رئيسا للمحكمة الاتحادية العليا لوحدها فقط وأحالته على التقاعد.
اما القول بان قانون المحكمة الاتحادية العليا يخول السيد رئيس المحكمة الاتحادية العليا البقاء في الوظيفة القضائية؛ فان هذا القول نعتقد يخالف الدستور والقانون والاعراف الوظيفية.
ثالثا: بعد صدور قانون تمديد خدمة القضاة رقم 39 لسنة 2012 وتحديد أعمار رئيس واعضاء محكمة التمييز الاتحادية بما لا يتجاوز ال 68 سنة فان استمرار رئيس محكمة التمييز الحالية يعتبر مخالفة لنص المادة (1/ثانياً) من قانون التمديد أعلاه، وبقاء هذا الخرق مستمراً رغم مرور اكثر من 3سنوات على نشر التشريع في الوقائع العراقية يعتبر معيبا للسلطة القضائية التي يجب أن تتقدم بقية السلطات في تنفيذ القواعد الدستورية والقانونية، أما القول بان رئيس مجلس القضاء الحالي لا يدير محكمة التمييز الاتحادية وان نائبه الاقدم هو الذي يديرها فانه قول غير صحيح لمجموعة من الأسباب:
الف-استنادا لنصوص قانون التنظيم القضائي رقم 160لسنة 1979 التي جوزت حصرياُ تولى النائب الأقدم لرئيس محكمة التمييز مهمة الرئيس في حالات الغياب أو وجود مانع قانوني(م63)منه، اي أن موضوع تولي نائب رئيس محكمة التمييز يجب أن يكون على سبيل الاستثناء المرتبط بالغياب المؤقت أو المانع القانوني المتعلق بالقرابة أو المصاهرة لرئيس المحكمة مع بعض اعضاء الهيئات التمييزية أو المانع القانوني المتعلق بأطراف الدعوى.
باء: ان المعروف ان السيد رئيس مجلس القضاء الأعلى لم يترأس فعليا الهيئة العامة لمحكمة التمييز الاتحادية منذ 2003 لمشاغله العظيمة في إدارة مجلس القضاء وترؤس المحكمة الاتحادية العليا، وإذا كان نائب رئيس محكمة التمييز الاتحادية هو الذي يتولى مهمة رئاسة المحكمة فان التلازم الذي فرضه امر سلطة الائتلاف المؤقتة المنحلة في العراق رقم 35 لسنة 2003 القسم (2) الفقرة (3) الذي نص على أن يكون رئيس محكمة التمييز رئيسا لمجلس القضاء وبذلك سيؤدي بالنائب أن يكون رئيس لمجلس القضاء وسواء أراد مجلس القضاء ذلك أم لا، والسؤال الذي يطرح نفسه: من هي الشخصية القضائية الذي باشرت بتشكيل أسماء القضاة اللذين يشكلون الهيئات التمييزية منذ عام 2006 الى يومنا هذا؟ مع العلم هناك أوامر موقعه من رئيس المحكمة الاتحادية تؤكد قيامه بتشكيل الهيئات التمييزية منذ عام 2006 الى آخر وجبة قضاة العشرين الذي وافق على تعيينهم مجلس النواب بتاريخ 3/5/2012 كقضاة لمحكمة التمييز الاتحادية؟ وسيصبح قيام رئيس مجلس القضاء بتعيين هيئات محكمة التمييز الاتحادية قد مارس عملياً دور رئيس محكمة التمييز الاتحادية وبهذا نكون قد خالفنا التحديدات التي ورت في نص المادة(1/ ثانياً)، من قانون 39 لسنة 2012.
وهناك ضرورة ان يكون اسم رئيس محكمة التمييز الاتحادية واضح ومعلن مراعاة للمادة 128 من الدستور وجملة من القوانين الموضوعية والإجرائية التي نصت على أن (تصدر القوانين والاحكام القضائية باسم الشعب)، وهناك أيضا موجب مهم حاليا وطبقاً الفقرة /3 من القسم /2 الوارد بأمر سلطة الائتلاف المؤقتة رقم 35 لسنة 2003 التي أوجبت حًكماً ان يترأس رئيس محكمة التمييز الاتحادية مجلس القضاء الأعلى أي قبل تشريع قانون 112 لعام 2012 وأن يكون رئيس مجلس القضاء الأعلى غير رئيس المحكمة الاتحادية العليا.
المحور الرابع: شرعية المناصب القضائية
هناك عدة اراء ظهرت من خلال عدة كتابات تؤكد عدم شرعية المناصب القضائية (رئيس محكمة التمييز، رئيس الادعاء العام، رئيس الاشراف القضائي، رؤساء الاستئناف الخمسة عشر) بسبب عدم مراعاة موافقة مجلس النواب في (المادة (61/ خامسا– أ) من الدستور، كونهم يعدون من الدرجات الخاصة، فيكون تعيينهم بموافقة مجلس النواب (المادة (61 / خامسا – ب) وصدور مرسوم جمهوري، وهذا ما أكده الامر 35 لعام2003 الذي نص في القسم الأول منه (تعيين القضاة وأعضاء الادعاء العام لأشغال مناصب قضائية التي نص عليها قانون التنظيم القضائي رقم (160) لعام 1979 وقانون الادعاء العام رقم (159) لعام 1979)والقضاة الذين يشغلون هذه المناصب على صنفين صنف بالوكالة، لم يعين بموافقة مجلس النواب، وصنف عين بمرسوم جمهوري لكن بدون المرور على مجلس النواب أي ان تعيينهم خلافا للدستور والقانون.
ونقول: ان هذه الشكلية مطلوبة ومهمة ولا بد منها، لكننا إذا أردنا، ان نعتبر هذه المناصب غير شرعية سنكون امام اسقاط دولة بكاملها، لان غالبية المناصب معينين بالوكالة، وبإلغاء مناصبهم سنكون امام وقف لأعمال كثير من مفاصل المؤسسة القضائية، مما ينتج عنه تعطيل عمل الدولة بكاملها وتلك مصلحة غير شرعية ولا تنسجم مع مضامين العدالة والقانون.
المحور الخامس: مسالة السن القانوني للتقاعد:
جميع القوانين والقرارات والتعليمات النافذة والمتعلقة بالسن القانوني لإحالة الموظف أو القاضي أو رئيس محكمة التمييز على التقاعد واخرها قانون تمديد خدمة القضاة واعضاء الادعاء العام بالرقم 39 لعام 2012، تجدها تحتم الإحالة على التقاعد عند بلوغ السن القانوني 63 سنه أو 68 سنه لرئيس وأعضاء محكمة التمييز الاتحادية بموجب قرارات مجلس قيادة الثورة المنحلة السارية العمل بموجب أحكام المادة 130 من الدستور وبعد الاطلاع على سيرة وحياة السيد رئيس مجلس القضاء الأعلى( المليئة بالكتب والدراسات القانونية الرائعة) اتضح بأنه من مواليد 21/9/ 1933 أي أنه في عام 2003 بلغ من العمر(70عام ) ولم يحال على التقاعد أي انه خالف أحكام القوانين وقد عين رئيسا للمحكمة الاتحادية في عام 2005 وهو في عمر يناهز (72) عام وحاليا عمره(82) سنه وهذا دليل واضح بأنه لم يحال أبدا على التقاعد، وأن قانون المحكمة الاتحادية العليا رقم 30 لسنة 2005 قد جاء في نص المادة (6/ ثالثا) يستمر رئيس وأعضاء المحكمة الاتحادية العليا بالخدمة دون تحديد حد أعلى للعمر إلا إذا رغب بترك الخدمة، أي أنه أذا بلغ مائة عام من العمر فهو يستمر بالوظيفة، وأن جميع التعليمات الصادرة والقرارات والقوانين والدراسات الطبية تؤكد على الموظف الذي يبلغ السن القانوني ويرغب بالتمديد، يكون بإصدار تأييد طبي من جهة طبية يؤيد له السلامة البدنية والفكرية لممارسة عمله على أتم وجه، ولم تعرف الأسباب على عدم إحالته على التقاعد وهو ناهز العمر 70 عام في عام 2003 بالرغم من القانون المنصوص عليه هو 68 عام السن القانوني للإحالة على التقاعد .
المعبر الثاني: مناقشة ورقة الإصلاح المقدمة من السلطة القضائية:
بتاريخ 17/8/2015 عقد مجلس القضاء الأعلى جلسته لمناقشة الأمور الإصلاحية في القضاء العراقي، منها:
1- أعلن رئيس السلطة القضائية الاتحادية، في (13 آب 2015)، عن إرسال مشروعات مدونة قوانين السلطة القضائية الاتحادية لتشريعها وفق السياقات الدستورية، منها:
الف- إرسال مشروع جديد لقانون هيئة الإشراف القضائي في الخامس من نيسان الماضي ينطوي على متغيرات تتناسب مع روح العصر والتجربة
باء- ارسال قانون الادارة العامة للسلطة القضائية .
جيم- ارسال قانون الإدّعاء العام في حزيران الماضي.
دال- تشريع قانون تنظيم شؤون القضاة وأعضاء الادعاء العام .
2- أعلن رئيس مجلس القضاء الاعلى مدحت المحمود، عن تحديد 12 سنة لانتهاء عضوية رئيس واعضاء المحكمة الاتحادية، وأكد أن مشروع قانون المحكمة الاتحادية المرسل الى مجلس الوزراء تلكأ النظر فيه، فيما اشار إلى توسيع صلاحيات مجالس الاستئناف "لعدم انفراد رئيس الاستئناف بالقرارات".
3- أشار المحمود إلى أن "مشروع قانون المحكمة الاتحادية العليا المرسل الى مجلس الوزراء في العام 2014 تلكأ النظر فيه"، عازياً السبب إلى "اختلافات معينة".
4- مجلس القضاء الاعلى قرر التوسع في تشكيل مكاتب التحقيق القضائي لتلقي الشكاوى من المواطنين مباشرة دون الذهاب الى المراكز، وتم نشر هذه المكاتب في عموم البلاد.
5- قرر المجلس توسيع صلاحيات مجالس الاستئناف في مجال الانتدابات وتشكيل اللجان، لضمان عدم اتخاذ رئيس الاستئناف هذه القرارات لوحده، وهذا نوع من اللامركزية والتمحيص في اتخاذ القرار.
6- دعا مجلس القضاء الأعلى دعا، في الـ18 من اب 2015، إلى تفعيل أوامر القبض ومنع السفر بحق المتهمين.
7- طالب مجلس القضاء الأعلى مجلس النواب بالإسراع في تشريع القوانين المتعلقة بالسلطة القضائية، فيما وجه بتكثيف جهود إنجاز القضايا الجزائية وخاصة قضايا "الإرهاب" والفساد المالي.
8- تشكيل محاكم متخصصة في قضايا النزاهة في مراكز الاستئناف.
9- تفعيل دور الادعاء العام في تحريك الجرائم المرتكبة على المال العام في بغداد والمحافظات كافة واشعار الجهات كافة بتقديم الاخبارات حول هذه الجرائم إلى اعضاء الادعاء العام ومحاسبة من يمتنع عن الاخبار، وكذلك تم الغاء الأمر الاداري الذي يربط ادارات الادعاء العام برئاسة الاستئناف ومنح الادعاء العام الاستقلالية في اداء مهامه وفق القانون
10- رفع "ترشيحات مجلس القضاء الأعلى بشأن منصبي رئيس محكمة التمييز الاتحادية ورئيس الادعاء العام إلى مجلس النواب وذلك في 12 من كانون الثاني للمصادقة عليهما وفقا لأحكام الدستور تمهيداً لإصدار مرسوم جمهوري بتعيينهما.
11- الاعتماد على الشبكة الالكترونية في إجراء التبليغات القضائية خصوصا مع الوزارات والجهات غير المرتبطة بوزارة والأشخاص المعنويين، العامة والخاصة، اختزالاً للوقت، استكمال عملية ضبط محاضر المحاكم والقرارات والأحكام الصادرة عنها الكترونياً.
ذكرنا في اعلاها بعض الإصلاحات التي نقلناه من موقع السلطة القضائية، ونعتقد انها إجراءات متواضعة لا تتعدى تدويرا للمناصب ومناقلات لصلاحيات وادارات، وحزمة القرارات التي صدرت، لا تعبّر عن اصلاح حقيقي داخل القضاء، فهي مجرد قرارات ادارية بنقل اشخاص من مكان لمكان آخر، أما القرارات الاخرى، فهي واجب وتكليف قانوني ودستوري، يفترض على القضاء القيام به، من دون عقد اجتماعات ولا بنية الاستجابة لمطالب المتظاهرين، لأن القانون نص على ضرورة مكافحة الفساد واتخاذ جميع الاجراءات المناسبة للحد منه في دوائر ومؤسسات الدولة، ودعا رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة حيدر العبادي السلطة القضائية إلى القيام بسلسلة اجراءات جذرية لتأكيد هيبة القضاء واستقلاله وتمكينه من محاربة الفساد وتكريس مبدأ العدالة بين المواطنين، كما طلب معتمد المرجع الاعلى آية الله السيد علي السيستاني خلال خطبة الجمعة بشمول الجهاز القضائي بالإصلاحات وإعادة النظر بالقوانين التي فتحت الطريق للفساد، وشدد في جمعة أخرى على أنه لا يمكن للإصلاحات ان تتم دون اصلاح الملف القضائي الذي يسوده اليوم فساد كبير.
ورغم ان السلطات في العراق منفصلة حسب الدستور الا انها متصلة بعملها بما يجعلها تسير بعجلة واحدة نحو مسيرة الاصلاح والتغيير، ما يستدعي ان تنظم السلطة القضائية الى مشروع مجلسي الوزراء والنواب واصدار وثيقة لإصلاح النظام القضائي في العراق.
وتذكيرا، ليس المهم أن يتمكن القضاء العراقي من أداء دوره المرسوم دستوريا وفقاً لما رسمه الدستور، وقانونياً وفقا لقانون التنظيم القضائي، بشكل آلي وروتيني، ليست العبرة بوجود أبنية محاكم فاخرة وقضاة يسدون الشواغر، بل المهم أن يكون هذا القضاء مستقلا بالمعنى الحقيقي للاستقلالية، حياديا بعيدا عن الميل الى أية جهة سياسية أو مراكز قوى أخرى، وينأ بنفسه عن إن يكون طرفا في شؤون خارج اختصاصاته تبعده عن التمكن من أداء دوره الحقيقي، وتخرجه عن معانيه الحقيقية في الاستقلالية.
لذا أصبح من الضروريات الأساسية في إصلاح المؤسسة القضائية في الدولة العراقية، وهذا ما يدعو إليه صوت الشارع العراقي وما تؤيده المرجعية العليا في الإصلاح القضائي لإعادة تطبيق واحترام القانون والدستور وتحقيقا للعدالة وما طرأ على السلطة القضائية من بعض الهفوات، ولإعادة زرع الثقة التامة في نفوس الشارع العراقي بالقضاء والسلطة القضائية نقترح في أدناه الطريقة القانونية البسيطة لإصلاح السلطة القضائية وفقا للدستور والقوانين والتعليمات النافذة، وكما يلي:
1- تشريع قوانين السلطة القضائية وهي قانون المحكمة الاتحادية العليا وقانون مجلس القضاء الاعلى وقانون الادعاء العام وقانون هيئة الاشراف القضائي وقانون السلطة القضائية، فأي قانون من قوانين السلطة القضائية المنصوص عليها في الدستور لعام 2005 لم يشرع خصوصا، مشروع قانون المحكمة الاتحادية الذي بقي عالقاً بين أروقة مجلس النواب منذ فترة، وسيكون المفتاح الوحيد لحل طلسم مجلس القضاء، والبوابة الرئيسة لأجراء الاصلاحات القضائية التي طالب بها المتظاهرون وبعيدا عن جعل رئيس المحكمة الاتحادية الدستورية رئيسا للسلطة القضائية، لان استقلال المحكمة الاتحادية العليا المنصوص عليها بالمادة 92 لا يستقيم إذا تمارس بنفس الوقت رئاستها ورئاسة مجلس القضاء الأعلى، وتعيين شخصية قضائية مهنية كفؤة وحسب اقدميتها في الخدمة القضائية كرئيس لمجلس القضاء الأعلى.
2ـ تعيين رئيسا لمحكمة التمييز الاتحادية ممن لديه خدمة في القضاء العراقي حصرا لأكثر من خمسة عشر أو عشرين عاما وفق الشكلية التي رسمها القانون والدستور، ومن خلال تفعيل الفقرة (خامساً/ أ) من المادة(61) من الدستور وإقرار تعيين رئيس محكمة التمييز ورئيس الادعاء العام ورئيس هيئة الإشراف القضائي من قبل مجلس النواب؛ لان القضاء وجه من أوجه سيادة البلد واستقلاله مما يجب أن تكون رئاساته معينة بشكل وطني ووفق الدستور، ويكون رئيس محكمة التمييز الاتحادية شخصية غير رئيس مجلس القضاء الأعلى بالرغم من تأكيد الامر 35 لعام2003 بان يكونان شخصية واحدة، لان ما ورد في الامر يخالف قانون التنظيم القضائي النافذ، وكان من الموجبات اجراء تعديل عليه منذ فترة طويلة، حفاظا على استقلالية وحسن أداء القضاء.
3ـ تعيين المناصب القضائية كافة (رئيس الادعاء العام، رئيس الاشراف القضائي، رؤساء الاستئناف) ووفقا للدستور والقانون من خلال التصويت عليهم في البرلمان وفق نص المادة(المادة 61/خامساً/أ) من الدستور وممن لديهم خدمة وباع طويل لأكثر من خمسة عشر عاما وممن يتم انتخابهم في داخل هيئاتهم او جهازهم، مع مراعاة احكام القوانين(أحكام المادة 47 / ثانيا من قانون التنظيم القضائي رقم 160 لسنة 1979 المعدل، المادة 47 من قانون الادعاء العام رقم 159 لسنة 1979 المعدل، إحكام المادة 3 من قانون الإشراف القضائي رقم 124 لسنة 1979 المعدل) وعدم تعيين أي رئيس وكالة ممن لا تتوافر فيه الشروط المطلوبة لأن التعيين مخالفا للشروط لا يحقق العدالة بين القضاة أو أعضاء الادعاء العام.
3- ضرورة تشريع قانون مجلس القضاء الأعلى المرقم 112 لعام 2012 وإلغاء درجات المدراء العامين في مجلس القضاء الأعلى.
4- إجراء انتخابات شاملة لمنصب رئيس مجلس القضاء الاعلى بمؤتمر عام لجميع القضاة في إنحاء العراق هو الحل الامثل لاختيار من يجده القضاة يصلح إن يكون رئيسا لمجلس القضاء الاعلى.
5- ضرورة فك جهاز الادعاء العام عن جهاز القضاء العراقي وتوفير كل المستلزمات الإدارية والفنية والمالية لتحقيق ذلك؛ ليكون جهازا مستقلا بذاته يمثل الحق العام ويدافع عنه في المحاكم العراقية بحرية، بعيدا عن التداخلات والتشابكات والتأثيرات، فضلا عن إن استقلالية جهاز الادعاء العام سيكون لها دورا كبيرا في مكافحة مظاهر الفساد بكافة اشكاله، وسيستطيع أن يقوم بدوره الفعال أثناء التحقيقات في مكافحة احتمالات وجود فساد في جهاز القضاء بدون تأثيرات لنفوذ أو خوف من طرد أو تعطيل أو عرقلة لمجريات التحقيق .
6- التشديد على دوائر الادعاء العام كافة، بممارسة دورها الحقيقي بالوقوف على كافة المخالفات الحاصلة في دوائر الدولة أو مايشاهده ويراه ويسمعه عضو الادعاء العام في الشارع العراقي من سلبيات وظواهر خارجه عن القانون وفي كافة جوانب الحياة، إضافة إلى دور الادعاء العام في تحريك الشكوى العامة نيابة عن المجتمع في أي خرق بحقوق المواطن والدولة وهذه الصلاحيات والدور منح لعضو الادعاء العام بموجب المواد (8، 5، 2) من قانون الادعاء العام رقم 59 لسنة 1979، وبهذه الإجراءات التي يتخذها عضو الادعاء العام سنجد حلول شاملة وناجعة لكافة مرافق الحياة من أجل تطبيق القانون على أكمل وجه.
7- ان مجلس القضاء الاعلى منذ اعادة تأسيسه يعمل بدون نظام داخلي وقانون مجلس القضاء الاعلى رقم 112 لسنة 2012 نص على اصدار نظام داخلي لعمل مجلس القضاء الأعلى، ويحدد اليه عمل المجلس وكيفية التصويت والحضور والغياب وكيفية اصدار القرارات في مجلس القضاء الاعلى وجدول الاعمال، وان تكون هناك شفافية في اطلاع السادة القضاة واعضاء الادعاء العام على القرارات المتخذة في اجتماعات المجلس والتي تخص العمل القضائي، وان تكون تلك القرارات معلومة لجميع القضاة واعضاء الادعاء العام وخاصة في ظل استحداث منصب امين عام مجلس القضاء الاعلى وهو من القضاة.
8- إنشاء شبكة معلومات مركزية للعدالة الجنائية الهدف منها هو ضمان وجود قاعدة معلومات مشتركة بين كل الأجهزة المعنية بالعدالة الجنائية تساعد في توفير معلومات دقيقة حول كافة الإجراءات التي تتخذ قبل الأشخاص ابتداء من التوقيف حتى انتهاء الإجراءات، وسوف تسهم هذه الشبكة في تتبع كافة الإجراءات التي تتم قبل الإفراد وضمان سرعة وحيادية الإجراءات، كما ستكون هذه الشبكة بمثابة مرجع منهجي بتميز والبيانات بشان الإجراءات الاستثنائية المتخذة بمعرفة بعض الجهات مثل وزارتي الداخلية والدفاع.
9- هناك ضرورة بان يقوم رئيس الجمهورية بتفعيل قرار مجلس قيادة الثورة المنحل رقم 170 المنشور في الجريدة الرسمية بالعدد 3190 في 22/2/1988 الذي لازال هذا القرار ساريا ولم يلغ أو يعدل أستنادا لإحكام المادة 130 من الدستور عام 2005، وهذا القرار يتضمن صلاحية رئيس الجمهورية اقالة أي وزير ومن بدرجته إذا كان اداؤه لا يلبي الإصلاحات وسيء.
10-عدم تنسيب قضاة من الصنف الثاني لتولي منصب رئيس محكمة الاستئناف مع خطورة هذا المنصب وأهميته وان يكون رئيس محكمة الاستئناف من قضاة الصنف الاول حصرا، وهذا ما ينص علية قانون التنظيم القضائي وضرورة ان لا يبقى من يقوم بمنصب رئيس الاستئناف فترة طويلة وان يكون هناك تنافس على المنصب لأكثر من قاضي لا ان يكون تنسيب من يقوم بأعمال رئيس الاستئناف وليد الصدفة.
11 ـ ضرورة قيام مجلس القضاء الأعلى بأخذ دوره في الإشراف القضائي والرقابي الذي منحه له الدستور في المادة(91) منه والأمر (35) لسنة 2003 في التحقيق في الانتهاكات التي تعرض لها المعتقلين ومدى تقصير القضاة وعدم كفاءتهم في التصدي لذلك واتخاذ الإجراءات بمحاسبة القضاة اللذين استسهلوا الإساءة الى القضاء العراقي والسلوكيات القضائية، وليكونوا عبره لكل من انتهك يمين القسم الإلهي في الدولة العراقية.
12-هناك ضرورة بان ينقل التحقيق من أجهزة الشرطة والجيش والأجهزة الأمنية واسناده الى مكاتب التحقيق العدلي، لضمان عدم تعرض المتهم لانتهاكات وتجاوزات وثقتها المنظمات والتصريحات وافواه المعتقلين، وبقاء التحقيق بيد هذه الأجهزة سنكون قد وضعنا الذئب مع الخروف والامثال تضرب ولا تقاس.
13-تطبيق وتنفيذ قانون التنظيم القضائي رقم 160 لسنة 1979 المعدل ما دام نافذا، بخصوص نقل القضاة وتغير أماكن عملهم من محكمة إلى محكمة أخرى، والأشعار إلى كافة رؤساء الاستئناف بتغير مواقع عمل السادة القضاة كل عام من أجل أن يعمل القاضي في جميع الاختصاصات، وان بقاء القاضي فترة طويلة دون تنقل امر مخالف لقانون التنظيم القضائي وخاصة امر اصبح عرفا قضائيا من ان يتولى القاضي المتخرج حديثا العمل في محكمة التحقيق لسنوات طويلة دون ان ينقل الى محكمة الاحوال الشخصية ومحاكم البداءة، وأن المادة (50/ أ ) من قانون التنظيم القضائي لا تُجوز تعيين القاضي من الصنف الثالث والرابع في محاكم بغداد وزجهم في محاكم التحقيق في بغداد، وذلك يعد خرقا للقانون، ولا يجوز ان ينتدب اكثر من ثلاثة اشهر، حفاظا على سلامة الإجراءات التحقيقية التي باتت تهدر من القائمين بالتحقيق وبمساعدة السلطة القضائية لضعف الخبرة في أكثر الحالات، ولا يجوز بقاء القاضي في محكمة واحدة اكثر من 3سنوات وفق قانون التنظيم القضائي.
14ـ العمل على الغاء الامر 13 لسنة 2004 الخاص بالمحكمة الجنائية المركزية في ساعة بغداد وتصفية الدعاوى التي تنظرها المحكمة الجنائية المركزية ومحكمة التحقيق المركزية تمهيدا لإلغائها في مدة أقصاها سنة واحدة، وإحالة كافة الدعاوى الغير منظور فيها لحد الآن حسب الاختصاص المكاني لواقعة الجريمة المرتكبة وبغية حسم جميع الدعاوى الجزائية وبسرعة وضمن السقف الزمني المحدد لها.
15- ضرورة تفعيل دور هيئة الأشراف القضائي وتشريع قانونها :
أعطى قانون الإشراف العدلي رقم 24 لسنة 1979 في المادة (13) منه لهيئة الإشراف الحق في الإشراف على كافة المحاكم وسير عملها والرقابة وأعطى القانون المذكور في المادة (26، 28) منه حق الإشراف على القضايا التحقيقية والاطلاع عليها ومتابعتها للقرارات التي يصدرها القضاء إلا أن هذه الهيئة القضائية لم تأخذ دورها المرسوم قانوناً وكان ذلك عاملاً مساعداً في تغاضي القضاء وأعضاء الادعاء العام عن ما يحصل من انتهاكات لحقوق المعتقلين، فعلى مجلس القضاء الاعلى ان يعيد النظر في عمل هيئة الاشراف القضائي وان يكون لها نائبين حسبما نص القسم الأول من الامر 35 لعام 2003، ليكون لها دور في تطبيق القانون، وهيئة الاشراف القضائي تعمل بقانون الاشراف العدلي وليس لها قانون في عملها في الوقت الحاضر، وان عدد المشرفيين القضائيين قليل جدا بحيث ان مشرف قضائي يقوم بالأشراف على عدد كبير من المناطق الاستئنافية، ولا نعرف كيف يؤدي المشرف القضائي عمله الذي يتطلب منه تشخيص السلبيات والوقوف على القرارات التي تثير الشك والريبة؛ مع العلم ان عمل المشرف القضائي الان ينحصر بالزيارات التي يقوم بها الاشراف القضائي فقط وفق مبدأ الاحصائية وليس هناك اليه منتجة ومؤثرة في عمل الاشراف القضائي من حيث المتابعة والاشراف والتحقيق وعمله مقتصرا على المحاكم فقط دون بقية الاجهزة القضائية الأخرى، لذا نقترح ان يكون مشرف قضائي لكل منطقة استئنافية.
16ـ إلغاء محكمة النشر لأنها تتنافى مع ما جاء فيه الدستور العراقي الدائم عام 2005 الذي كفل حرية التعبير والعمل حسب الاختصاص المكاني للجريمة المرتكبة وهناك ضرورة لدراسة المحاكم المستحدثة وتقليل عددها ومنها محكمة العنف الأسري أو محكمة الموارد المائية أو محكمة الاعتداء على الأطباء أو المحاكم الأخرى لأنها تتنافى مع المبادئ العامة في قانون أصول المحاكمات الجزائية.
17-مراجعة القوانين العراقية النافذة للتأكد من توافقها مع مبادئ حقوق الإنسان والمعايير الدولية للعدالة الجنائية ، خصوصا قانون العقوبات رقم (111) لسنة 1969 وقانون أصول المحاكمات الجزائية رقم 23 لسنة 1971 للتأكد من اتفاق إحكامها مع الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهدين الدوليين للحقوق المدنية، ومراقبة أوضاع العدالة الجنائية في العراق وإعداد تقارير دورية تتضمن الايجابيات والسلبيات ومقترحات بالحلول الممكنة وإضافة نصوص تنظم التعاون القضائي الدولي وفق المعايير النموذجية المحددة من قبل الأمم المتحدة.
18ـ الإسراع بتشكيل لجان تحقيقية من قضاة وأعضاء ادعاء عام لغرض النظر في دعاوى الموقوفين الذين مضى على مكوثهم في التوقيف سنوات بدون محاكمه وإعطائهم الأولوية في التحقيق معهم أو الإفراج عنهم.
19ـ تعيين قاضي محكمة النزاهة في المحاكم الاستئنافية من خارج المحافظة حصرا وارتباطه إداريا برئيس مجلس القضاء الأعلى أو رئيس الإشراف القضائي من أجل الحد من ظاهرة تدخل رؤساء محاكم الاستئناف بقرارات القضاء، وأن يكون من الصنف الأول أو الثاني من صنوف القضاة ولديه خبرة في القانون المدني والتجاري والجزائي، ونفس الامر ينصرف الى المدعي العام المنسب أمام محكمة النزاهة.
20- على القضاء العراقي ان يقوم بتطهير بعض المراكز التحقيقية المرتبطة معه من بعض عناصر ضباط الشرطة والجيش والمحققين الذين غيروا كثيراً من تقاليد القضاة ونهجهم وأعرافهم، ولم يعد تطهير القضاء، بحمايته وصيانته ومنع الرشاوى المقنعة التي تمنح لبعض القضاة والمحققين؛ الا مطالب جوهرية لإيجاد بيئة مفعمة بالعدالة المضيئة.
21- ظاهرة التعذيب في المعتقلات:
رغم أن المادة ( 37 / ج ) من الدستور العراقي الحالي والمادة ( 127) من قانون أصول المحاكمات الجزائية قد منعت جميع أنواع التعذيب والإكراه والتهديد واعتبرت الاعتراف المنتزع بهذه الوسائل باطل قانوناً، وان قانون العقوبات العراقي قد حدد في المادة ( 333) منه عقوبة السجن أو الحبس لمن يقوم بالتعذيب إلا إننا نجد أن ظاهرة التعذيب تزداد حدة لوجود ثقافة الإفلات من العقاب فباتت الوسيلة الشائعة في المعتقلات العراقية، لذا من الضروري التقيد بأحكام القانون بشأن الاعتقالات آو المداهمات آو الحجز والتوقيف وعدم إجراء ذلك إلا بموجب مذكرة قضائية وتنفيذ قرارات المحاكم بمجرد صدورها خاصة فينما يتعلق بالإفراج وتحريك الشكوى ضد كل من يقوم بتلك الأعمال آو الانتهاكات وفق أحكام المواد (331 ، 333، 322 ) من قانون العقوبات وهو دور القاضي المختص ابتداء والمدعي العام المختص باعتباره يمثل المجتمع والحق العام ودور كل الجهات الرسمية بتحريك الشكوى عند حصول تلك الانتهاكات التي تمس الحق العام وإشعار محكمة التحقيق أو دائرة الادعاء العام بذلك0
22- التقيد بالاختصاص النوعي والمكاني عند إجراء التحقيق الابتدائي والقضائي المقرر في المواد (53،54) من قانون أصول المحاكمات الجزائية النافذ، ورفع حالة التشابك والتداخل في الاختصاصات والصلاحيات الأمنية لإفراد الأجهزة التنفيذية حتى لا يبقى المتهم وقضيته يتنقلان بين عدة محاكم دون حسم قضيته من قبل جهة واحدة 0
23-مع إيماننا الكامل بأن تحديد المدة المعقولة في إكمال الإجراءات الجزائية مرتبط بظروف وملابسات كل جريمة على حدة من حيث خطورتها وتنوع أدلتها وتعدد شهودها لكن هناك ضوابط لتقدير المدة وحسب ما جاء بقرار مجلس قيادة الثورة المنحل 669لعام1987 وتعليماته، واتخاذ السبل الكفيلة لضمان سرعة الإجراءات الجزائية وان يتم ترتيب أثار قانونية وإدارية على تجاوز المدة المعقولة لإتمام الإجراءات الجزائية0
24ــ إدخال نقابة المحامين العراقيين كطرف فعال بقضايا المعتقلين ومن الخطأ البين تجاهل هذه النقابة العريقة في كافة القضايا الحقوقية المهمة واللجان التي شكلت، خصوصا إنها القضاء الواقف وركن رئيسي من أركان العملية القضائية فنرجو اخذ ذلك بنظر الاعتبار وإشراك النقابة بجميع الدراسات والقضايا لأنها معنية بهذا الأمر وذات خبرة عملية ولديها باع طويل بهكذا ملفات ورأيها جوهري ومرتكز هام يجب عدم تغافله، ولديهم صيغ ورؤى لتطوير العمل القضائي وملف المعتقلين وإيجاد الحلول لهذا الملف الشائك وبصورته المهنية القانونية العادلة والبعيدة عن إعطاء عناوين غير حقيقية وإطلاق افتراءات فيها من المصالح ما لا يخفى فمن الضروري الوقوف على رؤى هذه النقابة العريقة ذات الخبرة الميدانية0
25- تطوير اليه الرقابة على عمل الكادر البشري العامل في السلطة القضائية:
تشديد الرقابة على الموظفين القضائيين والاداريين بالسلطة القضائية ليس انتقاصاً منهم وتقليل من شأنهم بل للحفاظ عليهم من الوقوع في الرشوة وفي أي مخالفات قانونية، والمفترض ان يتم تركيب اجهزة كاميرا في جميع قاعات جلسات المحاكمة وجميع المكاتب والممرات الداخلية لمباني المحاكم والنيابات للرقابة على الموظفين القضائيين والإداريين بالسلطة القضائية لمنعهم من الوقوع في الرشوة او الفساد ومنع محاولات البعض افسادهم.
26 ـ تقليص عدد الحمايات للسادة القضاة وأعضاء الادعاء العام وتقليص عدد الحراس القضائيين المعينين بصورة مؤقتة أو دائميه على ملاك مجلس القضاء الأعلى لان هذا يشكل عبئا ماليا كبيرا على موازنة البلد.
27 ـ دعم الكادر الوظيفي في المحاكم وتوفير كافة المستلزمات والاحتياجات الوظيفية من أجل الارتقاء في الأداء والواجب الوظيفي.
28 ـ فتح محاكم في الأماكن التي تكون مكتظة من حيث السكان ووفق ماتتطلبه الحاجة الماسة لفتح تلك المحاكم بعد الاطلاع والتدقيق على عدد الدعاوى الجزائية والمدنية التي تكون في هذه الأماكن.
29 ـ اسناد مهمة الناطق الإعلامي للسلطة القضائية لمختص بالأعلام وليس لقاضي فأن عمله كناطق إعلامي يعد تجميد لعمله كقاضي دون الاستفادة من خبراته القضائية.
30-هناك ضرورة للاستفادة من القضاة الذين يبلغون السن القانونية للتقاعد، بالاستفادة منهم كخبراء في مجلس القضاء الأعلى على ان لا يسند لهم أي منصب قضائي.
31-تضييق الفجوة المالية بين مرتبات القضاة والمحققين والموظفين الاداريين بالسلطة القضائية:
طالما ركز مجلس القضاء الاعلى من سابق لتحسين معيشة القضاة وتغاضى عن أي جهود ممكنه لتحسين الوضع المعيشي للمحقق والموظف الاداري بالسلطة القضائية(القانون الأخير لسلم رواتب المحققين لا يلبي الطموح) مما ادى الى الاحتقان والامتعاض من قبل المحققين والموظفين الاداريين بالسلطة القضائية نحو قيادة السلطة القضائية لتجاهلها حقوقهم الطبيعية واوقع الموظف الاداري والمحقق بالسلطة القضائية في براثن الرشوة كردة فعل طبيعي لعدم تحقيق العدالة في اجهزة العدالة، وهذا يؤدي الى تعطيل عمل الادارة القضائية وهي من اهم عناصر العمل القضائي وتشويه سمعة السلطة القضائية والمفترض من مجلس القضاء الأعلى، سرعة مناقشة موضوع تضييق الفجوة المالية بين الموظفين الاداريين بالسلطة القضائية والقضاة.
32ـ إلغاء تعليمات تشكيلات السلطة القضائية رقم 1 لسنة 2014 المنشور بالجريدة الرسمية بالعدد 4312 في 3/3/2014 وإعادة صياغتها وفقا لأحكام الدستور النافذ عام 2005 حيث جاء في تعليمات السلطة القضائية المادة (1) تتكون السلطة القضائية من (المحكمة الاتحادية، مجلس القضاء الأعلى، محكمة التمييز الاتحادية، محاكم الاستئناف الاتحادية، جهاز الادعاء العام، هيئة الإشراف القضائي)؛ وهذا الترتيب خلاف لما ورد في المادة(89) من الدستور النافذ من حيث الاسبقية والمادة 92 من الدستور عزلت المحكمة الاتحادية عن مجلس القضاء الأعلى كون المحكمة الاتحادية العليا هيئة قضائية مستقلة ماليا واداريا .
تلكم إضاءات يمكن من خلالها الوصول إلى القصد في إقامة سلطة قضائية تحقق إقامة العدل وتأمين الأمن والاستقرار في الدولة والمجتمع فلا يخشى مواطن على حقه ولا يرزح تحت جور فينعم الإنسان في طمأنينة ينطلق بها نحو بناء حضاري لأمة، هي الأصل في إعلان الحقوق ووضع القوانين.
وبات ضروريا إعادة النظر في المؤسسة القضائية وصياغتها كمؤسسة وطنية رفيعة القدر تنأى بنفسها عن معترك العمل السياسي والإعلام على شاشاته قد نالا منها إلى حدٍ كبير.
المعبر الثالث: السلطة القضائية ومطالب المتظاهرين:
القضاء العراقي، يتعرض اليوم الى محنة كبيرة، تهدد وجوده وكيانه، كإحدى سلطات الدولة العراقية، التي لها صلاحية مساءلة بقية السلطات والرقابة على اعمالها، ان النظام القانوني العراقي، يعاني من مشكلة كبيرة تتمثل بالجهة التي تملك صلاحية محاسبة القضاء في حال فشله في ممارسة مسؤولياته القانونية والدستورية، نتحدث عن تجاوزات قام بها قضاة كبار، يتهمهم الشارع اليوم بالفساد، ويتظاهر ضدهم، اضافة الى وجود عشرات الصفحات في مواقع التواصل الاجتماعي، تنتقد رأس السلطة القضائية ورؤساء الاجهزة العدلية الاخرى، وتطالبهم بالاستقالة، إن الشعارات التي رفعها المتظاهرون بإجراء إصلاحات في القضاء، اكتسبت زخما بإعلان المرجعية الدينية بضرورة اصلاح السلطة القضائية، وان يكون لدينا نظاما قضائيا فاعلا قادرا على انجاز ما تتطلبه حملة القضاء على الفساد وانفاذ القانون على الجميع دون أستثناء وبغض النظر عن انتماءاتهم ومواقعهم السياسية والرسمية تنفيذا لما جاء في نص الدستور بأن العراقيين متساوون امام القانون.
لقد أعلن رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء حيدر العبادي ورئيس مجلس النواب والمرجعية موقفهما من ضرورة اصلاح القضاء والكل بانتظار موقف رئيس السلطة القضائية ليطمئن جمهور العراقيين في اجراء إصلاحات لتحقيق العدالة والنزاهة ومواجهة بعض مظاهر الفساد في القضاء العراقي، والمؤمل حزم السلطة القضائية ولا تأخذها بالحق لومة لائم ولا تنحاز لموقف سياسي او مركز سلطوي، وتتجدد الدعوات التي تدعو الى تمرير مشروع قانون المحكمة الاتحادية باعتباره الكفيل بإجراء الإصلاحات المطلوبة داخل السلطة القضائية.
السلطة القضائية، اصدرت قبل ايام مجموعة من القرارات ترى انها اصلاحات، تتناسب مع المرحلة الجديدة التي اسست لها التظاهرات، وتلبي نداءات المرجعية التي دعت للإصلاح.
أما فيما يتعلق بالمطلب الاساس للمتظاهرين وهو تنحية رئيس مجلس القضاء الأعلى من مهامه، فقد تم مناقشة هذا الموضوع عبر بوابة طلب الرئيس الاحالة الى التقاعد، وتم مناقشة الطلب والتصويت بالإجماع على رفض الطلب لأن المصلحة العامة والعدالة في هذه المرحلة تقتضي البقاء في مهامه رئيسا لمجلس القضاء الاعلى والمحكمة الاتحادية(كما ورد على لسان السلطة القضائية).
والسؤال الذي يرد في هذا المجال، أين مطالب المتظاهرين؟ هل هناك خلافات شخصية للمتظاهرين مع شخص رئيس السلطة القضائية؟ هل هناك مصلحة خاصة لهم برحيله عن المنصب؟
اننا ندعم السلطة القضائية ونقدر شخص رئاستها لغزارة علميته، وعندما نكتب عن ضرورة احترام القضاء واستقلاليته عن المؤثرات الخارجية، واستعمال الفاظ مهذبة في نقدها، لا يعني اننا نؤيد اشخاصاً بعينهم، ذلك ان القضاء هو أكبر وأسمى من الأشخاص، وحسب علمنا لم يحدث بتاريخ العراق ولا بتاريخ الشرق الأوسط، أن يقوم شعب ثائر برفع صور (قاضي القضاة رئيس السلطة القضائية) مطالبا بإقصائه ومحاسبته، واتذكر، قبل ثمانية سنوات، هبت نقابة المحاميين الباكستانيين لتحدي اقوى نظام عسكرتاري في القاره الهندية من أجل رئيس المحكمة العليا الذي وقف مع العدالة وضد أوامر جنرالاته، أدى هذا الاعتراض الى ثورة شعبية ساندت النقابة وأدت الى سقوط كامل نظام الجنرال مشرف وللابد، ونفس الشيء في مصر العربية التي أسقط الشعب المصري أكبر حزب إسلامي على وجهة الأرض لأنه حاول التدخل في تعيين النائب العام المصري.
وهناك اسئلة وملاحظات ترد حول بعض القرارات التي اتخذتها السلطة القضائية مؤخراً، وتصريحات سياسيين. فمثلا: بعد المؤتمر الصحفي للنائب هيثم الجبوري، الذي اتهم فيه قضاة كبار بعرقلة المئات من الدعاوى بحق اصحاب مصارف في عمليات غسيل اموال، مقابل مبالغ مالية كبيرة، دفعت له على شكل عقارات في دول عربية واجنبية. هذا الاتهام الذي صدر من عضو في السلطة التشريعية، بحق عضو في السلطة القضائية، يجب الا يمر مرور الكرام، فعلى القضاء ان يحقق في تلك الاتهامات ويطلع الرأي العام عن مدى صحتها، وهل ان القاضي المتهم فاسد فعلا؟ أم بريء؟ وإذا كان فاسداً كما ادعى النائب، فما هي الاجراءات المتخذة بحقه وفقا للقانون؟ الاخبار تشير الى ان مجلس القضاء امر بنقل الدعاوى التي كانت تنظر من قبل القاضي المتهم من محكمة استئناف الرصافة الى محكمة استئناف الكرخ، وبعدها تم إعطائه إجازة لمدة ستة أشهر تحت ذريعة مرضه؛ ماذا يدل هذا الاجراء؟ على صحة تلك الاتهامات ام على بطلانها؟ والمثير للاستغراب انه بعد تعيين رئيس استئناف للرصافة جديد، تم إعادة دعاوى النزاهة، اليس هذا الاجراء وسابقه غامضين ومتسرعين، حيث خلال شهر واحد تتم هذه التنقلات الجوهرية وما رافقها من إجراءات إدارية وهي إجراءات ليست بالسهلة ، لاسيما سيتم بسببها تأخير في عمل المحامين والمواطنين.
وقبل ايام، صرح النائب نفسه، ممهلا القضاء 7 ايام، للكشف عن ملفات الفساد التي ارسلت له والا، سيقوم البرلمان بإعلانها بنفسه! هل هذا التصريح، يدل على ان القضاء لا سلطان عليه غير القانون؟ أم هناك سلطان آخر؟ على ماذا يدل تحذير برلماني لقاضٍ؟ وهل فعلا، القضاء يتستر على قضايا فساد؟ على السلطة القضائية ان تخرج الى الرأي العام بقرارات حاسمة وجريئة، تعيد الى الشارع الثقة بها، وتؤكد للمتظاهرين انها مازالت تحت سلطان القانون ولا شيء آخر.
لذا نحتاج لنهضة تشريعية وقضائية طال انتظارها دون جدوى حتى الآن، وفي ذلك الماء الآسن ما فيه من خطر عظيم على مستقبل العراق ونظام الحكم فيها، يقول الكواكبي:
(إنها قولة حق وصيحة في واد، إن ذهبت اليوم مع الريح، فقد تذهب غدا بالأوتاد).
المعبر الرابع: إيقاف التدخل في أعمال الوظيفة القضائية
ان المؤشرات في السنوات الماضية تشير الى ملامح تدخلات سياسية في سلطة القضاء وجنوح بعض القضاة نحو انتماءات سياسية ذات نزعات طائفية وعرقية ما يخل بصورة القضاء المستقل النزيه، حتى ساد اليوم القول بأن الفصل بين السلطات إنما هو مجرد نوع من توزيع الوظائف بين مؤسسات الدولة يقوم على أساس التعاون بينها تحقيقا للمصلحة العامة، الامر الذي يتطلب من المؤسسة القضائية مزامنة خطوات رئيسي الحكومة والبرلمان باتخاذ حملة لإصلاح المنظومة القضائية.
ان القضاء العراقي ومن خلال متابعتنا لمجريات الأمور يمر بمحنة كبيرة، ومحنته تتجسد في كثرة التدخلات من هذا وذاك وفي ممارسة سياسة الطعن والتشكيك والتشهير ضده من خلال وسائل الاعلام من كل من هب ودب وهي سياسة غير صحية يجب وقفها والتصدي لها وضرورة تعزيز هيبة القضاء العراقي واحترامه.
فالقضاء مستقل لا سلطان عليه لغير القانون والقانون فقط، غير ان ما نقرأه ونشاهده ونسمعه من اساءات تمس هيبة القضاء العراقي ونزاهته تثير الشجون والأحزان والقلق، لهذا يجب ان تتوقف العديد من القنوات الفضائية ومواقع الأنترنيت والصحف وغيرها من وسائل الاعلام عن مثل هذه السياسة التي تضر بالقضاء وبسمعته وهيبته وشفافيته، ونأمل من السلطة القضائية ان تقوم بدورها بالإصلاحات المطلوبة وتطوير عمل المؤسسة القضائية بما ينتج عنه الية فعالة لمكافحة الفساد والجريمة المنظمة والإرهاب.
وتعرض الكثير من القضاة الى القتل والتهديد او الاساءة وهو أمر غير مقبول وتتحمل الحكومة ووسائل الاعلام مسؤولية كبيرة في هذا المجال لحماية القضاء وتخفيف ما يمر به من محنة أضرت بهيبته وشككت في نزاهته واساءت لسمعته، وهو حالة خطيرة تضر بمستقبل العراق وببناء الديمقراطية ودولة القانون.
إنّ على رئيس مجلس القضاء الأعلى أنْ يبرهن للناس أنه لا سلطة على القضاء، ولا يكفي الكلام المجرد، وعليه أنْ يكون رقيبًا على تصرفات القضاة كي يكونوا واجهة مشرقة مشرفة، وعليه أن يوقف من لا يستحق القضاء غير آبه بقول أحد أو غضب مسؤول.
أن ولوج القضاء في المسائل السياسية حتى لو بدون ان يعلم، يكون قد نال من نفسه ومصداقيته لدى الشعب ويربأ الشرفاء أن يُتَّخذ القضاء معبراً للمرور من الأزمات السياسية ولو كانت خانقة، ويعود تسييس القضاء في أحد أهم أسبابه غير الشخصية إلى دخول قضاة عديدين الى المعترك السياسي والبعض الاخر اخذ يمثل جهة سياسية او دينية او طائفية، او من خلال إصدار أحكام لخدمة أغراض السلطة التنفيذية، أو جهة سياسية متنفذة بالتعرض لضغوط منها أو إغراءات تُغيب ضمير القاضي وتحفز قدرته على تحدي العدالة بتحريف نصوص التشريعات والتلاعب بمعانيها ومقاصدها التي؛ في العادة تتحيز للمتهمين(مبدأ المتهم بريء حتى تثبت إدانته، ومبدأ الشك في مصلحة المتهم)، أو ما نشهده هذه الأيام في العراق من مظاهرات واعتصامات من الشعب ومن احتجاجات ضد الأحزاب السياسية والدينية ضد الفساد واتهام القضاء العراقي(خصوصا من المنظمات الدولية) بأنه قضاء مسيس من جهة وفاسد من جهة أخرى، والمناداة بهتاف الشعب يريد تطهير القضاء.
ويقول الصحفي فخري في احدى مقالاته (إن التشكيك بالقضاء، حين يصل إلى السلطة التشريعية ويتحول إلى اتهام صريحٍ لأعلى سلطة قضائية بشبهة التواطؤ لصالح انحرافاتٍ سياسية خطيرة، وارتكاباتٍ تمس سلامة الدولة "ناقصة البنيان"، ووجهة تطور المسيرة الديمقراطية، فان ذلك يشكل تحذيراً من عيارٍ ثقيلٍ يتطلب وقفة جدية من أولي الأمر المختلفين).
وماصرح به (رئيس لجنة حقوق الانسان البرلمانية وقبله المنظمات الدولية بصدد احكام الاعدام الاخيرة) بان المحكومون بالإعدام صدرت بحقهم لأسباب أمنية بضغوط سياسية.
ولهذا فأن على المؤسسة القضائية أن نكون بمستوى طلب المتظاهرين والمرجعية، ونقوم بصولة جبارة في محاربة الفساد من خلال محاكمة الفاسدين كما تحارب الإرهاب لان الفساد المالي والإداري أخطر من الإرهاب،
وطيلة عملي في المحاماة وتحديدا في المحكمة المركزية كرئيس غرفة المحامين لأكثر من ست سنوات(2005-2012) كان الكثير من القضاة، شرفاء وابطال ورموز وفرسان جسدوا عظمة القضاة العراقيين، والقلة من الذين قد رضوا بأن يكونوا مع الخوالف وطبع الله على قلوبهم وقبلوا نحر العدالة في العراق.
وبالنتيجة نحتاج الى رحمة حقيقية كون القضاء يمثل أرادة الله في الأرض والقاضي يمثل خليفة الله في الأرض ولا يمكن للبعض من القضاة وهم محترمون أّن يعطونا صورة على أَن الله ظالم – حاشى الله أِلا أَن يكون رحيماً عطوفاً على عباده وهادياً لهم في أَن يسيروا في الهدى.
قناتنا على التلغرام :
https://t.me/kitabat
د . عبد القادر القيسي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat