ما حك جلدك مثل ظفرك
علي علي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
يقال أن المشكلة سميت مشكلة لأن هناك حلا لها لامحالة، حتى أن مقولة قديمة مفادها؛ "الزمن كفيل بسد الثغرات" تعيننا على حل بعض مشاكلنا بتركها لعامل الزمن، إذ لطالما استعصت علينا حلول رغم تقصينا باستحضارها، ولطالما وصلنا الى نهاية أفق ظنناه مسدودا، فنرضى بأنصاف الحلول وأرباعها وأعشارها، بل نستجدي احيانا حلولا من أي مصدر، مع علمنا بعدم نفعها الآني لمشكلتنا، وكما قال شاعر:
وإذا المنية أنشبت أظفارها
ألفيت كل تميمة لاتنفع
وأظن عراقنا اليوم بأمس الحاجة الى حلول جذرية تنتشله مما آلت اليه أوضاعه في مفاصله كافة، لاسيما بعد أن استنفد الحريصون على سلامته الحلول الترقيعية والوقتية. وهناك أمر أرى أن من المجدي النظر اليه والالتفات الى أهميته، هو أن كثيرا مما نعاني منه لايستوجب حله الاستعانة بآخرين خارج حدود بلدنا، فكلنا يعي جيدا العمق التاريخي الذي ينحدر منه عراقنا، وكلنا ندرك العمق الحضاري الذي ننحدر نحن منه، ومن غير المعقول أن نستدعي خبراء يفكون عُقدنا، او (حلالي مشاكل) يحلون ما (تخلبص) من غزلنا. كما أرى أن نسيان دور الفرد العراقي الذي لعبه سابقا في دول العالم وإهماله إجحاف بحقه، وما لاشك فيه أن العراقيين الذين بقوا داخل حدود بلدهم، ليسوا بأقل من الذين هاجروا خارجه مقدرة وكفاءة، فالحلول إذن متوافرة بمتناول أيدينا، على شرط أن يأخذ ذوو السلطة والحكم بأيدي ذوي العقول والحلول، الى حيث يضعون أيديهم على مكامن العلل وأماكن الخلل، وساعتها نكون قد قطعنا شوطا كبيرا من مسيرة إنقاذ البلد بأقصر الطرق وأقل المدد. وباستذكار للماضي القريب، أرى أن هناك إنجازات لايستهان بها في قدرة العراقي على اختيار الحلول المناسبة والناجعة لمشاكله، دون اللجوء الى دولة عظمى او صغرى او وسطى، منها مثلا؛
إداريا.. قبل أشهر قليلة قام رئيس الوزراء بكشفه أسماء الـ (فضائيين)، وقطعا هي إشارة منه الى أن الـ (حبل عالجرار) وسيأتي بفاسدين آخرين وفسادات أخرى، وتعد خطوته هذه أنسب حل -لو أتيح لها التطبيق بالكامل- ولم تكن تحتاج قوة من الخارج او تحالفا عالميا، او حتى استشارة إدارية او قانونية من جهة غريبة، غربية كانت ام شرقية!.
أمنيا.. إقالة قيادات عسكرية وأمنية نخرت الأجهزة الحساسة في البلد، هي الأخرى خطوة باتجاه الحلول الجذرية، ولو أن الإقالة غير رادعة لمن تسول له نفسه مستقبلا بتكرار ذات الفعل، لكنها بشكل عام بداية حسنة لتنقية أجهزة حماية الدولة من الخارج وفي الداخل، على أن تعقبها عمليات إصلاح وتطهير شاملة لعناصر منتسبة الى مثل هذه الأجهزة الحساسة.
اقتصاديا.. خطوة تقليل مرتبات المجالس الثلاث ومجالس المحافظات ومناصب الدرجات الخاصة، هي الأخرى تمثل حلا آنيا لمشكلة الهدر المالي الذي يستنزف أموالنا، بل هي خطوة جريئة لها فائدة أخرى، فبها تعود ثقة المواطن بمسؤوليه الذين اصطفاهم في أعراس انتخابية سابقة، بعد ظنه وتوهمه أنهم سيفون بوعودهم له، ويعيدون شيئا من حقوقه اليه، ولم يكن في حساباته أنه سيُصدم بانحيازهم الى الـ (أنا) وتركِهم إياه يعض إصبعه البنفسجي ندما على وهمه وحسرة على أمله الذي تبدد.
عسكريا.. التقدم الذي تحقق على أيدي الجيش النظامي والحشد الشعبي، بتحرير المدن والقرى التي فتحت أحضانها ثانية لأهليها المهجرين منها قبل شهور، هو أيضا واحد من الحلول التي ظن بعضنا أنها مستحيلة، ولم يبق على قياديي هذه القوات إلا الثبات على ماأحرزوه من نصر، وتعزيزه بانتصارات أخرى تطهر أرض العراق من تبعات ماحصل. الحلول إذن..! بأيدينا نحن العراقيين، وقد قالها الإمام الشافعي:
ما حك جلدك مثل ظفرك فتولّ أنت جميع أمرك
وإذا قصـدت لـحاجــةٍ فاقصد لمعترفٍ بقدرك
aliali6212g@gmail.com