تعتبر مدينة سوتشي الروسية منتجعا فاخرا على البحر المتوسط، شهدت هذه المدينة لقاءا بين الرئيس الروسي بوتين ووزير الدفاع السعودي محمد بن سلمان، على أمل أن يكون هذا اللقاء يسفر عن تغيير في الموقف الروسي من الأزمة السورية، خاصة بعد أن شهدنا خلال الفترة الماضية تغيرا كبيرا في الموقف الغربي من هذه الأزمة؛ فبعد أن كان الموقف الغربي متزمتا أزاء بقاء نظام بشار الأسد على رأس السلطة، ويدعو الى تغييره، وصُرفت أموال طائلة لإيجاد بديل يكون متسقا مع السياسات الغربية عموما، نلاحظ أن هذا الموقف لا يمانع اليوم من بقاء هذا النظام على رأس السلطة (لفترة إنتقالية على الأقل).
ذهاب الوزير السعودي يحمل في طياته معاني كثيرة، منها إمتعاض السعودية من الموقف الغربي الذي أشرنا إليه، ومحاولة لرشوة الدب الروسي؛ من خلال إحياء عقود تسليح تم التوقيع عليها سابق، وأوقفها الملك السعودي سلمان بن عيد العزيز.
صحيح أن روسيا ترغب ببيع سلاحها للسعودية، لأنها ترغب بالإستحواذ على مناطق تجهيز سلاح تعتبر حكرا على الولايات المتحدة، لكن الصحيح أيضا هو أن روسيا لديها تحالفات متينة مع دول في المنطقة ومنها سوريا، لا يمكنها التفريط بتلك التحالفات لأسباب عديدة، منها إقتصادية وأخرى عسكرية، فالأسباب الإقتصادية أن روسيا تعلم علم اليقين بأنه مجرد سقوط نظام بشار الأسد، فإن هذا يعني أن أنبوب الغاز الروسي الذي يصل الى أوربا سيكون مصيره الفشل، بسبب قرب الغاز القطري من أوربا والذي سيمر عبر الأراضي السورية الى أوربا بأبخس الأسعار، أما عسكريا فمعلوم لدى المتابعين أن قاعدة طرطوس تعد نقطة مهمة لرسو القطعات الحربية الروسية على البحر المتوسط، وهو شيء لا يمكن لروسيا التفريط به.
عودة الى الموقف السعودي المتزمت، فمعلوم أن السعودية كانت من أشد أعداء نظام بشار الأسد، ورصدت الأموال الطائلة لإسقاطه بدون جدوى، عدا عن هجومه العنيف على الروس لوقوفهم الى جانب النظام السوري، وليس ببعيد هجوم وزير الخارجية السابق سعود الفيصل على الرئيس الروسي بوتين، وإتهامه للأخير بأنه وراء المشاكل في العالم العربي، لكن مع تغير الموقف الغربي من أقصى اليمين الى أقصى الشمال، جعل السياسة السعودية تفكر مرتين قبل المضي قدما في معاداتها للنظام السوري، ومن ورائه روسيا؛ لذلك فهي تحاول الحفاظ على ماء وجهها، من خلال تحييد روسيا فيما يتعلق بوقوفها الى جانب بشار الأسد، لكن الروس سيظلون أوفياء لتحالفاتهم في المنطقة، بل على العكس من ذلك، فإننا نرى أن بإمكان الرئيس فلاديمير بوتين جعل الموقف الخليجي عموما والسعودي خاصة، يتغير فيما يتعلق بمسالة بقاء بشار الأسد في الحكم.
هنا يجب أن لا نغفل الدور المصري الذي دخل على الخط بقوة، فيما يتعلق بتأييده للضربات الجوية الروسية للتنظيمات الإرهابية في سوريا، وهو ما إعتبرته السعودية خروج عن طاعتها، لكن السياسة الخارجية المصرية تعرف أن الغالب هنا هو الموقف المصري، بلحاظ إنكفاء الدور الغربي لصالح الدور الروسي، ويبدو أن الرئيس الروسي يعلم أنه بإمكانه تمرير أفكاره للسعودية كما مررها لمصر، أو على الأقل يجعل من السعودية وسيطا بينه وبين التنظيمات التي تقاتل في سورية، والتي تمولها المملكة.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat