تحت سطوة الدولار تحولت بعض المحاميات الى فاترينه للعرض وكسب الدعاوى
د . عبد القادر القيسي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
بداية؛ ان مقالنا هذا لا ينصرف للمحامية المهنية التي تعمل وفق القانون وضوابط المهنة، ونقول:
ان مهنة المحاماة تعد معقلا للدفاع عن الحرية وعن استقلال القضاء، ومن هذا المنطلق لم تكن مهنة المحاماة في يوم من الأيام مهنة غذائية بل هي رسالة إنسانية سامية، شريفة ونبيلة، والمحاماة من المهن الإنسانية التي لا تقل خطورة عن مهنة الطب، ومهنة مرتبطة بالالتزام والانضباط والزمن ومحاطة بكثير من المخاطر والخطوط الحمراء والذي يجعلها في اتهام دائم فهي تجمع بين الالتزام والاتهام.
أن النظام القانوني للدولة العراقية أعطى للمرأة حق الدفاع والترافع، ولا يميز قانون المحاماة النافذ بين المحامي الرجل والمحامية المرأة، وقد نجحت المحامية في ان تثبت نفسها في هذه المهنة الشاقة على الرغم مما يقابلها من مشاكل وتحديات، وفي إطار مهنة يهيمن فيها العنصر الذكوري على المشهد القانوني.
ان عمل المرأة في مهنة المحاماة يعد تحقيقا لاعتباراً الحاجة الملِحَّة وتحقيقاً للمصلحة، وإعمالاً لقاعدة الضرورة، واستيفاء للحقوق.
من حق المرأة ان تكون محامية وأن تدافع عن أختها ونفسها، وكثير من المتقاضيات يجدن راحتهن مع المحامية أكثر من المحامي فيصارحنها بأمور حساسة مما يسهل الوصول إلى الحق وتحقيق العدالة، فهن يحتجن إلى امرأة مثلهن فقد يمنعهن الحياء من الكلام، ولن يستطيع المحامي ان يقدر مشاعر الموكلة الزوجة أو المطلقة أو الأرملة أو الحاضنة مثل المحامية التي تستطيع الموكلة ان تبوح لها بالأمور الأسرية الشخصية من دون حرج، بالإضافة الى المشاعر الأنثوية المشتركة وتقدير مدى الضرر الواقع على الموكلة وتقدير ظروفها النفسية أكثر من المحامي الرجل.
جميعنا يعي بان مهنة المحاماة من المهن التي تتطلب جهدا ذهنيا والتزاما اخلاقيا وادبيا، سعيا لتحقيق العدالة واسترجاع الحقوق، هذا من جهة ومن جهة اخرى نوعية الاشخاص الذين يتعامل معهم المحام، فالمحام عمله متصل بأصحاب السوابق الجرمية وذوي العاهات النفسية التي تجرهم الى الوقوع في شرك الجريمة وكذلك يتعامل مع صاحب الحق الذي اغتصب منه وغيرهم من الشخصيات المتناقضة والتي تتطلب من المحام اتباع اسلوبا معينا مع كل حاله على حده وصولا لتحقيق العدالة، وتعد مهنة المحاماة والترافع من المهن الشاقة جداً للرجل فما بالك بالمرأة حيث تكتنف المهنة مجابهات واحتكاكات وروتين وجلسات متعددة، وخروج متكرر من المنزل ولقاءات منفردة، وما يستتبع ذلك من اختلاط وخلوة، وغير ذلك من محاذير اجتماعية.
ولا يخفَى ما في مِهْنة المحاماة من متطلبات(خاصة القضايا الجزائية) منها؛ الحضور في دوائر واقسام مَجلس القَضاء الاعلى، والذهاب لمراكز الشرطة والمراكز الامنية والتحقيقية والمحاكم والمواقف والسجون، والدخول على البار والفاجر من الرجال، والأخْطر من كلِّ هذا أنَّ غالِب زبائن تلك المهنة من المُجْرمين وأصحاب السوابق، الَّذين لا يليقُ ولا يَجوز للمَرْأة التَّعامل معهم وتتنافى مع طبيعتها وحيائها، فضلاً عمَّا في هذا المجال من بلايا ومصاعب ومخاطر حقيقية عديدة، منها الاختلاط الذي لا يريح المرأة التي تتسم بالاحتشام المقبول والحياء ورغبة الكثير ممن نصفهم بأصحاب النفوس الضعيفة من القائمين بالتحقيق وموظفين ومحامين وقضاة وغيرهم، من الذين تسول لهم أنفسهم الاقتراب التوددي من الجنس الاخر وغيرها مما يجعل المرأة فريسة لبعض الأراذل، خصوصا اذا كانت المحامية في ابهى زينة من مكياج ولبس المصوغات ولبس يبرز المفاتن بطريقة مشجعة للطرف الاخر.
ان عمل المرأة في المحاماة خصوصا الدعاوى الجزائية؛ صاحبته مساؤى عديدة في ظل وجود شكاوى عديدة كانت تردني بحكم عملي كرئيس غرفة في اكبر محكمة في العراق لأكثر من سبع سنوات وما كنت اشاهده، من تعرض المحاميات الى ضغوط كبيرة من بعض القضاة والمحققين وضباط التحقيق والشرطة الذين لبعضهم طباع خشنة وأسلوب معروف، بطريقة يجعل عمل المرأة خصوصا في الميدان الجزائي مستحيل في ظل وجود ممارسات تجعل من بعض المحاميات بخاصة (ذوات اللبس الفاضح والحركات والايماءات المشجعة) بورصة ومكان للمساومة لغرض استمالتها والاستحواذ عليها باي طريقة وفي كثير من الاحيان قد تؤدي هذه الضغوط الى انهيار المحامية خصوصا اذا كانت الاتعاب عالية، مما قد يؤدي الى انحرافها؛ لان الصعوبات والاغراءات والترهيب التي تمارس من قبل الذين ذكرناهم هائلة وقد لا تصمد تجاهها احيانا المحامية؛ مما يجعل عملها في الميدان الجزائي يكاد يكون مستحيل ان استثنينا بعض دعاوى المتهمات.
ان العمل الميداني في بعض القضايا الجزائية للمحامية فيه محاذير جمة ومفاسد عظيمة من خلال الاختلاط الشديد مع كل أطراف منظومة عمل المحاماة، وهذا لمسناه في ممارسات عديدة كانت تصدر من بعض المحاميات التي تعمل في القضايا الجزائية وبخاصة القضايا الارهابية وكثير منهن جعلت من المهنة محط سخرية وتجريح ونقد وخلال عملها اساءت اساءة بالغة ومؤلمة للمهنة وللمحاميات العاملات في مهنة المحاماة بشرف وامانة وهن الغالبية، وهناك محاميات يعملن وهن جاهدات ان يكون مظهرهن ولبسهن هو وسيلة لأجل كسب الدعوى من خلال الظهور بأبهى زينة من مكياج صارخ ومبالغة في لبس الحلي الذهبية ولبس فاحش (وكأنها ليست محامية خارجة للعمل وانما ذاهبة الى سهرة)،لأجل تحقيق مصالح وغايات غير مشروعة، وهناك شكاوى من بعض المحاميات من احتمالية تعرضهن للاتهام بالإرهاب ان لم يقمن بتلبية رغبات بعض القائمين بالتحقيق او بعض القضاة وغيرهم، ومهنة المحاماة كانت ولا زالت تتخذ صورة ليست جميلة، فالمواطن بسبب بعض المحامين لا يبحث عن خبرة قانونية وانما يبحث في المجال الجزائي من يخلص له الجاني من يد العدالة بأي اسلوب وبأية طريقة، لا يفكر في القانون وانما يفكر كيف يستطيع هذا المحامي او المحامية ان يخرج الجاني من قفص الاتهام، سواء بالرشوة او اي اسلوب اخر.
وتقول احدى المحاميات عن الدعاوى الجزائية: (إذا ذهبت الى مركز الشرطة وقلت للضابط اريد ان أقرأ الدعوى فسيقول انتظري لا لشيء الا لجعل الموقف صعباً عليناً والبعض منهم ينظر الينا نظرة متعالية والبعض الاخر ينظر للمحامية كسلعة يريد اقتناءها وقت الحاجة، والمحامية لا تستطيع ان تؤدي دورها كاملاً لأنها محكومة بالتقاليد والاعراف وصعوبات العمل مع دوائر مثل هذا النوع....).
واستوقفتني محامية، تمتلك هدوء له حضور مميز في فكر وحياة أحد اصدقائي، ولها نظرة كانت محط اهتمامه لشدتها العالية، وشاهدتها ترتدي ملابس رائعة تليق بشخصيتها وتستغرق منه(صديقي) نظرة عميقة، ويحبها من دون ان يعلمها بأمره، وكان يكتب خواطره عنها برقة وعذوبة كأنها ماء زلال صافي ينبثق من عين تحت الأرض، وكان يخبرني وهو متفاخر بها، ويؤكد، بانها عندما تكون في المحكمة تتصرف وكأنها محامية وتنسى انها امرأة، وكان يؤشر عليها سلبية كونها ترتدي مخشلات ذهبية بطريقة مبالغ فيها، وكان على وشك ان يعطيها سجل خواطره، وينتقدها على لبسها المجوهرات، وكان يعتبرها شريان مهم يضخ الأمل والحب والعمل والاطمئنان في داخله، لكني فوجئت بصدوده عنها مؤخرا؛ واخبرني بانها بدأت تلبس الجنز والكابوي وتلبس ملابس تظهر بها مفاتنها وتتصرف بطريقة لا تنم انها محامية وكان منزعج من ذلك، واخبرته ان يلتمس لها العذر، وهذه الواقعة ذكرتني بمحامية عزيزة علي جدا؛ كنت اشتكي لديها من لبس بعض المحاميات وطريقة تصرفهن مع بعض القضاة والمحققين وضباط الشرطة، ومكياجهن الصارخ، وكانت تنبهني وتقول(... بان لا تتحدث مع أي محامية عن لبسها لان في ذلك مخاطر عديدة قد تدخلك في متاهة النساء واترك الامر لي، وتذكر ما حدث معك في حادثة فلانة..)، وهي حادثة حصلت عندما صدرت النقابة تعميم حول اللبس المحتشم للمحاميات وضرورة متابعة ذلك، نبهت احدى المحاميات حول لبسها وتصرفها مع بعض المحققين والضباط، بعد ان وردتني شكوى بذلك من عدة محامين ومحاميات، لكني فوجئت بان تلك المحامية تتهمني باني اتحرش بها وتم معاقبتها، وايدت المحامية في تنبيهها لي، لأني احمل لهذه المحامية التقدير العالي والثقة الوطيدة واعتبرها مصدر اطمئنان لي، وهي رفيقة الدرب في المهنة.
هناك حاجة مجتمعية للمرأة كمحامية، والمرأة لديها طموح بالنجاح وقادرة على تحقيق النجاحات في مهنة القانون، لكننا مجتمع شرقي محافظ والاحتكاك او التعامل مع الموقوفين ومراكز الشرطة امر يصعب على الكثير من المحاميات ممارسته، لهذا تجد ان اغلب اعمال المحاميات انحصر عملها في قضايا الأحوال الشخصية او القضايا الجزائية التي تتعلق بالمرأة التي تمس العرض والحياء والآداب العامة وغيرها.
ان المجال الجزائي في عمل المحامية ملوث، ولا يتصف بالنزاهة او المشروعية في اغلب تفاصيله والبعض من المحاميات تتحرج من الولوج الى هذا المجال، لا ضعفا او عدم مقدرة ولكن لعدم نظافة هذا الحقل.
وهنالك بعض القضاة من يمارس سياسة الابتزاز والتأخير لأجل ان ترضخ له المحامية التي تكون زينتها ولبسها الفاضح ومصوغاتها؛ العنوان الأبرز لعملها المهني، وتتعامل مع القاضي كونها امرأة وليس محامية، تلك المحامية تجعل من القاضي يتحجج بحجج غير مقنعة ويطلب مستمسكات او اية اوراق اخرى لا مبرر لها في الدعوى، خصوصا هناك محاميات يتقصدن لبس ملابس تبرز مفاتنها بطريقة مثيرة وتستخدم أسلوب الاغراء في الكلام والحركة لكسب دعوى ما او تحقيق علاقة مع القاضي ليكون ذلك بطاقة مرور لقضايا أخرى، وهي بذلك كسبت المال لكنها خسرت شيئين عظيمين الأول خسرت مهنتها وبعدها خسرت كونها امرأة يجب ان يكون الشرف شعارها ورائدها.
لقد أثبتت المرأة العراقية حضورها في المجال القانوني وخاصة في مهنة المحاماة بالرغم من المشاكل والمعوقات التي ذكرناه، وكثير من المحاميات يشكون من الموكلين عندما تنجز له عملا يثني عليها ويباركه وحينما تطالبه بالأتعاب فأن مؤخر الاتعاب يكون في الرصيد الالهي والحمد لله.
إن احتشام المرأة بطرقة مقبولة في أثناء قيامها بواجبها في الدفاع عن موكليها لهو من الضمانات التي تجعل هذا العمل غير متعارض مع تقاليد هذا الوطن وأعرافه، وهناك تعميم في نقابة المحامين على ضرورة التزام المحامي بعدم لبس الكابوي او اية ملابس لا تليق بشخص المحامي، وفي احدى المرات رفض السيد نقيب المحامين الحالي استقبال محامي يرتدي كابوي، فكيف الامر اذا كانت محامية؟
ولكي تستطيع المرأة مزاولة مهنة المحاماة بشكل لائق وسليم لا بد أن توضع الضوابط والترتيبات التي تراعي الأوضاع الاجتماعية وتتناسب مع فطرة المرأة وطبيعة تكوينها وتتلاءم في الوقت نفسه مع طبيعة مهنة المحاماة.
ان المحامية يجب ان تمسك بميزان العدالة وتجعله ثابتا لا يهتز في يديها التي تقويها سلطة الحق ويثبتها نور الحقيقة، ولتثبت أن المرأة لن تمنعها عاطفتها عن قول الحق وإدانة الباطل، وأنها لم تتعاطف مع بني جنسها في مواجهة مجتمع الرجال، بل سوف تعتصم بالحق أيا كان صاحبه.
وأخيرا نقول: ان اللبس المقبول من قبل المحامية شيء لابد منه فلا يجب عدم احترام المحكمة والموجودين في القاعة من خلال لباس فاضح غير محتشم كما يجب ألا يكون الاحتشام مقتصراً على اللباس فقط فيجب الاحتشام بالمشي ايضا وبكل ما يلفت نظر عامة الناس، وهناك محاميات فضيلات وهن الغالبية قمن بمهام مهنتهن على خير وجه وفى احترام كامل من كل أطراف عملية العدالة من متهمين وادعاء وقضاة وزملاء مهنة، ولا بد من التذكير ان انعكاس عمل المرأة كمحامية على المجتمع هو انعكاس ايجابي فالنساء شقائق الرجال والاسلام كرمهن، ولهن خارج العمل المهني كامل الحرية في ارتداء الملابس المناسبة.
ملاحظة: ليس للمرأة في ولاية إنديانا الأمريكية حق ممارسة مهنة المحاماة، لأن دستورها يحرمها من هذا الحق وكذلك قواعد القانون العام الإنكليزي في نظر الفقه لا تعط هذا الحق.
قناتنا على التلغرام :
https://t.me/kitabat
د . عبد القادر القيسي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat