صفحة الكاتب : محمد جواد سنبه

الإمَامُ الحَسَنْ(ع) ... قِيَادَةٌ وأدَتْهَا الخِيَانَة
محمد جواد سنبه

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

تشكّل حادثة استشهاد الإمام الحسن بن علي بن أبي طالب (ع)، في السابع من صفر عام خمسين من الهجرة، انعطافة حادّة لا في تاريخ السائرين على منهج أئمة أهل البيت (ع) فحسب، وإنّما في تاريخ أهل الاسلام جميعهم، لأنّ هذه القضيّة لها امتداد يتّصل بالعقيدة الاسلاميّة، عقيدة الايمان بالاسلام، و مدى الإخلاص له. لقد تميّزت فترة إمامة الإمام الحسن(ع)، بميزتين رئيسيتين، أولاهما: اضطراب رأي الأمة و تفرق اهوائها، بسبب الإرهاصات التي تعرضت لها، جرّاء الحروب التي خاضها من قبل، الامام امير المؤمنين(ع)، وما رافقها من حرب دعائية و نفسية وجهت ضد شخصه و خلافته و طريقة حكمه، و أيضاً ضدّ اتباعة، في الكوفة، والمدينة المنورة، ومكة المكرمة واليمن. والميزة الثانية: قلّة الكادر القيادي الرسالي المخلص، لقضية الاسلام ومبادئه وقيادته، حيث قضت حروب صفين والجمل والنهروان، على أغلب هذه العناصر، المؤمنة بقناعة تامّة بالولاء لمنهج أهل البيت (ع).
وبعد تجربة مريرة خاضها الامام الحسن (ع)، بعد استشهاد والده امير المؤمنين (ع)، لغرض توحيد الرأي العام الذي أخذ يتشظى جرّاء المؤامرات، التي كان يحيكها اعداء إمامته بدهاء ومكر، معتمدين على جهاز مخابراتي ضخم، يعمل بالقرب من الإمام(ع). كانت جبهة الامام في هذا الجانب شبه مكشوفة، بفعل نشاط الشكاكين والخوارج وضعفاء الإيمان والجهلة في المجتمع الكوفي. وكانت الاخبار تتسرب، و تنقل إلى القيادة المعادية للامام بشكل سريع. وكان هذا الجهاز المخابراتي، يستلم التعليمات من قيادته أولاً بأوّل، و ينفذها بدقة، و يرسلها إلى مركز قيادته بسرعة فائقة. وكان يدير هذا الجهاز في الكوفة شخص من أمكر الناس، يكنى للتورية بـ(الحميري)، وآخر مثله في البصرة يكنى بـ(القيني).
لقد كانت المبالغ الطائلة من أموال المسلمين، تغدق بسخاء على عناصر هذا الجهاز، لشراء الذمم وضمان الإخلاص والولاء لحكومة الشام. بيّد انْ هذه التحركات كشف نشاطها الإمام الحسن(ع)، فكتب إلى معاوية كتاباً، يخبره بتحركاته جاء فيه: (أمّا بعد، فانّك دسست إليّ الرجالَ، كأنّك تحب اللقاء، لا أشك في ذلك، فتوقعه إن شاء الله ...). لقد عالج الإمام(ع)، هذا الموقف بصرامة، كي لا يتمادى العدو في ممارسة نشاطاته مستقبلاً. إنّ هذه الوسائل الرخيصة، لم تكن موجودة أصلاً، في قاموس تعامل الإمام الحسن(ع)، مع جميع المواقف السياسية وغير السياسية، سابقاً و لاحقاً.
لقد كان معاوية، يعمل ضدّ خلافة الإمام الحسن(ع) بعدّة اتجاهات، و يخطط لتنفيذ عدة مؤآمرات، لإجهاض تجربة حكم الامام(ع)، بالدسيسة والمكر، والخداع والتزييف وشراء الضمائر. وكان معاوية يركّز على التخلّص من وجود الإمام(ع)، لأنّه اسلم طريق واقصر سبيل، يضمن له القضاء، ليس على الامام(ع) فحسب، وإنّما على جميع مواليه والمخلصين له، الذين يشكلون قاعدة المعاضة لحكمه. فقد وعد معاوية، بعض مناصريه في الكوفة قائلاً : (انك إن فتكت بالحسن(قتلته)، فلك مائة ألف درهم، وجند من أجناد الشام، وبنت من بناتي) وكان من هؤلاء النفر، عمرو بن حديث، و الأشعث بن قيس، و حجار بن أبجر، و شبث بن ربعي، وجدير بالذكر أنّ هؤلاء النفر، حاربوا الإمام الحسين(ع)في واقعة الطف.
إنّ من أهم اسباب نجاح خطط معاوية، في الاجهاز على الامام(ع)، انقسام قاعدة الامام الجماهيرية، وعدم توحدها في الرأي والهدف، على عكس القاعدة الشعبية لمعاوية، التي نجح بتوحيدها، بقتل مناوئيه ورشوة مواليه. و هنا يكمن سرّ الثبات، على القيم والمبادئ الرسالية، حيث الغاية لا تبرر الوسيلة، وبين التخلي والتنصّل عن تلك المثل، باعتماد مبدأ الغاية تبرر الوسيلة، وهكذا فعل معاوية و زبانيته.
إنّ سيرة الأئمة(ع)، تعلّم السائرين على نهجهم، بأنّ الحفاظ على قيم الإسلام وتعاليمه، درب لا يسلكه إلاّ المؤمنون المخلصون، الذين باعوا دنياهم ليشروا دينهم، ولم يبيعوا دينهم ليشروا دنياهم. فسلام على سيدنا ابي محمد الحسن(ع).

 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


محمد جواد سنبه
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2015/11/21



كتابة تعليق لموضوع : الإمَامُ الحَسَنْ(ع) ... قِيَادَةٌ وأدَتْهَا الخِيَانَة
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net