صفحة الكاتب : غفار عفراوي

هل هي حرب عالمية ؟؟
غفار عفراوي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 منذ ان أُسقطت المقاتلة الروسية من قبل تركيا ومقتل طيارها على أيدي عناصر من تنظيم دولة داعش الارهابي، والتكهنات والتحليلات مستمرة ولم تنقطع الى كتابة السطور الحالية التي اتوقع ان لا تكون الاخيرة في احتمالات قيام حرب عالمية اطرافها دول عظمى ووقودها شعوب منطقة الشرق الاوسط وما حولها من دول تلعب حكوماتها ادواراً مختلفة في الصراعات العربية والعالمية بطرق شتى.
من الأسئلة التي تُطرح بكثرة، هل نصبت تركيا بالتفاهم مع أمريكا كميناً لروسيا من أجل استفزازها إلى أقصى درجة لتنزلق إلى رد عنيف يضعها في مواجهة مباشرة مع حلف الناتو؟ أو أنّ الصحيح عكس هذا الاحتمال وهو أن الاستفزاز كان من قبل روسيا لتحقيق أهداف كبيرة مقارنة بخسارة طائرة وطيار فقط ؟ وهذا ليس مستبعد اذا ما علمنا السياسات العالمية قائمة على المصالح الكبرى حتى وان كانت هناك تضحيات قاسية وليس الامر بعيداً ما حصل في احداث 11سبتمبر التي كانت مقدمة لاحتلال امريكا لدولتين كبيرتين مثل افغانستان والعراق بعد اتهامهما بالارهاب وتصنيع اسلحة نووية تهدد الامن العالمي!!
ويمكن ان نرجح الاحتمال الثاني بان روسيا هي من استفزت تركيا لهذا العمل المتهور بعد التراجع الأمريكي المفاجئ عن دعم تركيا وكذلك الاحداث المتسارعة والافعال المرتبكة التي ظهرت فجأة من قبل القادة الاتراك بعد ظهور الغضب الروسي والتهديد العلني بالعقوبات الاقتصادية والسياسية وحتى العسكرية، فهذا وزير الخارجية التركي يطلب لقاء وزير الخارجية الروسي والأخير يوبخه ويعطيه درسًا في الأدب، وذاك رئيس الحكومة أردوغان نفسه الذي طل على الشاشات الفضائية مرتبكًا مهزوزًا يقول إنهم أسقطوا الطائرة دون معرفة بهويتها!! وهو تبرير أسوأ من الجريمة ذاتها ويجعلنا نتساءل عن الزعم التركي السابق من أنهم حذروا الطيارين من الدخول إلى الأراضي التركية ثم قالوا إنهم كانوا في حالة دفاع عن حدودهم ثم قالوا إنها لم تكن المرة الأولى لاختراق الحدود من قبل الطائرات الروسية، فضلا عن بديهيات منها عدم معرفة أنواع الطائرات وأنه بأكاذيب أردوغان فإنه يمكن للطيران التركي إسقاط طائرات أمريكية أو طائرات أخرى تعمل في التحالف الدولي المزعوم ضد تركيا !
       ان روسيا لديها معلومات كثيرة ووثائق مهمة وخطيرة تتعلق بتعاون تركيا مع تنظيم داعش وانها تشتري البترول من «داعش» بأسعار زهيدة وهي تلمح بإمكانية قطع خطوط بيع البترول العراقي المهرب إلى تركيا، وروسيا قررت أن يدفع التركمان في سوريا ثمن العدوان التركي- وهذا جزاء كل خائن لبلاده- وروسيا حذرت أيضًا تركيا من عبور طائراتها للأجواء السورية، وهو ما يعني تعرية كل الجماعات الإرهابية التي تدعمها تركيا والأهم! وهذه المعلومات والتهديدات المباشرة جعلت من رئيس الحكومة اردوغان ان يكرر خطاب الاسف والندم على فعلته المتهورة ويتعهد بعدم تكرارها ثانية الامر الذي جعله في موقف لا يحسد عليه امام العالم اجمع وامام القيادات العسكرية التركية التي تشعر بالذل والهزيمة بدل الشعور بالقوة والبطولة وهي تتجاوز الخطوط الروسية الحمراء مندفعة ومتصورة ان حلف الناتو سيكون الظهر والسند الداعم لها في كل الظروف.
وفي حالة الاحتمال الاول وهو ان امريكا ومن ورائها الصهيونية العالمية تريد جر روسيا الى حرب طويلة وواسعة تبدأ في المنطقة الساخنة التي لا ترغب في هدوئها دوماً والمتمثلة بايران والعراق وسوريا ولبنان اضافة الى تركيا التي تحاول ان تفرض الزعامة الاسلامية وتعيد امجاد الدولة العثمانية عبر بوابة الخلافة الداعشية، وقد سمعنا  اردوغان في احد خطاباته الانتخابية انه يعمل على تأسيس دولة اسلامية كما كانت اغنية انتخاباته الاعلانية تبشر برفع علم واحد وانشاء شعب اسلامي واحد وهو منطق تنظيم الدلة الداعشية.
هنا ستكون روسيا مجبرة على إظهار كل ما عندها من قوة ومن اسلحة فتاكة لتظهر من جديد روسيا العظمى التي كبدت الحروب النابليونية اكبر الخسائر المادية والمعنوية قبل الحرب العالمية. يقول ميخائيل ألكسندروف، وهو خبير بارز في مركز الدراسات العسكرية والسياسية، أن روسيا في حالة اندلاع الحرب المباشرة ستكون مضطرة لاستخدام الأسلحة النووية فورا لأنه "سيكون المصير الوجودي للأمة على المحك". ويضيف ألكسندروف "سيكون حينها من الخطأ عدم استخدام روسيا للأسلحة النووية، لأن الغرب وتركيا سيحاولون جرنا إلى حرب تشبه حرب شبه جزيرة القرم، حيث سيجري تصعيد بطيء، وستبدأ العمليات العسكرية في منطقة القوقاز وتدمير تجمعاتنا في سوريا، الغرب بالطبع سيساعد تركيا وسينقل مجموعات (قتالية) إلى هناك وسينشر بعضا من الطيران الحديث.. ستكون حينئذ حرب استنزاف وإنهاك".
ان حربا ضروس قادمة لا محالة بعد موافقة بوتين على اقتراح وزارة الدفاع لنشر منظومة "إس-400" وهي أحدث نظام روسي للدفاع الجوي وهذه المنظومة "أس-400" تقدر على الكشف عن أهداف جوية على مسافة تصل 400 كيلومتر، كما بإمكانها إسقاط صواريخ باليستية تكتيكية وصواريخ مجنحة وطائرات تكتيكية واستراتيجية على بعد 60 كيلومترا. اذن المسألة ليست مفاجئة ولم تكن رد فعل كما يود الروس ان يظهروا للرأي العام . ولن يجدي الناتو لتركيا أي نفع اذا ما وقع المحظور ودارت رحا الحرب لان العدوان شيء والاعتداء شيء آخر، وعندما يكون البلد نفسه سبب النزاع ويجر بذلك حلف شمال الأطلسي فسيحاول الحلف التملص منه، فلا أحد على الإطلاق يريد أن يدخل في صراع مباشر مع روسيا، لأن التصعيد هنا يمكن أن يؤدي إلى حرب نووية وهو ما تفكر فيه الدول العظمى في الوقت الراهن على الاقل. لذا اتصور ان تركيا تورطت وورطت شعبها بعنتريات قائد يحلم بالزعامة والعظمة كما كان عدداً من الرؤساء الذين سقطوا ضحية احلامهم وتكبرهم وعنجهيتهم امثال صدام حسين في العراق ومعمر القذافي في ليبيا.
   أما السيناريو الاخر فهو يتمثل بأن تشعل امريكا حرباً لا هوادة فيها من أجل التخلص من الحلف الجديد المتمثل بروسيا وايران وسوريا أو على الاقل تفتيته وما يتبع ذلك من تدخل كوريا الشمالية والصين بوساطة استخدام الاساطيل الحربية المنتشرة في المنطقة والمستعمرات الكبرى كاليابان التي أقرت مؤخراً قانون يسمح للجيش بالقتال خارج حدودها الامر الذي دفع بالشعب الياباني الخروج بتظاهرات رافضة لهذا القانون على اعتبار ان الجيش سيشارك بحروب ومعارك مع الامريكيين، أضف الى ذلك جيوش الدول العربية التي ستقاتل هذا التحالف تحت شعارات طائفية وعرقية ومنها الجيش المصري الذي يحاول ان يستعيد تاريخه ومجده وعودة مصر للقيادة العربية من جديد بعد النكوص والضعف الذي أصابها منذ ما يسمى بثورات الربيع العربي .


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


غفار عفراوي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2015/11/30



كتابة تعليق لموضوع : هل هي حرب عالمية ؟؟
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net