صفحة الكاتب : الشيخ علي ياغي

شكرا يا عراق
الشيخ علي ياغي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

بسم الله الرحمان الرحيم
الحمد لله رب العالمين وصلى الله على رسوله واله الطاهرين
بمناسبة أربعينية سيد الشهداء ع

شكراً يا عراق ، لأنك وقبل كل شيء مهدُ الاخوة بحق وجدارة ، ولأنك مهوى أفئدة المؤمنين من اقطار ارض الله الواسعة بلا منازع ،
شكرا للعراق دار السلام والوئام
شكراً للعراق صدر الارض الرحب ، وعنفوان الاباء السامق ، شكراً للعراق على مدى سعة الشكر والامتنان
وشكراً للعراق ، الذي يُخفي جراحه عن أضيافه ، ويُبدي البسمة والبشرى ، طافحَ الوجه بندى الحب ، والصدق والطهارة
وألف شكر للعراق ، مُبْدِع القيم ، وخلاَّق الصفات ،
وأيضاً شكراً للعراق ،الذي يتوارث فيه الأبناء عن الآباء والأحفاد عن الأجداد ، آداب العشرة والضيافة
وكلُّ الشكر للعراق التي فهمتْ -دون الناس أجمعين -أنَّ كرامة الزائر من كرامة المزور
وأي شكر يكافئ صنيع العراق وهي لم تزل منذ العام ستين وواحد وستين للهجرة تلبي نداء سيد الشهداء الحسين بن علي عليهما السلام
فمذ ذاك العام الذي طاف فيه سيد الشهداء مبتدئاً من مدينة جده ص واله يرتلُ القرآن ترتيلاً ، الى مكة المكرمة ، يفصّل القرآن تفصيلاً ويؤوله تأويلاً ، بصوت جامع هادر ، ليس بينه وبين الاسماع حائل او مانع ،يدعو الناس في المدينة ومكة بل في الخافقين طراً ،بلغة نور النبوة ، وبلسان هدْيِ الإمامة ،وببلاغة ليلة القدر فاطمة بنت محمد ص  واله ،الناس الى سبيل ربه ، الى عز الدارين ، 
فلم يجبه من ابناء أقطارها واصقاعها من مطارح ابناء الشهادتين قاطبة ، حبيباً مظاهِراً ، او حراً رياحياً ، او عابساً في وجه باطل مستبشراً بنصرة الحق للحق ،او هانئاً باستطعام الكرامة ونصرة الفضيلة ، او عوسجياً امتهر الآخرة بطلاق الدنيا وزينتها ، او مطواعةً تحدت أمم الخمول والضمور والغفلة والغرور ، وأهيلات الغدر والمكر
فلم يجب التنزيل والترتيل والتفصيل والتأويل من امة الشهادتين الا السبعين من ((((العراق ))))ليكونوا خيرة الخيرة من اهل الارض قاطبة وليكونوا الأوفى والابر من جميع اهل الدنيا ، وترتفع بهم العراق الى اوحدية في علا المجد وفردانية في عالم العطاء والوفاء والبذل

ولم يزل العراق ، يتوارث العهد ، عهد الحر وحبيب وهاني ومسلم وطوعة يتوارثون العهد جيلا بعد جيل ، وفوجا عن فوج ،ويمسكون بأطراف العهد ،عهد نصرة ابي الضيم سيد الشهداء ، يمسكون بالعهد إمساك أسماء اصحاب الكساء بسفينة نوح وهي تجري في موج كالظلل ، فتسلم عاشوراء ويسلم عهد عاشوراء ، بيد العراق ،
وبيد العراق وحدها

-ففي العراق- (لمن لا يعلم )
مرجعية الدين الحنيف ، الثابتة على أراجيف القرون الممتدة من يوم الغيبة الى يومنا الحاضر   يقوم عليها ثبت بعد ثبت واوحدي بعد أوحدي وعلم بعد علم
ولطالما ساومت الايام أعلامها ، لتميل براية الحق عن قبلة الهدى ، الى جهة الردى ، فأبت وتمنعت ، ومضى أكثر أعلامها شهيداً من غير جراح ، وشاهداً من غير صراخ ، تاركاً لمن بعده سبيلاً لا ئحاً، ومحجة واضحة ، وطريقاً
موصول الخطوة بغاية النجاة والفلاح
وكم من عالم نجفي ، تعبت الأقلام عن مسايرة ليله ونهاره يفور العلم من جوانبه فوران ينبوع يتفجر في نواحي الارض المتعبة من من الماء الأجاج
وكم من داعية رشيد تملكته التقوى في جوار سيد الاولياء عليه السلام ، ثم اغترب في شرق الارض وغربها ، منذراً ،وداعياً ، ومذكراً ومعلماً ، تحتمي في ظله أيتام الغيبة احتماء ذي وحشة من ليل عبوس

-وفي العراق-
عبر تلك القرون ،  وبالموازاة مع محجة المرجعية والعلم والدعوة  ، مئات مئات آلاف الجراح الشهيدة الصابرة المحتسبة ، بحيث غدا الجرح الشهيد الصابر  في العراق ، لون الحياة ، وعنوان المجتمع ، وجوهر الطبيعة لذاك العالم (المجتمع) الفذ
 فاذا كانت المجتمعات والأمم والأوطان ، تُحدد معالم هويتها ، بمفكريها ،وعلمائها ، وافذاذها ، ومخترعيها ، وعبقرييها، ومبدعيها ، وأدبائها ، وشعرائها ، وفنون عمرانها ، وبصمات آثار أجيالها ، وما أجتمع الى يومها من مآثر تاريخ عظمائها ،
فإنَّ العراق ذات ميزة على كثير من بقاع ارض الحضارات في جوهر ما به الامتياز المجتمعي ،
ففي العراق ما عددناه من مُحَدِدات الهوية بثقل وافر ، وللعراق على الأوطان والمجتمعات ميزة في
نطاق ما به الامتياز ، اذ عالم العراق شهيد ، وشاعر العراق شهيد ، وأديب العراق شهيد  ، ومفكر العراق شهيد ،  وصلحاء العراق شهداء ،  ومبدع العراق شهيد ، وطفل العراق شهيد  ، ونخل العراق شهيد
ونهر العراق شهيد ، وقبل هذا وبعد هذا والى ان ينتهى عمر أكواننا ، فإمام العراق ، (الحسين بن علي ع ) هو الشهيد  وأهل بيته وأصحابه هم الشهداء
فلا غرو اذا قلنا بان العراق وطن الشهادة

ولم يزل العراق ، على عهد الشهادة يتفنن ، ويتَّقِنُ تأدية عهد الشهادة ، بجدارة لا نظير لها ولا مثيل
فقد يتجلى عهد الشهادة في العراق في (أربعينية سيد الشهداء) ، بصورة الفعل الجمعي المهيب
الفعل الجمعي المستند الى تراكم العطاء والوفاء المتوارث عن أجيال القرون الممتدة الى زمن الغيبة
ليرث الخالف عن السالف مدماك الصرح الاول والرائد بل الأوحد في عالم الإنسانية قاطبة  
فليس في معمورة الارض مشهد آخر يحاذي صنيع العراق في أربعينية سيد الشهداء
ولذا كل عناوين الجمال وكل مزايا الكمال وكل صنيع الإحسان وكل جمع ملتئم على فضل في عالم الدنيا بما فيه حنو الأمهات على رضَّعِها ، او عصبة الامم على حماية الحقوق ، او منتديات التذكير والعمل على صيانة الحقوق وتأدية العهود وتوفير الامن والسلام لخائف او جائع
كل هذا لو جمعناه في دائرة الضوء لم يكن (شمعة ) في قبال ( شمس )الوفاء ، والعطاء ، والنبل ، والإيثار ، والتصبر ،والتفاني ،الذي يكون من العراق تأدية لعهد الشهادة في أربعينية سيد الشهداء
 فأنْ ترى مجتمعا برمته من شيخ العشيرة الى الطفل الصغير وما بينهما من شرائح الفئات جمعاء محكومة للغة واحدة متفننة في أسلوب التعبير حولها وعنها وبها وفيها ولها ولا تخرج و مع تعدد الوان التعبير واختلاف وجوه البيان عن ناموس تلك اللغة فهذا لا يعني شيئا الا ( الإعجاز) وأي اعجازالاعجاز  في لغة الشهادة
 
لذلك انا ادعو جميع ذوي العقول والنفوس من ابناء المجتمع البشري قاطبة الى المشي في أربعينية سيد الشهداء لا لشيء ولا لغاية الا الوقوع على تعبيرات تلك اللغة التي يتقنها العراق والعراق فحسب في تأدية عهد الشهادة  في اربعينية سيد الشهداء ع
واعتقد انه لو وقع على هذه اللغة وتعبيراتها كل منْ له وصل بعالم الإنسانية والوجدان والفطرة سيجد ومن دون شك
ان هناك مُلْهمين قادرين على إمداد الروح الإنسانية بغذاء من نوع خاص لا تتوفر عليه أي من حقائق الصفاء في هذا العالم
واعتقد ان الطفل الصغير ابن الثلاثة سنيين من ابناء العراق يوفر للعالم في الاربعينية مصدر إلهام لنظمه وتشريعاته ومثله وقيمه ومزاياه الكمالية لو شاء ان يتخذ الى إنسانيته سبيلا

 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


الشيخ علي ياغي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2015/12/06



كتابة تعليق لموضوع : شكرا يا عراق
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net