صفحة الكاتب : د . صادق السامرائي

التأريخويّه!!
د . صادق السامرائي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 هي الهوس الإنفعالي المنحرف بتأريخ متصوّر وفقا لما يُراد له أن يُرى , وهي أشبة بالوهم الإدراكي الذي يعيق التبصر , ويمنع الفهم والمعرفة ويرفض التجدد والرؤية العقلانية العلمية , التي تصنع منطقا وفهما مقبولا ومتفقا مع معطيات عصره.

 
وهذه العاهة تتسبب بتداعيات سلوكية خطيرة تدمر البنية الإجتماعية في أي مجتمع , وتأخذه إلى مسارات ماحقة لذاته وموضوعه.
 
وتتحقق وتدوم وتتعضل بالتكرار المرير للإنحرافات التصورية , المشحونة بطاقات إنفعالية ذات مردودات سلبية على الحاضر والمستقبل.
 
وهي عاهة مستوطنة ومستفحلة في بلاد العرب أوطاني , أدّت إلى ما هو قائم في حياتهم اليوم من المرارات والنكبات والويلات المتصاخبة , والمحكومة بطاعون التأريخيويه.
 
فما أن تجتمع مع إخوانك وأصدقائك من بقاع البلاد العربية حتى تشم رائحة التصورات التأريخية , فتستمع لرؤاهم المعتقة بأقبية الغابرات الظلماء , ويشتد ما بينهم النقاش على موضوعات أكل عليها الدهر وشرب ألف مرة ومرة , وعندما تريد أن تأخذهم إلى عوالم أخرى معاصرة تستشعر قوة إنغماسهم بما مضى وما إنقضى , وتمترسهم بترس التصورات التأريخية المطعمة بخمور الإنفعالات والعواطف الحامية جدا.
 
وكأن المجتمع العربي يعيش في عالم آخر , ومنقطع عمّا حوله وفيه , ولا يريد أن يرى إلا ما كان وكيف يجب أن يكون عندما كان , فالمتحدث يجب أن يُقرّ بأن ما حدث كان عليه أن يحصل كما تمليه التصورات التاريخية المحشوة فيه , وعندما تتساءل عن كينونة الحاضر والمستقبل , يكون السؤال مرفوضا وكأنك تتعدى وتُهين الحاضرين.
 
وتكشف وسائل التواصل الإجتماعي هذه العاهة بأعراضها وعلاماتها ومضاعفاتها ودرجات إزمانها , وآليات الإدمان عليها , حتى لتشعر بالقرف والتقيؤ مما يتم تداوله من ضلالات وهذيانات وإنحرافات , وعاهات مولود من رحم العاهة الكبرة.
 
ويغيب الشعور بالعيب والخجل من تناول موضوعات ضارة لا تنفع أحدا , وإنما تتسبب بأوبئة سلوكية ذات مخاطر جسيمة وخسائر كبيرة وتفاعلات وخيمة  , تجمعها الشراسة والعدوانية والأساليب العنيفة المُهلكة.
 
فهل من قدرة على الشفاء من عاهة التأريخوية , والتفاعل مع مفردات العصر,  والنظر بقلب سليم وعين عقل عليم؟!!

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


د . صادق السامرائي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2015/12/08



كتابة تعليق لموضوع : التأريخويّه!!
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net