صفحة الكاتب : غزوان العيساوي

وجدت وطني بعيون المجاهدين
غزوان العيساوي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
انطلقت السيارة التي تقلنا,الساعة تشير إلى الخامسة و35 دقيقة فجرا بعد أن أدينا صلاة الفجر في حسينية مابين الحرمين على طريق كربلاء نجف ودقات قلبي أسرع من سيرها بسبب الخوف أننا متجهين إلى مناطق خطرة يتواجد فيها الإرهاب مواجهات مستمرة لكننا يجب علينا الوصول لغرض تقديم ما استطعنا حمله لهم مررنا بالعاصمة بغداد وخرجنا من الزحامات المميتة سلكنا طريق التاجي وأنا انظر من النافذة بخوف مرتقب واسمع من بعيد أصوات أطلاقات بين فترة وأخرى , بيدي هاتفي الذي وضعت صور أطفالي به وأنا انظر أليهم وفي قلبي حسرة وألم هل أراكم وأعود أليكم أم انه طريق اللا عودة طريق نذهب به ولكن لا نعرف هل نعود أم لا .
دخلنا طريق معبد وعلى الجهة اليسرى ساتر ترابي القطع تقول اسمه (طريق ياحسين) توزعت فيه نقاط لفصائل الحشد الشعبي ممزوجة بنقاط قليله للجيش العراقي لكن الأغلب هم أبطال الحشد الشعبي , رايات علت الساتر الترابي مكتوب عليها لبيك ياحسين لبيك يا ثار الله يا زهراء ياحسين بالإضافة إلى العلم العراقي دخل الاطمئنان قليلا إلى قلبي حيث أسماء أهل البيت عليهم السلام انتشرت هناك لكن مازال الخوف يرافقني وأنا أفكر هل ارجع أو لا أكمل إلى النهاية واصبر نفسي بأن الذي يأتي من الله تعالى هو رحمة …. رغم تلك المشاعر التي تنتابني وأنا اسمع صوت الرصاص يقرب علينا وكأننا دخلنا مرحلة الخطر , بين مسافة وأخرى يستقبلنا شباب يسلمون علينا ويهتفون أهلا وسهلا بكم والأفكار في عقلي تجول من الذي دفع هؤلاء الشباب إلى التواجد هنا وترك الدنيا بعرضها هناك في المدينة حيث الراحة والاطمئنان المكان الجيد الطعام متوفر وجميع الأمور متوفرة هنا ابسط الأشياء تحتاج إلى جهد لغرض الحصول عليها, تفكير عقلي ربما يكون مجنون في نظر هؤلاء المجاهدين ولكنه سؤال سوف اطرحه لعل احصل على جواب شافي لهذا التفكير .
الخوف يرافق أفكاري ونظري الذي اسرقه من هنا وهناك من اجل الحفاظ على نفسي ولا أريد ا ن أبين شئ للذي معي .
انتهى طريق الساتر الترابي ليأتي لنا طريق تحيطه مزارع قد ماتت الأشجار والنخيل التي زرعت فيها من بعيد مناظر إلى معامل تهدمت وجسور فجرت حتى وصلنا إلى مفترق طرق سالت الذي معي أين نحن؟ أجاب أننا في مفرق الصقلاوية على اليسار ساحة الذل ( والاعتصامات) كما كانوا يسموها وعلى اليمين موقع حادثة قتل ال500 مقاتل في الصقلاوية وفي المقابل الجسر الياباني الذي هو حد فاصل بيننا وبين داعش .. لا اعلم بماذا أجيبه وماذا أقول له سوى الحمد لله على كل شئ .
توقفنا عند بناية وجدنا الأبطال هناك يعملون على قدم وساق في طهي الطعام استقبلونا بالترحاب والابتسامة علت وجوههم بين رجل كبير وشاب قدموا لنا الطعام قمنا بإنزال المواد التي تم أخذها معنا أليهم وانطلقنا باتجاه السواتر الأمامية وصلنا أليهم وهنا انتهت جميع أفكاري وهرب الخوف من عقلي وبدأت نظراتي تتغير حيث وجدتهم هناك يلتحفون التراب من اجلي ومن أجلكم, جعلوا من أنفسهم مشروع حياة للعراق والعراقيين , رسموا حروف الجهاد بدمهم ليكونوا سور عزه وشرف للعراق , وجدت قلوب لم يدخلها الخوف بل استضاءت بثورة الحسين عليه السلام وانطلقت لتلبية نداء الانتصار , وجدت أن الدنيا بما فيها والحياة معها لا تمثل سوى موقف يتخذه المرء من اجل النصر , وجدت نصرا علا على ساتر الحرب , وجدت أرواح لبسوا غطاء الموت ليسجلوا نصر الشهادة .
جلسنا هناك نتبادل الحديث معهم وكلي فخر أني اجلس مع المجاهدين فقال احدهم تعالوا انظروا إلى تلك البيوت وأشار إلى أمام الساتر وإذا بها بيوت للدواعش تبعد تقريبا 500 متر من الساتر الأمامي حيث لا يفرق بين الأبطال وبين الأنذال ألا نهر صغير وهو يقول : لو توفر لنا جميع الأجهزة الحربية لكانوا الدواعش في هذه المنطقة في خبر كان أننا اليوم نقاتلهم بعقيدتنا لذلك ننتصر لأننا أتباع الحسين عليه السلام .
قام مجاهد آخر قال في كل مره يهجم علينا الدواعش ويتقدمون بالقرب منا ونقوم نحن بصدهم ولكنهم مجهزين بتجهيز جيد من حيث الأسلحة والمعدات ولكننا نواجه الأمر بكل ما أوتينا من قوة وإمكانات وإذا اشتد الأمر علينا نطلب من الله بحق علي بن أبي طالب عليه السلام أن ينصرنا يقول سبحان الله وإذا نحن ننتخي بأمير المؤمنين عليه السلام نرى أنهم قد دب الرعب بينهم وينسحبون بسرعة .
وإذا نحن بهذا الكلام نسمع صوت آذان الظهر يعلوا اشهد أن علي ولي الله انقطع الكلام من قبل المجاهدين وجميعهم وقفوا للصلاة فأنهم حتى في تلك اللحظات لم ينسوا صلاتهم فإنها قصة تذكرنا بالحسين عليه السلام وأنصاره .
أكملنا صلاتنا على السواتر دعوات تطلق من أفواه المجاهدين اللهم انصر العراق والعراقيين حقيقة أن الأمر تدمع له العين ويقشعر له البدن .. قالوا لنا إن طعام الغداء جاهز تفضلوا وجدت طعامهم اقل بقليل من ما يقدموه من جهاد ولكنهم قالوا غذائنا الروحي هو الانتصار لا نريد طعام ولا شراب بل نريد الانتصار وتحرير العراق … يا له من طعام طيب حيث الوجوه التي قابلتنا رسمت عليها فرحة التحرير والصبر اخذ مجراه من عيونهم وحب الوطن رسم على أجسادهم .
اتجهنا بعدها إلى منطقة الصقلاوية حيث هنا حادثة سوف يلعنها التاريخ على مر السنين ومن منا لم يسمع بقتل 500 مجاهد في هذه المنطقة التي خيم عليها الحزن والضيم والألم هنا كانت الأرواح تستنشق عبير الحياة من اجل العراق فأبت ألا أن يمتزج دمها مع ارض العراق لترسم لنا لوحة الشهادة الخالدة .
توجهنا إلى الجسر الياباني ونحن بالطريق أليه وإذا نسمع صوت الهاونات علت على أصواتنا وإطلاق نار كثيف الشخص الذي يرافقنا كان يعمل جهاز مناداة وإذا به يسال ما ذا حصل؟ أتاه الجواب أنها سيارة للدواعش اقتربت من نقطة الجسر الياباني وتصدى لها الأبطال قال لنا لنرجع لأننا نخاف عليكم .. قلت له وانتم ألا تخافون على أنفسكم ما هو الفرق بيننا وبينكم أننا نريد المبيت معكم وفي إلحاح كبير عليه قال لا استطيع أن أضحي بكم انتم بواجبكم ونحن بواجبنا فانتم سبب من الأسباب التي جعلها لغرض أن يبقى المجاهدون في ساحات الوغى .
انتهت الرحلة وأنا رافع راسي لافتخر بهؤلاء المجاهدين الذين وجدتهم هناك انتهت الرحلة وقلبي يخفق لهم انتهت الرحلة أوددت لو اقبل أقدامهم التي ثبتت هناك , انتهت الرحلة وعيونهم تقول لا تنسونا من دعائكم وعيوننا تقول لهم نسال الله لكم النصر .
هكذا وجدت وطن بعد أن فقدته في وجوه المجاهدين.

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


غزوان العيساوي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2015/12/23



كتابة تعليق لموضوع : وجدت وطني بعيون المجاهدين
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net