صفحة الكاتب : الشيخ عبد الحافظ البغدادي

مجلس حسيني – ولادة النبي عيسى {ع} واحتفالات الكريسماس
الشيخ عبد الحافظ البغدادي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

بسم الله الرحمن الرحيم

{ إِذْ قَالَتِ الْمَلآئِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِّنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهاً فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ }] آل عمران 45[

 

من هو  الملك الذي نزل على السيدة مريم؟ هل هو ملك عام أو جبريل {ع}  أم لا نعلم تحديدا من هو؟ وهل تكون بذلك نبيه، لأن جبريل{ع}  ينزل على الأنبياء فقط؟ وهل هناك نسوة نزلت عليهن ملائكة ..؟ علما بعض العلماء يعتبرون أي شخص ينزل عليه ملك او جبرائيل انه نبي سواء رجل أو امرأة,  منهن سارة ام إسحاق  عندما بشرتها الملائكة؟ وهل كانت الملائكة في صورة البشر؟ . وهناك قضية جاءت في تراث الشيعة , ان فاطمة الزهراء عليها السلام تسمى عندهم " المحدثة" أي من تحدثها الملائكة .. فهل كانت الملائكة تحدثها ام جبرائيل .. وهناك قول ان جبرائيل انقطع عن النزول إلى الأرض بعد وفاة رسول الله {ص}  فمن حدث الزهراء {ع} ..؟ ومن حدث سارة حينما قال لها زمي الماء , فسمي بئر زمزم , ومن كلم وأم موسى حين قال لها ارميه في اليم ..ومن كلم مريم ..؟

      الآية التي أخبرت الكلام بين الملك المرسل ومريم واضحة . هو جبريل {ع}  الروح الأمين، قال تعالى:" فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا * قَالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَنِ مِنْكَ إِنْ كُنْتَ تَقِيًّا * قَالَ إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلَامًا زَكِيًّا" ..  فهل هي نبيه ..؟.هناك آراء لعلماء  منهم البخاري يقولون بنبوتها { في كتاب دلائل النبوة للشيخ أبي العباس جعفر المستغفري.} وكذلك البلقيني فقال:هي عادة البخاري لما يرتب التراجم , حين ذكر زكريا قال البلقيني: ، هذا يظهر منه أنها عند البخاري نبية، وبذلك قال جماعة من العلماء، والصحيح أنها ليست نبية، وإنما ترجم البخاري عليها لأنها من توابع زكريا، ثم ذكر البخاري ما يرشح أنها نبية، فقال: باب وإذ قالت الملائكة يا مريم إن الله اصطفاك الآيتين، ثم باب قوله تعالى إذ قالت الملائكة يا مريم إن الله يبشرك الآية أهـ.

وأما المستغفري فقال في الباب العاشر من دلائل النبوة: وكرامات الأولياء حق بكتاب الله تعالى، والآثار الصحيحة المروية، وإجماع أهل السنة والجماعة على ذلك .فأما الكتاب: فقوله تعالى كلما دخل عليها زكريا المحراب وجد عندها رزقا، قال أهل التفسير في ذلك: أنه كان يُرى عندها فاكهة الصيف في الشتاء، وفاكهة الشتاء في الصيف ومريم صلوات الله عليها لم تكن نبية بالإجماع، فهذه الآية حجة على من ينكر الكرامات للأولياء أهـ... أما القرطبي فهو من أشهر من انتصر لنبوة مريم ، وبحثه أقوى بحث في ذلك، والبخاري يميل إلى هذا القول، وكذلك غيره من الكبار.ويقول القرطبي نظرت في القرآن الكريم والدلالات الواردة فيه , هل تثبت نبوة مريم  أو تنفيها، فما وجدت دليل من السنة في هذا المسألة فيما أعلم. إنما في السنة تخييرها على سائر النساء وتفضيلها عليهن. ويبقى البحث بعد ذلك: إذا كانت أفضل النساء فهل يقتضي هذا أن تكون نبية النساء، فإن المتكلمين يشترطون الذكورية في النبي. والطبري حمل هذه الخيرية على الجنة فهي أفضل النساء في الجنة، مستشهدا ببعض الروايات فقال : واصطفاك على نساء العالمين"، يعني: اختارك على نساء العالمين في زمانك، بطاعتك إياه، ففضَّلك عليهم، كما روى عن رسول الله {ص}  أنه قال:"خيرُ نسائها مريم بنت عمران، وخيرُ نسائها خديجة بنت خويلد" يعني بقوله:"خير نسائها"، خير نساء أهل الجنة. روى من طريق هشام بن عروة، عن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب: أنّ رسول الله{ص} قال: خير نساء الجنة مريم بنت عمران، وخير نساء الجنة خديجة بنت خويلد اهـ.إلا أن هذه الخيرية لا تدل على نبوتها لأنه قرنها بنساء أخريات كاملات خيرات، وهن بالإجماع لسن نبيات، كخديجة وفاطمة .قال {ص}: كمل من الرجال كثير، ومن النساء أربعة . مريم وآسية وخديجة وفاطمة .

سؤال : هل هناك روايات تقول بأنّ الملائكة نزلت  على السيّدة فاطمة الزهراء (ع) ؟ وهل هي صحيحة المعتبرة ، التي تقول بأنّ الملائكة قد نزلت عليها  ؟ وهل أنّ قول الرسول بما معناه : بأنّ الوحي سينقطع من بعده ، هل كان يقصد به الوحي النبوي ؟....الجواب : لا توجد روايات تنفي نزول الملائكة على الزهراء {ع},بل العكس هناك روايات تثبت نزول الملائكة عليها (ع) وتكلّمها معها ،ورد أنّ من ألقابها محدّثة ، أي أنّ الملائكة كانت تحدّثها بعد وفاة أبيها {ص} هذا ليس ببعيد ، بعدما نقل لنا القرآن الكريم نماذج من النساء تحدّثن مع الملائكة ، وهن لسن نبيّات ، وإنّما كنّ وليّات من أولياء الله ، منهن :

1ـ مريم (ع) :{ وَإِذْ قَالَتِ الْمَلاَئِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَى نِسَاء الْعَالَمِينَ }  .

2ـ سارة (ع) ، قال تعالى : { وَامْرَأَتُهُ قَآئِمَةٌ فَضَحِكَتْ فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَقَ وَمِن وَرَاء إِسْحَقَ يَعْقُوبَ قَالَتْ يَا وَيْلَتَى أَأَلِدُ وَأَنَاْ عَجُوزٌ وَهَـذَا بَعْلِي شَيْخًا إِنَّ هَـذَا لَشَيْءٌ عَجِيبٌ قَالُواْ أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللهِ ... } .

3ـ أُمّ موسى (ع) ، قال تعالى : { وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ ... }  .

والاعتقاد بنزول الملائكة على فاطمة الزهراء (عليها السلام) لا يعدّ غلوّاً ، ولا مبالغة في فضلها ، فهي (ع) سيّدة نساء العالمين من الأوّلين والآخرين ، وأفضل من مريم بنت عمران ، ومن سارة امرأة إبراهيم (ع) ، ومن أُمّ موسى (ع) ، وقد ثبت بالنصوص القرآنية مشاهدتهن للملائكة وتكليمهن لهم ، فأيّ غلوّ في نسبة مثل ذلك لمن هي أفضل منهن ؟ ثمّ أنّ الإيحاء لم يقتصر على الأنبياء والمرسلين ، وعلى من ذكرناهم من النساء ، فقد أوحى الله تعالى إلى كُلّ من :

1ـ النحل ، قال تعالى : { وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا ... } (4) .

2ـ الحواريون ـ أصحاب عيسى (ع) ـ قال تعالى : { وَإِذْ أَوْحَيْتُ إِلَى الْحَوَارِيِّينَ أَنْ آمِنُواْ بِي وَبِرَسُولِي} 

3ـ السماوات ، قال تعالى : { وَأَوْحَى فِي كُلِّ سَمَاء أَمْرَهَا}  .

4ـ الأرض ، قال تعالى : { بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَى لَهَا } .

ويظهر من خلال هذه الآيات القرآنية وآيات أُخرى : أنّ الوحي ليس مختصّ بالأنبياء والرسل فقط ، بل هو يتعدّى إلى أولياء الله تعالى ، نعم الوحي هنا في هذه الآيات ، المفهوم منه غير الوحي في إبلاغ الرسالات إلى الأنبياء ، بل هو شأن آخر من الوحي . فالوحي لغة : الإعلام الخفي السريع ، واصطلاحاً : الطريقة الخاصّة التي يتّصل بها الله تعالى برسله وأنبيائه لإعلامهم أوامره ...فجاء تعبير الوحي عن هذه الطريقة باعتبارها خفية عن الآخرين ، ولذا عبّر الله تعالى عن اتصاله برسوله الكريم بالوحي .قال تعالى : { إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِن بَعْدِهِ } .. وقال :{ وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُكَلِّمَهُ اللهُ إِلاَّ وَحْيًا أَوْ مِن وَرَاء حِجَابٍ }. هذه الآية الأخيرة حدّدت معنى الوحي الذي يختصّ بالأنبياء والمرسلين .

ولا أدري ، لماذا تقوم قيامة البعض إذا قلنا بأنّ الزهراء (ع) يوحي لها ، وقد أوحى الله تعالى إلى السماوات والأرض والحشرات ,فما وجه نفي الوحي عن الزهراء (ع) وهي أفضل البشر قاطبة ؟فإنّ من أوحى لأحجار وحشرات لقادر على أن يُوحي لأفضل بريّته بعد رسوله (ص) ...

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ  نعود الى قصة عيسى • النبي عيسى ومريم العذراء (ع)

مقدمة: أختان { حنة وأشياع } تّزوجت الأولى (عمران) أحد زعماء بني إسرائيل٬ والأخرى (زكريا) .. مضت سنوات على زواج (حنة) لم ترزق مولوًدا. وفي أحد الأيام كانت جالسة تحت شجرة٬ رأت طائًرا يطعم أفراخه. فأشعل المشهد نار الأمومة في قلبها٬ فتوجهت إلى الله بكل قلبها طالبًة منه أن يرزقها مولوًدا٬ فاستجاب الله دعاءها الخالص٬ ولم تمض مدة طويلة حتى حملت.... الله أوحى إلى (عمران) أنه سيهبه ولًدا مبارًكا يشفي المرضى الميئوس من شفائهم٬ ويحي الموتى بإذن الله٬ سوف يرسله نبّياً إلى نبي إسرائيل. فأخبر عمران زوجته (حنة) بذلك. لذلك عندما حملت ظّنت أّن ما في بطنها للخدمة في بيت الله (بيت المقدس ويسّمى محرًرا). (المحرر) من التحرير٬ وكانت تطلق في ذلك الزمان على الأبناء المعّينين للخدمة في المعبد ليتوّلوا تنظيفه  وخدماته٬ ويؤّدوا عباداتهم فيه وقت فراغهم. ولذلك سّمي الواحد منهم (المحرر) إذ هو محرر من خدمة الأبوين٬ وكان ذلك مدعاة لافتخارهم.

قيل إّن الصبيان القادرين على هذه الخدمة كانوا يقومون بها بإشراف الأبوين إلى سّن البلوغ٬ ومن ثم كان الأمر يوكل إليهم٬ إن شاؤوا بقوا٬ وإن شاؤوا تركوا الخدمة.  رب إني وضعتها أنثى: القرآن الكريم يشرح حال أم مريم بعد ولادتها٬ فقد أزعجها أن تلد أنثى٬ وراحت تخاطب الله قائلة: إّنها أنثى٬ وأنت تعلم أّن الذكر ليس كالأنثى في تحقيق النذر٬ فالأنثى لا تستطيع أن تؤدي واجبها في الخدمة كما يفعل ,  الذكر فالبنت بعد البلوغ لها عادة شهرية ولا يمكنها دخول المسجد٬ مضاًفا إلى أن قواها البدنية ضعيفة٬وكذلك المسائل المربوطة بالحجاب والحمل وغير ذلك. ﴿وليس الذكر كالأنثى﴾.إّن مريم لم تكن تصدق إمكان قبول الأنثى خادمة في بيت الله٬ لذلك كانت تتمّنى أن تلد يوًما ذكًرا٬ إذ لم يسبق  أن اختيرت أنثى لهذا العمل.

ولكن القرآن يقول إّن الله قد فبل هذه الأنثى الطاهرة بالخدمة الروحية والمعنوية٬ لأّول مّرة.  يقول بعض المفسرين: سبب قبولها لهذه الخدمة أّنها لم تكن ترى العادة الشهرية أثناء خدمتها في بيت  المقدس لكي لا تضطر إلى ترك الخدمة٬ وحضور طعامها من الجنة إلى محرابها دليل على قبولها. 

وقبول مريم أبلغ للأم عن طريق الإلهام. واختار الله زكريا كي يتكفل مريم٬ إذ أّن أباها عمران قد ودع الحياة قبل ولاتها. وإن أم مريم هي التي سمتها بهذا الاسم عند ولادتها. و (مريم) بلغتها تعني (العابدة). وفي هذا يظهر منتهى اشتياق هذه الأم الطاهرة لوقف وليدها على خدمة الله. لذلك طلبت من الله¬بعد أن سّمتها¬ أن يحفظها ونسلها  من وسوسة الشياطين٬ وأن يرعاهم بحمايته ولطفه ﴿ِوإِّني أُعيُذَهاِ بَكَ وُذِّرَّيَتَهاِ مَن الَّشْيَطاِن الَّرِجيِم﴾.

القرعة لكفالة مريم: بعد أن وضعتها لفتها في قطعة قماش وأتت بها إلى المعبد وخاطبت علماء بني إسرائيل وأشرافهم  بقولها: هذه المولودة قدُ نذرت لخدمة بيت الله٬ فليتعهد أحدكم بتربيتها. ولما كانت مريم من أسرة معروفة من (آل عمران)٬ أخذ علماء بني إسرائيل يتنافسون في الفوز بتعهد تربيتها. وأخيًرا اتفقوا على إجراء القرعة بينهم٬  فجاءوا إلى  شاطئ نهر وأحضروا معهم أقلامهم وعصيهم التي كانوا يقترعون بها. كتب كل واحد منهم  اسمه على قلمه ٬ وألقوها في الماء٬ فكل قلم غطس في الماء خسر صاحبه ٬ والرابح من يطفو قلمه على الماء: طفا القلم الذي كتب عليه اسم زكريا٬ بذلك أصبحت مريم في كفالته٬ وهو أجدرهم بذلك٬ لأنه نبي وزوج خالة مريم. يقول سبحانه: ﴿َوَماُ كنت لديهم إِذُ يْلقُون أَقلاَمُهْم ﴾.اي لم  تكن حاضًرا حينذاك.

ـــــ*** زكريا وكفالة مريم:  كبرت مريم تحت رعاية زكريا٬ وكانت غارقة في العبادة ٬ بحيث إنها عندما بلغت التاسعة من عمرها ,  تصوم النهار وتقوم الليل ٬ وعلى درجة كبيرة من التقوى ومعرفة الله حتى أنها فاقت الأحبار والعلماء في زمانها. كان زكريا يزورها في المحراب يجد عندها طعاًما ٬ فيأخذه العجب   سألها يوًما: ﴿َياَ مْرَيُم أَّنى َلِكَ هَذاَ قاَلْتُ  هَوِ مْنِ عند الله إَّنَّ اللهَ يْرُزُقَ من َيَشاءِ بغير حساب﴾القرآن لا يذكر نوع الطعام ومن أين جاء٬ لكّن بعض الأحاديث تفيد أنه من فاكهة الجنة .. ليس ما يدعو إلى العجب في أن يستضيف الله عبًدا تقًيا.

 ورد عن الإمام الباقر (ع) أن رسول الله (ص) دخل يوًما على ابنته فاطمة الزهراء (ع) وهو يعلم أنها  لم تكن تملك طعاًما منذ أيام٬ فوجد عندها طعاًما وافًرا ٬ فسألها عنه٬ فقالت: هو من عند الله إّن الله  يرزق من يشاء بغير حساب..... . فقال (ص) لعلي (ع): ألا أحدثك بمثلك ومثلها؟ قال: بلى٬ قال:لما دخل  زكريا  على مريم المحراب وجد عندها رزًقا٬ قال: يا مريم أنى لك هذا؟ قالت: هو من عند الله٬ إّن الله يرزق  من يشاء بغير حساب....  

 قضية البشارة:  الملائكة يكلمون مريم: ﴿َقاَلِت اْلَملاَئَكُةَ ياَ مْرَيُم إِّنَّ الله اْصَطَفاِك َوَطَّهَرِك َواْصَطَفاِكَ على نساء اْلَعاَلِميَن﴾. هنا بدأت البشارات اختارها من بين جميع نساء العالم وطهرها وفضلها بسبب تقواها وإيمانها وعبادتها. هنا كلمة "اصطفاك" تكررت مرتين , في المرة الأولى كانت لبيان الاصطفاء المطلق٬ وفي الثانية إشارة إلى أفضليتها على سائر نساء العالم المعاصرين  لها.وقالوا لها: اشكري الله بالركوع والسجود والخضوع له اعترافاً بهذه النعمة العظمى. .

ــــــ*** بداية ولادة المسيح (ع): يقول القرآن الكريم في قصة ولادة المسيح (ع):  كانت مريم تبحث عن مكان خال من كل نوع  من الضوضاء حتى لا يشغلها شيء عن مناجاتها ويصرفها – ولو حيناً – عن ذكر الله ,لذلك اختارت مكانا في شرق بيت المقدس٬ وهو معبد كبير ليكون مكاناً أكثر هدوءاً٬ وربما كان أنظف وأنسب من جهة أشعة الشمس ونورها.  في هذه الأثناء فكانت تناجي ربها بحرية أكبر٬ وتستطيع أن تتوجه إلى العبادة والدعاء.

 هنا في هذا المكان {  جاءها الروح أحد الملائكة العظام } تجسد لمريم على شكل إنسان  لا عيب فيه ولا نقص. { بشرا سويا } هنا اعترت مريم حالة من الرعب والاضطراب لما شاهدت دخول رجل أجنبي محل خلوتها! فاستعاذت بالله .. جاء في سورة مريم (ع): ﴿قَالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَنِ مِنْكَ إِنْ كُنْتَ تَقِيًّا﴾، 

لأنها تعرف  إن  أقوى قوة هي التقوى التي تردع الإنسان من ارتكاب الذنوب ..فهي لم تعلم انَّه تقيٌّ أو ليس بتقي ولكنَّه لو كان تقيَّاً واقعاً فإنَّ تذكيره بتقوى الله  سوف يحجزه عن مقاربة الذنب، لأنَّ التقي وإنْ كان قد تجمح به رغبته فتُوقعه في الذنب إلا انَّه إذا ذُكِّر بتقواه أحجم وتراجع، ولذلك رُوي عن عليٍّ أمير المؤمنين (ع) انَّه قال: "علمتْ أنَّ التقي ينهاه التُقى عن المعصية" ﴿َوَكاَن أمرا مقضيا﴾..

ما هو المراد من روح الله؟:... إّن كل المفسرين فسروا الروح هنا بأّنه جبرائيل {ع} والتعبير عنه بالروح لأّنه  روحاني٬ ووجوده مفيض للحياة٬ لأّنه حامل الرسالة الإلهية إلى الأنبياء وفيها حياة جميع البشر اللائقين٬ وإضافة الروح هنا إلى الله دليل على عظمة وشرف هذا الروح٬ حيث أن من أقسام الإضافة هي (الإضافة التشريفية).كبيت الله .. ووجه الله ... 

مريم والحمل :.. وأخيًرا حملت مريم٬ واستقر ذلك الولد الموعود في رحمها: ﴿َفَحَمَلْتُه﴾ ولم يتحدث القرآن عن كيفية  الحمل ٬ فهل أن جبرائيل قد نفخ في ثوبها٬ أم في فمها؟ او لعدم الحاجة إلى هذا  بالرغم إن آراء المفسرين مختلفة في هذا الشأن. وعلى كل حال٬ فإِّن هذا الأمر قد تسبب في أن تبتعد عن بيت المقدس ﴿َفانَتَبَذْتِ بِهَ مَكاًنا َقِصًّيا﴾. كانت تعيش حالة بين الخوف والأمل٬ حالة من القلق والاضطراب المشوب بالسرور٬ فهي تفكر أحياًنا بأن  هذا الحمل سيظهر أمره في النهاية٬ فالأفضل أن أبقى بعيدة عن أولئك الذين يعرفونني عدة أيام أو شهر٬وأعيش في هذا المكان بصورة مجهولة٬ وماذا سيحدث في النهاية؟  فمن الذي سيقتنع بأّن امرأة لا زوج لها تحمل دون أن تكون قد تلوثت بالرذيلة؟ فماذا سأفعل تجاه هذا الاتهام؟ والحق من المؤلم لفتاة كانت لسنين طويلة نموذًجا للطهارة والعفة والتقوى٬ ومثالاً في العبادة  ٬ وكان زهاد بني إسرائيل يفتخرون بكفالتها منذ الطفولة٬ وتربت في بيت نبي زكريا .. أن تحس في يوم ما أن كل هذا  الرصيد المعنوي مهدد بالخطر٬ وتكون غرًضا للسهام والتهائم بأسوأ وأقبح اتهام٬ وكانت هذه هي  المصيبة الثالثة التي وقعت لها.

وهناك بحث في مدة حمل مريم٬ بالرغم من أّنه ذكر في لقرآن بصورة خفية ومبهمة فبعضهم حسبه ساعة  واحدة٬ وآخر تسع ساعات٬ وثالث ستة أشهر٬ ورابع سبعة٬ وآخر ثمانية٬ وآخر تسعة أشهر كسائر النساء٬ إلا أن هذا الموضوع ليس له ذلك التأثير في هدف هذه القصة. والروايات الواردة في هذا المجال مختلفة ..وقد اعتقد الكثيرون أّن المكان (القصي) هو مدينة (الناصرة) ...

ومهما كان فقد انتهت مّدة الحمل٬ وبدأت لحظات ألم الولادة الشديد الذي هاج فيها فتوجهت الى الأماكن الخالية من البشر٬ قاحلة التي لا عشب ولا ماء .. مع أن النساء يلجأن  في مثل هذه الحالة إلى المعارف والأصدقاء ليساعدوهن على الولادة٬ إلا أن وضع مريم لما كان استثنائًيا٬ ولم تكن تريد أن يرى أحد وضع حملها مطلًقا٬ فإنها اتخذت طريق الصحراء  بمجرد أن بدأ ألم الولادة ويقول القرآن في ذلك٬ ﴿َفأَجاءَها اْلَمَخاُض إِلىِ جْذِع الَّنْخَلِة﴾ إّن التعبير بجذع النخلة٬ وبملاحظة أن الجذع يعني بدن الشجرة٬ ويوحي بأّنه لم يبق من تلك الشجرة إلا  جذعها وبدنها٬ أي إِن النخلة كانت يابسة. فقالت  يا ليتني مت قبل هذا: غمر كل وجود مريم سيل من الغم والحزن٬ وأحسست بأّن اللحظة التي كانت تخشاها قد حانت٬ وسيتجه نحوها سيل سهام الاتهام التي سيرشقها بها الناس. لقد كان هذا الاضطراب والصراع كان صعًبا جًدا٬ وقد أثقل كاهلها إلى الحد الذي تكلمت فيه بلا الإرادة  ﴿َقاَلْتَ ياَ لْيَتِنيِ مُّتَ قْبلَ هَذاَ وُكنُتَ نسيا منسيا﴾. قد يتساءل البعض كيف أّن مريم المؤمنة والعارفة حيث رأت كل هذا اللطف الإلهي٬ أجرت مثل هذه الجملة على لسانها قالت: ﴿َقاَلْتَ ياَ لْيَتِنيِ مُّتَ قْبلَ هذا وكنت نسيا منسيا﴾٬ .. لأنها متاكده إنها ستتعرض لمشاكل واتهام  بشرفها .. وفعلا حدث ما كان متوقعا منها ..  فطرق سمعها صوت ﴿فناداها من تْحِتَها أَّلاَ تْحَزِنيَ قْدَ جَعلَ رُّبِكَ تْحَتِك َسِرًّيا﴾ وانظري إلى الأعلى كيف أن هذا الجذع اليابس قد تحول إلى نخلة مثمرة ﴿َوُهِّزي إليك بجذع النخلة تساقط  ْعَلْيِك ُرَطًباَ جِنًّيا /َفُكلِيَ واشربي وقري َعْيًنا﴾ بالمولود الجديد ﴿فإما ترين مَن اْلَبَشِر أحدا فقولي إني نذرت لِلَّرْحَمِنَ صوما فلن اَكِّلَم اْلَيْوَم إِنِسًّيا﴾وهذا الصوم هو المعروف بصوم السكوت. وخلاصة الأمر٬ إِنك لا تحتاجين إلى الدفاع عن نفسك٬ فإِن الذي وهبك هذا الوليد قد تعهد بمهمة الدفاع عنك........... الدور اليهودي ضد المسيحية ..

اليهود بانتظار المسيح: كان اليهود ينتظرون مجيء المسيح بموجب ماّ بشرهم موسى {ع} ٬ قبل أن يولد. ولكنه عندما ظهر٬ وتعّرضت  مصالح علماءهم المنحرفين من بني إسرائيل للخطر لم يبق معه إلاَّ نفر قليل٬.. بعد أن أعلن عيسى دعوته وأثبتها بالأدلة الكافية٬ أدرك أّن جمًعا من بني إسرائيل يصّرون على المعارضة ٬ فنادى أصحابه و ﴿َقالَ مْن  أَنَصاِري إلى الله﴾ قال الحواريون :{ نحن انصار الله امنا به 

يبخلوا بشيء في سبيل نشر أهدافه المقدسة.

أعلن الحواريين استعدادهم لتقديم كل عون للمسيح٬ يقول عنهم القران الكريم : { فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسَىٰ مِنْهُمُ الْكُفْرَ قَالَ مَنْ أَنصَارِي إِلَى اللَّهِ ۖ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنصَارُ اللَّهِ آمَنَّا بِاللَّهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ}... 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

متى كتب تاريخ عيسى المسيح {ع} ...

 المعروف أن الأناجيل الأربعة المتداولة في الوقت الحاضر٬ والتي تشهد بصلب المسيح (ع)  قد دونت بعده بسنين طويلة٬ دونها حواريوه أو التالون من أنصاره بعدهم .... هذه حقيقية يعترف  حتى  المؤرخون المسيحيون. , كما إننا  نعرف  أن حواري المسيح (ع) قد هربوا حين هجم الأعداء عليه٬ والأناجيل نفسها تشهد بهذا ,  فهم غير حاضرين وما يعرفون ما  جرى لعيسى أثناء الدخول إلى الغار الذي كان متواجدا فيه أثناء  الهجوم عليه .. هم هربوا وتركوه , والقران يقول ما قتلوه ولكن شبه لهم. على هذا الأساس يكون الحواريين  سمعوا مسألة صلب عيسى المسيح (ع) من أفواه الآخرين٬ ولم يكونوا حاضرين أثناء تنفيذ عملية الصلب٬ هذه التطورات بعدم وجود الحواريين ادت إلى تهيئة الأجواء المساعدة للاشتباه بشخص آخر وصلبه بدل المسيح (ع)٬ وسنوضح هذا الأمر فيما يلي من حديثنا.

 إن العامل الآخر الذي يجعل الاشتباه بشخص آخر بدل المسيح (ع) أمراً محتملاً هو أن المجموعة الكلفة بالقبض على عيسى المسيح (ع) ذهبت إلى بستان "جستيماني" هذه المجموعة تتشكل من أفراد الجيش الرومي ..  فهم لا يعرفون اليهود ولغتهم  وتقاليدهم , ولم يميزوا بين حواري المسيح (ع) وبين المسيح نفسه. .. تذكر الأناجيل أن الهجوم على مقر عيسى (ع) تم ليلاً٬ وبديهي أن ظلام الليل خير ستار للمطلوب ليتخفى ويهرب٬ ووقع شخص آخر في أيدي المهاجمين.  وهو من شبه اليهم .. 

هو  "يهوذا " الذي خان ووشى بعيسى المسيح (ع) وكان يشبهه كثيراً  فوقع  بدل المسيح في الأسر وأنه لهول الموقف  أستولى عليه الخوف  والرعب٬ فعجز عن الدفاع عن نفسه أو التحدث أمام الجلادين بشيء. نقرأ في الأناجيل أن "يهوذا الاسخربوطي" لم يظهر بعد حادثة الصلب أبداً٬ وأنه كما تقول هذه الأناجيل قد انتحر . آذن هو المصلوب والمشار أليه بالقران ," شبه اليهم ".. 

إذن حواري المسيح (ع) – وكما ذكرت الأناجيل – هربوا حين أحسوا بالخطر يحدق بهم٬ كما  هرب واختفى الأنصار الآخرون٬ وأخذوا يراقبون الأوضاع عن بعد٬ بحيث أصبح الشخص المقبوض عليه وحيدا بين الجنود الرومان٬ ولم يكن أي من أصحابه قريباً منه٬ ولذلك لا يستعبد ولا يبدو غريباً أن يقع خطأ   أو سهو في تشخيص هوية الشخص المقبوض عليه.

ــــــــــــــ شجرة  الكريسماس :أصل  الكريسماس:..  كلمة كريسماس تعني "ميلاد المسيح"، أو "قُدَّاس المسيح"،وهي مكوَّنة من كلمتين " Christ "، وتعني (المخلِّص)، وهو لقبٌ للمسيح{ع} و"mas"، وهي كلمة فرعونية معناها: (ميلاد) فتعني ميلاد المخلص .. وتحول بعد ذلك إلى فداء الإله .. 

هناك مسالة تاريخية مهمة .. هي :..انه غير معروف على وجهِ الدقَّة تاريخُ ميلاد المسيح{ع} واختلف النصارى بجميع طوائفهم في ذلك؛ مثلا عند الكاثوليك والبروتستانت في (25 ديسمبر "ك1" شهر الثاني عشر )، وعند نصارى الشرق الأرثوذكس في (7 يناير ك2 الشهر الأول من السنة )، .. 

مَن حدَّد تاريخ ميلاد المسيح؟ ::قيل إن الذي حدَّد ميلاد المسيح راهبٌ من "(منطقة شمال البحر الأسود)، اسمه أكسيموس" عام 530 م ، ولم يحدِّد مرجعَه في هذا التحديد، وتحتفل الكنائس الشرقية به يوم 7 يناير،.......  يقول احد الباحثين النصارى , جريجوري": "إن (الكريسماس) كان عيدًا وثنيًّا، اتُّخِذ للاحتفال بمَولِد المسيح في منتصف القرن الرابع الميلادي؛ لإبعاد المتنصِّرين عن الاحتفالات الوثنية التي كانت تُقام في تلك الفترة".. 

يقول : "  ، ما نصه: "لا نجدُ أي رابطٍ بين حدثِ الميلاد وشجرة الميلاد، نتساءل من أين جاءتْ هذه العادة ومتى بدأتْ؟  بالرجوع إلى إحدى الموسوعات العلمية، نلاحظ أن الفكرة ربما قد بدأتْ في القرون الوسطى بألمانيا، الغنية بالغابات الصَّنَوْبَرِية الدائمة الخُضْرة؛ حيث كانتِ العادةُ لدى بعض القبائل الوثنية - التي تعبد الإله (ثور)  إلهَ الغابات والرعد - أن تزيِّن الأشجار، ويقدم على إحداها ضحيةٌ بشرية. تقول إحدى التحليلات: إنه في عام  722م أوفد إليهم قديس  كي يبشِّرهم بالمسيحية ، وحصل أن شاهدهم وهم يقيمون حفلَهم تحت إحدى أشجار البَلُّوط، وقد ربطوا طفلاً وهَمُّوا بذبحِه ضحيةً لإلههم (ثور)؛ فأقنعهم  وخلَّص الطفل من أيديهم، ووقف فيهم خطيبًا، مبينًا لهم أن الإلهَ الحي هو إله السلام والرِّفق والمحبة، الذي جاء ليخلِّص لا ليُهلِك، وقام بقطع تلك الشجرة، وقد رأى نبتة شجرة (التَّنُّوب) وهي  (شجرة الكريسماس الحالية)، فقال لهم: " إنها تمثِّل الطفلَ يسوع" ، هكذا بدأت وانتقلت في القرن السادس عشر في ألمانيا في كاتدرائية "ستراسبورج" عام 1539م،  فقصة ميلاد المسيح الفعلية ليس بها ذِكْر لأي شجر، ولكن كما قال احد القساوسة قال: إن الصلة واضحة تمامًا؛ فما شجرة الميلاد بمصابيحها المتلألئة - أو قديمًا بشمعاتها المتوهجة - إلا العليقة التي رآها موسى النبي في البرية، وهي مشتعلة نارًا ولا تحترق، وهي ترمزُ للعذراء مريم، التي حملتْ في بطنها ولدا بلاهُوتِه النَّاري ولم تحترق؛ فهي حملتْ سرَّ التجسُّد الإلهي، وأن اللهَ ظهر وسط شجرة ضعيفة، وليست شجرة أَرْز؛ فالله يسكن عند المتواضعين"؛ اهـ،

بابا نويل.... مَن هو؟ .. يقال له: "القديس نيقولاوس"، ويتمثَّل في رجلٍ عجوز سمين مَرِح، ذي لحية بيضاء طويلة، وملابس حمراء زاهية، يقولون: إن أصله يرجع إلى القديس (نيكولاس)، الذي عاش في أوروبا في القرن الرابع الميلادي، وكان يعطف على الأطفال ويوزع عليهم الهدايا ..وفي إحدى المواقع النصرانية، ما نصه: "إن (بابا نويل) هو شخصيةٌ حقيقية، .. أما الصورة الحديثة لبابا نويل، ولدتْ على يد الشاعر الأمريكي "كلارك موريس"، كتب سنة 1823 قصيدةً بعنوان "الليلة التي قبل عيد الميلاد"، يصف فيها هذا الرجل المحبَّب ليلةَ عيد الميلاد.. وانتشر بابا نويل في الكنائس المصرية في احتفالِها برأس السنة الميلادية، وصار رمزًا شعبيًّا للاحتفال بالعام الجديد..وأصبح القديس رمزا لميلاد المسيح..

نحن المسلمين نعتقد أن المسيح عيسى ابن مريم {ع} لم يُصلَب ولم يُقتَل؛ كما قال تعالى :﴿وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ)

هذا  ما أردنا أن نبصِّر به المسلمين مواقعَ أقدامهم في أصل هذه الأمور والاحتفالات المتعلِّقة بعقائد القوم، حتى لا يقول قائل: هذه احتفالات عامَّة، لا علاقة لها بالعقائد. فما هو موقف الاسلام من الاحتفال , والأموال التي تصرف لأحياء تلك المناسبة ..

1-يقول تعالى : ﴿ لِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكًا هُمْ نَاسِكُوهُ ﴾ [الحج: 67]؛ كالقِبلة والصلاة والصيام،  والنسك:هي العبادة، والناسك: العابد واختص بأعمال الحج،  مختصة بالذبيحة .. 

2- النص القرآني واضح في قوله تعالى { إِنّ الدِّينَ عِندَ اللّهِ الاسلَمُ } .. يعني جميع الشرائع يجب ان تكون من الاسلام , واي ممارسة وشعائر خارج هذا النطاق غير مقبولة وهي وثنية ..

3-  موضوع التهنئة بشعائر الكفر المختصة به، فحرامٌ بالاتفاق، مثل أن يهنِّئهم بأعيادهم وصومهم، فيقول: عيد مبارك عليك"، أو: "تهنأ بهذا العيد"، ونحوه، فهذا إن سَلِمَ قائلُه مِن الكُفر فهو من المحرمات،.. قال السيد المهري: يجوز تهنئة الكتابيين وغيرهم بالمناسبات ولا بأس على المسلمين من أن يصلّوا في الكنائس وقد نشر هذا الخبر في الصحف الكويتية واحدث ضجة من المتشددين  التكفيرين .

ــــ  قال وكيل المرجعيات الشيعية في الكويت السيد محمد باقر المهري انه «حسب روايات أئمة أهل البيت {ع} لا بأس للمسلمين ان يصلوا في البيع والكنائس للأخوة المسيحيين وان كان من غير إذن أهلها كسائر مساجد المسلمين فان المشهور والمعروف عند علماء الشيعة الأمامية الاثنى عشرية جواز الصلاة من غير كراهة في الكنائس،.... وقال المهري: «انا شخصيا صليت صلاة الظهر والعصر في الكنيسة الكبيرة في الفاتيكان قبل عدة سنوات من دون ان يعترض علينا أحد».

وأشار إلى إن  المرجع الديني السيد السيستاني دام ظله قال في كتاب الفقه للمغتربين ص22 يجوز تهنئة الكتابيين من يهود ومسيحيين وغيرهم : يعني :  غير الكتابيين من الكفار بالمناسبات التي يحتفلون بها أمثال عيد رأس السنة الميلادية، وعيد ميلاد السيد المسيح (ع) وعيد الفصح، وقد ورد عن الإمام الصادق{ع} : «وان جالسك يهودي فأحسن مجالسته. (وسائل الشيعة ج12 ص201). 

وكان الامام امير المؤمنين عليّ بن ابي طالب عليه السلام لم يميز بين المسلم وغيره في دولة الاسلام وقد مر الامام بشيخ مكفوف كبير يسأل الناس فقال أمير المؤمنين (ع) ما هذا؟ فقالوا يا أمير المؤمنين نصراني فقال : (ع) استعملتموه حتى اذا كبر وعجز منعتموه أنفقوا عليه من بيت المال (التهذيب للطوسي ج6 ص292).«هذا هو رأي مذهب أئمةاهل البيت {ع} بالنسبة الى التعامل مع الاخوة المسيحيين وغيرهم فعلى الغرب ان يتعرفوا على هذا المذهب ويحكموا على الإسلام من خلال سيرة الإمام أمير المؤمنين {ع} وابناءه {ع}  ومن خلال اراء وفقه علماء الشيعة ونظرتهم إلى سائر الأديان السماوية  ..فاشتباه الغرب إنهم لم يطلعوا على هذه السيرة المباركة وهذا التعامل الإنساني الرائع الحضاري مع أهل لكتاب».

 نعم هناك سؤال وجه الى الشيخ محمد صالح العثيمين : تهنئة بين طالب في اوربا  وأستاذه  - ضرورةٌ تقتضيها عدَّة أمور، اذا بَعْثِ بطاقات التهنئة (الكرِيسْمَس) أو (رأس السنة)، فهل ترون غضاضةً في أن يكتب الطالب تهنئة لأستاذِه، خاصة إذا كانتْ من باب المجاملة المطلوبة في مثل هذا المجتمع؟

فأجاب :.. "لا يحل للإنسان أن يجاملَ كافرًا على حساب دينه، ولو أحسن إليه كثيرًا؛ لأن الدِّينَ مقدَّم على كل شيء، وبناءً على هذه القاعدة لا يحل للطالب أن يبعث إلى أستاذه تهنئة بالشعائر الدينية؛ كأعيادهم التي تكون على رأس السنة الميلادية، أو عيد الميلاد، فمَن فعل ذلك فقد أتى إثمًا كبيرًا.

تمضي القرون، ويُثبت أهل البيت {ع} أنّهم أسمى ممّا تصوّر بعض الضالين ، فَهُم ليسوا لشيعتهم فقط، وليسوا للمسلمين فحَسْب.. هم أكبر من ذلك كلّه، هم لهذا العالم جميعاً، تعايشوا مع الحق فاحبهم جميع الاحرار في العالم دون النظر الى دينه ومذهبه ووقف من يعادي الحق ضد الحسين{ع} ..فكان من أهل البيت سلام الله عليهم جهاد وتضحية وفداء، حتّى عانَوا ما عانَوا من الظَّلَمة العُتاة، ولا قَوا ما لا قَوا من الإيذاء  والحبس والتشريد، ثمّ القتل بالسيوف أو السموم،.. فعلوه بهم ، ولِيُطفئوا نور الله بكلّ ما استطاعوا، فأبى الله تعالى إلاّ أن يُتمّ نوره فيهم، , فهدى الله الأحرار إلى التفاني في محبتهم وأحياء ذكرهم .ومن هؤلاء الأحرار النصارى ...

ــــــــــ إذا كان المسلم لا تتطابق عقيدته اليوم مع المسيحيّ، فإنّهما قد اتّفقا على أمورٍ كثيرة، مهمّة، ويكفينا في ذلك شاهدان:

 الأوّل ـ قرآني، وهو قوله تعالى : « وَلَتَجِدَنّ أقربَهم مَودّةً لِلَّذينَ آمَنُوا الَّذين قالُوا إنّا نصارى»  أولئك هم غير مَن نرى اليوم من المستكبرين واللّؤماء الذين تحزّبوا لمحاربة الإسلام، وأهانوا كتاب الله.

والشاهد الثاني ـ روائي، فالنصارى كانوا أطوَعَ للإسلام وأهدى إليه، وهم كانوا على سابق علمٍ بمبعث رسول {ص}  أُخبِروا مِن قِبل السيّد المسيح عيسى ابن مريم {ع} بواسطة الحواريّين،...  ثمّ يكون لعيسى ابن مريم {ع} موقف مع حفيد رسول الله وخاتم أوصيائه المهديّ المنتظر عجّل الله تعالى فرجه الشريف، وذلك بعد ظهوره عليه السلام، فينزل المسيح عيسى من السماء وينصر المهديّ.

عن حُذَيفة بن اليمان قال: قال رسول الله {ص} ( في حديث مفصّل حول الظهور ): « فَيلتفِتُ المهديّ وقد نزل عيسى{ع} كأنّما يقطر مِن شعره الماء، فيقول المهدي: تقدّم صلِّ بالناس، فيقول عيسى: إنّما أُقيمت الصلاة لك. فيصلّي عيسى خلف رجلٍ من وُلدي، فإذا صُلِّيَت قام عيسى حتى جلس في المقام، فيبايعه ( أي يبايع المهديَّ"ع" ( رواه الگنجي الشافعي في: ـ البيان في أخبار صاحب الزمان:497، والمَقْدسي الشافعي في: ـ عَقْد الدُّرر في أخبار المنتظر:17 و 229، وابن حجر الهيثمي المكّي الشافعي في: ـ الصواعق المحرقة:164، والسيوطي الشافعي في: ـ الحاوي 81:2.. وغيرهم )....

هكذا الأديان جميعاً إذا سَلِمت من التحريف، فإنّها ستلتقي على دين الإسلام ومفاهيمه وعقائده، والولاء لأهل البيت {ع} يقول الباحث أنطون بارا في كتاب { الحسين في الفكر المسيحي } لم يُسجِّل التاريخ شبيهاً لاستشهاد الحسين في كربلاء ، فاستشهاد الحسين وسيرته: عنوانٌ صريحٌ لقيمة الثبات على المبدأ، وعظمة من أخذ العقيدة ومثلها . لذلك غدا حبُّ الحسين الثائر: واجباً علينا كبَشَر، وغدا حبُّ الحسين الشهيد جزءاً من نفثات ضمائرنا.

   لذا لا تعجب من رجل مسيحي صحب الحسين {ع} أياماَ قليلة  هو وهب بن حباب الكلبي .. نود أن نشير الى حياته المضيئة قبل مشاركته وكان نصرانيا  نصرانياً:

أولاً: أسلم وهب على يدي الإمام الحسين عليه السلام قبل (10) أيام من شهادته.

ثانياً: لم يمض على عرسه وزوجته غير (17) يوماً فقط قبل واقعة الطف.

ثالثاً: كان عمره في الطف قد بلغ خمس وعشرون عاماً.

رابعاً: شارك في ألطف مقاتلاً، وشاركت معه زوجته وكانت أول شهيدة في الطف تنال شرف الشهادة مع الإمام الحسين عليه السلام، كما شاركت معهم أمه أم وهب ناصرة ومعينة.  ومن مواقف امه , قالت : قم يا بني وانصر  ابن بنت رسول الله {ص} فقال: أفعل يا أماه ولا أقصر، فبرز وهو يقول :  إن تنكروني فأنا ابن الكلبِ...سوف تروني وترون ضربيوحملتي وصورتي في الحربِ ... ......أدرك ثأر بي بعد ثأر صحبي وأدفع الكرب أمام الكربِ ......ليس جهادي في الوغى باللعبِ

حمل ثم رجع إلى أمه وامرأته, فقال: يا أماه أرضيت؟ فقالت: ما رضيت أو تقتل بين يدي الحسين{ع}  فقالت أمرأته: بالله لا تفجعني في نفسك، فقالت أمه يا بني اعزب عن قولها وقاتل بين يدي ابن بنت رسول الله، فيكون غداً في القيامة شفيعاً لك بين يدي الله، فرجع قائلا : أني زعيم لك أم وهب بالطعن فيهم تارة والضرب ... بينما يقاتل سمع صوت زوجته تقول : وهب قاتل دون الطيبين عترة محمد رسول رب العالمين .. قال امة الله قبل ساعة تنهيني عن القتال .. والان جئت تقاتلين معي ..؟ قالت يا وهب لا تلمني ان واعية الحسين كسرت قلبي .. قال ما الذ سمعتيه منه .؟ قالت : رايته واقفا بباب الخيمة ينادي وا قلة ناصراه .. فقتل تسعة عشر فارسا ، ثم قطعت يداه ، فأخذت امرأته عمودا وأقبلت نحوه وهي تقول :فذاك أبي وأمي، قاتل دون الطيبين عترة محمد رسول ربي العالمين أقبل كي يردها إلى النساء فأخذت بجانب ثوبه فقالت: لن أعود أو أموت معك، فقال الحسين{ع} : جزيتم من أهل بيت خيرا، ارجعي إلى النساء رحمك الله ، فانصرفت وجعل يقاتل حتى قتل رحمه الله .. فذهبت أمرأته تمسح الدم عن وجهه، فبصر بها شمر، فأمر غلاماً له فضربها بعمود كان معه وشدخها وقتلها، وهي أول أمرة قتلت في عسكر الإمام الحسين عليه السلام. لما رات زينب ذلك نادت ..

تنادي يخويه وما لك معين .. وكومك على الغبرة مطاعين .. انا منين اجيب المرتضى منين .. عن كربلا بويه غبت وين .. تدري لميه عليك اكو دين .. يريدون ثار ببدر وحنين .. فزعوا فرد فزعة على حسين..

يا هو اليسوي علي طيبة .. وياخذ معصبي وبالنجف ذبه ,, يدخل يم ضريحه ويندبه .. يكله مطلوب لبني مية بندبه .. الحك تره زينب صارت بشده ..  الحمد لله رب العالمين –

5-1-2016 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


الشيخ عبد الحافظ البغدادي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2016/01/05



كتابة تعليق لموضوع : مجلس حسيني – ولادة النبي عيسى {ع} واحتفالات الكريسماس
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 

أحدث التعليقات إضافة (عدد : 1)


• (1) - كتب : منير حجازي ، في 2016/12/23 .

موفقين شيخنا الجيل بارك الله بكم واثابكم على ذلك بكل حرف ورد في هذه المقالة التي سلطت الضوء على كثير من الامور .
تحياتي




حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net