لمرتين أو لثلاث مرات تحركت قوات مارينز أمريكية نحو الحويجة المدينة
العربية السنية جنوب كركوك وهي الخاصرة الموجوعة لكركوك التي يريدها
الأكراد عاصمة لدولتهم المقبلة، واحدة من تلك العمليات قيل في حينها إنها
جاءت لتخليص عدد من الأسرى العرب من الجيش العراقي، ولانعلم بالضبط كيف
تتحرك واشنطن لإنقاذ بعض الجنود العرب المحتجزين عند تنظيم داعش المتمكن
من الحويجة منذ أكثر من عام، بينما يوجد آلاف العراقيين في الأنبار
وغربها والموصل وصلاح الدين تحت سيطرة التنظيم وهناك مئات الفتيات
الأيزيديات والرجال والأطفال الذين تمكنت منهم داعش ودمرت وجودهم
وتاريخهم الإنساني ولم تتحرك لاواشنطن ولاأربيل ولابغداد حتى التي تعاني
ولاتملك القوة لتفعل شيئا.
تلك العملية حصلت بحضور كردي وفعالية أمريكية عالية، وربما كانت مهمة
عاجلة للسيطرة على بعض العناصر المهمين ونقلهم الى الولايات المتحدة وفق
ثقافة غوانتنامو والإستفادة منهم، أو للحصول على معلومات، وربما لتشغيلهم
في مكان آخر أكثر حيوية بالنسبة لمصالح واشنطن، وكانت الحكومة العراقية
في حينه غير واثقة من معرفة ظروف تلك العملية، ولم يتم تبليغها، بل قيل
إن عدم التبليغ يعود لعدم الثقة بتلك الحكومة والخشية من تسريبها
لمعلومات عن العملية ما قد يؤدي الى إبطالها وفشلها.
وقبل أيام قليلة عادت قوة أمريكية الى الحويجة وتمكنت من أسر عدد من
قيادات التنظيم، وبالتأكيد فقد تم نقلهم الى الخارج الى إحدى القواعد
الأمريكية وفق المخطط الذي تريده وتعمل عليه واشنطن، وكنا نعرف إن بغداد
خارج الحدث، وغير منشغلة به، فالعمليات في الأنبار وسامراء وصلاح الدين
ومواجهة العنف في أكثر من مكان لم يتح للحكومة أن تلتقط أنفاسها على
الإطلاق، وربما تكون لدى واشنطن وحليفها الكردي رغبة حقيقية في إبعاد
بغداد عن المخططات العسكرية لها في هذا البلد لأسباب عدة من بينها ضعف
الحكومة الواضح، وعجزها، وضمان واشنطن أنها حكومة وفق المزاج الأمريكي،
ولاتستطيع أن تؤكد تمثيلها للدولة العراقية القوية المتمكنة والقادرة
والفاعلة.
وفي مرات سابقة كانت واشنطن تضغط لإبعاد قوات الحشد الشعبي عن المواجهة
وإضعاف وجوده ومنعه من مواجهة التنظيمات الإرهابية التي كانت تتلقى
المعونات من الجو، بينما تضرب الطائرات الأمريكية مواقع الجنود العراقيين
كما حدث من أيام شرق الفلوجة وتم تسويق مبررات جاهزة لهذا العمل الخطير،
وضغطت واشنطن لتأكيد عدم مشاركة الحشد في تحرير الأنبار، وكانت تعطل
عملية تجهيز الجيش العراقي بالسلاح والطائرات والمعدات العسكرية وقطع
الغيار والذخائر، وفي كل ذلك كانت الحكومة العراقية غير قادرة على إرغام
واشنطن لتفعل المزيد من أجل دعم العراق وتأكد بالفعل إن الأمريكيين
يريدون حكومة على مقاسهم ومزاجهم، ويريدون جيشا على وفق ذلك المزاج.
المرصد العراقي للحريات الصحفية
قناتنا على التلغرام :
https://t.me/kitabat
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat