صفحة الكاتب : د . عبد الحسين العطواني

إعدام الشيخ النمر امتداد لجرائم الِنظام السعودي
د . عبد الحسين العطواني

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
لواطلع الناس ما في بطون الكتب وأطالوا البحث والاستقصاء والتمسوا ثقات الرواة لطاف بهم التتبع ولم يستغربوا فضائح ( أل سعود ) بدأ من تأسيس إمارتهم الأولى ( إمارة درعية ) على يد محمد بن سعود سنة 1157 هجرية – 1744 ميلادية , ومن إدراج معرفة ما استوعب بعض ما استوعبه ذلك العهد , فقد سعت المملكة العربية السعودية منذ نشأتها على نشر الوهابية السلفية التي قامت في منطقة نجد في وسط شبه الجزيرة العربية على يد مؤسسها محمد عبد الوهاب (1703 – 1792م ) ومحمد بن سعود , حيث تحالفا لنشر الدعوة السلفية فقد تبنى( بن سعود ) فكرة الوهابية في بلاد نجد بعد لقائهما الذي نتج عنه قرار الأخير وعشيرته وولده أن يتبنى هذه الفكرة ويحيلها إلى عمل سياسي , وهكذا سارت الأمور والتفت القبائل حول الفكرة واتسعت قوة ( أل سعود ) على اثر حروب الدرعية والرياض التي دارت في الحجاز أمام مدينة الدرعية بين ( أل سعود ) وبين( الدولة العثمانية ومن والاها ) .
بعدها بدأ ( ابن سعود) بغزواته الوهابية للمدن والعشائر العربية من (1212 – 1225هجرية ) فقد غزى كل من : عرب بلاد الشام , وكربلاء , والطائف , والنجف , والمدينة المنورة , ومشهد العراقية , والبصرة , وعمان , وقتل أعداد كبيرة من أهلها ونهب ممتلكاتها ومواشيها , فضلا عن تهديم قبة الإمام الحسين (ع ), بالاستناد إلى فتاوي ( عبد الوهاب ) التكفيرية بتحليل ما يملك المسلمون الذين ليس على ( ملة الوهابية ) باعتبارهم مشركين وغنائم لإتباعه , ونحن هنا ليس بصدد البحث في موضوع الوهابية وأفكارها , لكن الإشارة إليها يجعلنا أمام حقيقة عن ماهية هذا النظام وجرائمه , أي بعبارة أخرى أن ما يجري الآن لم يكن من فراغ بل يستند إلى جذور عقائدية متأصلة بفكره السياسي الذي قام على قتل الأبرياء وسلب ممتلكاتهم .
وفي دولتهم الحديثة استمر أتباع ( أل سعود ) بنشر الدعوة الوهابية السلفية , عن طريق إنشاء المعاهد والمراكز الدينية المتطرفة التي تقوم على تكفير وتبديع كل من يخالفها الرأي , وقد دعت السعودية الجماعات الوهابية , أو تلك القريبة من الوهابية في كافة الدول العربية وذلك لتوسيع رقعة التيار لاحتواء الأفكار المذهبية الأخرى وتكفيرها , وكانت جماعات إخوان المسلمين من ابرز الجماعات التي استفادت من الدعم السعودي , سواء بشكل مباشر أو غير مباشر , تسببت السعودية بذلك في إحداث صراع مذهبي لم تعرفه الدول العربية المجاورة عبر تاريخها الإسلامي , تمكنت عن طريقه إحداث شرخ ثقافي واجتماعي وسياسي في بنية المجتمعات وتركيبها .
فالمملكة السعودية التي بذلت ولاتزال تبذل كل جهد بوصفها الوكيل الحصرى لإدارة الأزمات في البلدان العربية , والتي يبدو أن الإدارة الدولية تقف عاجزة عن الحد من تصرفات السعودية , ربما يعود إلى البذل المتواصل من مليارات الدولارات التي قامت عليها سياسة هذا البلد وأعطاها هذا الدور المحوري .
وإذا ما درسنا بإلمام وتجرد الأسباب والدوافع والظروف غير الملائمة أحطنا بما يلزمنا من تاريخنا ومن حاضرنا , وإذا ما اتسم البحث بالوجدان والحقيقة أصاب الهدف لان الحقيقة خالدة , وأما إذا أردنا أن نترسم خطى التسامح في الحق لرفع مستوى الباطل فانا قد فرطنا في حاضرنا وفي تاريخنا , وقد يقول البعض بأن قول الحق , والدفاع عنه لعهود غابرة ما يثير حفيظة بعض الناس , ويشيع التفكك الاجتماعي , ولكن ذلك ليس من الواقع في شئ , لان ثبات الأمة على واقعها واجتماعها على أصحاب الحق فيها لهو اجمع لصفوفها , واقرب لوحدتها , وأجمل لتاريخنا , ولو تفحصنا تاريخ العرب بل تاريخ كل الشعوب لرأيناها تتسم بتيارات قد تأخذها لصالحها , أم لضدها , وليس ذلك بمناف لحسن السمعة , ولكن ما يتنافى والحق هو الإصرار على الباطل والدفاع عنه . 
إن استمرار النظام السعودي بهذه السياسة الحمقاء لا شك أن الشعوب هي التي تدفع ثمنها , وبالتالي دفاع الشعوب عن حقوقها أمر مقدس , كتدابير مطلوبة من شانها الحد من هذه الانتهاكات, كما أن التدخلات السافرة للنظام السعودي في شؤون الدول المجاورة وإنشاء التحالفات العسكرية كالتحالف العربي الذي تقوده السعودية ضد اليمن وما تسبب بقتل أكثر من(6) ستة ألاف شخص فضلا عن أن هناك أكثر من (16) مليون يحتاجون إلى مساعدة وهم يعيشون الظروف الصعبة وكذا تدخلاته في سوريا , والعراق بتمويل الجماعات الإرهابية وزج وتسهيل دخول المسلحين إلى هذين البلدين معززة بفتاوى تكفيرية , لذلك على النظام السعودي أن يتحمل المسؤولية الكاملة والمقلقة بسبب هذا التدخل الذي بدأ وما ينتج عنه من عواقب وخيمة أثارها لن تكون محدودة , أو تحت التصرف لكونه بالمقابل مهد لتدخل دول أخرى, كإيران , وروسيا , وتركيا لتعيد حساباتها في المنطقة العربية بما يمكن في أن تؤدي أدوارا قادمة أكثر تأثيرا في مجريات الأحداث , لاسيما التطورات الأخيرة بقطع علاقاتها الدبلوماسية مع إيران على خلفية إعدام ( الشيخ نمر باقر النمر) , وما تخللتها من تصريحات رسمية زادت من التوترات بينهما ستنعكس سلبا على المنطقة بشكل عام ..
وهنا لابد من التأكيد بان قيام النظام السعودي بتنفيذ حكم الإعدام ( بالشيخ النمر) يعني الدخول في مآزق جديد يمكن أن يعمق التدخل الخارجي في الشأن السعودي ¸لذلك يستنبط المتتبع أن في هذا العمل نوعا من التسريع , ودليلا على عدم التريث في تقدير الأمور , ركنت إلى عصبية سلطوية حمقاء , ونفوذ شخصي , واستغلال عائلي فظيع , وانتهاك مكشوف باندفاع أعمى لتثبيت هذه النزعة وهذه الأهداف الطائفية .
وهل من عدل يتسابق فيه الرؤساء والمسؤولون على الاستغلال , وهضم الحقوق , وكسب المغانم , كل ذلك على حساب بؤس الشعوب الضعيفة وعلى نكدها , هذه هي مبادئ الأنظمة الحاكمة في القرن الحادي والعشرين , مبادئ أل سعود , وأساطين الحكم , ومبادئ الرسالة الإنسانية بإعدام الأبرياء وأصحاب الرأي.
وكيف يستتب الأمر وتبسط العدالة أمرها بوجود هؤلاء وليس لهم إلا مصالحهم , وكيف يبقي( الشيخ النمر ) على هذه الزمرة الحاكمة وهو المتأثر على سلوكهم والمدرك لواقعهم , وكيف يسوغ وهو مثلا للإنسانية والحق والخير أن يداهن مالا يرضي الله , ولا يصلح المجتمع , ولكن الباطل والجور والشر أزمعت أن تثيرها حربا عوانا دفاعا عن مصالحها ولها جذور قد امتدت وأبعدت بما كان لها من رعاية سابقة , وتثبيت لاحق .
فقد استطاع النظام السعودي أن يجمع حوله الأكثرية من مرتزقة العصر , بما لديه من وسائل وإمكانيات لقبضهم على الحكم , في حين يتعذر على شعبه الحصول على ابسط حقوقه العامة , وأخيرا نقول بان الوقفة الرائعة والعظيمة للشهيد ( الشيخ نمر باقر النمر ) لم تكن في بلاد وحشية , بل لعقيدته الراسخة , وحسن تصرفاته وتدبيره , وتأثيره الشخصي على طغمة ( أل سعود) وهذا ما انفرد به( الشهيد النمر) برفضه للزعامة غير الحقة , وإيمانه الراسخ في حرية الرأي والتعبير , في شعب لازال يعيش تحت وطأة التسلطية الوراثية الجائرة , وان (النظام السعودي) يباين فيرضي من هم على شاكلته ويأخذهم إلى حيث يريد , وأما( الشهيد النمر ) فهو على نمطه الإسلامي في العدالة ورفض الظلم والظالمين , وليس له أن يكون عبدا لغيره لان الحرية تؤخذ ولا تعطى وليست الحرية بمنحة تمنح أو هدية تقدم , وليست هي من الحقوق المكتسبة , وإنما هي حق طبيعي يسعى إليه الإنسان ماوسعه ويسترجعه إذا سلب بما أوتي من حول وقوة .

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


د . عبد الحسين العطواني
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2016/01/12



كتابة تعليق لموضوع : إعدام الشيخ النمر امتداد لجرائم الِنظام السعودي
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net